بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
الأول: عن سالم بن أبي سلمة، قال: (قرأ رجل على أبي عبد الله (ع) وأنا أسمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرأها الناس، فقال أبو عبد الله (ع) : مه مه ! كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فإذا قام أقرأ كتاب الله على حدّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي. وقال (ع): أخرجه علي (ع) إلى الناس حيث فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزله الله على محمد وقد جمعته بين اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه، قال: أما والله لا ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنما كان عليَّ أن أخبركم به حين جمعته لتقرأوه) مختصر بصائر الدرجات: 193.
الثاني: وهو قول لأستاذ المدرسة الأصولية المعروفة اليوم، والذي لا زال كتابه "كفاية الاصول" مرجعاً عليه تدور رحى اجتهاداتهم في دين الله، وبه تقاس الأعلمية عندهم، اذ يقول: (ودعوى العلم الإجمالي بوقوع التحريف فيه - أي القرآن - بنحوٍ: إما بإسقاط، أو تصحيف وإن كانت غير بعيدة، كما يشهد به بعض الأخبار ويساعده الاعتبار، إلا أنه لا يمنع عن حجية ظواهره، لعدم العلم بوقوع خلل فيها بذلك أصلاً ... ثم إن التحقيق أن الاختلاف في القراءة بما يوجب الاختلاف في الظهور مثل (يطهرن) بالتشديد والتخفيف، يوجب الإخلال بجواز التمسك والاستدلال، لعدم إحراز ما هو القرآن، ولم يثبت تواتر القراءات، ولا جواز الاستدلال بها، وإن نسب إلى المشهور تواترها، لكنه مما لا أصل له، وإنما الثابث جواز القراءة بها، ولا ملازمة بينهما، كما لا يخفى) كفاية الأصول: ص284، 285.
وأما المشكيني في حاشيته على هذا الكتاب والتي هي بمستوى من الأهمية في الحوزات العلمية التي جعلت منها كتاباً يدرس إلى اليوم في النجف الأشرف، فهو الآخر يؤكد ذلك ويصرح - كأستاذه الخراساني في الكفاية - بوقوع التحريف في الكتاب، بدليل الأخبار والروايات والاعتبار اللغوي الذي يقصد به البلاغة وعدم الاتصال بين بعض الآيات وما شابه من أمور النحو وغيرها.
هو (ع) وجّه المسلمين إلى اعتبار ما روي عن أهل البيت (ع) وقراءتهم لبعض الآيات من ضمن القراءات التي يقرأ بها المسلمون، فليس من الإنصاف في شيء لمحمد (ص) أن يقبل المسلمون كلهم بشيعتهم وسنتهم قراءة القراء السبع [وهذا بعض حال القراء السبعة كما نقله الخوئي في ترجمتهم: (1- عبد الله بن عامر: .. كان يزعم أنه من حمير، وكان يغمز في نسبه .. ولد سنة ثمان من الهجرة، وتوفي سنة 118.
2- عبد الله بن كثير: .. فارسي الأصل، وقال الحافظ أبو العلاء الهمداني: إنه ليس بمشهور عندنا، ولد بمكة سنة 45 وتوفي سنة 120.
3- عاصم الكوفي: هو ابن أبي النجود.. قال العجلي: .. وكان عثمانياً .. مات سنة 128.
4- أبو عمرو البصري: .. قيل إنه من فارس .. وكان يلقن الناس بالجامع الأموي .. ولد سنة 68 ومات سنة 154.
5- حمزة الكوفي: هو ابن حبيب بن عمارة .. وقال سفيان الثوري: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض .. ولد سنة 80 وتوفي سنة 156.
6- نافع المدني: هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم. قال ابن الجزري: "أصله من أصبهان" مات سنة 169.. اختلف فيه أحمد ويحيى، فقال أحمد: منكر الحديث، وقال يحيى: ثقة.
7- الكسائي: هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الاسدي، مولاهم من أولاد الفرس .. قال أبو عبيد في كتاب القراءات: "كان الكسائي: يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضاً. علم الرشيد، ثم علم ولده الأمين .. مات سنة 189) البيان: ص126، فما بعد.]
أو العشر أو حتى الأربعة عشر، بل حتى القراءة بمطلق ما يوافق العربية كما يفتي السيستاني [هذا نص فتواه: (الأنسب أن تكون القراءة على طبق المتعارف من القراءات السبع وإن كان الأقوى كفاية القراءة على النهج العربي وإن كانت مخالفة لها في حركة بنية أو إعراب ...) المسائل المنتخبة: ص121/ مسألة 267.] ، ولا تُقبل قراءة آل محمد (ع) بينها، بل يعاب علينا - كما حاوله أتباع المرجعية ممن يعترض على الدعوة اليمانية المباركة، إذا ما أردنا القراءة بما قرأ به الإمام الباقر (ع) أو الإمام الصادق (ع)، ويقول إنه شيعي مزود بصك وكالة المرجعية البائسة؟!
إنّ المتتبع يجد وبكل وضوح أنّ أغلب فقهاء الشيعة والسنة - إن لم يكن كلهم - يجوزون القراءة بالقراءات المعروفة التي رووها أهل السنة وأخذها منهم فقهاء الشيعة، الذين تمادى بعضهم فأوجب القراءة بها بدعوى تواترها، في ذات الوقت الذي نلاحظ فيه أن روايات أهل البيت تنكر ذلك بشدة.
وثالثاً: إنّ لآل محمد (ع) في خصوص ما أشكل به المدعون روايات كثيرة أكتفي بنقل اثنتين منها:
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع)، في قوله عز وجل: ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، قال: (من ملك بني أمية، قال: وقوله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾، أي من عند ربهم على محمد وآل محمد، بِكُلِّ أَمْرٍ سَلَام) تأويل الآيات: ج2 ص820 ح8، البرهان: ج5 رقم الحديث 11784، بحار الانوار: ج25 ص70 ح59.
وعن عبد الله بن عجلان السكوني، قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: (بيت علي وفاطمة حجرة رسول الله ، وسقف بيتهم عرش رب العالمين، وفي قعر بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي والملائكة، تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساء وكل ساعة وطرفة عين، والملائكة لا ينقطع فوجهم، فوج ينزل وفوج يصعد، وإن الله تبارك وتعالى كشف لإبراهيم (ع) عن السماوات حتى أبصر العرش، وزاد الله في قوة ناظره، وإن الله زاد في قوة ناظر محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) وكانوا يبصرون العرش، ولا يجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش، فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن ومعارج الملائكة والروح فوج بعد فوج لا انقطاع لهم، وما من بيت من بيوت الأئمة منا إلا وفيه معراج الملائكة لقول الله عز وجل: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ(***) أَمْرٍ سَلامٌ﴾. قال: قلت: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ ؟ قال: بِكُلِّ أَمْرٍ، فقلت: هذا التنـزيل ؟ قال: نعم) تأويل الآيات: ج2 ص827 ح2، البرهان: ج5 رقم الحديث 11789، بحار الانوار: ج25 ص97 ح70.
(***) : هذا هو الصحيح نظراً الى استغراب الراوي وتأكيد الامام عليها، وايضاً راجع بحار الانوار وغيره.
ماذا بقي إذن، ويماني آل محمد (ع) يقرأ الآية كما قرأها آباؤه الطاهرون (ع) ، وماذا نفعل لكم إن كنتم تشمئزون من قول آل محمد (ع) وقراءتهم، وتستحسنون قراءة حتى النواصب ؟!
يتبع ...
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
الأول: عن سالم بن أبي سلمة، قال: (قرأ رجل على أبي عبد الله (ع) وأنا أسمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرأها الناس، فقال أبو عبد الله (ع) : مه مه ! كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فإذا قام أقرأ كتاب الله على حدّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي. وقال (ع): أخرجه علي (ع) إلى الناس حيث فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزله الله على محمد وقد جمعته بين اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه، قال: أما والله لا ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنما كان عليَّ أن أخبركم به حين جمعته لتقرأوه) مختصر بصائر الدرجات: 193.
الثاني: وهو قول لأستاذ المدرسة الأصولية المعروفة اليوم، والذي لا زال كتابه "كفاية الاصول" مرجعاً عليه تدور رحى اجتهاداتهم في دين الله، وبه تقاس الأعلمية عندهم، اذ يقول: (ودعوى العلم الإجمالي بوقوع التحريف فيه - أي القرآن - بنحوٍ: إما بإسقاط، أو تصحيف وإن كانت غير بعيدة، كما يشهد به بعض الأخبار ويساعده الاعتبار، إلا أنه لا يمنع عن حجية ظواهره، لعدم العلم بوقوع خلل فيها بذلك أصلاً ... ثم إن التحقيق أن الاختلاف في القراءة بما يوجب الاختلاف في الظهور مثل (يطهرن) بالتشديد والتخفيف، يوجب الإخلال بجواز التمسك والاستدلال، لعدم إحراز ما هو القرآن، ولم يثبت تواتر القراءات، ولا جواز الاستدلال بها، وإن نسب إلى المشهور تواترها، لكنه مما لا أصل له، وإنما الثابث جواز القراءة بها، ولا ملازمة بينهما، كما لا يخفى) كفاية الأصول: ص284، 285.
وأما المشكيني في حاشيته على هذا الكتاب والتي هي بمستوى من الأهمية في الحوزات العلمية التي جعلت منها كتاباً يدرس إلى اليوم في النجف الأشرف، فهو الآخر يؤكد ذلك ويصرح - كأستاذه الخراساني في الكفاية - بوقوع التحريف في الكتاب، بدليل الأخبار والروايات والاعتبار اللغوي الذي يقصد به البلاغة وعدم الاتصال بين بعض الآيات وما شابه من أمور النحو وغيرها.
هو (ع) وجّه المسلمين إلى اعتبار ما روي عن أهل البيت (ع) وقراءتهم لبعض الآيات من ضمن القراءات التي يقرأ بها المسلمون، فليس من الإنصاف في شيء لمحمد (ص) أن يقبل المسلمون كلهم بشيعتهم وسنتهم قراءة القراء السبع [وهذا بعض حال القراء السبعة كما نقله الخوئي في ترجمتهم: (1- عبد الله بن عامر: .. كان يزعم أنه من حمير، وكان يغمز في نسبه .. ولد سنة ثمان من الهجرة، وتوفي سنة 118.
2- عبد الله بن كثير: .. فارسي الأصل، وقال الحافظ أبو العلاء الهمداني: إنه ليس بمشهور عندنا، ولد بمكة سنة 45 وتوفي سنة 120.
3- عاصم الكوفي: هو ابن أبي النجود.. قال العجلي: .. وكان عثمانياً .. مات سنة 128.
4- أبو عمرو البصري: .. قيل إنه من فارس .. وكان يلقن الناس بالجامع الأموي .. ولد سنة 68 ومات سنة 154.
5- حمزة الكوفي: هو ابن حبيب بن عمارة .. وقال سفيان الثوري: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض .. ولد سنة 80 وتوفي سنة 156.
6- نافع المدني: هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم. قال ابن الجزري: "أصله من أصبهان" مات سنة 169.. اختلف فيه أحمد ويحيى، فقال أحمد: منكر الحديث، وقال يحيى: ثقة.
7- الكسائي: هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الاسدي، مولاهم من أولاد الفرس .. قال أبو عبيد في كتاب القراءات: "كان الكسائي: يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضاً. علم الرشيد، ثم علم ولده الأمين .. مات سنة 189) البيان: ص126، فما بعد.]
أو العشر أو حتى الأربعة عشر، بل حتى القراءة بمطلق ما يوافق العربية كما يفتي السيستاني [هذا نص فتواه: (الأنسب أن تكون القراءة على طبق المتعارف من القراءات السبع وإن كان الأقوى كفاية القراءة على النهج العربي وإن كانت مخالفة لها في حركة بنية أو إعراب ...) المسائل المنتخبة: ص121/ مسألة 267.] ، ولا تُقبل قراءة آل محمد (ع) بينها، بل يعاب علينا - كما حاوله أتباع المرجعية ممن يعترض على الدعوة اليمانية المباركة، إذا ما أردنا القراءة بما قرأ به الإمام الباقر (ع) أو الإمام الصادق (ع)، ويقول إنه شيعي مزود بصك وكالة المرجعية البائسة؟!
إنّ المتتبع يجد وبكل وضوح أنّ أغلب فقهاء الشيعة والسنة - إن لم يكن كلهم - يجوزون القراءة بالقراءات المعروفة التي رووها أهل السنة وأخذها منهم فقهاء الشيعة، الذين تمادى بعضهم فأوجب القراءة بها بدعوى تواترها، في ذات الوقت الذي نلاحظ فيه أن روايات أهل البيت تنكر ذلك بشدة.
وثالثاً: إنّ لآل محمد (ع) في خصوص ما أشكل به المدعون روايات كثيرة أكتفي بنقل اثنتين منها:
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع)، في قوله عز وجل: ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، قال: (من ملك بني أمية، قال: وقوله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾، أي من عند ربهم على محمد وآل محمد، بِكُلِّ أَمْرٍ سَلَام) تأويل الآيات: ج2 ص820 ح8، البرهان: ج5 رقم الحديث 11784، بحار الانوار: ج25 ص70 ح59.
وعن عبد الله بن عجلان السكوني، قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: (بيت علي وفاطمة حجرة رسول الله ، وسقف بيتهم عرش رب العالمين، وفي قعر بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي والملائكة، تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساء وكل ساعة وطرفة عين، والملائكة لا ينقطع فوجهم، فوج ينزل وفوج يصعد، وإن الله تبارك وتعالى كشف لإبراهيم (ع) عن السماوات حتى أبصر العرش، وزاد الله في قوة ناظره، وإن الله زاد في قوة ناظر محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) وكانوا يبصرون العرش، ولا يجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش، فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن ومعارج الملائكة والروح فوج بعد فوج لا انقطاع لهم، وما من بيت من بيوت الأئمة منا إلا وفيه معراج الملائكة لقول الله عز وجل: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ(***) أَمْرٍ سَلامٌ﴾. قال: قلت: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ ؟ قال: بِكُلِّ أَمْرٍ، فقلت: هذا التنـزيل ؟ قال: نعم) تأويل الآيات: ج2 ص827 ح2، البرهان: ج5 رقم الحديث 11789، بحار الانوار: ج25 ص97 ح70.
(***) : هذا هو الصحيح نظراً الى استغراب الراوي وتأكيد الامام عليها، وايضاً راجع بحار الانوار وغيره.
ماذا بقي إذن، ويماني آل محمد (ع) يقرأ الآية كما قرأها آباؤه الطاهرون (ع) ، وماذا نفعل لكم إن كنتم تشمئزون من قول آل محمد (ع) وقراءتهم، وتستحسنون قراءة حتى النواصب ؟!
يتبع ...
Comment