بعض أسباب فشل بعض المؤمنين بمسايرة القائم ع بعد معرفته - الجز ء الأول
خلق اللَّه الحياة لتكون مسرح ابتلاء، وقاعة امتحان للإنسان عن طريق احتدام معركة الصراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، يقول تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
وقوله تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ( 141 ) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ( 142 )) وقوله تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).
وما دامت الحياة دار ابتلاء، وامتحان، وميدان معركة وصراع، فقد منح اللَّه الإنسان حريته الكاملة في اختيار الجبهة التي يناضل ضمن خطوطها في ميدان الحياة. واقتصر دور السماء على توجيه الإنسان وتوعيته بحقيقة الجبهتين العريضتين في الحياة.. ودعوة الإنسان للانضمام إلى جبهة الحق ومقاومة إغراءات الباطل وجحافل الشر.
ودارت رحى المعركة الخطيرة بين دواعي الخير ونوازع الشر في الحياة منذ نعومة أظفار الإنسان وبداية وجوده ولا تزال مستمرة.. تمر على كل جيل من أجيال البشرية فتفرز عناصره وتكشف عن اتجاهات الأفراد، وتميز بين رواد الحق وأتباع الباطل. وقد شاء اللَّه تعالى أن تكون المعركة أبدية ترافق استمرار الإنسان في الحياة (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)(6)، (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)(7) من جميع الأجيال وكل العصور.
وقد كشفت هذه المعركة الدائمة عن سقوط الأغلبية الساحقة من الناس في أوحال الباطل ومزالق الشر، وثبوت أقلية مؤمنة صمدت في مواقع الخير، وأصرّت على مواقف الحق.. لذلك ان النصر غالباً وفي أكثر فترات التاريخ، ومناطقه حليف جبهة الباطل وعصابات الشر. وقد توعد اللَّه الباطل بهزيمة نكراء، ينتقم بها للحق وأتباعه من الباطل وفلوله. وذلك في معركة حاسمة لا تبقى للباطل بعدها باقية.
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: (المهدي وأصحابه يُمَلِّكهم اللَّه مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ويميت اللَّه عزّ وجلّ به وبأصحابه البدع والباطل، كما أمات السفهة الحق حتى لا يرى أثر من الظلم)
في بصائر الدرجات للصفار رحمه الله ص104: (حدثنا العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي الجارود عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: اللهم لَقِّني إخواني مرتين، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال: لا ، إنكم أصحابي، وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ، لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا! أولئك مصابيح الدجى ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة).
والابتلاء مستمر حتى لإصحاب القائم ع بعد معرفته واتباعه
عن الفضل عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع ) قال ( إن أصحاب موسى ابتلوا بنهر و هو قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ و إن أصحاب القائم يبتلون بمثل ذلك ) غيبة الطوسي ص372 ، بحار الأنوار ج52 ص 332
عن الإمام الباقر (ع) قال ( حتى إذا بلغ الثعلبية قام إليه رجل من صلب أبيه وهو من اشد الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر ، فيقول : يا هذا ما تصنع ؟ فو الله انك لتجفل الناس إجفال النعم ، أفبعهد من رسول الله (ص) أم بماذا ؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة : والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك . فيقول له القائم : اسكت يا فلان . أي والله ، ان معي عهدا من رسول الله (ص) . هات يا فلان العيبة أو الزنفليجة ، فيأتيه بها فيقرؤه العهد من رسول الله (ص) فيقول : جعلني الله فداك ، اعطني رأسك اقبله ، فيعطيه رأسه فيقبل بين عينيه ، ثم يقول : جعلني الله فداك جدد لنا البيعة ، فيجدد لهم البيعة ) البحار ج52
نستعرض الآن بعض الأسباب الممكنة التي قد تؤدي لبعض المؤمنين بدعوة القائم ع بأن يشككوا أو يرتدوا عن الدعوة وربما يحاربوا الدعوة باللسان واليد. طبعا سنذكر السبب الممكن الذي قد يؤدي بالبعض للإرتداد وسنذكر في قبال ذلك بعض الروايات التي تخبرنا بأن هكذا سبب قد ذكرته الروايات مما يساعد الأخ المؤمن على توهين هذا السبب والإستعداد له مسبقا ولو نفسيا قبل أن يكون سببا رئيسيا في خذلان دعوة الحق.
1. الوحشة بالقلة
سيرى بعض الأنصار بأنهم قلة قليلة في قبال المئات أو الآلاف أو الملايين من الطرف الآخر المعاكس أو المعادي لدعوة القائم ع. وهذه الوحشة إما بسبب نهج أو أخلاق أو اعتقاد الطرف الآخر.
ربما لا ينتبه الناس إلى أن مسيرة الضياع تبدأ بانحراف عن سبيل الحق طفيف يكاد لا يُرى ولكن هذا الانحراف إذا لم ينتبه إليه السائرون وسايروه سيجدون أنفسهم بعد قطع أشواط من المسير أنهم قد ابتعدوا كثيراً عن سبيل الحق الذي كانوا يسيرون عليه.
ولعل الملحظ الذي يكشف هذا الانحراف هو تكاثر السائرين على السبيل بعد أن كانوا قلة تشعر السائر بالوحشة ، ولكن هذه الوحشة هي علامة السير على سبيل الحق ، فتكون بذلك وحشة المسير على السبيل علامة على الهداية ، ونقيض الوحشة الاستئناس بالكثرة وهي لا شك في أنها علامة على الضلال والتيه ، قال أمير المؤمنين علي(ص) : [لا تستوحشوا سبيل الحق لقلة سالكيه .] وهذا النهي يكشف عن أن حقيقة الاستئناس هي ليست بالكثرة ، وإنما حقيقة الاستئناس هي بالواحد الأحد الذي هو غاية المسير ونهاية السبيل الحق ، ووقوع النهي يدلل على تسرب الوحشة إلى نفوس السائرين فجاء النهي ليكشف لهم حقيقة الاستئناس وأن على السائرين أن يأنسوا بغاية السبيل وينجذبوا إليها كي يغفلوا عما يظهر من وحشة الطريق لقلة سالكيه عند المسير.
يقول مولانا الامام على ابن ابي طالب عليه وعلى ال بيت النبوه افضل الصلاة والسلام (آه آه من قلة الزاد, وبعد السفر ووحشة الطريق)
اما المؤمنون في كتاب الله قلة مستضعفة يخافون ان يتخطفهم الناس قال تعالى
(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)هود40
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) }الشعراء
(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ13
وهذا الامر بينه ال محمد ع بعشرات الاحاديث منها
عن أبي عبد الله (ع) قال : (سئل رسول الله (ص) عن جماعة أمته، فقال : جماعة امتي اهل الحق وان قلوا) معاني الاخبار ص154
قيل لرسول الله صلى الله عليه واله : (ما جماعة أمتك) ؟ قال : (من كان على الحق وان كانوا عشرة) معاني الاخبار ص154
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي لا يحفظني فيك إلا الاتقياء الابرار الاصفياء ، وما هم في أمتي إلا كالشعرة البيضاء في الثور الاسود في الليل الغابر.
عن الباقر (ع) يقول : ( يقل الورع ويكثر الطمع ويُرى المؤمن صامتاً لا يُقبل قوله والكاذب يكذب ولا يرد عليه كذبه والفاسق يمتدح بالفسق لا يرد عليه قوله ) بشارة الإسلام ص23 .
روي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه تطرّق إلى ذِكر الشيعة ( في حديث مفصّل ) فقيل له: جُعلت فِداك، فأين أطلب الموصوفين بهذه الصفة ؟ فقال: اطلبهم في أطراف الأرض، أولئك الخَفيضُ عَيشُهم، المُنتقلةُ دارُهم، الذين إن شَهِدوا لم يُعرَفوا، وإن غابوا لم يُفتَقَدوا، وإن مَرِضوا لم يُعادوا، وإن خَطَبوا لم يُزَوَّجوا، وإن ماتوا لم يُشهَدوا
2.السخرية والإستهزاء من اتباع الحق
الاستهزاء بالرسل عند إرسالهم والسخرية منهم وتسفيه أمرهم عادة الأمم في التعامل مع دعوات الحق ، قال تعالى : ﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ ، وقال تبارك وتعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ ﴾ ، وقال : ﴿ وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ﴾.
وقال مخاطباً سيد رسله : ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾
عن عميرة بن نفيل قال : سمعت النبي (ص) يقول وأقبل على أسامة بن زيد قال رسول الله (ص) : (( فقال : يا أسامة ، وساق الحديث إلى أن قال ، ثم بكى رسول الله (ص) حتى علا بكاؤه واشتد نحيبه وزفيره وشهيقه ، وهاب القوم أن يكلموه فظنوا أنه لأمر قد حدث من السماء ، ثم أنه رفع رأسه فتنفس الصعداء ثم قال : أوه أوه ، بؤساً لهذه الأمة ، ماذا يلقى منهم من أطاع الله ، ويُضربون ويُكذبون من أجل انهم أطاعوا الله فأذلوهم بطاعة الله ، ألا ولا تقوم الساعة حتى يبغض الناس من أطاع الله ويحبون من عصى الله ، فقال عمر : يا رسول الله والناس يومئذ على الإسلام ؟ قال (ص) : وأين الإسلام يومئذ يا عمر ، إن المسلم كالغريب الشريد ، ذلك زمان يذهب فيه الإسلام ، ولا يبقى إلا أسمه ، ويندرس فيه القرآن فلا يبقى إلا رسمه . قال عمر : يا رسول الله وفيما يُكذبون من أطاع الله ويطردونهم ويعذبونهم ؟ فقال : يا عمر ترك القوم الطريق وركنوا إلى الدنيا ورفضوا الآخرة وأكلوا الطيبات ولبسوا الثياب المزينات وخدمتهم أبناء فارس والروم …… وأولياء الله عليهم الفناء ، شجية الوانهم من السهر ، ومنحنية أصلابهم من القيام ، وقد لصقت بطونهم بظهورهم من طول الصيام ، قد أذهلوا أنفسهم وذبحوها بالعطش طلبا لرضى الله وشوقا إلى جزيل ثوابه وخوفا من أليم عقابه فإذا تكلم منهم بحق متكلم أو تفوه بصدق قيل له : أسكت فأنت قرين الشيطان ورأس الضلالة ، يتأولون كتاب الله على غير تأويله ويقولون ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (الأعراف: 32) …) إلزام الناصب خ1 ص 62.
وعن رسول الله (ص) قال : ( يأتي على أمتي زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر ) الغيبة للنعماني ص173
وعن الإمام الصادق (ع) قال : ( … ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يقتدون بشاهد الزور ، ورأيت الحرام يحلل ، ورأيت الحلال يحرم ، ورأيت الدين بالرأي وعطل كتاب الله وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستحيى به من الجراءة على الله ، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عز وجل ، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد ) إلزام الناصب ص184
3.طول غيبة القائم ع عن أنصاره
إن للإمام المهدي (ع) غيبتين الأولى غيبته الصغرى والثانية غيبته الكبرى أو على تعبير الأئمة الغيبة التامة . فقد ورد عنهم (ع)الكثير من الروايات في هذا الشأن فراجعها في كتب الحديث . أما المهدي الأول (الـسـيد احـمد الحـسن) فله غيبة واحدة ، وفي غيبته هذه نوع من التحديد على العكس من الغيبة التامة للإمام المهدي (ع) التي كذَّب الأئمة (ع) كل من حدد لها وقت من غيرهم (ع) ، والتي أعطى أهل البيت (ع) صفات عامة لانتهائها . أما غيبة المهدي الأول وهو ما نحن بصدد بيانه فقد وقع فيها التحديد النسبي منهم (ع) ، وهذا ما نلاحظه من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) للاصبغ قال : ( يكون له غيبة وحيرة ، تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون . فقلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ، فقلت : وإن هذا لكائن ؟ قال : نعم ، كما أنه مخلوق ، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ؟ أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة )
هذه الغيبة ضل فيها الشيعة لأنهم يشترطون رؤية القائم ع قبل أن يفكروا يبحثوا في أمر الدعوة ونسوا أو تناسوا أن المهدي الحجة بن الحسن ع غائب منذ 1200 سنة ولم يسألوا أين هو أو يطلبوا من الله رؤيته. ونفس هذه الغيبة سيضل فيها بعض من آمن بدعوة القائم ع في بدايتها وخصوصا ممن لم ير القائم ع حينما كانت رؤيته متيسرة في ظهوره الأول. وقد حصل هذا بالفعل فقد رأينا أشخاصا -رغم أنهم قلة - ارتدوا بسبب أنهم لم يروا السيد أحمد ع وأن غيبته قد طالت.
4.السقوط عند النداء لخروج القائم ع
غالبا ما يكون الإنسان مطيعا لربه ويعبده ويطيعه ويطيع خليفته في أرضه، ويستمر على هذه الحال ما دام في سعة من العيش ويمارس حياته مثل بقية الناس. قال الإمام الحسين (ع) ( الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم ، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون ) فالناس يأخذون بما يتوافق مع أهوائهم ورغباتهم فإذا تصادم الحق معهم اعرضوا عنه ونبذوه.
بعض من الذين سيؤمنون بالقائم ع سيكونون مسلمين به وبأقواله إلى أن تأتي ساعة الصفر ويأمر -ع- أتباعه بالخروج فسيتردد البعض ويخذل الإمام عن نصرته. سيقول بعضهم نحن لسنا مستعدين بعد للقيام، أو الظروف المحيطة بالقيام ليس مناسبة بعد، أو ظروفي العائلية أو الوظيفية لا تسمح لي بذلك أو غيرها من الأعذار.
ولكن يوم الخروج قادم لا محال كما ذكرت الروايات فيجب على جميع الأنصار الاستعداد لهذا اليوم.
تفسير القمي:2/84 ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا: قال: إن العامة يقولون نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة ، وإنما هي للقائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام ، وهو قوله: نحن أولياء الدم وطلاب الدية). وعنه إثبات الهداة:3/552 ، والبحار:51/47 .
في النعماني/231 ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: صالح من الصالحين سمه لي أريد القائم عليه السلام ، فقال: إسمه اسمي ، قلت: أيسير بسيرة محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال: هيهات هيهات يازرارة ما يسير بسيرته ! قلت: جعلت فداك لم؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله سار في أمته بالمنِّ كان يتألف الناس والقائم يسير بالقتل ، بذاك أمر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحداً ، ويلٌ لمن ناواه). وعقد الدرر/226 ، وعنه البحار:52/353 ، وإثبات الهداة:3/539
وفي الإرشاد/364: (وروى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أنه قال: إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة ، فيخرج منها بضعة عشر ألفاً يدعون البترية عليهم السلاح ، فيقولون له: إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ، ويقتل مقاتلها حتى يرضى الله عز وعلا ).
إذا ربما سيأتي وقت يطلب القائم ع من اتباعه الخروج لقتال من يعادي دعوته وعندها سيتردد بعض المؤمنين بدعوة الحق وربما سيحاربونه.
5.أفعال ما بعد خروج القائم ع
وأيضا وفي أثناء محاربة الإمام ع للأعداء فإنه سيقوم بأعمال ليس لها تفسير ظاهري.
وقال عليه السلام: - إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود لا يحتاج إلى بينّة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليّه من عدوه بالتوسم، قال الله سبحانه: (إِنَّ فِي ذَلِك لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ - وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (الحجر:75-76)
عن الصادق عليه السلام قال: (بينا الرجل على رأس القائم أي واقف بجنبه يأمر وينهي إذ قال أديروه، فيديرونه إلى قدامه، فيأمر بضرب عنقه، فلا يبقى في الخافقين شيء إلا خافه).
عن أبي جعفر (ع) قال ( يقضي القائم بقضايا ينكرها بعض أصحابه ممن قد ضرب قدامه بالسيف ، وهو قضاء آدم (ع) فيقدمهم فيضرب أعناقهم . ثم يقضي الثانية فينكرها قوم آخرون ممن قد ضربوا قدامه بالسيف ، وهو قضاء داوود (ع) ، فيقدمهم فيضرب أعناقهم ، ثم يقضي الثالثة ، فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف ، وهو قضاء ابراهيم (ع) ، فيقدمهم فيضرب أعناقهم . ثم يقضي الرابعة ، وهو قضاء محمد (ص) ، فلا ينكرها أحد عليه ) . ما بعد الظهور للسيد الصدر ص 509
وعن أبي عبد الله (ع) قال : ( إذا قدم القائم (ع) وثب أن يكسر الحائط الذي على القبر ( أي قبر الأول والثاني ) فيبعث الله ريحا شديدة وصواعق ورعود حتى يقول الناس إنما ذا لذا فيتفرق أصحابه عنه حتى لا يبقى معه أحد فيأخذ المعول بيده فيكون أول من يضرب بالمعول ثم يرجع إليه أصحابه إذا رأوه يضرب بالمعول بيده فيكون ذلك اليوم فضل بعضهم على بعض بقدر سبقهم إليه فيهدمون الحائط ثم يخرجهما غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما ثم يذرهما في الريح ) بحار الأنوار ج52 ص386
مرة قال النبي ص قبل معركة بدر: لا تقتلوا عمي العباس، هناك صحابي فكر وجد الكلام ما استقام معه، قال: أينهانا عن قتل عمه وأحدنا يقتل أباه وأخاه ؟ توهم أنها قضية انحياز، هذا شيء بنفسه ما تكلم ولا كلمة، ثم اكتشف هذا الصحابي أن عم النبي ص مسلم في مكة، وهو عين النبي في مكة، وكل أخبار المشركين تأتيه عن طريق عمه.
دقق الآن في موقف النبي عليه الصلاة والسلام، فلو أنه قال عمي مسلم أنهى مهمته، لازلنا في أول الطريق، ولو أن عمه لم يشارك في الحرب كشف نفسه، ولو سكت النبي لقتل لأنه مشرك، يعني لا يستطيع أن يتكلم النبي ص إلا أربع كلمات "لا تقتلوا عمي العباس" بدون "ليش وكيف"، هذا الصحابي لما كشفت له الحقيقة قال: ظللت أتصدق عشر سنين رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله. المصدر: موسوعة النابلسي
أقول : ينبغي لكل مؤمن ان يعتبر بهذه الوقائع وان يراجع نفسه وليحذر كل الحذر ان يتورط في معاداة أهل البيت (ع) وأن يعمل ليلا ونهارا من اجل إرضاء الله تعالى عسى أن يمن الله تعالى عليه ويوفقه لمعرفة الحق ونصرته ومعرفة الباطل ومعاداته وأن يكون دقيقا في اختيار من يقتدي به ، فان كان ذلك الشخص مطبقا لأخلاق القرآن الكريم وأخلاق اهل البيت (ع) فاتبعه واقتدي به . أما إذا كان ذلك الشخص من محبي الشهرة والمنصب وكثرة الأتباع والأموال ومن الذين يدعون لأنفسهم وتركوا الدعوة للإمام المهدي (ع) . فإن مثل هكذا أشخاص يجب تركهم وعدم إتباعهم ، بل يجب محاربتهم، لأن هؤلاء سيجعلون المجتمع طوائف وأحزاب يلعن بعضها بعضا ، وبالتالي هؤلاء الأشخاص سوف يقودون المجتمع إلى معاداة الإمام المهدي (ع) وعدم نصرته ، لأن الإختلاف لا ينتج الوحدة إطلاقا .
خلق اللَّه الحياة لتكون مسرح ابتلاء، وقاعة امتحان للإنسان عن طريق احتدام معركة الصراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، يقول تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
وقوله تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ( 141 ) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ( 142 )) وقوله تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).
وما دامت الحياة دار ابتلاء، وامتحان، وميدان معركة وصراع، فقد منح اللَّه الإنسان حريته الكاملة في اختيار الجبهة التي يناضل ضمن خطوطها في ميدان الحياة. واقتصر دور السماء على توجيه الإنسان وتوعيته بحقيقة الجبهتين العريضتين في الحياة.. ودعوة الإنسان للانضمام إلى جبهة الحق ومقاومة إغراءات الباطل وجحافل الشر.
ودارت رحى المعركة الخطيرة بين دواعي الخير ونوازع الشر في الحياة منذ نعومة أظفار الإنسان وبداية وجوده ولا تزال مستمرة.. تمر على كل جيل من أجيال البشرية فتفرز عناصره وتكشف عن اتجاهات الأفراد، وتميز بين رواد الحق وأتباع الباطل. وقد شاء اللَّه تعالى أن تكون المعركة أبدية ترافق استمرار الإنسان في الحياة (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)(6)، (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)(7) من جميع الأجيال وكل العصور.
وقد كشفت هذه المعركة الدائمة عن سقوط الأغلبية الساحقة من الناس في أوحال الباطل ومزالق الشر، وثبوت أقلية مؤمنة صمدت في مواقع الخير، وأصرّت على مواقف الحق.. لذلك ان النصر غالباً وفي أكثر فترات التاريخ، ومناطقه حليف جبهة الباطل وعصابات الشر. وقد توعد اللَّه الباطل بهزيمة نكراء، ينتقم بها للحق وأتباعه من الباطل وفلوله. وذلك في معركة حاسمة لا تبقى للباطل بعدها باقية.
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: (المهدي وأصحابه يُمَلِّكهم اللَّه مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ويميت اللَّه عزّ وجلّ به وبأصحابه البدع والباطل، كما أمات السفهة الحق حتى لا يرى أثر من الظلم)
في بصائر الدرجات للصفار رحمه الله ص104: (حدثنا العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي الجارود عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: اللهم لَقِّني إخواني مرتين، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال: لا ، إنكم أصحابي، وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ، لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا! أولئك مصابيح الدجى ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة).
والابتلاء مستمر حتى لإصحاب القائم ع بعد معرفته واتباعه
عن الفضل عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع ) قال ( إن أصحاب موسى ابتلوا بنهر و هو قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ و إن أصحاب القائم يبتلون بمثل ذلك ) غيبة الطوسي ص372 ، بحار الأنوار ج52 ص 332
عن الإمام الباقر (ع) قال ( حتى إذا بلغ الثعلبية قام إليه رجل من صلب أبيه وهو من اشد الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر ، فيقول : يا هذا ما تصنع ؟ فو الله انك لتجفل الناس إجفال النعم ، أفبعهد من رسول الله (ص) أم بماذا ؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة : والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك . فيقول له القائم : اسكت يا فلان . أي والله ، ان معي عهدا من رسول الله (ص) . هات يا فلان العيبة أو الزنفليجة ، فيأتيه بها فيقرؤه العهد من رسول الله (ص) فيقول : جعلني الله فداك ، اعطني رأسك اقبله ، فيعطيه رأسه فيقبل بين عينيه ، ثم يقول : جعلني الله فداك جدد لنا البيعة ، فيجدد لهم البيعة ) البحار ج52
نستعرض الآن بعض الأسباب الممكنة التي قد تؤدي لبعض المؤمنين بدعوة القائم ع بأن يشككوا أو يرتدوا عن الدعوة وربما يحاربوا الدعوة باللسان واليد. طبعا سنذكر السبب الممكن الذي قد يؤدي بالبعض للإرتداد وسنذكر في قبال ذلك بعض الروايات التي تخبرنا بأن هكذا سبب قد ذكرته الروايات مما يساعد الأخ المؤمن على توهين هذا السبب والإستعداد له مسبقا ولو نفسيا قبل أن يكون سببا رئيسيا في خذلان دعوة الحق.
1. الوحشة بالقلة
سيرى بعض الأنصار بأنهم قلة قليلة في قبال المئات أو الآلاف أو الملايين من الطرف الآخر المعاكس أو المعادي لدعوة القائم ع. وهذه الوحشة إما بسبب نهج أو أخلاق أو اعتقاد الطرف الآخر.
ربما لا ينتبه الناس إلى أن مسيرة الضياع تبدأ بانحراف عن سبيل الحق طفيف يكاد لا يُرى ولكن هذا الانحراف إذا لم ينتبه إليه السائرون وسايروه سيجدون أنفسهم بعد قطع أشواط من المسير أنهم قد ابتعدوا كثيراً عن سبيل الحق الذي كانوا يسيرون عليه.
ولعل الملحظ الذي يكشف هذا الانحراف هو تكاثر السائرين على السبيل بعد أن كانوا قلة تشعر السائر بالوحشة ، ولكن هذه الوحشة هي علامة السير على سبيل الحق ، فتكون بذلك وحشة المسير على السبيل علامة على الهداية ، ونقيض الوحشة الاستئناس بالكثرة وهي لا شك في أنها علامة على الضلال والتيه ، قال أمير المؤمنين علي(ص) : [لا تستوحشوا سبيل الحق لقلة سالكيه .] وهذا النهي يكشف عن أن حقيقة الاستئناس هي ليست بالكثرة ، وإنما حقيقة الاستئناس هي بالواحد الأحد الذي هو غاية المسير ونهاية السبيل الحق ، ووقوع النهي يدلل على تسرب الوحشة إلى نفوس السائرين فجاء النهي ليكشف لهم حقيقة الاستئناس وأن على السائرين أن يأنسوا بغاية السبيل وينجذبوا إليها كي يغفلوا عما يظهر من وحشة الطريق لقلة سالكيه عند المسير.
يقول مولانا الامام على ابن ابي طالب عليه وعلى ال بيت النبوه افضل الصلاة والسلام (آه آه من قلة الزاد, وبعد السفر ووحشة الطريق)
اما المؤمنون في كتاب الله قلة مستضعفة يخافون ان يتخطفهم الناس قال تعالى
(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)هود40
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) }الشعراء
(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ13
وهذا الامر بينه ال محمد ع بعشرات الاحاديث منها
عن أبي عبد الله (ع) قال : (سئل رسول الله (ص) عن جماعة أمته، فقال : جماعة امتي اهل الحق وان قلوا) معاني الاخبار ص154
قيل لرسول الله صلى الله عليه واله : (ما جماعة أمتك) ؟ قال : (من كان على الحق وان كانوا عشرة) معاني الاخبار ص154
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي لا يحفظني فيك إلا الاتقياء الابرار الاصفياء ، وما هم في أمتي إلا كالشعرة البيضاء في الثور الاسود في الليل الغابر.
عن الباقر (ع) يقول : ( يقل الورع ويكثر الطمع ويُرى المؤمن صامتاً لا يُقبل قوله والكاذب يكذب ولا يرد عليه كذبه والفاسق يمتدح بالفسق لا يرد عليه قوله ) بشارة الإسلام ص23 .
روي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه تطرّق إلى ذِكر الشيعة ( في حديث مفصّل ) فقيل له: جُعلت فِداك، فأين أطلب الموصوفين بهذه الصفة ؟ فقال: اطلبهم في أطراف الأرض، أولئك الخَفيضُ عَيشُهم، المُنتقلةُ دارُهم، الذين إن شَهِدوا لم يُعرَفوا، وإن غابوا لم يُفتَقَدوا، وإن مَرِضوا لم يُعادوا، وإن خَطَبوا لم يُزَوَّجوا، وإن ماتوا لم يُشهَدوا
2.السخرية والإستهزاء من اتباع الحق
الاستهزاء بالرسل عند إرسالهم والسخرية منهم وتسفيه أمرهم عادة الأمم في التعامل مع دعوات الحق ، قال تعالى : ﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ ، وقال تبارك وتعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ ﴾ ، وقال : ﴿ وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ﴾.
وقال مخاطباً سيد رسله : ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾
عن عميرة بن نفيل قال : سمعت النبي (ص) يقول وأقبل على أسامة بن زيد قال رسول الله (ص) : (( فقال : يا أسامة ، وساق الحديث إلى أن قال ، ثم بكى رسول الله (ص) حتى علا بكاؤه واشتد نحيبه وزفيره وشهيقه ، وهاب القوم أن يكلموه فظنوا أنه لأمر قد حدث من السماء ، ثم أنه رفع رأسه فتنفس الصعداء ثم قال : أوه أوه ، بؤساً لهذه الأمة ، ماذا يلقى منهم من أطاع الله ، ويُضربون ويُكذبون من أجل انهم أطاعوا الله فأذلوهم بطاعة الله ، ألا ولا تقوم الساعة حتى يبغض الناس من أطاع الله ويحبون من عصى الله ، فقال عمر : يا رسول الله والناس يومئذ على الإسلام ؟ قال (ص) : وأين الإسلام يومئذ يا عمر ، إن المسلم كالغريب الشريد ، ذلك زمان يذهب فيه الإسلام ، ولا يبقى إلا أسمه ، ويندرس فيه القرآن فلا يبقى إلا رسمه . قال عمر : يا رسول الله وفيما يُكذبون من أطاع الله ويطردونهم ويعذبونهم ؟ فقال : يا عمر ترك القوم الطريق وركنوا إلى الدنيا ورفضوا الآخرة وأكلوا الطيبات ولبسوا الثياب المزينات وخدمتهم أبناء فارس والروم …… وأولياء الله عليهم الفناء ، شجية الوانهم من السهر ، ومنحنية أصلابهم من القيام ، وقد لصقت بطونهم بظهورهم من طول الصيام ، قد أذهلوا أنفسهم وذبحوها بالعطش طلبا لرضى الله وشوقا إلى جزيل ثوابه وخوفا من أليم عقابه فإذا تكلم منهم بحق متكلم أو تفوه بصدق قيل له : أسكت فأنت قرين الشيطان ورأس الضلالة ، يتأولون كتاب الله على غير تأويله ويقولون ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (الأعراف: 32) …) إلزام الناصب خ1 ص 62.
وعن رسول الله (ص) قال : ( يأتي على أمتي زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر ) الغيبة للنعماني ص173
وعن الإمام الصادق (ع) قال : ( … ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يقتدون بشاهد الزور ، ورأيت الحرام يحلل ، ورأيت الحلال يحرم ، ورأيت الدين بالرأي وعطل كتاب الله وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستحيى به من الجراءة على الله ، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عز وجل ، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد ) إلزام الناصب ص184
3.طول غيبة القائم ع عن أنصاره
إن للإمام المهدي (ع) غيبتين الأولى غيبته الصغرى والثانية غيبته الكبرى أو على تعبير الأئمة الغيبة التامة . فقد ورد عنهم (ع)الكثير من الروايات في هذا الشأن فراجعها في كتب الحديث . أما المهدي الأول (الـسـيد احـمد الحـسن) فله غيبة واحدة ، وفي غيبته هذه نوع من التحديد على العكس من الغيبة التامة للإمام المهدي (ع) التي كذَّب الأئمة (ع) كل من حدد لها وقت من غيرهم (ع) ، والتي أعطى أهل البيت (ع) صفات عامة لانتهائها . أما غيبة المهدي الأول وهو ما نحن بصدد بيانه فقد وقع فيها التحديد النسبي منهم (ع) ، وهذا ما نلاحظه من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) للاصبغ قال : ( يكون له غيبة وحيرة ، تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون . فقلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ، فقلت : وإن هذا لكائن ؟ قال : نعم ، كما أنه مخلوق ، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ؟ أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة )
هذه الغيبة ضل فيها الشيعة لأنهم يشترطون رؤية القائم ع قبل أن يفكروا يبحثوا في أمر الدعوة ونسوا أو تناسوا أن المهدي الحجة بن الحسن ع غائب منذ 1200 سنة ولم يسألوا أين هو أو يطلبوا من الله رؤيته. ونفس هذه الغيبة سيضل فيها بعض من آمن بدعوة القائم ع في بدايتها وخصوصا ممن لم ير القائم ع حينما كانت رؤيته متيسرة في ظهوره الأول. وقد حصل هذا بالفعل فقد رأينا أشخاصا -رغم أنهم قلة - ارتدوا بسبب أنهم لم يروا السيد أحمد ع وأن غيبته قد طالت.
4.السقوط عند النداء لخروج القائم ع
غالبا ما يكون الإنسان مطيعا لربه ويعبده ويطيعه ويطيع خليفته في أرضه، ويستمر على هذه الحال ما دام في سعة من العيش ويمارس حياته مثل بقية الناس. قال الإمام الحسين (ع) ( الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم ، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون ) فالناس يأخذون بما يتوافق مع أهوائهم ورغباتهم فإذا تصادم الحق معهم اعرضوا عنه ونبذوه.
بعض من الذين سيؤمنون بالقائم ع سيكونون مسلمين به وبأقواله إلى أن تأتي ساعة الصفر ويأمر -ع- أتباعه بالخروج فسيتردد البعض ويخذل الإمام عن نصرته. سيقول بعضهم نحن لسنا مستعدين بعد للقيام، أو الظروف المحيطة بالقيام ليس مناسبة بعد، أو ظروفي العائلية أو الوظيفية لا تسمح لي بذلك أو غيرها من الأعذار.
ولكن يوم الخروج قادم لا محال كما ذكرت الروايات فيجب على جميع الأنصار الاستعداد لهذا اليوم.
تفسير القمي:2/84 ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا: قال: إن العامة يقولون نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة ، وإنما هي للقائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام ، وهو قوله: نحن أولياء الدم وطلاب الدية). وعنه إثبات الهداة:3/552 ، والبحار:51/47 .
في النعماني/231 ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: صالح من الصالحين سمه لي أريد القائم عليه السلام ، فقال: إسمه اسمي ، قلت: أيسير بسيرة محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال: هيهات هيهات يازرارة ما يسير بسيرته ! قلت: جعلت فداك لم؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله سار في أمته بالمنِّ كان يتألف الناس والقائم يسير بالقتل ، بذاك أمر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحداً ، ويلٌ لمن ناواه). وعقد الدرر/226 ، وعنه البحار:52/353 ، وإثبات الهداة:3/539
وفي الإرشاد/364: (وروى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أنه قال: إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة ، فيخرج منها بضعة عشر ألفاً يدعون البترية عليهم السلاح ، فيقولون له: إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ، ويقتل مقاتلها حتى يرضى الله عز وعلا ).
إذا ربما سيأتي وقت يطلب القائم ع من اتباعه الخروج لقتال من يعادي دعوته وعندها سيتردد بعض المؤمنين بدعوة الحق وربما سيحاربونه.
5.أفعال ما بعد خروج القائم ع
وأيضا وفي أثناء محاربة الإمام ع للأعداء فإنه سيقوم بأعمال ليس لها تفسير ظاهري.
وقال عليه السلام: - إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود لا يحتاج إلى بينّة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليّه من عدوه بالتوسم، قال الله سبحانه: (إِنَّ فِي ذَلِك لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ - وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (الحجر:75-76)
عن الصادق عليه السلام قال: (بينا الرجل على رأس القائم أي واقف بجنبه يأمر وينهي إذ قال أديروه، فيديرونه إلى قدامه، فيأمر بضرب عنقه، فلا يبقى في الخافقين شيء إلا خافه).
عن أبي جعفر (ع) قال ( يقضي القائم بقضايا ينكرها بعض أصحابه ممن قد ضرب قدامه بالسيف ، وهو قضاء آدم (ع) فيقدمهم فيضرب أعناقهم . ثم يقضي الثانية فينكرها قوم آخرون ممن قد ضربوا قدامه بالسيف ، وهو قضاء داوود (ع) ، فيقدمهم فيضرب أعناقهم ، ثم يقضي الثالثة ، فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف ، وهو قضاء ابراهيم (ع) ، فيقدمهم فيضرب أعناقهم . ثم يقضي الرابعة ، وهو قضاء محمد (ص) ، فلا ينكرها أحد عليه ) . ما بعد الظهور للسيد الصدر ص 509
وعن أبي عبد الله (ع) قال : ( إذا قدم القائم (ع) وثب أن يكسر الحائط الذي على القبر ( أي قبر الأول والثاني ) فيبعث الله ريحا شديدة وصواعق ورعود حتى يقول الناس إنما ذا لذا فيتفرق أصحابه عنه حتى لا يبقى معه أحد فيأخذ المعول بيده فيكون أول من يضرب بالمعول ثم يرجع إليه أصحابه إذا رأوه يضرب بالمعول بيده فيكون ذلك اليوم فضل بعضهم على بعض بقدر سبقهم إليه فيهدمون الحائط ثم يخرجهما غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما ثم يذرهما في الريح ) بحار الأنوار ج52 ص386
مرة قال النبي ص قبل معركة بدر: لا تقتلوا عمي العباس، هناك صحابي فكر وجد الكلام ما استقام معه، قال: أينهانا عن قتل عمه وأحدنا يقتل أباه وأخاه ؟ توهم أنها قضية انحياز، هذا شيء بنفسه ما تكلم ولا كلمة، ثم اكتشف هذا الصحابي أن عم النبي ص مسلم في مكة، وهو عين النبي في مكة، وكل أخبار المشركين تأتيه عن طريق عمه.
دقق الآن في موقف النبي عليه الصلاة والسلام، فلو أنه قال عمي مسلم أنهى مهمته، لازلنا في أول الطريق، ولو أن عمه لم يشارك في الحرب كشف نفسه، ولو سكت النبي لقتل لأنه مشرك، يعني لا يستطيع أن يتكلم النبي ص إلا أربع كلمات "لا تقتلوا عمي العباس" بدون "ليش وكيف"، هذا الصحابي لما كشفت له الحقيقة قال: ظللت أتصدق عشر سنين رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله. المصدر: موسوعة النابلسي
أقول : ينبغي لكل مؤمن ان يعتبر بهذه الوقائع وان يراجع نفسه وليحذر كل الحذر ان يتورط في معاداة أهل البيت (ع) وأن يعمل ليلا ونهارا من اجل إرضاء الله تعالى عسى أن يمن الله تعالى عليه ويوفقه لمعرفة الحق ونصرته ومعرفة الباطل ومعاداته وأن يكون دقيقا في اختيار من يقتدي به ، فان كان ذلك الشخص مطبقا لأخلاق القرآن الكريم وأخلاق اهل البيت (ع) فاتبعه واقتدي به . أما إذا كان ذلك الشخص من محبي الشهرة والمنصب وكثرة الأتباع والأموال ومن الذين يدعون لأنفسهم وتركوا الدعوة للإمام المهدي (ع) . فإن مثل هكذا أشخاص يجب تركهم وعدم إتباعهم ، بل يجب محاربتهم، لأن هؤلاء سيجعلون المجتمع طوائف وأحزاب يلعن بعضها بعضا ، وبالتالي هؤلاء الأشخاص سوف يقودون المجتمع إلى معاداة الإمام المهدي (ع) وعدم نصرته ، لأن الإختلاف لا ينتج الوحدة إطلاقا .
Comment