بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا طيبا مباركـا
سمع أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع) يقول إن الله عز وجل لما أخرج ذرية آدم من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوة لكل نبي, فكان أول من أخذ له عليهم الميثاق بنبوة محمد بن عبد الله (ص) ثم قال إن الله عز وجل قال لآدم أنظر ماذا ترى, فنظر آدم (ع) إلى ذريته وهم ذر قد ملأوا السمـاء, قال آدم: يارب ما أكثر ذريتي ولأمر ما خلقتهم فما تريد منهم بأخذ الميثاق عليهم, قال الله عز وجل: يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم, قال آدم: يارب فمالي أرى بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل, وبعضهم ليس له نور, فقال الله عز وجل كذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم, قال آدم يارب أتأذن لي في الكلام, قال الله عز وجل: تكلم فإن روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي, فقال آدم (ع) يارب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد, وطبيعه واحدة, وجبلة واحده, وأرزاق واحدة, وأعمار سواء. لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تباغض ولا تحاسد ولا اختلاف في شيء من الأشياء, قال الله عز وجـل: يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلفت مالا علم لك بـه, وأنا الله الخلاق العليم, بعلمي خالفت بين خلقي وبمشيتي يمضي فيهم أمري وبتدبيري وتقديري صايرون, لا تبديل لخلقي ‘إنما خلقت الجن والإنس ليعبدونني, وخلقت الجنه لمن عبدني وأطاعني منهم واتبع رسلي ولا أبالي, وخلقت النار لمن كفر وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي, وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم وإنما خلقتك وخلتهم لأبلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم, ولذلك خلقت الدنيا والآخره والحياة والموت والطاعه والمعصيه والجنه والنـار, وكذلك أردت في تدبيري وتقديري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم, فجعلت منهم الشقي والسعيد والبصير والأعمى والقصير والطويل, والجميل والذميم, والعالم والجاهل, والغني والفقير, والمطيع والعاصي, والصحيح والسقيم, ومن به الزمانه ومن لا عاهه به فينظر الصحيح إلى من به العاهة فحمدني على عافيته, وينظر الذي به عاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن أعافيه ويصبر على بلائي, فأثيبه جزيل عطائي, وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني, وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني, وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته, فلذلك خلقتهم لأبلوهم في الضراء والسراء,وفيما أعافيهم وفيما أبتليهم وفيما أعطيهم وفيما أمنعهم, وأنا الله الملك القادر ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت, ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت, وأقدم من ذلك ما تأخرت, وأؤخر ما قدمت من ذلك, وأنا اللـه الفعال لما أريد لا أسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هما فاعلون.
المصدر كتاب الجواهر السنيـة
المصدر كتاب الجواهر السنيـة
Comment