إضاءة
من جهاد بني إسرائيل
من جهاد بني إسرائيل
قصة طالوت :
جماعة طالوت هم جماعة مؤمنة من بني إسرائيل حبسوا أنفسهم على أمر الله سبحانه وتعالى، وحاشا لله سبحانه وتعالى أن يترك من حبسوا أنفسهم على أمره دون أن يفرّج عنهم، فلم يقبلوا حاكمية الناس والانتخابات لاختيار ملك لهم، بل طلبوا من الله سبحانه وتعالى أن يعيـّن لهم ملكاً؛ لأنهم مؤمنون بحاكمية الله سبحانه وتعالى ولا يرضون بالبديل الشيطاني عنها، وهو حاكمية الناس: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ البقرة: 246.
ولكن هل تخلو جماعة مؤمنة من المنافقين ؟ وهكذا اعترض المنافقون على أمر الله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة: 247.
والنتيجة سار طالوت بالمجاهدين ليقاتلوا في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله:
﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ البقرة: 249.
وجاء الامتحان الإلهي ليميز الطيب من الخبيث، وليبين فضل أهل الفضل من هذه الجماعة المؤمنة:
﴿.. إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ..﴾.
لم تكن مسألة عطش وشرب ماء، بل كانت مسألة إيمان هذه الجماعة بالله وبولي الله وخليفته في أرضه والتسليم له وطاعته، ومسألة اليقين بنصر الله وبفتح الله للمؤمنين به وبخليفته في أرضه، فظهرت تلك الفئات في ساحة المعركة، فئة استيقنت أمر الله فلا يبالي أفرادها إن وقعوا على الموت أو وقع الموت عليهم: ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. وفئة ارتجفت أقدامهم لما رأوا ضخامة جيش جالوت ولكنهم حاربوا هذه النكسة في نفوسمهم، أمّا الفئة الثالثة فقد خسروا المعركة في نفوسهم ولم يجدوا إلاّ الهزيمة يتحدثون عنها؛ لأنهم مهزومون من الداخل: ﴿قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾.
المصدر : كتاب الجهاد باب الجنة للسيد أحمد الحسن (عليه السلام)
Comment