نصوص مختارة من كتاب (( وهــــــــــــــم الالحــــــــــــــاد ))
للمؤلــــــــــــف :: احمــــــــــد الحســـــــــــــــــــن ::
أنانية الجين لا تسمح بمرور الإيثار الحقيقي.
الجينات أنانية ولكن هذا لا يعني أن الأجساد تسلك سلوكاً أنانياً محضاً ، فمعنى أن الجينات أنانية هو أن الأجساد لا يمكن أن تسلك سلوكاً إيثارياً مضاداً لأنانية الجين ، فالجين من حيث إنه أناني حريص على بناء أجساد تضمن بقاءه و انتقاله عبر الأجيال ، و لهذا فقانون الجين الأناني لا يسمح للميمات المضادة له -ميمات الإيثار الحقيقي – والتي تسعى للقضاء عليه بالمرور في الطبيعة ، فوجود الانتخاب الطبيعي سيجعل مرورها مستحيلاً حيث إن أي فرد أو مجموعة تتحلى بها سيكون مصيرها الهلاك و الفناء و بالتالي فناء هذه الصفات الإيثارية الحقيقية و استحالة تواجدها في الطبيعة .
أضف أن الجينات باعتبار أن البقاء هو هدفها الأساس فلابد لها من بناء جينات مضادة للإيثار الحقيقي في حال ظهوره في النوع وإلا فهي لن تكون أنانية وتهتم بالبقاء والانتقال عبر الأجيال كما هو ثابت،
وفي الحقيقة إن أنانية أجسادنا واضحة جلية لنا فهي مبنية لمحاربة الايثار الحقيقي و نحن لا نتصف بالإيثار الحقيقي كصفة أصيلة مترسخة في أجسادنا بل نحن نتصف بالأنانية كصفة أصيلة مترسخة في أجسادنا و أدمغتنا ، و لهذا فالإيثار الحقيقي يحتاج ثورة حقيقية كبرى على الجسد ليكون له وجود معتد به بيننا كما هو الواقع اليوم ، فنحن سواء كنا - كأفراد – نمارس أم لا نمارس الإيثار الحقيقي نتفق بغالبية كبيرة على أنه هدف سام وصفة محبوبة نتمنى الاتصاف بها ، وهذا التمني ليس وليد اليوم بل هو مسجل منذ أول عصور التدوين لدى الإنسان أي منذ الإنسان السومري ، و هذا يعني أن هناك ثورة إنسانية حقيقية حصلت قبل آلاف السنين على الجسد و على أنانية الجسد ، و لا يمكن تفسير هذه الثورة علمياً على مستوى الجسد فقط بل إنه أمر مستحيل كما بينت ، و لهذا فنحن عند هذه المرحلة مضطرون لإدخال النفس و الروح في المعادلة لحل هذه المعضلة ، و من شاء أن يرفض فرض الروح لأنه يكره الإيمان فهو أيضاً مضطر لفرض شيء آخر فليفرض الطوطم أو ميماً مجهول الأصل أو ما يشاء ولكنه بالنتيجة فرض لا علاقة له بالجسد وبعلم الأحياء ، بل ولا حتى بالمنطق السليم أبداً.
أحمد الحسن - كتاب وهم الإلحاد ص 306- 307
Comment