ماذا تعرف عن الإسرائيليات وكيف انتشرت بين المسلمين – الحلقة الرابعة

[Be Ahmad Ehtadait]

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما كثيرا

الكثير من عقائد اليهود وأحكامهم تسرّبتْ لعقائد المسلمين، وقد حفلت كتب بعض فرق المسلمين بما اصطلح عليه بالإسرائيليات، وسنحاول في هذا البحث تقديم صورة عن كيفية انتشار هذه العقائد والمرويات الإسرائيلية بين المسلمين، ليتضح لكم أن هذه الأمة التي انحرفت عن ذرية نبيها لم تترك جحراً دخلته الأمم المنحرفة إلا دخلته، تصديقاً لقول النبي: (( لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل )) وسنجعل البحث بصورة حلقات، كل حلقة تحمل عنواناً خاصاً

مرويات كعب الأحبار في كتب أهل السنة

لكعب الأحبار روايات وأحاديث كثيرة في كتب أهل السنة في التفسير والمعتقدات والأحكام وغيرها تفوق حد الحصر.

وكان كعب الأحبار يروي كثيراً عن الكتاب الأول يعني التوراة من غير خوف أو تردّد. بل كان جملة من الصحابة ومنهم بعض الخلفاء يسألونه عما يجد في التوراة, ويتلقّون منه مروياته وكأنها مأخوذة من القرآن أو مروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
قال ابن كثير في تفسيره بعد أن ذكر أنّ عليا عليه السلام [!!], والعباس بن عبد المطلب, وابنه عبد الله, وابن مسعود, وعكرمة, وسعيد بن جبير, ومجاهد, والشعبي, وعبيد بن عمير, وأبا ميسرة, وزيد بن أسلم, وعبد الله بن شقيق, والزهري, والقاسم بن أبي برزة, ومكحولاً, وعثمان بن أبي حاضر, والسدي, والحسن, وقتادة, وأبا الهذيل, وابن ساباط, وابن جرير, كلهم قائلون بأن الذبيح هو إسحاق بن إبراهيم لا إسماعيل عليه السلام، قال: وهذه الأقوال – والله أعلم – كلها مأخوذة عن كعب الأحبار, فإنه لما أسلم في الدولة العُمَرية جعل يحدِّث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديماً, فربما استمع له عمر رضي الله عنه , فترخّص الناس في استماع ما عنده, ونقلوا ما عنده عنه غثّها وسمينها ( تفسير القرآن العظيم 4/17 ) . بل بلغ من جرأته أنه كان يرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول، وهو يقول .

فقد أخرج مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده وغيرهما عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أدَّى العبد حقَّ الله وحقَّ مواليه كان له أجران. قال: فحدَّثتها كعباً, فقال كعب: ليس عليه حساب, ولا على مؤمن مزهد [صحيح مسلم 3/1285 . مسند أحمد 2/252 ، 3/390 . مسند أبي عوانة 4/76 . السنن الكبرى للبيهقي 8/12 قال النووي في شرحه 11/136 في بيان كلام كعب: المراد بهذا الكلام أن العبد إذا أدّى حق الله تعالى وحق مواليه فليس عليه حساب لكثرة أجره وعدم معصيته].

ويكفيك النظر في كتب القوم ليتبين لك أي مقدار من كلماته وأقواله مروي في كتب أهل السنة.

وإليكم نماذج من مرويات كعب الأحبار في كتب أهل السنة :

أخرج عبد الرزاق بسنده عن كعب قال: إن الله لما كلَّم موسى كلّمه بالألسنة كلها سوى كلامه, فقال موسى: يا رب هذا كلامك؟ قال: لا, لو كلَّمتك بكلامي لم تستقم له. قال: يا رب فهل من خلقك شيء يشبه كلامك? قال: لا, وأشد خلقي شبهاً بكلامي ما تسمعون من الصواعق.

قال ابن كثير: فهذا موقوف على كعب الأحبار, وهو يحكي عن الكتب المتقدمة المشتملة على أخبار بني إسرائيل, وفيها الغث والسمين [المصدر السابق 1/589 ]. وأخرج الطبراني بسنده عن عمر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب أرسل إلى كعب الأحبار, فقال: يا كعب كيف تجد نعتي? قال: أجد نعتك قرن من حديد. قال: وما قرن من حديد? قال: أمير شديد, لا تأخذه في الله لومة لائم. قال: ثم مه? قال: ثم يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ظالمة. قال: ثم مه? قال: ثم يكون البلاء[المعجم الكبير للطبراني 1/84 . مجمع الزوائد 9/65 قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات . حلية الأولياء 6/25 . الفتن لنعيم بن حماد ].

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف بسنده عن عبد الله بن ضمرة عن كعب الأحبار, قال: إذا خرج من بيته فقال: (بسم الله, توكّلت على الله, ولا قوة إلا بالله), بلَّغت الشياطين بعضهم بعضاً, قالوا: هذا عبد قد هُدي وحُفظ وكُفي, فلا سبيل لكم عليه. فيتصدعون عنه [المصنف 6/26 . ].

وأخرج أيضاً بسنده عن عمر بن أبي بكر عن أبيه عن كعب الأحبار, قال: أجد في كتاب الله: ما من عبد مؤمن يغدو إلى المسجد ويروح, لا يغدو ولا يروح إلا ليتعلم خيراً أو يعلّمه, أو يذكر الله أو يذكّر به, إلا مثَله في كتاب الله كمثل المجاهد في سبيل الله, والله تعالى أعلم[المصنف 7/132].

وأخرج الضياء المقدسي في المختارة بسنده عن كعب الأحبار, قال: إنا نجد في التوراة أن داود نبي الله كان إذا انصرف من صلاته قال: اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته عصمة أمري, وأصلح دنياي الذي جعلت فيها معاشي, اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك, وأعوذ بعفوك من نقمتك, وأعوذ بك منك, لا مانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت, ولا ينفع ذا الجد منك الجد. قال كعب الأحبار: وأخبرني صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان ينصرف بهذا الدعاء من صلاته [ المختارة 8/65 قال الضياء المقدسي : إسناده صحيح . كتاب الدعاء للطبراني، ص 207 ]. وأخرج مالك بن أنس في الموطأ بسنده عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار
قال: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه, لكان أن يخسف به خيراً له من أن يمرّ بين يديه[الموطأ ، ص 78 ].

وأخرج أيضاً بسنده عن القعقاع بن حكيم أن كعب الأحبار قال: لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهودُ حماراً. فقيل له : وما هن؟ فقال: أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه, وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بَرّ ولا فاجر, وبأسماء الله الحسنى كلها, ما علمتُ منها وما لم أعلم, من شرّ ما خلق وذرأ وبرأ [ الموطأ، ص 524 ].
وأخرج أيضاً بسنده عن كعب الأحبار, أن رجلاً نزع نعليه, فقال: لمَ خلعت نعليك؟ لعلك تأوّلت هذه الآية ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى﴾؟ قال: ثم قال كعب للرجل: أتدري ما كانت نعلا موسى? قال مالك: لا أدري ما أجابه الرجل. فقال كعب: كانتا من جلد حمار ميت[الموطأ، ص509 ].

وأخرج الترمذي في سننه, وابن خزيمة في كتاب التوحيد, واللالكائي في شرح أصول السنة بأسانيدهم عن كعب أنه قال: إن الله قسَّم رؤيته بين محمد وموسى, فرآه محمد مرتين, وكلَّمه موسى مرتين [سنن الترمذي 5/496 . أصول اعتقاد أهل السنة 3/554 ].

وقال ابن حجر في فتح الباري: وأخرج ابن المبارك في الزهد بسند حسن عن كعب الأحبار: أن الله تعالى يقول لأهل الجنة إذا دخلوها: إن لكل ضيف جزوراً, وإني أجزركم اليوم حوتاً وثوراً. فيجزر لأهل الجنة [ فتح الباري 11/315 . كتاب الزهد لابن المبارك ص527].إلى غير ذلك مما يطول ذكره .

هذا مع أن البخاري أخرج في صحيحه بسنده عن معاوية أنه قال وقد ذكر كعب الأحبار: إن كان من أصدق هؤلاء المحدِّثين الذين يحدِّثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب[ صحيح البخاري 4/2295 . التاريخ الصغير للبخاري 1/87 . تفسير القرآن العظيم 3/101، 416 . تفسير القرطبي 13/351 . تهذيب التهذيب 8/394 . تهذيب الكمال 24/ 192 . تغليق التعليق 5/328 . الإصابة 5/483 ]. ثم إن كعب الأحبار أسلم في خلافة عمر بن الخطاب أو في زمن أبي بكر كما نصَّ عليه جمع من أعلام أهل السنة [راجع : كتاب الثقات لابن حبان 5/334 . تفسير القرآن العظيم 4/17 . الإصابة 4/597 ت6002، 5/482 ت 7511 . مشاهير علماء الأمصار،ص190 . الطبقات الكبرى 7/445 . العلل ومعرفة الرجال 2/521 . تذكرة الحفاظ 1/52 ألا أنه قال: أسلم في خلافة أبي بكر وقدم من اليمن في زمن عمر. وكذا ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب 8/393 وجعل إسلامه في زمن عمر قولاً . وكذا النووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/68 . والذهبي في العبر 1/26 ، وسير أعلام النبلاء 3/ 489 . وابن تغري بردي في النجوم الزاهرة 1/90 ]


فكيف تُقبل منه كل تلك الأحاديث وهو لم يلقَ النبي صلى الله عليه وآله ولم يره, ولم يسمع منه؟؟

والحاصل أن روايات كعب الأحبار في كتب أهل السنة كثيرة جداً, وقد رواها جملة من الصحابة عنه, بل إن منهم كما مرّ من يروي مسموعاته من كعب وينسبها للنبي صلى الله عليه وآله تعمّداً أو غفلة فلا ندري بعد هذا كله كم من معتقدات أهل السنة قد أُخذ من اليهود بواسطة كعب أو غيره وهم لا يشعرون؟


( صحيفة الصراط المستقيم– العدد 44 – السنة الثانية – بتاريخ 24-05-2011 م – 21 جمادي الثاني 1432 هـ.ق)

[orient10313]

رد: ماذا تعرف عن الإسرائيليات وكيف انتشرت بين المسلمين – الحلقة الرابعة

اللهم صلي على محمد و ال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليما