ماذا بعد الإيمان بالدعوة؟ الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
يكتسب اصحاب الامام المهدي (عليه السلام ) اهمية كبيرة عند الله وعند جميع سكان السموات والارض كونهم ناجحين في التمحيص الالهي الصعب الذي تعرضوا له خلال الغيبة الكبرى فقد اثبتوا من خلال ما مروا به من امتحانات وفتن كبيرة اثبتوا جدارتهم واخلاصهم وقدرتهم على التضحية في سبيل الاهداف الاسلامية العليا مهما كلف الامر وهذه هي الميزة الرئسية التي يميز بها المسلم الحقيقي وكلما كان الهدف اوسع واكبر احتاج الى تركيز في الايمان والاخلاص بشكل اعمق فكيف اذا كان الهدف تحقيق حلم الانبياء وهو بسط العدل وتقويض الظلم وتحقيق الدولة العالمية الالهيه. وهنا يجب الاشارة الى امر مهم ان اصحاب الامام عليه السلام لم يصلوا الى هذه المنزلة وهذه الصفات نتيجة خلق الله تعالى لهم هكذا بل هم من وصل الى هذه النتيجة وهذا المستوى نتيجة التكاملات لكي يكون الباب مفتوح للجميع وليس احتكارا، بل من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. والامر الاخر انهم بشر وليسوا ملائكة او من غير الجنس البشري فاذن من الممكن الوصول الى صفاتهم. وقد وصفت الروايات قلوبهم مثل الحديد لو هموا بازالة الجبال الرواسي ازالوها حتى لو براس ابره. هم الذين وحدوا الله حق توحيده نعم عرفوا الله وعرفوا النبي حق معرفته وعرفوا الامام حق معرفته وعرفوا النصرة حق معرفتها ووحدوا الله حق توحيده. لهم في الليل اصوات كاصوات الثواكل من خشية الله تعالى، التزموا بصلاة الليل والدعاء وقراة القران وقيامهم بالليل وصيامهم بالنهار. بنيان مرصوص جسد واحد، اشارة الرواية التي تصف اصحاب الامام وهذه جدا مهمه كانهم من اب واحد وام واحده قلوبهم مجتمعه على المحبة والتضحية. فاذا أردنا النصرة والناصر لاوجود للبغضاء والمكر فينا والتناحر والغيبة فهذه ليس صفاتنا وليست اهدافنا واهداف مولانا الامام ع. نتحدث الآن عن أهمية هذه الصفوة من أصحاب القائم ع من خلال الروايات الشريفة
أولا: الروايات التي تحث على نصرة القائم ع
1. الروايات الدالة على فضل الصلاة على محمد وآل محمد
عن عبد السلام بن نعيم قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام "أني دخلت البيت فلم يحضرني شيء من الدعاء إلا الصلاة على النبي و آله " فقال :عليه السلام " و لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت "
روي أن أثقل ما يوضع في الميزان من الأعمال هو الصلاة على محمد و آله فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " أنا عند الميزان يوم القيامة فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة على حتى أُثقل بها حسناته "
سؤال/ 116: ما معنى الصلاة على محمد وآل محمد؟
الجواب:
الصلاة معناها الدعاء والتضرع والتوسل إلى الله بطلب شيء منه سبحانه وتعالى، أو التقرب إليه وهو أيضاً طلب، فعندما نقول:
اللهم صلِّ على محمد، يعني نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يرفع شأن محمد (ص) ويعلي مقامه، ومن المؤكد أنّ مقام محمد (ص) هو المقام الأقرب الذي ما بعده مقام، فمقامه ثابت وهو صاحب مقام ألقاب قوسين صلوات الله عليه وآله، فيكون الطلب من الله بالصلاة على محمد هو أن يرفع شأن محمد ويعلي مقام محمد (ص) عند الناس، أي أن يعرّف الناس بعظيم شأن محمد (ص) ، وهذا يحصل عند ظهور الإمام المهدي (ع)؛ لأنه ينشر خمسة وعشرين حرفاً من العلم، فيعرّف الناس بالتوحيد، ويعرّفهم بالرسل، ويعرّفهم بالكتب، ويعرّفهم بالملائكة ، ويعرّفهم بخلق الله سبحانه وتعالى، ويعرفهم بمحمد (ص) ، فعندما نقول: اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، أي إننا نقول: يا الله أظهر حق محمد وآل محمد، وأظهر عظيم مقام محمد وآل محمد، أي كأننا نقول: يا الله عجّل فرج محمد وآل محمد ، وكأننا نقول: يا الله أظهر العدل والحق والقسط وأمت الجور والفساد والظلم، ولهذا كان هذا الذكر أي: (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد) هو أفضل الذكر وثوابه عظيم، وما علمته من الإمام المهدي (ع) أنّ أفضل الذكر هو قول: (بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وسلم تسليماً).ومن قالها خمسين مرة لم يكتب من الغافلين في ذلك اليوم، وإن قالها مائة مرة كتب من الذاكرين في ذلك اليوم، وإن قالها ألف مرة كان من الفائزين عند الله وعند الإمام المهدي (ع).
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ ، أي أن يطلب المؤمنون من الله أن يصلي على محمد، فيقولوا: (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وسلّم تسليماً)، ومعنى وسلّم تسليماً: أي أعطهم الأمن والأمان، والأمن هو بيعة القائم (ع)، والأمان يكون في دولة القائم ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾، وقال تعالى: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾.
المتشابهات ج3 سؤال 116
فمن خلال الروايات الواردة في فضل الصلاة على محمد وآل محمد ومن خلال كلام السيد ع في أن معنى الصلاة هو الطلب من الله بتعجيل الفرج نستنتج بأن انتظار الفرج هو من أفضل الأعمال، وهذا ما تؤيده الروايات الشريفة قال رسول الله ص : أفضل العبادة انتظار الفرج. عن رسول اللّه عليه السلام : «أفضل أعمال اُمّتي انتظار الفرج من اللّه عز و جل»
فإذا كان أفضل الأعمال قبل ظهور القائم هو انتظار الفرج فما بالك بالعمل بين يدي القائم ع وقت ظهوره.
2. (روى الشيخ النعماني) بسنده عن الباقر عليه السلام: (كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه فلا يعطونه فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر)
في هذه الرواية يقول الصادق ع بأنه لو أدرك زمن القائم ع لاستبقى نفسه للقائم ع، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على عظم الأجر الذي يناله أصحاب القائم ع العاملين بين يديه.
3. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبو على الثلج فإن فيها نصرة لخليفة الله المهدي.
ومن هذا الحديث يبين ان على كل مؤمن نصرته ولو أتاهم حبواً على الثلج وذلك تأكيد على النصرة ولو في اصعب الظروف.
4. عن عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله قال : من عرف هذا الامر ثم مات قبل أن يقوم القائم كان له مثل أجر من قتل معه .
ثانيا: أجر العمل بين يدي القائم ع
عن أبي عبد الله قال : قال رسول الله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه ، يتولى وليه ، ويتبرأ من عدوه ، ويتولى الأئمة الهادية من قبله ، أولئك رفقائي وذوو ودي ومودتي ، و أكرم أمتي علي قال رفاعة : وأكرم خلق الله علي .
من كلام ليماني آل محمد (ع) :أعملوا ليلا ونهارا وسرا وعلانية واعلموا أن أجر المؤمن الذي يعمل لتهيئة الأساس لدولة صاحب الزمان(ع) في هذ الوقت عظيم.
لماذا هذه الأجر والأهمية لأصحاب القائم ع:
1. ايمانهم بالغيب
عن الإمام الصادق «عليه السلام» في وصية النبي«صلى الله عليه وآله» قال: «يا علي، أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبي، وحجب عنهم الحجة، فآمنوا بسواد على بياض»
إكمال الدين: الدقاق، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي ابن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله عز وجل " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب " فقال: المتقون شيعة علي عليه السلام، والغيب فهو الحجة الغائب وشاهد ذلك قول الله عز وجل: " ويقولون لولا انزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين "
عن ابن عباس: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: يا أيها الناس، من أعجب إيماناً؟! قالوا: الملائكة. قال: وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر؟! قالوا: فالنبيون يا رسول الله! قال: وكيف لا يؤمن النبيون والوحي ينزل عليهم من السماء؟! قالوا: فأصحابك يا رسول الله! قال: وكيف لا يؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون؟! ولكن أعجب الناس إيماناً قوم يجيئون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني أولئك إخواني
2. تحملهم للشدائد
عن أبي عبد الله قال : قال رسول الله : سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم ، قالوا : يا رسول الله نحن كنا معك ببدر واحد وحنين ، و نزل فينا القرآن ، فقال : إنكم لو تحملوا لما حملوا لم تصبروا صبرهم.
3. أصحاب القائم ع حلم الأنبياء ع
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ
قال رسول الله (ص): لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:والذي نفسي بيده حتى لاتبقى قرية إلا نودي فيها بشهادة أن لا اله إلا الله، وأن محمد رسول الله، بكرة وعشية.(إلزام الناصب 2/254)
حاول الأنبياء السابقون بأن يرسخوا ويطبقوا عقيدة حاكمية الله ولكنهم جوبهوا من قبل أقوامهم فلم يشأ الله بأن يكون الفتح على يديهم. ولكن القائم وأصحابه هم الذين سيحققون هذا الحلم في آخر الزمان. فلقد أبت القوانين الدنيوية إلاّ أن تضع بإزاء كل حق باطلاً ينازعه ويناوئه, فتكالب أعداء الحقيقة من كل حدب وصوب ليوجّهوا نبال التشويه والتشكيك, وكل أنواع المحاربة لهذه العقيدة التي هي من مسلّمات العقل الإسلامي, الذي تعامل مع هذه الفكرة منذ أعماق تأريخه على أنّها أمر لا يمكن الغفلة عنه أو التنكّر له.
إن المآل الذي تؤول إليه أو الثمرة التي تنتجها ثورة القائم ع فيها تحقيق حلم الأنبياء وهدفهم الذي سعوا لأجله على مرّ العصور, والأمنية التي رافقت العقل البشري منذ اليوم الأوّل لترعرعه, لأنّ هذا القائد المؤمّل هو الذي سينزع عن البشرية قيود الظلم والعبودية, وهو الذي سيخلع عليها حلّة العدل والإنصاف, فإنّه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.
إنّ أهل البيت ع وهم يرسّخون في أذهان أتباعهم فكرة المهدي ، إنّما يهدفون إلى القضاء على مارد اليأس وسدّ الطريق أمام التخاذل ، والهزيمة أمام الانحراف والفساد والظلم ، فالجولة الأخيرة للإسلام ، لا بدّ لراية التوحيد أن تخفق فوق ربوع العالم بأسره. وإنّ النصر سيكون حليف الرجال الذين سيؤمنون بالمهدي المنتظر الحجّة الثاني عشر (عليه السلام) وبأهدافه المقدّسة الإلهية ، ويدافعون عنه وعنها، ويبذلون النفس والنفيس ببصيرة من أمرهم وإيماناً بنصر الله الذي يهبه عباده المؤمنين ، ومتى وجد القائد والقائم المعصوم والاُمّة المؤمنة والرعيّة المخلصة ، فإنّ نصر الله سيتحقّق ويتحقّق حلم البشرية والإنسانية المضطهدة في إقامة حكومة العدل الإلهي والإسلام المحمّدي الأصيل.
ماذا بعد الإيمان بالدعوة؟
بعد كل هذا الفضل وهذه المهمة المنوطة بأصحاب القائم ع، هل يهنأ لهم بال أو راحة وعلى كاهلهم هذه المهمة العظيمة؟
نستعرض الأن بعض من أقوال الإمام أحمد الحسن ع في العمل من أجل نشر دين الله ونشر عقيدة التوحيد الصحيحة وهداية الناس إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.
سؤال/ 75: ما معنى: ﴿إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً﴾ ؟
الجواب: أي إنّ لك في النهار عملاً كثيراً في نشر دعوة التوحيد وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، والتسليم له سبحانه ، فاستعن على هذا العمل والجهاد في سبيل الله بقيام الليل لا بالنوم كما يتوهم الغافلون.
لماذا نعمل؟
قال تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } (الأحزاب:72) .
عن الفضل ابن قرة عن أبي عبد الله (ع) قال ( أوحى الله إلى إبراهيم (ع) انه سيولد لكَ فقال لساره فقالت : ألد وأنا عجوز فأوحى الله إليه أنها ستلد ويعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام عليّ. قال فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون فحط عنهم سبعين ومائة سنة . قال : فقال أبو عبد الله (ع) ( هكذا انتم لو فعلتم لفرج الله عنا فأما إذ لم تكونوا فان الأمر ينتهي إلى منتهاه ) .
وهذا العمل مسؤولية الجميع ، علماء الدين والشعوب الإسلامية المستضعفة ، فعلماء الدين قدموا أنفسهم في موضع قيادة الأمة سواء صرحوا بذلك أم لا ، لأنهم تصدوا أمام الله سبحانه وتعالى ووقفوا في باب ملكوته ، متمثلين بالأنبياء والمرسلين . فعليهم إن يسيروا بسيرتهم ويعملوا ، فمن لم يكن منهم أهلا لذلك كان عليه إن لا يضع نفسه في هذا الموضع الخطير ، فيكون من قطَّاع طريق الله سبحانه وتعالى ، فيؤول به الأمر إلى خسران الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين ، إذن فعالم الدين قائد للأمة ، ومصلح الأمة {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} وهو سائر في طريق الله سبحانه ، وداع ٍ إلى الله بأذنه فلا يطلب الدعة والراحة في هذا الطريق ، وإذا وجدها في يوم من الأيام قبل دولة الحق ، فليتهم نفسه وليراجع مسيرته .
قال الإمام علي (ع) ( لو أحبني جبل لتهافت ) ، فعالم الدين يجب إن يفكر ويعمل ليلاً ونهاراً للتهيئة لإقامة دولة الحق ، وللنصح لقائد هذه الدولة الوصي الخاتم (ع) .
أما الشعوب الإسلامية المستضعفة فعليها العودة إلى الإسلام والقرآن ، بعد أن انسلخت منه ولم يبقَ فيها من الإسلام إلا اسمه ، ومن القرآن إلا رسمه . فهي مكلفة بعملية التهيئة لدولة الحق ، أفراداً وجماعات وخصوصاً النخبة المؤمنة المثقفة فيها ، حيث يقع على عاتقهم جزء كبير من عملية إصلاح الأمة ، وتهيئتها لنصرة الحق وأهله ، ومقارعة الباطل ورموزه الشيطانية من الأنس والجن .
والحمد لله الذي منَّ علينا بمحمد وآل محمد (ع) ، قادة نقتفي أثرهم . فهم (ع) نصروا الحق وقارعوا الباطل ، وكانوا يعملون ليلا ونهارا لنشر كلمة لا اله إلا الله ، مرة بالإعلام وبسيوف من الكلام . كان لها أثرها الواضح في القضاء على دولتي بني أمية وبني العباس ، ولا تزال إلى اليوم تأخذ أثرها في النفوس ، كسلاح قوي لهدم دولة الطاغوت والقضاء عليه ، كما فعل الإمام الحسن (ع) .
ومرة أخرى عندما تتوفر الظروف الملائمة ، يجاهد آل محمد (ع) بالثورة المسلحة وبالسيف وإراقة الدماء في سبيل الدين ، كما فعل الإمام الحسين (ع) . وهكذا كانوا (ع) أعلاماً للجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقتدي بهم الثائرون فلم يهنوا ولم ينكلوا في مقارعة الطواغيت حتى قضوا بين مسموم ومقطّع بالسيوف، فعلينا جميعا اليوم إن نقتفي أثرهم (ع) في نشر الدين ومقارعة الظالمين والقضاء عليهم والتهيئة لدولة الحق وإعلاء كلمة لا اله إلا الله في الأرض ، ونشر عبادة العباد لخالقهم ، والقضاء على عبادة العباد للعباد ، وما يرافقها من الفساد . كما يجب فضح أئمة الفساد الذين يسمون أنفسهم علماء ، الذين يحاولون فصل الحسن عن الحسين ، ويقولون إن الإمام الحسن (ع) صامت ، ويدعون أنهم يتابعون سيرته ؛ فتعسا لهم . ولو كان آل محمد (ع) صامتين لما قطعت السموم أحشاءهم ، إن آل محمد (ع) قوم القتل لهم عادة ، وكرامتهم من الله الشهادة ، وما منهم إلا مقتول ، كما ورد عنهم (ع) فلا ألفين خسيساً يحمل جبنه عليهم ، ليعتذر عن خذلانه للحق . ووالله أني لأستعظم تقريع الجبناء.
قال الامام أحمد الحسن المهدي الأول عليه السلام : ( فأنتم انتصاركم بهداية الناس، هدايتهم وليس فقط إقامة الحجة عليهم. اعملوا كل ما يمكنكم لهدايتهم، فقط أوصيكم أن تجاهدوا إبليس بكل ما يمكنكم، أخزوه وأخزوا جنده من الإنس والجن )
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
يكتسب اصحاب الامام المهدي (عليه السلام ) اهمية كبيرة عند الله وعند جميع سكان السموات والارض كونهم ناجحين في التمحيص الالهي الصعب الذي تعرضوا له خلال الغيبة الكبرى فقد اثبتوا من خلال ما مروا به من امتحانات وفتن كبيرة اثبتوا جدارتهم واخلاصهم وقدرتهم على التضحية في سبيل الاهداف الاسلامية العليا مهما كلف الامر وهذه هي الميزة الرئسية التي يميز بها المسلم الحقيقي وكلما كان الهدف اوسع واكبر احتاج الى تركيز في الايمان والاخلاص بشكل اعمق فكيف اذا كان الهدف تحقيق حلم الانبياء وهو بسط العدل وتقويض الظلم وتحقيق الدولة العالمية الالهيه. وهنا يجب الاشارة الى امر مهم ان اصحاب الامام عليه السلام لم يصلوا الى هذه المنزلة وهذه الصفات نتيجة خلق الله تعالى لهم هكذا بل هم من وصل الى هذه النتيجة وهذا المستوى نتيجة التكاملات لكي يكون الباب مفتوح للجميع وليس احتكارا، بل من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. والامر الاخر انهم بشر وليسوا ملائكة او من غير الجنس البشري فاذن من الممكن الوصول الى صفاتهم. وقد وصفت الروايات قلوبهم مثل الحديد لو هموا بازالة الجبال الرواسي ازالوها حتى لو براس ابره. هم الذين وحدوا الله حق توحيده نعم عرفوا الله وعرفوا النبي حق معرفته وعرفوا الامام حق معرفته وعرفوا النصرة حق معرفتها ووحدوا الله حق توحيده. لهم في الليل اصوات كاصوات الثواكل من خشية الله تعالى، التزموا بصلاة الليل والدعاء وقراة القران وقيامهم بالليل وصيامهم بالنهار. بنيان مرصوص جسد واحد، اشارة الرواية التي تصف اصحاب الامام وهذه جدا مهمه كانهم من اب واحد وام واحده قلوبهم مجتمعه على المحبة والتضحية. فاذا أردنا النصرة والناصر لاوجود للبغضاء والمكر فينا والتناحر والغيبة فهذه ليس صفاتنا وليست اهدافنا واهداف مولانا الامام ع. نتحدث الآن عن أهمية هذه الصفوة من أصحاب القائم ع من خلال الروايات الشريفة
أولا: الروايات التي تحث على نصرة القائم ع
1. الروايات الدالة على فضل الصلاة على محمد وآل محمد
عن عبد السلام بن نعيم قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام "أني دخلت البيت فلم يحضرني شيء من الدعاء إلا الصلاة على النبي و آله " فقال :عليه السلام " و لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت "
روي أن أثقل ما يوضع في الميزان من الأعمال هو الصلاة على محمد و آله فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " أنا عند الميزان يوم القيامة فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة على حتى أُثقل بها حسناته "
سؤال/ 116: ما معنى الصلاة على محمد وآل محمد؟
الجواب:
الصلاة معناها الدعاء والتضرع والتوسل إلى الله بطلب شيء منه سبحانه وتعالى، أو التقرب إليه وهو أيضاً طلب، فعندما نقول:
اللهم صلِّ على محمد، يعني نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يرفع شأن محمد (ص) ويعلي مقامه، ومن المؤكد أنّ مقام محمد (ص) هو المقام الأقرب الذي ما بعده مقام، فمقامه ثابت وهو صاحب مقام ألقاب قوسين صلوات الله عليه وآله، فيكون الطلب من الله بالصلاة على محمد هو أن يرفع شأن محمد ويعلي مقام محمد (ص) عند الناس، أي أن يعرّف الناس بعظيم شأن محمد (ص) ، وهذا يحصل عند ظهور الإمام المهدي (ع)؛ لأنه ينشر خمسة وعشرين حرفاً من العلم، فيعرّف الناس بالتوحيد، ويعرّفهم بالرسل، ويعرّفهم بالكتب، ويعرّفهم بالملائكة ، ويعرّفهم بخلق الله سبحانه وتعالى، ويعرفهم بمحمد (ص) ، فعندما نقول: اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، أي إننا نقول: يا الله أظهر حق محمد وآل محمد، وأظهر عظيم مقام محمد وآل محمد، أي كأننا نقول: يا الله عجّل فرج محمد وآل محمد ، وكأننا نقول: يا الله أظهر العدل والحق والقسط وأمت الجور والفساد والظلم، ولهذا كان هذا الذكر أي: (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد) هو أفضل الذكر وثوابه عظيم، وما علمته من الإمام المهدي (ع) أنّ أفضل الذكر هو قول: (بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وسلم تسليماً).ومن قالها خمسين مرة لم يكتب من الغافلين في ذلك اليوم، وإن قالها مائة مرة كتب من الذاكرين في ذلك اليوم، وإن قالها ألف مرة كان من الفائزين عند الله وعند الإمام المهدي (ع).
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ ، أي أن يطلب المؤمنون من الله أن يصلي على محمد، فيقولوا: (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وسلّم تسليماً)، ومعنى وسلّم تسليماً: أي أعطهم الأمن والأمان، والأمن هو بيعة القائم (ع)، والأمان يكون في دولة القائم ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾، وقال تعالى: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾.
المتشابهات ج3 سؤال 116
فمن خلال الروايات الواردة في فضل الصلاة على محمد وآل محمد ومن خلال كلام السيد ع في أن معنى الصلاة هو الطلب من الله بتعجيل الفرج نستنتج بأن انتظار الفرج هو من أفضل الأعمال، وهذا ما تؤيده الروايات الشريفة قال رسول الله ص : أفضل العبادة انتظار الفرج. عن رسول اللّه عليه السلام : «أفضل أعمال اُمّتي انتظار الفرج من اللّه عز و جل»
فإذا كان أفضل الأعمال قبل ظهور القائم هو انتظار الفرج فما بالك بالعمل بين يدي القائم ع وقت ظهوره.
2. (روى الشيخ النعماني) بسنده عن الباقر عليه السلام: (كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه فلا يعطونه فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر)
في هذه الرواية يقول الصادق ع بأنه لو أدرك زمن القائم ع لاستبقى نفسه للقائم ع، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على عظم الأجر الذي يناله أصحاب القائم ع العاملين بين يديه.
3. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبو على الثلج فإن فيها نصرة لخليفة الله المهدي.
ومن هذا الحديث يبين ان على كل مؤمن نصرته ولو أتاهم حبواً على الثلج وذلك تأكيد على النصرة ولو في اصعب الظروف.
4. عن عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله قال : من عرف هذا الامر ثم مات قبل أن يقوم القائم كان له مثل أجر من قتل معه .
ثانيا: أجر العمل بين يدي القائم ع
عن أبي عبد الله قال : قال رسول الله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه ، يتولى وليه ، ويتبرأ من عدوه ، ويتولى الأئمة الهادية من قبله ، أولئك رفقائي وذوو ودي ومودتي ، و أكرم أمتي علي قال رفاعة : وأكرم خلق الله علي .
من كلام ليماني آل محمد (ع) :أعملوا ليلا ونهارا وسرا وعلانية واعلموا أن أجر المؤمن الذي يعمل لتهيئة الأساس لدولة صاحب الزمان(ع) في هذ الوقت عظيم.
لماذا هذه الأجر والأهمية لأصحاب القائم ع:
1. ايمانهم بالغيب
عن الإمام الصادق «عليه السلام» في وصية النبي«صلى الله عليه وآله» قال: «يا علي، أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبي، وحجب عنهم الحجة، فآمنوا بسواد على بياض»
إكمال الدين: الدقاق، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي ابن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله عز وجل " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب " فقال: المتقون شيعة علي عليه السلام، والغيب فهو الحجة الغائب وشاهد ذلك قول الله عز وجل: " ويقولون لولا انزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين "
عن ابن عباس: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: يا أيها الناس، من أعجب إيماناً؟! قالوا: الملائكة. قال: وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر؟! قالوا: فالنبيون يا رسول الله! قال: وكيف لا يؤمن النبيون والوحي ينزل عليهم من السماء؟! قالوا: فأصحابك يا رسول الله! قال: وكيف لا يؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون؟! ولكن أعجب الناس إيماناً قوم يجيئون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني أولئك إخواني
2. تحملهم للشدائد
عن أبي عبد الله قال : قال رسول الله : سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم ، قالوا : يا رسول الله نحن كنا معك ببدر واحد وحنين ، و نزل فينا القرآن ، فقال : إنكم لو تحملوا لما حملوا لم تصبروا صبرهم.
3. أصحاب القائم ع حلم الأنبياء ع
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ
قال رسول الله (ص): لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:والذي نفسي بيده حتى لاتبقى قرية إلا نودي فيها بشهادة أن لا اله إلا الله، وأن محمد رسول الله، بكرة وعشية.(إلزام الناصب 2/254)
حاول الأنبياء السابقون بأن يرسخوا ويطبقوا عقيدة حاكمية الله ولكنهم جوبهوا من قبل أقوامهم فلم يشأ الله بأن يكون الفتح على يديهم. ولكن القائم وأصحابه هم الذين سيحققون هذا الحلم في آخر الزمان. فلقد أبت القوانين الدنيوية إلاّ أن تضع بإزاء كل حق باطلاً ينازعه ويناوئه, فتكالب أعداء الحقيقة من كل حدب وصوب ليوجّهوا نبال التشويه والتشكيك, وكل أنواع المحاربة لهذه العقيدة التي هي من مسلّمات العقل الإسلامي, الذي تعامل مع هذه الفكرة منذ أعماق تأريخه على أنّها أمر لا يمكن الغفلة عنه أو التنكّر له.
إن المآل الذي تؤول إليه أو الثمرة التي تنتجها ثورة القائم ع فيها تحقيق حلم الأنبياء وهدفهم الذي سعوا لأجله على مرّ العصور, والأمنية التي رافقت العقل البشري منذ اليوم الأوّل لترعرعه, لأنّ هذا القائد المؤمّل هو الذي سينزع عن البشرية قيود الظلم والعبودية, وهو الذي سيخلع عليها حلّة العدل والإنصاف, فإنّه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.
إنّ أهل البيت ع وهم يرسّخون في أذهان أتباعهم فكرة المهدي ، إنّما يهدفون إلى القضاء على مارد اليأس وسدّ الطريق أمام التخاذل ، والهزيمة أمام الانحراف والفساد والظلم ، فالجولة الأخيرة للإسلام ، لا بدّ لراية التوحيد أن تخفق فوق ربوع العالم بأسره. وإنّ النصر سيكون حليف الرجال الذين سيؤمنون بالمهدي المنتظر الحجّة الثاني عشر (عليه السلام) وبأهدافه المقدّسة الإلهية ، ويدافعون عنه وعنها، ويبذلون النفس والنفيس ببصيرة من أمرهم وإيماناً بنصر الله الذي يهبه عباده المؤمنين ، ومتى وجد القائد والقائم المعصوم والاُمّة المؤمنة والرعيّة المخلصة ، فإنّ نصر الله سيتحقّق ويتحقّق حلم البشرية والإنسانية المضطهدة في إقامة حكومة العدل الإلهي والإسلام المحمّدي الأصيل.
ماذا بعد الإيمان بالدعوة؟
بعد كل هذا الفضل وهذه المهمة المنوطة بأصحاب القائم ع، هل يهنأ لهم بال أو راحة وعلى كاهلهم هذه المهمة العظيمة؟
نستعرض الأن بعض من أقوال الإمام أحمد الحسن ع في العمل من أجل نشر دين الله ونشر عقيدة التوحيد الصحيحة وهداية الناس إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.
سؤال/ 75: ما معنى: ﴿إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً﴾ ؟
الجواب: أي إنّ لك في النهار عملاً كثيراً في نشر دعوة التوحيد وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، والتسليم له سبحانه ، فاستعن على هذا العمل والجهاد في سبيل الله بقيام الليل لا بالنوم كما يتوهم الغافلون.
لماذا نعمل؟
قال تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } (الأحزاب:72) .
عن الفضل ابن قرة عن أبي عبد الله (ع) قال ( أوحى الله إلى إبراهيم (ع) انه سيولد لكَ فقال لساره فقالت : ألد وأنا عجوز فأوحى الله إليه أنها ستلد ويعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام عليّ. قال فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون فحط عنهم سبعين ومائة سنة . قال : فقال أبو عبد الله (ع) ( هكذا انتم لو فعلتم لفرج الله عنا فأما إذ لم تكونوا فان الأمر ينتهي إلى منتهاه ) .
وهذا العمل مسؤولية الجميع ، علماء الدين والشعوب الإسلامية المستضعفة ، فعلماء الدين قدموا أنفسهم في موضع قيادة الأمة سواء صرحوا بذلك أم لا ، لأنهم تصدوا أمام الله سبحانه وتعالى ووقفوا في باب ملكوته ، متمثلين بالأنبياء والمرسلين . فعليهم إن يسيروا بسيرتهم ويعملوا ، فمن لم يكن منهم أهلا لذلك كان عليه إن لا يضع نفسه في هذا الموضع الخطير ، فيكون من قطَّاع طريق الله سبحانه وتعالى ، فيؤول به الأمر إلى خسران الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين ، إذن فعالم الدين قائد للأمة ، ومصلح الأمة {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} وهو سائر في طريق الله سبحانه ، وداع ٍ إلى الله بأذنه فلا يطلب الدعة والراحة في هذا الطريق ، وإذا وجدها في يوم من الأيام قبل دولة الحق ، فليتهم نفسه وليراجع مسيرته .
قال الإمام علي (ع) ( لو أحبني جبل لتهافت ) ، فعالم الدين يجب إن يفكر ويعمل ليلاً ونهاراً للتهيئة لإقامة دولة الحق ، وللنصح لقائد هذه الدولة الوصي الخاتم (ع) .
أما الشعوب الإسلامية المستضعفة فعليها العودة إلى الإسلام والقرآن ، بعد أن انسلخت منه ولم يبقَ فيها من الإسلام إلا اسمه ، ومن القرآن إلا رسمه . فهي مكلفة بعملية التهيئة لدولة الحق ، أفراداً وجماعات وخصوصاً النخبة المؤمنة المثقفة فيها ، حيث يقع على عاتقهم جزء كبير من عملية إصلاح الأمة ، وتهيئتها لنصرة الحق وأهله ، ومقارعة الباطل ورموزه الشيطانية من الأنس والجن .
والحمد لله الذي منَّ علينا بمحمد وآل محمد (ع) ، قادة نقتفي أثرهم . فهم (ع) نصروا الحق وقارعوا الباطل ، وكانوا يعملون ليلا ونهارا لنشر كلمة لا اله إلا الله ، مرة بالإعلام وبسيوف من الكلام . كان لها أثرها الواضح في القضاء على دولتي بني أمية وبني العباس ، ولا تزال إلى اليوم تأخذ أثرها في النفوس ، كسلاح قوي لهدم دولة الطاغوت والقضاء عليه ، كما فعل الإمام الحسن (ع) .
ومرة أخرى عندما تتوفر الظروف الملائمة ، يجاهد آل محمد (ع) بالثورة المسلحة وبالسيف وإراقة الدماء في سبيل الدين ، كما فعل الإمام الحسين (ع) . وهكذا كانوا (ع) أعلاماً للجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقتدي بهم الثائرون فلم يهنوا ولم ينكلوا في مقارعة الطواغيت حتى قضوا بين مسموم ومقطّع بالسيوف، فعلينا جميعا اليوم إن نقتفي أثرهم (ع) في نشر الدين ومقارعة الظالمين والقضاء عليهم والتهيئة لدولة الحق وإعلاء كلمة لا اله إلا الله في الأرض ، ونشر عبادة العباد لخالقهم ، والقضاء على عبادة العباد للعباد ، وما يرافقها من الفساد . كما يجب فضح أئمة الفساد الذين يسمون أنفسهم علماء ، الذين يحاولون فصل الحسن عن الحسين ، ويقولون إن الإمام الحسن (ع) صامت ، ويدعون أنهم يتابعون سيرته ؛ فتعسا لهم . ولو كان آل محمد (ع) صامتين لما قطعت السموم أحشاءهم ، إن آل محمد (ع) قوم القتل لهم عادة ، وكرامتهم من الله الشهادة ، وما منهم إلا مقتول ، كما ورد عنهم (ع) فلا ألفين خسيساً يحمل جبنه عليهم ، ليعتذر عن خذلانه للحق . ووالله أني لأستعظم تقريع الجبناء.
قال الامام أحمد الحسن المهدي الأول عليه السلام : ( فأنتم انتصاركم بهداية الناس، هدايتهم وليس فقط إقامة الحجة عليهم. اعملوا كل ما يمكنكم لهدايتهم، فقط أوصيكم أن تجاهدوا إبليس بكل ما يمكنكم، أخزوه وأخزوا جنده من الإنس والجن )
Comment