المقال منقول~للدكتور علي كتابي~
قديما قيل من البيان لسحرا ، وسحر البيان كائن في تذكير هذا المخلوق الذي كرمه ربه سبحانه وحمله في البر والبحر أن كل ما يراه وما لا يراه في الواقع الخارجي الذي يصطلح عليه بـ(الطبيعة) هو كائن في صفحة وجوده ومنطوٍ فيه ، وما وجود هذا الواقع الخارجي كله بأرضه وسمائه ومائه وفلكه وأحيائه حتى المجهرية منها ونباته وجماده ، وما نرى وما لا نرى إلا صورة متحركة لحقائق هذه الطبيعة الكامنة المكنونة في نفس هذا المخلوق!!
هل سأل الناس أنفسهم لماذا هذا العشق للطبيعة والتعلق بها حد الجنون؟؟! هل انتبه الناس أن هذا التعلق مرده إلى قول القائل (شبيه الشيء منجذب إليه)؟ هل نظر الناس فيما يكرهون من الطبيعة وينزعجون منه ويستقبحونه؟ هذا بعض من غيض الأسئلة ، فما بالك بفيضها ، والإجابة على هذا الأسئلة كلها تصب في مورد واحد لا ثاني له مفاده ؛ إن ما عشقه الأنسان من الطبيعة هو مواطن الجمال والعشق في نفسه فعليه أن يبحث عن مصدرها ليتعلق به لأن الحكيم من يبحث عن الصانع ليتمسك به ولا يكتفي بالحصول على المصنوع.
وكذلك على الناس أن تفتش في أنفسها عما تستقبحه في الطبيعة وتتألم منه وترى أنه يؤدي إلى كآبتها وآلامها وانقباضها ، ولتتعلم سبل علاجه ولتنظر في مصدر هذه الالام والكآبة والضيق ، لاشك في أن هناك سبباٍ مشتركاً الإقبال عليه يجعل النفس الإنسانية تستشعر الانبساط والأمان ، وبالإدبار عنه تستشعر الانقباض والضيق والخوف ، فعلة الأمن والخوف هي واحدة ولكن ما يجعلها مرة تكون أمنا وأخرى تكون نقيضه هو حال الإقبال والإدبار من النفس الإنسانية على تلك العلة (السبب) الذي هو تماما كالحبل السري المسؤول عن إيصال الغذاء للجنين.
فإقبال النفس على تلك العلة (السبب) والتمسك به هو الذي يجعلها تنجذب إلى المصدر الذي ألقى ذلك الحبل لينتشلها من الهوة السحيقة التي كان يمكن أن تقع بها ، ويكون بالوقوع هلاكها ، فكل ظلام هو باعث على الخوف والقلق والضيق ، وكل نور هو باعث على الأمن والاستقرار والانبساط والانجذاب ، وهذه الطبيعة التي حوت عوامل الانجذاب والتنافر هي صورة من النفس البشرية التي فيها كل عوامل الانجذاب إلى النور ، وفيها كل عوامل القلق والانقباض من الظلمة ولذا عليها دائما أن تعمل على تفعيل عوامل النور وتنشيطها لتتعلق بهذا النور وصولا إلى الغاية ، وعليها كذلك أن تحذر من الاقتراب من عوامل الظلمة لأن الاقتراب منها وليس تفعيلها أو إعمالها هو من يجعل تلك النفس تنزلق في هوة مظلمة سحيقة لا سبيل للخلاص منها ، بل إنها الموت والهلاك والفناء الحقيقي.
إن النفس الإنسانية بطبعها الايجابي ميالة إلى الملك والخلود ، بل هي وجدت لتكون هكذا ، ولم يوجدها ربها سبحانه من العدم (الظلمة) ليرجعها إلى العدم أو ليبقيها فيه ، ولكن ميلها إلى الملك والخلود لا يكون بالهوى والعبث والشهوة ، وكلها من لوازم العدم الكامنة في النفس البشرية ، بل عليها أن تطلب الخلود والملك بحكمة وتنظيم وتعلق حقيقي بالغاية التي من أجلها صارت ممكنة الوجود بعد أن كانت عدما ، ونقلها من ساحة العدم إلى ساحة إمكان الوجود هو لامتحانها واختبارها بين أن تعود لساحة العدم أو تتقدم لساحة الوجود.
إذن ساحة إمكان الوجود هي ليست الوجود وليست العدم بل هي ساحة فيها أسباب العدم وأسباب الوجود ، فمن يختار العدم يتعلق بأسبابه فيكون عنده عالم الإمكان (الدنيا) هي الغاية وهي المكان الذي يحقق فيه كل رغباته وأمانيه ولا يرى شيئا أبعد منها ، بل يكاد يحكم أن لا شيء بعد عالم الإمكان مع أنه يرى بأم عينه كل لحظة الولادة والموت ، ولكن للأسف لا يسأل نفسه هذا السؤال : إذا كانت النهاية في هذا العالم هي الموت فما الحكمة من الولادة والحياة؟؟!!
والملفت للانتباه أن الناس كلهم عندما يتعاملون مع الدنيا يتعاملون بحكمة فهو عندما يدخل مكانا ما يدخل ليأخذ حاجته ولا ينشغل بما ضج به ذلك المكان من مغريات هو لا يحتاجها ، فتراه يدخل ليأخذ حاجته ثم يغادر من دون أن ينتظر أو ينشغل ، وإذا ما انشغل في شيء غير حاجته فلا يكاد يكون هذا الانشغال منسيا له عن الحاجة التي جاءت به إلى هذا المكان ، لأنه يعلم تماما أن نسيانه سيضيع عليه الاستفادة من حاجته التي جاء ليأخذها ، وكذلك انشغاله بغير حاجته سيجعل وقت الاستفادة من تلك الحاجة قد مضى ولم تعد هناك أهمية وما حصل قد حصل ولا يحصد من وراء ذاك التصرف الأهوج والعابث غير الحسرة والندامة.
ننقل هذه الصورة بكاملها للساحة التي من أجلها ضربنا هذا المثل وهي التواجد في ساحة الإمكان (الدنيا) هو تواجد محكوم بالزمن يبدأ من الولادة وينتهي بالموت ، فإذن هذا الوجود الزمني في هذه الساحة يدلل بشكل قاطع أنها ليست مكانا للتوطن والبقاء إنما هي مكان للاستيجار والاتجار ، والشخص النابه الذكي عليه أن يختار تجارة تعبر به إلى الملك والخلود ، ولا يختار تجارة تعود به إلى العدم ، قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}(فاطر/29) هذا النص الشريف يبين لنا بصورة واضحة جلية أن هناك تجارة بائرة ، وتجارة ليست بائرة ، فالعاقل اللبيب ماذا يختار؟ هذا من جانب ، ومن جانب آخر وهو الأصل أن هذه الساحة ساحة اتجار لا بقاء ولا استقرار.
هذه صورة من الطبيعة نعيشها ونتعامل معها ، ولكننا للأسف لا نلتفت إلى أن هذه الصورة في الواقع الخارجي (الطبيعة) ليست سوى انعكاس لما له وجود حقيقي في أنفسنا ، فنحن في ساحة الإمكان (الدنيا) نعيش فسحة زمنية بين الولادة والموت ، وفي هذه الفسحة الزمنية هناك عمل وتجارة نقوم بها ، وهذا العمل والتجارة بحسب الغاية التي يعمل من أجلها ، فإن كان العمل والتجارة للدنيا فقد خسرنا خسرانا مبينا لأننا اخترنا التجارة البائرة التي لا سوق لها في الساحة القادمة وهي ساحة الوجود ، ولذا سيكون القرار هو أن نبقى في المكان الذي عملنا له وسخرنا تجارتنا له ، وعندما تنكشف الحقيقة سنجد أننا عملنا واتجرنا في عالم الإمكان لتكون نتيجتنا العودة إلى الوراء والوقوع في (الثقب السود) أي العدم ، فنكون قد خسرنا الجهد وخسرنا بلوغ الغاية وهي الملك والخلود.
سمعت مرة في واحدة من التقارير العلمية التي قرأت على إحدى الفضائيات الإخبارية : أن في جسم الشخص الواحد من البشر طاقة كهربية قادرة على تزويد نصف سكان واشنطن بالكهرباء ، وهذا الخبر ليس مستغربا أبدا لسبب بسيط مفاده ووفقا لما تقدم : إن الكهرباء طاقة ما كان ليعرفها البشر في الخارج لولا أنها فيهم وعاملة وفاعلة ولا تنقطع لأنها لو انقطعت ، انقطعت الحياة ، وإلا ما معنى تعريض المريض الذي يتوقف قلبه للصعقات الكهربائية؟؟!!
فهذه الطاقة الكهربائية واحدة من المكنونات التي احتواها هذا الجرم الذي فيه انطوى العالم الأكبر ، ولعلي لم أغادر منطقة الطبيعة المادية المحسوسة للتدليل على بعض مما انطوى عليه هذا الجرم ، ولو شاء كل واحد منا أن يفكر جادا في مشروع سياحة داخلية في نفسه كما تشغله السياحة الخارجية، سيكتشف بعد تلك الرحلة أن هناك إمكانات هائلة وطاقات معطلة في شخصيته هو لم يستثمرها، والله سبحانه أعطاه إياها ليستثمرها كي يستفيد منها في زمن الحصاد والبيع، وعليه أن يجتهد في أن يكون بيعه لله سبحانه وليس للدنيا، قال تعالى{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة/111).
قديما قيل من البيان لسحرا ، وسحر البيان كائن في تذكير هذا المخلوق الذي كرمه ربه سبحانه وحمله في البر والبحر أن كل ما يراه وما لا يراه في الواقع الخارجي الذي يصطلح عليه بـ(الطبيعة) هو كائن في صفحة وجوده ومنطوٍ فيه ، وما وجود هذا الواقع الخارجي كله بأرضه وسمائه ومائه وفلكه وأحيائه حتى المجهرية منها ونباته وجماده ، وما نرى وما لا نرى إلا صورة متحركة لحقائق هذه الطبيعة الكامنة المكنونة في نفس هذا المخلوق!!
هل سأل الناس أنفسهم لماذا هذا العشق للطبيعة والتعلق بها حد الجنون؟؟! هل انتبه الناس أن هذا التعلق مرده إلى قول القائل (شبيه الشيء منجذب إليه)؟ هل نظر الناس فيما يكرهون من الطبيعة وينزعجون منه ويستقبحونه؟ هذا بعض من غيض الأسئلة ، فما بالك بفيضها ، والإجابة على هذا الأسئلة كلها تصب في مورد واحد لا ثاني له مفاده ؛ إن ما عشقه الأنسان من الطبيعة هو مواطن الجمال والعشق في نفسه فعليه أن يبحث عن مصدرها ليتعلق به لأن الحكيم من يبحث عن الصانع ليتمسك به ولا يكتفي بالحصول على المصنوع.
وكذلك على الناس أن تفتش في أنفسها عما تستقبحه في الطبيعة وتتألم منه وترى أنه يؤدي إلى كآبتها وآلامها وانقباضها ، ولتتعلم سبل علاجه ولتنظر في مصدر هذه الالام والكآبة والضيق ، لاشك في أن هناك سبباٍ مشتركاً الإقبال عليه يجعل النفس الإنسانية تستشعر الانبساط والأمان ، وبالإدبار عنه تستشعر الانقباض والضيق والخوف ، فعلة الأمن والخوف هي واحدة ولكن ما يجعلها مرة تكون أمنا وأخرى تكون نقيضه هو حال الإقبال والإدبار من النفس الإنسانية على تلك العلة (السبب) الذي هو تماما كالحبل السري المسؤول عن إيصال الغذاء للجنين.
فإقبال النفس على تلك العلة (السبب) والتمسك به هو الذي يجعلها تنجذب إلى المصدر الذي ألقى ذلك الحبل لينتشلها من الهوة السحيقة التي كان يمكن أن تقع بها ، ويكون بالوقوع هلاكها ، فكل ظلام هو باعث على الخوف والقلق والضيق ، وكل نور هو باعث على الأمن والاستقرار والانبساط والانجذاب ، وهذه الطبيعة التي حوت عوامل الانجذاب والتنافر هي صورة من النفس البشرية التي فيها كل عوامل الانجذاب إلى النور ، وفيها كل عوامل القلق والانقباض من الظلمة ولذا عليها دائما أن تعمل على تفعيل عوامل النور وتنشيطها لتتعلق بهذا النور وصولا إلى الغاية ، وعليها كذلك أن تحذر من الاقتراب من عوامل الظلمة لأن الاقتراب منها وليس تفعيلها أو إعمالها هو من يجعل تلك النفس تنزلق في هوة مظلمة سحيقة لا سبيل للخلاص منها ، بل إنها الموت والهلاك والفناء الحقيقي.
إن النفس الإنسانية بطبعها الايجابي ميالة إلى الملك والخلود ، بل هي وجدت لتكون هكذا ، ولم يوجدها ربها سبحانه من العدم (الظلمة) ليرجعها إلى العدم أو ليبقيها فيه ، ولكن ميلها إلى الملك والخلود لا يكون بالهوى والعبث والشهوة ، وكلها من لوازم العدم الكامنة في النفس البشرية ، بل عليها أن تطلب الخلود والملك بحكمة وتنظيم وتعلق حقيقي بالغاية التي من أجلها صارت ممكنة الوجود بعد أن كانت عدما ، ونقلها من ساحة العدم إلى ساحة إمكان الوجود هو لامتحانها واختبارها بين أن تعود لساحة العدم أو تتقدم لساحة الوجود.
إذن ساحة إمكان الوجود هي ليست الوجود وليست العدم بل هي ساحة فيها أسباب العدم وأسباب الوجود ، فمن يختار العدم يتعلق بأسبابه فيكون عنده عالم الإمكان (الدنيا) هي الغاية وهي المكان الذي يحقق فيه كل رغباته وأمانيه ولا يرى شيئا أبعد منها ، بل يكاد يحكم أن لا شيء بعد عالم الإمكان مع أنه يرى بأم عينه كل لحظة الولادة والموت ، ولكن للأسف لا يسأل نفسه هذا السؤال : إذا كانت النهاية في هذا العالم هي الموت فما الحكمة من الولادة والحياة؟؟!!
والملفت للانتباه أن الناس كلهم عندما يتعاملون مع الدنيا يتعاملون بحكمة فهو عندما يدخل مكانا ما يدخل ليأخذ حاجته ولا ينشغل بما ضج به ذلك المكان من مغريات هو لا يحتاجها ، فتراه يدخل ليأخذ حاجته ثم يغادر من دون أن ينتظر أو ينشغل ، وإذا ما انشغل في شيء غير حاجته فلا يكاد يكون هذا الانشغال منسيا له عن الحاجة التي جاءت به إلى هذا المكان ، لأنه يعلم تماما أن نسيانه سيضيع عليه الاستفادة من حاجته التي جاء ليأخذها ، وكذلك انشغاله بغير حاجته سيجعل وقت الاستفادة من تلك الحاجة قد مضى ولم تعد هناك أهمية وما حصل قد حصل ولا يحصد من وراء ذاك التصرف الأهوج والعابث غير الحسرة والندامة.
ننقل هذه الصورة بكاملها للساحة التي من أجلها ضربنا هذا المثل وهي التواجد في ساحة الإمكان (الدنيا) هو تواجد محكوم بالزمن يبدأ من الولادة وينتهي بالموت ، فإذن هذا الوجود الزمني في هذه الساحة يدلل بشكل قاطع أنها ليست مكانا للتوطن والبقاء إنما هي مكان للاستيجار والاتجار ، والشخص النابه الذكي عليه أن يختار تجارة تعبر به إلى الملك والخلود ، ولا يختار تجارة تعود به إلى العدم ، قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}(فاطر/29) هذا النص الشريف يبين لنا بصورة واضحة جلية أن هناك تجارة بائرة ، وتجارة ليست بائرة ، فالعاقل اللبيب ماذا يختار؟ هذا من جانب ، ومن جانب آخر وهو الأصل أن هذه الساحة ساحة اتجار لا بقاء ولا استقرار.
هذه صورة من الطبيعة نعيشها ونتعامل معها ، ولكننا للأسف لا نلتفت إلى أن هذه الصورة في الواقع الخارجي (الطبيعة) ليست سوى انعكاس لما له وجود حقيقي في أنفسنا ، فنحن في ساحة الإمكان (الدنيا) نعيش فسحة زمنية بين الولادة والموت ، وفي هذه الفسحة الزمنية هناك عمل وتجارة نقوم بها ، وهذا العمل والتجارة بحسب الغاية التي يعمل من أجلها ، فإن كان العمل والتجارة للدنيا فقد خسرنا خسرانا مبينا لأننا اخترنا التجارة البائرة التي لا سوق لها في الساحة القادمة وهي ساحة الوجود ، ولذا سيكون القرار هو أن نبقى في المكان الذي عملنا له وسخرنا تجارتنا له ، وعندما تنكشف الحقيقة سنجد أننا عملنا واتجرنا في عالم الإمكان لتكون نتيجتنا العودة إلى الوراء والوقوع في (الثقب السود) أي العدم ، فنكون قد خسرنا الجهد وخسرنا بلوغ الغاية وهي الملك والخلود.
سمعت مرة في واحدة من التقارير العلمية التي قرأت على إحدى الفضائيات الإخبارية : أن في جسم الشخص الواحد من البشر طاقة كهربية قادرة على تزويد نصف سكان واشنطن بالكهرباء ، وهذا الخبر ليس مستغربا أبدا لسبب بسيط مفاده ووفقا لما تقدم : إن الكهرباء طاقة ما كان ليعرفها البشر في الخارج لولا أنها فيهم وعاملة وفاعلة ولا تنقطع لأنها لو انقطعت ، انقطعت الحياة ، وإلا ما معنى تعريض المريض الذي يتوقف قلبه للصعقات الكهربائية؟؟!!
فهذه الطاقة الكهربائية واحدة من المكنونات التي احتواها هذا الجرم الذي فيه انطوى العالم الأكبر ، ولعلي لم أغادر منطقة الطبيعة المادية المحسوسة للتدليل على بعض مما انطوى عليه هذا الجرم ، ولو شاء كل واحد منا أن يفكر جادا في مشروع سياحة داخلية في نفسه كما تشغله السياحة الخارجية، سيكتشف بعد تلك الرحلة أن هناك إمكانات هائلة وطاقات معطلة في شخصيته هو لم يستثمرها، والله سبحانه أعطاه إياها ليستثمرها كي يستفيد منها في زمن الحصاد والبيع، وعليه أن يجتهد في أن يكون بيعه لله سبحانه وليس للدنيا، قال تعالى{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة/111).