إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

قراءة في آية إكمال الدين- الجزء الأول

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    قراءة في آية إكمال الدين- الجزء الأول

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما

    قال تعالى : (اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِين كَفَرُوا مِنْ دينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَونِ،اَلْيَوْمَ اَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَاَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضيتُ لَكُمْ الإسْلاَمَ دِيناً)سورة المائدة: الآية 3.
    تتحدّث هذه الآية الشريفة عن يوم عظيم جداً لدى المسلمين حيث يمثل نقطة انعطاف في تاريخ الإسلام، وهو اليوم الذي عاش فيه أعداء الدين اليأس الكامل، وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة الإلهية ورضى الله تعالى، فأي يوم هو هذا اليوم المبارك ؟

    فيما يلي نجيب على هذا السؤال:

    بالرغم من أنّ أعداء الإسلام والكفّار المعاندين لم يتوانوا في التصدي للدعوة السماوية منذ بدايتها وإلى آخر أيّام حياة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)وبوسائل مختلفة، وفي كلّ مرّة كانوا يهزمون ويولّون الأدبار ولكنهم مع ذلك لم يفقدوا الأمل في الإنتصار على الإسلام والمسلمين، ولكن عند نزول هذه الآية الشريفة ندرك جيداً وقوع حادثة مهمة بحيث إنّ هؤلاء الأعداء لم ينهزموا فقط بل فقدوا أملهم بالنصر نهائياً.

    وعلى هذا الأساس فإنّ هؤلاء الكفّار والمشركين قد تملّكتهم حالة من اليأس المطبق في تحقيق النصر على هذه الدعوة الجديدة(اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِين كَفَرُوا مِنْ دينِكُمْ﴾

    .فمع هذا النصر الكبير الذي حصل لكم في هذا اليوم فلا ينبغي لكم بعد ذلك أن تعيشوا حالة الخوف والخشية من الأعداء لأنهم سوف لا يشكلون خطراً عليكم إطلاقاً بل عليكم أن تتحركوا في امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى من موقع الخشية لله والتقوى(فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَونِ)؛ لأنّ الخطر الأساس في هذه المرحلة يتمثل في الأهواء والشهوات والإبتعاد عن خط الطاعة والتقوى والمسؤولية.

    أيّ يوم هو ذلك اليوم ؟

    إن اليوم الذي تتحدث عنه الآية الشريفة له خصائص مهمة أربع :

    1 ـ إن هذا اليوم هو اليوم الذي شعر فيه الكفّار والمشركون باليأس الكامل.
    2 ـ اليوم الذي أكمل الله لكم الدين.
    3 ـ اليوم الذي أتم الله تعالى نعمته على جميع المسلمين.
    4 ـ اليوم الذي رضى به الله تعالى أن يكون الإسلام ديناً خالداً لجميع الناس فأيّ يوم هذا اليوم المبارك الذي يتمتع بهذه الخصوصيات الأربعة ؟

    وللإجابة على هذا السؤال يمكننا اختيار طريقين :

    الطريق الأوّل : تفسير الآية بدون الاستعانة بالقرائن الخارجية

    نتساءل مع أيّ حادثة من الحوادث التاريخية في زمن النزول يمكن تطبيق هذه الآية الشريفة ؟

    وفي مقام هذا الجواب على هذا السؤال فالفخر الرازي له رأيان والمرحوم الطبرسي ذكر رأياً ثالثاً، ونحن بالتوكل على الله تعالى وبالإستعانة بالعقل والمنطق والإبتعاد عن التعصّب ولغة الاحساسات والإبتعاد عن كلّ تعصب نبحث هذه الآراء والنظريات الثلاث بدقّة:

    النظرية الأولى:وهي أحدى النظريات التي ذكرها الفخرالرازي في تفسيره للآية الشريفة، وهي أنّ كلمة اليومالواردة في هذه الآية لم ترد بمعناها الحقيقي بل وردت بالمعنى المجازي، أي أنّ كلمة اليومهنا تعني المرحلةأو البرهة من الزمان لا مقطع خاص منه بما يحكي عن ليلة ونهار واحد.

    وهذا المعنى أيضاً واضح من خلال تسمية يوم القيامة، فاليوم الذي يعني 12 ساعة مفقود في ذلك العالم بل في الحقيقة يوم القيامة المراد به جولة القيامة.

    وطبقاً لهذه النظرية فإنّ اليوم هنا لا يقصد به يوم معين أو حادثة خاصّة بل يشير إلى بداية مرحلة تحكي عن عظمة الإسلام ويأس الأعداء والكفّار من تحقيق النصر على هذه الدعوة السماوية، لا سيّما وأن هذا الإستعمال المجازي لكلمة اليومهو استعمال متداول بين الناس كما يقال مثلاًكنت بالأمس شاباً واليوم أصبحت شيخاً) أي أنني كنت في مرحلة سابقة من عمري شاباً وفي هذا الزمان أصبحت شيخاً، فلا تعني كلمة اليوم أو الأمس يوماً معيناً من الأيّام الزمانية.

    ولكن الجواب على هذه النظرية واضح لأنّ المعنى المجازي يحتاج إلى قرينة لصرف الإستعمال عن المعنى الحقيقي، فما هي هذه القرينة الواضحة التي استند عليها الفخرالرازي للقول بالمعنى المجازي ؟

    النظرية الثانية : أن المراد بكلمة اليوم في الآية الشريفة هو المعنى الحقيقي، أي هو يوم خاصّ ومعين وهو يوم عرفة الثامن من شهر ذي القعدة، في حجّة الوداع في السنة العاشرة للهجرة.

    ولكن هذه النظرية بدورها لا تتضمن إقناعاً كافياً لأنّ يوم عرفة في السنة العاشرة للهجرة لا يختلف عن أيّام عرفة الاُخرى في السنة التاسعة والثامنة للهجرة، ولولم تحدث في هذا اليوم حادثة خاصة فكيف ذكرته الآية الشريفة بلغة التعظيم والتبجيل ؟

    النظرية الثالثة: وهي التي ذكرها الطبرسي الذي يعد من المفسّرين لدى الشيعة، فإنّه بعد أن نقل القولين السابقين للفخرالرازي وردّهما ذكر تفسير أهل البيت في مورد هذه الآية الشريفة الذي هو تفسير جميع مفسّري الشيعة وعلمائهم.

    يرى أصحاب هذه النظرية أن المراد باليومفي هذه الآية الكريمة الذي تحقق فيه يأس الكفّار واستوجب رضى الله تعالى وكمل فيه الدين وتمت فيه النعمة هو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجّة من السنة العاشرة للهجرة أي يوم عيد الغدير، وهو اليوم الذي نصّب فيه رسول الله الإمام عليّ خليفة له على المسلمين وأعلن فيه خلافته وولايته بصورة رسمية.

    سؤال : هل هذه النظرية تتطابق مع مضمون الآية الشريفة ؟

    الجواب : إذا نظرنا بعين الإنصاف إلى هذه الآية الشريفة وابتعدنا عن المسبوقات الفكرية والرواسب التراثية لرأينا الآية الشريفة تنطبق تماماً على واقعة الغدير لأنها :

    أوّلاً : لأنّ أعداء الإسلام بعد أن فشلوا في جميع مؤامراتهم وانهزموا في حروبهم ضد الإسلام والمسلمين وفشلت خططهم في بثّ التفرقة والإختلاف في صفوف المسلمين فإنّهم لم يبق لهم سوى شيء واحد يحيي أملهم في الإنتصار والتغلب على هذا الدين الجديد، وهو أن النبي الأكرم بعد رحيله من هذه الدنيا وخاصّة مع أخذ بالنظر الإعتبار أنّه لم يكن له ولد يخلفه في أمر الدعوة واستمرارية الرسالة ولم يعيّن لحد الآن خليفة له من بعده فيمكنهم والحال هذه أن يسددوا ضربة قاصمة للإسلام والدعوة السماوية بعد رحيل الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولكنّهم عندما شاهدوا أنّ النبي الأكرم قد جمع المسلمين في صحراء غدير خم في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة في السنة العاشرة للهجرة واختار خليفة له على المسلمين وهو أعلمهم وأقدرهم في تدبير اُمور المجتمع الإسلامي فإنّ أملهم هذا قد تبدلّ إلى يأس كامل، وتبخرت حينذاك طموحاتهم وتمنياتهم وأغلقت فيه النافذة الوحيدة للأمل لديهم فيأسوا من هزيمة الإسلام إلى الأبد.

    ثانياً : مع انتخاب الإمام علي (عليه السلام) خليفة ووصياً للرسول فإنّ النبوة لن تنقطع بل استمرت في سيرها التكاملي لأن الإمامة هي تكميل للنبوة وبالتالي فالإمامة هي السبب في كمال الدين، وعلى هذا الأساس فإن الله تعالى قد أكمل دينه بنصبه الإمام علي خليفة على المسلمين وهو الشخصية المتميزة من بين المسلمين بالعلم والقدرة والتقوى والفضيلة بما لا يدانيه أحد بعد رسول الله (ص).

    ثالثاً : إن النعم الإلهية قد تمت على المسلمين بنصب الإمام علي خليفة وإماماً بعد رسول الله(ص).

    رابعاً : إنّ الإسلام بلا شك سوف لا يكون ديناً عالمياً وشمولياً وخاتم الأديان بدون عنصر الإمامة، لأن الدين الذي يعتبر نفسه خاتم الأديان يجب أن يتضمن إجابات كافية على حاجات الناس المتكثرة والمتوالية في جميع الأزمان، وهذا المعنى لا يتسنى من دون إمام معصوم في كلّ زمان من الأزمنة.

    والنتيجة هي أن تفسير الآية الشريفة بواقعة الغدير هو التفسير الوحيد والمقبول من جميع الجهات.

    سيكون موضوع القسم الثاني إن شاء الله تحديد المراد من اكمال الدين.

    صحيفة الصراط المستقيم



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎