بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما كثيرا
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما كثيرا
الكثير من عقائد اليهود وأحكامهم تسرّبتْ لعقائد المسلمين، وقد حفلت كتب بعض فرق المسلمين بما اصطلح عليه بالإسرائيليات، وسنحاول في هذا البحث تقديم صورة عن كيفية انتشار هذه العقائد والمرويات الإسرائيلية بين المسلمين، ليتضح لكم أن هذه الأمة التي انحرفت عن ذرية نبيها لم تترك جحراً دخلته الأمم المنحرفة إلا دخلته، تصديقاً لقول النبي: (( لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل )) وسنجعل البحث بصورة حلقات، كل حلقة تحمل عنواناً خاصاً
زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحب موافقة اليهود والنصارى ونماذج من عقائد اليهود في مصادر أهل السنة
يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء, ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه[صحيح البخاري 3/1101،1206 . صحيح مسلم4/1817 . صحيح لبن حبان 12/296 . سنن ابن ماجه2/1199 . سنن النسائي 8/567 . مسند أحمد1/246، 261، 287، 320 . مسند أبي يعلي2/392، 484 . السنن الكبرى للنسائي5/413 . شرح معاني الآثار1/489 . صحيح سنن النسائي 3/1064. صحيح سنن ابن ماجه2/289].وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط بسنده عن ابن عباس قال: سدل رسول صلى الله عليه وآله ناصيته كما يسدل أهل الكتاب, ثم فرق بعد كما تفرق العرب, وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا شك في أمر يعمله المشركون وأهل الكتاب ما لم يأت به وحي عمل بعمل أهل الكتاب .
إذا تقرّر ذلك نقول: إذا كان النبي صلى الله عليه وآله يحب -بزعمهم- موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء, فمن غير المستبعد حينئذ أن يكون جملة من الصحابة يعملون ببعض أحكام أهل الكتاب من اليهود والنصارى تأسيّاً بالنبي صلى الله عليه وآله فيما لم يجدوا فيه نصّاً يتعبّدون به.
ثم جاء فقهاء أهل السنة وأئمة مذاهبهم الذين يعتقدون أن أقوال الصحابة وأفعالهم مصدر من مصادر التشريع, فرأوا بعض الصحابة يعملون عملاً أو يفتون بفتوى, فظنوا أنهم ما قالوا ذلك وما عملوه إلا لأنهم سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله فعملوا بعملهم, وأفتوا على طبق أقوالهم, وهم لا يعلمون أن ذلك من أحكام اليهود التي لم يُعثَر فيها على نص من النبي صلى الله عليه وآله .
فلا ندري بعد هذا كله كم من الأحكام التي نقلها الصحابة, وأفتى بها أئمة مذاهب أهل السنة كانت مأخوذة من اليهود؟؟
قد يجد المتتبّع أن بعض عقائد أهل السنة قد أخذت من التوراة بلا زيادة ولا نقيصة, ويعود السبب في ذلك إلى أن أهل السنة الذين يعتقدون بعدالة كل الصحابة
قد رووا عن بعضهم أحاديث تتضمن أمثال تلك العقائد, ولأجله كان لا مناص لهم من قبول تلك الروايات وما دلَّت عليه من معتقدات.
ونحن سنذكر نماذج من ذلك كأمثلة تدلِّل على صحّة ما قلناه.
قد رووا عن بعضهم أحاديث تتضمن أمثال تلك العقائد, ولأجله كان لا مناص لهم من قبول تلك الروايات وما دلَّت عليه من معتقدات.
ونحن سنذكر نماذج من ذلك كأمثلة تدلِّل على صحّة ما قلناه.
منها: أن الله خلق آدم على صورته
فقد أخرج البخاري ومسلم وابن حبان في صحاحهم, وأحمد وأبو عوانة وعبد بن حميد في مسانيدهم وغيرهم بأسانيدهم عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله خلق الله آدم على صورته, وطوله ستون ذراعاً, فلما خلقه قال: اذهب فسلِّم على أولئك النفر, وهم من الملائكة جلوس, فاستمع ما يحيّونك, فإنها تحيتك الله وتحية ذرّيتك. قال: فذهب فقال: (السلام عليكم). فزادوه (ورحمة الله), قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم, طوله ستون ذراعاً, فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن
[ صحيح البخاري 2/1023 ، 4/1959 . صحيح مسلم 4/2183 . مسند أحمد بن حنبل2/315 ،323 . مسند ابي عوانة 1/188 . صحيح ابن حبان 14/33 . مسند عبد بن حميد ،ص 417 . اعتقاد أهل السنة 322 ]. وأخرج مسلم في صحيحه, وأحمد في المسند, وابن حبان وابن أبي عاصم والحميدي وغيرهم، بأسانيدهم عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه, فإن الله خلق آدم على صورته ) [صحيح مسلم4/2017 . صحيح ابن حبان 12/ 420، 13/18 . مسند أحمد 2/244 ، 463،519. مسند عبد بن حميد ، ص 283 . مسند الحميدي 2/476 . كتاب السنة 1/227-230. اعتقاد أهل السنة 3/ 423 . سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/518 . قال الالباني في تعليقته على كتاب السنة : اسناده صحيح ، ورجاله رجال الشيخين غير شيخ المصنف ، وهو ثقة ].
وأخرج البخاري في الأدب المفرد, وأحمد في المسند, وابن أبي عاصم في كتاب السنة، بأسانيدهم عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقولن أحدكم : (قبَّح الله وجهك ولا وجه مَن أشبه وجهك), فإن الله خلق آدم على صورته
الأدب المفرد ، ص 71 . مسند أحمد 2/251 ، 434 . كتاب السنة 1/229 . مسند الحميدي 2/476 . اعتقاد أهل السنة 3/422 ، 423 . تاريخ بغداد 2/ 220، 3/74 . الصفات للدار قطني2/35 . قال الألباني في تعليقته على كتاب السنة : اسناده حسن صحيح ورجاله ثقات . وحسّنه أيضاً في صحيح الأدب المفرد ، ص 85 ]. وأخرج ابن أبي عاصم بسنده عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه, فإن الله خلق آدم على صورة وجهه [ كتاب السنة 1/ 227- 228 قال الالباني في تعليقته : اسناده حسن صحيح، رجاله رجال الشيخين غير شيخ المصنف وهو ثقة . المعجم الأوسط 6/21 . ].
أقول: وهذا مطابق لعقيدة اليهود, فقد جاء في العهد القديم, في سفر التكوين, الإصحاح الأول قوله: وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا, فيتسلّطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدبّ على الأرض. فخلق الله الإنسان على صورته, على صورة الله خلقه, ذكراً وأنثى خلقهم.
وفي الإصحاح الخامس من سفر التكوين: يوم خلق الله الإنسان على شبه الله عمله. ذكراً وأنثى خلقه, وباركه ودعا اسمه آدم يوم خلق.
وقد أنكر ذلك أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة خطبها أخرجها الربيع في مسنده بسنده عن الحارث الهمداني قال: بلغ علياً أن قوماً من أهل عسكره شبَّهوا الله وأفرطوا. قال: فخطب علي الناس, فحمد الله وأثنى عليه, ثم قال: يا أيها الناس اتقواهذه العارقة. فقالوا: يا أمير المؤمنين وما العارقة؟ قال: الذين يشبِّهون الله بأنفسهم.
فقالوا: وكيف يشبهون الله بأنفسهم؟ قال: يضاهئون بذلك قول الذين كفروا من أهل الكتاب, إذ قالوا: (خلق الله آدم على صورته). سبحانه وتعالى عما يقولون, سبحانه وتعالى عما يشركون, بل هو الله الواحد الذي ليس كمثله شيء [ مسند الربيع بن حبيب، ص 315 ].
وقد حاول بعضهم أن يفرّ من ظاهر الحديث ويتأوّل للحديث معنى لا يتنافى مع قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾, فذكروا وجوهاً مختلفة لا يدل عليها دليل, وقد أجاد ابن حجر في فتح الباري حيث قال:
وقال القرطبي: أعاد بعضهم الضمير [في كلمة صورته] على الله, متمسِّكاً بما ورد في بعض طرقه: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن), قال: وكأن مَن رواه [رواه] بالمعنى متمسكاً بما توهَّمه, فغلط في ذلك, وقد أنكر المازري ومَن تبعه صحة هذه الزيادة. ثم قال: وعلى تقدير صحَّتها فيحمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى.
قلت والقائل ابن حجر : الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في السنة والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات, وأخرجها ابن أبي عاصم أيضاً من طريق أبي يونس عن أبي هريرة بلفظ يرُدّ التأويل الأول, قال: مَن قاتل فليجتنب الوجه, فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن. فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرَّر بينأهل السنة من إمراره كما جاء, من غير اعتقاد تشبيه, أو من تأويله على ما يليق بالرحمن جل جلاله, وسيأتي في أول كتاب الاستئذان من طريق همام عن أبي هريرة رفعه: (خلق الله آدم على صورته) الحديث. وزعم بعضهم أن الضمير يعود على آدم, أي على صفته, أي خَلَقَه موصوفاً بالعلم الذي فضُل به الحيوان, وهذا محتمل. وقد قال المازري: غلط ابن قتيبة فأجرى الحديث على ظاهره, وقال: (صورة لا كالصور) .
انتهى. وقال حرب الكرماني في كتاب السنة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صحَّ أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكوسج: سمعت أحمد يقول: هو حديث صحيح. وقال الطبراني في كتاب السنة: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي: إن رجلاً قال: (خلق الله آدم على صورته) أي صورة الرجل. فقال: كذب, هو قول الجهمية. انتهى.
وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد, وأحمد من طريق ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعاً: لا تقولن قبَّح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك, فإن الله خلق آدم على صورته. وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك, وكذلك أخرجه ابن أبي عاصم أيضاً من طريق أبي رافع عن أبي هريرة بلفظ: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه, فإن الله خلق آدم على صورة وجهه [ فتح الباري 5/ 139 ]. أقول: وكلامه واضح وجلي, ودالّ على أن كل التأويلات التي ذكروها تتعارض مع الحديث بتمام ألفاظه المختلفة.
وحينئذ فلا مناص إما من رد هذا الحديث وإن رُوي في الصحيحين واتفق الحفَّاظ على صحّته, وإما أن يلتزموا بظاهر معناه الموافق لما في التوراة, والمخالف للآية الشريفة النافية للمثل والشبيه عن الله جل وعلا.
ولا بأس أن نشير إلى أن هذا الحديث مروي عن أبي هريرة بكافة طرقه وبمختلف ألفاظه, ولم يروه عن النبي صلى الله عليه وآله غيره من الصحابة, والظاهر أنه أخذه من كعب الأحبار, فنسبه للنبي صلى الله عليه وآله كما مرَّ فيما سبق, والله العالم.
ومنها: أن الله خلق حواء من ضلع آدم
قال الطبري في تفسير قوله تعالى ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [سورة الشورى ، الآية 11 ].
وقوله ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ يقول تعالى ذكره: زوَّجكم ربكم من أنفسكم أزواجاً, وإنما قال جل ثناؤه ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ لأنه خلق حواء من ضلع آدم [ تفسير الطبري 25/8].
وقال أيضاً في تفسير قوله ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ [ سورة الروم ، الآية 21 ].
يقول تعالى ذكره: ومِن حججه وأدلته على ذلك أيضاً خلقه لأبيكم آدم من نفسه زوجة ليسكن إليها, وذلك أنه خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم. كما حدثنا بشر قال: … عن قتادة ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ خلقها لكم من ضلع من أضلاعه[ تفسير الطبري 21/21 ].
ونقله القرطبي في تفسيره عن مجاهد وقتادة [الجامع لأحكام القرآن 5/2 ، 14/17 ].
وقال في موضع آخر: وإنما قال ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ لأنه خلق حواء من ضلع آدم [ المصدر السابق 16/8].
وقال النووي في شرح قوله صلى الله عليه وآله: ( إن المرأة خُلقت من ضلع): والضِّلَع بكسر الضاد وفتح اللام, وفيه دليل لما يقوله الفقهاء أو بعضهم أن حواء خُلقت من ضلع آدم, قال الله تعالى ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾, وبيَّن النبي صلى الله عليه وآله أنها خُلقت من ضلع [ شرح النووي لصحيح مسلم 10/57 ]. وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قال الفقهاء: إنها خُلقت من ضلع آدم, ويدل على ذلك قوله ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾, وقد روي ذلك من حديث ابن عباس [ نيل الأوطار 6/205 ].
أقول: وهذا هو المطابق لعقيدة اليهود, فقد ورد في العهد القديم في سفر التكوين, الإصحاح الثاني قوله: فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة, وأحضرها إلى آدم. فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي, هذه تُدعى امرأة; لأنها من امرئ أُخِذتْ
Comment