(ماخوذ من كتاب شئ من تفسير سورة الفاتحة للامام احمد الحسن (ع))
العوالم ثلاثة، وهي:
أ- عالم الملك: أو هذا العالم الجسماني الذي نعيش فيه، ويتكوّن من المادة - الشبيهة بالعدم والتي ليس لها حظ من الوجود إلاّ قابليتها للوجود - ، ومن الصورة المظهرة لها. والمادة متقوّمة بالصورة، وكل ما للجسم من إحساس وطعم ورائحة وحركة ونمو واندثار، فهي للصورة الجسمانية والمثالية لا للمادة. فمثلاً: الإصبع في جسم إنسان ما يتحسّس الحرارة والبرودة والنعومة والخشونة، وعند موت هذا الإنسان - ففي الغالب - يتحوّل جسمه إلى تراب، فُيمسي هذا الإصبع حفنة تراب.
وحقيقة هذا الأمر هو: أنّ صورة إصبع الإنسان ارتفعت عن المادة، وعرضت عليها صورة جديدة، هي صورة حفنة التراب، وهي جسم جديد غير حسّاس، فتبيّن لنا أنّ الإحساس في الأجسام من لوازم الصورة لا المادة. وهكذا لو تحولت حفنة التراب إلى برتقالة، أصبحت ذات رائحة جميلة وطعم طيب، ومع أنّ المادة نفسها في الإصبع والتراب والبرتقالة، ولكن تغيّر الصورة سبب تغيّر الرائحة والطعم والتحسّس، بل وحرمة أكل التراب وإصبع الإنسان وحلية أكل البرتقال.
فعن الصادق (ع) قال: (اعلم يا فلان إنّ منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس الواجب الطاعة عليهم، ألا ترى أنّ جميع جوارح الجسد شرط للقلب وتراجمة له مؤدية عنه، الأذنان والعينان والأنف والفم واليدان والرجلان والفرج، فإنّ القلب إذا هم بالنظر فتح الرجل عينه، وإذا هم بالاستماع حرك أذنيه وفتح مسامعه فسمع، وإذا هم القلب بالشم استنشق بأنفه، فأدى تلك الرائحة إلى القلب، وإذا هم بالنطق تكلّم باللسان، وإذا هم بالبطش عملت اليدان، وإذا هم بالحركة سعت الرجلان، وإذا هم بالشهوة تحرّك الذَكر. فهذه كلّها مؤدية عن القلب بالتحريك، وكذلك ينبغي للإمام أن يطاع للأمر منه) ([62]).
ومن هنا نعرف أنّ التشريع لا ينظر إلى المادة، بل إلى الصورة، بل ويكفي النظر إلى الصورة المثالية الملكوتية التي هي أصل الصورة الجسمانية؛ ولهذا ورد عن المعصومين (ع) ما معناه: (إنّ الله لم ينظر إلى هذا العالم منذ خلقه)، (وأنّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) ([63]).
كما وتندفع بما قدّمت شبهة الآكل والمأكول ([64])؛ حيث إنّ المشترك بين الإصبع والتراب والبرتقالة في المثال هو: المادة فقط ، والمادة: عدم قابل للوجود لا غير.
فتبين أنّه لا يوجد أي اشتراك حقيقي بين الإصبع والتراب والبرتقالة.
ب- عالم الملكوت: وهو عالم مثالي مجرّد عن المادة، شبيه بما يراه النائم، وهو أشرف من هذا العالم الجسماني، بل ومسيطر عليه ويتصرّف فيه. ولكل جسم في عالم الملك صورة في عالم الملكوت، وهي حقيقته.
وصورة الإنسان في عالم الملكوت، هي نفسه أو الناطقة المغروسة في الجَنان ([65])، وهي المدبرة للجسم في هذا العالم المادي، وهذه النفس أو الناطقة المغروسة في الجَنان هي: ظل العقل.
ج- العالم العقلي: وهو العالم الثالث، أشرف من عالم الملكوت. وهو عالم كلي، الموجودات فيه مستغرقة بعضها في بعض، ولا تنافي بينها، كما هو الحال في عالمي الملكوت والملك.
وغاية الإنسان هي الوصول إلى هذا العالم، والغرض من هذا الوصول هو معرفة الله سبحانه وتعالى، على ما قدّمت من أنّها ليست معرفة كنهه وحقيقته سبحانه، ولا معرفة ذاته أو أسمائه وصفاته التي هي عين ذاته، بل هي معرفة ظلال أسمائه الحسنى، وهم الحجج (ع). وأؤكد أنّهم ظلال أسمائه الحسنى، لا أسمائه الحسنى التي هي عين الذات.
(ماخوذ من كتاب شئ من تفسير سورة الفاتحة للامام احمد الحسن (ع))
العوالم ثلاثة، وهي:
أ- عالم الملك: أو هذا العالم الجسماني الذي نعيش فيه، ويتكوّن من المادة - الشبيهة بالعدم والتي ليس لها حظ من الوجود إلاّ قابليتها للوجود - ، ومن الصورة المظهرة لها. والمادة متقوّمة بالصورة، وكل ما للجسم من إحساس وطعم ورائحة وحركة ونمو واندثار، فهي للصورة الجسمانية والمثالية لا للمادة. فمثلاً: الإصبع في جسم إنسان ما يتحسّس الحرارة والبرودة والنعومة والخشونة، وعند موت هذا الإنسان - ففي الغالب - يتحوّل جسمه إلى تراب، فُيمسي هذا الإصبع حفنة تراب.
وحقيقة هذا الأمر هو: أنّ صورة إصبع الإنسان ارتفعت عن المادة، وعرضت عليها صورة جديدة، هي صورة حفنة التراب، وهي جسم جديد غير حسّاس، فتبيّن لنا أنّ الإحساس في الأجسام من لوازم الصورة لا المادة. وهكذا لو تحولت حفنة التراب إلى برتقالة، أصبحت ذات رائحة جميلة وطعم طيب، ومع أنّ المادة نفسها في الإصبع والتراب والبرتقالة، ولكن تغيّر الصورة سبب تغيّر الرائحة والطعم والتحسّس، بل وحرمة أكل التراب وإصبع الإنسان وحلية أكل البرتقال.
فعن الصادق (ع) قال: (اعلم يا فلان إنّ منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس الواجب الطاعة عليهم، ألا ترى أنّ جميع جوارح الجسد شرط للقلب وتراجمة له مؤدية عنه، الأذنان والعينان والأنف والفم واليدان والرجلان والفرج، فإنّ القلب إذا هم بالنظر فتح الرجل عينه، وإذا هم بالاستماع حرك أذنيه وفتح مسامعه فسمع، وإذا هم القلب بالشم استنشق بأنفه، فأدى تلك الرائحة إلى القلب، وإذا هم بالنطق تكلّم باللسان، وإذا هم بالبطش عملت اليدان، وإذا هم بالحركة سعت الرجلان، وإذا هم بالشهوة تحرّك الذَكر. فهذه كلّها مؤدية عن القلب بالتحريك، وكذلك ينبغي للإمام أن يطاع للأمر منه) ([62]).
ومن هنا نعرف أنّ التشريع لا ينظر إلى المادة، بل إلى الصورة، بل ويكفي النظر إلى الصورة المثالية الملكوتية التي هي أصل الصورة الجسمانية؛ ولهذا ورد عن المعصومين (ع) ما معناه: (إنّ الله لم ينظر إلى هذا العالم منذ خلقه)، (وأنّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) ([63]).
كما وتندفع بما قدّمت شبهة الآكل والمأكول ([64])؛ حيث إنّ المشترك بين الإصبع والتراب والبرتقالة في المثال هو: المادة فقط ، والمادة: عدم قابل للوجود لا غير.
فتبين أنّه لا يوجد أي اشتراك حقيقي بين الإصبع والتراب والبرتقالة.
ب- عالم الملكوت: وهو عالم مثالي مجرّد عن المادة، شبيه بما يراه النائم، وهو أشرف من هذا العالم الجسماني، بل ومسيطر عليه ويتصرّف فيه. ولكل جسم في عالم الملك صورة في عالم الملكوت، وهي حقيقته.
وصورة الإنسان في عالم الملكوت، هي نفسه أو الناطقة المغروسة في الجَنان ([65])، وهي المدبرة للجسم في هذا العالم المادي، وهذه النفس أو الناطقة المغروسة في الجَنان هي: ظل العقل.
ج- العالم العقلي: وهو العالم الثالث، أشرف من عالم الملكوت. وهو عالم كلي، الموجودات فيه مستغرقة بعضها في بعض، ولا تنافي بينها، كما هو الحال في عالمي الملكوت والملك.
وغاية الإنسان هي الوصول إلى هذا العالم، والغرض من هذا الوصول هو معرفة الله سبحانه وتعالى، على ما قدّمت من أنّها ليست معرفة كنهه وحقيقته سبحانه، ولا معرفة ذاته أو أسمائه وصفاته التي هي عين ذاته، بل هي معرفة ظلال أسمائه الحسنى، وهم الحجج (ع). وأؤكد أنّهم ظلال أسمائه الحسنى، لا أسمائه الحسنى التي هي عين الذات.
(ماخوذ من كتاب شئ من تفسير سورة الفاتحة للامام احمد الحسن (ع))
Comment