الاستخارة والرؤيا وسلاح المكذب بهما:
الاستخارة في الدين الإلهي:
(... عملت استخارة بالطريقة التي أشرتم إليها ومرات عديدة كانت غير جيدة، ...)، المفروض أنك لو كنت مؤمناً بالاستخارة ومؤمناً بأنك حين تستخير أنك تسأل الله سبحانه وتعالى أن لا تكرر الاستخارة، هذا كتنبيه لبيان حالك، وكذلك لو كنت مؤمناً بالرؤياً، فبما أنك كررت الاستخارة - كما تقول - ورأيت بحسب زعمك رؤى عديدة فلما لم تعمل بما أجابك به الله إن كنت فعلاً سألته ؟!
بل والله هو كذب ومفضوح كما سنبينه، وهو سلاح من أسلحة المنكرين للغيب، فتابع وسأبين لك فيما يلي من هذه السطور وبالدليل كيف أنك كذبت قطعاً ويقيناً.
الاستخارة هي سؤال الله سبحانه وتعالى، وبالتالي فلا بد من شروط، ومن هذه الشروط على الأقل: [الأول: إنك لا ترجح في نفسك طرفاً على آخر بل تساوي الأمرين في نفسك. والثاني: أن تكون مستعداً لقبول جواب الله بشكل كامل ولا يوجد في نفسك أي رفض للجواب ولا مناقشة ممكنة لما يأتيك من الجواب. والثالث: أن تقبل الجواب وتعتبره نعمة الله الكبرى عليك إن كلمك الله وأجابك. هذه الأمور الثلاثة كحد أدنى ضرورية لتكون أنت فعلاً قد استخرت الله. أمّا أن يأتي شخص وهو متردّد في قبول جواب الله له ثم يستخير ويعتبر أن ما فعله استخارة، فالحق إنّ مثل هذا الشخص ربما ينعم عليه الله الكريم ويجيبه، ولكن يا له من خزي لهذا وأمثاله وهو لا يرضى أن يستشيره أحد ثم يذهب لخلاف مشورته وكأنه استشاره ليخالف قوله، فكيف يرضى أن يفعل هذا مع الله سبحانه، والله إنّ هذا لأمر عظيم وتجرّأ كبير على الله سبحانه وتعالى، ومع هذا الخبث الصادر من الناس فأنّ الله يعاملهم برأفة ورحمة] ([1]).
2الاستخارة في الدين الإلهي كطريق لمعرفة الحجة على الخلق:
والاستخارة اهتم بها أهل البيت (ع) أشد الاهتمام، ووجهوا إليها شيعتهم في الروايات الكثيرة جداً، وورد الكثير من الحث عليها، وهذا مثال من النصوص المقدسة: عن أبي عبد الله الصادق (ع): (صلِّ ركعتين واستخر الله, فوالله ما استخار الله مسلم إلا خار له ألبتة) ([2]).وعن أبي عبد الله (ع)، قال: (كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن. ثم قال: ما أبالي إذا استخرت على أي جنبي وقعت) ([3]).
ولم يرد عنهم (ع) نهي عن الاستخارة في معرفة حجة الله (ع)، فبأي دليل ينكر المعاندون والمخالفون هذا الطريق الذي وجه إليه أهل البيت (ع) شيعتهم ؟!
وهل يجوز عقلاً أنّ الله سبحانه وتعالى يغش من استنصحه ؟! أو أنه سبحانه وتعالى يجيب من يستنصحه في سفره ومعاشه و.. و.. و.. ثم لا يجيبه في معرفة مصداق حجته؟!
وهل يجوز أن يغري سبحانه وتعالى عباده بالباطل بحيث يوجههم إلى الاستخارة على لسان حججه (ص) دون أن ينهاهم عنها في معرفة خليفة الله ؟! حاشاه سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
بل قد ورد أنّ صفوان الجمال وهو من كبار الشيعة قطع على إمامة الرضا (ع) بالاستخارة: عن علي بن معاذ أنه قال: (قلت لصفوان بن يحيى: بأي شيء قطعت على علي (أي علي الرضا (ع)) ؟ قال: صليت ودعوت الله واستخرت (عليه) وقطعت عليه) ([4]).
كما ورد الحث على الاستخارة بالخصوص في أمر المهدي (ع) عنهم (ع) كما في الرواية التي ينقلها الشيخ النعماني: عن سليمان بن بلال، قال: (حدثنا جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جده عن الحسين بن علي (ع)، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (ع)، فقال له: يا أمير المؤمنين، نبئنا بمهديكم هذا ؟ .......... إلى أن قال: ثم رجع إلى صفة المهدي (ع) فقال: أوسعكم كهفاً، وأكثركم علماً، وأوصلكم رحماً، اللهم فاجعل بعثه خروجاً من الغمة، واجمع به شمل الأمة. فإن خار الله لك فاعزم ولا تنثن عنه إن وفقت له، ولا تجوزن عنه إن هديت إليه، هاه - وأومأ بيده إلى صدره - شوقاً إلى رؤيته) ([5]).
من كتاب دلائل الصدق لانصار الامام المهدي (ع).
[1]- الإمام أحمد الحسن ـ الجواب المنير: ج3 سؤال رقم 236.
[2]- الشيخ الكليني ـ الكافي: ج3 ص470 باب صلاة الاستخارة.
[3]- وسائل الشيعة - الشيخ الحر العاملي: ج8 ص66 – 67.
[4]- كتاب الغيبة - الشيخ الطوسي: ص61.
[5]- كتاب الغيبة - الشيخ النعماني: ص212 – 214.
Comment