بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصل الله على محمد واله الائمة والمهديين
سأُجيب فيما يلي عن الإشكالات ، والإعتراضات التي أثارها المعاندون على دليل الرؤيا، وكما يأتي:
1 - نسمع بعض الأشخاص يقولون إننا طلبنا رؤيا من الله، ولكننا لم نرزق بها، ويستشف من كلامهم إنهم يرمون الى القول: أنتم تقولون إن الرؤيا دليل على الدعوة، ولكننا لم نرَ رؤيا فأي شئ يبقى من دليلكم؟!
وعلى الرغم من سذاجة هذا الإعتراض، إلا أننا نجيب عنه قائلين:
إن الرؤيا دليل و حجة بكل تأكيد، والدليل مرتكز هنا على الرؤى الحاصلة فعلاً، ونحن لا نقول إن كل من يطلب رؤيا فنحن نضمن له الحصول عليها فالملكوت بيد الله لا بيدنا، بل نقول ان من يرى رؤيا صالحة فلا شك ستهديه لحق السيد احمد الحسن ع، هذا أولاً، أما ثانياً فقد ورد عن أهل البيت (ع): (الرؤيا بمنزلة كلام يكلم به الرب عبده) وعلى هذا إذا لم تروا رؤيا، أو لم يكلمكم الرب فعليكم أن تسألوا أنفسكم عن السبب
2 - يقول البعض إن الرؤيا حجة على صاحبها فقط .
أقول:
وهذا القول مغالطة واضحة، فالرؤيا - بحسب الواقع الذي تخبر عنه - قسمان؛ فإذا كان واقعها ذاتيا أي متعلقاً بالشخص الرائي فقط ، مثل أن يرى شخص رؤيا تحذره من السفر بسيارته لأن سيارته ستحترق ، فالرؤيا في هذه الحالة لا تخص أحداً غيره، وهي حجة عليه دون سواه. أما إن كان واقعها موضوعياً، أي غير محدد بشخص الرائي فإنها حجة على الجميع. فعلى سبيل المثال لو رأى شخص رؤيا تُنبأه بوقوع حريق في سوق المدينة، فلاشك أنه هو و أي شخص آخر غيره مشمول بهذه الرؤيا. وبخصوص دعوة السيد أحمد الحسن (ع)، فمن الواضح إنها دعوة تشمل الجميع، والرؤيا المتعلقة بها إذن رسالة تخص الجميع، وإن كان رائيها شخص واحد، أو عدة أشخاص.
3 – قال بعضهم: إن إدامة التفكير في أهل البيت (ع) ينتج عنه أن يرى الإنسان رؤى بهم (ع)، فالقضية إذن قضية نفسية، ولا علاقة لها بعالم الغيب!
سبحان الله أعدوا لكل حق باطلا ً، ولكل عدل مائلاً، لقد كان على المستشكل أن يسأل نفسه؛ هل إن صورة المعصوم الذي نراه (النبي أو الإمام) هي نفس صورته أم إن شيطاناً قد تمثل بصورته؟ فإن قال إن الشيطان تمثل بصورة المعصوم، نقول له: إن رسول الله (ص) يقول: إن الشيطان لا يتمثل بصورتي، ولا بصورة أحد من أوصيائي، ولا بصورة أحد من شيعتنا. وإن قال: هي نفس صورة المعصوم، نقول له : إذن إدامة التفكير في المعصوم لا تقدح في الرؤيا ، ولا في حجيتها، بل يحسُن بكم أن تديموا التفكير بهم عسى الله أن يرحمكم .
هذا وقد روي عن الإمام الكاظم (ع)، قوله(من كانت له الى الله حاجة، وأراد أن يرانا، وأن يعرف موضعه من الله، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنه يرانا، ويُغفر له بنا، ولا يخفى عليه موضعه...)) (الإختصاص / الشيخ المفيد: 90).
وقد علق المجلسي على هذا الحديث، قائلاً (قوله (ع):
يناجي بنا، أي يناجي الله تعالى بنا، ويعزم عليه، ويتوسل إليه بنا أن يرينا إياه، ويعرف موضعه عندنا. وقيل: أي يهتم برؤيتنا، ويُحدث نفسه بنا ورؤيتنا ومحبتنا، فإنه يراهم)) (بحار الأنوار / ج 53: 328).
4 – ورد في بعض الروايات ، عن حماد بن عثمان بن زرارة قال :
قال أبو عبدالله (ع) : أخبرني عن حمزة أ يزعم أن أبي آتيه ؟ قلت : نعم . قال : كذب والله ما يأتيه إلا المتكون ، إن إبليس سلط شيطاناً يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء ، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ولا والله ما يستطيع أن يجئ في صورة أبي (ع) [رجال الكشي] .
هذه الرواية استدل بها البعض على أن الرؤى التي يراها الأنصار يمكن أن تكون من الشيطان ، ويرد عليه أن الأنصار يستدلون بالرؤى التي يشاهدون فيها المعصومين (ع) حصراً ، والرواية واضحة في أن الشيطان ( المتكون أو غيره ) لا يستطيع التمثل بصورهم (ع) ، والإمام الصادق (ع) يُقسم على هذا . أما بأي صورة كان الشيطان المتكون يأتي حمزة المشار إليه في الرواية فهذا ما لا تنص عليه الرواية ، وهو على أي حال لا أهمية له بعد أن علمنا أنه لا يتمثل بصور المعصومين . وعن بريد بن معاوية العجلي ، قال :
(( كان حمزة بن عمارة الزبيدي (البربري) لعنه الله يقول لأصحابه أن أبا جعفر (ع) يأتيني في كل ليلة ولا يزال إنسان يزعم أنه قد رآه فقدر لي أني لقيت أبا جعفر (ع) فحدثته بما يقول حمزة فقال : كذب عليه لعنة الله ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصي نبي )) [نفسه]
5 – يعترض البعض – ومنهم الشيخ بشير النجفي – قائلاً : من منكم رأى النبي أو الإمام حتى يتأكد أن من يراه هو المعصوم نفسه ! أقول هذا الكلام غريب ومنكر ، فمن من أصحاب الإمام الصادق (ع) قد رأى النبي (ص) حتى يقول لهم افعلوا كذا وكذا من أعمال عبادية وسترون النبي في منامكم ؟ ثم هل يعتقد المعترض إننا إذا لم نكن قد رأينا المعصوم فإن الشيطان سيتمكن من التمثل بصورته ! ؟ وهل برأيه إن السبب في عدم تمثل الشيطان بصورهم هو معرفتنا أو مشاهدتنا لصورهم ، أم إنه نفس صورهم المقدسة.قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رآني في المنام فقد رآني، فإني أُرى في كل صورة. بحار الأنوار.
6- عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " ما تروي هذه الناصبة ؟ فقلت جعلت فداك فيماذا ؟ فقال في أذانهم وركوعهم وسجودهم . فقلت إنهم يقولون إن أبي بن كعب رآه في النوم فقال كذبوا فإن دين الله أعز من أن يرى في النوم.
أقول نحن لا نقول ان الرؤيا تشرّع بل نقول انها تؤيد ما ورد في الشرع والسيد اثبتنا أمره من روايات ال محمد ع ولاسيما الوصية فهذه الشبهة لا ترد علينا. وقد وردت أخبار وروايات تدل على ايمان كثيرين من خلال الرؤيا. أن جندب بن جنادة امن برسول الله (ص) من خلال رؤيا رآها بموسى عليه السلام واخبره أن يصدق محمد (ص) وقد قبل رسول الله إيمانه
وكذلك وهب النصراني الذي نصر الحسين (ع) بدمه الطاهر على اثر رؤيا رآها بعيسى بن مريم (ع) وقدم دمه الطاهر فداء للحسين (ع) وقبله الحسين (ع) بقبول حسن. وقصة السيدة نرجس عليها السلام أم الإمام المهدي عليه السلام وما كان من رؤى قد رأتها برسول الله وفاطمة الزهراء وعيسى ومريم سلام الله تعالى عليهم أجمعين. وهذه الاخبار تدل على ان الرؤيا يترتب عليها الايمان وان قيل انها لا تثبت الاحكام الشرعية.
7- الشيخ الكوراني عندما سأله أحدهم في قناة سحر الفضائية عن هذه الرواية ((عن أبي بكر الحضرمي قال دخلت أنا و أبان على أبي عبد الله ع و ذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان فقلنا ما ترى فقال اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح )) وقال ذلك الشخص نحن نعلم إن الذي يقوم بالسيف هو الإمام أو من يمثله مباشرة ، والأئمة إلى الحسن العسكري (ع) كلهم متوفى في زمن الظهور فالظاهر انه لا يكون اجتماعهم على صاحب الحق إلا بالرؤيا فهل هذه الرؤى التي يراها كثير من الناس بالرسول والزهراء والأئمة (ع) ويقولون (ع) فيها إن احمد الحسن حق تمثل اجتماعهم (ع) على صاحب الحق وبالتالي يجب نصرة احمد الحسن فأجاب الشيخ علي الكوراني إن اجتماعهم أي اجتماع بني فاطمة وهم السادة الهاشميين سبحان الله وكأن الشيخ الكوراني لا يعلم إن كثير من السادة الهاشميين لا ينصرون الإمام (ع) كما نصت روايات على ذلك وهذا مثال منها فقط :
عن أبي خالد الكابلي قال لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن علي الباقر (ع) ( فقلت له : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك و أنسي به و وحشتي من الناس . قال : صدقت يا أبا خالد فتريد ما ذا . قلت : جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده . قال : فتريد ماذا يا أبا خالد . قلت : أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه . فقال سألتني و الله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا و لو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ، و لقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة ) الغيبة للنعماني ص 289.
8- يقولون ان بعض ابناء العامة قد يرون في المنام رؤى تدل على صحة معتقدهم .
اقول: ان هذا من قبيل ما ورد في المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج 1 - ص 284. وعن أبي جعفر ( ع ) قال : إن فيما ناجى الله به موسى ( ع ) أن قال : يا رب هذا السامري صنع العجل، الخوار من صنعه ؟ - فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : أن تلك من فتنتي ، فلا تفصحن عنها
وورد في تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 14 - ص 207:
" فقال يعني موسى : يا رب العجل من السامري فالخوار ممن ؟ فقال : منى يا موسى إني لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة " . وما وقع في رواية راشد بن سعد المنقولة في الدر المنثور وفيه " قال : يا رب فمن جعل فيه الروح ؟ قال : أنا ، قال : فأنت يا رب أضللتهم ! قال : يا موسى يا رأس النبيين ويا أبا الحكام ، إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم "
فالمسألة هي ان الدليل آخذ بأعناق هؤلاء ولكنهم مع ذلك يصرون على باطلهم فييسره الله لهم. فالله تعالى يذرهم في باطلهم يعمهون. وبالنسبة لقضية السيد احمد الحسن ع هذه القضية ثابتة وصحيحة عقائديا وروايات اهل البيت ناطقة بها، وحتى لو قلتم انكم تخالفوننا فيها فالمناط ليس خلافكم بل ما تقرره روايات ال محمد، بل انه حتى على مستوى المختلف فيه تكون الرؤيا حجة في حسم الخلاف ، فجندب بن جنادة ووهب النصراني وغيرهم كانوا غير مؤمنين ومن خلال الرؤيا اتضح الحق لهم. بل نقلنا فيما تقدم روايات تدل على ان الرؤيا لها تعلق بالقائم وبمعرفته ع. ورد عن محي الدين بن عربي في كتابه الفتوحات المكية " إعلم أيدنا الله أن لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا ، ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة يواطي اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله . " ... الى قوله: أعداؤه مقلدة الفقهاء أهل الاجتهاد ، لما يرونه من الحكم بخلاف ما حكمت به أئمتهم ، فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ، ورغبة فيما لديه . يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم ، ويبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي. والكشف هو الرؤيا في اليقظة، وهو التعريف الالهي.
الدكتور : ابو محمد الانصاري
والحمد لله رب العالمين وصل الله على محمد واله الائمة والمهديين
سأُجيب فيما يلي عن الإشكالات ، والإعتراضات التي أثارها المعاندون على دليل الرؤيا، وكما يأتي:
1 - نسمع بعض الأشخاص يقولون إننا طلبنا رؤيا من الله، ولكننا لم نرزق بها، ويستشف من كلامهم إنهم يرمون الى القول: أنتم تقولون إن الرؤيا دليل على الدعوة، ولكننا لم نرَ رؤيا فأي شئ يبقى من دليلكم؟!
وعلى الرغم من سذاجة هذا الإعتراض، إلا أننا نجيب عنه قائلين:
إن الرؤيا دليل و حجة بكل تأكيد، والدليل مرتكز هنا على الرؤى الحاصلة فعلاً، ونحن لا نقول إن كل من يطلب رؤيا فنحن نضمن له الحصول عليها فالملكوت بيد الله لا بيدنا، بل نقول ان من يرى رؤيا صالحة فلا شك ستهديه لحق السيد احمد الحسن ع، هذا أولاً، أما ثانياً فقد ورد عن أهل البيت (ع): (الرؤيا بمنزلة كلام يكلم به الرب عبده) وعلى هذا إذا لم تروا رؤيا، أو لم يكلمكم الرب فعليكم أن تسألوا أنفسكم عن السبب
2 - يقول البعض إن الرؤيا حجة على صاحبها فقط .
أقول:
وهذا القول مغالطة واضحة، فالرؤيا - بحسب الواقع الذي تخبر عنه - قسمان؛ فإذا كان واقعها ذاتيا أي متعلقاً بالشخص الرائي فقط ، مثل أن يرى شخص رؤيا تحذره من السفر بسيارته لأن سيارته ستحترق ، فالرؤيا في هذه الحالة لا تخص أحداً غيره، وهي حجة عليه دون سواه. أما إن كان واقعها موضوعياً، أي غير محدد بشخص الرائي فإنها حجة على الجميع. فعلى سبيل المثال لو رأى شخص رؤيا تُنبأه بوقوع حريق في سوق المدينة، فلاشك أنه هو و أي شخص آخر غيره مشمول بهذه الرؤيا. وبخصوص دعوة السيد أحمد الحسن (ع)، فمن الواضح إنها دعوة تشمل الجميع، والرؤيا المتعلقة بها إذن رسالة تخص الجميع، وإن كان رائيها شخص واحد، أو عدة أشخاص.
3 – قال بعضهم: إن إدامة التفكير في أهل البيت (ع) ينتج عنه أن يرى الإنسان رؤى بهم (ع)، فالقضية إذن قضية نفسية، ولا علاقة لها بعالم الغيب!
سبحان الله أعدوا لكل حق باطلا ً، ولكل عدل مائلاً، لقد كان على المستشكل أن يسأل نفسه؛ هل إن صورة المعصوم الذي نراه (النبي أو الإمام) هي نفس صورته أم إن شيطاناً قد تمثل بصورته؟ فإن قال إن الشيطان تمثل بصورة المعصوم، نقول له: إن رسول الله (ص) يقول: إن الشيطان لا يتمثل بصورتي، ولا بصورة أحد من أوصيائي، ولا بصورة أحد من شيعتنا. وإن قال: هي نفس صورة المعصوم، نقول له : إذن إدامة التفكير في المعصوم لا تقدح في الرؤيا ، ولا في حجيتها، بل يحسُن بكم أن تديموا التفكير بهم عسى الله أن يرحمكم .
هذا وقد روي عن الإمام الكاظم (ع)، قوله(من كانت له الى الله حاجة، وأراد أن يرانا، وأن يعرف موضعه من الله، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنه يرانا، ويُغفر له بنا، ولا يخفى عليه موضعه...)) (الإختصاص / الشيخ المفيد: 90).
وقد علق المجلسي على هذا الحديث، قائلاً (قوله (ع):
يناجي بنا، أي يناجي الله تعالى بنا، ويعزم عليه، ويتوسل إليه بنا أن يرينا إياه، ويعرف موضعه عندنا. وقيل: أي يهتم برؤيتنا، ويُحدث نفسه بنا ورؤيتنا ومحبتنا، فإنه يراهم)) (بحار الأنوار / ج 53: 328).
4 – ورد في بعض الروايات ، عن حماد بن عثمان بن زرارة قال :
قال أبو عبدالله (ع) : أخبرني عن حمزة أ يزعم أن أبي آتيه ؟ قلت : نعم . قال : كذب والله ما يأتيه إلا المتكون ، إن إبليس سلط شيطاناً يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء ، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ولا والله ما يستطيع أن يجئ في صورة أبي (ع) [رجال الكشي] .
هذه الرواية استدل بها البعض على أن الرؤى التي يراها الأنصار يمكن أن تكون من الشيطان ، ويرد عليه أن الأنصار يستدلون بالرؤى التي يشاهدون فيها المعصومين (ع) حصراً ، والرواية واضحة في أن الشيطان ( المتكون أو غيره ) لا يستطيع التمثل بصورهم (ع) ، والإمام الصادق (ع) يُقسم على هذا . أما بأي صورة كان الشيطان المتكون يأتي حمزة المشار إليه في الرواية فهذا ما لا تنص عليه الرواية ، وهو على أي حال لا أهمية له بعد أن علمنا أنه لا يتمثل بصور المعصومين . وعن بريد بن معاوية العجلي ، قال :
(( كان حمزة بن عمارة الزبيدي (البربري) لعنه الله يقول لأصحابه أن أبا جعفر (ع) يأتيني في كل ليلة ولا يزال إنسان يزعم أنه قد رآه فقدر لي أني لقيت أبا جعفر (ع) فحدثته بما يقول حمزة فقال : كذب عليه لعنة الله ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصي نبي )) [نفسه]
5 – يعترض البعض – ومنهم الشيخ بشير النجفي – قائلاً : من منكم رأى النبي أو الإمام حتى يتأكد أن من يراه هو المعصوم نفسه ! أقول هذا الكلام غريب ومنكر ، فمن من أصحاب الإمام الصادق (ع) قد رأى النبي (ص) حتى يقول لهم افعلوا كذا وكذا من أعمال عبادية وسترون النبي في منامكم ؟ ثم هل يعتقد المعترض إننا إذا لم نكن قد رأينا المعصوم فإن الشيطان سيتمكن من التمثل بصورته ! ؟ وهل برأيه إن السبب في عدم تمثل الشيطان بصورهم هو معرفتنا أو مشاهدتنا لصورهم ، أم إنه نفس صورهم المقدسة.قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رآني في المنام فقد رآني، فإني أُرى في كل صورة. بحار الأنوار.
6- عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " ما تروي هذه الناصبة ؟ فقلت جعلت فداك فيماذا ؟ فقال في أذانهم وركوعهم وسجودهم . فقلت إنهم يقولون إن أبي بن كعب رآه في النوم فقال كذبوا فإن دين الله أعز من أن يرى في النوم.
أقول نحن لا نقول ان الرؤيا تشرّع بل نقول انها تؤيد ما ورد في الشرع والسيد اثبتنا أمره من روايات ال محمد ع ولاسيما الوصية فهذه الشبهة لا ترد علينا. وقد وردت أخبار وروايات تدل على ايمان كثيرين من خلال الرؤيا. أن جندب بن جنادة امن برسول الله (ص) من خلال رؤيا رآها بموسى عليه السلام واخبره أن يصدق محمد (ص) وقد قبل رسول الله إيمانه
وكذلك وهب النصراني الذي نصر الحسين (ع) بدمه الطاهر على اثر رؤيا رآها بعيسى بن مريم (ع) وقدم دمه الطاهر فداء للحسين (ع) وقبله الحسين (ع) بقبول حسن. وقصة السيدة نرجس عليها السلام أم الإمام المهدي عليه السلام وما كان من رؤى قد رأتها برسول الله وفاطمة الزهراء وعيسى ومريم سلام الله تعالى عليهم أجمعين. وهذه الاخبار تدل على ان الرؤيا يترتب عليها الايمان وان قيل انها لا تثبت الاحكام الشرعية.
7- الشيخ الكوراني عندما سأله أحدهم في قناة سحر الفضائية عن هذه الرواية ((عن أبي بكر الحضرمي قال دخلت أنا و أبان على أبي عبد الله ع و ذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان فقلنا ما ترى فقال اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح )) وقال ذلك الشخص نحن نعلم إن الذي يقوم بالسيف هو الإمام أو من يمثله مباشرة ، والأئمة إلى الحسن العسكري (ع) كلهم متوفى في زمن الظهور فالظاهر انه لا يكون اجتماعهم على صاحب الحق إلا بالرؤيا فهل هذه الرؤى التي يراها كثير من الناس بالرسول والزهراء والأئمة (ع) ويقولون (ع) فيها إن احمد الحسن حق تمثل اجتماعهم (ع) على صاحب الحق وبالتالي يجب نصرة احمد الحسن فأجاب الشيخ علي الكوراني إن اجتماعهم أي اجتماع بني فاطمة وهم السادة الهاشميين سبحان الله وكأن الشيخ الكوراني لا يعلم إن كثير من السادة الهاشميين لا ينصرون الإمام (ع) كما نصت روايات على ذلك وهذا مثال منها فقط :
عن أبي خالد الكابلي قال لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن علي الباقر (ع) ( فقلت له : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك و أنسي به و وحشتي من الناس . قال : صدقت يا أبا خالد فتريد ما ذا . قلت : جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده . قال : فتريد ماذا يا أبا خالد . قلت : أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه . فقال سألتني و الله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا و لو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ، و لقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة ) الغيبة للنعماني ص 289.
8- يقولون ان بعض ابناء العامة قد يرون في المنام رؤى تدل على صحة معتقدهم .
اقول: ان هذا من قبيل ما ورد في المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج 1 - ص 284. وعن أبي جعفر ( ع ) قال : إن فيما ناجى الله به موسى ( ع ) أن قال : يا رب هذا السامري صنع العجل، الخوار من صنعه ؟ - فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : أن تلك من فتنتي ، فلا تفصحن عنها
وورد في تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 14 - ص 207:
" فقال يعني موسى : يا رب العجل من السامري فالخوار ممن ؟ فقال : منى يا موسى إني لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة " . وما وقع في رواية راشد بن سعد المنقولة في الدر المنثور وفيه " قال : يا رب فمن جعل فيه الروح ؟ قال : أنا ، قال : فأنت يا رب أضللتهم ! قال : يا موسى يا رأس النبيين ويا أبا الحكام ، إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم "
فالمسألة هي ان الدليل آخذ بأعناق هؤلاء ولكنهم مع ذلك يصرون على باطلهم فييسره الله لهم. فالله تعالى يذرهم في باطلهم يعمهون. وبالنسبة لقضية السيد احمد الحسن ع هذه القضية ثابتة وصحيحة عقائديا وروايات اهل البيت ناطقة بها، وحتى لو قلتم انكم تخالفوننا فيها فالمناط ليس خلافكم بل ما تقرره روايات ال محمد، بل انه حتى على مستوى المختلف فيه تكون الرؤيا حجة في حسم الخلاف ، فجندب بن جنادة ووهب النصراني وغيرهم كانوا غير مؤمنين ومن خلال الرؤيا اتضح الحق لهم. بل نقلنا فيما تقدم روايات تدل على ان الرؤيا لها تعلق بالقائم وبمعرفته ع. ورد عن محي الدين بن عربي في كتابه الفتوحات المكية " إعلم أيدنا الله أن لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا ، ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة يواطي اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله . " ... الى قوله: أعداؤه مقلدة الفقهاء أهل الاجتهاد ، لما يرونه من الحكم بخلاف ما حكمت به أئمتهم ، فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ، ورغبة فيما لديه . يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم ، ويبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي. والكشف هو الرؤيا في اليقظة، وهو التعريف الالهي.
الدكتور : ابو محمد الانصاري
Comment