بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما
معطيات آية المودّة:
ماذا تعني المودّة المذكورة في الآية الشريفة بعنوان أجر الرسالة؟ وماذا يفهم من حبُّ علي (عليه السلام) وذريته الطاهرين (عليهم السلام)؟
وفي مقام الجواب ينبغي القول أن المحبّة والمودّة على نحوين:
1 ـ المحبّة الكاذبة والزائفة.
2 ـ المحبّة الحقيقية والواقعية.
ومن أجل توضيح المطلب بصورة جليّة ينبغي التوغل إلى أعماق النفس ونرى الدافع لمثل هذه المحبّة والمودّة.
فلماذا نحبّ الإمام علي؟ هل لأجل أمواله، أو لأجل كمالاته الإنسانية والمعنوية، أو لأجل علمه، أو لشجاعته، أو لكرمه وتقواه، أو لإيثاره وتضحيته، أو لجهاده وحمايته النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)، أو لأجل اُمور اُخرى؟
إذا كنّا نحبّ الإمام علي لأجل القيم الأخلاقية والمثل الإنسانية التي كان يعتقد بها، فهل نشعر في أنفسنا باشعاعة من تلك القيم الرفيعة؟ فإن لم نشعر بذلك فمثل هذه المحبّة والمودّة كاذبة وزائفة، وإن كانت فينا بارقة من هذه القيم والمُثل الإنسانية فإنّ المودّة هنا تكون حقيقية وواقعية.
ينبغي أن نمتحن أنفسنا بهذا المعيار والملاك ونتحرك نحو تشخيص نوع المحبّة والمودّة فينا نحو الإمام علي بهذا المقياس لكي لا نعيش التوهم الزائف وندّعي كذباً حبُّ علي بن أبي طالب، ولو كنّا نعيش مثل هذه المحبّة الزائفة فعلينا تغييرها والسعي نحو التحلّي بالمحبّة من النوع الثاني ونتحرك في سبيل تقويتها وترشيدها.
إنّ أحد القيم التي كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) ملتزماً بها بشدّة هي تقديم الضابطة على الرابطة، والمثال على ذلك هو قصّة الحديدة المحماة التي سمعتموها مراراً، ولكن لا بأس باستعراضها مرّة اُخرى:
عندما وصلت الخلافة إلى الإمام علي (عليه السلام) بعد سنوات من السكوت والمظلومية والجلوس في البيت جاء إليه أخوه عقيل، وكان فقيراً ومعيلاً، من المدينة إلى الكوفة لعلّه يحصل على نصيب أوفر من بيت المال، وكان الإمام حينذاك يتناول عشاءه على سطح البيت لشدّة حرارة الجوّ في مدينة الكوفة ولكنّ عشاءه لم يكن شبيهاً بعشاء السلاطين والاُمراء ولذلك لم يشاركه عقيل في تناول العشاء وقال لأخيه: أعطني ما أقضي ديني وعجّل سراحي حتّى أرحل عنك، قال: فكم دينك يا أبا يزيد؟ قال: مائة ألف درهم، قال: لا والله ما هي عندي ولا أملكها ولكن اصبر حتّى يخرج عطائي فاواسيكه ولولا أنّه لابدّ للعيال من شيء لأعطيتك كلّه، فقال عقيل: بيت المال في يدك وأنت تسوفّني إلى عطائك؟ وكم عطاؤك؟ وما عساه يكون ولو أعطيتينه كلّه؟ فقال: ما أنا وأنت فيه إلاّ بمنزلة رجل من المسلمين. وكانا يتكلمان فوق قصر الأمارة مشرفين على صناديق أهل السوق فقال له علي:إن أبيت يا أبا يزيد ما أقول فأنزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفاله وخذ ما فيه، فقال: وما في هذه الصناديق؟ قال: فيها أموال التجار، قال أتأمرني أن أكسر صناديق قوم قد توكلّوا على الله وجعلوا فيها أموالهم؟ فقال أميرالمؤمنين (عليه السلام): أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فأعطيك أموالهم وقد توكلّوا على الله وأقفلوا عليها؟ وإن شئت أخذت سيفك وأخذت سيفي وخرجنا جميعاً إلى الحيرة فإنّ بها تجاراً مياسير فدخلنا على بعضهم فأخذنا ماله، فقال: أوسارقاً جئت؟ قال: تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميع.
ثمّ إنّ الإمام علي (ع) أحمى حديدة وقرّبها من يد أخيه عقيل فلمّا رأى عقيل أن أخاه غير مستعد لخروج عن خطّ العدالة ولو للحظة واحدة نهض قائماً وغادر المكان.
أين نجد في تاريخ البشرية أن سلطاناً مقتدراً وبيده اختيار الخزانة يتصرف مثل هذا التصرف مع أخيه من أجل حفظ العدالة؟
مراتب المحبّة:
إنّ للمحبّة كما في سائر الاُمور مراتب متعدّدة ومراحل مختلفة، ومحبّة الناس لأميرالمؤمنين (عليه السلام) ليست بمرتبة واحدة، فبعضهم يعيش المحبّة الكاذبة فهي مجرد لقلقة لسان ولا تمتد بجذورها إلى القلب، والبعض الآخر تمتد محبّتهم إلى قلوبهم ولكنّها ليست عميقة الجذور بل سطحية، والطائفة الثالثة تمتد محبّتهم إلى أعماق قلوبهم بحيث تستوعب جميع وجودهم ونفوسهم وترسم معالم شخصيتهم بلون المحبوب، فسلوك مثل هؤلاء الأشخاص هو سلوك علوي، وكلامهم كلام علوي، وأخلاقهم أخلاق علوية، والخلاصة أن كلَّ وجودهم وأفعالهم وسلوكياتهم تفوح برائحة الإمام علي، وهذه أعلى مراتب المحبّة، المرحلة التي يجد الإنسان نفسه غير مستعد لأن يبادل هذه المحبّة بأيِّ شيء آخر بل يجد نفسه مستعداً للتضحية بنفسه من أجل هذه المحبّة والمودّة.
وكمثال على هذه المحبّة الخالصة نذكر هذا النموذج:
ميثم التمّار، العاشق الخالص:
في أحد الأيّام قال الإمام علي (عليه السلام) لأحد عشاقه الذي كان يعيش الولاء المطلق له:سوف تُصلب في المستقبل القريب بسبب دفاعك عني وحبّك لي فكيف يكون حالك حينئذ؟
ولكنّ هذا العاشق لم يتردد لحظة ولم يشعر بشيء من الخوف ولم يتهرب من المسؤولية والولاية بل أظهر السرور البالغ وقال: سيّدي أين المكان الذي سوف اُصلبُ فيه؟
فأشار الإمام علي (عليه السلام) إلى نخلة من نخيل الكوفة وقال: سوف تُصلب على جذع هذه النخلة.
هذا العاشق الخالص لم يبتعد عن الإمام ولم يهرب من تلك المدينة ويترك أهله ودياره بل أزداد حبّاً وعشقاً للإمام علي.
كان في كلّ يوم يتوجّه إلى تلك النخلة ويهتم بعنايتها وسقيها ويصلّي ركعتين عندها ويتحدّث معها حديث العاشق لمعشوقه:أيتها النخلة لقد خُلقت لي وخلقت لك وسوف يصلب بدني على جذعك بسبب حبّي للإمام علي (عليه السلام)… أين نحصل على مثل هذا الإنسان العاشق في تاريخ البشرية؟
وحان اليوم الموعود وتمّ صلب هذا العاشق على ذلك الجذع ولكنّ عشقه لمحبوبه لم يخفّ لحظة بل أزداد توهجاً واشتعالاً وشرع بذكر فضائل ومناقب الإمام علي (عليه السلام) حتّى أن الأعداء لم يتحملوا منه ذلك وأمروا بقطع لسانه وهكذا ضحّى بنفسه في سبيل مراده.
سؤال:أليست التقية واجبة في نظر الإسلام؟ إذن فلماذا لم يستخدم هؤلاء الأشخاص عنصر التقية للمحافظة على أنفسهم واجتناب إلقاء أنفسهم في التهلكة؟
الجواب: إنّ التقية كما هي واجبة في بعض الموارد فكذلك تكون حراماً في موارد اُخرى، فعندما يتعرض أساس الدين والمذهب للخطر وتسود الظلمة والإنحراف جميع أرجاء المجتمع الإسلامي ويتعرض الأحرار للسجن والقتل فحينذاك يجب على من يتمكن من إيصال صوته إلى الناس أن يفضح قوى الإنحراف هذه ويتصدى بكلّ وسيلة لجهاز الحكم، وفي هذه الصورة فإنّ التقية ليست فقط غير واجبة بل إذا تستر الإنسان المسلم بالتقية فإنه يكون قد ارتكب معصية كبيرة.
يذكر السيوطي في الدرّ المنثور رواية معروفة عن الإمام زين العابدين حيث يقول: «عندما أنزلوا اسارى كربلاء في مكان من المسجد الجامع جاء شيخ ودنا من نساء الحسين وعياله فقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح البلاد من رجالكم وأمكن أميرالمؤمنين (يزيد) منكم. فقال له علي بن الحسين عليهما السلام:يا شيخ هل قرأت القرآن؟
قال: نعم.
قال: فهل عرفت هذه الآية﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ في الْقُربى)؟
قال: نعم.
قال علي: فنحن أهل القربى يا شيخ.
قال: فبكى الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلم به وقال: بالله إنكم هم؟ فقال عليّ ابن الحسين:تالله إنا لنحن من غير شك وحقّ جدّنا رسول الله…).
…………………………………………………………………………………………………..
( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 2 – السنة الثالثة – بتاريخ 26-7-2011 م – 24 شعبان 1432 هـ.ق)
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما
معطيات آية المودّة:
ماذا تعني المودّة المذكورة في الآية الشريفة بعنوان أجر الرسالة؟ وماذا يفهم من حبُّ علي (عليه السلام) وذريته الطاهرين (عليهم السلام)؟
وفي مقام الجواب ينبغي القول أن المحبّة والمودّة على نحوين:
1 ـ المحبّة الكاذبة والزائفة.
2 ـ المحبّة الحقيقية والواقعية.
ومن أجل توضيح المطلب بصورة جليّة ينبغي التوغل إلى أعماق النفس ونرى الدافع لمثل هذه المحبّة والمودّة.
فلماذا نحبّ الإمام علي؟ هل لأجل أمواله، أو لأجل كمالاته الإنسانية والمعنوية، أو لأجل علمه، أو لشجاعته، أو لكرمه وتقواه، أو لإيثاره وتضحيته، أو لجهاده وحمايته النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)، أو لأجل اُمور اُخرى؟
إذا كنّا نحبّ الإمام علي لأجل القيم الأخلاقية والمثل الإنسانية التي كان يعتقد بها، فهل نشعر في أنفسنا باشعاعة من تلك القيم الرفيعة؟ فإن لم نشعر بذلك فمثل هذه المحبّة والمودّة كاذبة وزائفة، وإن كانت فينا بارقة من هذه القيم والمُثل الإنسانية فإنّ المودّة هنا تكون حقيقية وواقعية.
ينبغي أن نمتحن أنفسنا بهذا المعيار والملاك ونتحرك نحو تشخيص نوع المحبّة والمودّة فينا نحو الإمام علي بهذا المقياس لكي لا نعيش التوهم الزائف وندّعي كذباً حبُّ علي بن أبي طالب، ولو كنّا نعيش مثل هذه المحبّة الزائفة فعلينا تغييرها والسعي نحو التحلّي بالمحبّة من النوع الثاني ونتحرك في سبيل تقويتها وترشيدها.
إنّ أحد القيم التي كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) ملتزماً بها بشدّة هي تقديم الضابطة على الرابطة، والمثال على ذلك هو قصّة الحديدة المحماة التي سمعتموها مراراً، ولكن لا بأس باستعراضها مرّة اُخرى:
عندما وصلت الخلافة إلى الإمام علي (عليه السلام) بعد سنوات من السكوت والمظلومية والجلوس في البيت جاء إليه أخوه عقيل، وكان فقيراً ومعيلاً، من المدينة إلى الكوفة لعلّه يحصل على نصيب أوفر من بيت المال، وكان الإمام حينذاك يتناول عشاءه على سطح البيت لشدّة حرارة الجوّ في مدينة الكوفة ولكنّ عشاءه لم يكن شبيهاً بعشاء السلاطين والاُمراء ولذلك لم يشاركه عقيل في تناول العشاء وقال لأخيه: أعطني ما أقضي ديني وعجّل سراحي حتّى أرحل عنك، قال: فكم دينك يا أبا يزيد؟ قال: مائة ألف درهم، قال: لا والله ما هي عندي ولا أملكها ولكن اصبر حتّى يخرج عطائي فاواسيكه ولولا أنّه لابدّ للعيال من شيء لأعطيتك كلّه، فقال عقيل: بيت المال في يدك وأنت تسوفّني إلى عطائك؟ وكم عطاؤك؟ وما عساه يكون ولو أعطيتينه كلّه؟ فقال: ما أنا وأنت فيه إلاّ بمنزلة رجل من المسلمين. وكانا يتكلمان فوق قصر الأمارة مشرفين على صناديق أهل السوق فقال له علي:إن أبيت يا أبا يزيد ما أقول فأنزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفاله وخذ ما فيه، فقال: وما في هذه الصناديق؟ قال: فيها أموال التجار، قال أتأمرني أن أكسر صناديق قوم قد توكلّوا على الله وجعلوا فيها أموالهم؟ فقال أميرالمؤمنين (عليه السلام): أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فأعطيك أموالهم وقد توكلّوا على الله وأقفلوا عليها؟ وإن شئت أخذت سيفك وأخذت سيفي وخرجنا جميعاً إلى الحيرة فإنّ بها تجاراً مياسير فدخلنا على بعضهم فأخذنا ماله، فقال: أوسارقاً جئت؟ قال: تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميع.
ثمّ إنّ الإمام علي (ع) أحمى حديدة وقرّبها من يد أخيه عقيل فلمّا رأى عقيل أن أخاه غير مستعد لخروج عن خطّ العدالة ولو للحظة واحدة نهض قائماً وغادر المكان.
أين نجد في تاريخ البشرية أن سلطاناً مقتدراً وبيده اختيار الخزانة يتصرف مثل هذا التصرف مع أخيه من أجل حفظ العدالة؟
مراتب المحبّة:
إنّ للمحبّة كما في سائر الاُمور مراتب متعدّدة ومراحل مختلفة، ومحبّة الناس لأميرالمؤمنين (عليه السلام) ليست بمرتبة واحدة، فبعضهم يعيش المحبّة الكاذبة فهي مجرد لقلقة لسان ولا تمتد بجذورها إلى القلب، والبعض الآخر تمتد محبّتهم إلى قلوبهم ولكنّها ليست عميقة الجذور بل سطحية، والطائفة الثالثة تمتد محبّتهم إلى أعماق قلوبهم بحيث تستوعب جميع وجودهم ونفوسهم وترسم معالم شخصيتهم بلون المحبوب، فسلوك مثل هؤلاء الأشخاص هو سلوك علوي، وكلامهم كلام علوي، وأخلاقهم أخلاق علوية، والخلاصة أن كلَّ وجودهم وأفعالهم وسلوكياتهم تفوح برائحة الإمام علي، وهذه أعلى مراتب المحبّة، المرحلة التي يجد الإنسان نفسه غير مستعد لأن يبادل هذه المحبّة بأيِّ شيء آخر بل يجد نفسه مستعداً للتضحية بنفسه من أجل هذه المحبّة والمودّة.
وكمثال على هذه المحبّة الخالصة نذكر هذا النموذج:
ميثم التمّار، العاشق الخالص:
في أحد الأيّام قال الإمام علي (عليه السلام) لأحد عشاقه الذي كان يعيش الولاء المطلق له:سوف تُصلب في المستقبل القريب بسبب دفاعك عني وحبّك لي فكيف يكون حالك حينئذ؟
ولكنّ هذا العاشق لم يتردد لحظة ولم يشعر بشيء من الخوف ولم يتهرب من المسؤولية والولاية بل أظهر السرور البالغ وقال: سيّدي أين المكان الذي سوف اُصلبُ فيه؟
فأشار الإمام علي (عليه السلام) إلى نخلة من نخيل الكوفة وقال: سوف تُصلب على جذع هذه النخلة.
هذا العاشق الخالص لم يبتعد عن الإمام ولم يهرب من تلك المدينة ويترك أهله ودياره بل أزداد حبّاً وعشقاً للإمام علي.
كان في كلّ يوم يتوجّه إلى تلك النخلة ويهتم بعنايتها وسقيها ويصلّي ركعتين عندها ويتحدّث معها حديث العاشق لمعشوقه:أيتها النخلة لقد خُلقت لي وخلقت لك وسوف يصلب بدني على جذعك بسبب حبّي للإمام علي (عليه السلام)… أين نحصل على مثل هذا الإنسان العاشق في تاريخ البشرية؟
وحان اليوم الموعود وتمّ صلب هذا العاشق على ذلك الجذع ولكنّ عشقه لمحبوبه لم يخفّ لحظة بل أزداد توهجاً واشتعالاً وشرع بذكر فضائل ومناقب الإمام علي (عليه السلام) حتّى أن الأعداء لم يتحملوا منه ذلك وأمروا بقطع لسانه وهكذا ضحّى بنفسه في سبيل مراده.
سؤال:أليست التقية واجبة في نظر الإسلام؟ إذن فلماذا لم يستخدم هؤلاء الأشخاص عنصر التقية للمحافظة على أنفسهم واجتناب إلقاء أنفسهم في التهلكة؟
الجواب: إنّ التقية كما هي واجبة في بعض الموارد فكذلك تكون حراماً في موارد اُخرى، فعندما يتعرض أساس الدين والمذهب للخطر وتسود الظلمة والإنحراف جميع أرجاء المجتمع الإسلامي ويتعرض الأحرار للسجن والقتل فحينذاك يجب على من يتمكن من إيصال صوته إلى الناس أن يفضح قوى الإنحراف هذه ويتصدى بكلّ وسيلة لجهاز الحكم، وفي هذه الصورة فإنّ التقية ليست فقط غير واجبة بل إذا تستر الإنسان المسلم بالتقية فإنه يكون قد ارتكب معصية كبيرة.
يذكر السيوطي في الدرّ المنثور رواية معروفة عن الإمام زين العابدين حيث يقول: «عندما أنزلوا اسارى كربلاء في مكان من المسجد الجامع جاء شيخ ودنا من نساء الحسين وعياله فقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح البلاد من رجالكم وأمكن أميرالمؤمنين (يزيد) منكم. فقال له علي بن الحسين عليهما السلام:يا شيخ هل قرأت القرآن؟
قال: نعم.
قال: فهل عرفت هذه الآية﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ في الْقُربى)؟
قال: نعم.
قال علي: فنحن أهل القربى يا شيخ.
قال: فبكى الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلم به وقال: بالله إنكم هم؟ فقال عليّ ابن الحسين:تالله إنا لنحن من غير شك وحقّ جدّنا رسول الله…).
…………………………………………………………………………………………………..
( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 2 – السنة الثالثة – بتاريخ 26-7-2011 م – 24 شعبان 1432 هـ.ق)