موت التشيع – الظاهرة السيستانية
أبو محمد الأنصاري أجد نفسي مرغماً على توضيح المراد من عبارة ( موت التشيع ) خشية الإلتباس من جهة ، ودفعاً لشباك المتصيدين في المياه العكرة من جهة أخرى ، ما أقصده من العبارة هو الإشارة الى الروح والموقف الذي سطر على صفحات التأريخ البعيدة منها والقريبة أروع وأنبل السطور ، فكان العنوان الأبرز له والعلامة الفارقة التي ميزت هويته هي التصدي وعدم الركون للظلم والحكم الطاغوتي .
والروح بالمفهوم الذي أرمي إليه ليست هي المبدأ الفكري النظري ، وإنما تفعيل هذا المبدأ وتحريكه على الأرض بصورة واقع حي يصنع الحياة ويوجه مساراتها بما ينسجم مع المبدأ الفكري نفسه .
لم يكن التشيع في يوم من الأيام كما هو حاله اليوم ، فالداء من الاستفحال بدرجة لا أشك في أن قلوب المخلصين تختزن لها أشد المراثي ألماً وأكثرها حسرة ، ولكني لا أريد الاصطفاف في خانة من يقتل الحسين ثم يلطم الصدر أسى عليه ، آن لنا جميعاً أن نقلع عن هذه العادة الرخيصة ، فالحسين ( وهو هنا رمز الدين ) لم يقدم دمه الشريف ودماء الثلة الطاهرة من أهله وأصحابه ليمنح جمع الفاشلين التافهين مناسبة لتفريغ شحنات الذل والدونية التي يستشعرونها .
لابد من توجيه أصابع الاتهام ، بل لابد من مدها كالرماح لتفقأ العيون الصلفة التي قتلت التشيع وتدعي أنها الحارس الأمين والحصن الحصين لحوزته المستباحة .. لم يعد السكوت تحت أي مسمى تخفى : عدم إشاعة الفاحشة بين المؤمنين كما يزعمون ، عدم إعطاء الخصم الذريعة التي يبحث عنها .. عدم .. عدم .. لم يعد سوى اشتراك في مؤامرة القتل الفظيعة ، لا عذر ولا عاذر للمؤمنين إن لم يدركوا حجم المؤامرة وحجم المسؤولية الدينية والأخلاقية الملقاة على عواتقهم ، وأي نمط من المؤمنين التافهين هم إذن ؟ آن لهم أن يعلموا أن المرحلة لم تعد تحتمل أنصاف المواقف ، وأن مسك العصا من المنتصف كما يزعمون ما هو في الحقيقة سوى موقف منحاز بالكامل ومع سبق الإرصاد والترصد لمؤامرة الذبح ، ورموز القتلة الأوباش .
كلنا أيها الأخوة كنا يوماً ما شياطيناً خرساً ، فالظاهرة السيستانية ليست وليدة اليوم ، وليست أبداً تأريخاً تحرك مع دخول الدبابات الأمريكية لبلاد الرافدين ، إن للظاهرة جذوراً وتجليات أبعد من هذا الزمن بكثير ، بل إنها أبعد من السيستاني نفسه ، فما نسبتها الى السيستاني سوى نسبة الشئ لأوضح مصاديقه ، كلنا كنا إذن سيستانيين وقتلة ، وكل بحسبه ، وبالمقدار الذي يستحقه .
من منا لم يدرك أو على الأقل يشعر بأن سياسات المؤسسة المرجعية ترتكز قلباً وقالباً على فكرة الإستخفاف وخداع الجماهير ، وإنها تعمل على تغطية عيوبها ، وتمرير كل جرائمها تحت رداء القدسية الكهنوتي المزيف ؟
إن الآليات الإستخفافية التي انتهجتها مؤسسة المرجعية كانت دائماً مكشوفة ، ولم يكن بوسع غرابيل الإعلام المرجعي تغطيتها أبداً ، ولكننا نحن جعلنا أصابعنا في آذاننا واستغشينا ثيابنا وأصررنا واستكبرنا استكباراً .
وإلا كيف جاز لنا أن نصدق أن هذه المؤسسة حريصة على الدين والتشيع وهي تطعنهما في موضع المقتل حين توجه الناس الى المرجع دون أولياء الله ، وحين تستبدل بحاكمية الله والقرآن دستوراً وضعياً وآليات حكم مستوردة ؟
وإذا كانت مؤسسة المرجعية لا تخجل من تنصيب نفسها وصية على الإمام الحجة ( مكن الله له في الأرض وأذاق على يديه هؤلاء الأراذل خزي الدنيا والآخرة ) فتأمر الناس بعدم الإصغاء لأي شخص يذكر الإمام (ع) أو يُذكّر به ، أقول أ لا نخجل نحن من صمتنا على بدعها ، لماذا لا نقول لهؤلاء المتقولين زوراً : ومتى نصبكم الإمام (ع) ناطقين باسمه ، انظروا الى أنفسكم أولاً ولاحظوا أي جرف هار ينتظر خطواتكم ؟
كفانا أيها الإخوة غفلة فالفتن التي يخوفونا بها هم أسها وأساسها ، قال رسول الله (ص) ( لغير الدجال أخوف عليكم من الدجال الأئمة المضلون، و سفك دماء عترتي من بعدي ، أنا حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ) ( الأمالي للطوسي مج 18 ص 512) ، وعن الإمام الباقر (ع) : (كل راية ترفع قبل القائم فصاحبها طاغوت) (غيبة النعماني: 115) .
إن هؤلاء المضلين يجرون النار الى قرصهم السحت الحرام ، هم يريدون أن يقولوا للناس إننا وحدنا المهتدون وإننا على الطريق السوي المستقيم وغيرنا الضلال والنار والفتن والضياع ، فالسيستاني الذي باع الدين بأرخص الأثمان ، هذا الصامت النكرة ، هو صمام أمان الأمة والإلتفاف عليه صون للأمة ، هذا هو منطقهم الرخيص المخادع .
يريدون أن يعودوا بنا لسجن السيستانية مرة أخرى فنرى موبقاتهم وجرائمهم بعين أعمتها غمامة القدسية المزيفة ، فنرى انتكاساتهم وخياناتهم فرائد العبقرية التي تمنح الدين الإسلامي حركية يفتقدها ، أ لم يقل اليعقوبي – وهو بالمناسبة جزء لا يتجزأ من الظاهرة السيستانية – : إن الإسلام يحتاج لعبقريته !؟ ألم يقل السيستاني نفسه : ( كما إن المرجع في أمور الدين في زمان غيبته (ع) هم العلماء المتقون ممن أُختبر أمرهم في العلم والعمل، وعلم بعدهم عن الهوى والضلال ، كما جرت عليه هذه الطائفة منذ عصر الغيبة الصغرى الى عصرنا هذا. ولا شك في أن السبيل الى طاعة الإمام (ع) والقرب منه ونيل رضاه هو الإلتزام بأحكام الشريعة المقدسة والتحلي بالفضائل والإبتعاد عن الرذائل والجري وفق السيرة المعهودة من علماء الدين وأساطين المذهب ) .
سبحان الله ، وفي غيبته مالذي فعلتموه ؟ سهلتم لأمريكا احتلال العراق واستبدلتم دينكم بدنانيرها ، ودينها الديمقراطي جداً أهذه هي تقواكم ، سبحان الله ، وعن أية فضائل يتحدث السيستاني ، وهل له من فضيلة غير لا أشبع الله بطنه ؟
عن حذيفة بن اليمان وجابر الأنصاري ، عن رسول الله (ص) ، إنه قال : (الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسُئل عنهما ، فقال : أما الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق إبنتي، وأما الشورى الصغرى فتنعقد في الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي ) (مناقب العترة / ومائتان وخمسون علامة130) .
أخيراً أقول من شاء أن يعمي عينيه عن رؤية الشمس الساطعة فعلى نفسها جنت براقش ، ومن يحسب أن تهديده ولسانه البذئ يصدنا عن ديننا ويمنعنا من قول الحقيقة التي نعرفها ونراها ملئ القلب والعقل فما أشد غبائه ووهمه ، فو الله ما خُلقنا إلا لنشهد بالحق ونقول الحق وننصر الحق ، ولن نكف يوماً عن فضح الظاهرة السيستانية ورموزها ، وليمت من شاء بغيظه .
Comment