سم الله الرحمن الرحيم - اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
جميعنا نعلم أن جل الأنبياء والمرسلين لاقوا تكذيب وجحود من فئة كبيرة من العلماء (المنهجيين كما يسمون)ولكن أرجوا أن تقرأوا هنا عن مواقف العلماء والأوساط العلمية المنهجية من الأشخاص - الذين لا يلتزمون بالمنهج العلمي السائد ؟!-والذين نتمتع اليوم في الكثير من نتاج عقولهم التي نعتت آنذاك بالغباوة والسذاجة في مقابل المنهج العلمي الرصين المبني على قواعد متينة ؟!-
*ـ في القرن الخامس عشر، رسم ليونارديو دافينشي تصميماُ يمثّل آلة طائرة، فسخر منه العلماء وقالوا له ضاحكين: إنسَ الأمر.. إذا كان الطيران ممكناً لكنّا أوّل من عرف بذلك.
ـ المجتمع العلمي هو أوّل من تصدى لأفكار الفلكي البولندي "كوبرنيكوس" عندما أعلن عن مشاهداته التي تشير إلى أن الأرض ليست مركز الكون، في عام 1540م.
في العام 1608م ظهر ألماني يدعى "ليبرشيه" بجهاز مقرّب (منظار) مؤلف من عدستين، فأخذه منه الإيطالي "غاليليو" وطوّره حتى صنع ما نعرفه اليوم بالتلسكوب، ووجد من خلاله أن القمر هو كروي الشكل وليس طبق فضّي، لكن البروفيسور المسؤول عن جامعة "بادوا" رفض حتى النظر في ذلك الجهاز! وادعى بأنه يمثّل هرطقة علمية.... أما قصة "غاليليو" مع الكنيسة، فلا تخفى عن أحد.
- سخر رجال الأكاديمية البريطانية للعلوم من بنجامين فرانكلين عندما قدم تقرير عن القضيب المعدني وتفاعله مع البرق. و رفضت الأكاديمية نشر هذا التقرير المثير للسخرية.
السيّد "وليام بيرس"، رئيس المهندسين في مكتب البريد البريطاني، نسب إليه أكثر التعليقات غباءً في التاريخ حول اختراعات توماس أديسون. فقال في إحدى المناسبات أن مصباح أديسون الكهربائي هو عبارة عن فكرة حمقاء تماماً!..
- العديد من البروفسورات المرموقين الذين عرفوا أديسون، بما فيهم البروفيسور البارز "هنري مورتون"، علّقوا على فكرة المصباح الكهربائي، قبل استعراضه أمام الناس بقليل، قائلين: ".. باسم العلم .. نصرّح بان تجارب أديسون هي عملية احتيال تهدف لخداع الجماهير.."!
- علّق علماء من الأكاديمية الفرنسية للعلوم، على آلة أديسون الصوتية (الغرامافون) بعد سماعها تطلق الأصوات، قائلين:
".. إنها عملية خداع واضحة! فلا يمكن للآلة أن تتكلّم! لا بد من أن الأصوات تخرج من فمه (أي أديسون) بطريقة بارعة لا يمكن ملاحظتها.."
ـ سخر المهندسون الألمان في العام 1902م من الكونت فرديناند فون زيبلين عندما أعلن عن اختراع وسيلة نقل جويّة (منطاد قابل للتوجيه. لكن بعدها بسنوات قليلة، راحت مناطيد زيبلين تجوب السماء وتجتاز المحيط الأطلسي ناقلة الركاب من قارة لأخرى.
ـ في العام 1903م، تجاهلت الصحف الرئيسية ذلك الحدث التاريخي الذي يتمثّل بتحليق أوّل طائرة صنعها الأخوين رايت. وعلّقت إحدى المجلات العلمية المحترمة (ساينتيفك أمريكان) على هذا الإنجاز بأنه خدعة وهمية! وهذا كان موقف الصحف الأخرى مثل النييورك تايمز والنيويورك هيرالد وغيرها! بالإضافة إلى قيادة الجيش الأمريكي، والأكاديميات والجامعات المختلفة، ورجال العلم البارزين، بما فيهم البروفيسور في علم الرياضيات والفضاء السيد "سيمون نيوكمب" وغيره من العلماء. جميعهم سخروا من الأخوين رايت وقللوا من شأن هذا الحدث العظيم. جميعهم علّقوا بصوت واحد: "... إنه من المستحيل علمياً للمحركات الثقيلة أن تطير". و لمدّة خمس سنوات كاملة، رفض المسؤولون في البيت الأبيض تصديق أن آلة ميكانيكية أثقل من الهواء استطاعت الطيران.
ـ "جون لوغي بارد"، مخترع كاميرا التلفزيون، تعرّض لهجوم شرس من قبل رجال العلم المتشككين ذات العقول المتحجّرة، والذين علّقوا على هذه الفكرة قائلين: ".. إن فكرة نقل الصورة عبر الأثير هي عبارة عن ترهات وسخافات معيبة..".
- في الخمسينات من القرن الماضي، صرّح أحد الفيزيائيين المرموقين في جامعة كامبريدج البريطانية بأن الكلام عن السفر إلى الفضاء هو كلام فارغ وليس له صلة بالواقع الحقيقي أبداً! بعد هذا التصريح بـ18 شهراً حلّق القمر الروسي سبوتنك في الفضاء الخارجي، متحدياً بذلك كافة المفاهيم العلمية الراسخة. وهذا الإنجاز أحدث ضجّة كبيرة أدت إلى إحراج الكثير من رجال العلم، واضطرّت المؤسسات العلمية الغربية، المصدومة بشدّة، إلى تغيير مناهجها التعليمية القديمة في المدارس وأسست منهج علمي جديد يتعامل مع هذا الواقع العلمي الجديد. وقد فقد الكثير من الأكاديميين المرموقين وظائفهم ومناصبهم خلال هذه النقلة العلمية النوعية.
ـ أرهينيوس Arrhenius و"الكيمياء الآيونية"
اعتبرت فكرته القائلة أن الإلكتروليت مليء بالذّرات المشوحنة، بأنها فكرة مجنونة. كانت النظريّة الذريّة جديدة في ذلك الوقت، والجميع كان مقتنع أنّ الذرّات غير قابلة للإنقسام (وبذلك لا يمكنها أن تفقد أو تكتسب أي شحنة كهربائيّة ) . و بسبب نظريتة المهرطقة هذه ، حصل على شهادته الجامعيّة بشقِّ الأنفس و بعلامات متدنّية .
ـ هانس ألفن Hans Alfven و"ديناميكيّات البلازما على مستوى المجرات"
يعتقد العلماء أنَّ الجاذبيّة وحدها هي الأمر الأهم في النظام الشمسي ، و على مستوى المجرّات و هكذا ..... وفكرة ألفن أنّ فيزياء البلازما مساوية أو أكبر في الأهميّة من الجاذبيّة كانت موضع سخرية لعقود طويلة من الزمن .
ـ سخر من روبرت باكر Robert Bakker وفكرة " الديناصورات السريعة ذوات الدم الحار "
كان الجميع يعتقد أنَّ الديناصورات مثل وحوش الهيلية ( عُضاية ضخمة ) أو سلحفاة كبيرة ضخمة، هي بطيئة ولا تحتمل البرد ، وجميعها ذات لون زيتي باهت .
ـ سوبرامانيان شاندرا سيكار Subrahmanyan Chandrasekhar وفكرة "الثقوب السوداء" في عام 1930 ، و التي سحقها أدنغتون :
ابتكر شاندرا نظريّة الثقوب السوداء ونشرها في عدّة صحف . لكنه تعرض لهجوم شرس من قبل زميله المقرّب السير آرثر أدينغتون ، و لم تقبل نظريته من قبل مجتمع البحث العلمي . لقد كانوا على خطأ ، و قام أدينغتون برد فعل عنيف معتمداً على نظريته المتبنّاة غير الصحيحة . لم يستطع شاندرا أن يمارس مهنته في إنجلترا ونقل أبحاثه إلى جامعة شيكاغو في عام 1937، وظلّ يعمل في الظلمة لعقود بعيداً عن الأضواء . أعاد آخرون اكتشاف نظرية الثقوب السوداء بعد 30 عام . وقد ربح جائزة نوبل في علوم الفيزياء لعام 1983، وجاء الاعتراف بعد 50 عام فقط .
لا تستخفّ بالحقيقة التي فحواها أن المجتمع العلمي يبحث عن السلطة و ليس الحقيقة ، أو من قوّة تأثير سخرية الناس عندما يستخدمونها للتقليل من شأن أحدهم ، مثلما فعل أدينغتون .
ـ شلادني Ernst Chladni وفكرة " النيازك " في عام 1800
نظرت رابطة البحث العلمي إلى النيازك بنفس الطريقة التي ينظر بها العلماء المعاصرون إلى ظاهرة المخلوقات الفضائية أو الأشباح أو غيرها من ظواهر خارقة للطبيعة لا يصدّقها إلاّ الفلاحون .. وجميع إفادات الشهود العيان لم تصدق من قبل المجتمع العلمي .
أصبحت السخرية شديدة في فترة ما حيث قرّر العديد من متاحف النيازك في مجموعاتها الجيولوجية أن تهمل هذه العيّنات الثمينة . (غالباً ما يتحكّم الشك العدائيّ بالواقع المألوف ، و قدر لأقوى الدلائل أن تخضع لحالة "عدم التصديق الجماعي") أخيراً في أوائل القرن الثامن عشر فحص أرنست شلادني الدلائل بشكل احترافي ، و وجد أنّ النيازك المزعومة لم تكن مشابهة تماماً لصخور الأرض . لقد غيّرت أبحاثه بعض الآراء . و في الوقت نفسه شهد العلماء سقوط بعض النيازك الضخمة على الأرض . مما جعل غالبيّة من أصرّ على أنّ الفلاحين الجاهلين هم فقط من رأى هذه النيازك ، يخجلون من أنفسهم .
تبدّل تيّار عدم التصديق ، إلاّ أنّ هذا الحدث الهام لا يدرّس لطلاب العلوم الذين لازالوا جاهلون لهذا التاريخ يعيدون نفس الإخفاق مرّة بعد مرّة كما في الإنكار العدائيّ تجاه الظواهر الأخرى .
- س.ج. دوبلر C.J. Doppler ونظرية "تأثير دوبلر "
تم اقتراح نظريّة مفعول دوبلر البصري في عام 1842، ولكنّها عورضت بشكل عنيف لمدّة عقدين لأنّها لم تتفق مع الفيزياء المسلّم بها في ذلك الوقت حول "نظرية الأثير المضيء" Luminiferous Aether theory.
لكنها أثبتت أخيراً في عام 1868، عندما راقب و. هجينز W. Huggins التحوّلات الحمراء والزرقاء في الطيف النجمي . و لسوء الحظ ، حدث ذلك بعد 15عام من وفاة دوبلر .
ـ لويجي جالفاني Luigi Galvani (مكتشف الكهرباء)
"إنّهم يسخرون مني و يسمونني معلّم الرقص للضفادع.... لكن رغم ذلك، فأنا على يقين بأنني اكتشفت إحدى أعظم القوى في الطبيعة".
ـ ويليام هارفي William Harvey ومبدأ سريان الدم:
أدى اكتشافه الجديد إلى نبذه من قبل رابطة البحوث العمليّة القائمة في ذلك الوقت.
ـ كربس Krebs مكتشف طاقة ATPو "دورة كربس". لاقت هذه الفكرة العداء منذ بداية ظهورها.
ـ كارل. ف. الغاوس Karl F. Gauss مكتشف " الهندسة غير الإقليديسيّة " non-Euclidean geometery .
أبقى اكتشافه للهندسة غير الإقليديسيّة سراً مدّة ثلاثين عام بسبب خوفه من السخرية، نشر لوباشفسكي لاحقاً عملاً مشابهاً وقد لقي نصيبه من الاستهزاء أيضاً. بعد وفاة غاوس، نُشر عمله أخيراً ولكنّه مع ذلك استغرق عقوداً طويلة لتحويل رياضيات الإغريق ونظرتهم الخاصة للهندسة، ولنيل الرضى بين الاختصاصين.
ـ بينينج / روهر / جيمزويزكي Binning/Roher/Gimzewski وابتكار "منظار المسح الضوئي الأنبوبي" scanning-tunneling microscope.
تم اخترعه في عام 1982، رفض العلماء الآخرون التصديق بأنّ تحليل الوزن الذريّ كان ممكناً، و قد قوبل استعراض هذا الجهاز الـ STM (منظار المسح الضوئي الأنبوبي) في العام 1985 بالعدائيّة و السخرية من قبل المختصين في مجال استعمال المجهر. و نال مخترعوه جائزة نوبل في العام 1986 حيث نجحوا نجاحاً عظيماً في فرض التغيير السريع في عالم المجهريات و كذلك في موقف زملائهم .
ـ ر. جودارد R. Goddard و فكرة "المركبات الفضائية المدفوعة بالصواريخ"
بقي جودارد في حالة تعتيم كامل تقريباً حتى نهايات العام 1944، عندما بدأت هذه الاختراعات التي اعتبرت خيالية بالهطول على لندن خلال فترة الحرب العالميّة الثانية .
ـ جوليوس ر. ماير Julius R. Mayer " قانون مصونية الطاقة " The Law of Conservation of Energy
رُفضت دراسة ماير الأوليّة بازدراء من قبل الصحف الفيزيائيّة في ذلك الوقت.
ـ ب. مارشال B. Marshall و اكتشافه بأن القرحة تسبّبها البكتيريا . كان جميع الأطباء لا زالوا يعتقدون أنّ القرحة تحدث بسبب الحمض . احتج الدكتور مارشال عدّة سنوات حتى يقنع المؤسسة الطبيّة بأنّ يغيّروا اعتقادهم ويتقبلوا حقيقة أن اعتقادهم كان خاطئ ، وأنّ القرحة هي في الحقيقة مرض بكتيري .
ـ ب. ماكلنتلوك B. McClintlock وفكرة "العناصر الجينيّة المتحرّكة". حاز على جائزة نوبل في العام 1984 بعد معاناة استمرت 32 سنة من السخرية والرفض.
ـ جورج أس. أوم George S. Ohm و" قانون أوم" (كهرباء)
قوبل نشر فكرة أوم الأساسية بالتهكّم والرفض، وكانت ورقته العلمية تُسمى بـ"ورقة الخيال المحض" ومضت عشر سنوات تقريباً قبل أن يبدأ العلماء بإدراك أهميّتها الكبيرة.
ـ فيرناندو نوت بوم Fernando Nottebohm ونظريته القائلة بأن دماغ الثديّيات يمكنها خلق خلايا عصبيّة جديدة بعد الولادة .
يقول الاعتقاد العلمي السائد أننا نستطيع قتلها إنّما لا يمكننا إيجاد خلايا جديدة ؟ بعد عشرين عام من السخرية ، أُخذ عمل نوت بوم على أدمغة طيور بعين الاعتبار ، و تبيّن أخيراً أن الاعتقاد القديم كان خاطئاً ، حيث أنّ الأدمغة تجدد الخلايا العصبيّة، ولم تبلغ بعد هذه المعلومات مجتمع البيولوجيين ولا حتى عامة الناس .
ـ حورب ل. باستور L. Pasteur في البداية عندما اكتشف النظرية الجرثوميّة للأمراض.
ـ ستانفورد .ر. أوفشينسكي Stanford R. Ovshinsky واكتشاف أجهزة نصف ناقلة غير متبلورة amorphous semiconductor devices. عرف الفيزيائيون أنّ الرقائق والترانزستورات لا يمكن أن تصنع سوى من الشرائح الثمينة فقط مثل الكريستال الأحادي الصافي نصف الناقل. هوجم اختراع أوفشينسكي الثوري (لنصف الناقلات شبه الزجاجيّة) من قبل الفيزيائيين وأهمل لأكثر من عقد من الزمان. كان أوفشينسكي مفلساً ومعوزاً عندما اهتمّ اليابانيّون بعمله وقاموا بتمويله. وكانت النتيجة:
ظهور علم جديد اسمه "فيزياء أنصاف النواقل غير المتبلورة"، بالإضافة إلى تقنية الأغشية الرقيقة نصف الناقلة الرخيصة جداً (وعلى وجه الخصوص الخلايا الشمسيّة نصف الناقلة، مقوّمات الطابعات، السواقات الناسخة التي تباع من قبل شركة شارب). فقد صنع الملايين لليابان بدلاً من أمريكا.
ـ إجناز سميلويس Ignaz Semmelweis و فكرة "نظافة الجرّاحين وحمى النفاس"
قدّم سميلويس للجمعيّة الطبيّة فكرة أنّ الأطباء كانوا يتسببون بموت عدد كبير من الأمهات الولادات من خلال إجراء عمليّات لجروح متقيّحة، وبعدها مباشرة يستخرجون المواليد بدون غسل أيديهم. مثل هذه الحقيقة كانت عاراً كبيراً لجماعة الاختصاصيين لأن يقبلوها، فأهملوها. انتهى الأمر بسميلويس إلى مستشفى للأمراض العقليّة، وأُحرقت أفكاره بعد موته.
ـ حورب نيكولا تيسلا بسبب تبنّي فكرة "الرنين أو التردّد الكهربائي الأرضي"
تم تبنيها في النهاية و قد أصبحت تسمى اليوم "تردّدات شومان".
ـ نيكولا تيسلا و"محركات كهربائية الخالية من الفحمات" brushless AC motor
كان من المعتقد أنّ هذه المحركات هي مثال على الآلات الخيالية الدائمة الحركة والتي كانت موضع سخرية واستبعاد من قبل المجتمع العلمي.
ـ حورب ألفرد ويغنر Alfred Wegener في البداية بسبب تبنيه لنظرية "انجراف القارّات" continental drift
ـ سخروا من بيتون روز Peyton Rous بسبب طرح فكرة أن "الفيروسات تسبب السرطان"
ـ وارن س. وارن Warren S. Warren واكتشافه لبعض الثغرات في نظرية الرنين المغناطيسي
درس وارن وفريقه في جامعة برينستون شذوذ ما في مجال الرنين المغناطيسي ووجدوا شكلاً جديداً لنظرية الرنين المغناطيسي (MRI). تشمل التفاعلات الدورانيّة بين الجزيئات المتباعدة و تأثيرات ناتجة من عملية الاضطرابات الحتمية. كان زملاؤه يؤكدون بأنّه كان على خطأ وحذّروه من أنّ نتائجه المجنونة ستعرّض مهنته للخطر. احتفظت برينستون بنقدها اللاذع، ونشرت تحقيق علمي يهدف للسخرية من عمله. حرم وارن بعدها من التمويل. وبعد حوالي سبعة أعوام انقلبت موجة السخرية على أصحابها ، و أصبح موقف وارن قوياً جداً بسبب ظهور تقنية جديدة تعتمد على اكتشافاته الثورية.
ـ جورج زويج George Zweig و نظرية "الجزيئات الدقيقة" quark theory
نشر زويج نظرية الجزيئات الدقيقة لدى المجلس الأوربي للبحث العلمي النووي في العام 1964. وكان الجميع يعتقد أنّه لا يوجد جُسيم لديه 3/1 الشحنة الكهربائيّة. وبدلاً من تلقي الإقرار بنظريته، واجه عراقيل كثيرة، كما أُتّهم بكونه دجالاً..
في القرن الثامن عشر، صرّح أنتون لافوازيه (مؤسس علم الكيمياء الحديث) أن " الحجارة لا يمكنها أن تسقط من السماء... لأن هذا مستحيل.."! و بعد قرن من الزمن، حيث تم اكتشاف ظاهرة الشهب، تبين أن هذا الرجل العلمي المحترم لا يمكن الاعتماد على كلامه. فظهر بعدها كالمغفّل المسكين، كما ظهر غيره من الأكاديميين بعد أن صرحوا بأقوال مأثورة لكنها في الحقيقة كانت أقوالاً حمقاء.
يبدو أن التاريخ لازال يعيد نفسه من جديد، فمهما أظهر هؤلاء الأكاديميون من رجاحة عقل ومسؤولية في توجهاتهم وتصريحاتهم العلمية المختلفة، إلا أنهم لازالوا حتى يومنا هذا يقعون في الخطأ ذاته. فهم لازالوا يصرحون يومياً بتصريحات مختلفة تنفي وتكذّب ظواهر كثيرة دون حتى النظر في مدى مصداقيتها بالاعتماد على وسيلة البحث والدراسة. فهم ينسون أو يتناسون أن المواقف المتحجّرة تجاه ظاهرة معيّنة قد تسيء إليهم فيما بعد، ربما بعد سنوات أو عقود طويلة من الزمن، حيث قد تكشف هذه الظاهرة عن واقعيتها بعكس تصريحاتهم النافية لها. لكن يبدو أن هؤلاء لا يستقون الحكمة من التاريخ.
في حين أنّ 99% من التصريحات والإعلانات الصادرة من الأوساط العلميّة الغير تقليدية (غير رسمية) تبدو زائفة للوهلة الأولى، فإنّنا لا نستطيع أن ننبذ أي منها بدون تحريّات، وإذا فعلنا ذلك فإنّنا بالتأكيد نأخذ مكاناً لنا بين الساخرين الذين استبعدوا أو حتى اعترضوا على عدد كبير من الاكتشافات العمليّة الرائدة عبر التاريخ. تذكر أن العديد من التقنيات العصرية التي نألفها اليوم مثل الطيران وفكرة القارّات الأرضية المنجرفة، تبدو عادية ومقبولة بالنسبة لنا، لكنها بدت خاطئة بشكل جازم خلال فترة اكتشافها لأوّل مرّة.
ففي هذا المجال العلمي الكبير، قد يكون البحث عن ابتكارات تقنية ثوريّة هو مثل البحث عن الماس المدفون بين الأقذار. وإنّه سيكون عاراً على العلم المنهجي إذا كان مجال العلوم المنبوذة يحتوي على الماس الثمين. فهذا يجعل الحكم على نظرية مجنونة غير تقليدية أمراً أكثر صعوبة. إذا كانت الابتكارات المجنونة زائفة دائماً فإنّ لدينا سبب جيّد لرفضها. لكن، طالما أنه يمكننا إيجاد الماس بين الأفكار المجنونة، لا نستطيع نبذ الأفكار الغريبة بشكل تلقائي مهما بدت للوهلة الأولى بأنها سخيفة. قد يتحوّل الجنون أحياناً إلى اكتشاف حقيقي فريد من نوعه وقد يقلب العالم رأساً على عقب. وهذا ما يحصل دائماً عبر التاريخ العلمي الطويل. ( *منقول عن عدة مصادر -بتعليق الدكتور علاء الحلبي )
جميعنا نعلم أن جل الأنبياء والمرسلين لاقوا تكذيب وجحود من فئة كبيرة من العلماء (المنهجيين كما يسمون)ولكن أرجوا أن تقرأوا هنا عن مواقف العلماء والأوساط العلمية المنهجية من الأشخاص - الذين لا يلتزمون بالمنهج العلمي السائد ؟!-والذين نتمتع اليوم في الكثير من نتاج عقولهم التي نعتت آنذاك بالغباوة والسذاجة في مقابل المنهج العلمي الرصين المبني على قواعد متينة ؟!-
*ـ في القرن الخامس عشر، رسم ليونارديو دافينشي تصميماُ يمثّل آلة طائرة، فسخر منه العلماء وقالوا له ضاحكين: إنسَ الأمر.. إذا كان الطيران ممكناً لكنّا أوّل من عرف بذلك.
ـ المجتمع العلمي هو أوّل من تصدى لأفكار الفلكي البولندي "كوبرنيكوس" عندما أعلن عن مشاهداته التي تشير إلى أن الأرض ليست مركز الكون، في عام 1540م.
في العام 1608م ظهر ألماني يدعى "ليبرشيه" بجهاز مقرّب (منظار) مؤلف من عدستين، فأخذه منه الإيطالي "غاليليو" وطوّره حتى صنع ما نعرفه اليوم بالتلسكوب، ووجد من خلاله أن القمر هو كروي الشكل وليس طبق فضّي، لكن البروفيسور المسؤول عن جامعة "بادوا" رفض حتى النظر في ذلك الجهاز! وادعى بأنه يمثّل هرطقة علمية.... أما قصة "غاليليو" مع الكنيسة، فلا تخفى عن أحد.
- سخر رجال الأكاديمية البريطانية للعلوم من بنجامين فرانكلين عندما قدم تقرير عن القضيب المعدني وتفاعله مع البرق. و رفضت الأكاديمية نشر هذا التقرير المثير للسخرية.
السيّد "وليام بيرس"، رئيس المهندسين في مكتب البريد البريطاني، نسب إليه أكثر التعليقات غباءً في التاريخ حول اختراعات توماس أديسون. فقال في إحدى المناسبات أن مصباح أديسون الكهربائي هو عبارة عن فكرة حمقاء تماماً!..
- العديد من البروفسورات المرموقين الذين عرفوا أديسون، بما فيهم البروفيسور البارز "هنري مورتون"، علّقوا على فكرة المصباح الكهربائي، قبل استعراضه أمام الناس بقليل، قائلين: ".. باسم العلم .. نصرّح بان تجارب أديسون هي عملية احتيال تهدف لخداع الجماهير.."!
- علّق علماء من الأكاديمية الفرنسية للعلوم، على آلة أديسون الصوتية (الغرامافون) بعد سماعها تطلق الأصوات، قائلين:
".. إنها عملية خداع واضحة! فلا يمكن للآلة أن تتكلّم! لا بد من أن الأصوات تخرج من فمه (أي أديسون) بطريقة بارعة لا يمكن ملاحظتها.."
ـ سخر المهندسون الألمان في العام 1902م من الكونت فرديناند فون زيبلين عندما أعلن عن اختراع وسيلة نقل جويّة (منطاد قابل للتوجيه. لكن بعدها بسنوات قليلة، راحت مناطيد زيبلين تجوب السماء وتجتاز المحيط الأطلسي ناقلة الركاب من قارة لأخرى.
ـ في العام 1903م، تجاهلت الصحف الرئيسية ذلك الحدث التاريخي الذي يتمثّل بتحليق أوّل طائرة صنعها الأخوين رايت. وعلّقت إحدى المجلات العلمية المحترمة (ساينتيفك أمريكان) على هذا الإنجاز بأنه خدعة وهمية! وهذا كان موقف الصحف الأخرى مثل النييورك تايمز والنيويورك هيرالد وغيرها! بالإضافة إلى قيادة الجيش الأمريكي، والأكاديميات والجامعات المختلفة، ورجال العلم البارزين، بما فيهم البروفيسور في علم الرياضيات والفضاء السيد "سيمون نيوكمب" وغيره من العلماء. جميعهم سخروا من الأخوين رايت وقللوا من شأن هذا الحدث العظيم. جميعهم علّقوا بصوت واحد: "... إنه من المستحيل علمياً للمحركات الثقيلة أن تطير". و لمدّة خمس سنوات كاملة، رفض المسؤولون في البيت الأبيض تصديق أن آلة ميكانيكية أثقل من الهواء استطاعت الطيران.
ـ "جون لوغي بارد"، مخترع كاميرا التلفزيون، تعرّض لهجوم شرس من قبل رجال العلم المتشككين ذات العقول المتحجّرة، والذين علّقوا على هذه الفكرة قائلين: ".. إن فكرة نقل الصورة عبر الأثير هي عبارة عن ترهات وسخافات معيبة..".
- في الخمسينات من القرن الماضي، صرّح أحد الفيزيائيين المرموقين في جامعة كامبريدج البريطانية بأن الكلام عن السفر إلى الفضاء هو كلام فارغ وليس له صلة بالواقع الحقيقي أبداً! بعد هذا التصريح بـ18 شهراً حلّق القمر الروسي سبوتنك في الفضاء الخارجي، متحدياً بذلك كافة المفاهيم العلمية الراسخة. وهذا الإنجاز أحدث ضجّة كبيرة أدت إلى إحراج الكثير من رجال العلم، واضطرّت المؤسسات العلمية الغربية، المصدومة بشدّة، إلى تغيير مناهجها التعليمية القديمة في المدارس وأسست منهج علمي جديد يتعامل مع هذا الواقع العلمي الجديد. وقد فقد الكثير من الأكاديميين المرموقين وظائفهم ومناصبهم خلال هذه النقلة العلمية النوعية.
ـ أرهينيوس Arrhenius و"الكيمياء الآيونية"
اعتبرت فكرته القائلة أن الإلكتروليت مليء بالذّرات المشوحنة، بأنها فكرة مجنونة. كانت النظريّة الذريّة جديدة في ذلك الوقت، والجميع كان مقتنع أنّ الذرّات غير قابلة للإنقسام (وبذلك لا يمكنها أن تفقد أو تكتسب أي شحنة كهربائيّة ) . و بسبب نظريتة المهرطقة هذه ، حصل على شهادته الجامعيّة بشقِّ الأنفس و بعلامات متدنّية .
ـ هانس ألفن Hans Alfven و"ديناميكيّات البلازما على مستوى المجرات"
يعتقد العلماء أنَّ الجاذبيّة وحدها هي الأمر الأهم في النظام الشمسي ، و على مستوى المجرّات و هكذا ..... وفكرة ألفن أنّ فيزياء البلازما مساوية أو أكبر في الأهميّة من الجاذبيّة كانت موضع سخرية لعقود طويلة من الزمن .
ـ سخر من روبرت باكر Robert Bakker وفكرة " الديناصورات السريعة ذوات الدم الحار "
كان الجميع يعتقد أنَّ الديناصورات مثل وحوش الهيلية ( عُضاية ضخمة ) أو سلحفاة كبيرة ضخمة، هي بطيئة ولا تحتمل البرد ، وجميعها ذات لون زيتي باهت .
ـ سوبرامانيان شاندرا سيكار Subrahmanyan Chandrasekhar وفكرة "الثقوب السوداء" في عام 1930 ، و التي سحقها أدنغتون :
ابتكر شاندرا نظريّة الثقوب السوداء ونشرها في عدّة صحف . لكنه تعرض لهجوم شرس من قبل زميله المقرّب السير آرثر أدينغتون ، و لم تقبل نظريته من قبل مجتمع البحث العلمي . لقد كانوا على خطأ ، و قام أدينغتون برد فعل عنيف معتمداً على نظريته المتبنّاة غير الصحيحة . لم يستطع شاندرا أن يمارس مهنته في إنجلترا ونقل أبحاثه إلى جامعة شيكاغو في عام 1937، وظلّ يعمل في الظلمة لعقود بعيداً عن الأضواء . أعاد آخرون اكتشاف نظرية الثقوب السوداء بعد 30 عام . وقد ربح جائزة نوبل في علوم الفيزياء لعام 1983، وجاء الاعتراف بعد 50 عام فقط .
لا تستخفّ بالحقيقة التي فحواها أن المجتمع العلمي يبحث عن السلطة و ليس الحقيقة ، أو من قوّة تأثير سخرية الناس عندما يستخدمونها للتقليل من شأن أحدهم ، مثلما فعل أدينغتون .
ـ شلادني Ernst Chladni وفكرة " النيازك " في عام 1800
نظرت رابطة البحث العلمي إلى النيازك بنفس الطريقة التي ينظر بها العلماء المعاصرون إلى ظاهرة المخلوقات الفضائية أو الأشباح أو غيرها من ظواهر خارقة للطبيعة لا يصدّقها إلاّ الفلاحون .. وجميع إفادات الشهود العيان لم تصدق من قبل المجتمع العلمي .
أصبحت السخرية شديدة في فترة ما حيث قرّر العديد من متاحف النيازك في مجموعاتها الجيولوجية أن تهمل هذه العيّنات الثمينة . (غالباً ما يتحكّم الشك العدائيّ بالواقع المألوف ، و قدر لأقوى الدلائل أن تخضع لحالة "عدم التصديق الجماعي") أخيراً في أوائل القرن الثامن عشر فحص أرنست شلادني الدلائل بشكل احترافي ، و وجد أنّ النيازك المزعومة لم تكن مشابهة تماماً لصخور الأرض . لقد غيّرت أبحاثه بعض الآراء . و في الوقت نفسه شهد العلماء سقوط بعض النيازك الضخمة على الأرض . مما جعل غالبيّة من أصرّ على أنّ الفلاحين الجاهلين هم فقط من رأى هذه النيازك ، يخجلون من أنفسهم .
تبدّل تيّار عدم التصديق ، إلاّ أنّ هذا الحدث الهام لا يدرّس لطلاب العلوم الذين لازالوا جاهلون لهذا التاريخ يعيدون نفس الإخفاق مرّة بعد مرّة كما في الإنكار العدائيّ تجاه الظواهر الأخرى .
- س.ج. دوبلر C.J. Doppler ونظرية "تأثير دوبلر "
تم اقتراح نظريّة مفعول دوبلر البصري في عام 1842، ولكنّها عورضت بشكل عنيف لمدّة عقدين لأنّها لم تتفق مع الفيزياء المسلّم بها في ذلك الوقت حول "نظرية الأثير المضيء" Luminiferous Aether theory.
لكنها أثبتت أخيراً في عام 1868، عندما راقب و. هجينز W. Huggins التحوّلات الحمراء والزرقاء في الطيف النجمي . و لسوء الحظ ، حدث ذلك بعد 15عام من وفاة دوبلر .
ـ لويجي جالفاني Luigi Galvani (مكتشف الكهرباء)
"إنّهم يسخرون مني و يسمونني معلّم الرقص للضفادع.... لكن رغم ذلك، فأنا على يقين بأنني اكتشفت إحدى أعظم القوى في الطبيعة".
ـ ويليام هارفي William Harvey ومبدأ سريان الدم:
أدى اكتشافه الجديد إلى نبذه من قبل رابطة البحوث العمليّة القائمة في ذلك الوقت.
ـ كربس Krebs مكتشف طاقة ATPو "دورة كربس". لاقت هذه الفكرة العداء منذ بداية ظهورها.
ـ كارل. ف. الغاوس Karl F. Gauss مكتشف " الهندسة غير الإقليديسيّة " non-Euclidean geometery .
أبقى اكتشافه للهندسة غير الإقليديسيّة سراً مدّة ثلاثين عام بسبب خوفه من السخرية، نشر لوباشفسكي لاحقاً عملاً مشابهاً وقد لقي نصيبه من الاستهزاء أيضاً. بعد وفاة غاوس، نُشر عمله أخيراً ولكنّه مع ذلك استغرق عقوداً طويلة لتحويل رياضيات الإغريق ونظرتهم الخاصة للهندسة، ولنيل الرضى بين الاختصاصين.
ـ بينينج / روهر / جيمزويزكي Binning/Roher/Gimzewski وابتكار "منظار المسح الضوئي الأنبوبي" scanning-tunneling microscope.
تم اخترعه في عام 1982، رفض العلماء الآخرون التصديق بأنّ تحليل الوزن الذريّ كان ممكناً، و قد قوبل استعراض هذا الجهاز الـ STM (منظار المسح الضوئي الأنبوبي) في العام 1985 بالعدائيّة و السخرية من قبل المختصين في مجال استعمال المجهر. و نال مخترعوه جائزة نوبل في العام 1986 حيث نجحوا نجاحاً عظيماً في فرض التغيير السريع في عالم المجهريات و كذلك في موقف زملائهم .
ـ ر. جودارد R. Goddard و فكرة "المركبات الفضائية المدفوعة بالصواريخ"
بقي جودارد في حالة تعتيم كامل تقريباً حتى نهايات العام 1944، عندما بدأت هذه الاختراعات التي اعتبرت خيالية بالهطول على لندن خلال فترة الحرب العالميّة الثانية .
ـ جوليوس ر. ماير Julius R. Mayer " قانون مصونية الطاقة " The Law of Conservation of Energy
رُفضت دراسة ماير الأوليّة بازدراء من قبل الصحف الفيزيائيّة في ذلك الوقت.
ـ ب. مارشال B. Marshall و اكتشافه بأن القرحة تسبّبها البكتيريا . كان جميع الأطباء لا زالوا يعتقدون أنّ القرحة تحدث بسبب الحمض . احتج الدكتور مارشال عدّة سنوات حتى يقنع المؤسسة الطبيّة بأنّ يغيّروا اعتقادهم ويتقبلوا حقيقة أن اعتقادهم كان خاطئ ، وأنّ القرحة هي في الحقيقة مرض بكتيري .
ـ ب. ماكلنتلوك B. McClintlock وفكرة "العناصر الجينيّة المتحرّكة". حاز على جائزة نوبل في العام 1984 بعد معاناة استمرت 32 سنة من السخرية والرفض.
ـ جورج أس. أوم George S. Ohm و" قانون أوم" (كهرباء)
قوبل نشر فكرة أوم الأساسية بالتهكّم والرفض، وكانت ورقته العلمية تُسمى بـ"ورقة الخيال المحض" ومضت عشر سنوات تقريباً قبل أن يبدأ العلماء بإدراك أهميّتها الكبيرة.
ـ فيرناندو نوت بوم Fernando Nottebohm ونظريته القائلة بأن دماغ الثديّيات يمكنها خلق خلايا عصبيّة جديدة بعد الولادة .
يقول الاعتقاد العلمي السائد أننا نستطيع قتلها إنّما لا يمكننا إيجاد خلايا جديدة ؟ بعد عشرين عام من السخرية ، أُخذ عمل نوت بوم على أدمغة طيور بعين الاعتبار ، و تبيّن أخيراً أن الاعتقاد القديم كان خاطئاً ، حيث أنّ الأدمغة تجدد الخلايا العصبيّة، ولم تبلغ بعد هذه المعلومات مجتمع البيولوجيين ولا حتى عامة الناس .
ـ حورب ل. باستور L. Pasteur في البداية عندما اكتشف النظرية الجرثوميّة للأمراض.
ـ ستانفورد .ر. أوفشينسكي Stanford R. Ovshinsky واكتشاف أجهزة نصف ناقلة غير متبلورة amorphous semiconductor devices. عرف الفيزيائيون أنّ الرقائق والترانزستورات لا يمكن أن تصنع سوى من الشرائح الثمينة فقط مثل الكريستال الأحادي الصافي نصف الناقل. هوجم اختراع أوفشينسكي الثوري (لنصف الناقلات شبه الزجاجيّة) من قبل الفيزيائيين وأهمل لأكثر من عقد من الزمان. كان أوفشينسكي مفلساً ومعوزاً عندما اهتمّ اليابانيّون بعمله وقاموا بتمويله. وكانت النتيجة:
ظهور علم جديد اسمه "فيزياء أنصاف النواقل غير المتبلورة"، بالإضافة إلى تقنية الأغشية الرقيقة نصف الناقلة الرخيصة جداً (وعلى وجه الخصوص الخلايا الشمسيّة نصف الناقلة، مقوّمات الطابعات، السواقات الناسخة التي تباع من قبل شركة شارب). فقد صنع الملايين لليابان بدلاً من أمريكا.
ـ إجناز سميلويس Ignaz Semmelweis و فكرة "نظافة الجرّاحين وحمى النفاس"
قدّم سميلويس للجمعيّة الطبيّة فكرة أنّ الأطباء كانوا يتسببون بموت عدد كبير من الأمهات الولادات من خلال إجراء عمليّات لجروح متقيّحة، وبعدها مباشرة يستخرجون المواليد بدون غسل أيديهم. مثل هذه الحقيقة كانت عاراً كبيراً لجماعة الاختصاصيين لأن يقبلوها، فأهملوها. انتهى الأمر بسميلويس إلى مستشفى للأمراض العقليّة، وأُحرقت أفكاره بعد موته.
ـ حورب نيكولا تيسلا بسبب تبنّي فكرة "الرنين أو التردّد الكهربائي الأرضي"
تم تبنيها في النهاية و قد أصبحت تسمى اليوم "تردّدات شومان".
ـ نيكولا تيسلا و"محركات كهربائية الخالية من الفحمات" brushless AC motor
كان من المعتقد أنّ هذه المحركات هي مثال على الآلات الخيالية الدائمة الحركة والتي كانت موضع سخرية واستبعاد من قبل المجتمع العلمي.
ـ حورب ألفرد ويغنر Alfred Wegener في البداية بسبب تبنيه لنظرية "انجراف القارّات" continental drift
ـ سخروا من بيتون روز Peyton Rous بسبب طرح فكرة أن "الفيروسات تسبب السرطان"
ـ وارن س. وارن Warren S. Warren واكتشافه لبعض الثغرات في نظرية الرنين المغناطيسي
درس وارن وفريقه في جامعة برينستون شذوذ ما في مجال الرنين المغناطيسي ووجدوا شكلاً جديداً لنظرية الرنين المغناطيسي (MRI). تشمل التفاعلات الدورانيّة بين الجزيئات المتباعدة و تأثيرات ناتجة من عملية الاضطرابات الحتمية. كان زملاؤه يؤكدون بأنّه كان على خطأ وحذّروه من أنّ نتائجه المجنونة ستعرّض مهنته للخطر. احتفظت برينستون بنقدها اللاذع، ونشرت تحقيق علمي يهدف للسخرية من عمله. حرم وارن بعدها من التمويل. وبعد حوالي سبعة أعوام انقلبت موجة السخرية على أصحابها ، و أصبح موقف وارن قوياً جداً بسبب ظهور تقنية جديدة تعتمد على اكتشافاته الثورية.
ـ جورج زويج George Zweig و نظرية "الجزيئات الدقيقة" quark theory
نشر زويج نظرية الجزيئات الدقيقة لدى المجلس الأوربي للبحث العلمي النووي في العام 1964. وكان الجميع يعتقد أنّه لا يوجد جُسيم لديه 3/1 الشحنة الكهربائيّة. وبدلاً من تلقي الإقرار بنظريته، واجه عراقيل كثيرة، كما أُتّهم بكونه دجالاً..
في القرن الثامن عشر، صرّح أنتون لافوازيه (مؤسس علم الكيمياء الحديث) أن " الحجارة لا يمكنها أن تسقط من السماء... لأن هذا مستحيل.."! و بعد قرن من الزمن، حيث تم اكتشاف ظاهرة الشهب، تبين أن هذا الرجل العلمي المحترم لا يمكن الاعتماد على كلامه. فظهر بعدها كالمغفّل المسكين، كما ظهر غيره من الأكاديميين بعد أن صرحوا بأقوال مأثورة لكنها في الحقيقة كانت أقوالاً حمقاء.
يبدو أن التاريخ لازال يعيد نفسه من جديد، فمهما أظهر هؤلاء الأكاديميون من رجاحة عقل ومسؤولية في توجهاتهم وتصريحاتهم العلمية المختلفة، إلا أنهم لازالوا حتى يومنا هذا يقعون في الخطأ ذاته. فهم لازالوا يصرحون يومياً بتصريحات مختلفة تنفي وتكذّب ظواهر كثيرة دون حتى النظر في مدى مصداقيتها بالاعتماد على وسيلة البحث والدراسة. فهم ينسون أو يتناسون أن المواقف المتحجّرة تجاه ظاهرة معيّنة قد تسيء إليهم فيما بعد، ربما بعد سنوات أو عقود طويلة من الزمن، حيث قد تكشف هذه الظاهرة عن واقعيتها بعكس تصريحاتهم النافية لها. لكن يبدو أن هؤلاء لا يستقون الحكمة من التاريخ.
في حين أنّ 99% من التصريحات والإعلانات الصادرة من الأوساط العلميّة الغير تقليدية (غير رسمية) تبدو زائفة للوهلة الأولى، فإنّنا لا نستطيع أن ننبذ أي منها بدون تحريّات، وإذا فعلنا ذلك فإنّنا بالتأكيد نأخذ مكاناً لنا بين الساخرين الذين استبعدوا أو حتى اعترضوا على عدد كبير من الاكتشافات العمليّة الرائدة عبر التاريخ. تذكر أن العديد من التقنيات العصرية التي نألفها اليوم مثل الطيران وفكرة القارّات الأرضية المنجرفة، تبدو عادية ومقبولة بالنسبة لنا، لكنها بدت خاطئة بشكل جازم خلال فترة اكتشافها لأوّل مرّة.
ففي هذا المجال العلمي الكبير، قد يكون البحث عن ابتكارات تقنية ثوريّة هو مثل البحث عن الماس المدفون بين الأقذار. وإنّه سيكون عاراً على العلم المنهجي إذا كان مجال العلوم المنبوذة يحتوي على الماس الثمين. فهذا يجعل الحكم على نظرية مجنونة غير تقليدية أمراً أكثر صعوبة. إذا كانت الابتكارات المجنونة زائفة دائماً فإنّ لدينا سبب جيّد لرفضها. لكن، طالما أنه يمكننا إيجاد الماس بين الأفكار المجنونة، لا نستطيع نبذ الأفكار الغريبة بشكل تلقائي مهما بدت للوهلة الأولى بأنها سخيفة. قد يتحوّل الجنون أحياناً إلى اكتشاف حقيقي فريد من نوعه وقد يقلب العالم رأساً على عقب. وهذا ما يحصل دائماً عبر التاريخ العلمي الطويل. ( *منقول عن عدة مصادر -بتعليق الدكتور علاء الحلبي )