أسرار الإمام المهدي (مكن الله له في الأرض)
المتشابهات
(الجزء الثالث)
السيد أحمد الحسن
وصي ورسول ويماني الإمام المهدي
إصدارات أنصار الإمام المهدي
العدد (15)
الطبعة الثالثة
1431 هـ - 2010 م
تحقيق اللجنة العلمية
لأنصار الإمام المهدي ( مكن الله له في الإرض )
لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن
يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي :
أنصار الإمام المهدي (ع) اتباع الإمام احمد الحسن اليماني (ع) - انصار الامام المهدي (ع)
الإهـــــداء
إلى كليم الله ..
إلى مسكين الله ..
إلى اليتيم قائم آل إبراهيم ..
إلى فالق البحار موسى بن عمران ..
أهدي هذه الكلمات
وما أنا إلا ناقل عن قائم آل محمد الإمام المهدي
وأقول لك :
يا سيدي موسى بن عمران، وقلبي مفعم بتوحيد الله وبحبك يا كليم الله :
﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ
وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ ( يوسف : 88 )
تقديــم
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
الحمد لله الذي خلق الخلق وأرسل لهم الرسل، وجعل العلم بكتب السماء دليلاً عليهم يعرفهم به من خلصت نيته وشحذ لمعرفة الحق همته.
الحمد لله الذي جعل علم الكتاب مختصاً بمن أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وجعل لمن ينتحل مقامهم جهنم يصلاها ملوماً مخذولاً.
الحمد لله الذي جعل محمداً وآل محمد لنا وسيلة لرضاه، ولم يجعل في غيرهم سبيلاً للنجاة، الحمد لله الذي جعل ولايتهم حسنة لا تضر معها سيئة، وجعل نكرانهم سيئة لا تنفع معها حسنة.
الحمد لله الذي جعلهم ترجماناً للكتاب، وجعله من غيرهم مغلقاً بلا باب، فهم عدل القرآن وترجمانه، خلفاء الرسول وآذانه، كهف الورى شموس الدجى ليوث الوغى، من حاد عنهم خف ميزانه.
اللهم فصلِّ عليهم كلما طلعت شمس وغربت، وكلما هبَّت ريح وسكنت، اللهم صلِّ عليهم بعدد رمال البر وقطرات المطر وعدد أوراق الشجر وما يحويه البر والبحر، اللهم صلِّ عليهم بعدد أنفاس الخلائق، من ناطق وغير ناطق، صلاة دائمة نامية زاكية يصعد أولها، ولا ينفد آخرها، وأجعلها ذخراً لنا يوم نلقاك، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتاك بولايتهم والكفر بولاية غيرهم اللهم اجعل كل صلواتك على جدهم المصطفى أولاً وعليهم ثانياً، ولا تفارق بيننا وبينهم دائماً أبداً برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الله : ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾ ( ).
وقد نص الرسول محمد وآل بيته على أن متشابه القرآن لا يعلمه إلا الرسول والأئمة من ذريته ، ولا يعرف إلا عن طريقهم وبابهم .
عن أبي جعفر : (نحن الراسخون في العلم، ونحن نعلم تأويله) ( ).
وعن أبي عبد الله ، قال: (الراسخون في العلم: أمير المؤمنين والأئمة من ولده ) ( ).
وعن أبي جعفر في قوله: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ ( )، قال: (هم الأئمة المعصومون ) ( ).
والأحاديث كثيرة جداً في هذا الباب، ومنها يتبين أن تفسير أو تأويل متشابه القرآن علم قد خُص به الأئمة من أوصياء الرسول إلى يوم القيامة، ولا يوجد عند غيرهم أبداً إلا أن يكون مأخوذاً عنهم .
بل إن القرآن كله محكم عند الأئمة فلا يوجد متشابه عندهم ؛ لأن المتشابه ما تشابه على صاحبه، وأهل البيت لا يشتبه عليهم القرآن فهم ترجمانه بعد الرسول محمد .
عن هرول بن حمزة، عن أبي عبد الله ، قال: سمعته يقول: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ ( )، قال: هم الأئمة خاصة) ( ).
وعن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر قال: قلت له: قول الله: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ أنتم هم؟ قال: (من عسى أن يكونوا غيرنا؟!) ( ).
إذن، فالقرآن كله آيات بينات عند الأئمة لا يوجد فيه متشابه، ولذلك انحصر تفسير القرآن في الأئمة ؛ لأن غيرهم لا يعرف ما تشابه من القرآن ولا يفقه تأويله، وفاقد الشيء لا يعطيه. وقد نبه الأئمة على هذه الحقيقة مرات عديدة في رواياتهم، وحذروا عن تفسير القرآن بالرأي، ونبهوا كذلك على أن كلام الله تعالى لا يشبه كلام البشر فلا يمكن قياسه عليه، ولنطلع على بعض كلامهم في هذا الموضوع لتتضح المسألة:
عن الصادق ، قال: (إن الله بعث محمداً، فختم به الأنبياء، فلا نبي بعده، وأنزل عليه كتاباً، فختم به الكتب، فلا كتاب بعده - إلى أن قال: فجعله النبي علماً باقياً في أوصيائه، فتركهم الناس، وهم الشهداء على أهل كل زمان حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الأمر، وطلب علومهم، وذلك أنهم ضربوا القرآن بعضه ببعض واحتجوا بالمنسوخ وهم يظنون أنه الناسخ، واحتجوا بالخاص وهم يقدرون أنه العام، واحتجوا بأول الآية، وتركوا السنة في تأويلها، ولم ينظروا إلى ما يفتح الكلام، وإلى ما يختمه، ولم يعرفوا موارده ومصادره، إذ لم يأخذوه عن أهله، فضلوا وأضلوا).
ثم ذكر كلاماً طويلاً في تقسيم القرآن إلى أقسام وفنون ووجوه، تزيد على مائة وعشرة، إلى أن قال : (وهذا دليل واضح على أن كلام الباري سبحانه لا يشبه كلام الخلق، كما لا تشبه أفعاله أفعالهم، ولهذه العلة وأشباهها لا يبلغ أحد كنه معنى حقيقة تفسير كتاب الله تعالى إلا نبيه وأوصياؤه ... إلى أن قال: ثم سألوه عن تفسير المحكم من كتاب الله، فقال: أما المحكم الذي لم ينسخه شيء فقوله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ ( ) الآية. وإنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته، فوضعوا له تأويلاً من عند أنفسهم بآرائهم، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء، ونبذوا قول رسول الله وراء ظهروهم ... الحديث) ( ).
عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر عن شيء من التفسير، فأجابني ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا، فقال: (يا جابر، إن للقرآن بطناً [وللبطن بطناً] وله ظهر، وللظهر ظهر، يا جابر وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، وإنّ الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء، وهو كلام متصل متصرف على وجوه) ( ).
عن المعلى بن خنيس، قال: قال أبو عبد الله في رسالة: (فأما ما سألت عن القرآن، فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة، لأن القرآن ليس على ما ذكرت وكل ما سمعت فمعناه [على] غير ما ذهبت إليه، وإنما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم، ولقوم يتلونه حق تلاوته، وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه، وأما غيرهم فما أشد إشكاله عليهم وأبعده من مذاهب قلوبهم، ولذلك قال رسول الله : [إنه] ليس شيء أبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن، وفي ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا من شاء الله، وإنما أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا إلى بابه وصراطه وأن يعبدوه وينتهوا في قوله إلى طاعة القوام بكتابه، والناطقين عن أمره، وأن يستنبطوا ما احتاجوا إليه من ذلك عنهم، لا عن أنفسهم، ثم قال: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾. فأما عن غيرهم فليس يعلم ذلك أبداً، ولا يوجد، وقد علمت أنه لا يستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الأمر؛ لأنهم لا يجدون من يأتمرون عليه ومن يبلغونه أمر الله ونهيه، فجعل الله الولاة خواص ليقتدى بهم، فافهم ذلك إن شاء الله، وإياك وإياك وتلاوة القرآن برأيك، فان الناس غير مشتركين في علمه، كاشتراكهم فيما سواه من الأمور، ولا قادرين على تأويله، إلا من حده وبابه الذي جعله الله له فافهم إن شاء الله، واطلب الأمر من مكانه تجده إن شاء الله) ( ).
وقد بيّن الأئمة تكليف الأمة تجاه القرآن، وما عليهم وما لهم:
عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر - في حديث كلامه مع عمرو بن عبيد - قال: (وأما قوله: ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ ( )، فإنما على الناس أن يقرؤوا القرآن كما انزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالاهتداء بنا وإلينا يا عمرو!) ( ).
عن علي ، قال: (اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون - إلى أن قال: - قالوا: فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف؟ فقال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد ) ( ).
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله ، قال: ( من فسر القرآن برأيه، إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ خرّ أبعد من السماء) ( ).
وعن موسى بن عقبة أن معاوية أمر الحسين أن يصعد المنبر فيخطب، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ( نحن حزب الله الغالبون، وعترة نبيه الأقربون، أحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله، فيه تفصيل لكل شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعول علينا في تفسيره، لا نتظنى تأويله، بل نتبع حقائقه، فأطيعونا، فان طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة، قال الله: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ﴾ ( )، وقال: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ ... الحديث) ( ).
وكذلك نلاحظ كيف منع الأئمة بعض الذين كانوا يفتون الناس ويفسرون القرآن برأيهم أمثال أبي حنيفة:
عن شعيب بن أنس، عن بعض أصحاب أبي عبد الله ، قال: (كنت عند أبي عبد الله إذ دخل عليه غلام كندة فاستفتاه في مسألة فأفتاه فيها، فعرفت الغلام والمسألة فقدمت الكوفة فدخلت على أبي حنيفة، فإذا ذاك الغلام بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد الله ، فقمت إليه فقلت: ويلك يا أبا حنيفة إني كنت العام حاجاً فأتيت أبا عبد الله مسلماً عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها فأفتاه بخلاف ما أفتيته. فقال: وما يعلم جعفر بن محمد أنا أعلم منه، أنا لقيت الرجال وسمعت من أفواههم، وجعفر بن محمد صحفي، فقلت في نفسي: والله لأحجن ولو حبواً، قال: فكنت في طلب حجة فجاءتني حجة فحججت فأتيت أبا عبد الله فحكيت له الكلام فضحك ثم قال: عليه لعنة الله أما في قوله: إني رجل صحفي فقد صدق، قرأت صحف إبراهيم وموسى، فقلت له: ومن له بمثل تلك الصحف؟
قال: فما لبثت أن طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه، فقال للغلام: انظر من ذا؟ فرجع الغلام، فقال: أبو حنيفة. قال: أدخله، فدخل فسلّم على أبي عبد الله ، فردّ ، ثم قال: أصلحك الله أتأذن لي في القعود فأقبل على أصحابه يحدثهم ولم يلتفت إليه. ثم قال الثانية والثالثة فلم يلتفت إليه، فجلس أبو حنيفة من غير إذنه، فلما علم أنه قد جلس التفت إليه فقال: أين أبو حنيفة ؟ فقال: هو ذا أصلحك الله، فقال: أنت فقيه أهل العراق؟ قال: نعم. قال: فبما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله وسنة نبيه. قال: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته، وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: نعم، قال: يا أبا حنيفة ولقد ادعيت علماً ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا ، وما ورثك الله من كتابه حرفاً، فإن كنت كما تقول - ولست كما تقول - فأخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾ ( ) أين ذلك من الأرض؟ قال: أحسبه ما بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله إلى أصحابه فقال: تعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون على أنفسهم ويقتلون؟ قالوا: نعم. قال: فسكت أبو حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿َمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾ ( )، أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة. قال: أفتعلم أن الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها؟ قال: فسكت، ثم قال: يا أبا حنيفة إذا ورد عليك شيء ليس في كتاب الله، ولم تأت به الآثار والسنة كيف تصنع؟ فقال: أصلحك الله أقيس وأعمل فيه برأيي. قال: يا أبا حنيفة إن أول من قاس إبليس الملعون، قاس على ربنا تبارك وتعالى فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. فسكت أبو حنيفة. فقال: يا أبا حنيفة أيما أرجس البول أو الجنابة؟ فقال: البول. فقال: الناس يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول، فسكت. فقال: يا أبا حنيفة أيما أفضل الصلاة أم الصوم؟ قال الصلاة. فقال: فما بال الحائض تقضي صومها ولا تقضي صلاتها؟ فسكت ..... الحديث) ( ).
وعن زيد الشحام، قال: (دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون، فقال أبو جعفر : بلغني أنك تفسر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم فقال له أبو جعفر : فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت، وأنا أسألك .. إلى أن قال أبو جعفر : ويحك يا قتادة! إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسرته من الرجال، فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة! إنما يعرف القرآن من خوطب به) ( ).
عن عبد الرحمن السلمي أن علياً مر على قاض، فقال: (أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، فقال: هلكت وأهلكت تأويل كل حرف من القرآن على وجوه) ( ).
عن أبي الصلت الهروي، عن الرضا - في حديث - أنه قال لابن الجهم: (اتق الله، ولا تؤوّل كتاب الله برأيك، فانّ الله يقول: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾) ( ).
ومن هذه القصص وما سبقها من روايات ينتج اليقين بألّا يمكن لأحد أن يفتي الناس أو يفسر القرآن برأيه إن لم يكن من الذين يعلمون محكم القرآن من متشابهه وناسخه من منسوخه، وإنّ هذا العلم خاص بالذرية المعصومة وهم خلفاء الرسول إلى يوم القيامة الأئمة والمهديون .
وإنّ من حكمة اختصاص علم متشابه القرآن بالحجج المعصومين هو معرفة المعصوم والاضطرار إلى طاعته لعدم وجود باب إلى معرفة القرآن غيره، ولئّلا يدعي الإمامة كل من هب ودب؛ لأنّ من يفعل ذلك سيجد نفسه في بحار من الأمواج المتلاطمة، وسيظهر تناقضه واضطرابه في تفسير القرآن كنار على علم لمن لهم قلوب يفقهون بها.
عن أمير المؤمنين في احتجاجه على زنديق سأله عن آيات متشابهة من القرآن، فأجابه - إلى أن قال -: (وقد جعل الله للعلم أهلاً وفرض على العباد طاعتهم بقوله: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾، وبقوله: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، وبقوله: ﴿اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ ( )، وبقوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾، وبقوله: ﴿وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ ( )، والبيوت هي بيوت العلم التي استودعها الأنبياء، وأبوابها أوصياؤهم، فكل عمل من أعمال الخير يجري على غير أيدي الأوصياء وعهودهم، وحدودهم وشرائعهم، وسننهم، ومعالم دينهم مردود غير مقبول، وأهله بمحل كفر وإن شملهم صفة الإيمان، ثم إن الله قسم كلامه ثلاثة أقسام : فجعل قسماً منه يعرفه العالم والجاهل، وقسماً لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام، وقسماً لا يعلمه إلا الله وملائكته والراسخون في العلم. وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل المستولين على ميراث رسول الله من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى الائتمام بمن ولي أمرهم فاستكبروا عن طاعته .. الحديث) ( ).
بل روي أن هناك تأويلاً للقرآن في كل زمان، ولا يعرف هذا التأويل إلا الإمام الحجة المنصب من الله تعالى:
عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: (إن للقرآن تأويلاً، فمنه ما قد جاء ومنه ما لم يجيء، فإذا وقع التأويل في زمان إمام من الأئمة عرفه إمام ذلك الزمان) ( ).
وبهذا يتبين أن تأويل القرآن ومعرفة المحكم من المتشابه مختص بالإمام المعصوم من أوصياء الرسول محمد ، ولا يمكن أن يعرف عن غيره أبداً.
ويتبين أيضاً من الرواية السابقـة أنّ تأويل القرآن في عصر الظهور لا يعرفه إلا الإمـام المهدي أو من اتصل به اتصالاً مباشراً وتحمل ذلك العلم منه ، وبهذا نعرف أن الإمام المهدي أو من اتصل به يعرف عن طريق إفحامه لجميع العلماء في معرفة علم متشابه القرآن وإحكامه، كما اثبت أجداده إمامتهم عن طريق ذلك العلم الخاص بهم .
فعلى المتصدين والذين يدعون المرجعية مناقشة السيد أحمد الحسن في هذا العلم المقدس، فإن عجزوا عن ذلك أو لم يستجيبوا لذلك يثبت حق السيد أحمد الحسن، وإنه وصي ورسول الإمام المهدي ؛ لأن هذا العلم لا يكون إلا عند أوصياء الرسول محمد كما صرحت به الروايات المتواترة.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الأئمة والمهديين.
الشيخ ناظـم العقـيلي
1429 هـ . ق
والحمد لله رب العالمين.
﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ ( ).
قال عيسى بن مريم : (يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة، اقضوها لي، قالوا: قضيت حاجتك يا روح الله، فقام فغسل أقدامهم. فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله، فقال إنّ أحق الناس بالخدمة العالم، إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم. ثم قال عيسى : بالتواضع تعمر الحكمة، لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت الزرع، لا في الجبل) ( ). في السهل ينبت الزرع لا في الجبل.
أيها الاخوة الأعزاء، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، تواضعوا في الأرض تعرفوا في السماء، واعلموا أنّ الخلق عيال الله، وأحبّ الخلق إلى الله أرأفهم بعياله.
كونوا رحماء بينكم ، أشداء على الكفار، قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ ( ).
تعلموا تعاليم الأنبياء، واعملوا بها، فسيرى الله عملكم ورسوله والأئمة والأنبيـاء والمرسلون وعباد الله الصالحون، ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى﴾ ( ).
وتيقنوا ، فباليقين يأخذ ابن آدم ويغترف من رحمة الله، هكذا قال نوح النبي وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح ومحمد عبد الله والأئمة الأطهار : (خذ على قدر يقينك) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، فباليقين أولياء الله يُحيون الموتى ويُشفون المرضى.
واعلموا أيها الأحبة أنّ اليقين مفتاح باب الله الأعظم، فمن تيقن أن لا قوة إلا بالله أصبح في عينه الفراعنة - أمريكا وأذنابها الأراذل - أهون من الذبابة وأحقر، وكيف لا تكون كذلك في عين من ينام في كهف الله الحصين.
وزنوا أنفسكم واعرضوها على الحق، لتعلموا مدى اليقين الذي توصلتم له، انظروا هل أنتم على استعداد لأنْ تعرضوا أنفسكم وأموالكم للتلف مع الحسيـن بن علي اليوم، أم أنتم مترددون في غياهب ظلمات الدنيا الدنية من حب الحياة والجاه والمال والولد.
اعلموا أيها الأحبة أنّ الحسين ذبيح الله وطريق الحسين هو كهف الله الحصين.
أيها الأحبة، كثيرون راسلوا الحسين في هذا الزمان وقالوا أقدم يا بن رسول الله على جند لك مجندة، فلما جاءهم وامتحنهم الله بقليل من تراث الدنيا والخوف من الدجال الأكبر (أمريكا) قالوا: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ ( )، وقالوا ﴿لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾ ( )، وأعاد أهل الكوفة في هذا الزمان الكرة فتعساً لهم بما قدمت أيديهم ونطقت ألسنتهم من الباطل، وهم ذراري قتلة الحسين بن علي .
وأقسم بالله ما قدمنا عليهم إلا بعدما دعونا صباحاً ومساءً وهم يئنّون من وطأة الظالمين والفراعنة، فلما حللنا بين أظهرهم عَدْوا علينا يقاتلوننا، وسلّوا علينا سيفاً لنا في أيمانهم، وأمسوا ظهيراً لأعدائهم على أوليائهم، فويل لمن كان أولياؤه أعداءه يوم القيامة، وخصمهم جدّي رسول الله ، رضينا بالله حكماً والموعد القيامة ومن ورائهم جهنم يصلونها وبئس الورد المورود.
يا أنصـار الله.
يا أنصـار الأنبياء والمرسلين.
يا أنصـار الحسين .
يا أنصـار الإمام المهدي .
اتقوا الله وتيقنوا وانظروا كيف تخلفون الإمام المهدي في أمانته عندكم ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾ ( ).
والحمد لله وحده.
﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ ( ).
الحمد لله رب العالمين، مالك الملك، مجري الفلك، مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديّان الدين، رب العالمين. الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الأرض وعمّارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق.
سؤال/ 69: ما معنى ما ورد في دعاء السمات: (وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران ، وبطلعتك في ساعير، وظهورك في جبل فاران بربوات المقدسين وجنود الملائكة الصافين وخشوع الملائكة المسبحين)؟
الجواب: (ساعير) هي أرض العبادة والتوحيد وهي الأرض المقدسة، أي بيت المقدس وما حوله. و (فاران) ملجأ الاستغفار والتوبة وهي مكة وما حولها. والنبي الذي بُعث في ساعير هو عيسى ، والذي بُعث في فاران هو محمد .
أما المجد الذي ظهر على طور سيناء فكلّم به الله سبحانه وتعالى موسى فهو علي ، وهو باب الفيض في الخلق، فعلي مكلّم موسى ، وعلي عصا موسى ، فحقيقة عصا موسى لم تكن تلك العصا، بل إنّ عصا موسى الحقيقية التي شقّ بها البحر هي كلمات الله ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ ( )، وهي اليقين الراسخ في قلب موسى ، وكلمات الله واليقين: علي بن أبي طالب .
وأما (وبطلعتك في ساعير): أي طلعة الله سبحانه في ساعير، والله سبحانه وتعالى طلع في ساعير بعيسى بن مريم، والطلعة أي الإطلالة والظهور الجزئي غير المكتمل، فعيسى مثّل الله سبحانه وتعالى في الخلق، ولكن بشكل غير تام، ولهذا كان بعثه طلعة الله سبحانه وتعالى، وبهذا كان عيسى ممهداً لبعث محمد ؛ لأنّ الطلعة تسبق الظهور.
(وظهورك في جبل فاران): أي ظهور الله سبحانه وتعالى، وكان هذا الظهور ببعث محمد فالرسول الأعظم محمد هو الله في الخلق، ولهذا عبّر الإمام في الدعاء عن بعث محمد بظهور الله سبحانه، فالإمام يريد أن يقول في الدعاء إنّ محمداً هو الله في الخلق، وإنّ بعثه هو ظهور الله، فمن عرف محمداً عرف الله، ومن رأى محمداً رأى الله، ومن نظر إلى محمد نظر إلى الله.
وهذه الحقائق اليوم بدأت تظهر وتبيّن بفضل الإمام المهدي ، قال تعالى: ﴿وَالشّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾ ( )، والشمس: رسول الله محمد ، والقمر: علي بن أبي طالب ، فهو من تلا رسول الله، والنهار: هو القائم ( )؛ لأنه هو الذي يظهر ويجلي فضل رسول الله الحقيقي ، ومقامه العظيم.
ومع أنه في الحقيقة الموجودة في هذا العالم الجسماني أنّ الشمس هي التي تجلي النهار وتظهره، ولكنّ الله قال في هذه السورة: والنهار إذا جلاها (أي الشمس)، فالإمام المهدي صحيح أنه ظهر وتجلى من رسول الله ، ولكنه في آخر الزمان هو الذي يظهر ويجلي رسول الله للناس.
سؤال/ 70: ما معنى قوله تعالى: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ... يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ ( ) ؟
الجواب: ﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾: أي المقدّرون ضد تقدير الله، وقطعاً كل تقدير مخالف لتقدير الله فهو تقدير باطل كاذب، فهؤلاء هم المقدرون المخالفون لتقدير الله، المكذبون بتقدير الله وأمر الله، وهم الذين يكذبون بالقائم ولا يؤمنون به؛ لأنهم يريدون أن يأتي وفق تقديرهم هم لا وفق ما قدر له الله سبحانه وتعالى.
﴿الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾: أي إنّ هؤلاء القوم مغمورون بالدنيا، ساهون عن الآخرة والغيب والملكوت ، فهم ساهون بالدنيا واللهث وراءها عن القائم . فلا همَّ لهم إلا الدنيا، وهم معرضون عن القائم والجهاد بين يديه، والعناء والتعب في سبيل إعلاء كلمة الله. فهم أهل الدنيا في غمرةٍ ساهون، والدين والقائم لعِقٌ على ألسنتهم ( ) ، يتكلمون به ويحدثون الناس به ولكنهم غير مستعدين لنصرته؛ لأنه يعارض دنياهم ويعرض حياتهم ومصالحهم للخطر.
﴿يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾: هذا عذر خبيث يعتذرون به، وهو أنهم يقولون لا يقوم القائم الآن فلا يزال الكثير، فالدين بخير ولم ينتشر الفساد والجور والظلم في كل مكان ( ).
فـ (أيّان يوم الدين)، وكأنهم لا يرون الأرض ملئت ظلماً وجوراً بأمريكا وأتباعها، بل وبهم هم ، هؤلاء الذين يدّعون تمثيل الدين فهم مفسدون ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً ( )، حتى أوصلهم فسادهم إلى معاداة القائم مع أنهم يعيشون بفضله، وتحت ظل اسمه ، ولكنهم يعلمون أنّ قيامه يعني ذهاب رئاستهم الدينية الباطلة وتقديس الجُهّال لهم، وبالتالي يحاولون صرف الناس عن القائم وعن نصرته، فهم المذكورون في الدعاء: (إنهم يرونه بعيداً) ( )، يسألون أيان يوم الدين!!!
سؤال/ 71: يقول السيد الخميني رحمه الله في الأربعين ما معناه: (إن طاعاتنا من كبائر الذنوب عند الله)، ما مدى صحة هذا القول؟
الجواب: إذا كان يقصد نفس الطاعة فلا، أما إذا كان يقصد الأداء فنعم. وسبب أنّ نوع أداء الناس للطاعة ذنب أنهم لا يعرفون من يعبدون، بل معظم الناس غافلون عن الله سبحانه وتعالى وهم في الصلاة بين يديه، فتتقاذفهم الأفكار كالأمواج يميناً وشمالاً.
ولتتضح الصورة أكثر أضرب هذا المثال: فلو أنك أقبلت على شخص عظيم تكلمه وترجو أن يكلمك، فلما أقبل عليك أشحت بوجهك عنه يميناً أو شمالاً لتعبث بجيفة ملقاة على الأرض، ألا يغضب هذا العظيم عليك؟ ثم إذا غضب ألا يقول الناس إنه على حق وأنت مخطئ؟ ثم ألا يصفك الناس بأنك سفيه؟
وحتى الذي لا تتقاذفه الأفكار وينقطع إلى الله في صلاته بخشوع وخضوع وتذلل، فهو أيضاً ممن يشيح بوجهه عن الله سبحانه بقدر جهله بالله سبحانه وتعالى.
سؤال/ 72: هل هناك ارتباط بين قصة أصحاب الكهف وموسى والعالم أو ذي القرنين، وبين القائم أو علامات ظهوره أو زمان ظهوره أو أصحابه وأنصاره أو أعدائه؟
الجواب:
• قصة (أصحاب الكهف) معروفة، وهي باختصار قصة رجال مؤمنين عددهم سبعة كفروا بالطاغوت في زمانهم، والمتمثل بجهتين:
الأولى: هي الحاكم الظالم الجائر الكافر.
والثانية: هي علماء الدين الضالون الذين حرّفوا دين الله وشريعته.
فكلّ من هذين؛ الطاغوت نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله، الحاكم الجائر نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله في أمور الدنيا ومعاش العباد وسياستهم، والعلماء غير العاملين الضالون نصبوا أنفسهم آلهة يعبدون من دون الله في أمور الدين والشريعة. وهكذا تحرّر هؤلاء الفتية من عبادة الطاغوت، وكفروا بالطاغوت. وهذا الكفر بالطاغوت هو أول الهدى، فزادهم الله هدى بأن عرّفهم طريقه سبحانه ، والإيمان به، والعمل لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى، ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدى﴾ ( )، ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا َعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً﴾ ( ).
وأصحاب الكهف في زمان قيام القائم هم فتية في الكوفة وفتية في البصرة، كما في الروايات عن أهل البيت ( )، ورأس الحسين بن علي نطق مرات عديدة، وفي أكثر من مرة سُمع ( ) يكرّر هذه الآية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا منْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ( )، وسُمع يقرأ منها فقط: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ( ).
وذلك لأنّ أصحاب الكهف - وهم أصحاب القائم - هم الذين يأخذون بثأر الحسـين ، وينتقمون من الظالمين، ويقلبون أمر الظالمين رأساً على عقب، ولهذا سُمع رأس الحسين أيضاً يقرأ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ ( ).
وكذلك أصحاب القائم قوم عابدون مخلصون لله سبحانه وتعالى، لا يرون القوة إلا بالله، يؤمنون بالله وعليه يتوكلون ويقارعون أكبر قوى الظلم والاستكبار على الأرض، وهي المملكة الحديدية التي أكلت وداست كل الممالك على الأرض كما أخبر عنها دانيال ( )، وهي متمثلة الآن بأمريكا دولة الشيطان ( ).
ولهذا سُمع رأس الحسين يقرأ أيضاً: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ ( )، لأنه لن يأخذ بثأره إلا من كانوا مصداقاً لهذه الآية الكريمة: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.
وفي رواية: (أنهم لما صلبوا رأسه على الشجر سُمع منه: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾) ( ).
و (سُمع أيضاً صوته بدمشق يقول : ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾، وسُمع أيضاً يقرأ: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾، فقال زيد بن أرقم: أمرك أعجب يا بن رسول الله) ( ).
وروى الشيخ المفيد (رحمه الله) أنّ زيد بن أرقم سمع الرأس الشريف ينطق بآية سورة الكهف( ).
وروى عن المنهال بن عمرو أنه سمع رأس الحسين يقول: (أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي) ( ).
أما ما روي أنّ أصحاب الكهف الذين يبعثون مع القائم هم بعض المخلصين من أصحاب رسول الله ، وأصحاب أمير المؤمنين علي كمالك الأشتر، فليس المقصود هم أنفسهم، بل المراد في هذه الروايات هو نظائرهم من أصحاب القائم ، أي إنّ هناك رجلاً من أصحاب القائم هو نظير مالك الأشتر في الشجاعة والحنكة والقيادة والشدة في ذات الله وطاعة الله والأخلاق الكريمة وكثير من الصفات التي امتاز بها مالك الأشتر، فلذلك يصفه الأئمة بأنه مالك الأشتر.
وهذا ليس ببعيد عن الفصحاء والبلغاء وساداتهم أهل البيت ، كالشاعر الحسيني يصف نزول علي الأكبر إلى ساحة المعركة فيقول ما معناه: إن محمداً نزل إلى ساحة المعركة؛ وذلك لشدة شبه علي الأكبر خَلقاً وخُلقاً برسول الله محمد ، مع أنّ أصحاب الأئمة الذين محضوا الحق محضاً يعودون ويكرون في الرجعة بعد الاثني عشر مهدياً، وفي زمن آخرهم وهو آخر قائم بالحق من آل محمد الذي يخرج عليه الحسين بن علي ، وهذا المهدي الأخير أو القائم الأخير لا عقب له ولا ولد له ( ).
• أما قصة ( العالِم ) مع موسى فهي أنّ موسى وقع في نفسه ما أتاه الله من العلم بعد أن كلّمه الله سبحانه وتعالى على طور سيناء، فأمر الله سبحانه وتعالى جبرائيل أن يدركه ويأمره بإتباع العالم ، فارتحل موسى ويوشع في طلب العالم ( )، وكانت القصة التي وردت في القرآن وفيها ثلاث أمور هي:
1- قصة السفينة وأصحابها:
وهي سفينة لجماعـة من المؤمنين المخلصين، وهم مساكين الله سبحانه وتعالى، أي مستكينون في العبادة بين يديه لا مساكين بمعنى محتاجين فمن يملك سفينة ليس بفقير، فكيف يكون مسكيناً( )، والمسكين من لا يملك لا قليلاً ولا كثيراً.
فهؤلاء المؤمنون مساكين الله، كانوا يتضرعون إلى الله ويدعونه أن يجنبهم الملك الطاغية وجنوده الذين كانوا يأخذون السفن ويسخرونها للعمل لصالح الآلة الإجرامية لهذا الملك، فهؤلاء المساكين كانوا لا يريدون أن يكونوا سبباً في إعانة هذا الطاغوت، وذلك عندما يسخر سفينتهم لصالح إجرامه، وكانوا لا يريدون أن يفقدو
المتشابهات
(الجزء الثالث)
السيد أحمد الحسن
وصي ورسول ويماني الإمام المهدي
إصدارات أنصار الإمام المهدي
العدد (15)
الطبعة الثالثة
1431 هـ - 2010 م
تحقيق اللجنة العلمية
لأنصار الإمام المهدي ( مكن الله له في الإرض )
لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن
يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي :
أنصار الإمام المهدي (ع) اتباع الإمام احمد الحسن اليماني (ع) - انصار الامام المهدي (ع)
الإهـــــداء
إلى كليم الله ..
إلى مسكين الله ..
إلى اليتيم قائم آل إبراهيم ..
إلى فالق البحار موسى بن عمران ..
أهدي هذه الكلمات
وما أنا إلا ناقل عن قائم آل محمد الإمام المهدي
وأقول لك :
يا سيدي موسى بن عمران، وقلبي مفعم بتوحيد الله وبحبك يا كليم الله :
﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ
وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ ( يوسف : 88 )
تقديــم
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
الحمد لله الذي خلق الخلق وأرسل لهم الرسل، وجعل العلم بكتب السماء دليلاً عليهم يعرفهم به من خلصت نيته وشحذ لمعرفة الحق همته.
الحمد لله الذي جعل علم الكتاب مختصاً بمن أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وجعل لمن ينتحل مقامهم جهنم يصلاها ملوماً مخذولاً.
الحمد لله الذي جعل محمداً وآل محمد لنا وسيلة لرضاه، ولم يجعل في غيرهم سبيلاً للنجاة، الحمد لله الذي جعل ولايتهم حسنة لا تضر معها سيئة، وجعل نكرانهم سيئة لا تنفع معها حسنة.
الحمد لله الذي جعلهم ترجماناً للكتاب، وجعله من غيرهم مغلقاً بلا باب، فهم عدل القرآن وترجمانه، خلفاء الرسول وآذانه، كهف الورى شموس الدجى ليوث الوغى، من حاد عنهم خف ميزانه.
اللهم فصلِّ عليهم كلما طلعت شمس وغربت، وكلما هبَّت ريح وسكنت، اللهم صلِّ عليهم بعدد رمال البر وقطرات المطر وعدد أوراق الشجر وما يحويه البر والبحر، اللهم صلِّ عليهم بعدد أنفاس الخلائق، من ناطق وغير ناطق، صلاة دائمة نامية زاكية يصعد أولها، ولا ينفد آخرها، وأجعلها ذخراً لنا يوم نلقاك، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتاك بولايتهم والكفر بولاية غيرهم اللهم اجعل كل صلواتك على جدهم المصطفى أولاً وعليهم ثانياً، ولا تفارق بيننا وبينهم دائماً أبداً برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الله : ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾ ( ).
وقد نص الرسول محمد وآل بيته على أن متشابه القرآن لا يعلمه إلا الرسول والأئمة من ذريته ، ولا يعرف إلا عن طريقهم وبابهم .
عن أبي جعفر : (نحن الراسخون في العلم، ونحن نعلم تأويله) ( ).
وعن أبي عبد الله ، قال: (الراسخون في العلم: أمير المؤمنين والأئمة من ولده ) ( ).
وعن أبي جعفر في قوله: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ ( )، قال: (هم الأئمة المعصومون ) ( ).
والأحاديث كثيرة جداً في هذا الباب، ومنها يتبين أن تفسير أو تأويل متشابه القرآن علم قد خُص به الأئمة من أوصياء الرسول إلى يوم القيامة، ولا يوجد عند غيرهم أبداً إلا أن يكون مأخوذاً عنهم .
بل إن القرآن كله محكم عند الأئمة فلا يوجد متشابه عندهم ؛ لأن المتشابه ما تشابه على صاحبه، وأهل البيت لا يشتبه عليهم القرآن فهم ترجمانه بعد الرسول محمد .
عن هرول بن حمزة، عن أبي عبد الله ، قال: سمعته يقول: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ ( )، قال: هم الأئمة خاصة) ( ).
وعن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر قال: قلت له: قول الله: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ أنتم هم؟ قال: (من عسى أن يكونوا غيرنا؟!) ( ).
إذن، فالقرآن كله آيات بينات عند الأئمة لا يوجد فيه متشابه، ولذلك انحصر تفسير القرآن في الأئمة ؛ لأن غيرهم لا يعرف ما تشابه من القرآن ولا يفقه تأويله، وفاقد الشيء لا يعطيه. وقد نبه الأئمة على هذه الحقيقة مرات عديدة في رواياتهم، وحذروا عن تفسير القرآن بالرأي، ونبهوا كذلك على أن كلام الله تعالى لا يشبه كلام البشر فلا يمكن قياسه عليه، ولنطلع على بعض كلامهم في هذا الموضوع لتتضح المسألة:
عن الصادق ، قال: (إن الله بعث محمداً، فختم به الأنبياء، فلا نبي بعده، وأنزل عليه كتاباً، فختم به الكتب، فلا كتاب بعده - إلى أن قال: فجعله النبي علماً باقياً في أوصيائه، فتركهم الناس، وهم الشهداء على أهل كل زمان حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الأمر، وطلب علومهم، وذلك أنهم ضربوا القرآن بعضه ببعض واحتجوا بالمنسوخ وهم يظنون أنه الناسخ، واحتجوا بالخاص وهم يقدرون أنه العام، واحتجوا بأول الآية، وتركوا السنة في تأويلها، ولم ينظروا إلى ما يفتح الكلام، وإلى ما يختمه، ولم يعرفوا موارده ومصادره، إذ لم يأخذوه عن أهله، فضلوا وأضلوا).
ثم ذكر كلاماً طويلاً في تقسيم القرآن إلى أقسام وفنون ووجوه، تزيد على مائة وعشرة، إلى أن قال : (وهذا دليل واضح على أن كلام الباري سبحانه لا يشبه كلام الخلق، كما لا تشبه أفعاله أفعالهم، ولهذه العلة وأشباهها لا يبلغ أحد كنه معنى حقيقة تفسير كتاب الله تعالى إلا نبيه وأوصياؤه ... إلى أن قال: ثم سألوه عن تفسير المحكم من كتاب الله، فقال: أما المحكم الذي لم ينسخه شيء فقوله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ ( ) الآية. وإنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته، فوضعوا له تأويلاً من عند أنفسهم بآرائهم، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء، ونبذوا قول رسول الله وراء ظهروهم ... الحديث) ( ).
عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر عن شيء من التفسير، فأجابني ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا، فقال: (يا جابر، إن للقرآن بطناً [وللبطن بطناً] وله ظهر، وللظهر ظهر، يا جابر وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، وإنّ الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء، وهو كلام متصل متصرف على وجوه) ( ).
عن المعلى بن خنيس، قال: قال أبو عبد الله في رسالة: (فأما ما سألت عن القرآن، فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة، لأن القرآن ليس على ما ذكرت وكل ما سمعت فمعناه [على] غير ما ذهبت إليه، وإنما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم، ولقوم يتلونه حق تلاوته، وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه، وأما غيرهم فما أشد إشكاله عليهم وأبعده من مذاهب قلوبهم، ولذلك قال رسول الله : [إنه] ليس شيء أبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن، وفي ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا من شاء الله، وإنما أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا إلى بابه وصراطه وأن يعبدوه وينتهوا في قوله إلى طاعة القوام بكتابه، والناطقين عن أمره، وأن يستنبطوا ما احتاجوا إليه من ذلك عنهم، لا عن أنفسهم، ثم قال: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾. فأما عن غيرهم فليس يعلم ذلك أبداً، ولا يوجد، وقد علمت أنه لا يستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الأمر؛ لأنهم لا يجدون من يأتمرون عليه ومن يبلغونه أمر الله ونهيه، فجعل الله الولاة خواص ليقتدى بهم، فافهم ذلك إن شاء الله، وإياك وإياك وتلاوة القرآن برأيك، فان الناس غير مشتركين في علمه، كاشتراكهم فيما سواه من الأمور، ولا قادرين على تأويله، إلا من حده وبابه الذي جعله الله له فافهم إن شاء الله، واطلب الأمر من مكانه تجده إن شاء الله) ( ).
وقد بيّن الأئمة تكليف الأمة تجاه القرآن، وما عليهم وما لهم:
عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر - في حديث كلامه مع عمرو بن عبيد - قال: (وأما قوله: ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ ( )، فإنما على الناس أن يقرؤوا القرآن كما انزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالاهتداء بنا وإلينا يا عمرو!) ( ).
عن علي ، قال: (اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون - إلى أن قال: - قالوا: فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف؟ فقال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد ) ( ).
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله ، قال: ( من فسر القرآن برأيه، إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ خرّ أبعد من السماء) ( ).
وعن موسى بن عقبة أن معاوية أمر الحسين أن يصعد المنبر فيخطب، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ( نحن حزب الله الغالبون، وعترة نبيه الأقربون، أحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله، فيه تفصيل لكل شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعول علينا في تفسيره، لا نتظنى تأويله، بل نتبع حقائقه، فأطيعونا، فان طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة، قال الله: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ﴾ ( )، وقال: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ ... الحديث) ( ).
وكذلك نلاحظ كيف منع الأئمة بعض الذين كانوا يفتون الناس ويفسرون القرآن برأيهم أمثال أبي حنيفة:
عن شعيب بن أنس، عن بعض أصحاب أبي عبد الله ، قال: (كنت عند أبي عبد الله إذ دخل عليه غلام كندة فاستفتاه في مسألة فأفتاه فيها، فعرفت الغلام والمسألة فقدمت الكوفة فدخلت على أبي حنيفة، فإذا ذاك الغلام بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد الله ، فقمت إليه فقلت: ويلك يا أبا حنيفة إني كنت العام حاجاً فأتيت أبا عبد الله مسلماً عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها فأفتاه بخلاف ما أفتيته. فقال: وما يعلم جعفر بن محمد أنا أعلم منه، أنا لقيت الرجال وسمعت من أفواههم، وجعفر بن محمد صحفي، فقلت في نفسي: والله لأحجن ولو حبواً، قال: فكنت في طلب حجة فجاءتني حجة فحججت فأتيت أبا عبد الله فحكيت له الكلام فضحك ثم قال: عليه لعنة الله أما في قوله: إني رجل صحفي فقد صدق، قرأت صحف إبراهيم وموسى، فقلت له: ومن له بمثل تلك الصحف؟
قال: فما لبثت أن طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه، فقال للغلام: انظر من ذا؟ فرجع الغلام، فقال: أبو حنيفة. قال: أدخله، فدخل فسلّم على أبي عبد الله ، فردّ ، ثم قال: أصلحك الله أتأذن لي في القعود فأقبل على أصحابه يحدثهم ولم يلتفت إليه. ثم قال الثانية والثالثة فلم يلتفت إليه، فجلس أبو حنيفة من غير إذنه، فلما علم أنه قد جلس التفت إليه فقال: أين أبو حنيفة ؟ فقال: هو ذا أصلحك الله، فقال: أنت فقيه أهل العراق؟ قال: نعم. قال: فبما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله وسنة نبيه. قال: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته، وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: نعم، قال: يا أبا حنيفة ولقد ادعيت علماً ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا ، وما ورثك الله من كتابه حرفاً، فإن كنت كما تقول - ولست كما تقول - فأخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾ ( ) أين ذلك من الأرض؟ قال: أحسبه ما بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله إلى أصحابه فقال: تعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون على أنفسهم ويقتلون؟ قالوا: نعم. قال: فسكت أبو حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿َمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾ ( )، أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة. قال: أفتعلم أن الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها؟ قال: فسكت، ثم قال: يا أبا حنيفة إذا ورد عليك شيء ليس في كتاب الله، ولم تأت به الآثار والسنة كيف تصنع؟ فقال: أصلحك الله أقيس وأعمل فيه برأيي. قال: يا أبا حنيفة إن أول من قاس إبليس الملعون، قاس على ربنا تبارك وتعالى فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. فسكت أبو حنيفة. فقال: يا أبا حنيفة أيما أرجس البول أو الجنابة؟ فقال: البول. فقال: الناس يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول، فسكت. فقال: يا أبا حنيفة أيما أفضل الصلاة أم الصوم؟ قال الصلاة. فقال: فما بال الحائض تقضي صومها ولا تقضي صلاتها؟ فسكت ..... الحديث) ( ).
وعن زيد الشحام، قال: (دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون، فقال أبو جعفر : بلغني أنك تفسر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم فقال له أبو جعفر : فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت، وأنا أسألك .. إلى أن قال أبو جعفر : ويحك يا قتادة! إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسرته من الرجال، فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة! إنما يعرف القرآن من خوطب به) ( ).
عن عبد الرحمن السلمي أن علياً مر على قاض، فقال: (أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، فقال: هلكت وأهلكت تأويل كل حرف من القرآن على وجوه) ( ).
عن أبي الصلت الهروي، عن الرضا - في حديث - أنه قال لابن الجهم: (اتق الله، ولا تؤوّل كتاب الله برأيك، فانّ الله يقول: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾) ( ).
ومن هذه القصص وما سبقها من روايات ينتج اليقين بألّا يمكن لأحد أن يفتي الناس أو يفسر القرآن برأيه إن لم يكن من الذين يعلمون محكم القرآن من متشابهه وناسخه من منسوخه، وإنّ هذا العلم خاص بالذرية المعصومة وهم خلفاء الرسول إلى يوم القيامة الأئمة والمهديون .
وإنّ من حكمة اختصاص علم متشابه القرآن بالحجج المعصومين هو معرفة المعصوم والاضطرار إلى طاعته لعدم وجود باب إلى معرفة القرآن غيره، ولئّلا يدعي الإمامة كل من هب ودب؛ لأنّ من يفعل ذلك سيجد نفسه في بحار من الأمواج المتلاطمة، وسيظهر تناقضه واضطرابه في تفسير القرآن كنار على علم لمن لهم قلوب يفقهون بها.
عن أمير المؤمنين في احتجاجه على زنديق سأله عن آيات متشابهة من القرآن، فأجابه - إلى أن قال -: (وقد جعل الله للعلم أهلاً وفرض على العباد طاعتهم بقوله: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾، وبقوله: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، وبقوله: ﴿اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ ( )، وبقوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾، وبقوله: ﴿وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ ( )، والبيوت هي بيوت العلم التي استودعها الأنبياء، وأبوابها أوصياؤهم، فكل عمل من أعمال الخير يجري على غير أيدي الأوصياء وعهودهم، وحدودهم وشرائعهم، وسننهم، ومعالم دينهم مردود غير مقبول، وأهله بمحل كفر وإن شملهم صفة الإيمان، ثم إن الله قسم كلامه ثلاثة أقسام : فجعل قسماً منه يعرفه العالم والجاهل، وقسماً لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام، وقسماً لا يعلمه إلا الله وملائكته والراسخون في العلم. وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل المستولين على ميراث رسول الله من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى الائتمام بمن ولي أمرهم فاستكبروا عن طاعته .. الحديث) ( ).
بل روي أن هناك تأويلاً للقرآن في كل زمان، ولا يعرف هذا التأويل إلا الإمام الحجة المنصب من الله تعالى:
عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: (إن للقرآن تأويلاً، فمنه ما قد جاء ومنه ما لم يجيء، فإذا وقع التأويل في زمان إمام من الأئمة عرفه إمام ذلك الزمان) ( ).
وبهذا يتبين أن تأويل القرآن ومعرفة المحكم من المتشابه مختص بالإمام المعصوم من أوصياء الرسول محمد ، ولا يمكن أن يعرف عن غيره أبداً.
ويتبين أيضاً من الرواية السابقـة أنّ تأويل القرآن في عصر الظهور لا يعرفه إلا الإمـام المهدي أو من اتصل به اتصالاً مباشراً وتحمل ذلك العلم منه ، وبهذا نعرف أن الإمام المهدي أو من اتصل به يعرف عن طريق إفحامه لجميع العلماء في معرفة علم متشابه القرآن وإحكامه، كما اثبت أجداده إمامتهم عن طريق ذلك العلم الخاص بهم .
فعلى المتصدين والذين يدعون المرجعية مناقشة السيد أحمد الحسن في هذا العلم المقدس، فإن عجزوا عن ذلك أو لم يستجيبوا لذلك يثبت حق السيد أحمد الحسن، وإنه وصي ورسول الإمام المهدي ؛ لأن هذا العلم لا يكون إلا عند أوصياء الرسول محمد كما صرحت به الروايات المتواترة.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الأئمة والمهديين.
الشيخ ناظـم العقـيلي
1429 هـ . ق
والحمد لله رب العالمين.
﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ ( ).
قال عيسى بن مريم : (يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة، اقضوها لي، قالوا: قضيت حاجتك يا روح الله، فقام فغسل أقدامهم. فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله، فقال إنّ أحق الناس بالخدمة العالم، إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم. ثم قال عيسى : بالتواضع تعمر الحكمة، لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت الزرع، لا في الجبل) ( ). في السهل ينبت الزرع لا في الجبل.
أيها الاخوة الأعزاء، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، تواضعوا في الأرض تعرفوا في السماء، واعلموا أنّ الخلق عيال الله، وأحبّ الخلق إلى الله أرأفهم بعياله.
كونوا رحماء بينكم ، أشداء على الكفار، قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ ( ).
تعلموا تعاليم الأنبياء، واعملوا بها، فسيرى الله عملكم ورسوله والأئمة والأنبيـاء والمرسلون وعباد الله الصالحون، ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى﴾ ( ).
وتيقنوا ، فباليقين يأخذ ابن آدم ويغترف من رحمة الله، هكذا قال نوح النبي وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح ومحمد عبد الله والأئمة الأطهار : (خذ على قدر يقينك) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، فباليقين أولياء الله يُحيون الموتى ويُشفون المرضى.
واعلموا أيها الأحبة أنّ اليقين مفتاح باب الله الأعظم، فمن تيقن أن لا قوة إلا بالله أصبح في عينه الفراعنة - أمريكا وأذنابها الأراذل - أهون من الذبابة وأحقر، وكيف لا تكون كذلك في عين من ينام في كهف الله الحصين.
وزنوا أنفسكم واعرضوها على الحق، لتعلموا مدى اليقين الذي توصلتم له، انظروا هل أنتم على استعداد لأنْ تعرضوا أنفسكم وأموالكم للتلف مع الحسيـن بن علي اليوم، أم أنتم مترددون في غياهب ظلمات الدنيا الدنية من حب الحياة والجاه والمال والولد.
اعلموا أيها الأحبة أنّ الحسين ذبيح الله وطريق الحسين هو كهف الله الحصين.
أيها الأحبة، كثيرون راسلوا الحسين في هذا الزمان وقالوا أقدم يا بن رسول الله على جند لك مجندة، فلما جاءهم وامتحنهم الله بقليل من تراث الدنيا والخوف من الدجال الأكبر (أمريكا) قالوا: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ ( )، وقالوا ﴿لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾ ( )، وأعاد أهل الكوفة في هذا الزمان الكرة فتعساً لهم بما قدمت أيديهم ونطقت ألسنتهم من الباطل، وهم ذراري قتلة الحسين بن علي .
وأقسم بالله ما قدمنا عليهم إلا بعدما دعونا صباحاً ومساءً وهم يئنّون من وطأة الظالمين والفراعنة، فلما حللنا بين أظهرهم عَدْوا علينا يقاتلوننا، وسلّوا علينا سيفاً لنا في أيمانهم، وأمسوا ظهيراً لأعدائهم على أوليائهم، فويل لمن كان أولياؤه أعداءه يوم القيامة، وخصمهم جدّي رسول الله ، رضينا بالله حكماً والموعد القيامة ومن ورائهم جهنم يصلونها وبئس الورد المورود.
يا أنصـار الله.
يا أنصـار الأنبياء والمرسلين.
يا أنصـار الحسين .
يا أنصـار الإمام المهدي .
اتقوا الله وتيقنوا وانظروا كيف تخلفون الإمام المهدي في أمانته عندكم ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾ ( ).
والحمد لله وحده.
﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ ( ).
الحمد لله رب العالمين، مالك الملك، مجري الفلك، مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديّان الدين، رب العالمين. الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الأرض وعمّارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق.
سؤال/ 69: ما معنى ما ورد في دعاء السمات: (وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران ، وبطلعتك في ساعير، وظهورك في جبل فاران بربوات المقدسين وجنود الملائكة الصافين وخشوع الملائكة المسبحين)؟
الجواب: (ساعير) هي أرض العبادة والتوحيد وهي الأرض المقدسة، أي بيت المقدس وما حوله. و (فاران) ملجأ الاستغفار والتوبة وهي مكة وما حولها. والنبي الذي بُعث في ساعير هو عيسى ، والذي بُعث في فاران هو محمد .
أما المجد الذي ظهر على طور سيناء فكلّم به الله سبحانه وتعالى موسى فهو علي ، وهو باب الفيض في الخلق، فعلي مكلّم موسى ، وعلي عصا موسى ، فحقيقة عصا موسى لم تكن تلك العصا، بل إنّ عصا موسى الحقيقية التي شقّ بها البحر هي كلمات الله ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ ( )، وهي اليقين الراسخ في قلب موسى ، وكلمات الله واليقين: علي بن أبي طالب .
وأما (وبطلعتك في ساعير): أي طلعة الله سبحانه في ساعير، والله سبحانه وتعالى طلع في ساعير بعيسى بن مريم، والطلعة أي الإطلالة والظهور الجزئي غير المكتمل، فعيسى مثّل الله سبحانه وتعالى في الخلق، ولكن بشكل غير تام، ولهذا كان بعثه طلعة الله سبحانه وتعالى، وبهذا كان عيسى ممهداً لبعث محمد ؛ لأنّ الطلعة تسبق الظهور.
(وظهورك في جبل فاران): أي ظهور الله سبحانه وتعالى، وكان هذا الظهور ببعث محمد فالرسول الأعظم محمد هو الله في الخلق، ولهذا عبّر الإمام في الدعاء عن بعث محمد بظهور الله سبحانه، فالإمام يريد أن يقول في الدعاء إنّ محمداً هو الله في الخلق، وإنّ بعثه هو ظهور الله، فمن عرف محمداً عرف الله، ومن رأى محمداً رأى الله، ومن نظر إلى محمد نظر إلى الله.
وهذه الحقائق اليوم بدأت تظهر وتبيّن بفضل الإمام المهدي ، قال تعالى: ﴿وَالشّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾ ( )، والشمس: رسول الله محمد ، والقمر: علي بن أبي طالب ، فهو من تلا رسول الله، والنهار: هو القائم ( )؛ لأنه هو الذي يظهر ويجلي فضل رسول الله الحقيقي ، ومقامه العظيم.
ومع أنه في الحقيقة الموجودة في هذا العالم الجسماني أنّ الشمس هي التي تجلي النهار وتظهره، ولكنّ الله قال في هذه السورة: والنهار إذا جلاها (أي الشمس)، فالإمام المهدي صحيح أنه ظهر وتجلى من رسول الله ، ولكنه في آخر الزمان هو الذي يظهر ويجلي رسول الله للناس.
سؤال/ 70: ما معنى قوله تعالى: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ... يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ ( ) ؟
الجواب: ﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾: أي المقدّرون ضد تقدير الله، وقطعاً كل تقدير مخالف لتقدير الله فهو تقدير باطل كاذب، فهؤلاء هم المقدرون المخالفون لتقدير الله، المكذبون بتقدير الله وأمر الله، وهم الذين يكذبون بالقائم ولا يؤمنون به؛ لأنهم يريدون أن يأتي وفق تقديرهم هم لا وفق ما قدر له الله سبحانه وتعالى.
﴿الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾: أي إنّ هؤلاء القوم مغمورون بالدنيا، ساهون عن الآخرة والغيب والملكوت ، فهم ساهون بالدنيا واللهث وراءها عن القائم . فلا همَّ لهم إلا الدنيا، وهم معرضون عن القائم والجهاد بين يديه، والعناء والتعب في سبيل إعلاء كلمة الله. فهم أهل الدنيا في غمرةٍ ساهون، والدين والقائم لعِقٌ على ألسنتهم ( ) ، يتكلمون به ويحدثون الناس به ولكنهم غير مستعدين لنصرته؛ لأنه يعارض دنياهم ويعرض حياتهم ومصالحهم للخطر.
﴿يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾: هذا عذر خبيث يعتذرون به، وهو أنهم يقولون لا يقوم القائم الآن فلا يزال الكثير، فالدين بخير ولم ينتشر الفساد والجور والظلم في كل مكان ( ).
فـ (أيّان يوم الدين)، وكأنهم لا يرون الأرض ملئت ظلماً وجوراً بأمريكا وأتباعها، بل وبهم هم ، هؤلاء الذين يدّعون تمثيل الدين فهم مفسدون ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً ( )، حتى أوصلهم فسادهم إلى معاداة القائم مع أنهم يعيشون بفضله، وتحت ظل اسمه ، ولكنهم يعلمون أنّ قيامه يعني ذهاب رئاستهم الدينية الباطلة وتقديس الجُهّال لهم، وبالتالي يحاولون صرف الناس عن القائم وعن نصرته، فهم المذكورون في الدعاء: (إنهم يرونه بعيداً) ( )، يسألون أيان يوم الدين!!!
سؤال/ 71: يقول السيد الخميني رحمه الله في الأربعين ما معناه: (إن طاعاتنا من كبائر الذنوب عند الله)، ما مدى صحة هذا القول؟
الجواب: إذا كان يقصد نفس الطاعة فلا، أما إذا كان يقصد الأداء فنعم. وسبب أنّ نوع أداء الناس للطاعة ذنب أنهم لا يعرفون من يعبدون، بل معظم الناس غافلون عن الله سبحانه وتعالى وهم في الصلاة بين يديه، فتتقاذفهم الأفكار كالأمواج يميناً وشمالاً.
ولتتضح الصورة أكثر أضرب هذا المثال: فلو أنك أقبلت على شخص عظيم تكلمه وترجو أن يكلمك، فلما أقبل عليك أشحت بوجهك عنه يميناً أو شمالاً لتعبث بجيفة ملقاة على الأرض، ألا يغضب هذا العظيم عليك؟ ثم إذا غضب ألا يقول الناس إنه على حق وأنت مخطئ؟ ثم ألا يصفك الناس بأنك سفيه؟
وحتى الذي لا تتقاذفه الأفكار وينقطع إلى الله في صلاته بخشوع وخضوع وتذلل، فهو أيضاً ممن يشيح بوجهه عن الله سبحانه بقدر جهله بالله سبحانه وتعالى.
سؤال/ 72: هل هناك ارتباط بين قصة أصحاب الكهف وموسى والعالم أو ذي القرنين، وبين القائم أو علامات ظهوره أو زمان ظهوره أو أصحابه وأنصاره أو أعدائه؟
الجواب:
• قصة (أصحاب الكهف) معروفة، وهي باختصار قصة رجال مؤمنين عددهم سبعة كفروا بالطاغوت في زمانهم، والمتمثل بجهتين:
الأولى: هي الحاكم الظالم الجائر الكافر.
والثانية: هي علماء الدين الضالون الذين حرّفوا دين الله وشريعته.
فكلّ من هذين؛ الطاغوت نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله، الحاكم الجائر نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله في أمور الدنيا ومعاش العباد وسياستهم، والعلماء غير العاملين الضالون نصبوا أنفسهم آلهة يعبدون من دون الله في أمور الدين والشريعة. وهكذا تحرّر هؤلاء الفتية من عبادة الطاغوت، وكفروا بالطاغوت. وهذا الكفر بالطاغوت هو أول الهدى، فزادهم الله هدى بأن عرّفهم طريقه سبحانه ، والإيمان به، والعمل لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى، ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدى﴾ ( )، ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا َعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً﴾ ( ).
وأصحاب الكهف في زمان قيام القائم هم فتية في الكوفة وفتية في البصرة، كما في الروايات عن أهل البيت ( )، ورأس الحسين بن علي نطق مرات عديدة، وفي أكثر من مرة سُمع ( ) يكرّر هذه الآية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا منْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ( )، وسُمع يقرأ منها فقط: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ ( ).
وذلك لأنّ أصحاب الكهف - وهم أصحاب القائم - هم الذين يأخذون بثأر الحسـين ، وينتقمون من الظالمين، ويقلبون أمر الظالمين رأساً على عقب، ولهذا سُمع رأس الحسين أيضاً يقرأ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ ( ).
وكذلك أصحاب القائم قوم عابدون مخلصون لله سبحانه وتعالى، لا يرون القوة إلا بالله، يؤمنون بالله وعليه يتوكلون ويقارعون أكبر قوى الظلم والاستكبار على الأرض، وهي المملكة الحديدية التي أكلت وداست كل الممالك على الأرض كما أخبر عنها دانيال ( )، وهي متمثلة الآن بأمريكا دولة الشيطان ( ).
ولهذا سُمع رأس الحسين يقرأ أيضاً: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ ( )، لأنه لن يأخذ بثأره إلا من كانوا مصداقاً لهذه الآية الكريمة: ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.
وفي رواية: (أنهم لما صلبوا رأسه على الشجر سُمع منه: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾) ( ).
و (سُمع أيضاً صوته بدمشق يقول : ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾، وسُمع أيضاً يقرأ: ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾، فقال زيد بن أرقم: أمرك أعجب يا بن رسول الله) ( ).
وروى الشيخ المفيد (رحمه الله) أنّ زيد بن أرقم سمع الرأس الشريف ينطق بآية سورة الكهف( ).
وروى عن المنهال بن عمرو أنه سمع رأس الحسين يقول: (أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي) ( ).
أما ما روي أنّ أصحاب الكهف الذين يبعثون مع القائم هم بعض المخلصين من أصحاب رسول الله ، وأصحاب أمير المؤمنين علي كمالك الأشتر، فليس المقصود هم أنفسهم، بل المراد في هذه الروايات هو نظائرهم من أصحاب القائم ، أي إنّ هناك رجلاً من أصحاب القائم هو نظير مالك الأشتر في الشجاعة والحنكة والقيادة والشدة في ذات الله وطاعة الله والأخلاق الكريمة وكثير من الصفات التي امتاز بها مالك الأشتر، فلذلك يصفه الأئمة بأنه مالك الأشتر.
وهذا ليس ببعيد عن الفصحاء والبلغاء وساداتهم أهل البيت ، كالشاعر الحسيني يصف نزول علي الأكبر إلى ساحة المعركة فيقول ما معناه: إن محمداً نزل إلى ساحة المعركة؛ وذلك لشدة شبه علي الأكبر خَلقاً وخُلقاً برسول الله محمد ، مع أنّ أصحاب الأئمة الذين محضوا الحق محضاً يعودون ويكرون في الرجعة بعد الاثني عشر مهدياً، وفي زمن آخرهم وهو آخر قائم بالحق من آل محمد الذي يخرج عليه الحسين بن علي ، وهذا المهدي الأخير أو القائم الأخير لا عقب له ولا ولد له ( ).
• أما قصة ( العالِم ) مع موسى فهي أنّ موسى وقع في نفسه ما أتاه الله من العلم بعد أن كلّمه الله سبحانه وتعالى على طور سيناء، فأمر الله سبحانه وتعالى جبرائيل أن يدركه ويأمره بإتباع العالم ، فارتحل موسى ويوشع في طلب العالم ( )، وكانت القصة التي وردت في القرآن وفيها ثلاث أمور هي:
1- قصة السفينة وأصحابها:
وهي سفينة لجماعـة من المؤمنين المخلصين، وهم مساكين الله سبحانه وتعالى، أي مستكينون في العبادة بين يديه لا مساكين بمعنى محتاجين فمن يملك سفينة ليس بفقير، فكيف يكون مسكيناً( )، والمسكين من لا يملك لا قليلاً ولا كثيراً.
فهؤلاء المؤمنون مساكين الله، كانوا يتضرعون إلى الله ويدعونه أن يجنبهم الملك الطاغية وجنوده الذين كانوا يأخذون السفن ويسخرونها للعمل لصالح الآلة الإجرامية لهذا الملك، فهؤلاء المساكين كانوا لا يريدون أن يكونوا سبباً في إعانة هذا الطاغوت، وذلك عندما يسخر سفينتهم لصالح إجرامه، وكانوا لا يريدون أن يفقدو
Comment