إذا كان البعد عن رحمته سبحانه عذاباً روحياً، فالحزن والحسرة على ما مضى من العمر الذي أتلفه الإنسان مع ماله من القابليات يُعد عذاباً روحياً، وقد أشار إليه سبحانه في بعض الآيات بلفظ: (يوم الحسرة) و (حسرات)، قال سبحانه: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَة إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ في غَفْلَة وَهُمْ لا يُؤْمِنُون). (1)
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا دخل أهل الجنّة الجنة وأهل النار النار، قيل: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، وقيل: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون فيجاء بالموت كأنّه كبش أملح، فيقال لهم تعرفون الموت، فيقولون: هذا وهذا وكلّ قد عرفه.
قال: فيقدم فيذبح، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، قال: وذلك قوله: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَة) الآية.
ورواه أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه ( عليهما السلام ) ثمّ جاء في آخره فيفرح أهل الجنّة فرحاً لو كان أحد يومئذ ميتاً لماتوا فرحاً، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتاً لماتوا. (2)
وقال تعالى: (وَقالَ الَّذينَ اتّبَعُوا لَوْ أَنّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمالَهُمْ حَسرات عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجينَ مِنَ النّار). (3)
وقال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله: (كذلِكَ يُرِيهِمُ اللّه أَعْمالهم حَسرات عَلَيْهِم) بقوله: «هو الرجل يكتسب المال ولا يعمل فيه خيراً فيرثه من يعمل فيه عملاً صالحاً فيرى الأوّل ما كسبه حسرة في ميزان غيره».
Comment