[ قال عيسى (ع): (ليس بالطعام وحده يحيى ابن آدم ولكن بكلمة الله)، وأنا عبد الله أقول لكم بالطعام يموت ابن آدم وبكلمة الله يحيى. ]
الجواب المنير ج1 من السؤال2
[ سألت العبد الصالح (ع) عن ذلك، فقلت: بالطعام يموت ابن آدم، قد نُسأل ما هو المراد من الطعام الذي يميت ابن آدم.
فأجابني (ع): (نعم، الطعام هو ما يسدّ شهوة فروج الإنسان، فللفم طعام، وللعورة طعام، وللعين طعام ، وللأذن طعام. وهذا الطعام له حد وقانون، فالأكل الحلال للقوة يتقوى به الإنسان على طاعة الله هذا يحيي الإنسان؛ لأنه سبب لحياة روحه بالذكر الذي تقوّى عليه بهذا الطعام. وسد شهوة العورة بالحلال كذلك، وطعام العين النافع مثل النظر إلى القرآن وإلى حجة الله أو حتى النظر إلى مآل أعداء الله والاعتبار يحيي الإنسان، وأيضاً طعام الأذن النافع مثل سماع القرآن يحيي الإنسان.
أما إن كان الإنسان يأكل دون حساب لكم أو كيف أو نوع، أو يسد شهوة عورته بما يشاء دون حساب أيضاً لكيف وأين ومتى ومع من، وينظر لما يشاء ولمن يشاء دون حساب لما يريده الله ، وأيضاً يسمع ما يشاء، فهذا الإنسان يهلك نفسه بهذا الطعام الذي يطعم به فمه وعورته وعينه وأذنه. فالطعام دون أن يحسب الله سبحانه وتعالى يقتل الإنسان ويسبب هلاك الإنسان، فبالطعام يموت ابن آدم). ]
مع العبد الصالح ج1 ص(83،84)
قال أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب ع [ ((أ أقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدّهر ؟ أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني أكل الطّيّبات كالبهيمة المربوطة همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها، تكترش من أعلافها، و تلهو عمّا يراد بها، أو أترك سدى وأهمل عابثاً، أو أجرّ حبل الضّلالة، أو أعتسف طريق المتاهة ...........
إليك عنّي يا دنيا فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، و أفلتّ من حبائلك، و اجتنبت الذّهاب في مداحضك. أين القوم الّذين غررتهم بمداعبك ؟ أين الأمم الّذين فتنتهم بزخارفك ؟ هاهم رهائن القبور، ومضامين اللّحود واللّه لو كنت شخصاً مرئيّاً، وقالباً حسّيّا، لأقمت عليك حدود اللّه في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي، و ملوك أسلمتهم إلى التّلف وأوردتهم موارد البلاء، إذ لا ورد ولا صدر.
هيهات من وطئء دحضك زلق، ومن ركب لججك غرق، ومن ازورّ عن حبالك وفّق، والسّالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، والدّنيا عنده كيوم حان انسلاخه .
أعزبى عنّي، فو اللّه لا أذلّ لك فتستذلّني، و لا أسلس لك فتقوديني، وايم اللّه يمينا برّة أستثني فيها بمشيئة اللّه لأروضنّ نفسي رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، و تقنع بالملح مأدوما، ولأدعنّ مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها . أتمتلئء السّائمة من رعيها فتبرك ؟ و تشبع الرّبيضة من عشبها فتربض ؟ و يأكل عليّ من زاده فيهجع ؟ قرّت إذا عينه إذا اقتدى بعد السّنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة، والسّائمة المرعيّة طوبى لنفس أدّت إلى ربّها فرضها، و عركت بجنبها بؤسها، وهجرت في اللّيل غمضها، حتّى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها، و توسّدت كفّها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، و تجافت عن مضاجعهم جنوبهم وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم (أُولئِكَ حِزْبُ اللَّه ، أَلا إنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ المُفْلِحُونَ))). ]
من خطبة عيد الغدير الاغر للامام أحمد الحسن ع
[ سؤال 219/ سيدي يا ابن رسول الله (ص) في يوم من الأيام كنت قد أكلت اللحم دون أن أتبيّن إن كان حلالاً، ورغم عدم معرفتي أنه حلال فقد أكلته، والأرجح أنني أكلت حراماً فأطلب منك يا مولاي أن تدعو لي بالمغفرة أولاً، ثم أود معرفة كفارة هذا الذنب.
الجواب: أسأل الله أن يوفقك ويغفر لك، وإذا كنت تريد أن تُكفّر وتُخلّص جسدك من الحرام فعليك بالصيام وقلة الطعام حتى تذيب ما بني من حرام ثم ابني جسدك بالحلال. والطعام الحرام يؤثر على القلب؛ لأنه يجري في الدم ويصل أكثره إلى القلب الجسماني في الصدر، والصدر هو موضع اتصال الروح بالجسد، والطعام الطيب يؤثر أيضاً إيجاباً على قلب الإنسان واتصاله بملكوت السماوات ورؤيته لملكوت السماوات؛ ولهذا حذّر الله سبحانه وتعالى من طلبوا مائدة السماء إنهم إن كفروا سيعذبهم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين: ﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ﴾؛ وذلك لأنّ مائدة السماء هي طعام حلال وطيب ويؤثر على القلب فيرون ملكوت السماوات وتطمئن قلوبهم بذلك، ولهذا هم أنفسهم عللوا طلبهم لمائدة السماء لكي تطمئن قلوبهم: ﴿قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا﴾ ولم يقصدوا أكيداً المعجزة فكثيرة هي المعاجز التي رؤها من عيسى(ع) ولا خصوصية لمائدة السماء كمعجزة لتسبب اطمئنان القلب دون غيرها، وإنّما الذي يسبب اطمئنان القلب هو طعام السماء الحلال الطيب المبارك الذي يجعلهم ينظرون في ملكوت السماوات: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ﴾. ]
من كتاب الجواب المنير عبر الأثير ج3
[ سؤال/ 102: قال الصادق (ع) ما معناه: (إن استطعت أن لا تأكل إلا الله فافعل)، ما معنى هذا الحديث؟
الجواب: أي أن تكون ذاكراً لله سبحانه وتعالى على كل حال فالذكر طعام الروح، ثم أن تقلل طعام الجسد بقدر الحاجة له ، أي أن يكون للقوة لا للشهوة ، قال عيسى (ع): (ليس بالطعام وحده يحيى ابن آدم، بل بكلمة الله).
وهكذا يحصل الإنسان على المقام في السماوات الملكوتية، ثم إنه يطعم ويسقى دونما طعام جسماني مادي ، فالصائم إذا نام في النهار يطعم ويسقى كما ورد في الحديث عنهم (ع) ([206])، بل كثيرون عندما ينامون في النهار أيام الصيام يرون في الرؤيا أنهم أكلوا وشربوا ويستيقظون وقد ذهب عنهم الجوع والظمأ، وكأنهم أكلوا في هذا العالم الجسماني، فالإمام الصادق (ع) يرشد الناس إلى الإكثار من ذكر الله وتقليل العروج على الدنيا.
والحقيقة التي يجب أن يعرفها الناس هي أنه: (بالطعام يموت ابن آدم)، فبالطعام والشهوات تشغل الروح عن رقيها، وتنكب على تدبير هذا البدن الجسماني، وهذا الانشغال بالنسبة للروح هو نوع من الموت التدريجي، كما أنّ الذكر والسعي في طريق الله سبحانه وتعالى هو نوع من الحياة والرقي التدريجي. ]
المتشابهات ج3
[ أيضا الأحلام التي تؤثر في البدن بشكل ملموس وكبير ومنها أحلام الصائم في نهار الصيام حيث يرى في نومه نهارا أنه يأكل ويشرب ثم يستيقظ وقد ذهب عنه الجوع والعطش، وهذه الرؤى كثيرة الوقوع، وقد تفسر على أنها تحصل نتيجة إشارات من الدماغ والارتواء والشبع تحصيل حاصل لبعض افرازات الجسم أو عمل بعض الأعضاء.
ولكن الحقيقة إن الإنسان عندما يستيقظ وهو في كثير من الأحيان ينتبه في الرؤيا إلى أنه صائم يجد أن طعم الشراب أو الطعام ربما لا يزال في فمه، هذا إضافة إلى أن الصائم لا يذهب ظمأه وهو مستيقظ في حين عندما ينام يرى أنه يشرب ويذهب ظمأه، فلماذا لا تعمل هذه الافرازات إلا في النوم؟ ولماذا عندما يرى الرؤيا يستيقظ وقد ذهب ظمأه ولا يذهب ظمأه لو لم ير تلك الرؤيا أو الحلم بأنه يشرب؟! ]
وهم الإلحاد ص563
Comment