سؤال/ 17: ما علّة اختيار الأنبياء والمرسلين والأئمة (ع) دون غيرهم واختصاصهم بالعصمة؟
#المتشابهات_ج1
http://almahdyoon.org/arabic/documen...chabihat-1.pdf
------------
الجواب: لما نشر الله سبحانه وتعالى بني آدم بين يديه سبحانه وخاطبهم: ﴿… أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ …﴾ ([1])، انقسموا إلى جماعات بحسب إجابتهم:
الجماعة الأولى: هم الذين رأوا النور من وراء الحجب، فأجابوا بـ (بلى) قبل أن يصل السؤال إلى أسماعهم. وتـنقسم هذه المجموعة إلى جماعات عديدة بحسب عدد الحجب التي رأوا من ورائها النور.
وهؤلاء هم الذين خرقوا حجب النور ووصلوا إلى معدن العظمة ([2])، قال أمير المؤمنين (ع): (إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك) ([3]).
والجماعة الثانية: هم الذين رأوا النور بعد أن اخترق الحجب، فأجابوا بـ (بلى) بعد أن وصل السؤال إلى أسماعهم. وأيضاً تنقسم هذه الجماعة إلى جماعات عديدة بحسب سرعة السماع والإجابة، وهاتان الجماعتان هم: الأحرار.
ثم تأتي جماعة العبيد: وهم الذين قالوا (بلى) بعد سماع كلمة (بلى) من غيرهم.
ثم جماعة المنافقين: قالوا (بلى)، ولكن في قلوبهم شك مما سمعوا ([4]).
ثم جماعة الكافرين: وهم الذين لم يقولوا (بلى) ([5]).
والأنبياء والمرسلون والأئمة (ع) من الجماعة الأولى ، وقد رأوا النور من وراء الحجب؛ لأنهم لم يلتفتوا يميناً أو شمالاً، بل تعلقت أرواحهم بالملأ الأعلى، وقصروا نظرهم على جهة الفيض الإلهي، فلم يغفلوا عن الله سبحانه وتعالى، وهم (ع) أيضاً درجات، فمنهم من ركز كل وجوده في النظر إلى جهة الفيض الإلهي، ومنهم من هو أقل من ذلك، وكل واحد منهم (ع) أُعطي بحسب ما أَعطى، ورأى من آيات ربه بحسب ما سعى بالنظر لها.
﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى* وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ ([6]).
ففي ذلك العالم كان جميع بني آدم مختارين، وكل واحد منهم يمتلك فطرة الله التي فطر الناس عليها، وكل واحد بإرادته قَصَرَ نظرَه على النور فأصبح من المقربين، أو على الظلمات فأمسى من أصحاب الجحيم. فالأنبياء والمرسلون والأئمة (ع) هم الذين اختاروا الله سبحانه، وقصروا نظرهم على النور فاصطفاهم الله سبحانه.
أما العصمة: فهي درجات وليست واحدة كما يتوهم بعضهم، وكل واحد من الأنبياء والمرسلين والأئمة (ع) اختص بدرجة من درجات العصمة بحسب اختياره هو ([7]). فالمعصوم هو: من اعتصم بالله عن محارم الله سبحانه وتعالى.
وفي معاني الأخبار : عن هشام ، قال : قلت لأبي عبد الله (ع): ما معنى قولكم إن الإمام لا يكون إلا معصوماً؟ فقال (ع): (المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ([8])) ([9]).
وقال أبو عبد الله الصادق (ع): (المعصوم هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله القرآن، والقرآن يهدي إلى الإمام كما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ ([10])) ([11]).
__________________
[[1- الأعراف : 172.
[[2- عن داود الرقـي، عن أبي عبد الله (ع) قال: (لما أراد الله (عز وجل) أن يخلق الخلـق خلقهـم ونشرهم بين يديه، ثم قال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله (ص) وأمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا: أنت ربنا، فحمّلهم العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي، وهم المسؤولون. ثم قـال لبني آدم: أقرّوا لله بالربوبية، ولهؤلاء النفر بالطاعة والولاية فقالوا: نعم ربنا أقررنا، فقال الله (سبحانه وتعالى) للملائكة: اشهدوا، فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا غداً إنا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون. يا داود الأنبياء مؤكدة عليهم في الميثاق) بحار الأنوار : ج5 ص 244.
[[3- مقطع من المناجاة الشعبانية، انظر: إقبال الأعمال : ص687.
[[4- عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (ع) في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه، فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه، فقال الله: فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل) بحار الأنوار: ج5 ص237.
[[5- عن أبي جعفر عن أبيه عن جده (ع): (إن رسول الله (ص) قال لعلي (ع): أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحاً، فقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، قال: محمد رسول الله؟ قالوا: بلى. قال: وعلي أمير المؤمنين؟ فأبى الخلق كلهم جميعاً إلا استكباراً وعتواً عن ولايتك إلا نفر قليل وهم أقل القليل وهم أصحاب اليمين) بحار الأنوار : ج24 ص2.
[[6- النجم : 39 – 42.
[[7- وبها يكون التفاضل بينهم، قال تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ...) البقرة : 253.
[[8- آل عمران : 101.
[[9- معاني الأخبار للشيخ الصدوق : ص132.
[[10- الاسراء : 9 .
[[11- معاني الأخبار للشيخ الصدوق : ص132.
#المتشابهات_ج1
http://almahdyoon.org/arabic/documen...chabihat-1.pdf
------------
الجواب: لما نشر الله سبحانه وتعالى بني آدم بين يديه سبحانه وخاطبهم: ﴿… أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ …﴾ ([1])، انقسموا إلى جماعات بحسب إجابتهم:
الجماعة الأولى: هم الذين رأوا النور من وراء الحجب، فأجابوا بـ (بلى) قبل أن يصل السؤال إلى أسماعهم. وتـنقسم هذه المجموعة إلى جماعات عديدة بحسب عدد الحجب التي رأوا من ورائها النور.
وهؤلاء هم الذين خرقوا حجب النور ووصلوا إلى معدن العظمة ([2])، قال أمير المؤمنين (ع): (إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك) ([3]).
والجماعة الثانية: هم الذين رأوا النور بعد أن اخترق الحجب، فأجابوا بـ (بلى) بعد أن وصل السؤال إلى أسماعهم. وأيضاً تنقسم هذه الجماعة إلى جماعات عديدة بحسب سرعة السماع والإجابة، وهاتان الجماعتان هم: الأحرار.
ثم تأتي جماعة العبيد: وهم الذين قالوا (بلى) بعد سماع كلمة (بلى) من غيرهم.
ثم جماعة المنافقين: قالوا (بلى)، ولكن في قلوبهم شك مما سمعوا ([4]).
ثم جماعة الكافرين: وهم الذين لم يقولوا (بلى) ([5]).
والأنبياء والمرسلون والأئمة (ع) من الجماعة الأولى ، وقد رأوا النور من وراء الحجب؛ لأنهم لم يلتفتوا يميناً أو شمالاً، بل تعلقت أرواحهم بالملأ الأعلى، وقصروا نظرهم على جهة الفيض الإلهي، فلم يغفلوا عن الله سبحانه وتعالى، وهم (ع) أيضاً درجات، فمنهم من ركز كل وجوده في النظر إلى جهة الفيض الإلهي، ومنهم من هو أقل من ذلك، وكل واحد منهم (ع) أُعطي بحسب ما أَعطى، ورأى من آيات ربه بحسب ما سعى بالنظر لها.
﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى* وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ ([6]).
ففي ذلك العالم كان جميع بني آدم مختارين، وكل واحد منهم يمتلك فطرة الله التي فطر الناس عليها، وكل واحد بإرادته قَصَرَ نظرَه على النور فأصبح من المقربين، أو على الظلمات فأمسى من أصحاب الجحيم. فالأنبياء والمرسلون والأئمة (ع) هم الذين اختاروا الله سبحانه، وقصروا نظرهم على النور فاصطفاهم الله سبحانه.
أما العصمة: فهي درجات وليست واحدة كما يتوهم بعضهم، وكل واحد من الأنبياء والمرسلين والأئمة (ع) اختص بدرجة من درجات العصمة بحسب اختياره هو ([7]). فالمعصوم هو: من اعتصم بالله عن محارم الله سبحانه وتعالى.
وفي معاني الأخبار : عن هشام ، قال : قلت لأبي عبد الله (ع): ما معنى قولكم إن الإمام لا يكون إلا معصوماً؟ فقال (ع): (المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ([8])) ([9]).
وقال أبو عبد الله الصادق (ع): (المعصوم هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله القرآن، والقرآن يهدي إلى الإمام كما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ ([10])) ([11]).
__________________
[[1- الأعراف : 172.
[[2- عن داود الرقـي، عن أبي عبد الله (ع) قال: (لما أراد الله (عز وجل) أن يخلق الخلـق خلقهـم ونشرهم بين يديه، ثم قال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله (ص) وأمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا: أنت ربنا، فحمّلهم العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي، وهم المسؤولون. ثم قـال لبني آدم: أقرّوا لله بالربوبية، ولهؤلاء النفر بالطاعة والولاية فقالوا: نعم ربنا أقررنا، فقال الله (سبحانه وتعالى) للملائكة: اشهدوا، فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا غداً إنا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون. يا داود الأنبياء مؤكدة عليهم في الميثاق) بحار الأنوار : ج5 ص 244.
[[3- مقطع من المناجاة الشعبانية، انظر: إقبال الأعمال : ص687.
[[4- عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (ع) في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه، فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه، فقال الله: فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل) بحار الأنوار: ج5 ص237.
[[5- عن أبي جعفر عن أبيه عن جده (ع): (إن رسول الله (ص) قال لعلي (ع): أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحاً، فقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، قال: محمد رسول الله؟ قالوا: بلى. قال: وعلي أمير المؤمنين؟ فأبى الخلق كلهم جميعاً إلا استكباراً وعتواً عن ولايتك إلا نفر قليل وهم أقل القليل وهم أصحاب اليمين) بحار الأنوار : ج24 ص2.
[[6- النجم : 39 – 42.
[[7- وبها يكون التفاضل بينهم، قال تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ...) البقرة : 253.
[[8- آل عمران : 101.
[[9- معاني الأخبار للشيخ الصدوق : ص132.
[[10- الاسراء : 9 .
[[11- معاني الأخبار للشيخ الصدوق : ص132.
Comment