بسم الله الرحمن الرحيم والحمد الله رب العالمين وصلي على محمد وال محمد الائمه والمهدين وسلم تسليما كثيرا
من كتاب الجواب المنير عبر الاثير
س : ما تفسير الآيتين : (وهو الذي أنشأكم من نفس وأحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) (الانعام : 98)
(وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) (هود : 6)
ج : بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
قال تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) (الفجر : 27- 28) ، والنفس المطمئنة هي التي سكن وقر فيها الإيمان فاستقرت به وهذه هي نفوس الأنبياء والأوصياء وأولياء الله الذين امنوا بهم ونصروهم ، وفي مقابل النفوس المطمئنة النفوس المضطربة وهي نفوس المؤمنين الذين يتخلل إيمانهم شيء من الشك ولو كان قليلا وهذه النفوس سكن فيها الإيمان ولكنه لم يقر فيها لبقاء الشك فيها فالإيمان مستودع فيها فاما أن يبقى فيها الإيمان بفضل الله واما أن يزداد الشك والظلمة فيها حتى يخرج منها الإيمان والنور فتمسي مظلمة مضطربة لا قرار لها وهكذا نفوس (كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أخرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور : 40).
وبهذا تبين ان قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَأحدةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (الأنعام : 98) أي الإيمان مستقر ومستودع
أما قوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (هود : 6) فأراد بـ (مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا) النفوس ، فعلى المؤمن أن يكثر من الدعاء أن يكون إيمانه مستقرا لتكون نفسه مطمئنة.
في دعاء يوم الغدير الذي ورد عن الصادق (ع) قال (...رَبَّنَا إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِطَاعَةِ وُلَاةِ أَمْرِكَ وَأَمَرْتَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّادِقِينَ فَقُلْتَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَقُلْتَ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا رَبَّنَا فَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ مُصَدِّقِينَ لِأَوْلِيَائِكَ وَلَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ وَبِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ جَمِيعاً أَنْ تُبَارِكَ لَنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا الَّذِي أَكْرَمْتَنَا فِيهِ وَأَنْ تُتِمَّ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ وَتَجْعَلَهُ عِنْدَنَا مُسْتَقَرّاً وَلَا تَسْلُبَنَاهُ أَبَداً وَلَا تَجْعَلَهُ مُسْتَوْدَعاً فَإِنَّكَ قُلْتَ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ فَاجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً وَلَا تَجْعَلْهُ مُسْتَوْدَعاً وَارْزُقْنَا نَصْرَ دِينِكَ مَعَ وَلِيٍّ هَادٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ وَاجْعَلْنَا مَعَهُ وَتَحْتَ رَايَتِهِ شُهَدَاءَ صِدِّيقِينَ فِي سَبِيلِكَ وَعَلَى نُصْرَةِ دِينِكَ) تهذيب الأحكام ج 7 ص 147
وعَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) قَالَ (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّبِيِّينَ عَلَى النُّبُوَّةِ فَلَا يَكُونُونَ إِلَّا أَنْبِيَاءَ وَخَلَقَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْإِيمَانِ فَلَا يَكُونُونَ إِلَّا مُؤْمِنِينَ وَأَعَارَ قَوْماً إِيمَاناً فَإِنْ شَاءَ تَمَّمَهُ لَهُمْ وَإِنْ شَاءَ سَلَبَهُمْ إِيَّاهُ قَالَ وَفِيهِمْ جَرَتْ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ وَقَالَ لِي إِنَّ فُلَاناً كَانَ مُسْتَوْدَعاً إِيمَانُهُ فَلَمَّا كَذَبَ عَلَيْنَا سُلِبَ إِيمَانُهُ ذَلِكَ) الكافي ج 2 ص 418
وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ (إِنَّ اللَّهَ جَبَلَ النَّبِيِّينَ عَلَى نُبُوَّتِهِمْ فَلَا يَرْتَدُّونَ أَبَداً وَجَبَلَ الْأَوْصِيَاءَ عَلَى وَصَايَاهُمْ فَلَا يَرْتَدُّونَ أَبَداً وَجَبَلَ بَعْضَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْإِيمَانِ فَلَا يَرْتَدُّونَ أَبَداً وَمِنْهُمْ مَنْ أُعِيرَ الْإِيمَانَ عَارِيَّةً فَإِذَا هُوَ دَعَا وَأَلَحَّ فِي الدُّعَاءِ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ) الكافي ج : 2 ص : 419
وعن البزنطي قال وعدنا أبو الحسن الرضا (ع) ليلة إلى مسجد دار معاوية فجاء فسلم (ع) فقال إن الناس قد جهدوا على إطفاء نور الله حين قبض الله تبارك وتعالى رسوله ص وأبى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وقد جهد علي بن أبي حمزة على إطفاء نور الله حين مضى أبو الحسن )ع( فأبى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وقد هداكم الله لأمر جهله الناس فأحمدوا الله على ما من عليكم به إن جعفرا (ع) كان يقول فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ فالمستقر ما ثبت من الإيمان والمستودع المعار وقد هداكم الله لأمر جهله الناس فأحمدوا الله على ما من عليكم به) بحار الأنوار ج 49 ص 262
وعن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال (قلت» هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وأحدةٍ فَمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ « قال ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه قال قلت يقولون مستقر في الرحم ومستودع في الصلب فقال كذبوا المستقر ما استقر الإيمان في قلبه فلا ينزع منه أبدا ، والمستودع الذي يستودع الإيمان زمانا ثم يسلبه وقد كان الزبير منهم) تفسير العياشي ص 371 .
Comment