الخطبة الاولى:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله، ( السلام على الحسين بن علي ذبيح الله، السلام على زينب ابنة علي رمز التضحية والصبر، السلام على العباس بن علي رمز الايثار والوفاء، السلام على علي بن الحسين، السلام على عبد الله الرضيع، السلام على آل أبي طالب المقتّلين، السلام على أصحاب الحسين المضرّجين بدمائهم على رمضاء كربلاء.
عظم الله أجوركم أيها المؤمنون بذكرى فاجعة الطف الأليمة والمصيبة الكبرى التي ألّمت بخط حاكمية الله والساجدين لله، وناح لأجلها محمد وعلي وفاطمة وآلهم الطيبون والأنبياء والمرسلون (صلوات الله عليهم أجمعين) وشيعتهم جيلاً بعد جيل، فعلى مثل الحسين (ع) فليبكي الباكون، وإياه فليندب النادبون، وعلى مصيبته فلتذرف الدموع، ولتلهب قلوب المؤمنين حرارة وحسرة على ما دهاه وحلّ به وبأهل بيته وصحبه الطيبين. ... ) خطبة الجمعة الموحدة لمكتب النجف الأشرف بتاريخ 6/محرم الحرام/1436 ، 30 10 2014
هذه كانت مقدمة خطبة الجمعة الموحدة لمكتب السيد أحمد الحسن ع في النجف الأشرف، فعظم الله اجوركم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يعيد علينا هذه الفاجعة الا بالثبات والتمكين لقائم آل محمد (ص).
سمعتم وعرفتم ما جرى في يوم عاشوراء من قتل المؤمنين وترويع الأطفال وحرق الخيام وسبي النساء وآلام وفجائع كثيرة أكثر من أن تحصى. على هذا الامر اريد أوجه سؤال لنا جميعا، لو أعطيت زمن مقداره دقيقة تتحدث فيه أثناء مرافقتك لسبايا آل محمد (ص)، وبعد ما رأيت كل الذي جرى من بعد عاشوراء إلى اليوم، فماذا يمكن أن تقول ؟، مع ملاحظة أن هذه الدقيقة مقسمة لأكثر من 10 مقاطع، أي في كل كلمة تأخذ فيها فقط ثواني معدودة.
ماذا يمكن أن تقول ؟
لنجعل السؤال هكذا، ماذا لو أتيح لمعصوم أن يتحدث في هذه الأثناء (أثناء السبي) ماذا يمكن أن يقول ؟
ممكن البعض يقول هذا مجرد سؤال ومجرد فرض ولم يكن، فكيف نجيب عليه ؟
فنقول لهم هذا ليس افتراض، فكان هنالك معصوم وتكلم لفترات متقطعه بكلمات قليلة، لكن هل تعلمون ماذا قال ؟ ومن هو ؟
هو الحسين ع، رأس الحسين ع تحدث وتكلم، لكن هل تعلمون ماذا قال ؟
لم يتكلم بأمر يخص حرق الخيام ، ولا عطش الأطفال ، ولا قتل أصحاب واهل بيت الحسين ع ، ولا سبي النساء وترويعهم، لا ، لم يذكر أي شيء من ذلك، هل تعرفون ماذا قال ؟
ردد بعض الآيات القرأنية، قال:
﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا منْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾
﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾.
﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)
﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾
عجيب أنت يا حسين ! ماذا يريد أن يقول الحسين ؟ هل تتخيل أن رأس يتحدث ! ما حدث معجزة ! هل أحد اهتم لهذه المعجزة ؟ هل أحد استفاد من هذه المعجزة ؟ البعض يقول اننا نرى الله في كل شيء وبعد كل شيء وقبل كل شيء، هل عرفتم ماذا أراد الله والحسين ع ؟ هذه ليست مجرد كلمات لله سبحانه ومباشرة ، بل هذه معجزة من الله كذلك، لكن هل استفدنا منها أم غفلنا عنها كما غفلنا عن بقية كلمات الله التي هي في كل مكان، وكما غفلنا عن قميص يوسف، ولم نعلم أن الله كان يخاطبنا من خلال ذلك القميص، الا بعدما بينا لنا الامام ع أننا كنا غافلين عن ذلك.
على كل حال نرجع لرأس الحسين ع، هذه المعجزة العظيمة التي حدثت، ما المراد منها وماذا كان يريد الحسين ع، ماهو الشيء الذي ذكره الحسين، ولم يذكر جميع ما سبق الذي نحن نعده أعظم شيء وأهم شيء نهتم له في ديننا. نقرأ كلمات الامام أحمد الحسن ع في هذا الامر...
المتشابهات ج3 [ سؤال/ 72: هل هناك ارتباط بين قصة أصحاب الكهف وموسى (ع) والعالم (ع) أو ذي القرنين، وبين القائم (ع) أو علامات ظهوره أو زمان ظهوره أو أصحابه وأنصاره أو أعدائه؟
الجواب:
قصة (أصحاب الكهف) معروفة، وهي باختصار قصة رجال مؤمنين عددهم سبعة كفروا بالطاغوت في زمانهم، والمتمثل بجهتين:
الأولى: هي الحاكم الظالم الجائر الكافر.
والثانية: هي علماء الدين الضالون الذين حرّفوا دين الله وشريعته.
فكلّ من هذين؛ الطاغوت نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله، الحاكم الجائر نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله في أمور الدنيا ومعاش العباد وسياستهم، والعلماء غير العاملين الضالون نصبوا أنفسهم آلهة يعبدون من دون الله في أمور الدين والشريعة. وهكذا تحرّر هؤلاء الفتية من عبادة الطاغوت، وكفروا بالطاغوت. وهذا الكفر بالطاغوت هو أول الهدى، فزادهم الله هدى بأن عرّفهم طريقه سبحانه ، والإيمان به، والعمل لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى، ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدى﴾ ([45])، ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا َعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً﴾ ([46]).
وأصحاب الكهف في زمان قيام القائم (ع) هم فتية في الكوفة وفتية في البصرة، كما في الروايات عن أهل البيت (ع) ([47])، ورأس الحسين بن علي (ع) نطق مرات عديدة، وفي أكثر من مرة سُمع ([48]) يكرّر هذه الآية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا منْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ([49])، وسُمع يقرأ منها فقط: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ([50]).
وذلك لأنّ أصحاب الكهف - وهم أصحاب القائم (ع) - هم الذين يأخذون بثأر الحسـين (ع)، وينتقمون من الظالمين، ويقلبون أمر الظالمين رأساً على عقب، ولهذا سُمع رأس الحسين (ع) أيضاً يقرأ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ ([51]).
وكذلك أصحاب القائم (ع) قوم عابدون مخلصون لله سبحانه وتعالى، لا يرون القوة إلا بالله، يؤمنون بالله وعليه يتوكلون ويقارعون أكبر قوى الظلم والاستكبار على الأرض، وهي المملكة الحديدية التي أكلت وداست كل الممالك على الأرض كما أخبر عنها دانيال ([52])، ... ]
[47]- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (ع)، قال: (يخرج القائم (ع) من ظهر الكوفة سبعة وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (ع) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبا دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالكا الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً) الإرشاد للشيخ المفيد : ج2 ص386.
[48]- عن زيد بن أرقم أنّه قال : (لمّا مرّ به - أي رأس الحسين (ع) - عليّ وهو على رمح وأنا في غرفة لي ، فلمّا حاذاني سمعته يقرأ: (أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجباً) فقفّ (أي قام) والله شعري عليّ وناديت : رأسك يابن رسول الله، أعجب وأعجب) مستدرك سفينة البحار : ج4 ص11.
... نكمل في الخطبة الثانية ان شاء الله
هذا والحمدلله رب العالمين
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس : 6-1]
***
الخطبة الثانية:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَاَمينِكَ، وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وَخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، اَفْضَلَ وَاَحْسَنَ، وَاَجْمَلَ وَاَكْمَلَ، وَاَزْكى وَاَنْمى، وَاَطْيَبَ وَاَطْهَرَ، وَاَسْنى وَاَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ، وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ وَاَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَصِفْوَتِكَ وَاَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ، اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَليِّكَ، وَاَخي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبأِ الْعَظيمِ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ وَاِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، وَصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَر، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ومحمد بن الحسن ، وأحمد بن محمد والمهديين من ولده ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، وَاُمَنائِكَ في بِلادِكَ صَلَاةً كَثيرَةً دائِمَةً...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنصار الله، نكمل موضوعنا الذي ابتدأناه في الخطبة الأولى...
المتشابهات ج3 س72 [ ... ولهذا سُمع رأس الحسين (ع) يقرأ أيضاً: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ ([54])، لأنه لن يأخذ بثأره إلا من كانوا مصداقاً لهذه الآية الكريمة: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.
وفي رواية: (أنهم لما صلبوا رأسه على الشجر سُمع منه: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾) ([55]).
و (سُمع أيضاً صوته بدمشق يقول : ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾، وسُمع أيضاً يقرأ: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾، فقال زيد بن أرقم: أمرك أعجب يا بن رسول الله) ([56]).
وروى الشيخ المفيد (رحمه الله) أنّ زيد بن أرقم سمع الرأس الشريف ينطق بآية سورة الكهف([57]).
وروى عن المنهال بن عمرو أنه سمع رأس الحسين يقول: (أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي) ([58]).
أما ما روي أنّ أصحاب الكهف الذين يبعثون مع القائم (ع) هم بعض المخلصين من أصحاب رسول الله (ص)، وأصحاب أمير المؤمنين علي (ع) كمالك الأشتر، فليس المقصود هم أنفسهم، بل المراد في هذه الروايات هو نظائرهم من أصحاب القائم (ع)، أي إنّ هناك رجلاً من أصحاب القائم (ع) هو نظير مالك الأشتر في الشجاعة والحنكة والقيادة والشدة في ذات الله وطاعة الله والأخلاق الكريمة وكثير من الصفات التي امتاز بها مالك الأشتر، فلذلك يصفه الأئمة بأنه مالك الأشتر.
وهذا ليس ببعيد عن الفصحاء والبلغاء وساداتهم أهل البيت (ع)، كالشاعر الحسيني يصف نزول علي الأكبر إلى ساحة المعركة فيقول ما معناه: إن محمداً (ص) نزل إلى ساحة المعركة؛ وذلك لشدة شبه علي الأكبر خَلقاً وخُلقاً برسول الله محمد (ص)، مع أنّ أصحاب الأئمة الذين محضوا الحق محضاً يعودون ويكرون في الرجعة بعد الاثني عشر مهدياً، وفي زمن آخرهم وهو آخر قائم بالحق من آل محمد (ع) الذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع)، وهذا المهدي الأخير أو القائم الأخير لا عقب له ولا ولد له ([59]). ... ]
الجواب المنير ج3 س234 [ ... وأوصيكم أن توصلوا الحق لطلابه برفق ورحمة وعطف فأنتم تحملون لهم طعام السماء فلا تتبعوا صدقاتكم بالمن والأذى: ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى﴾([53])، فإن لم يكن لكم في هدايتهم حاجة فلتكن لكم في أن تكونوا عوناً لنا في عرصات القيامة حاجة كونوا ممن يفاخر بهم الجليل ملائكته.
أعينونا بعلم وعمل وإخلاص وإصلاح ذات بينكم، كونوا خير أمة أخرجت للناس، وإن لم يكن أصحاب الكهف فكونوا أنتم لمن قبلكم ومن يأتي بعدكم عجباً.
قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾([54])، وسمع رأس الحسين بن علي (ع) يقرأ منها فقط: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾، أي: أصحاب الكهف في الآخرين، وهم أصحاب القائم الذين يأخذون بثأره ويلتزمون بدين الحسين الذي قتل لأجله وهو حاكمية الله.
لقد تمسكتم بالدين كله وهو حاكمية الله ولا يضر من جاء بحاكمية الله يوم القيامة شيء ولا ينفع من فرط بها شيء، والحق أنّ الذين فرّطوا بحاكمية الله يكتبون من أعداء محمد وإن ادعوا أتباعه، ويكتبون من أعداء علي وإن ادعوا مشايعته، ويكتبون من أعداء الحسين الذي ضحّى حتى بالرضيع ورفع رأسه على الرماح لأجل تثبيت حاكمية الله، والله الذي لا إله إلاّ هو إنهم حملة رأس الحسين على الرماح في هذا الزمان ويكفيهم خزي وعار أن يجدوا أنفسهم في نهاية المطاف لا يفقهون شيئاً من الدين الإلهي أو من ثورة الحسين (ع). ... ]
... نختم بهذا الدعاء، هو دعاء أو زيارة ذكرها الامام أحمد الحسن ع في نهاية خطاب محرم الصوتي...
[ ... السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أهل بيت الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام
السلام عليك يا أبا عبد الله سلام العارف بحرمتك المخلص في ولايتك المتقرب إلى الله بمحبتك البريء من أعدائك, سلام من قلبه بمصابك مقروح ,ودمعه عند ذكرك مسفوح, سلام المفجوع الحزين, الواله المستكين, سلام من لو كان معك بالطفوف لوقاك بنفسه حد السيوف, وبذل حشاشته دونك للحتوف وجاهد بين يديك ونصرك على من بغى عليك وفداك بروحه وجسده وماله وولده. وروحه لروحك فداء وأهله لأهلك وقاء، فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنك صباحا ومساء ولأبكين لك بدل الدموع دما حسرة عليك وتأسفا على ما دهاك حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب ,إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين.]
هذا والحمدلله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [سورة النصر]
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله، ( السلام على الحسين بن علي ذبيح الله، السلام على زينب ابنة علي رمز التضحية والصبر، السلام على العباس بن علي رمز الايثار والوفاء، السلام على علي بن الحسين، السلام على عبد الله الرضيع، السلام على آل أبي طالب المقتّلين، السلام على أصحاب الحسين المضرّجين بدمائهم على رمضاء كربلاء.
عظم الله أجوركم أيها المؤمنون بذكرى فاجعة الطف الأليمة والمصيبة الكبرى التي ألّمت بخط حاكمية الله والساجدين لله، وناح لأجلها محمد وعلي وفاطمة وآلهم الطيبون والأنبياء والمرسلون (صلوات الله عليهم أجمعين) وشيعتهم جيلاً بعد جيل، فعلى مثل الحسين (ع) فليبكي الباكون، وإياه فليندب النادبون، وعلى مصيبته فلتذرف الدموع، ولتلهب قلوب المؤمنين حرارة وحسرة على ما دهاه وحلّ به وبأهل بيته وصحبه الطيبين. ... ) خطبة الجمعة الموحدة لمكتب النجف الأشرف بتاريخ 6/محرم الحرام/1436 ، 30 10 2014
هذه كانت مقدمة خطبة الجمعة الموحدة لمكتب السيد أحمد الحسن ع في النجف الأشرف، فعظم الله اجوركم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يعيد علينا هذه الفاجعة الا بالثبات والتمكين لقائم آل محمد (ص).
سمعتم وعرفتم ما جرى في يوم عاشوراء من قتل المؤمنين وترويع الأطفال وحرق الخيام وسبي النساء وآلام وفجائع كثيرة أكثر من أن تحصى. على هذا الامر اريد أوجه سؤال لنا جميعا، لو أعطيت زمن مقداره دقيقة تتحدث فيه أثناء مرافقتك لسبايا آل محمد (ص)، وبعد ما رأيت كل الذي جرى من بعد عاشوراء إلى اليوم، فماذا يمكن أن تقول ؟، مع ملاحظة أن هذه الدقيقة مقسمة لأكثر من 10 مقاطع، أي في كل كلمة تأخذ فيها فقط ثواني معدودة.
ماذا يمكن أن تقول ؟
لنجعل السؤال هكذا، ماذا لو أتيح لمعصوم أن يتحدث في هذه الأثناء (أثناء السبي) ماذا يمكن أن يقول ؟
ممكن البعض يقول هذا مجرد سؤال ومجرد فرض ولم يكن، فكيف نجيب عليه ؟
فنقول لهم هذا ليس افتراض، فكان هنالك معصوم وتكلم لفترات متقطعه بكلمات قليلة، لكن هل تعلمون ماذا قال ؟ ومن هو ؟
هو الحسين ع، رأس الحسين ع تحدث وتكلم، لكن هل تعلمون ماذا قال ؟
لم يتكلم بأمر يخص حرق الخيام ، ولا عطش الأطفال ، ولا قتل أصحاب واهل بيت الحسين ع ، ولا سبي النساء وترويعهم، لا ، لم يذكر أي شيء من ذلك، هل تعرفون ماذا قال ؟
ردد بعض الآيات القرأنية، قال:
﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا منْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾
﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾.
﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)
﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾
عجيب أنت يا حسين ! ماذا يريد أن يقول الحسين ؟ هل تتخيل أن رأس يتحدث ! ما حدث معجزة ! هل أحد اهتم لهذه المعجزة ؟ هل أحد استفاد من هذه المعجزة ؟ البعض يقول اننا نرى الله في كل شيء وبعد كل شيء وقبل كل شيء، هل عرفتم ماذا أراد الله والحسين ع ؟ هذه ليست مجرد كلمات لله سبحانه ومباشرة ، بل هذه معجزة من الله كذلك، لكن هل استفدنا منها أم غفلنا عنها كما غفلنا عن بقية كلمات الله التي هي في كل مكان، وكما غفلنا عن قميص يوسف، ولم نعلم أن الله كان يخاطبنا من خلال ذلك القميص، الا بعدما بينا لنا الامام ع أننا كنا غافلين عن ذلك.
على كل حال نرجع لرأس الحسين ع، هذه المعجزة العظيمة التي حدثت، ما المراد منها وماذا كان يريد الحسين ع، ماهو الشيء الذي ذكره الحسين، ولم يذكر جميع ما سبق الذي نحن نعده أعظم شيء وأهم شيء نهتم له في ديننا. نقرأ كلمات الامام أحمد الحسن ع في هذا الامر...
المتشابهات ج3 [ سؤال/ 72: هل هناك ارتباط بين قصة أصحاب الكهف وموسى (ع) والعالم (ع) أو ذي القرنين، وبين القائم (ع) أو علامات ظهوره أو زمان ظهوره أو أصحابه وأنصاره أو أعدائه؟
الجواب:
قصة (أصحاب الكهف) معروفة، وهي باختصار قصة رجال مؤمنين عددهم سبعة كفروا بالطاغوت في زمانهم، والمتمثل بجهتين:
الأولى: هي الحاكم الظالم الجائر الكافر.
والثانية: هي علماء الدين الضالون الذين حرّفوا دين الله وشريعته.
فكلّ من هذين؛ الطاغوت نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله، الحاكم الجائر نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله في أمور الدنيا ومعاش العباد وسياستهم، والعلماء غير العاملين الضالون نصبوا أنفسهم آلهة يعبدون من دون الله في أمور الدين والشريعة. وهكذا تحرّر هؤلاء الفتية من عبادة الطاغوت، وكفروا بالطاغوت. وهذا الكفر بالطاغوت هو أول الهدى، فزادهم الله هدى بأن عرّفهم طريقه سبحانه ، والإيمان به، والعمل لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى، ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدى﴾ ([45])، ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا َعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً﴾ ([46]).
وأصحاب الكهف في زمان قيام القائم (ع) هم فتية في الكوفة وفتية في البصرة، كما في الروايات عن أهل البيت (ع) ([47])، ورأس الحسين بن علي (ع) نطق مرات عديدة، وفي أكثر من مرة سُمع ([48]) يكرّر هذه الآية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا منْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ([49])، وسُمع يقرأ منها فقط: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ([50]).
وذلك لأنّ أصحاب الكهف - وهم أصحاب القائم (ع) - هم الذين يأخذون بثأر الحسـين (ع)، وينتقمون من الظالمين، ويقلبون أمر الظالمين رأساً على عقب، ولهذا سُمع رأس الحسين (ع) أيضاً يقرأ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ ([51]).
وكذلك أصحاب القائم (ع) قوم عابدون مخلصون لله سبحانه وتعالى، لا يرون القوة إلا بالله، يؤمنون بالله وعليه يتوكلون ويقارعون أكبر قوى الظلم والاستكبار على الأرض، وهي المملكة الحديدية التي أكلت وداست كل الممالك على الأرض كما أخبر عنها دانيال ([52])، ... ]
[47]- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (ع)، قال: (يخرج القائم (ع) من ظهر الكوفة سبعة وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (ع) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبا دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالكا الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً) الإرشاد للشيخ المفيد : ج2 ص386.
[48]- عن زيد بن أرقم أنّه قال : (لمّا مرّ به - أي رأس الحسين (ع) - عليّ وهو على رمح وأنا في غرفة لي ، فلمّا حاذاني سمعته يقرأ: (أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجباً) فقفّ (أي قام) والله شعري عليّ وناديت : رأسك يابن رسول الله، أعجب وأعجب) مستدرك سفينة البحار : ج4 ص11.
... نكمل في الخطبة الثانية ان شاء الله
هذا والحمدلله رب العالمين
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس : 6-1]
***
الخطبة الثانية:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَاَمينِكَ، وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وَخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، اَفْضَلَ وَاَحْسَنَ، وَاَجْمَلَ وَاَكْمَلَ، وَاَزْكى وَاَنْمى، وَاَطْيَبَ وَاَطْهَرَ، وَاَسْنى وَاَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ، وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ وَاَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَصِفْوَتِكَ وَاَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ، اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَليِّكَ، وَاَخي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبأِ الْعَظيمِ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ وَاِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، وَصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَر، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ومحمد بن الحسن ، وأحمد بن محمد والمهديين من ولده ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، وَاُمَنائِكَ في بِلادِكَ صَلَاةً كَثيرَةً دائِمَةً...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنصار الله، نكمل موضوعنا الذي ابتدأناه في الخطبة الأولى...
المتشابهات ج3 س72 [ ... ولهذا سُمع رأس الحسين (ع) يقرأ أيضاً: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ ([54])، لأنه لن يأخذ بثأره إلا من كانوا مصداقاً لهذه الآية الكريمة: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.
وفي رواية: (أنهم لما صلبوا رأسه على الشجر سُمع منه: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾) ([55]).
و (سُمع أيضاً صوته بدمشق يقول : ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾، وسُمع أيضاً يقرأ: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾، فقال زيد بن أرقم: أمرك أعجب يا بن رسول الله) ([56]).
وروى الشيخ المفيد (رحمه الله) أنّ زيد بن أرقم سمع الرأس الشريف ينطق بآية سورة الكهف([57]).
وروى عن المنهال بن عمرو أنه سمع رأس الحسين يقول: (أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي) ([58]).
أما ما روي أنّ أصحاب الكهف الذين يبعثون مع القائم (ع) هم بعض المخلصين من أصحاب رسول الله (ص)، وأصحاب أمير المؤمنين علي (ع) كمالك الأشتر، فليس المقصود هم أنفسهم، بل المراد في هذه الروايات هو نظائرهم من أصحاب القائم (ع)، أي إنّ هناك رجلاً من أصحاب القائم (ع) هو نظير مالك الأشتر في الشجاعة والحنكة والقيادة والشدة في ذات الله وطاعة الله والأخلاق الكريمة وكثير من الصفات التي امتاز بها مالك الأشتر، فلذلك يصفه الأئمة بأنه مالك الأشتر.
وهذا ليس ببعيد عن الفصحاء والبلغاء وساداتهم أهل البيت (ع)، كالشاعر الحسيني يصف نزول علي الأكبر إلى ساحة المعركة فيقول ما معناه: إن محمداً (ص) نزل إلى ساحة المعركة؛ وذلك لشدة شبه علي الأكبر خَلقاً وخُلقاً برسول الله محمد (ص)، مع أنّ أصحاب الأئمة الذين محضوا الحق محضاً يعودون ويكرون في الرجعة بعد الاثني عشر مهدياً، وفي زمن آخرهم وهو آخر قائم بالحق من آل محمد (ع) الذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع)، وهذا المهدي الأخير أو القائم الأخير لا عقب له ولا ولد له ([59]). ... ]
الجواب المنير ج3 س234 [ ... وأوصيكم أن توصلوا الحق لطلابه برفق ورحمة وعطف فأنتم تحملون لهم طعام السماء فلا تتبعوا صدقاتكم بالمن والأذى: ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى﴾([53])، فإن لم يكن لكم في هدايتهم حاجة فلتكن لكم في أن تكونوا عوناً لنا في عرصات القيامة حاجة كونوا ممن يفاخر بهم الجليل ملائكته.
أعينونا بعلم وعمل وإخلاص وإصلاح ذات بينكم، كونوا خير أمة أخرجت للناس، وإن لم يكن أصحاب الكهف فكونوا أنتم لمن قبلكم ومن يأتي بعدكم عجباً.
قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾([54])، وسمع رأس الحسين بن علي (ع) يقرأ منها فقط: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾، أي: أصحاب الكهف في الآخرين، وهم أصحاب القائم الذين يأخذون بثأره ويلتزمون بدين الحسين الذي قتل لأجله وهو حاكمية الله.
لقد تمسكتم بالدين كله وهو حاكمية الله ولا يضر من جاء بحاكمية الله يوم القيامة شيء ولا ينفع من فرط بها شيء، والحق أنّ الذين فرّطوا بحاكمية الله يكتبون من أعداء محمد وإن ادعوا أتباعه، ويكتبون من أعداء علي وإن ادعوا مشايعته، ويكتبون من أعداء الحسين الذي ضحّى حتى بالرضيع ورفع رأسه على الرماح لأجل تثبيت حاكمية الله، والله الذي لا إله إلاّ هو إنهم حملة رأس الحسين على الرماح في هذا الزمان ويكفيهم خزي وعار أن يجدوا أنفسهم في نهاية المطاف لا يفقهون شيئاً من الدين الإلهي أو من ثورة الحسين (ع). ... ]
... نختم بهذا الدعاء، هو دعاء أو زيارة ذكرها الامام أحمد الحسن ع في نهاية خطاب محرم الصوتي...
[ ... السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أهل بيت الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام
السلام عليك يا أبا عبد الله سلام العارف بحرمتك المخلص في ولايتك المتقرب إلى الله بمحبتك البريء من أعدائك, سلام من قلبه بمصابك مقروح ,ودمعه عند ذكرك مسفوح, سلام المفجوع الحزين, الواله المستكين, سلام من لو كان معك بالطفوف لوقاك بنفسه حد السيوف, وبذل حشاشته دونك للحتوف وجاهد بين يديك ونصرك على من بغى عليك وفداك بروحه وجسده وماله وولده. وروحه لروحك فداء وأهله لأهلك وقاء، فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنك صباحا ومساء ولأبكين لك بدل الدموع دما حسرة عليك وتأسفا على ما دهاك حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب ,إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين.]
هذا والحمدلله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [سورة النصر]