إصدارات أنصار الإمام المهدي / العدد (21-أ)
شرائع الإسلام
(الجزء الأول)
(العبادات)
السيد أحمد الحسن
وصي ورسول ويماني الإمام المهدي
الطبعة الثانية
1431 هـ - 2010 م
لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن
يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي :
أنصار الإمام المهدي (ع) اتباع الإمام احمد الحسن اليماني (ع) - انصار الامام المهدي (ع)
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
هذا الكتاب:
هو (شرائع الإسلام) في مسائل الحلال والحرام، للعالم الفاضل والولي الناصح لآل محمد أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (رحمه الله) وقد بذل ما بوسعه لمعرفة أحكام شريعة الإسلام من روايات الرسول والأئمة ، ولكنه اخطأ في مقام وتردد في آخر لا عن تقصير بل عن قصور لا سبيل له على دفعه.
وقد قمت بتصحيحه وبيان أحكام شريعـة الإسلام بما عرفته من الإمام المهدي u، وبحسب ما أمرني الإمام المهدي u أن أُبين ما يقال وحضر أهله وحان وقته وان أحيل ما لم يحن وقته إلى وقته، ومن يخالف هذه الأحكام فهو يخالف الإمام المهدي u:
﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ الأنبياء:112.
وأعتذر إلى الله ورسوله والإمام المهدي u من التقصير، واسأل الله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر.
يا عظيم إغفر لي الذنب العظيم إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم:
﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ الفتح:1-2.
المذنب المقصر
أحمد الحسن 15 / شعبان / 1426هـ ق
شرائع الإسلام
( الجزء الأول )
• كتاب الطهارة
• كتاب الصلاة
• كتاب الصيام
• كتاب الاعتكاف
كتاب الطهارة
الطهارة: اسم للوضوء أو الغسل أو التيمم على وجه له تأثير في استباحة الصلاة، وكل واحد منها ينقسم إلى: واجب وندب.
فالواجب من الوضوء: ما كان لصلاة واجبة، أو طواف واجب أو لمس كتابة القرآن إن وجب، والمندوب ما عداه.
والواجب من الغسل: ما كان لأحد الأمور الثلاثة، أو لدخول المساجد أو لقراءة العزائم إن وجبا. وقد يجب إذا بقي لطلوع الفجر من يوم يجب صومه بقدر ما يغتسل الجنب، ولصوم المستحاضة إذا غمس دمها القطنة، والمندوب ما عداه.
والواجب من التيمم: ما كان لصلاة واجبة عند تضيق وقتها، وللجنب في أحد المسجدين ليخرج به، والمندوب ما عداه. وقد تجب الطهارة بنذر وشبهه.
وهذا الكتاب يعتمد على أربعة أركان :
الركن الأول : في المياه
فيه أطراف:
الأول: في الماء المطلق
وهو: كل ما يستحق إطلاق اسم الماء عليه من غير إضافة وكله طاهر مزيل للحدث والخبث، وباعتبار وقوع النجاسة فيه ينقسم إلى: جار، ومحقون، وماء بئر.
أما الجاري : فلا ينجس إلا باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه (اللون، أو الطعم، أو الرائحة)، ويطهر بكثرة الماء الطاهر عليه - متدافعاً - حتى يزول تغيره. ويلحق بحكمه ماء الحمام إذا كان له مادة . ولو مازجه طاهر فغيره أو تغير من قبل نفسه لم يخرج عن كونه مطهرا ما دام إطلاق اسم الماء باقياً عليه.
وأما المحقون: فما كان منه دون الكر فإنه ينجس بملاقاة النجاسة، ويطهر بإلقاء كر عليه فما زاد دفعة، ولا يطهر بإتمامه كراً. وما كان منه كراً فصاعداً لا ينجس إلا أن تغير النجاسة أحد أوصافه. ويطهر بإلقاء كر عليه فكر حتى يزول التغير. ولا يطهر بزواله من نفسه، ولا بتصفيق الرياح، ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه تزيل عنه التغير.
والكر: (457 لتر)، أو ما كان كل واحد من طوله وعرضه وعمقه ثلاثة أشبار ونصفاً. ويستوي في هذا الحكم مياه الغدران والحياض والأواني.
وأما ماء البئر: فإنه ينجس بالملاقاة إذا كان ما فيه أقل من كر وماؤه يأتيه بالرشح، أما إذا كان ماؤه يأتيه بالعين المتصلة بمادة الماء الجوفي أو كان ماؤه كراً فما فوق فلا ينجس إلا بتغير أحد أوصافه: اللون أو الطعم أو الرائحة. وطريقة تطهيره: ينزح منه ماء بحسب ما وقع فيه.
1- من موت العصفور إلى الدجاجة (أو ما في حجمها) فيه : بين (10 لتر-100 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله، والعقرب والحية والوزغ ينـزح لها بين (30 لتر-70 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله.
2- من موت الشاة أو الكلب (أو ما في حجمها) فيه: بين (100-460 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله.
3- من الدم أو البول أو العذرة أو المني أو المسكر فيه: بين (70 -460 لتر) بحسب كثرة ما وقع وحاله، فإذا كانت العذرة سائلة أو تفسخت ينـزح (400 لتر)، وإذا كانت جامدة ولم تتفسخ ينزح (100 لتر) بعد إخراجها.
4- من موت الحمار أو البقرة أو الجمل وشبهها فيه بين (460-700 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله.
5- من موت الإنسان ينزح (700 لتر).
فإن بقي في الماء لون أو طعم أو ريح من تفسخ الحيوان أو من دم أو بول أو خمر أو غيره نزح من البئر ماء حتى ينقى الماء وتذهب الريح واللون والطعم التي طرأت من النجاسة.
فروع ثلاثة:
الأول: حكم صغير الإنسان في النزح حكم كبيره.
الثاني: اختلاف أجناس النجاسة موجب لتضاعف النزح، وإن تماثل تضاعف النزح أيضاً.
الثالث: إذا تقطع الحيوان (الكلب وما فوقه) أو تفسخ في البئر نزح جميع مائها، فإن تعذر نزحها لم تطهر إلا بالتراوح أو الضخ يوم إلى الليل، وهذا هو الأفضل حتى فيما دون الكلب.
ويستحب أن يكون بين البئر والبالوعة خمسة أذرع إذا كانت الأرض صلبة، أو كانت البئر فوق البالوعة، وإن لم يكن كذلك فسبع. ولا يحكم بنجاسة البئر إلا أن يعلم وصول ماء البالوعة إليها. وإذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقاً، ولا في الأكل ولا في الشرب إلا عند الضرورة. ولو اشتبه الإناء النجس بالطاهر وجب الامتناع منهما، وإن لم يجد غير مائهما تيمم.
الثاني: في المضاف
وهو كل ما اعتصر من جسم أو مزج به مزجاً يسلبه إطلاق الاسم، وهو طاهر لكن لا يزيل حدثاً ولا خبثاً، ويجوز استعماله فيما عدا ذلك. ومتى لاقته النجاسة نجس قليله وكثيره، ولم يجز استعماله في أكل ولا شرب. ولو مزج طاهره بالمطلق اعتبر في رفع الحدث به إطلاق الاسم عليه.
وتكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في الآنية، وبماء أسخن بالنار في غسل الأموات. والماء المستعمل في غسل الأخباث نجس سواء تغير بالنجاسة أو لم يتغير، عدا ماء الاستنجاء فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقيه نجاسة من خارج. والمستعمل في الوضوء طاهر ومطهر، وما استعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر، ولا يرفع الحدث.
الثالث: في الأسئار
وهي كلها طاهرة عدا سؤر الكلب والخنزير والكافر، والأفضل تجنب سؤر المسوخ.
ومن عدا الخوارج (خوارج النهروان أو من شاكلهم)، والغلاة (الذين يقولون بالألوهية المطلقة لمخلوق)، والنواصب (سواء نصبوا العداء للأئمة أو المهديين أو شيعتهم) من أصناف المسلمين طاهر الجسد والسؤر.
ويكره: سؤر الجلال، وسؤر ما أكل الجيف إذا خلا موضع الملاقاة من عين النجاسة، والحائض التي لا تؤمن، وسؤر البغال والحمر والفأرة والحية والعقرب والوزغ. وينجس الماء بموت الحيوان ذي النفس السائلة، دون ما لا نفس له. وما لا يدرك بالطرف من الدم ينجس الماء.
* * *
الركن الثاني : في الطهارة المائية
وهي: وضوء، وغسل.
وفي الوضوء فصول:
الأول: في الأحداث الموجبة للوضوء
وهي ستة : خروج البول، والغائط، والريح من الموضع المعتاد.
ولو خرج الغائط من الأمعاء الدقيقة لا ينقض ومن الغليظة ينقض. ولو اتفق المخرج في غير الموضع المعتاد نقض، وكذا لو خرج الحدث من جرح ثم صار معتاداً.
والنوم الغالب على الحاستين، وفي معناه كل ما أزال العقل من إغماء أو جنون أو سكر. والإستحاضة القليلة .
ولا ينقض الطهارة مذي، ولا وذي، ولا ودي، ولا دم ولو خرج من أحد السبيلين عدا الدماء الثلاثة (الحيض والنفاس والإستحاضة)، ولا قيء، ولا نخامة، ولا تقليم ظفر، ولا حلق، ولا مس ذَكَر، ولا قُبِل ولا دبر، ولا لمس امرأة، ولا أكل ما مسته النار، ولا ما يخرج من السبيلين إلا أن يخالطه شئ من النواقض.
الثاني: في أحكام الخلوة
وهي ثلاثة:
الأول: في كيفية التخلي.
ويجب فيه ستر العورة، ويستحب ستر البدن. ويحرم استقبال القبلة واستدبارها، ويستوي في ذلك الصحاري والأبنية، ويجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك.
الثاني: في الاستنجاء.
ويجب غسل موضع البول بالماء، ولا يجزي غيره مع القدرة، وأقل ما يجزي غسله مرتين، وغسل مخرج الغائط بالماء حتى يزول العين والأثر، ولا اعتبار بالرائحة.
وإذا تعدى المخرج لم يجز إلا الماء، وإذا لم يتعد كان مخيراً بين الماء والأحجار، والماء أفضل، والجمع أكمل. ولا يجزي أقل من ثلاثة أحجار. ويجب إمرار كل حجر على موضع النجاسة، ويكفي معه إزالة العين دون الأثر. وإذا لم ينق بالثلاثة فلابد من الزيادة حتى ينقى، ولو نقي بدونها أكملها وجوباً. ولا يكفي استعمال الحجر الواحد من ثلاث جهات، ولا يستعمل الحجر المستعمل، ولا الأعيان النجسة، ولا العظم، ولا الروث، ولا المطعوم، ولا صقيل يزلق عن النجاسة، ولو استعمل ذلك لم يطهر.
الثالث: في سنن الخلوة.
وهي: مندوبات ومكروهات.
فالمندوبات: تغطية الرأس والتقنع أفضل، والاستعاذة، والتسمية، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، والاستبراء، والدعاء عند الاستنجاء، وعند الفراغ وتقديم اليمنى عند الخروج والدعاء بعده.
والمكروهات: الجلوس في الشوارع، والمشارع، وتحت الأشجار المثمرة، ومواطن النزال، ومواضع اللعن، واستقبال الشمس والقمر بفرجه، أو الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء واقفا وجارياً، والأكل والشرب والسواك، والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله سبحانه أو اسم نبي أو وصي أو الزهراء ، والكلام إلا بذكر الله تعالى، أو آية الكرسي، أو حاجة يضر فوتها.
الثالث: في كيفية الوضوء
وفروضه خمسة:
الفرض الأول: النية.
وهي: إرادة تفعل بالقلب. وكيفيتها: أن ينوي الوضوء قربة إلى الله تعالى وطلباً لطهارة الباطن. ولا يجب نية رفع الحدث، أو استباحة شئ مما يشترط فيه الطهارة أو الوجوب أو الندب. ولا تعتبر النية في طهارة الثياب، ولا غير ذلك مما يقصد به رفع الخبث. ولو ضم إلى نية التقرب إرادة التبرد أو غير ذلك كانت طهارته مجزية. ووقت النية عند غسل الكفين، وتتضيق عند غسل الوجه، ويجب استدامة حكمها إلى الفراغ.
تفريع: إذا اجتمعت أسباب مختلفة توجب الوضوء كفى وضوء واحد بنية التقرب ولا يفتقر إلى تعيين الحدث الذي يتطهر منه، وكذا لو كان عليه أغسال.
الفرض الثاني: غسل الوجه.
وهو ما بين منابت الشعر في مقدم الرأس إلى طرف الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإبهام والوسطى عرضاً، وما خرج عن ذلك فليس من الوجه. ولا عبرة بالأنزع، ولا بالأغم، ولا بمن تجاوزت أصابعه العذار أو قصرت عنه، بل يرجع كل منهم إلى مستوي الخلقة فيغسل ما يغسله.
ويجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن، ولو غسل منكوساً لم يجز. ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية، ولا تخليلها بل يغسل الظاهر. ولو نبت للمرأة لحية لم يجب تخليلها، وكفى إفاضة الماء على ظاهرها.
الفرض الثالث: غسل اليدين.
والواجب: غسل الذراعين، والمرفقين، والابتداء من المرفق. ولو غسل منكوساً لم يجز ويجب البدء باليمنى. ومن قطع بعض يده غسل ما بقي من المرفق، فإن قطعت من المرفق سقط فرض غسلها. ولو كان له ذراعان دون المرفق، أو أصابع زائدة، أو لحم نابت وجب غسل الجميع، ولو كان فوق المرفق لم يجب غسله، ولو كان له يد زائدة وجب غسلها.
الفرض الرابع: مسح الرأس.
والواجب منه: ما يسمى به ماسحاً، والمندوب: مقدار ثلاث أصابع عرضاً. ويختص المسح بمقدم الرأس، ويجب أن يكون بنداوة الوضوء، ولا يجوز استئناف ماء جديد له. ولو جف ما على يديه أخذ من لحيته أو أشفار عينيه، فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء. والأفضل مسح الرأس مقبلاً ويكره مدبراً. ولو غسل موضع المسح لم يجز. ويجوز المسح على الشعر المختص بالمقدم وعلى البشرة. ولو جمع عليه شعراً من غيره ومسح عليه لم يجز، وكذلك لو مسح على العمامة أو غيرها مما يستر موضع المسح.
الفرض الخامس: مسح الرجلين.
ويجب: مسح القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما قبتا القدمين ويجوز منكوساً، وليس بين الرجلين ترتيب. وإذا قطع بعض موضع المسح مسح على ما بقي، ولو قطع من الكعب سقط المسح على القدم. ويجب: المسح على بشرة القدم، ولا يجوز على حائل من خف أو غيره. ويجب أن يمسح بكفه كلها على قدمه مع القدرة، ولا يجب أن يكون كل جزء من الكف ماسح على القدم ، بل أن تمر الكف على القدم.
مسائل ثمان:
الأولى: الترتيب واجب في الوضوء يبدأ غسل الوجه قبل اليمنى، واليسرى بعدها ومسح الرأس ثالثاً، والرجلين أخيراً. فلو خالف أعاد الوضوء - عمداً كان أو نسياناً - إن كان قد جف الوضوء، وإن كان البلل باقياً أعاد على ما يحصل معه الترتيب.
الثانية: الموالاة واجبة، وهي: أن لا يفصل بين الغسلتين والمسحتين بفاصل يخرجها عرفاً عن كونها عمل واحد وهو الوضوء، فإذا غسل وجهه بادر إلى غسل يديه ثم بادر إلى مسح رأسه ثم بادر إلى مسح رجليه دون تواني أو إهمال.
الثالثة: الفرض في الغسلات مرة واحدة، والثانية سنة، والثالثة بدعة، وليس في المسح تكرار.
الرابعة: يجزي في الغسل ما يسمى به غاسلاً وإن كان مثل الدهن. ومن كان في يده خاتم أو سير فعليه إيصال الماء إلى ما تحته، وإن كان واسعاً استحب له تحريكه.
الخامسة: من كان على بعض أعضاء طهارته جبائر فإن أمكنه نزعها أو تكرار الماء عليها حتى يصل إلى البشرة وجب، وإلا أجزاه المسح عليها سواء كان ما تحتها طاهراً أو نجساً، وإذا زال العذر استأنف الطهارة.
السادسة: لا يجوز أن يتولى وضوءه غيره مع الاختيار، ويجوز عند الاضطرار.
السابعة: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، ويجوز له أن يمس ما عدا الكتابة.
الثامنة: دائم الحدث (من به سلس، من به البطن) إذا كان له وقت يكفي للصلاة صلى فيه، وإلا جدد وضوءه في الصلاة وأتمها، وإن تعسر عليه تطهير الخبث في الصلاة يكفيه التطهر من الحدث.
وسنن الوضوء هي: وضع الإناء على اليمين والاغتراف بها، والتسمية والدعاء، وغسل اليدين قبل إدخالهم الإناء من حدث النوم أو البول مرة ومن الغائط مرتين، والمضمضة والاستنشاق، والدعاء عندهما وعند غسل الوجه واليدين وعند مسح الرأس والرجلين، وأن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه وفي الثانية بباطنهما، والمرأة بالعكس، وأن يكون الوضوء بمد. ويكره: أن يستعين في طهارته، وأن يمسح بلل الوضوء عن أعضائه.
الرابع: في أحكام الوضوء
من تيقن الحدث وشك في الطهارة، أو تيقنهما وشك في المتأخر تطهر. وكذا لو تيقن ترك عضو أتى به وبما بعده، وإن جف البلل استأنف. وإن شك في شئ من أفعال الطهارة وهو على حاله أتى بما شك فيه ثم بما بعده. ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث أو في شئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه لم يعد.
ومن ترك غسل موضع النجو أو البول وصلى أعاد الصلاة عامداً كان أو ناسياً أو جاهلاً.
ومن جدد وضوءه بنية الندب، ثم صلى وذكر أنه أخل بعضو من إحدى الطهارتين فالطهارة والصلاة صحيحتان، ولو صلى بكل واحدة منهما صلاة أعاد الأولى فقط. ولو أحدث عقيب طهارة منهما ولم يعلمها بعينها أعاد الصلاتين إن اختلفتا عدداً، وإلا فصلاة واحدة ينوي بها ما في ذمته. وكذا لو صلى بطهارة ثم أحدث وجدد طهارة ثم صلى أخرى، وذكر أنه أخل بواجب من إحدى الطهارتين.
ولو صلى الخمس بخمس طهارات وتيقن أنه أحدث عقيب إحدى الطهارات أعاد ثلاث فرائض: ثلاثاً واثنتين وأربعاً.
وأما الغسل: ففيه: الواجب والمندوب.
فالواجب ستة أغسال: غسل الجنابة، والحيض، والإستحاضة التي تثقب الكرسف، والنفاس، ومس الأموات من الناس قبل تغسيلهم وبعد بردهم، وغسل الأموات.
وبيان ذلك في خمسة فصول:
الفصل الأول: في الجنابة
والنظر في: السبب، والحكم، والغسل.
أما سبب الجنابة، فأمران:
الإنزال: إذا علم أن الخارج مني، فإن حصل ما يشتبه به وكان دافقاً يقارنه الشهوة وفتور الجسد وجب الغسل، ولو كان مريضاً كفت الشهوة وفتور الجسد في وجوبه. ولو تجرد عن الشهوة والدفق - مع اشتباهه - لم يجب. وإن وجد على ثوبه أو جسده منياً وجب الغسل إذا لم يشركه في الثوب غيره، والمرأة كذلك إذا أمنت تغتسل.
والجماع: فإن جامع امرأة في قبلها والتقى الختانان وجب الغسل وإن كانت الموطوءة ميتة، وإن جامع في الدبر ولم ينزل وجب الغسل. ولو عمل بعمل قوم لوط (لعنة الله عليهم وعلى من يعمل عملهم) ولم ينزل يجب الغسل، ويجب الغسل بوطء بهيمة إذا لم ينزل.
تفريع: الغسل يجب على الكافر عند حصول سببه، لكن لا يصح منه في حال كفره، فإذا أسلم وجب عليه ويصح منه. ولو اغتسل ثم ارتد ثم عاد لم يبطل غسله.
وأما الحكم: فيحرم عليه: قراءة كل واحدة من العزائم وقراءة بعضها حتى البسملة إذا نوى بها إحداها، ومس كتابة القرآن أو شئ عليه اسم الله تعالى سبحانه أو اسم نبي أو وصي، والجلوس في المساجد، ووضع شئ فيها، والجواز في المسجد الحرام أو مسجد النبي خاصة. ولو أجنب فيهما لم يقطعهما إلا بالتيمم.
ويكره له: الأكل والشرب، وتخفف الكراهة بالمضمضة والاستنشاق، وقراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، وأشد من ذلك قراءة سبعين وما زاد أغلظ كراهية، ومس المصحف، والنوم حتى يغتسل أو يتوضأ أو يتيمم ، والخضاب.
وأما الغسل: فواجباته خمس: النية، واستدامة حكمها إلى آخر الغسل. وغسل البشرة بما يسمى غسلاً، وتخليل ما لا يصل إليه الماء إلا به. والترتيب: يبدأ بالرأس ثم الجسد، والأفضل البدء بالجانب الأيمن ثم الأيسر ولا يجب فيهما الترتيب، ويسقط الترتيب بارتماسة واحدة.
وسنن الغسل: تقديم النية عند غسل اليدين، وتتضيق عند غسل الرأس، وإمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل إليه الماء استظهاراً، والبول أمام الغسل والاستبراء، وكيفيته: أن يمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثاً، ومنه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، وينتره ثلاثاً. وغسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء، والمضمضة والاستنشاق، والغسل بصاع (3 لتر ماء).
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا رأى المغتسل بللاً مشتبهاً بعد الغسل، فإن كان قد بال أو استبرأ لم يعد، وإلا كان عليه الإعادة.
الثانية: إذا غسل بعض أعضائه ثم أحدث يعيد الغسل من رأس، ودائم الحدث يضم إليه الوضوء إذا لم يكن لديه وقت يكفي للغسل دون أن يتخلله حدث.
الثالثة: لا يجوز أن يغسله غيره مع الإمكان، ويكره أن يستعين فيه.
الفصل الثاني: في الحيض
وهو يشتمل على: بيانه، وما يتعلق به.
أما الأول: فالحيض: الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة، ولقليله حد. وفي الأغلب يكون أسوداً غليظاً حاراً يخرج بحرقة. وقد يشتبه بدم العذرة فتعتبر بالقطنة، فإن خرجت مطوقة فهو العذرة. وكل ما تراه الصبية قبل بلوغها تسعاً فليس بحيض.
وأقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة، وكذا أقل الطهر، ولا حد لأكثره. ويشترط التوالي في الثلاثة. وما تراه المرأة بعد يأسها لا يكون حيضاً. وتيأس المرأة القرشية ببلوغ ستين، وغير القرشية ببلوغ خمسين سنة.
وكل دم رأته المرأة دون الثلاثة فليس بحيض مبتدئة كانت أو ذات عادة. وما تراه من الثلاثة إلى العشرة مما يمكن أن يكون حيضاً فهو حيض، [سواء] تجانس أو اختلف. وتصير المرأة ذات عادة بأن ترى الدم دفعة، ثم ينقطع على أقل الطهر فصاعداً، ثم تراه ثانياً بمثل تلك العدة، ولا عبرة باختلاف لون الدم.
مسائل خمس:
الأولى: ذات العادة تترك الصلاة والصوم برؤية الدم. والمبتدئة إن اطمأنت أنه حيض تترك العبادة، وإلا فلا تترك العبادة حتى تمضي لها ثلاثة أيام.
الثانية: لو رأت الدم ثلاثة أيام ثم انقطع ورأت قبل العاشر كان الكل حيضاً، ولو تجاوز العشرة رجعت إلى التفصيل الذي نذكره. ولو تأخر بمقدار عشرة أيام ثم رأته كان الأول حيضاً منفرداً، والثاني يمكن أن يكون حيضا مستأنفاً.
الثالثة: إذا انقطع الدم لدون عشرة فعليها الاستبراء بالقطنة، فإن خرجت نقية اغتسلت، وإن كانت متلطخة صبرت المبتدئة حتى تنقى أو تمضي لها عشرة أيام. وذات العادة تغتسل بعد ثلاثة أيام من عادتها، فإن استمر إلى العاشر وانقطع قضت ما فعلته من صوم، وإن تجاوز كان ما أتت به مجزياً.
الرابعة: إذا طهرت جاز لزوجها وطؤها قبل الغسل على كراهية.
الخامسة: إذا دخل وقت الصلاة فحاضت وقد مضى مقدار الطهارة والصلاة وجب عليها القضاء، وإن كان قبل ذاك لم يجب، وإن طهرت قبل آخر الوقت بمقدار الطهارة وأداء ركعة وجب عليها الأداء ومع الإخلال القضاء.
وأما ما يتعلق به ، فثمانية أشياء:
الأول: يحرم عليها كل ما يشترط فيه الطهارة، كالصلاة والطواف ومس كتابة القرآن. ويكره حمل المصحف ولمس هامشه. ولو تطهرت لم يرتفع حدثها.
الثاني: لا يصح منها الصوم .
الثالث: لا يجوز لها الجلوس في المسجد، ويكره الجواز فيه.
الرابع: لا يجوز لها قراءة شئ من العزائم، ويكره لها ما عدا ذلك، وتسجد لو تلت السجدة، وكذا إن استمعت.
الخامس: يحرم على زوجها وطؤها حتى تطهر، ويجوز له الاستمتاع بما عدا القبل. فإن وطأها عامداً عالماً وجب عليه الكفارة، والكفارة: في أوله دينار (أي مثقال ذهب عيار 18 حبة)، وفي وسطه نصف دينار، وفي آخره ربع دينار. ولو تكرر منه الوطء في وقت لا تختلف فيه الكفارة لم تتكرر، وإن اختلفت تكررت.
السادس: لا يصح طلاقها إذا كانت مدخولاً بها، وزوجها حاضر معها.
السابع: إذا طهرت وجب عليها الغسـل، وكيفيته مثل غسل الجنابـة، ويستحب معـه
الوضوء قبله أو بعده، ويجب قضاء الصوم دون الصلاة.
الثامن: يستحب أن تتوضأ في وقت كل صلاة، وتجلس في مصلاها بمقدار زمان صلاتها ذاكرة الله تعالى، ويكره لها الخضاب.
الفصل الثالث: في الاستحاضة
وهو يشتمل على: أقسامها، وأحكامها.
أما الأول: فدم الاستحاضة - في الأغلب - أصفر بارد رقيق يخرج بفتور. وقد يتفق مثل هذا الوصف حيضاً، إذ الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وفي أيام الطهر طهر. وكل دم تراه المرأة أقل من ثلاثة أيام ولم يكن دم قرح ولا جرح فهو استحاضة. وكذا كل ما يزيد عن العادة ويتجاوز العشرة، أو يزيد عن أكثر أيام النفاس ولا يحمل صفة دم الحيض، أو يكون مع الحمل، أو مع اليأس أو قبل البلوغ.
وإذا تجاوز الدم عشرة أيام وهي ممن تحيض فقد امتزج حيضها بطهرها، فهي: إما مبتدئة، وأما ذات عادة مستقرة، أو مضطربة.
فالمبتدئة: ترجع إلى اعتبار الدم، فما شابه دم الحيض فهو حيض، وما شابه دم الاستحاضة فهو استحاضة بشرط أن يكون ما شابه دم الحيض لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة. فإن نقص أو زاد، أو كان لونه لوناً واحداً، أو لم يحصل فيه شريطتا التميز رجعت إلى عادة نسائها إن اتفقن، فإن كن مختلفات جعلت حيضها في كل شهر سبعة أيام.
وذات العادة: أ- تجعل عادتها حيضاً وما سواه استحاضة، فإن اجتمع لها مع العادة تميز تعمل على العادة.
وها هنا مسائل:
الأولى: إذا كانت عادتها مستقرة عدداً ووقتاً فرأت ذلك العدد متقدماً على ذلك الوقت أو متأخراً عنه تحيضت بالعدد وألقت الوقت ، لأن العادة تتقدم وتتأخر، سواء رأته بصفة دم الحيض أو لم يكن.
الثانية: لو رأت الدم قبل العادة وفي العادة، فإن لم يتجاوز العشرة فالكل حيض، وإن تجاوز جعلت العادة حيضاً، وكان ما تقدمها إستحاضة. وكذا لو رأت في وقت العادة وبعدها. ولو رأت قبل العادة وفي العادة وبعدها، فإن لم يتجاوز العشرة فالجميع حيض، وإن زاد على العشرة فالحيض وقت العادة والطرفان إستحاضة.
الثالثة: لو كانت عادتها في كل شهر مرة واحدة عدداً معيناً، فرأت في شهر مرتين بعدد أيام العادة ويفصل بينهما أقل الطهر أو أكثر كان ذلك حيضاً، ولو جاء في كل مرة أزيد من العادة لكان حيضاً إذا لم يتجاوز العشرة، فإن تجاوز تحيضت بقدر عادتها وكان الباقي إستحاضة.
والمضطربة العادة ترجع إلى التميّز فتعمل عليه، فإن إطمأنت من الصفات أنه حيض تركت العبادة، وإلا فلا تترك الصلاة إلا بعد مضي ثلاثة أيام وتطمئن أنه حيض، فإن فقد التميّز فهنا مسائل ثلاث:
الأولى: لو ذكرت العدد ونسيت الوقت تجعل أول أيام الدم حيض بعدد أيامها والباقي إستحاضة.
الثانية: لو ذكرت الوقت ونسيت العدد، فإن ذكرت أول حيضها أكملته بعدد نسائها إن اتفقن وسبعة أيام إن اختلفن، وإن ذكرت آخره جعلته نهاية عدد نسائها إن اتفقن ونهاية سبعة أيام إن اختلفن، وعملت في بقية الزمان ما تعمله المستحاضة، وتقضي صوم الأيام التي جعلتها حيضاً فقط.
الثالثة: لو نسيتهما جميعاً، فهذه تتحيض في كل شهر بعدد أيام نسائها إن اتفقن، وبسبعة أيام إن اختلفن ما دام الاشتباه باقياً.
وأما أحكامها، فنقول:
دم الإستحاضة إما أن لا يثقب الكرسف (لا تمتلئ القطنة دماً)، أو يثقبه ولا يسيل، أو يسيل.
وفي الأول: يلزمها تغيير القطنة، وتجديد الوضوء عند كل صلاة، ولها أن تجمع بين الصلاتين بوضوء واحد.
وفي الثاني: يلزمها مع تغيير القطنة تغيير الخرقة، والغسل لصلاة الغداة (الفجر).
وفي الثالث: يلزمها مع ذلك غسلان، غسل للظهر والعصر تجمع بينهما، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما، وإذا فعلت ذلك صارت بحكم الطاهرة، وإن أخلت بذلك لم تصح صلاتها. وإن أخلت بالأغسال لم يصح صومها.
الفصل الرابع: في النفاس
النفاس: دم الولادة، وليس لقليله حد، فجاز أن يكون لحظة واحدة. ولو ولدت ولم تر دماً لم يكن لها نفاس. ولو رأت قبل الولادة كان طهراً. وأكثر النفاس عشرة أيام. ولو كانت حاملا بإثنين وتراخت ولادة أحدهما كان ابتداء نفاسها من وضع الأول، وعدد أيامها من وضع الأخير.
ولو ولدت ولم تر دماً ثم رأت في العاشر كان ذلك نفاساً. ولو رأت عقيب الولادة ثم طهرت ثم رأت العاشر أو قبله كان الدمان وما بينهما نفاساً. وإذا استمر الدم بعد العاشر فإن تميز بأوصاف الإستحاضة فهو إستحاضة، وإلا فهو حيض. فإن كانت ذات عادة عددية تحيضت بعدد أيامها، وإلا فبعدد نسائها أو سبعة أيام، فإن استمر الدم استظهرت بثلاثة أيام ثم ما بعدها إستحاضة.
ويحرم على النفساء ما يحرم على الحائض، وكذا ما يكره، ولا يصح طلاقها. وغسلها كغسل الحائض سواء.
الفصل الخامس: في أحكام الأموات
وهي خمسة:
الأول: في الاحتضار.
ويجب فيه: توجيه الميت إلى القبلة بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إلى القبلة، وهو فرض على الكفاية.
ويستحب تلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبي والأئمة والمهديين ، وكلمات الفرج، ونقله إلى مصلاه، ويكون عنده مصباح إن مات ليلاً، ومن يقرأ القرآن. وإذا مات غمضت عيناه، وأطبق فوه، ومدت يداه إلى جنبيه، وغطي بثوب. ويعجل تجهيزه إلا أن يكون حالة مشبهة، فيستبرأ بعلامات الموت أو يصبر عليه ثلاثة أيام.
ويكره: أن يطرح على بطنه حديد، وأن يحضره جنب أو حائض.
الثاني : في التغسيل.
وهو فرض على الكفاية، وكذا تكفينه ودفنه والصلاة عليه، وأولى الناس به أولاهم بميراثه. وإذا كان الأولياء رجالاً ونساء فالرجال أولى، والزوج أولى بالمرأة من كل أحد في أحكامها كلها.
ويجوز أن يغسل الكافر المسلم إذا لم يحضره مسلم ولا مسلمة ذات رحم (محرمة)، وكذا تغسل الكافرة المسلمة إذا لم تكن مسلمة ولا ذو رحم (محرم). ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب ويكشف الوجه والكفين وظاهر وباطن القدمين إذا لم تكن مسلمة. وكذا المرأة ويُكشف صدره فوق السرة ورجليه دون الركبة. ولا يغسل الرجل من ليست له بمحرم إلا ولها دون ثلاث سنين، وكذا المرأة تغسل من له دون خمس سنين، ويغسلها مجردة وتغسله مجرد.
وكل مظهر للشهادتين وإن لم يكن معتقداً للحق يجوز تغسيله، عدا الخوارج والغلاة والنواصب. والشهيد الذي قتل بين يدي الإمام ومات في المعركة لا يغسل ولا يكفن، ويصلى عليه. وكذا من وجب عليه القتل يؤمر بالاغتسال قبل قتله، ثم لا يغسل بعد ذلك.
وإذا وجد بعض الميت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده غسل وكفن وصلي عليه ودفن، وإن لم يكن وكان فيه عظم غسل ولف في خرقة ودفن، وكذا السقط إذا ولجته الروح أو كان له أربعة أشهر فصاعداً. وإن لم يكن فيه عظم اقتصر على لفه في خرقة ودفنه، وكذا السقط إذا لم تلجه الروح. وإذا لم يحضر الميت مسلم ولا كافر ولا محرم من النساء فلا تقربه الكافرة، وتصب المسلمة عليه الماء صباً من وراء ثيابه فوق سرته وتحت ركبتيه، ويحنط بالكافور ويدفن. أما الميتة فيصب عليها المسلم من غير المحارم الماء على وجهها ويديها وقدميها فقط، وتحنط بالكافور وتدفن.
ويجب: إزالة النجاسة من بدنه أولاً، ثم يغسل بماء السدر يبدأ برأسه، ثم بجانبه الأيمن ثم الأيسر، وأقل ما يلقى في الماء من السدر ما يقع عليه الاسم. وبعده بماء الكافور على الصفة المذكورة، وبماء القراح أخيراً كما يغسل من الجنابة. ووضوء الميت مستحب وليس بواجب. ولا يجوز الاقتصار على أقل من الغسلات المذكورة إلا عند الضرورة. ولو عدم الكافور والسدر غسل بالماء القراح مرة واحدة، والثلاث أفضل. ولو خيف من تغسيله تناثر جلده كالمحترق والمجدور يتيمم بالتراب كما يتيمم الحي العاجز.
وسنن الغسل: أن يوضع على ساجة مستقبل القبلة، وأن يغسل تحت الظلال، وأن يجعل للماء حفيرة، ويكره إرساله في الكنيف ولا بأس بالبالوعة، وأن يفتق قميصه وينزع من تحته، وتستر عورته، وتلين أصابعه برفق، ويغسل رأسه برغوة السدر أمام الغسل، ويغسل فرجه بالسدر والحرض (الإشنان) أو الصابون الخالي من العطر ويغسل يداه، ويبدأ بشق رأسه الأيمن، ويغسل كل عضو منه ثلاث مرات في كل غسلة، ويمسح بطنه في الغسلتين الاولتين، إلا أن يكون الميت المرأة حاملاً. وأن يكون الغاسل منه على الجانب الأيمن، ويغسل الغاسل يديه مع كل غسلة، ثم ينشفه بثوب بعد الفراغ.
ويكره: أن يجعل الميت بين رجليه، وأن يقعده، وأن يقص أظفاره، وأن يرجل شعره، وأن يغسل مخالفاً، فإن اضطر غسله غسل أهل الخلاف.
الثالث: في تكفينه.
ويجب أن يكفن في ثلاثة أقطاع مئزر وقميص وإزار، ويجزي عند الضرورة قطعة. ولا يجوز التكفين بالحرير. ويجب أن يمسح مساجده بما تيسر من الكافور، إلا أن يكون الميت محرماً ، فلا يقربه الكافور. وأقل الفضل في مقدار درهم، وأفضل منه أربعة دراهم، وأكمله ثلاثة عشر درهما وثلثاً. وعند الضرورة يدفن بغير كافور. ولا يجوز تطيبه بغير الكافور والذريرة.
وسنن هذا القسم: أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه، أو يتوضأ وضوء الصلاة وأن يزاد للرجل حبرة عبرية غير مطرزة بالذهب، وخرقة لفخذيه، ويكون طولها ثلاثة أذرع ونصفاً في عرض شبر تقريباً، فيشد طرفاها على حقويه ويلف بما استرسل منها فخذاه لفاً شديداً بعد أن يجعل بين إليتيه شئ من القطن، وإن خشي خروج شئ فلا بأس أن يحشى في دبره قطناً. وعمامة يعمم بها محنكاً يلف رأسه بها لفاً ويخرج طرفاها من تحت الحنك ويلقيان على صدره. وتزاد المرأة على كفن الرجل لفافة لثدييها ونمطاً، ويوضع لها بدلاً من العمامة قناع. وأن يكون الكفن قطناً، وتنثر على الحبرة واللفافة والقميص ذريرة، وتكون الحبرة فوق اللفافة والقميص باطنها، ويكتب على الحبرة والقميص والأزار والجريدتين اسمه وأنه يشهد الشهادتين، وإن ذكر الأئمة والمهديين وعددهم إلى آخرهم كان حسناً. ويذكر صاحبه الذي به يعد من أهل الإسلام لا من أهل الجاهلية، ويكون ذلك بتربة الحسين u، فإن لم توجد فبالأصبع. وإن فقدت الحبرة يجعل بدلها لفافة أخرى. وأن يخاط الكفن بخيوط منه، ولا يبل بالريق، ويجعل معه جريدتان من سعف النخل، فإن لم يوجد فمن السدر، فإن لم يوجد فمن الخلاف، وإلا فمن شجر رطب. ويجعل إحداهما من الجانب الأيمن مع ترقوته يلصقها بجلده، والأخرى من الجانب اليسار بين القميص والإزار، وأن يسحق الكافور بيده، ويجعل ما يفضل عن مساجده على صدره. وأن يطوي جانب اللفافة الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر.
ويكره: تكفينه في الكتان، وأن يعمل للأكفان المبتدئة أكمام، وأن يكتب عليها بالسواد، وأن يجعل في سمعه أو بصره شئ من الكافور.
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا خرج من الميت نجاسة بعد تكفينه، فإن لاقت جسده غسلت بالماء وإن لاقت كفنه فكذلك، إلا أن يكون بعد طرحه في القبر فإنها تقرض.
الثانية: كفن المرأة على زوجها وإن كانت ذات مال، لكن لا يلزمه زيادة على الواجب. ويؤخذ كفن الرجل عن أصل تركته مقدماً على الديون والوصايا، فإن لم يكن له كفن لم يدفن عرياناً بل يجب على المسلمين بذل الكفن، بل ويستحب ما يحتاج إليه الميت من سدر وكافور وغيره.
الثالثة: إذا سقط من الميت شئ من شعره أو جسده، وجب أن يطرح معه في كفنه.
الرابع: في مواراته في الأرض.
وله مقدمات مسنونة كلها: أن يمشي المشيع وراء الجنازة، أو أحد جانبيها، وأن يربع الجنازة، ويبدأ بمقدمها الأيمن، ثم يدور من ورائها إلى الجانب الأيسر، وأن يعلم المؤمنون بموت المؤمن، وأن يقول المشاهد للجنازة: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم، وأن يضع الجنازة على الأرض إذا وصل القبر مما يلي رجليه والمرأة مما يلي القبلة، وأن ينقله في ثلاث دفعات، وأن يرسله إلى القبر سابقاً برأسه، والمرأة عرضاً، وأن ينزل من يتناوله حافياً، ويكشف رأسه، ويحل أزراره.
ويكره أن يتولى ذلك الأقارب، إلا في المرأة فيتولى أمرها زوجها أو محارمها. ويستحب أن يدعو عند إنزاله القبر.
وفي الدفن فروض وسنن، فالفروض: أن يوارى في الأرض مع القدرة. وراكب البحر يلقى فيه، إما مثقلاً أو مستوراً في وعاء كالخابية أو شبهها، مع تعذر الوصول إلى البر. وأن يضجعه على جانبه الأيمن مستقبل القبلة، إلا أن يكون امرأة غير مسلمة حاملاً من مسلم، فيستدبر بها القبلة.
والسنن: أن يحفر القبر قدر القامة أو إلى الترقوة، ويجعل له لحد مما يلي القبلة، ويحل عقد الأكفان من قبل رأسه ورجليه، ويجعل معه شئ من تربة الحسين u، ويلقنه ويدعو له، ثم يشرج اللبن، ويخرج من قبل رجل القبر، ويهيل الحاضرون عليه التراب بظهور الأكف قائلين: إنا لله وإنا إليه راجعون. ويرفع القبر مقدار أربع أصابع، ويربع، ويصب عليه الماء من قبل رأسه ثم يدور عليه، فإن فضل من الماء شئ ألقاه على وسط القبر. ويوضع اليد على القبر ويترحم على الميت، ويلقنه الولي بعد انصراف الناس عنه بأرفع صوته. والتعزية مستحبة وهي جائزة قبل الدفن وبعده، ويكفي أن يراه صاحبها.
ويكره: فرش القبر بالساج إلا عند الضرورة، وأن يهيل ذو الرحم على رحمه، وتجصيص القبور وتجديدها، ودفن الميتين في قبر واحد، وأن ينقل الميت من بلد إلى بلد آخر إلا إلى أحد المشاهد، وأن يستند إلى القبر أو يمشي عليه.
الخامس: في اللواحق.
وهي مسائل أربع:
الأولى: لا يجوز نبش القبر، ولا نقل الموتى بعد دفنهم، ولا شق الثوب على غير الأب والأخ.
الثانية: الشهيد يدفن بثيابه، وينزع عنه الفرو والخفان، أصابهما الدم أو لم يصبهما، ولا فرق بين أن يقتل بحديد أو بغيره.
الثالثة: حكم الصبي والمجنون إذا قتلا شهيدين حكم البالغ العاقل.
الرابعة: إذا مات ولد الحامل قطع واخرج، وإن ماتت هي دونه شق جوفها من الجانب الأيسر وانتزع، وخيط الموضع.
وأما الأغسال المسنونة، فمنها ثلاثون غسلاً، سبعة عشر للوقت وهي: غسل يوم الجمعة، ووقته: ما بين طلوع الفجر إلى زوال الشمس، وكلما قرب من الزوال كان أفضل. ويجوز تعجيله يوم الخميس لمن خاف عوز الماء أو تأخيره بعد الزوال يوم الجمعة، وقضاؤه يوم السبت.
وستة في شهر رمضان: أول ليلة منه، وليلة النصف، وسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة الفطر. ويومي العيدين، ويوم عرفة، وليلة النصف من يوم رجب، ويوم السابع والعشرين منه، وليلة النصف من الشعبان، ويوم الغدير، والمباهلة، ويوم التروية.
وثمانية للفعل، وهي: غسل الإحرام، وغسل زيارة النبي والأئمة ، وغسل المفرط في صلاة الكسوف (والآيات) إذا أراد قضاءها، وغسل التوبة سواء كان عن فسق أو كفر، وصلاة الحاجة، وصلاة الاستخارة، وصلاة الاستسقاء.
وخمسة للمكان، وهي: غسل دخول الحرم، والمسجد الحرام، والكعبة، والمدينة، ومسجد النبي .
مسائل أربع:
الأولى: ما يستحب للفعل والمكان يقدم عليهما، وما يستحب للزمان يكون بعد دخوله.
الثانية: إذا اجتمعت أغسال مندوبة تكفي نية القربة.
الثالثة والرابعة: يستحب غسل من سعى إلى مصلوب ليراه عامداً بعد ثلاثة أيام، وغسل المولود مستحب.
وكل هذه الأغسال مجزية عن الوضوء. والأفضل ذكر اسم الله أثناء الغسل وبعده ويقول: اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين الطيبين الطاهرين، وطهر قلبي من الشك والشرك والظلمة والخبائث.
* * *
الركن الثالث : في الطهارة الترابية
والنظر في: أطراف أربعة
الأول: في ما يصح معه التيمم
وهو ضروب:
الأول: عدم الماء. ويجب عنده الطلب ، فيضرب (1000 متر) في كل جهة من الجهات الأربع إن كانت الأرض سهلة، و (500 متر) إن كانت حزنة. ولو أخل بالضرب حتى ضاق الوقت أخطأ، وصح تيممه وصلاته. ولا فرق بين عدم الماء أصلاً، ووجود ماء لا يكفيه لطهارته.
الثاني: عدم الوصلة إليه. فمن عدم الثمن فهو كمن عدم الماء، وكذا إن وجده بثمن يضر به في الحال، وإن لم يكن مضراً في الحال لزم شراؤه ولو كان بأضعاف ثمنه المعتاد، وكذا القول في الآلة التي يخرج بها الماء.
الثالث: الخوف. ولا فرق في جواز التيمم بين أن يخاف لصاً أو سبعاً أو يخاف ضياع مال، وكذا لو خشي المرض الشديد أو تشقق الجلد والتهابه باستعماله الماء شديد البرودة جاز له التيمم، وكذا لو كان معه ماء للشرب وخاف العطش إن استعمله.
الطرف الثاني: فيما يجوز التيمم به
وهو: كل ما يقع عليه أسم الأرض. ولا يجوز التيمم بالمعادن، ولا بالرماد ولا بالنبات المنسحق كالاشنان والدقيق. ويجوز التيمم بأرض النورة، والجص، وتراب القبر، وبالتراب المستعمل في التيمم. ولا يصح التيمم بالتراب المغصوب ولا بالنجس، ولا بالوحل مع وجود التراب. وإذا مزج التراب بشيء من المعادن فإن استهلكه التراب جاز، وإلا لم يجز.
ويكره بالسبخة والرمل. ويستحب أن يكون من ربا الأرض وعواليها. ومع فقد التراب يتيمم بغبار ثوبه، أو لبد سرجه، أو عرف دابته، ومع فقد ذلك يتيمم بالوحل.
الطرف الثالث: في كيفية التيمم
ولا يصح التيمم قبل دخول الوقت، ويصح مع تضييقه، ولا يصح مع سعته إلا إذا حصل اليأس من الطهارة المائية كحال المريض الذي يضره الماء.
والواجب في التيمم: النية، واستدامة حكمها، والترتيب: يضع يديه على الأرض، ثم يمسح الجبهة بهما من قصاص الشعر إلى طرف أنفه، ثم يضع يديه على الأرض ويمسح ظاهر الكفين. ولابد من ضربتين ضربة للوجه وضربة للكفين للوضوء والغسل. وإن قطعت كفاه سقط مسحهما، واقتصر على الجبهة. ولو قطع بعضهما مسح على ما بقي.
ويجب: استيعاب مواضع المسح في التيمم، فلو أبقى منها شيئاً لم يصح. ويستحب: نفض اليدين بعد ضربهما على الأرض. ولو تيمم وعلى جسده نجاسة صح تيممه، كما لو تطهر بالماء وعليه نجاسة، لكن يراعي في التيمم ضيق الوقت.
الطرف الرابع: في أحكامه
وهي عشرة:
الأول: من صلى بتيممه لا يعيد، سواء كان في حضر أو سفر.
الثاني: يجب عليه طلب الماء، فإن أخل بالطلب وصلى ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه تطهر وأعاد الصلاة.
الثالث: من عدم الماء وما يتيمم به لقيد أو حبس في موضع نجس يسقط عنه الفرض أداء وقضاء، ويجب عليه الدعاء وقت الفرض.
الرابع: إذا وجد الماء قبل دخوله في الصلاة تطهر، وإن وجده بعد فراغه من الصلاة لم تجب الإعادة، وإن وجده وهو في الصلاة فإن تمكن من الماء دون أن يقطع صلاته تطهر وأتم الصلاة، وإلا فيمضي في صلاته ولو تلبس بتكبيرة الإحرام.
الخامس: المتيمم يستبيح ما يستبيحه المتطهر بالماء .
السادس: إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم، فإن كان ملكا لأحدهم اختص به، وإن كان ملكاً لهم جميعاً أو لا مالك له أو مع مالك يسمح ببذله، فالأفضل تخصيص الميت به.
السابع: الجنب إذا تيمم بدلاً من الغسل، ثم أحدث أعاد التيمم بدلاً من الوضوء إذا كان حدثه أصغر ولم يتمكن من الوضوء.
الثامن: إذا تمكن من استعمال الماء انتقض تيممه، ولو فقده بعد ذلك افتقر إلى تجديد التيمم. ولا ينتقض التيمم بخروج الوقت ما لم يحدث، أو لم يجد الماء.
التاسع: من كان بعض أعضائه مريضاً لا يقدر على غسله بالماء ولا مسحه جاز له التيمم، ولا يتبعض الطهارة.
العاشر: يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء بنية الندب، ولا يجوز له الدخول به في غير ذلك من أنواع الصلاة.
* * *
الركن الرابع : في النجاسات وأحكامها
القول في النجاسات:
وهي عشرة أنواع:
الأول والثاني: البول والغائط مما لا يؤكل لحمه، إذا كان للحيوان نفس سائلة، سواء كان جنسه حراماً كالأسد، أو عرض له التحريم كالجلال. ورجيع ما لا نفس سائلة له وبوله طاهر.
الثالث: المني، وهو نجس من كل حيوان حل أكله أو حرم، ومني ما لا نفس سائلة له طاهر.
الرابع: الميتة، ولا ينجس من الميتات إلا ما له نفس سائلة، وكل ما ينجس بالموت فما قطع من جسده نجس حياً كان أو ميتاً. وما كان منه لا تحله الحياة كالعظم والشعر فهو طاهر، إلا أن تكون عينه نجسة كالكلب والخنزير والكافر.
ويجب الغسل على من مس ميتاً من الناس قبل تطهيره وبعد برده بالموت، وكذا من مس قطعة منه فيها عظم. وغسل اليد على من مس برطوبة ما لا عظم فيه، أو مس برطوبة ميتاً له نفس سائلة من غير الناس.
الخامس: الدماء، ولا ينجس منها إلا ما كان من حيوان له عرق، لا ما يكون له رشح كدم السمك وشبهه.
السادس والسابع: الكلب والخنزير، وهما نجسان عيناً ولعاباً. ولو نزا كلب على حيوان فأولده روعي في إلحاقه بأحكامه إطلاق الاسم. وما عداهما من الحيوان فليس بنجس. والثعلب والأرنب والفأرة والوزغة طاهرة، ولكن لا يستعمل ماء قليل وقعت فيه فأرة أو جرذ أو وزغة للشرب أو الطهارة، ولا ماء قليل مات فيه وزغ أو عقرب أو أفعى.
الثامن: المسكرات نجسة والعصير العنبي إذا غلا واشتد وإن لم يسكر ، ويطهر إذا ذهب ثلثاه .
التاسع: الفقاع.
العاشر: الكافر. وضابطه كل من خرج عن الإسلام، أو من انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة، كالخوارج والغلاة والنواصب. وما عدا ذلك فليس بنجس في نفسه، وإنما تعرض له النجاسة.
ويكره: بول البغال، والحمير، والدواب، وعرق الجنب من الحرام، وعرق الإبل الجلال، والمسوخ، وذرق الدجاج.
القول في أحكام النجاسات:
تجب إزالة النجاسة عن الثياب والبدن للصلاة والطواف ودخول المساجد، وعن الأواني لاستعمالها. وعفي في الثوب والبدن عما يشق التحرز عنه من دم القروح والجروح التي لا (ترقي) وإن كثر، وعما دون دائرة قطرها (1) سنتمتر سعة من الدم المسفوح الذي ليس من أحد الدماء الثلاثة، وما زاد عن ذلك تجب إزالته إن كان مجتمعاً أو متفرقاً. ويجوز الصلاة فيما لا يتم الصلاة فيه منفرداً وإن كان فيه نجاسة لم يعف عنها في غيره.
وتعصر الثياب من النجاسات كلها إلا من بول الرضيع، فإنه يكفي صب الماء عليه. وإذا علم موضع النجاسة غسل، وإن جهل غسل كل موضع يحصل فيه الاشتباه. ويغسل الثوب والبدن من البول مرتين.
وإذا لاقى الكافر أو الكلب أو الخنـزير ثوب الإنسان رطباً غسل موضع الملاقاة واجباً، وإن كان يابساً رشه بالماء استحباباً، وفي البدن يغسل رطباً. وإذا أخل المصلي بإزالة النجاسات عن ثوبه أو بدنه أعاد في الوقت وفي خارجه، فإن لم يعلم ثم علم بعد الصلاة لم تجب عليه الإعادة مطلقاً. ولو رأى النجاسة وهو في الصلاة فإن أمكنه إلقاء الثوب وستر العورة بغيره وجب وأتم، وإن تعذر إلا بما يبطلها أستأنف.
والمربية للصبي إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد غسلته في كل يوم مرة، وإن جعلت تلك الغسلة أمام صلاة الظهر كان حسناً لتصلي الظهرين والعشائين بثوب طاهر. وإذا كان مع المصلي ثوبان وأحدهما نجس لا يعلمه بعينه صلى الصلاة الواحدة في كل واحد منهما منفرداً. وفي الثياب الكثيرة (النجسة وأحدها طاهر) كذلك إلا أن يتضيق الوقت فيصلي عرياناً. ويجب أن يلقي الثوب النجس ويصلي عرياناً إذا لم يكن هناك غيره، وإن لم يمكنه صلى فيه ولا يعيد.
والشمس إذا جففت البول وغيره من النجاسات عن الأرض والبواري والحُصُر طهر موضعه، وكذا كل ما لا يمكن نقله كالنباتات والأبنية بشرط زوال عين النجاسة، والأفضل إلقاء ماء على البول ثم إذا جففته الشمس طهر.
وتطهر النار ما أحالته، والتراب باطن الخف وأسفل القدم والنعل، والأرض يطهر بعضها بعضاً. وماء الغيث لا ينجس في حال وقوعه، ولا في حال جريانه من ميزاب وشبهه، إلا أن تغيره النجاسة.
والماء الذي تغسل به النجاسة نجس سواء كان في الغسلة الأولى أو الثانية، وسواء كان متلوثا بالنجاسة أو لم يكن، هذا إذا بقي على المغسول عين النجاسة، أما إذا نقي المغسول من النجاسة فالغسالة طاهرة، وكذلك القول في الإناء.
القول في الآنية:
ولا يجوز الأكل والشرب في آنية من ذهب أو فضة، ولا استعمالها في غير ذلك. ويكره المفضض، ويجوز اتخاذها لغير الاستعمال. ولا يحرم استعمال غير الذهب والفضة من أنواع المعادن والجواهر ولو تضاعفت أثمانها. وأواني المشركين طاهرة حتى تعلم نجاستها.
ولا يجوز استعمال شئ من الجلود إلا ما كان طاهراً في حال الحياة ذكياً. ويستحب اجتناب ما لا يؤكل لحمه حتى يدبغ بعد ذكاته. ويستعمل من أواني الخمر ما كان مقيراً أو مدهوناً بعد غسله. ويكره: ما كان خشباً أو قرعاً أو خزفاً غير مدهون.
ويغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثاً أولاهن بالتراب، ومن الخمر والجرذ إذا مات فيه ثلاثاً بالماء، والسبع أفضل. ومن غير ذلك مرة واحدة غير غسلة الإزالة، والثلاث أفضل.
* * *
كتاب الصلاة
والعلم بها يستدعي بيان أربعة أركان :
الركن الأول : في المقدمات
وهي سبع :
الأولى: في أعداد الصلاة
والمفروض منها تسع:
صلاة اليوم والليلة، والجمعة، والعيدين، والكسوف، والزلزلة، والآيات، والطواف، والأموات، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه، وما عدا ذلك مسنون.
وصلاة اليوم والليلة خمس وهي: سبع عشرة ركعة في الحضر، الصبح ركعتان، والمغرب ثلاث، وكل واحدة من البواقي أربع. ويسقط من كل رباعية في السفر ركعتان.
ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة: أمام الظهر ثمان، وقبل العصر مثلها، وبعد المغرب أربع، وعقيب العشاء ركعتان من جلوس تعدان بركعة، وإحدى عشر صلاة الليل مع ركعتي الشفع والوتر، وركعتان للفجر قبل الفرض. ويسقط في السفر نوافل الظهر والعصر، أما الوتيرة فلا تسقط. والنوافل كلها ركعتان بتشهد وتسليم بعدهما، إلا المنصوص على إنها أكثر من اثنين بسلام أو أقل كالوتر وصلاة الأعرابي، وسنذكر تفصيل باقي الصلوات في مواضعها إن شاء الله تعالى.
المقدمة الثانية: في المواقيت
والنظر في: مقاديرها، وأحكامها.
أما الأول: فما بين زوال الشمس إلى غروبها وقت للظهر والعصر، وتختص الظهر من أوله بمقدار أدائها، وكذلك العصر من آخره، وما بينهما من الوقت مشترك. وكذا إذا غربت الشمس دخل وقت المغرب، وتختص من أوله بمقدار ثلاث ركعات، ثم تشاركها العشاء حتى ينتصف الليل للمختار والى طلوع الفجر للمضطر. وتختص العشاء من آخر الوقت بمقدار أربع ركعات. وما بين طلوع الفجر الثاني - المستطير في الأفق - إلى طلوع الشمس وقت للصبح.
ويعلم الزوال بزيادة الظل بعد نقصانه، والغروب باستتار القرص، وانتظار ذهاب الحمرة من المشرق أفضل لحصول الاطمئنان بسقوط القرص. وخير الأعمال الصلاة في أول وقتها، وصلاة العشاء الأفضل تأخيرها حتى ذهاب الحمرة المغربية وصلاة العصر ساعة أو ساعتين عن زوال الشمس بحسب طول النهار وقصره.
ووقت النوافل اليومية: للظهر من حين الزوال إلى نصف ساعة، وللعصر إلى ساعة ونصف أو ساعتين ونصف بحسب طول النهار، فإن خرج الوقت وقد تلبس من النافلة ولو بركعة زاحم بها الفريضة مخففة، وإن لم يكن صلى شيئاً بدأ بالفريضة ثم يأتي بالنافلة. ولا يجوز تقديمها على الزوال إلا يوم الجمعة. ويزاد في نافلتها أربع ركعات اثنتان منها للزوال. ونافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية بمقدار أداء الفريضة، فإن بلغ بذلك ولم يكن صلى النافلة أجمع بدأ بالفريضة. وركعتان من جلوس بعد العشاء ، ويمتد وقتهما بامتداد وقت الفريضة، وينبغي أن يجعلهما خاتمة نوافله.
وصلاة الليل بعد انتصافه، وكلما قرب من الفجر كان أفضل. ولا يجوز تقديمها على الانتصاف إلا لمسافر يصده جده، أو شاب يمنعه رطوبة رأسه وقضاؤها أفضل، وآخر وقتها طلوع الفجر الثاني. فإن طلع ولم يكن تلبس منها بأربع بدأ بركعتي الفجر قبل الفريضة حتى تطلع الحمرة المشرقية، فيشتغل بالفريضة. وإن كان قد تلبس بأربع تممها مخففة ولو طلع الفجر. ووقت ركعتي الفجر بعد طلوع الفجر الأول، ويجوز أن يصليهما قبل ذلك، والأفضل إعادتهما بعده، ويمتد وقتهما حتى تطلع الحمرة، ثم تصير الفريضة أولى.
ويجوز أن يقضي الفرائض الخمس في كل وقت ما لم يتضيق وقت الفريضة الحاضرة، وكذا يصلي بقية الصلوات المفروضات، ويصلي النوافل ما لم يدخل وقت فريضة، وكذا قضاؤها.
وأما أحكامها، ففيه مسائل:
الأولى: إذا حصل أحد الأعذار المانعة من الصلاة كالجنون والحيض، وقد مضى من الوقت مقدار الطهارة وأداء الفريضة وجب عليه قضاؤها، ويسقط القضاء إذا كان دون ذلك. ولو زال المانع فإن أدرك الطهارة وركعة من الفريضة لزمه أداؤها ويكون مؤدياً، ولو أهمل قضى. ولو أدرك قبل الغروب أو قبل الفجر إحدى الفريضتين لزمته تلك لا غير، وإن أدرك الطهارة وخمس ركعات قبل الغروب لزمته الفريضتان.
الثانية: الصبي المتطوع بوظيفة الوقت، إذا بلغ بما لا يبطل الطهارة والوقت باق استأنف، وإن بقي من الوقت دون الركعة بنى على نافلته، ولا يجدد نية الفرض.
الثالثة: إذا كان له طريق إلى العلم بالوقت لم يجز له التعويل على الظن، فإن فقد العلم اجتهد، فإن غلب على ظنه دخول الوقت صلى فإن انكشف له فساد الظن قبل دخول الوقت استأنف، وإن كان الوقت دخل وهو متلبس ولو قبل التسليم لم يعد. ولو صلى قبل الوقت عامداً أو جاهلاً أو ناسياً كانت صلاته باطلة.
الرابعة: الفرائض اليومية مرتبة في القضاء بالنسبة لليوم الواحد، فلو دخل في فريضة فذكر أن عليه سابقة من نفس اليوم عدل بنيته ما دام العدول ممكناً، وإلا أستأنف المرتبة. أما بالنسبة ليومين مختلفين فلا يشترط الترتيب في القضاء، فله أن يقضي صلاة الصبح ليوم قبل أن يقضي الظهر ليوم سبقه.
الخامسة: لا تكره النوافل المبتدأة عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند قيامها، وبعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر.
السادسة: ما يفوت من النوافل ليلاً يستحب تعجيله ولو في النهار، وما يفوت نهاراً يستحب تعجيله ولو ليلاً، ولا ينتظر بها النهار.
السابعة: الأفضل في كل صلاة أن يؤتى بها في أول وقتها، إلا المغرب والعشاء لمن أفاض من عرفات، فإن تأخيرها إلى المزدلفة أولى ولو صار إلى ربع الليل. والعشاء الأفضل تأخيرها حتى يسقط الشفق الأحمر. والمتنفل يؤخر الظهر والعصر حتى يأتي بنافلتهما. والمستحاضة تؤخر الظهر والمغرب.
الثامنة: لو ظن أنه صلى الظهر فاشتغل بالعصر، فإن ذكر وهو فيها عدل بنيته، وإن لم يذكر حتى فرغ فإن كان قد صلى في أول وقت الظهر عاد بعد أن يصلي الظهر، وإن كان في الوقت المشترك أو دخل وهو فيها أجزأته وأتى بالظهر.
المقدمة الثالثة: في القبلة
والنظر في: القبلة، والمستقبل، وما يجب له، وأحكام الخلل.
الأول: القبلة.
وهي: الكعبة لمن كان في المسجد، والمسجد لمن كان في الحرم، والحرم لمن خرج عنه. وجهة الكعبة هي القبلة لا البنية، ولو زالت البنية صلى إلى جهتها، كما يصلي من هو أعلى موقفاً منها. وإن صلى في جوفها استقبل على أي جدرانها شاء على كراهية في الفريضة. ولو صلى على سطحها أبرز بين يديه منها ما يصلي إليه، ولا يحتاج إلى أن ينصب بين يديه شيئاً. وكذا لو صلى إلى بابها وهو مفتوح.
ولو استطال صف المأمومين في المسجد حتى خرج بعضهم عن سمت الكعبة بطلت صلاة ذلك البعض. وأهل كل إقليم يتوجهون إلى سمت الركن الذي على جهتهم، فأهل العراق إلى العراقي وهو الذي فيه الحجر، وأهل الشام إلى الشامي والمغرب إلى المغربي، واليمن إلى اليماني. وقبلة أهل العراق تقع بين الجنوب والغرب، فلو عرف الجدي عرف الشمال وعرف الجنوب، فإذا توجه إلى الجنوب فالقبلة تقع بين يمينه ووجهه.
الثاني: في المستقبل.
ويجب الاستقبال في الصلاة مع العلم بجهة القبلة ، فإن جهلها عول على الامارات المفيدة للظن . وإذا اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده يعمل بما يظن أنه أصح . ولو لم يكن له طريق إلى الاجتهاد فأخبره كافر يعمل بخبره إن ظن بصحته . ويعول على قبلة البلد إذا لم يعلم أنها بنيت على الغلط . ومن ليس متمكناً من الاجتهاد كالأعمى يعول على غيره . ومن فقد العلم والظن فإن كان الوقت واسعاً صلى الصلاة الواحدة إلى أربع جهات لكل جهة مرة ، وإن ضاق عن ذلك صلى من الجهات ما يحتمله الوقت ، فإن ضاق إلا عن صلاة واحدة صلاها إلى أي جهة شاء .
والمسافر يجب عليه استقبال القبلة ، ويجوز له أن يصلي شيئاً من الفرائض على الراحلة عند الضرورة ويستقبل القبلة، فإن لم يتمكن استقبل القبلة بما أمكنه من صلاته، وينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة، فإن لم يتمكن استقبل بتكبيرة الإحرام، ولو لم يتمكن من ذلك أجزأته الصلاة وإن لم يكن مستقبلاً. وكذا المضطر إلى الصلاة ماشياً مع ضيق الوقت. ولو كان الراكب بحيث يتمكن من الركوع والسجود وفرائض الصلاة يجوز له أداء الفريضة على الراحلة اختياراً.
الثالث : ما يستقبل له.
ويجب الاستقبال في فرائض الصلاة مع الإمكان، وعند الذبح، وبالميت عند احتضاره ودفنه والصلاة عليه. وأما النوافل فالأفضل استقبال القبلة بها. ويجوز أن يصلي على الراحلة سفراً أو حضراً، وإلى غير القبلة على كراهية متأكدة في الحضر ما لم يستدبر القبلة وإلا بطلت. ويسقط فرض الاستقبال في كل موضع لا يتمكن منه كصلاة المطاردة، وعند ذبح الدابة الصائلة والمتردية بحيث لا يمكن صرفها إلى القبلة.
الرابع : في أحكام الخلل.
وهي مسائل:
الأولى: الأعمى يرجع إلى غيره لقصوره عن الاجتهاد، فإن عول على رأيه مع وجود المبصر لإمارة وجدها صح، وإلا فعليه الإعادة.
الثانية: إذا صلى إلى جهة إما لغلبة الظن أو لضيق الوقت ثم تَبَيّن خطأه، فإن كان منحرفاً بين اليمين والشمال ولم يستدبر القبلة فصلاته صحيحة ولا يعيدها في الوقت أو خارجه، وإذا استدبر القبلة أعاد في الوقت ولا يعيدها في خارجه، فأما إذا تَبَيّن الخلل وهو في الصلاة فإنه يستقيم على كل حال ولا إعادة.
الثالثة: إذا اجتهد لصلاة ثم دخل وقت أخرى، فإن تجدد عنده شك استأنف الاجتهاد، وإلا بنى على الأول.
المقدمة الرابعة: في لباس المصلي
وفيه مسائل:
الأولى: لا يجوز الصلاة في جلد الميتة ولو كان مما يؤكل لحمه، سواء دبغ أو لم يدبغ. وما لا يؤكل لحمه - وهو طاهر في حياته مما يقع عليه الذكاة - إذا ذكي كان طاهراً، ولا يستعمل في الصلاة. ولا يفتقر استعماله في غيرها إلى الدباغ، ولكن يكره استعماله قبل الدباغ.
الثانية: الصوف والشعر والوبر والريش مما يؤكل لحمه طاهر، سواء جز من حي أو مذكى أو ميت، ويجوز الصلاة فيه. ولو قلع من الميت غسل منه موضع الاتصال، وكذا كل ما لا تحله الحياة من الميت إذا كان طاهراً في حال الحياة. وما كان نجساً في حال حياته فجميع ذلك منه نجس، ولا تصح الصلاة في شئ من ذلك إذا كان مما لا يؤكل لحمه ولو أخذ من مذكى، إلا الخز الخالص فتجوز الصلاة فيه، ولا تجوز في المغشوش منه بوبر الأرانب والثعالب.
الثالثة: تجوز الصلاة في فرو السنجاب، ولا تجوز في فرو الثعالب والأرانب.
الرابعة : لا يجوز لبس الحرير المحض للرجال ولا الصلاة فيه إلا في الحرب، فإنه يستحب وضع قطعة حرير على الصدر، وعند الضرورة كالبرد المانع من نزعه، ويجوز للنساء مطلقاً. وفيما لا يتم الصلاة فيه كالتكة والقلنسوة لا يجوز كذلك، ويجوز الركوب عليه وافتراشه. ويكره الصلاة في ثوب مكفوف به. وإذا مزج بشئ مما يجوز فيه الصلاة حتى خرج عن كونه محضاً جاز لبسه والصلاة فيه، سواء كان أكثر من الحرير أو أقل منه على كراهية.
الخامسة: الثوب المغصوب لا يجوز الصلاة فيه، ولو أذن صاحبه لغير الغاصب أو له جازت الصلاة فيه مع تحقق الغصبية، ولو أذن مطلقاً جاز لغير الغاصب.
السادسة: لا يجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم كالشمشك، ويجوز فيما له ساق كالجورب والخف، ويستحب في النعل العربية.
السابعة: كل ما عدا ما ذكرناه يصح الصلاة فيه، بشرط أن يكون مملوكاً أو مأذوناً فيه، وأن يكون طاهراً، وقد بينا حكم الثوب النجس. ويجوز للرجل أن يصلي في ثوب واحد، ولا يجوز للمرأة إلا في ثوبين درع وخمار ساترة جميع جسدها عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين. ويجوز أن يصلي الرجل عرياناً إذا ستر قبله ودبره على كراهية، وإذا لم يجد ثوباً سترهما بما وجده ولو بورق الشجر، ومع عدم ما يستر به يصلي عرياناً قائماً إن كان يأمن أن يراه أحد، وإن لم يأمن صلى جالساً، وفي الحالين يومئ عن الركوع والسجود. والأمة والصبية تصليان بغير خمار، فإن أعتقت الأمة في أثناء الصلاة وجب عليها ستر رأسها، فإن افتقرت إلى فعل كثير استأنفت، وكذا الصبية إذا بلغت في أثناء الصلاة بما لا يبطلها.
الثامنة: تستحب الصلاة في الثياب البيض، ولا تكره في الثياب السود، وتكره في ثوب واحد رقيق للرجال، فإن حكى ما تحته لم يجز.
ويكره أن يأتزر فوق القميص، وأن يشتمل الصماء، أو يصلي في عمامة لا حنك لها، ويكره لبس العمامة بلا حنك مطلقاً. ويكره اللثام للرجل، والنقاب للمرأة وإن منع عن القراءة حرم. وتكره الصلاة في قباء مشدود إلا في الحرب، وأن يؤم بغير رداء، وأن يصحب شيئاً من الحديد بارزاً، وفي ثوب يتهم صاحبه. وأن تصلي المرأة في خلخال له صوت. ويكره الصلاة في ثوب فيه تماثيل، أو خاتم فيه صورة.
المقدمة الخامسة: في مكان المصلي
الصلاة في الأماكن كلها جائزة بشرط أن يكون مملوكاً أو مأذوناً فيه.
والإذن قد يكون بعوض كالأجرة وشبهها، وبالإباحة وهي: إما صريحة كقوله صل فيه، أو بالفحوى كأذنه في الكون فيه، أو بشاهد الحال كما إذا كان هناك إمارة تشهد أن المالك لا يكره.
والمكان المغصوب لا تصح فيه الصلاة للغاصب، ولا لغيره ممن علم الغصب. وإن صلى عامداً عالماً كانت صلاته باطلة، وإن كان ناسياً أو جاهلاً بالغصبية صحت صلاته، ولو كان جاهلاً بتحريم المغصوب لم يعذر. وإذا ضاق الوقت وهو آخذ في الخروج صحت صلاته، ولو صلى ولم يتشاغل بالخروج لم تصح. ولو حصل في ملك غيره بأذنه ثم أمره بالخروج وجب عليه، وإن صلى والحال هذه كانت صلاته باطلة، ويصلي وهو خارج إن كان الوقت ضيقاً. ولا يجوز أن يصلي وإلى جانبه امرأة تصلي أو أمامه، سواء صلت بصلاته أو كانت منفردة، وسواء كانت محرما أو أجنبية. ويزول التحريم إذا كان بينهما حائل أو مقدار عشرة أذرع. ولو كانت وراءه بقدر ما يكون موضع سجودها محاذياً لقدمه سقط المنع. ولو حصلا في موضع لا يتمكنان من التباعد صلى الرجل أولاً، ثم المرأة. ولا بأس أن يصلي في الموضع النجس إذا كانت نجاسته لا تتعدى إلى ثوبه، ولا إلى بدنه، وكان موضع الجبهة طاهراً.
وتكره الصلاة: في الحمام، وبيوت الغائط، ومبارك الإبل، ومساكن النمل، ومجرى المياه، والأرض السبخة، والثلج، وبين المقابر، إلا أن يكون حائل ولو عَنَزَة (خشبة طويلة)، أو بينه وبينها عشرة أذرع. وبيوت النيران، وبيوت الخمور إذا لم تتعد إليه نجاستها، وجواد الطرق، وبيوت المجوس، ولا بأس بالبيع والكنائس.
ويكره: أن تكون بين يديه نار مضرمة، أو تصاوير. وكما تكره الفريضة في جوف الكعبة تكره على سطحها. وتكره في مرابط الخيل، والحمير، والبغال، ولا بأس بمرابض الغنم، وفي بيت فيه مجوسي، ولا بأس باليهودي والنصراني. ويكره بين يديه مصحف مفتوح، أو حائط ينز من بالوعة يبال فيها، ويكره إلى إنسان مواجه إلا أن يكون الحجة على الناس كالإمام u، أو باب مفتوح.
المقدمة السادسة: في ما يسجد عليه
لا يجوز السجود على ما ليس بأرض كالجلود والصوف والشعر والوبر، ولا على ما هو من الأرض إذا كان معدناً كالملح والعقيق والذهب والفضة والقير إلا عند الضرورة، ولا على ما ينبت من الأرض إذا كان مأكولاً كالخبز والفواكه ، أو ملبوساً القطن والكتان. ولا يجوز السجود على الوحل، فإن اضطر أومأ. ويجوز السجود على القرطاس، ويكره إذا كان فيه كتابة. ولا يسجد على شئ من بدنه فإن منعه الحر عن السجود على الأرض سجد على ثوبه، وإن لم يتمكن فعلى كفه.
والذي ذكرناه إنما يعتبر في موضع الجبهة خاصة لا في بقية المساجد، ويراعي فيه أن يكون مملوكاً، أو مأذوناً فيه، وأن يكون خالياً من النجاسة. وإذا كانت النجاسة في موضع محصور كالبيت وشبهه وجهل موضع النجاسة لم يسجد على شئ منه. ويجوز السجود في المواضع المتسعة دفعاً للمشقة.
المقدمة السابعة: في الأذان والإقامة
والنظر في أربعة أشياء:
الأول: فيما يؤذن له ويقام.
وهما واجبان في الصلوات الخمس المفروضة أداء وقضاء، للمنفرد والجامع، للرجل والمرأة لكن يشترط أن تسر به المرأة، ويتأكدان فيما يجهر فيه، وأشدهما في الغداة والمغرب. ولا يؤذن لشيء من النوافل ولا لشيء من الفرائض عدا الخمس، بل يقول المؤذن: الصلاة ثلاثاً.
وقاضي الصلوات الخمس يؤذن لكل واحدة ويقيم، ولو أذن للأولى من ورده ثم أقام للبواقي كفى، وكان دونه في الفضل. ويصلي يوم الجمعة الظهر بأذان وإقامة والعصر بإقامة، وكذا في الظهر والعصر بعرفة. ولو صلى الإمام جماعة وجاء آخرون لم يؤذنوا ولم يقيموا على كراهية، وما دام الأولى لم تتفرق، فإن تفرقت صفوفهم أذن الآخرون وأقاموا. وإذا أذن المنفرد ثم أراد الجماعة يستحب له أعادة الآذان والإقامة.
الثاني : في المؤذن.
ويعتبر فيه: العقل، والإسلام، والإيمان، والذكورة، ولا يشترط البلوغ بل يكفي كونه مميزاً. ويستحب: أن يكون عدلاً صَيِّتاً مبصراً، بصيراً بالأوقات متطهراً قائماً على مرتفع. ولو أذنت المرأة للنساء جاز. ولو صلى منفرداً ولم يؤذن - ساهياً - مضى في صلاته. ويعطى المؤذن الأجرة من بيت المال إذا لم يوجد من يتطوع به.
الثالث: في كيفية الأذان.
ولا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، ويجوز تقديمه على الصبح لكن يجب إعادته بعد طلوعه.
وفصول الأذان هي: التكبير أربع، والشهادة بالتوحيد (أشهد أن لا اله إلا الله)، ثم بالرسالة (أشهد أن محمداً رسول الله)، ثم بالولاية (أشهد أن علياً والأئمة من ولده حجج الله)، ثم بالهداية (أشهد أن المهدي والمهديين من ولده حجج الله)، ثم يقول: حي على الصلاة، ثم حي على الفلاح، ثم حي على خير العمل، والتكبير بعده، ثم التهليل، كل فصل مرتان.
والإقامة فصولها مثنى مثنى، ويزاد فيها: قد قامت الصلاة مرتين، ويسقط من التهليل في آخرها مرة واحدة. والترتيب شرط في صحة الآذان والإقامة.
ويستحب فيهما سبعة أشياء: أن يكون مستقبل القبلة، وأن يقف على أواخر الفصول، ويتأنى في الآذان، ويحدر في الإقامة، وأن لا يتكلم في خلالهما، وأن يفصل بينهما بركعتين أو جلسة أو سجدة إلا في المغرب، فإن الأولى أن يفصل بينهما بخطوة أو سكتة، وأن يرفع الصوت به إذا كان ذكراً، وكل ذلك يتأكد في الإقامة. ويكره الترجيع في الآذان إلا أن يريد الإشعار، وكذا يحرم قول: الصلاة خير من النوم.
الرابع: في أحكام الآذان.
وفيه مسائل:
الأولى: من نام في خلال الآذان أو الإقامة ثم استيقظ استحب له استئنافه، ويجوز له البناء، وكذا إن أغمي عليه.
الثانية: إذا أذن ثم ارتد جاز أن يعتد به ويقيم غيره، ولو ارتد في أثناء الآذان ثم رجع أستأنف.
الثالثة: يستحب لمن سمع الآذان أن يحكيه مع نفسه.
الرابعة: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، كره الكلام كراهية مغلظة إلا ما يتعلق بتدبير المصلين.
الخامسة: يكره للمؤذن أن يلتفت يميناً وشمالاً، لكن يلزم سمت القبلة في أذانه.
السادسة: إذا تشاح الناس في الآذان قدم الأعلم فالأتقى، ومع التساوي يستخار الله بالقرآن.
السابعة: إذا كانوا جماعة جاز أن يؤذنوا جميعاً ، والأفضل إن كان الوقت متسعاً أن يؤذنوا واحداً بعد واحد.
الثامنة: إذا سمع الإمام أذان مؤذن جاز أن يجتزئ به في الجماعة، وإن كان ذلك المؤذن منفرداً.
التاسعة: من أحدث في أثناء الأذان أو الإقامة تطهر وبنى في الأذان، وكذا في الإقامة، والأفضل أن يعيد الإقامة بعد أن يتطهر.
العاشرة: من أحدث في الصلاة تطهر وأعادها، ولا يعيد الإقامة إلا أن يتكلم.
الحادية عشرة: من صلى خلف إمام لا يقتدى به أذن لنفسه وأقام، فإن خشي فوات الصلاة اقتصر على تكبيرتين، وعلى قوله: قد قامت الصلاة. وإن أخل بشيء من فصول الآذان استحب للمأموم أن يتلفظ به.
* * *
الركن الثاني : في أفعال الصلاة
وهي: واجبة ومندوبة، فالواجبات ثمانية:
الأول: النية
وهي ركن في الصلاة، ولو أخل بها عامداً أو ناسياً لم تنعقد صلاته. وحقيقتها: استحضار صفة الصلاة في الذهن، والقصد بها إلى أمور أربعة: الوجوب أو الندب، والقربة، والتعيين، وكونها أداء وقضاء، ولا عبرة باللفظ. ووقتها: عند أول جزء من التكبير. ويجب استمرار حكمها إلى آخر الصلاة، وهو أن لا ينقض النية الأولى. ولو نوى الخروج من الصلاة لم تبطل، وكذا لو نوى أن يفعل ما ينافيها، فإن فعله بطلت. وكذا لو نوى بشئ من أفعال الصلاة الرياء، أو غير الصلاة. ويجوز نقل النية في موارد: كنقل الظهر يوم الجمعة إلى النافلة لمن نسي قراءة الجمعة وقرأ غيرها، وكنقل الفريضة الحاضرة إلى سابقة عليها مع سعة الوقت.
الثاني: تكبيرة الإحرام
وهي ركن، ولا تصح الصلاة من دونها ولو أخل بها نسياناً. وصورتها أن يقول: الله أكبر. ولا تنعقد بمعناها، ولو أخل بحرف منها لم تنعقد صلاته. فإن لم يتمكن من التلفظ بهما كالأعجم لزمه التعلم. ولا يتشاغل بالصلاة مع سعة الوقت، فإن ضاق أحرم بترجمتها. والأخرس ينطق بها بقدر الإمكان، فإن عجز عن النطق أصلاً عقد قلبه بمعناها مع الإشارة. والترتيب فيها واجب، ولو عكس لم تنعقد الصلاة.
ويجب إن يكبر ست تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام فتكون التكبيرات سبع، الأولى هي تكبيرة الافتتاح. ولو كبر ونوى الافتتاح، ثم كبر ونوى الافتتاح بطلت صلاته. وإن كبر ثالثة ونوى الافتتاح انعقدت الصلاة أخيراً، ويكبر بعدها ست تكبيرات. ويجب أن يكبر قائماً فلو كبر قاعداً مع القدرة، أو هو آخذ في القيام لم تنعقد صلاته.
والمسنون فيها أربعة: أن يأتي بلفظ الجلالة من غير مد بين حروفها، وبلفظ أكبر على وزن أفعل، وأن يسمع الإمام من خلفه تلفظه بها، وأن يرفع المصلي يديه إلى أذنيه حيث يرفع طرف الوسطى إلى الأذن، أما الإبهام فيكون منتصب موجه إلى المنحر.
الثالث: القيام
وهو ركن مع القدرة، فمن أخل به عمداً أو سهواً بطلت صلاته. وإذا أمكنه القيام مستقلاً وجب، وإلا وجب أن يعتمد على ما يتمكن معه من القيام، ويجوز الاعتماد على الحائط مع القدرة. ولو قدر على القيام في بعض الصلاة وجب أن يقوم بقدر مكنته، وإلا صلى قاعداً. والقاعد إذا تمكن من القيام إلى الركوع وجب، وإلا ركع جالساً. وإذا عجز عن القعود صلى مضطجعاً، فإن عجز صلى مستلقياً، والأخيران يوميان لركوعهما وسجودهما. ومن عجز عن حالة في أثناء الصلاة انتقل إلى ما دونها مستمراً، كالقائم يعجز فيقعد، أو القاعد يعجز يضطجع، أو المضطجع يعجز فيستلقي، وكذا بالعكس. ومن لا يقدر على السجود يرفع ما يسجد عليه، فإن لم يقدر أومأ.
والمسنون في هذا الفصل شيئان: أن يتربع المصلي قاعداً في حال قراءته ويثني رجليه في حال ركوعه، ويتورك في حال تشهده.
الرابع: القراءة
وهي واجبة، ويتعين بالحمد في كل ثنائية، وفي الأوليين من كل رباعية وثلاثية. ويجب قراءتها أجمع. ولا يصح الصلاة مع الإخلال ولو بحرف واحد منها عمداً حتى التشديد، وكذا إعرابها. والبسملة آية منها، تجب قراءتها معها، ولا يجزي المصلي ترجمتها. ويجب ترتب كلماتها وآيها على الوجه المنقول، فلو خالف عمداً أعاد. وإن كان ناسياً استأنف القراءة ما لم يركع، وإن ركع مضى في صلاته ولو ذكر.
ومن لا يحسنها يجب عليه التعليم، فإن ضاق الوقت قرأ ما تيسر منها أو بسملتها عشرة مرات، وإن تعذر قرأ ما تيسر من غيرها، أو سبح الله وحمد الله وهلّله وكبره بقدر القراءة، ثم يجب عليه التعلم. والأخرس يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه. والمصلي في كل ثالثة ورابعة يقرأ الحمد الإمام والمأموم والمنفرد، فإن تعذر يقرأ البسملة عشرة مرات، فإن تعذر سبح.
وقراءة سورة كاملة بعد الحمد في الأوليين واجب في الفرائض مع سعة الوقت وإمكان التعليم للمختار. ولو قدم السورة على الحمد أعادها أو غيرها بعد الحمد. ولا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئاً من سور العزائم، ولا ما يفوت الوقت بقراءته. ويجوز أن يقرن بين سورتين.
ويجب الجهر بالحمد والسورة في الصبح، وفي أولى المغرب، والعشاء. والاخفات في الظهرين، وثالثة المغرب، والأخريين من العشاء. وأقل الجهر أن يسمعه القريب الصحيح السمع إذا استمع، والاخفات أن يسمع نفسه إن كان يسمع. وليس على النساء جهر.
والمسنون في هذا القسم: الجهر بالبسملة في موضع الاخفات في أول الحمد، وأول السورة، وترتيل القراءة، والوقف على مواضعه، وقراءة سورة بعد الحمد في النوافل. وأن يقرأ في الظهرين والمغرب بالسور القصار ك "القدر" و "الجحد"، وفي العشاء بـ" الأعلى" و "الطارق" وما شاكلهما، وفي الصبح بـ"المدثر" و "المزمل" وما ماثلهما، وفي غداة الاثنين والخميس بـ "هل أتى"، وفي المغرب والعشاء ليلة الجمعة بـ" الجمعة" و "الأعلى"، وفي صبحها بها وبـ" قل هو الله أحد"، وفي الظهرين بها وبـ"المنافقين"، وفي نوافل النهار بالسور القصار ويسر بها، وفي الليل بالطوال ويجهر بها ، ومع ضيق الوقت يخفف وأن يقرأ " قل يا أيها الكافرون " في المواضع السبعة، ولو بدأ بسورة "التوحيد" جاز. ويقرأ في أوليي صلاة الليل ثلاثين مرة "قل هو الله أحد"، وفي البواقي بطوال السور. ويسمع الإمام من خلفه القراءة ما لم يبلغ العلو، كذا الشهادتين استحباباً. وإذا مر المصلي بآية رحمة سألها، أو آية نقمة استعاذ منها.
وها هنا مسائل سبع:
الأولى: لا يجوز قول آمين آخر الحمد .
الثانية: الموالاة في القراءة شرط في صحتها، فلو قرأ في خلالها من غيرها أستأنف القراءة، وكذا لو نوى قطع القراءة وسكت. أما لو سكت في خلال القراءة لا بنية القطع، أو نوى القطع ولم يقطع مضى في صلاته.
الثالثة: "الضحى" و "ألم نشرح" سورة واحدة، وكذا "الفيل" و "لإيلاف" فلا يجوز إفراد إحديهما من صاحبتها في كل ركعة، ولا يفتقر إلى البسملة بينهما.
الرابعة: إن خافت في موضع الجهر أو عكس جاهلاً أو ناسياً لم يعد.
الخامسة: يجزيه عوضاً عن الحمد إذا تعذر عليه قراءتها قراءة بسملتها عشر مرات أو اثنتا عشرة تسبيحة، صورتها: سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ثلاثاً.
السادسة: من قرأ سورة من العزائم في النوافل يجب أن يسجد في موضع السجود وكذا إن قرأ غيره وهو يستمع، ثم ينهض ويقرأ ما تخلف منها ويركع. وإن كان السجود في آخرها يستحب له قراءة الحمد ليركع عن قراءة.
السابعة: المعوذتان من القرآن، ويجوز أن يقرأ بهما في الصلاة فرضها ونفلها.
شرائع الإسلام
(الجزء الأول)
(العبادات)
السيد أحمد الحسن
وصي ورسول ويماني الإمام المهدي
الطبعة الثانية
1431 هـ - 2010 م
لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن
يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي :
أنصار الإمام المهدي (ع) اتباع الإمام احمد الحسن اليماني (ع) - انصار الامام المهدي (ع)
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
هذا الكتاب:
هو (شرائع الإسلام) في مسائل الحلال والحرام، للعالم الفاضل والولي الناصح لآل محمد أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (رحمه الله) وقد بذل ما بوسعه لمعرفة أحكام شريعة الإسلام من روايات الرسول والأئمة ، ولكنه اخطأ في مقام وتردد في آخر لا عن تقصير بل عن قصور لا سبيل له على دفعه.
وقد قمت بتصحيحه وبيان أحكام شريعـة الإسلام بما عرفته من الإمام المهدي u، وبحسب ما أمرني الإمام المهدي u أن أُبين ما يقال وحضر أهله وحان وقته وان أحيل ما لم يحن وقته إلى وقته، ومن يخالف هذه الأحكام فهو يخالف الإمام المهدي u:
﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ الأنبياء:112.
وأعتذر إلى الله ورسوله والإمام المهدي u من التقصير، واسأل الله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر.
يا عظيم إغفر لي الذنب العظيم إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم:
﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ الفتح:1-2.
المذنب المقصر
أحمد الحسن 15 / شعبان / 1426هـ ق
شرائع الإسلام
( الجزء الأول )
• كتاب الطهارة
• كتاب الصلاة
• كتاب الصيام
• كتاب الاعتكاف
كتاب الطهارة
الطهارة: اسم للوضوء أو الغسل أو التيمم على وجه له تأثير في استباحة الصلاة، وكل واحد منها ينقسم إلى: واجب وندب.
فالواجب من الوضوء: ما كان لصلاة واجبة، أو طواف واجب أو لمس كتابة القرآن إن وجب، والمندوب ما عداه.
والواجب من الغسل: ما كان لأحد الأمور الثلاثة، أو لدخول المساجد أو لقراءة العزائم إن وجبا. وقد يجب إذا بقي لطلوع الفجر من يوم يجب صومه بقدر ما يغتسل الجنب، ولصوم المستحاضة إذا غمس دمها القطنة، والمندوب ما عداه.
والواجب من التيمم: ما كان لصلاة واجبة عند تضيق وقتها، وللجنب في أحد المسجدين ليخرج به، والمندوب ما عداه. وقد تجب الطهارة بنذر وشبهه.
وهذا الكتاب يعتمد على أربعة أركان :
الركن الأول : في المياه
فيه أطراف:
الأول: في الماء المطلق
وهو: كل ما يستحق إطلاق اسم الماء عليه من غير إضافة وكله طاهر مزيل للحدث والخبث، وباعتبار وقوع النجاسة فيه ينقسم إلى: جار، ومحقون، وماء بئر.
أما الجاري : فلا ينجس إلا باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه (اللون، أو الطعم، أو الرائحة)، ويطهر بكثرة الماء الطاهر عليه - متدافعاً - حتى يزول تغيره. ويلحق بحكمه ماء الحمام إذا كان له مادة . ولو مازجه طاهر فغيره أو تغير من قبل نفسه لم يخرج عن كونه مطهرا ما دام إطلاق اسم الماء باقياً عليه.
وأما المحقون: فما كان منه دون الكر فإنه ينجس بملاقاة النجاسة، ويطهر بإلقاء كر عليه فما زاد دفعة، ولا يطهر بإتمامه كراً. وما كان منه كراً فصاعداً لا ينجس إلا أن تغير النجاسة أحد أوصافه. ويطهر بإلقاء كر عليه فكر حتى يزول التغير. ولا يطهر بزواله من نفسه، ولا بتصفيق الرياح، ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه تزيل عنه التغير.
والكر: (457 لتر)، أو ما كان كل واحد من طوله وعرضه وعمقه ثلاثة أشبار ونصفاً. ويستوي في هذا الحكم مياه الغدران والحياض والأواني.
وأما ماء البئر: فإنه ينجس بالملاقاة إذا كان ما فيه أقل من كر وماؤه يأتيه بالرشح، أما إذا كان ماؤه يأتيه بالعين المتصلة بمادة الماء الجوفي أو كان ماؤه كراً فما فوق فلا ينجس إلا بتغير أحد أوصافه: اللون أو الطعم أو الرائحة. وطريقة تطهيره: ينزح منه ماء بحسب ما وقع فيه.
1- من موت العصفور إلى الدجاجة (أو ما في حجمها) فيه : بين (10 لتر-100 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله، والعقرب والحية والوزغ ينـزح لها بين (30 لتر-70 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله.
2- من موت الشاة أو الكلب (أو ما في حجمها) فيه: بين (100-460 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله.
3- من الدم أو البول أو العذرة أو المني أو المسكر فيه: بين (70 -460 لتر) بحسب كثرة ما وقع وحاله، فإذا كانت العذرة سائلة أو تفسخت ينـزح (400 لتر)، وإذا كانت جامدة ولم تتفسخ ينزح (100 لتر) بعد إخراجها.
4- من موت الحمار أو البقرة أو الجمل وشبهها فيه بين (460-700 لتر) بحسب حجم الحيوان وحاله.
5- من موت الإنسان ينزح (700 لتر).
فإن بقي في الماء لون أو طعم أو ريح من تفسخ الحيوان أو من دم أو بول أو خمر أو غيره نزح من البئر ماء حتى ينقى الماء وتذهب الريح واللون والطعم التي طرأت من النجاسة.
فروع ثلاثة:
الأول: حكم صغير الإنسان في النزح حكم كبيره.
الثاني: اختلاف أجناس النجاسة موجب لتضاعف النزح، وإن تماثل تضاعف النزح أيضاً.
الثالث: إذا تقطع الحيوان (الكلب وما فوقه) أو تفسخ في البئر نزح جميع مائها، فإن تعذر نزحها لم تطهر إلا بالتراوح أو الضخ يوم إلى الليل، وهذا هو الأفضل حتى فيما دون الكلب.
ويستحب أن يكون بين البئر والبالوعة خمسة أذرع إذا كانت الأرض صلبة، أو كانت البئر فوق البالوعة، وإن لم يكن كذلك فسبع. ولا يحكم بنجاسة البئر إلا أن يعلم وصول ماء البالوعة إليها. وإذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقاً، ولا في الأكل ولا في الشرب إلا عند الضرورة. ولو اشتبه الإناء النجس بالطاهر وجب الامتناع منهما، وإن لم يجد غير مائهما تيمم.
الثاني: في المضاف
وهو كل ما اعتصر من جسم أو مزج به مزجاً يسلبه إطلاق الاسم، وهو طاهر لكن لا يزيل حدثاً ولا خبثاً، ويجوز استعماله فيما عدا ذلك. ومتى لاقته النجاسة نجس قليله وكثيره، ولم يجز استعماله في أكل ولا شرب. ولو مزج طاهره بالمطلق اعتبر في رفع الحدث به إطلاق الاسم عليه.
وتكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في الآنية، وبماء أسخن بالنار في غسل الأموات. والماء المستعمل في غسل الأخباث نجس سواء تغير بالنجاسة أو لم يتغير، عدا ماء الاستنجاء فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقيه نجاسة من خارج. والمستعمل في الوضوء طاهر ومطهر، وما استعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر، ولا يرفع الحدث.
الثالث: في الأسئار
وهي كلها طاهرة عدا سؤر الكلب والخنزير والكافر، والأفضل تجنب سؤر المسوخ.
ومن عدا الخوارج (خوارج النهروان أو من شاكلهم)، والغلاة (الذين يقولون بالألوهية المطلقة لمخلوق)، والنواصب (سواء نصبوا العداء للأئمة أو المهديين أو شيعتهم) من أصناف المسلمين طاهر الجسد والسؤر.
ويكره: سؤر الجلال، وسؤر ما أكل الجيف إذا خلا موضع الملاقاة من عين النجاسة، والحائض التي لا تؤمن، وسؤر البغال والحمر والفأرة والحية والعقرب والوزغ. وينجس الماء بموت الحيوان ذي النفس السائلة، دون ما لا نفس له. وما لا يدرك بالطرف من الدم ينجس الماء.
* * *
الركن الثاني : في الطهارة المائية
وهي: وضوء، وغسل.
وفي الوضوء فصول:
الأول: في الأحداث الموجبة للوضوء
وهي ستة : خروج البول، والغائط، والريح من الموضع المعتاد.
ولو خرج الغائط من الأمعاء الدقيقة لا ينقض ومن الغليظة ينقض. ولو اتفق المخرج في غير الموضع المعتاد نقض، وكذا لو خرج الحدث من جرح ثم صار معتاداً.
والنوم الغالب على الحاستين، وفي معناه كل ما أزال العقل من إغماء أو جنون أو سكر. والإستحاضة القليلة .
ولا ينقض الطهارة مذي، ولا وذي، ولا ودي، ولا دم ولو خرج من أحد السبيلين عدا الدماء الثلاثة (الحيض والنفاس والإستحاضة)، ولا قيء، ولا نخامة، ولا تقليم ظفر، ولا حلق، ولا مس ذَكَر، ولا قُبِل ولا دبر، ولا لمس امرأة، ولا أكل ما مسته النار، ولا ما يخرج من السبيلين إلا أن يخالطه شئ من النواقض.
الثاني: في أحكام الخلوة
وهي ثلاثة:
الأول: في كيفية التخلي.
ويجب فيه ستر العورة، ويستحب ستر البدن. ويحرم استقبال القبلة واستدبارها، ويستوي في ذلك الصحاري والأبنية، ويجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك.
الثاني: في الاستنجاء.
ويجب غسل موضع البول بالماء، ولا يجزي غيره مع القدرة، وأقل ما يجزي غسله مرتين، وغسل مخرج الغائط بالماء حتى يزول العين والأثر، ولا اعتبار بالرائحة.
وإذا تعدى المخرج لم يجز إلا الماء، وإذا لم يتعد كان مخيراً بين الماء والأحجار، والماء أفضل، والجمع أكمل. ولا يجزي أقل من ثلاثة أحجار. ويجب إمرار كل حجر على موضع النجاسة، ويكفي معه إزالة العين دون الأثر. وإذا لم ينق بالثلاثة فلابد من الزيادة حتى ينقى، ولو نقي بدونها أكملها وجوباً. ولا يكفي استعمال الحجر الواحد من ثلاث جهات، ولا يستعمل الحجر المستعمل، ولا الأعيان النجسة، ولا العظم، ولا الروث، ولا المطعوم، ولا صقيل يزلق عن النجاسة، ولو استعمل ذلك لم يطهر.
الثالث: في سنن الخلوة.
وهي: مندوبات ومكروهات.
فالمندوبات: تغطية الرأس والتقنع أفضل، والاستعاذة، والتسمية، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، والاستبراء، والدعاء عند الاستنجاء، وعند الفراغ وتقديم اليمنى عند الخروج والدعاء بعده.
والمكروهات: الجلوس في الشوارع، والمشارع، وتحت الأشجار المثمرة، ومواطن النزال، ومواضع اللعن، واستقبال الشمس والقمر بفرجه، أو الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء واقفا وجارياً، والأكل والشرب والسواك، والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله سبحانه أو اسم نبي أو وصي أو الزهراء ، والكلام إلا بذكر الله تعالى، أو آية الكرسي، أو حاجة يضر فوتها.
الثالث: في كيفية الوضوء
وفروضه خمسة:
الفرض الأول: النية.
وهي: إرادة تفعل بالقلب. وكيفيتها: أن ينوي الوضوء قربة إلى الله تعالى وطلباً لطهارة الباطن. ولا يجب نية رفع الحدث، أو استباحة شئ مما يشترط فيه الطهارة أو الوجوب أو الندب. ولا تعتبر النية في طهارة الثياب، ولا غير ذلك مما يقصد به رفع الخبث. ولو ضم إلى نية التقرب إرادة التبرد أو غير ذلك كانت طهارته مجزية. ووقت النية عند غسل الكفين، وتتضيق عند غسل الوجه، ويجب استدامة حكمها إلى الفراغ.
تفريع: إذا اجتمعت أسباب مختلفة توجب الوضوء كفى وضوء واحد بنية التقرب ولا يفتقر إلى تعيين الحدث الذي يتطهر منه، وكذا لو كان عليه أغسال.
الفرض الثاني: غسل الوجه.
وهو ما بين منابت الشعر في مقدم الرأس إلى طرف الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإبهام والوسطى عرضاً، وما خرج عن ذلك فليس من الوجه. ولا عبرة بالأنزع، ولا بالأغم، ولا بمن تجاوزت أصابعه العذار أو قصرت عنه، بل يرجع كل منهم إلى مستوي الخلقة فيغسل ما يغسله.
ويجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن، ولو غسل منكوساً لم يجز. ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية، ولا تخليلها بل يغسل الظاهر. ولو نبت للمرأة لحية لم يجب تخليلها، وكفى إفاضة الماء على ظاهرها.
الفرض الثالث: غسل اليدين.
والواجب: غسل الذراعين، والمرفقين، والابتداء من المرفق. ولو غسل منكوساً لم يجز ويجب البدء باليمنى. ومن قطع بعض يده غسل ما بقي من المرفق، فإن قطعت من المرفق سقط فرض غسلها. ولو كان له ذراعان دون المرفق، أو أصابع زائدة، أو لحم نابت وجب غسل الجميع، ولو كان فوق المرفق لم يجب غسله، ولو كان له يد زائدة وجب غسلها.
الفرض الرابع: مسح الرأس.
والواجب منه: ما يسمى به ماسحاً، والمندوب: مقدار ثلاث أصابع عرضاً. ويختص المسح بمقدم الرأس، ويجب أن يكون بنداوة الوضوء، ولا يجوز استئناف ماء جديد له. ولو جف ما على يديه أخذ من لحيته أو أشفار عينيه، فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء. والأفضل مسح الرأس مقبلاً ويكره مدبراً. ولو غسل موضع المسح لم يجز. ويجوز المسح على الشعر المختص بالمقدم وعلى البشرة. ولو جمع عليه شعراً من غيره ومسح عليه لم يجز، وكذلك لو مسح على العمامة أو غيرها مما يستر موضع المسح.
الفرض الخامس: مسح الرجلين.
ويجب: مسح القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما قبتا القدمين ويجوز منكوساً، وليس بين الرجلين ترتيب. وإذا قطع بعض موضع المسح مسح على ما بقي، ولو قطع من الكعب سقط المسح على القدم. ويجب: المسح على بشرة القدم، ولا يجوز على حائل من خف أو غيره. ويجب أن يمسح بكفه كلها على قدمه مع القدرة، ولا يجب أن يكون كل جزء من الكف ماسح على القدم ، بل أن تمر الكف على القدم.
مسائل ثمان:
الأولى: الترتيب واجب في الوضوء يبدأ غسل الوجه قبل اليمنى، واليسرى بعدها ومسح الرأس ثالثاً، والرجلين أخيراً. فلو خالف أعاد الوضوء - عمداً كان أو نسياناً - إن كان قد جف الوضوء، وإن كان البلل باقياً أعاد على ما يحصل معه الترتيب.
الثانية: الموالاة واجبة، وهي: أن لا يفصل بين الغسلتين والمسحتين بفاصل يخرجها عرفاً عن كونها عمل واحد وهو الوضوء، فإذا غسل وجهه بادر إلى غسل يديه ثم بادر إلى مسح رأسه ثم بادر إلى مسح رجليه دون تواني أو إهمال.
الثالثة: الفرض في الغسلات مرة واحدة، والثانية سنة، والثالثة بدعة، وليس في المسح تكرار.
الرابعة: يجزي في الغسل ما يسمى به غاسلاً وإن كان مثل الدهن. ومن كان في يده خاتم أو سير فعليه إيصال الماء إلى ما تحته، وإن كان واسعاً استحب له تحريكه.
الخامسة: من كان على بعض أعضاء طهارته جبائر فإن أمكنه نزعها أو تكرار الماء عليها حتى يصل إلى البشرة وجب، وإلا أجزاه المسح عليها سواء كان ما تحتها طاهراً أو نجساً، وإذا زال العذر استأنف الطهارة.
السادسة: لا يجوز أن يتولى وضوءه غيره مع الاختيار، ويجوز عند الاضطرار.
السابعة: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، ويجوز له أن يمس ما عدا الكتابة.
الثامنة: دائم الحدث (من به سلس، من به البطن) إذا كان له وقت يكفي للصلاة صلى فيه، وإلا جدد وضوءه في الصلاة وأتمها، وإن تعسر عليه تطهير الخبث في الصلاة يكفيه التطهر من الحدث.
وسنن الوضوء هي: وضع الإناء على اليمين والاغتراف بها، والتسمية والدعاء، وغسل اليدين قبل إدخالهم الإناء من حدث النوم أو البول مرة ومن الغائط مرتين، والمضمضة والاستنشاق، والدعاء عندهما وعند غسل الوجه واليدين وعند مسح الرأس والرجلين، وأن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه وفي الثانية بباطنهما، والمرأة بالعكس، وأن يكون الوضوء بمد. ويكره: أن يستعين في طهارته، وأن يمسح بلل الوضوء عن أعضائه.
الرابع: في أحكام الوضوء
من تيقن الحدث وشك في الطهارة، أو تيقنهما وشك في المتأخر تطهر. وكذا لو تيقن ترك عضو أتى به وبما بعده، وإن جف البلل استأنف. وإن شك في شئ من أفعال الطهارة وهو على حاله أتى بما شك فيه ثم بما بعده. ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث أو في شئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه لم يعد.
ومن ترك غسل موضع النجو أو البول وصلى أعاد الصلاة عامداً كان أو ناسياً أو جاهلاً.
ومن جدد وضوءه بنية الندب، ثم صلى وذكر أنه أخل بعضو من إحدى الطهارتين فالطهارة والصلاة صحيحتان، ولو صلى بكل واحدة منهما صلاة أعاد الأولى فقط. ولو أحدث عقيب طهارة منهما ولم يعلمها بعينها أعاد الصلاتين إن اختلفتا عدداً، وإلا فصلاة واحدة ينوي بها ما في ذمته. وكذا لو صلى بطهارة ثم أحدث وجدد طهارة ثم صلى أخرى، وذكر أنه أخل بواجب من إحدى الطهارتين.
ولو صلى الخمس بخمس طهارات وتيقن أنه أحدث عقيب إحدى الطهارات أعاد ثلاث فرائض: ثلاثاً واثنتين وأربعاً.
وأما الغسل: ففيه: الواجب والمندوب.
فالواجب ستة أغسال: غسل الجنابة، والحيض، والإستحاضة التي تثقب الكرسف، والنفاس، ومس الأموات من الناس قبل تغسيلهم وبعد بردهم، وغسل الأموات.
وبيان ذلك في خمسة فصول:
الفصل الأول: في الجنابة
والنظر في: السبب، والحكم، والغسل.
أما سبب الجنابة، فأمران:
الإنزال: إذا علم أن الخارج مني، فإن حصل ما يشتبه به وكان دافقاً يقارنه الشهوة وفتور الجسد وجب الغسل، ولو كان مريضاً كفت الشهوة وفتور الجسد في وجوبه. ولو تجرد عن الشهوة والدفق - مع اشتباهه - لم يجب. وإن وجد على ثوبه أو جسده منياً وجب الغسل إذا لم يشركه في الثوب غيره، والمرأة كذلك إذا أمنت تغتسل.
والجماع: فإن جامع امرأة في قبلها والتقى الختانان وجب الغسل وإن كانت الموطوءة ميتة، وإن جامع في الدبر ولم ينزل وجب الغسل. ولو عمل بعمل قوم لوط (لعنة الله عليهم وعلى من يعمل عملهم) ولم ينزل يجب الغسل، ويجب الغسل بوطء بهيمة إذا لم ينزل.
تفريع: الغسل يجب على الكافر عند حصول سببه، لكن لا يصح منه في حال كفره، فإذا أسلم وجب عليه ويصح منه. ولو اغتسل ثم ارتد ثم عاد لم يبطل غسله.
وأما الحكم: فيحرم عليه: قراءة كل واحدة من العزائم وقراءة بعضها حتى البسملة إذا نوى بها إحداها، ومس كتابة القرآن أو شئ عليه اسم الله تعالى سبحانه أو اسم نبي أو وصي، والجلوس في المساجد، ووضع شئ فيها، والجواز في المسجد الحرام أو مسجد النبي خاصة. ولو أجنب فيهما لم يقطعهما إلا بالتيمم.
ويكره له: الأكل والشرب، وتخفف الكراهة بالمضمضة والاستنشاق، وقراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، وأشد من ذلك قراءة سبعين وما زاد أغلظ كراهية، ومس المصحف، والنوم حتى يغتسل أو يتوضأ أو يتيمم ، والخضاب.
وأما الغسل: فواجباته خمس: النية، واستدامة حكمها إلى آخر الغسل. وغسل البشرة بما يسمى غسلاً، وتخليل ما لا يصل إليه الماء إلا به. والترتيب: يبدأ بالرأس ثم الجسد، والأفضل البدء بالجانب الأيمن ثم الأيسر ولا يجب فيهما الترتيب، ويسقط الترتيب بارتماسة واحدة.
وسنن الغسل: تقديم النية عند غسل اليدين، وتتضيق عند غسل الرأس، وإمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل إليه الماء استظهاراً، والبول أمام الغسل والاستبراء، وكيفيته: أن يمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثاً، ومنه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، وينتره ثلاثاً. وغسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء، والمضمضة والاستنشاق، والغسل بصاع (3 لتر ماء).
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا رأى المغتسل بللاً مشتبهاً بعد الغسل، فإن كان قد بال أو استبرأ لم يعد، وإلا كان عليه الإعادة.
الثانية: إذا غسل بعض أعضائه ثم أحدث يعيد الغسل من رأس، ودائم الحدث يضم إليه الوضوء إذا لم يكن لديه وقت يكفي للغسل دون أن يتخلله حدث.
الثالثة: لا يجوز أن يغسله غيره مع الإمكان، ويكره أن يستعين فيه.
الفصل الثاني: في الحيض
وهو يشتمل على: بيانه، وما يتعلق به.
أما الأول: فالحيض: الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة، ولقليله حد. وفي الأغلب يكون أسوداً غليظاً حاراً يخرج بحرقة. وقد يشتبه بدم العذرة فتعتبر بالقطنة، فإن خرجت مطوقة فهو العذرة. وكل ما تراه الصبية قبل بلوغها تسعاً فليس بحيض.
وأقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة، وكذا أقل الطهر، ولا حد لأكثره. ويشترط التوالي في الثلاثة. وما تراه المرأة بعد يأسها لا يكون حيضاً. وتيأس المرأة القرشية ببلوغ ستين، وغير القرشية ببلوغ خمسين سنة.
وكل دم رأته المرأة دون الثلاثة فليس بحيض مبتدئة كانت أو ذات عادة. وما تراه من الثلاثة إلى العشرة مما يمكن أن يكون حيضاً فهو حيض، [سواء] تجانس أو اختلف. وتصير المرأة ذات عادة بأن ترى الدم دفعة، ثم ينقطع على أقل الطهر فصاعداً، ثم تراه ثانياً بمثل تلك العدة، ولا عبرة باختلاف لون الدم.
مسائل خمس:
الأولى: ذات العادة تترك الصلاة والصوم برؤية الدم. والمبتدئة إن اطمأنت أنه حيض تترك العبادة، وإلا فلا تترك العبادة حتى تمضي لها ثلاثة أيام.
الثانية: لو رأت الدم ثلاثة أيام ثم انقطع ورأت قبل العاشر كان الكل حيضاً، ولو تجاوز العشرة رجعت إلى التفصيل الذي نذكره. ولو تأخر بمقدار عشرة أيام ثم رأته كان الأول حيضاً منفرداً، والثاني يمكن أن يكون حيضا مستأنفاً.
الثالثة: إذا انقطع الدم لدون عشرة فعليها الاستبراء بالقطنة، فإن خرجت نقية اغتسلت، وإن كانت متلطخة صبرت المبتدئة حتى تنقى أو تمضي لها عشرة أيام. وذات العادة تغتسل بعد ثلاثة أيام من عادتها، فإن استمر إلى العاشر وانقطع قضت ما فعلته من صوم، وإن تجاوز كان ما أتت به مجزياً.
الرابعة: إذا طهرت جاز لزوجها وطؤها قبل الغسل على كراهية.
الخامسة: إذا دخل وقت الصلاة فحاضت وقد مضى مقدار الطهارة والصلاة وجب عليها القضاء، وإن كان قبل ذاك لم يجب، وإن طهرت قبل آخر الوقت بمقدار الطهارة وأداء ركعة وجب عليها الأداء ومع الإخلال القضاء.
وأما ما يتعلق به ، فثمانية أشياء:
الأول: يحرم عليها كل ما يشترط فيه الطهارة، كالصلاة والطواف ومس كتابة القرآن. ويكره حمل المصحف ولمس هامشه. ولو تطهرت لم يرتفع حدثها.
الثاني: لا يصح منها الصوم .
الثالث: لا يجوز لها الجلوس في المسجد، ويكره الجواز فيه.
الرابع: لا يجوز لها قراءة شئ من العزائم، ويكره لها ما عدا ذلك، وتسجد لو تلت السجدة، وكذا إن استمعت.
الخامس: يحرم على زوجها وطؤها حتى تطهر، ويجوز له الاستمتاع بما عدا القبل. فإن وطأها عامداً عالماً وجب عليه الكفارة، والكفارة: في أوله دينار (أي مثقال ذهب عيار 18 حبة)، وفي وسطه نصف دينار، وفي آخره ربع دينار. ولو تكرر منه الوطء في وقت لا تختلف فيه الكفارة لم تتكرر، وإن اختلفت تكررت.
السادس: لا يصح طلاقها إذا كانت مدخولاً بها، وزوجها حاضر معها.
السابع: إذا طهرت وجب عليها الغسـل، وكيفيته مثل غسل الجنابـة، ويستحب معـه
الوضوء قبله أو بعده، ويجب قضاء الصوم دون الصلاة.
الثامن: يستحب أن تتوضأ في وقت كل صلاة، وتجلس في مصلاها بمقدار زمان صلاتها ذاكرة الله تعالى، ويكره لها الخضاب.
الفصل الثالث: في الاستحاضة
وهو يشتمل على: أقسامها، وأحكامها.
أما الأول: فدم الاستحاضة - في الأغلب - أصفر بارد رقيق يخرج بفتور. وقد يتفق مثل هذا الوصف حيضاً، إذ الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وفي أيام الطهر طهر. وكل دم تراه المرأة أقل من ثلاثة أيام ولم يكن دم قرح ولا جرح فهو استحاضة. وكذا كل ما يزيد عن العادة ويتجاوز العشرة، أو يزيد عن أكثر أيام النفاس ولا يحمل صفة دم الحيض، أو يكون مع الحمل، أو مع اليأس أو قبل البلوغ.
وإذا تجاوز الدم عشرة أيام وهي ممن تحيض فقد امتزج حيضها بطهرها، فهي: إما مبتدئة، وأما ذات عادة مستقرة، أو مضطربة.
فالمبتدئة: ترجع إلى اعتبار الدم، فما شابه دم الحيض فهو حيض، وما شابه دم الاستحاضة فهو استحاضة بشرط أن يكون ما شابه دم الحيض لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة. فإن نقص أو زاد، أو كان لونه لوناً واحداً، أو لم يحصل فيه شريطتا التميز رجعت إلى عادة نسائها إن اتفقن، فإن كن مختلفات جعلت حيضها في كل شهر سبعة أيام.
وذات العادة: أ- تجعل عادتها حيضاً وما سواه استحاضة، فإن اجتمع لها مع العادة تميز تعمل على العادة.
وها هنا مسائل:
الأولى: إذا كانت عادتها مستقرة عدداً ووقتاً فرأت ذلك العدد متقدماً على ذلك الوقت أو متأخراً عنه تحيضت بالعدد وألقت الوقت ، لأن العادة تتقدم وتتأخر، سواء رأته بصفة دم الحيض أو لم يكن.
الثانية: لو رأت الدم قبل العادة وفي العادة، فإن لم يتجاوز العشرة فالكل حيض، وإن تجاوز جعلت العادة حيضاً، وكان ما تقدمها إستحاضة. وكذا لو رأت في وقت العادة وبعدها. ولو رأت قبل العادة وفي العادة وبعدها، فإن لم يتجاوز العشرة فالجميع حيض، وإن زاد على العشرة فالحيض وقت العادة والطرفان إستحاضة.
الثالثة: لو كانت عادتها في كل شهر مرة واحدة عدداً معيناً، فرأت في شهر مرتين بعدد أيام العادة ويفصل بينهما أقل الطهر أو أكثر كان ذلك حيضاً، ولو جاء في كل مرة أزيد من العادة لكان حيضاً إذا لم يتجاوز العشرة، فإن تجاوز تحيضت بقدر عادتها وكان الباقي إستحاضة.
والمضطربة العادة ترجع إلى التميّز فتعمل عليه، فإن إطمأنت من الصفات أنه حيض تركت العبادة، وإلا فلا تترك الصلاة إلا بعد مضي ثلاثة أيام وتطمئن أنه حيض، فإن فقد التميّز فهنا مسائل ثلاث:
الأولى: لو ذكرت العدد ونسيت الوقت تجعل أول أيام الدم حيض بعدد أيامها والباقي إستحاضة.
الثانية: لو ذكرت الوقت ونسيت العدد، فإن ذكرت أول حيضها أكملته بعدد نسائها إن اتفقن وسبعة أيام إن اختلفن، وإن ذكرت آخره جعلته نهاية عدد نسائها إن اتفقن ونهاية سبعة أيام إن اختلفن، وعملت في بقية الزمان ما تعمله المستحاضة، وتقضي صوم الأيام التي جعلتها حيضاً فقط.
الثالثة: لو نسيتهما جميعاً، فهذه تتحيض في كل شهر بعدد أيام نسائها إن اتفقن، وبسبعة أيام إن اختلفن ما دام الاشتباه باقياً.
وأما أحكامها، فنقول:
دم الإستحاضة إما أن لا يثقب الكرسف (لا تمتلئ القطنة دماً)، أو يثقبه ولا يسيل، أو يسيل.
وفي الأول: يلزمها تغيير القطنة، وتجديد الوضوء عند كل صلاة، ولها أن تجمع بين الصلاتين بوضوء واحد.
وفي الثاني: يلزمها مع تغيير القطنة تغيير الخرقة، والغسل لصلاة الغداة (الفجر).
وفي الثالث: يلزمها مع ذلك غسلان، غسل للظهر والعصر تجمع بينهما، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما، وإذا فعلت ذلك صارت بحكم الطاهرة، وإن أخلت بذلك لم تصح صلاتها. وإن أخلت بالأغسال لم يصح صومها.
الفصل الرابع: في النفاس
النفاس: دم الولادة، وليس لقليله حد، فجاز أن يكون لحظة واحدة. ولو ولدت ولم تر دماً لم يكن لها نفاس. ولو رأت قبل الولادة كان طهراً. وأكثر النفاس عشرة أيام. ولو كانت حاملا بإثنين وتراخت ولادة أحدهما كان ابتداء نفاسها من وضع الأول، وعدد أيامها من وضع الأخير.
ولو ولدت ولم تر دماً ثم رأت في العاشر كان ذلك نفاساً. ولو رأت عقيب الولادة ثم طهرت ثم رأت العاشر أو قبله كان الدمان وما بينهما نفاساً. وإذا استمر الدم بعد العاشر فإن تميز بأوصاف الإستحاضة فهو إستحاضة، وإلا فهو حيض. فإن كانت ذات عادة عددية تحيضت بعدد أيامها، وإلا فبعدد نسائها أو سبعة أيام، فإن استمر الدم استظهرت بثلاثة أيام ثم ما بعدها إستحاضة.
ويحرم على النفساء ما يحرم على الحائض، وكذا ما يكره، ولا يصح طلاقها. وغسلها كغسل الحائض سواء.
الفصل الخامس: في أحكام الأموات
وهي خمسة:
الأول: في الاحتضار.
ويجب فيه: توجيه الميت إلى القبلة بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إلى القبلة، وهو فرض على الكفاية.
ويستحب تلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبي والأئمة والمهديين ، وكلمات الفرج، ونقله إلى مصلاه، ويكون عنده مصباح إن مات ليلاً، ومن يقرأ القرآن. وإذا مات غمضت عيناه، وأطبق فوه، ومدت يداه إلى جنبيه، وغطي بثوب. ويعجل تجهيزه إلا أن يكون حالة مشبهة، فيستبرأ بعلامات الموت أو يصبر عليه ثلاثة أيام.
ويكره: أن يطرح على بطنه حديد، وأن يحضره جنب أو حائض.
الثاني : في التغسيل.
وهو فرض على الكفاية، وكذا تكفينه ودفنه والصلاة عليه، وأولى الناس به أولاهم بميراثه. وإذا كان الأولياء رجالاً ونساء فالرجال أولى، والزوج أولى بالمرأة من كل أحد في أحكامها كلها.
ويجوز أن يغسل الكافر المسلم إذا لم يحضره مسلم ولا مسلمة ذات رحم (محرمة)، وكذا تغسل الكافرة المسلمة إذا لم تكن مسلمة ولا ذو رحم (محرم). ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب ويكشف الوجه والكفين وظاهر وباطن القدمين إذا لم تكن مسلمة. وكذا المرأة ويُكشف صدره فوق السرة ورجليه دون الركبة. ولا يغسل الرجل من ليست له بمحرم إلا ولها دون ثلاث سنين، وكذا المرأة تغسل من له دون خمس سنين، ويغسلها مجردة وتغسله مجرد.
وكل مظهر للشهادتين وإن لم يكن معتقداً للحق يجوز تغسيله، عدا الخوارج والغلاة والنواصب. والشهيد الذي قتل بين يدي الإمام ومات في المعركة لا يغسل ولا يكفن، ويصلى عليه. وكذا من وجب عليه القتل يؤمر بالاغتسال قبل قتله، ثم لا يغسل بعد ذلك.
وإذا وجد بعض الميت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده غسل وكفن وصلي عليه ودفن، وإن لم يكن وكان فيه عظم غسل ولف في خرقة ودفن، وكذا السقط إذا ولجته الروح أو كان له أربعة أشهر فصاعداً. وإن لم يكن فيه عظم اقتصر على لفه في خرقة ودفنه، وكذا السقط إذا لم تلجه الروح. وإذا لم يحضر الميت مسلم ولا كافر ولا محرم من النساء فلا تقربه الكافرة، وتصب المسلمة عليه الماء صباً من وراء ثيابه فوق سرته وتحت ركبتيه، ويحنط بالكافور ويدفن. أما الميتة فيصب عليها المسلم من غير المحارم الماء على وجهها ويديها وقدميها فقط، وتحنط بالكافور وتدفن.
ويجب: إزالة النجاسة من بدنه أولاً، ثم يغسل بماء السدر يبدأ برأسه، ثم بجانبه الأيمن ثم الأيسر، وأقل ما يلقى في الماء من السدر ما يقع عليه الاسم. وبعده بماء الكافور على الصفة المذكورة، وبماء القراح أخيراً كما يغسل من الجنابة. ووضوء الميت مستحب وليس بواجب. ولا يجوز الاقتصار على أقل من الغسلات المذكورة إلا عند الضرورة. ولو عدم الكافور والسدر غسل بالماء القراح مرة واحدة، والثلاث أفضل. ولو خيف من تغسيله تناثر جلده كالمحترق والمجدور يتيمم بالتراب كما يتيمم الحي العاجز.
وسنن الغسل: أن يوضع على ساجة مستقبل القبلة، وأن يغسل تحت الظلال، وأن يجعل للماء حفيرة، ويكره إرساله في الكنيف ولا بأس بالبالوعة، وأن يفتق قميصه وينزع من تحته، وتستر عورته، وتلين أصابعه برفق، ويغسل رأسه برغوة السدر أمام الغسل، ويغسل فرجه بالسدر والحرض (الإشنان) أو الصابون الخالي من العطر ويغسل يداه، ويبدأ بشق رأسه الأيمن، ويغسل كل عضو منه ثلاث مرات في كل غسلة، ويمسح بطنه في الغسلتين الاولتين، إلا أن يكون الميت المرأة حاملاً. وأن يكون الغاسل منه على الجانب الأيمن، ويغسل الغاسل يديه مع كل غسلة، ثم ينشفه بثوب بعد الفراغ.
ويكره: أن يجعل الميت بين رجليه، وأن يقعده، وأن يقص أظفاره، وأن يرجل شعره، وأن يغسل مخالفاً، فإن اضطر غسله غسل أهل الخلاف.
الثالث: في تكفينه.
ويجب أن يكفن في ثلاثة أقطاع مئزر وقميص وإزار، ويجزي عند الضرورة قطعة. ولا يجوز التكفين بالحرير. ويجب أن يمسح مساجده بما تيسر من الكافور، إلا أن يكون الميت محرماً ، فلا يقربه الكافور. وأقل الفضل في مقدار درهم، وأفضل منه أربعة دراهم، وأكمله ثلاثة عشر درهما وثلثاً. وعند الضرورة يدفن بغير كافور. ولا يجوز تطيبه بغير الكافور والذريرة.
وسنن هذا القسم: أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه، أو يتوضأ وضوء الصلاة وأن يزاد للرجل حبرة عبرية غير مطرزة بالذهب، وخرقة لفخذيه، ويكون طولها ثلاثة أذرع ونصفاً في عرض شبر تقريباً، فيشد طرفاها على حقويه ويلف بما استرسل منها فخذاه لفاً شديداً بعد أن يجعل بين إليتيه شئ من القطن، وإن خشي خروج شئ فلا بأس أن يحشى في دبره قطناً. وعمامة يعمم بها محنكاً يلف رأسه بها لفاً ويخرج طرفاها من تحت الحنك ويلقيان على صدره. وتزاد المرأة على كفن الرجل لفافة لثدييها ونمطاً، ويوضع لها بدلاً من العمامة قناع. وأن يكون الكفن قطناً، وتنثر على الحبرة واللفافة والقميص ذريرة، وتكون الحبرة فوق اللفافة والقميص باطنها، ويكتب على الحبرة والقميص والأزار والجريدتين اسمه وأنه يشهد الشهادتين، وإن ذكر الأئمة والمهديين وعددهم إلى آخرهم كان حسناً. ويذكر صاحبه الذي به يعد من أهل الإسلام لا من أهل الجاهلية، ويكون ذلك بتربة الحسين u، فإن لم توجد فبالأصبع. وإن فقدت الحبرة يجعل بدلها لفافة أخرى. وأن يخاط الكفن بخيوط منه، ولا يبل بالريق، ويجعل معه جريدتان من سعف النخل، فإن لم يوجد فمن السدر، فإن لم يوجد فمن الخلاف، وإلا فمن شجر رطب. ويجعل إحداهما من الجانب الأيمن مع ترقوته يلصقها بجلده، والأخرى من الجانب اليسار بين القميص والإزار، وأن يسحق الكافور بيده، ويجعل ما يفضل عن مساجده على صدره. وأن يطوي جانب اللفافة الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر.
ويكره: تكفينه في الكتان، وأن يعمل للأكفان المبتدئة أكمام، وأن يكتب عليها بالسواد، وأن يجعل في سمعه أو بصره شئ من الكافور.
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا خرج من الميت نجاسة بعد تكفينه، فإن لاقت جسده غسلت بالماء وإن لاقت كفنه فكذلك، إلا أن يكون بعد طرحه في القبر فإنها تقرض.
الثانية: كفن المرأة على زوجها وإن كانت ذات مال، لكن لا يلزمه زيادة على الواجب. ويؤخذ كفن الرجل عن أصل تركته مقدماً على الديون والوصايا، فإن لم يكن له كفن لم يدفن عرياناً بل يجب على المسلمين بذل الكفن، بل ويستحب ما يحتاج إليه الميت من سدر وكافور وغيره.
الثالثة: إذا سقط من الميت شئ من شعره أو جسده، وجب أن يطرح معه في كفنه.
الرابع: في مواراته في الأرض.
وله مقدمات مسنونة كلها: أن يمشي المشيع وراء الجنازة، أو أحد جانبيها، وأن يربع الجنازة، ويبدأ بمقدمها الأيمن، ثم يدور من ورائها إلى الجانب الأيسر، وأن يعلم المؤمنون بموت المؤمن، وأن يقول المشاهد للجنازة: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم، وأن يضع الجنازة على الأرض إذا وصل القبر مما يلي رجليه والمرأة مما يلي القبلة، وأن ينقله في ثلاث دفعات، وأن يرسله إلى القبر سابقاً برأسه، والمرأة عرضاً، وأن ينزل من يتناوله حافياً، ويكشف رأسه، ويحل أزراره.
ويكره أن يتولى ذلك الأقارب، إلا في المرأة فيتولى أمرها زوجها أو محارمها. ويستحب أن يدعو عند إنزاله القبر.
وفي الدفن فروض وسنن، فالفروض: أن يوارى في الأرض مع القدرة. وراكب البحر يلقى فيه، إما مثقلاً أو مستوراً في وعاء كالخابية أو شبهها، مع تعذر الوصول إلى البر. وأن يضجعه على جانبه الأيمن مستقبل القبلة، إلا أن يكون امرأة غير مسلمة حاملاً من مسلم، فيستدبر بها القبلة.
والسنن: أن يحفر القبر قدر القامة أو إلى الترقوة، ويجعل له لحد مما يلي القبلة، ويحل عقد الأكفان من قبل رأسه ورجليه، ويجعل معه شئ من تربة الحسين u، ويلقنه ويدعو له، ثم يشرج اللبن، ويخرج من قبل رجل القبر، ويهيل الحاضرون عليه التراب بظهور الأكف قائلين: إنا لله وإنا إليه راجعون. ويرفع القبر مقدار أربع أصابع، ويربع، ويصب عليه الماء من قبل رأسه ثم يدور عليه، فإن فضل من الماء شئ ألقاه على وسط القبر. ويوضع اليد على القبر ويترحم على الميت، ويلقنه الولي بعد انصراف الناس عنه بأرفع صوته. والتعزية مستحبة وهي جائزة قبل الدفن وبعده، ويكفي أن يراه صاحبها.
ويكره: فرش القبر بالساج إلا عند الضرورة، وأن يهيل ذو الرحم على رحمه، وتجصيص القبور وتجديدها، ودفن الميتين في قبر واحد، وأن ينقل الميت من بلد إلى بلد آخر إلا إلى أحد المشاهد، وأن يستند إلى القبر أو يمشي عليه.
الخامس: في اللواحق.
وهي مسائل أربع:
الأولى: لا يجوز نبش القبر، ولا نقل الموتى بعد دفنهم، ولا شق الثوب على غير الأب والأخ.
الثانية: الشهيد يدفن بثيابه، وينزع عنه الفرو والخفان، أصابهما الدم أو لم يصبهما، ولا فرق بين أن يقتل بحديد أو بغيره.
الثالثة: حكم الصبي والمجنون إذا قتلا شهيدين حكم البالغ العاقل.
الرابعة: إذا مات ولد الحامل قطع واخرج، وإن ماتت هي دونه شق جوفها من الجانب الأيسر وانتزع، وخيط الموضع.
وأما الأغسال المسنونة، فمنها ثلاثون غسلاً، سبعة عشر للوقت وهي: غسل يوم الجمعة، ووقته: ما بين طلوع الفجر إلى زوال الشمس، وكلما قرب من الزوال كان أفضل. ويجوز تعجيله يوم الخميس لمن خاف عوز الماء أو تأخيره بعد الزوال يوم الجمعة، وقضاؤه يوم السبت.
وستة في شهر رمضان: أول ليلة منه، وليلة النصف، وسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة الفطر. ويومي العيدين، ويوم عرفة، وليلة النصف من يوم رجب، ويوم السابع والعشرين منه، وليلة النصف من الشعبان، ويوم الغدير، والمباهلة، ويوم التروية.
وثمانية للفعل، وهي: غسل الإحرام، وغسل زيارة النبي والأئمة ، وغسل المفرط في صلاة الكسوف (والآيات) إذا أراد قضاءها، وغسل التوبة سواء كان عن فسق أو كفر، وصلاة الحاجة، وصلاة الاستخارة، وصلاة الاستسقاء.
وخمسة للمكان، وهي: غسل دخول الحرم، والمسجد الحرام، والكعبة، والمدينة، ومسجد النبي .
مسائل أربع:
الأولى: ما يستحب للفعل والمكان يقدم عليهما، وما يستحب للزمان يكون بعد دخوله.
الثانية: إذا اجتمعت أغسال مندوبة تكفي نية القربة.
الثالثة والرابعة: يستحب غسل من سعى إلى مصلوب ليراه عامداً بعد ثلاثة أيام، وغسل المولود مستحب.
وكل هذه الأغسال مجزية عن الوضوء. والأفضل ذكر اسم الله أثناء الغسل وبعده ويقول: اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين الطيبين الطاهرين، وطهر قلبي من الشك والشرك والظلمة والخبائث.
* * *
الركن الثالث : في الطهارة الترابية
والنظر في: أطراف أربعة
الأول: في ما يصح معه التيمم
وهو ضروب:
الأول: عدم الماء. ويجب عنده الطلب ، فيضرب (1000 متر) في كل جهة من الجهات الأربع إن كانت الأرض سهلة، و (500 متر) إن كانت حزنة. ولو أخل بالضرب حتى ضاق الوقت أخطأ، وصح تيممه وصلاته. ولا فرق بين عدم الماء أصلاً، ووجود ماء لا يكفيه لطهارته.
الثاني: عدم الوصلة إليه. فمن عدم الثمن فهو كمن عدم الماء، وكذا إن وجده بثمن يضر به في الحال، وإن لم يكن مضراً في الحال لزم شراؤه ولو كان بأضعاف ثمنه المعتاد، وكذا القول في الآلة التي يخرج بها الماء.
الثالث: الخوف. ولا فرق في جواز التيمم بين أن يخاف لصاً أو سبعاً أو يخاف ضياع مال، وكذا لو خشي المرض الشديد أو تشقق الجلد والتهابه باستعماله الماء شديد البرودة جاز له التيمم، وكذا لو كان معه ماء للشرب وخاف العطش إن استعمله.
الطرف الثاني: فيما يجوز التيمم به
وهو: كل ما يقع عليه أسم الأرض. ولا يجوز التيمم بالمعادن، ولا بالرماد ولا بالنبات المنسحق كالاشنان والدقيق. ويجوز التيمم بأرض النورة، والجص، وتراب القبر، وبالتراب المستعمل في التيمم. ولا يصح التيمم بالتراب المغصوب ولا بالنجس، ولا بالوحل مع وجود التراب. وإذا مزج التراب بشيء من المعادن فإن استهلكه التراب جاز، وإلا لم يجز.
ويكره بالسبخة والرمل. ويستحب أن يكون من ربا الأرض وعواليها. ومع فقد التراب يتيمم بغبار ثوبه، أو لبد سرجه، أو عرف دابته، ومع فقد ذلك يتيمم بالوحل.
الطرف الثالث: في كيفية التيمم
ولا يصح التيمم قبل دخول الوقت، ويصح مع تضييقه، ولا يصح مع سعته إلا إذا حصل اليأس من الطهارة المائية كحال المريض الذي يضره الماء.
والواجب في التيمم: النية، واستدامة حكمها، والترتيب: يضع يديه على الأرض، ثم يمسح الجبهة بهما من قصاص الشعر إلى طرف أنفه، ثم يضع يديه على الأرض ويمسح ظاهر الكفين. ولابد من ضربتين ضربة للوجه وضربة للكفين للوضوء والغسل. وإن قطعت كفاه سقط مسحهما، واقتصر على الجبهة. ولو قطع بعضهما مسح على ما بقي.
ويجب: استيعاب مواضع المسح في التيمم، فلو أبقى منها شيئاً لم يصح. ويستحب: نفض اليدين بعد ضربهما على الأرض. ولو تيمم وعلى جسده نجاسة صح تيممه، كما لو تطهر بالماء وعليه نجاسة، لكن يراعي في التيمم ضيق الوقت.
الطرف الرابع: في أحكامه
وهي عشرة:
الأول: من صلى بتيممه لا يعيد، سواء كان في حضر أو سفر.
الثاني: يجب عليه طلب الماء، فإن أخل بالطلب وصلى ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه تطهر وأعاد الصلاة.
الثالث: من عدم الماء وما يتيمم به لقيد أو حبس في موضع نجس يسقط عنه الفرض أداء وقضاء، ويجب عليه الدعاء وقت الفرض.
الرابع: إذا وجد الماء قبل دخوله في الصلاة تطهر، وإن وجده بعد فراغه من الصلاة لم تجب الإعادة، وإن وجده وهو في الصلاة فإن تمكن من الماء دون أن يقطع صلاته تطهر وأتم الصلاة، وإلا فيمضي في صلاته ولو تلبس بتكبيرة الإحرام.
الخامس: المتيمم يستبيح ما يستبيحه المتطهر بالماء .
السادس: إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم، فإن كان ملكا لأحدهم اختص به، وإن كان ملكاً لهم جميعاً أو لا مالك له أو مع مالك يسمح ببذله، فالأفضل تخصيص الميت به.
السابع: الجنب إذا تيمم بدلاً من الغسل، ثم أحدث أعاد التيمم بدلاً من الوضوء إذا كان حدثه أصغر ولم يتمكن من الوضوء.
الثامن: إذا تمكن من استعمال الماء انتقض تيممه، ولو فقده بعد ذلك افتقر إلى تجديد التيمم. ولا ينتقض التيمم بخروج الوقت ما لم يحدث، أو لم يجد الماء.
التاسع: من كان بعض أعضائه مريضاً لا يقدر على غسله بالماء ولا مسحه جاز له التيمم، ولا يتبعض الطهارة.
العاشر: يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء بنية الندب، ولا يجوز له الدخول به في غير ذلك من أنواع الصلاة.
* * *
الركن الرابع : في النجاسات وأحكامها
القول في النجاسات:
وهي عشرة أنواع:
الأول والثاني: البول والغائط مما لا يؤكل لحمه، إذا كان للحيوان نفس سائلة، سواء كان جنسه حراماً كالأسد، أو عرض له التحريم كالجلال. ورجيع ما لا نفس سائلة له وبوله طاهر.
الثالث: المني، وهو نجس من كل حيوان حل أكله أو حرم، ومني ما لا نفس سائلة له طاهر.
الرابع: الميتة، ولا ينجس من الميتات إلا ما له نفس سائلة، وكل ما ينجس بالموت فما قطع من جسده نجس حياً كان أو ميتاً. وما كان منه لا تحله الحياة كالعظم والشعر فهو طاهر، إلا أن تكون عينه نجسة كالكلب والخنزير والكافر.
ويجب الغسل على من مس ميتاً من الناس قبل تطهيره وبعد برده بالموت، وكذا من مس قطعة منه فيها عظم. وغسل اليد على من مس برطوبة ما لا عظم فيه، أو مس برطوبة ميتاً له نفس سائلة من غير الناس.
الخامس: الدماء، ولا ينجس منها إلا ما كان من حيوان له عرق، لا ما يكون له رشح كدم السمك وشبهه.
السادس والسابع: الكلب والخنزير، وهما نجسان عيناً ولعاباً. ولو نزا كلب على حيوان فأولده روعي في إلحاقه بأحكامه إطلاق الاسم. وما عداهما من الحيوان فليس بنجس. والثعلب والأرنب والفأرة والوزغة طاهرة، ولكن لا يستعمل ماء قليل وقعت فيه فأرة أو جرذ أو وزغة للشرب أو الطهارة، ولا ماء قليل مات فيه وزغ أو عقرب أو أفعى.
الثامن: المسكرات نجسة والعصير العنبي إذا غلا واشتد وإن لم يسكر ، ويطهر إذا ذهب ثلثاه .
التاسع: الفقاع.
العاشر: الكافر. وضابطه كل من خرج عن الإسلام، أو من انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة، كالخوارج والغلاة والنواصب. وما عدا ذلك فليس بنجس في نفسه، وإنما تعرض له النجاسة.
ويكره: بول البغال، والحمير، والدواب، وعرق الجنب من الحرام، وعرق الإبل الجلال، والمسوخ، وذرق الدجاج.
القول في أحكام النجاسات:
تجب إزالة النجاسة عن الثياب والبدن للصلاة والطواف ودخول المساجد، وعن الأواني لاستعمالها. وعفي في الثوب والبدن عما يشق التحرز عنه من دم القروح والجروح التي لا (ترقي) وإن كثر، وعما دون دائرة قطرها (1) سنتمتر سعة من الدم المسفوح الذي ليس من أحد الدماء الثلاثة، وما زاد عن ذلك تجب إزالته إن كان مجتمعاً أو متفرقاً. ويجوز الصلاة فيما لا يتم الصلاة فيه منفرداً وإن كان فيه نجاسة لم يعف عنها في غيره.
وتعصر الثياب من النجاسات كلها إلا من بول الرضيع، فإنه يكفي صب الماء عليه. وإذا علم موضع النجاسة غسل، وإن جهل غسل كل موضع يحصل فيه الاشتباه. ويغسل الثوب والبدن من البول مرتين.
وإذا لاقى الكافر أو الكلب أو الخنـزير ثوب الإنسان رطباً غسل موضع الملاقاة واجباً، وإن كان يابساً رشه بالماء استحباباً، وفي البدن يغسل رطباً. وإذا أخل المصلي بإزالة النجاسات عن ثوبه أو بدنه أعاد في الوقت وفي خارجه، فإن لم يعلم ثم علم بعد الصلاة لم تجب عليه الإعادة مطلقاً. ولو رأى النجاسة وهو في الصلاة فإن أمكنه إلقاء الثوب وستر العورة بغيره وجب وأتم، وإن تعذر إلا بما يبطلها أستأنف.
والمربية للصبي إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد غسلته في كل يوم مرة، وإن جعلت تلك الغسلة أمام صلاة الظهر كان حسناً لتصلي الظهرين والعشائين بثوب طاهر. وإذا كان مع المصلي ثوبان وأحدهما نجس لا يعلمه بعينه صلى الصلاة الواحدة في كل واحد منهما منفرداً. وفي الثياب الكثيرة (النجسة وأحدها طاهر) كذلك إلا أن يتضيق الوقت فيصلي عرياناً. ويجب أن يلقي الثوب النجس ويصلي عرياناً إذا لم يكن هناك غيره، وإن لم يمكنه صلى فيه ولا يعيد.
والشمس إذا جففت البول وغيره من النجاسات عن الأرض والبواري والحُصُر طهر موضعه، وكذا كل ما لا يمكن نقله كالنباتات والأبنية بشرط زوال عين النجاسة، والأفضل إلقاء ماء على البول ثم إذا جففته الشمس طهر.
وتطهر النار ما أحالته، والتراب باطن الخف وأسفل القدم والنعل، والأرض يطهر بعضها بعضاً. وماء الغيث لا ينجس في حال وقوعه، ولا في حال جريانه من ميزاب وشبهه، إلا أن تغيره النجاسة.
والماء الذي تغسل به النجاسة نجس سواء كان في الغسلة الأولى أو الثانية، وسواء كان متلوثا بالنجاسة أو لم يكن، هذا إذا بقي على المغسول عين النجاسة، أما إذا نقي المغسول من النجاسة فالغسالة طاهرة، وكذلك القول في الإناء.
القول في الآنية:
ولا يجوز الأكل والشرب في آنية من ذهب أو فضة، ولا استعمالها في غير ذلك. ويكره المفضض، ويجوز اتخاذها لغير الاستعمال. ولا يحرم استعمال غير الذهب والفضة من أنواع المعادن والجواهر ولو تضاعفت أثمانها. وأواني المشركين طاهرة حتى تعلم نجاستها.
ولا يجوز استعمال شئ من الجلود إلا ما كان طاهراً في حال الحياة ذكياً. ويستحب اجتناب ما لا يؤكل لحمه حتى يدبغ بعد ذكاته. ويستعمل من أواني الخمر ما كان مقيراً أو مدهوناً بعد غسله. ويكره: ما كان خشباً أو قرعاً أو خزفاً غير مدهون.
ويغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثاً أولاهن بالتراب، ومن الخمر والجرذ إذا مات فيه ثلاثاً بالماء، والسبع أفضل. ومن غير ذلك مرة واحدة غير غسلة الإزالة، والثلاث أفضل.
* * *
كتاب الصلاة
والعلم بها يستدعي بيان أربعة أركان :
الركن الأول : في المقدمات
وهي سبع :
الأولى: في أعداد الصلاة
والمفروض منها تسع:
صلاة اليوم والليلة، والجمعة، والعيدين، والكسوف، والزلزلة، والآيات، والطواف، والأموات، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه، وما عدا ذلك مسنون.
وصلاة اليوم والليلة خمس وهي: سبع عشرة ركعة في الحضر، الصبح ركعتان، والمغرب ثلاث، وكل واحدة من البواقي أربع. ويسقط من كل رباعية في السفر ركعتان.
ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة: أمام الظهر ثمان، وقبل العصر مثلها، وبعد المغرب أربع، وعقيب العشاء ركعتان من جلوس تعدان بركعة، وإحدى عشر صلاة الليل مع ركعتي الشفع والوتر، وركعتان للفجر قبل الفرض. ويسقط في السفر نوافل الظهر والعصر، أما الوتيرة فلا تسقط. والنوافل كلها ركعتان بتشهد وتسليم بعدهما، إلا المنصوص على إنها أكثر من اثنين بسلام أو أقل كالوتر وصلاة الأعرابي، وسنذكر تفصيل باقي الصلوات في مواضعها إن شاء الله تعالى.
المقدمة الثانية: في المواقيت
والنظر في: مقاديرها، وأحكامها.
أما الأول: فما بين زوال الشمس إلى غروبها وقت للظهر والعصر، وتختص الظهر من أوله بمقدار أدائها، وكذلك العصر من آخره، وما بينهما من الوقت مشترك. وكذا إذا غربت الشمس دخل وقت المغرب، وتختص من أوله بمقدار ثلاث ركعات، ثم تشاركها العشاء حتى ينتصف الليل للمختار والى طلوع الفجر للمضطر. وتختص العشاء من آخر الوقت بمقدار أربع ركعات. وما بين طلوع الفجر الثاني - المستطير في الأفق - إلى طلوع الشمس وقت للصبح.
ويعلم الزوال بزيادة الظل بعد نقصانه، والغروب باستتار القرص، وانتظار ذهاب الحمرة من المشرق أفضل لحصول الاطمئنان بسقوط القرص. وخير الأعمال الصلاة في أول وقتها، وصلاة العشاء الأفضل تأخيرها حتى ذهاب الحمرة المغربية وصلاة العصر ساعة أو ساعتين عن زوال الشمس بحسب طول النهار وقصره.
ووقت النوافل اليومية: للظهر من حين الزوال إلى نصف ساعة، وللعصر إلى ساعة ونصف أو ساعتين ونصف بحسب طول النهار، فإن خرج الوقت وقد تلبس من النافلة ولو بركعة زاحم بها الفريضة مخففة، وإن لم يكن صلى شيئاً بدأ بالفريضة ثم يأتي بالنافلة. ولا يجوز تقديمها على الزوال إلا يوم الجمعة. ويزاد في نافلتها أربع ركعات اثنتان منها للزوال. ونافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية بمقدار أداء الفريضة، فإن بلغ بذلك ولم يكن صلى النافلة أجمع بدأ بالفريضة. وركعتان من جلوس بعد العشاء ، ويمتد وقتهما بامتداد وقت الفريضة، وينبغي أن يجعلهما خاتمة نوافله.
وصلاة الليل بعد انتصافه، وكلما قرب من الفجر كان أفضل. ولا يجوز تقديمها على الانتصاف إلا لمسافر يصده جده، أو شاب يمنعه رطوبة رأسه وقضاؤها أفضل، وآخر وقتها طلوع الفجر الثاني. فإن طلع ولم يكن تلبس منها بأربع بدأ بركعتي الفجر قبل الفريضة حتى تطلع الحمرة المشرقية، فيشتغل بالفريضة. وإن كان قد تلبس بأربع تممها مخففة ولو طلع الفجر. ووقت ركعتي الفجر بعد طلوع الفجر الأول، ويجوز أن يصليهما قبل ذلك، والأفضل إعادتهما بعده، ويمتد وقتهما حتى تطلع الحمرة، ثم تصير الفريضة أولى.
ويجوز أن يقضي الفرائض الخمس في كل وقت ما لم يتضيق وقت الفريضة الحاضرة، وكذا يصلي بقية الصلوات المفروضات، ويصلي النوافل ما لم يدخل وقت فريضة، وكذا قضاؤها.
وأما أحكامها، ففيه مسائل:
الأولى: إذا حصل أحد الأعذار المانعة من الصلاة كالجنون والحيض، وقد مضى من الوقت مقدار الطهارة وأداء الفريضة وجب عليه قضاؤها، ويسقط القضاء إذا كان دون ذلك. ولو زال المانع فإن أدرك الطهارة وركعة من الفريضة لزمه أداؤها ويكون مؤدياً، ولو أهمل قضى. ولو أدرك قبل الغروب أو قبل الفجر إحدى الفريضتين لزمته تلك لا غير، وإن أدرك الطهارة وخمس ركعات قبل الغروب لزمته الفريضتان.
الثانية: الصبي المتطوع بوظيفة الوقت، إذا بلغ بما لا يبطل الطهارة والوقت باق استأنف، وإن بقي من الوقت دون الركعة بنى على نافلته، ولا يجدد نية الفرض.
الثالثة: إذا كان له طريق إلى العلم بالوقت لم يجز له التعويل على الظن، فإن فقد العلم اجتهد، فإن غلب على ظنه دخول الوقت صلى فإن انكشف له فساد الظن قبل دخول الوقت استأنف، وإن كان الوقت دخل وهو متلبس ولو قبل التسليم لم يعد. ولو صلى قبل الوقت عامداً أو جاهلاً أو ناسياً كانت صلاته باطلة.
الرابعة: الفرائض اليومية مرتبة في القضاء بالنسبة لليوم الواحد، فلو دخل في فريضة فذكر أن عليه سابقة من نفس اليوم عدل بنيته ما دام العدول ممكناً، وإلا أستأنف المرتبة. أما بالنسبة ليومين مختلفين فلا يشترط الترتيب في القضاء، فله أن يقضي صلاة الصبح ليوم قبل أن يقضي الظهر ليوم سبقه.
الخامسة: لا تكره النوافل المبتدأة عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند قيامها، وبعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر.
السادسة: ما يفوت من النوافل ليلاً يستحب تعجيله ولو في النهار، وما يفوت نهاراً يستحب تعجيله ولو ليلاً، ولا ينتظر بها النهار.
السابعة: الأفضل في كل صلاة أن يؤتى بها في أول وقتها، إلا المغرب والعشاء لمن أفاض من عرفات، فإن تأخيرها إلى المزدلفة أولى ولو صار إلى ربع الليل. والعشاء الأفضل تأخيرها حتى يسقط الشفق الأحمر. والمتنفل يؤخر الظهر والعصر حتى يأتي بنافلتهما. والمستحاضة تؤخر الظهر والمغرب.
الثامنة: لو ظن أنه صلى الظهر فاشتغل بالعصر، فإن ذكر وهو فيها عدل بنيته، وإن لم يذكر حتى فرغ فإن كان قد صلى في أول وقت الظهر عاد بعد أن يصلي الظهر، وإن كان في الوقت المشترك أو دخل وهو فيها أجزأته وأتى بالظهر.
المقدمة الثالثة: في القبلة
والنظر في: القبلة، والمستقبل، وما يجب له، وأحكام الخلل.
الأول: القبلة.
وهي: الكعبة لمن كان في المسجد، والمسجد لمن كان في الحرم، والحرم لمن خرج عنه. وجهة الكعبة هي القبلة لا البنية، ولو زالت البنية صلى إلى جهتها، كما يصلي من هو أعلى موقفاً منها. وإن صلى في جوفها استقبل على أي جدرانها شاء على كراهية في الفريضة. ولو صلى على سطحها أبرز بين يديه منها ما يصلي إليه، ولا يحتاج إلى أن ينصب بين يديه شيئاً. وكذا لو صلى إلى بابها وهو مفتوح.
ولو استطال صف المأمومين في المسجد حتى خرج بعضهم عن سمت الكعبة بطلت صلاة ذلك البعض. وأهل كل إقليم يتوجهون إلى سمت الركن الذي على جهتهم، فأهل العراق إلى العراقي وهو الذي فيه الحجر، وأهل الشام إلى الشامي والمغرب إلى المغربي، واليمن إلى اليماني. وقبلة أهل العراق تقع بين الجنوب والغرب، فلو عرف الجدي عرف الشمال وعرف الجنوب، فإذا توجه إلى الجنوب فالقبلة تقع بين يمينه ووجهه.
الثاني: في المستقبل.
ويجب الاستقبال في الصلاة مع العلم بجهة القبلة ، فإن جهلها عول على الامارات المفيدة للظن . وإذا اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده يعمل بما يظن أنه أصح . ولو لم يكن له طريق إلى الاجتهاد فأخبره كافر يعمل بخبره إن ظن بصحته . ويعول على قبلة البلد إذا لم يعلم أنها بنيت على الغلط . ومن ليس متمكناً من الاجتهاد كالأعمى يعول على غيره . ومن فقد العلم والظن فإن كان الوقت واسعاً صلى الصلاة الواحدة إلى أربع جهات لكل جهة مرة ، وإن ضاق عن ذلك صلى من الجهات ما يحتمله الوقت ، فإن ضاق إلا عن صلاة واحدة صلاها إلى أي جهة شاء .
والمسافر يجب عليه استقبال القبلة ، ويجوز له أن يصلي شيئاً من الفرائض على الراحلة عند الضرورة ويستقبل القبلة، فإن لم يتمكن استقبل القبلة بما أمكنه من صلاته، وينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة، فإن لم يتمكن استقبل بتكبيرة الإحرام، ولو لم يتمكن من ذلك أجزأته الصلاة وإن لم يكن مستقبلاً. وكذا المضطر إلى الصلاة ماشياً مع ضيق الوقت. ولو كان الراكب بحيث يتمكن من الركوع والسجود وفرائض الصلاة يجوز له أداء الفريضة على الراحلة اختياراً.
الثالث : ما يستقبل له.
ويجب الاستقبال في فرائض الصلاة مع الإمكان، وعند الذبح، وبالميت عند احتضاره ودفنه والصلاة عليه. وأما النوافل فالأفضل استقبال القبلة بها. ويجوز أن يصلي على الراحلة سفراً أو حضراً، وإلى غير القبلة على كراهية متأكدة في الحضر ما لم يستدبر القبلة وإلا بطلت. ويسقط فرض الاستقبال في كل موضع لا يتمكن منه كصلاة المطاردة، وعند ذبح الدابة الصائلة والمتردية بحيث لا يمكن صرفها إلى القبلة.
الرابع : في أحكام الخلل.
وهي مسائل:
الأولى: الأعمى يرجع إلى غيره لقصوره عن الاجتهاد، فإن عول على رأيه مع وجود المبصر لإمارة وجدها صح، وإلا فعليه الإعادة.
الثانية: إذا صلى إلى جهة إما لغلبة الظن أو لضيق الوقت ثم تَبَيّن خطأه، فإن كان منحرفاً بين اليمين والشمال ولم يستدبر القبلة فصلاته صحيحة ولا يعيدها في الوقت أو خارجه، وإذا استدبر القبلة أعاد في الوقت ولا يعيدها في خارجه، فأما إذا تَبَيّن الخلل وهو في الصلاة فإنه يستقيم على كل حال ولا إعادة.
الثالثة: إذا اجتهد لصلاة ثم دخل وقت أخرى، فإن تجدد عنده شك استأنف الاجتهاد، وإلا بنى على الأول.
المقدمة الرابعة: في لباس المصلي
وفيه مسائل:
الأولى: لا يجوز الصلاة في جلد الميتة ولو كان مما يؤكل لحمه، سواء دبغ أو لم يدبغ. وما لا يؤكل لحمه - وهو طاهر في حياته مما يقع عليه الذكاة - إذا ذكي كان طاهراً، ولا يستعمل في الصلاة. ولا يفتقر استعماله في غيرها إلى الدباغ، ولكن يكره استعماله قبل الدباغ.
الثانية: الصوف والشعر والوبر والريش مما يؤكل لحمه طاهر، سواء جز من حي أو مذكى أو ميت، ويجوز الصلاة فيه. ولو قلع من الميت غسل منه موضع الاتصال، وكذا كل ما لا تحله الحياة من الميت إذا كان طاهراً في حال الحياة. وما كان نجساً في حال حياته فجميع ذلك منه نجس، ولا تصح الصلاة في شئ من ذلك إذا كان مما لا يؤكل لحمه ولو أخذ من مذكى، إلا الخز الخالص فتجوز الصلاة فيه، ولا تجوز في المغشوش منه بوبر الأرانب والثعالب.
الثالثة: تجوز الصلاة في فرو السنجاب، ولا تجوز في فرو الثعالب والأرانب.
الرابعة : لا يجوز لبس الحرير المحض للرجال ولا الصلاة فيه إلا في الحرب، فإنه يستحب وضع قطعة حرير على الصدر، وعند الضرورة كالبرد المانع من نزعه، ويجوز للنساء مطلقاً. وفيما لا يتم الصلاة فيه كالتكة والقلنسوة لا يجوز كذلك، ويجوز الركوب عليه وافتراشه. ويكره الصلاة في ثوب مكفوف به. وإذا مزج بشئ مما يجوز فيه الصلاة حتى خرج عن كونه محضاً جاز لبسه والصلاة فيه، سواء كان أكثر من الحرير أو أقل منه على كراهية.
الخامسة: الثوب المغصوب لا يجوز الصلاة فيه، ولو أذن صاحبه لغير الغاصب أو له جازت الصلاة فيه مع تحقق الغصبية، ولو أذن مطلقاً جاز لغير الغاصب.
السادسة: لا يجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم كالشمشك، ويجوز فيما له ساق كالجورب والخف، ويستحب في النعل العربية.
السابعة: كل ما عدا ما ذكرناه يصح الصلاة فيه، بشرط أن يكون مملوكاً أو مأذوناً فيه، وأن يكون طاهراً، وقد بينا حكم الثوب النجس. ويجوز للرجل أن يصلي في ثوب واحد، ولا يجوز للمرأة إلا في ثوبين درع وخمار ساترة جميع جسدها عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين. ويجوز أن يصلي الرجل عرياناً إذا ستر قبله ودبره على كراهية، وإذا لم يجد ثوباً سترهما بما وجده ولو بورق الشجر، ومع عدم ما يستر به يصلي عرياناً قائماً إن كان يأمن أن يراه أحد، وإن لم يأمن صلى جالساً، وفي الحالين يومئ عن الركوع والسجود. والأمة والصبية تصليان بغير خمار، فإن أعتقت الأمة في أثناء الصلاة وجب عليها ستر رأسها، فإن افتقرت إلى فعل كثير استأنفت، وكذا الصبية إذا بلغت في أثناء الصلاة بما لا يبطلها.
الثامنة: تستحب الصلاة في الثياب البيض، ولا تكره في الثياب السود، وتكره في ثوب واحد رقيق للرجال، فإن حكى ما تحته لم يجز.
ويكره أن يأتزر فوق القميص، وأن يشتمل الصماء، أو يصلي في عمامة لا حنك لها، ويكره لبس العمامة بلا حنك مطلقاً. ويكره اللثام للرجل، والنقاب للمرأة وإن منع عن القراءة حرم. وتكره الصلاة في قباء مشدود إلا في الحرب، وأن يؤم بغير رداء، وأن يصحب شيئاً من الحديد بارزاً، وفي ثوب يتهم صاحبه. وأن تصلي المرأة في خلخال له صوت. ويكره الصلاة في ثوب فيه تماثيل، أو خاتم فيه صورة.
المقدمة الخامسة: في مكان المصلي
الصلاة في الأماكن كلها جائزة بشرط أن يكون مملوكاً أو مأذوناً فيه.
والإذن قد يكون بعوض كالأجرة وشبهها، وبالإباحة وهي: إما صريحة كقوله صل فيه، أو بالفحوى كأذنه في الكون فيه، أو بشاهد الحال كما إذا كان هناك إمارة تشهد أن المالك لا يكره.
والمكان المغصوب لا تصح فيه الصلاة للغاصب، ولا لغيره ممن علم الغصب. وإن صلى عامداً عالماً كانت صلاته باطلة، وإن كان ناسياً أو جاهلاً بالغصبية صحت صلاته، ولو كان جاهلاً بتحريم المغصوب لم يعذر. وإذا ضاق الوقت وهو آخذ في الخروج صحت صلاته، ولو صلى ولم يتشاغل بالخروج لم تصح. ولو حصل في ملك غيره بأذنه ثم أمره بالخروج وجب عليه، وإن صلى والحال هذه كانت صلاته باطلة، ويصلي وهو خارج إن كان الوقت ضيقاً. ولا يجوز أن يصلي وإلى جانبه امرأة تصلي أو أمامه، سواء صلت بصلاته أو كانت منفردة، وسواء كانت محرما أو أجنبية. ويزول التحريم إذا كان بينهما حائل أو مقدار عشرة أذرع. ولو كانت وراءه بقدر ما يكون موضع سجودها محاذياً لقدمه سقط المنع. ولو حصلا في موضع لا يتمكنان من التباعد صلى الرجل أولاً، ثم المرأة. ولا بأس أن يصلي في الموضع النجس إذا كانت نجاسته لا تتعدى إلى ثوبه، ولا إلى بدنه، وكان موضع الجبهة طاهراً.
وتكره الصلاة: في الحمام، وبيوت الغائط، ومبارك الإبل، ومساكن النمل، ومجرى المياه، والأرض السبخة، والثلج، وبين المقابر، إلا أن يكون حائل ولو عَنَزَة (خشبة طويلة)، أو بينه وبينها عشرة أذرع. وبيوت النيران، وبيوت الخمور إذا لم تتعد إليه نجاستها، وجواد الطرق، وبيوت المجوس، ولا بأس بالبيع والكنائس.
ويكره: أن تكون بين يديه نار مضرمة، أو تصاوير. وكما تكره الفريضة في جوف الكعبة تكره على سطحها. وتكره في مرابط الخيل، والحمير، والبغال، ولا بأس بمرابض الغنم، وفي بيت فيه مجوسي، ولا بأس باليهودي والنصراني. ويكره بين يديه مصحف مفتوح، أو حائط ينز من بالوعة يبال فيها، ويكره إلى إنسان مواجه إلا أن يكون الحجة على الناس كالإمام u، أو باب مفتوح.
المقدمة السادسة: في ما يسجد عليه
لا يجوز السجود على ما ليس بأرض كالجلود والصوف والشعر والوبر، ولا على ما هو من الأرض إذا كان معدناً كالملح والعقيق والذهب والفضة والقير إلا عند الضرورة، ولا على ما ينبت من الأرض إذا كان مأكولاً كالخبز والفواكه ، أو ملبوساً القطن والكتان. ولا يجوز السجود على الوحل، فإن اضطر أومأ. ويجوز السجود على القرطاس، ويكره إذا كان فيه كتابة. ولا يسجد على شئ من بدنه فإن منعه الحر عن السجود على الأرض سجد على ثوبه، وإن لم يتمكن فعلى كفه.
والذي ذكرناه إنما يعتبر في موضع الجبهة خاصة لا في بقية المساجد، ويراعي فيه أن يكون مملوكاً، أو مأذوناً فيه، وأن يكون خالياً من النجاسة. وإذا كانت النجاسة في موضع محصور كالبيت وشبهه وجهل موضع النجاسة لم يسجد على شئ منه. ويجوز السجود في المواضع المتسعة دفعاً للمشقة.
المقدمة السابعة: في الأذان والإقامة
والنظر في أربعة أشياء:
الأول: فيما يؤذن له ويقام.
وهما واجبان في الصلوات الخمس المفروضة أداء وقضاء، للمنفرد والجامع، للرجل والمرأة لكن يشترط أن تسر به المرأة، ويتأكدان فيما يجهر فيه، وأشدهما في الغداة والمغرب. ولا يؤذن لشيء من النوافل ولا لشيء من الفرائض عدا الخمس، بل يقول المؤذن: الصلاة ثلاثاً.
وقاضي الصلوات الخمس يؤذن لكل واحدة ويقيم، ولو أذن للأولى من ورده ثم أقام للبواقي كفى، وكان دونه في الفضل. ويصلي يوم الجمعة الظهر بأذان وإقامة والعصر بإقامة، وكذا في الظهر والعصر بعرفة. ولو صلى الإمام جماعة وجاء آخرون لم يؤذنوا ولم يقيموا على كراهية، وما دام الأولى لم تتفرق، فإن تفرقت صفوفهم أذن الآخرون وأقاموا. وإذا أذن المنفرد ثم أراد الجماعة يستحب له أعادة الآذان والإقامة.
الثاني : في المؤذن.
ويعتبر فيه: العقل، والإسلام، والإيمان، والذكورة، ولا يشترط البلوغ بل يكفي كونه مميزاً. ويستحب: أن يكون عدلاً صَيِّتاً مبصراً، بصيراً بالأوقات متطهراً قائماً على مرتفع. ولو أذنت المرأة للنساء جاز. ولو صلى منفرداً ولم يؤذن - ساهياً - مضى في صلاته. ويعطى المؤذن الأجرة من بيت المال إذا لم يوجد من يتطوع به.
الثالث: في كيفية الأذان.
ولا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، ويجوز تقديمه على الصبح لكن يجب إعادته بعد طلوعه.
وفصول الأذان هي: التكبير أربع، والشهادة بالتوحيد (أشهد أن لا اله إلا الله)، ثم بالرسالة (أشهد أن محمداً رسول الله)، ثم بالولاية (أشهد أن علياً والأئمة من ولده حجج الله)، ثم بالهداية (أشهد أن المهدي والمهديين من ولده حجج الله)، ثم يقول: حي على الصلاة، ثم حي على الفلاح، ثم حي على خير العمل، والتكبير بعده، ثم التهليل، كل فصل مرتان.
والإقامة فصولها مثنى مثنى، ويزاد فيها: قد قامت الصلاة مرتين، ويسقط من التهليل في آخرها مرة واحدة. والترتيب شرط في صحة الآذان والإقامة.
ويستحب فيهما سبعة أشياء: أن يكون مستقبل القبلة، وأن يقف على أواخر الفصول، ويتأنى في الآذان، ويحدر في الإقامة، وأن لا يتكلم في خلالهما، وأن يفصل بينهما بركعتين أو جلسة أو سجدة إلا في المغرب، فإن الأولى أن يفصل بينهما بخطوة أو سكتة، وأن يرفع الصوت به إذا كان ذكراً، وكل ذلك يتأكد في الإقامة. ويكره الترجيع في الآذان إلا أن يريد الإشعار، وكذا يحرم قول: الصلاة خير من النوم.
الرابع: في أحكام الآذان.
وفيه مسائل:
الأولى: من نام في خلال الآذان أو الإقامة ثم استيقظ استحب له استئنافه، ويجوز له البناء، وكذا إن أغمي عليه.
الثانية: إذا أذن ثم ارتد جاز أن يعتد به ويقيم غيره، ولو ارتد في أثناء الآذان ثم رجع أستأنف.
الثالثة: يستحب لمن سمع الآذان أن يحكيه مع نفسه.
الرابعة: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، كره الكلام كراهية مغلظة إلا ما يتعلق بتدبير المصلين.
الخامسة: يكره للمؤذن أن يلتفت يميناً وشمالاً، لكن يلزم سمت القبلة في أذانه.
السادسة: إذا تشاح الناس في الآذان قدم الأعلم فالأتقى، ومع التساوي يستخار الله بالقرآن.
السابعة: إذا كانوا جماعة جاز أن يؤذنوا جميعاً ، والأفضل إن كان الوقت متسعاً أن يؤذنوا واحداً بعد واحد.
الثامنة: إذا سمع الإمام أذان مؤذن جاز أن يجتزئ به في الجماعة، وإن كان ذلك المؤذن منفرداً.
التاسعة: من أحدث في أثناء الأذان أو الإقامة تطهر وبنى في الأذان، وكذا في الإقامة، والأفضل أن يعيد الإقامة بعد أن يتطهر.
العاشرة: من أحدث في الصلاة تطهر وأعادها، ولا يعيد الإقامة إلا أن يتكلم.
الحادية عشرة: من صلى خلف إمام لا يقتدى به أذن لنفسه وأقام، فإن خشي فوات الصلاة اقتصر على تكبيرتين، وعلى قوله: قد قامت الصلاة. وإن أخل بشيء من فصول الآذان استحب للمأموم أن يتلفظ به.
* * *
الركن الثاني : في أفعال الصلاة
وهي: واجبة ومندوبة، فالواجبات ثمانية:
الأول: النية
وهي ركن في الصلاة، ولو أخل بها عامداً أو ناسياً لم تنعقد صلاته. وحقيقتها: استحضار صفة الصلاة في الذهن، والقصد بها إلى أمور أربعة: الوجوب أو الندب، والقربة، والتعيين، وكونها أداء وقضاء، ولا عبرة باللفظ. ووقتها: عند أول جزء من التكبير. ويجب استمرار حكمها إلى آخر الصلاة، وهو أن لا ينقض النية الأولى. ولو نوى الخروج من الصلاة لم تبطل، وكذا لو نوى أن يفعل ما ينافيها، فإن فعله بطلت. وكذا لو نوى بشئ من أفعال الصلاة الرياء، أو غير الصلاة. ويجوز نقل النية في موارد: كنقل الظهر يوم الجمعة إلى النافلة لمن نسي قراءة الجمعة وقرأ غيرها، وكنقل الفريضة الحاضرة إلى سابقة عليها مع سعة الوقت.
الثاني: تكبيرة الإحرام
وهي ركن، ولا تصح الصلاة من دونها ولو أخل بها نسياناً. وصورتها أن يقول: الله أكبر. ولا تنعقد بمعناها، ولو أخل بحرف منها لم تنعقد صلاته. فإن لم يتمكن من التلفظ بهما كالأعجم لزمه التعلم. ولا يتشاغل بالصلاة مع سعة الوقت، فإن ضاق أحرم بترجمتها. والأخرس ينطق بها بقدر الإمكان، فإن عجز عن النطق أصلاً عقد قلبه بمعناها مع الإشارة. والترتيب فيها واجب، ولو عكس لم تنعقد الصلاة.
ويجب إن يكبر ست تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام فتكون التكبيرات سبع، الأولى هي تكبيرة الافتتاح. ولو كبر ونوى الافتتاح، ثم كبر ونوى الافتتاح بطلت صلاته. وإن كبر ثالثة ونوى الافتتاح انعقدت الصلاة أخيراً، ويكبر بعدها ست تكبيرات. ويجب أن يكبر قائماً فلو كبر قاعداً مع القدرة، أو هو آخذ في القيام لم تنعقد صلاته.
والمسنون فيها أربعة: أن يأتي بلفظ الجلالة من غير مد بين حروفها، وبلفظ أكبر على وزن أفعل، وأن يسمع الإمام من خلفه تلفظه بها، وأن يرفع المصلي يديه إلى أذنيه حيث يرفع طرف الوسطى إلى الأذن، أما الإبهام فيكون منتصب موجه إلى المنحر.
الثالث: القيام
وهو ركن مع القدرة، فمن أخل به عمداً أو سهواً بطلت صلاته. وإذا أمكنه القيام مستقلاً وجب، وإلا وجب أن يعتمد على ما يتمكن معه من القيام، ويجوز الاعتماد على الحائط مع القدرة. ولو قدر على القيام في بعض الصلاة وجب أن يقوم بقدر مكنته، وإلا صلى قاعداً. والقاعد إذا تمكن من القيام إلى الركوع وجب، وإلا ركع جالساً. وإذا عجز عن القعود صلى مضطجعاً، فإن عجز صلى مستلقياً، والأخيران يوميان لركوعهما وسجودهما. ومن عجز عن حالة في أثناء الصلاة انتقل إلى ما دونها مستمراً، كالقائم يعجز فيقعد، أو القاعد يعجز يضطجع، أو المضطجع يعجز فيستلقي، وكذا بالعكس. ومن لا يقدر على السجود يرفع ما يسجد عليه، فإن لم يقدر أومأ.
والمسنون في هذا الفصل شيئان: أن يتربع المصلي قاعداً في حال قراءته ويثني رجليه في حال ركوعه، ويتورك في حال تشهده.
الرابع: القراءة
وهي واجبة، ويتعين بالحمد في كل ثنائية، وفي الأوليين من كل رباعية وثلاثية. ويجب قراءتها أجمع. ولا يصح الصلاة مع الإخلال ولو بحرف واحد منها عمداً حتى التشديد، وكذا إعرابها. والبسملة آية منها، تجب قراءتها معها، ولا يجزي المصلي ترجمتها. ويجب ترتب كلماتها وآيها على الوجه المنقول، فلو خالف عمداً أعاد. وإن كان ناسياً استأنف القراءة ما لم يركع، وإن ركع مضى في صلاته ولو ذكر.
ومن لا يحسنها يجب عليه التعليم، فإن ضاق الوقت قرأ ما تيسر منها أو بسملتها عشرة مرات، وإن تعذر قرأ ما تيسر من غيرها، أو سبح الله وحمد الله وهلّله وكبره بقدر القراءة، ثم يجب عليه التعلم. والأخرس يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه. والمصلي في كل ثالثة ورابعة يقرأ الحمد الإمام والمأموم والمنفرد، فإن تعذر يقرأ البسملة عشرة مرات، فإن تعذر سبح.
وقراءة سورة كاملة بعد الحمد في الأوليين واجب في الفرائض مع سعة الوقت وإمكان التعليم للمختار. ولو قدم السورة على الحمد أعادها أو غيرها بعد الحمد. ولا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئاً من سور العزائم، ولا ما يفوت الوقت بقراءته. ويجوز أن يقرن بين سورتين.
ويجب الجهر بالحمد والسورة في الصبح، وفي أولى المغرب، والعشاء. والاخفات في الظهرين، وثالثة المغرب، والأخريين من العشاء. وأقل الجهر أن يسمعه القريب الصحيح السمع إذا استمع، والاخفات أن يسمع نفسه إن كان يسمع. وليس على النساء جهر.
والمسنون في هذا القسم: الجهر بالبسملة في موضع الاخفات في أول الحمد، وأول السورة، وترتيل القراءة، والوقف على مواضعه، وقراءة سورة بعد الحمد في النوافل. وأن يقرأ في الظهرين والمغرب بالسور القصار ك "القدر" و "الجحد"، وفي العشاء بـ" الأعلى" و "الطارق" وما شاكلهما، وفي الصبح بـ"المدثر" و "المزمل" وما ماثلهما، وفي غداة الاثنين والخميس بـ "هل أتى"، وفي المغرب والعشاء ليلة الجمعة بـ" الجمعة" و "الأعلى"، وفي صبحها بها وبـ" قل هو الله أحد"، وفي الظهرين بها وبـ"المنافقين"، وفي نوافل النهار بالسور القصار ويسر بها، وفي الليل بالطوال ويجهر بها ، ومع ضيق الوقت يخفف وأن يقرأ " قل يا أيها الكافرون " في المواضع السبعة، ولو بدأ بسورة "التوحيد" جاز. ويقرأ في أوليي صلاة الليل ثلاثين مرة "قل هو الله أحد"، وفي البواقي بطوال السور. ويسمع الإمام من خلفه القراءة ما لم يبلغ العلو، كذا الشهادتين استحباباً. وإذا مر المصلي بآية رحمة سألها، أو آية نقمة استعاذ منها.
وها هنا مسائل سبع:
الأولى: لا يجوز قول آمين آخر الحمد .
الثانية: الموالاة في القراءة شرط في صحتها، فلو قرأ في خلالها من غيرها أستأنف القراءة، وكذا لو نوى قطع القراءة وسكت. أما لو سكت في خلال القراءة لا بنية القطع، أو نوى القطع ولم يقطع مضى في صلاته.
الثالثة: "الضحى" و "ألم نشرح" سورة واحدة، وكذا "الفيل" و "لإيلاف" فلا يجوز إفراد إحديهما من صاحبتها في كل ركعة، ولا يفتقر إلى البسملة بينهما.
الرابعة: إن خافت في موضع الجهر أو عكس جاهلاً أو ناسياً لم يعد.
الخامسة: يجزيه عوضاً عن الحمد إذا تعذر عليه قراءتها قراءة بسملتها عشر مرات أو اثنتا عشرة تسبيحة، صورتها: سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ثلاثاً.
السادسة: من قرأ سورة من العزائم في النوافل يجب أن يسجد في موضع السجود وكذا إن قرأ غيره وهو يستمع، ثم ينهض ويقرأ ما تخلف منها ويركع. وإن كان السجود في آخرها يستحب له قراءة الحمد ليركع عن قراءة.
السابعة: المعوذتان من القرآن، ويجوز أن يقرأ بهما في الصلاة فرضها ونفلها.
Comment