بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد وال محمد الائمه والمهديين الطيبين الطاهرين وسلم تسليما
في اثبات المهديين
وهنا في هذا الباب المختصر , نسلط الضوء على مسأله لعلها خفيت على كثير من الناس , الا وهي الملوك في دولة العدل الالهي التي يؤسس اركانها الامام المهدي (ع) , ومهد لها كل الانبياء والحجج الالهيه السابقين , ويمهد سلطانها ويجليها ويظهرها على دولة الظلم و يحارب من اجل اقامتها اليماني الموعود (ع) , كما تبين مما سبق . وقد تواترت الاخبار الوارده عن رسول الله (ص) والائمه (ع) انها تدوم ما يقارب الثلاثمائه وتسعة عشر او يزيد عن هذا الرقم بقليل . فالمهم , من هم ملوك هذه الدوله الالهيه التي وعد الله سبحانه كل الانبياء السابقين والذين جاهدوا وقتلوا وشردوا وقتل انصارهم من اجل اقامتها وتشييد صرحها , او قل التمهيد لاقامتها ؟ ومن خلال مقتضى الضروره ان يكونوا هؤلاء الملوك حجج الهيه على الخلق , حيث لا يمكن ان يأمر الله الناس بطاعة خلفاء او ملوك ان لم يكونوا حججا له على خلقه , ومنصبين منه سبحانه , بحيث الاعراض عنهم يكون مورد الاعراض عنه سبحانه , فهذه الدوله الالهيه تحكم باسم الله الرحمن الرحيم , على خلاف كل الدول والممالك التي اقيمت على سطح الارض , وكانت تارة تدعي انها تمثل الله زورا وكذبا وظلما , وتارة تجاهر بعدائها للعدل الالهي واقامة مملكة العدل الالهي . فهذه الدوله الموعوده تمثل بحق انتصارا لكل الانبياء والاوصياء على اعدائهم من الكفره ومدعي تمثيل الله , تمثل انتصارا للخير على الشر , انتصارا ماديا ومعنويا انتصارا نهائيا حاسما , فهي تحقق الهدف الذي من اجله بعث كل الانبياء والمرسلين قال تعالى : (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) , فغلبة الرسل وانتصارهم هو بتحقيق غايتهم وهدفهم الذي بعثوا من اجله , اقامة الدوله الالهيه العادله , وطاعة المنصب من الله على هذه الدوله . فبلا شك ان يكون الملوك الذين يحكموا في دولة العدل الالهي معينين من الله سبحانه وهم حججه على خلقه , وان لهم شأنا عظيما وكبيرا , فهل يعقل ان رسول الله محمد (ص) , والائمه (ع) لم ينبهوا الناس الى هذه النقطه ؟! فملوك دولة العدل الالهي والحجج الالهيه في هذه الدوله هم (المهديين) و يحكمون بعد الامام المهدي محمد بن الحسن (ع) . واما علة تسميتهم بالمهديين فقد يكون جراء انتسابهم للامام المهدي محمد بن الحسن (ع) من حيث البنوه , والابن يأخذ اسم ابيه بمقتضى الضروره وكما هو معروف – وسيأتي بيان هذا الامر – فمثلا يقال للذين ينتسبون للحسين (ع) حسينيون , وللذين ينتسبون لعلي (ع) علويون , وللحسن (ع) حسنيون , ولموسى (ع) موسويون , وكذلك الامر بالنسبة لمن ينتسب للمهدي (ع) فيقال لهم مهديون . اما من جهة انتسابهم للمهدي (ع) فهو ما سنتناوله ونثبته في هذه السطور البسيطه بحول الله وقوته ومنه من خلال ما تواترت عليه الادله والاخبار الوارده عن محمد وال محمد (صلوات الله عليهم اجمعين) . فالاشاره للمهديين (ع) جائت بطريقين اما مباشر كما جاء في الوصيه المقدسه لرسول الله (ص) ساعة وفاته ((يا علي انه سيكون بعدي اثنا عشر إماما و من بعدهم اثنا عشر مهدياً )) , ومن خلال الاخبار الكثيره الوارده عن اهل البيت (ع) والادعيه المأثوره الوارده عنهم (ع) , والتي صرحت بما لا يقبل الشك والغموض , بأن الامام المهدي (ع) له ذريه ومن هذه الذريه سيكون ائمه مهديين اثنا عشر هم ولاة العهد وملوك دولة العدل الالهي . وإما بطريقه غير مباشره من خلال التصريح بفترة الحكم التي يحكمها المهدي (ع) وسنبدأ بالطريقه الغير المباشره ومن الله نستمد العون . ويمكن هنا ان نلق نظره متفحصه للاخبار التي تحدد فترة حكم المهدي (ع) , فمرة تقول الاخبار انها تسع سنين ومره سبعه , ومره تسعة عشر سنه ومره اربعين وهكذا .. فهم (ع) من خلال هذه الفترات المتباينه التي يعطوها لفترة حكم المهدي (ع) - والتي ظنها الواهمون انها روايات متعارضه - ارادوا اخبارنا بالمهديين (ع) , وإن الفترة المحدده المشار اليها بعدد من السنين , هي فترة حكم لاحد هؤلاء الحجج الالهيه . لكن هذا الامر انسحب بذهن الناس والباحثين للامام المهدي محمد بن الحسن (ع) بسبب عدم احاطتهم الكامله بموضوع دولة العدل الالهي والمهديين (ع) , وللتصور السائد بأن من يحكم هو الامام المهدي (ع) وحده . فمن هنا كان تخبط البعض وعناد البعض الاخر ممن لم يفهموا ان كلام محمد ال محمد (ص) فيه المحكم وفيه المتشابه وفيه الظاهر والباطن وفيه الاشارات وفيه امورا كثيره قد تخفى على الناس في حقبه زمنيه معينه . والحق ان مجرد الاشاره للفتره الكامله لدولة العدل الالهي وكما صرحت كثير من الروايات انها ثلاثمائه وتسع عشر او اكثر بقليل , ثم التنويه لفترة حكم معينه بأنها تسع او تسعة عشر من خلال الكثير من الاخبار التي تواترت بهذا المعنى , كافي للقطع بان هذه الفتره المشار اليها بأنها جزء من الكل , اي فترة حكم معينه لاحد المهديين (ع) وليس كل عمر دولة العدل الالهي . وهذا دليل على وجود حجج الهيه متعددين في دولة العدل الالهي وان لكل واحد منهم (ع) فترة حكم مختلفه عمن يسبقه او يأتي بعده , فهم رجل من بعد رجل , اثنا عشر (صلوات الله عليهم) , فلنتابع بعض الاخبار الوارده في هذا الشأن ليتعزز ويتضح لنا المفهوم بشكل جلي لا يقبل اللبس .. اليك عزيز القارئ هذا الخبر الذي اورده الشيخ الطوسي في كتاب الغيبه .. عن جابر الجعفي قال:سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: والله ليملكن منا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة يزداد تسعا. قلت:متى يكون ذلك؟.قال: بعد القائم عليه السلام.قلت: وكم يقوم القائم في عالمه؟.قال:تسع عشرة سنة ثم يخرج المنتصر فيطلب بدم الحسين عليه السلام ودماء أصحابه .. فهنا هذا الخبر يشير الى فترة حكم المهديين (ع) , اي دولة العدل الالهي فالاشاره الى الرقم الكامل (او شبه الكامل) لعمر دولة العدل الالهي وهو ثلاثمائه وتسع سنين , ثم المباشره بعرض فترة الحكم التي يحكمها القائم (ع) بتسعة عشر سنه , اي ان التسعة عشر سنه جزء من كل . واما قوله ليملكن منا اهل البيت رجل فنسبة فترة الثلاثمائه والتسع سنين الكليه , لرجل منهم (ع) , المقصود بها الرجل وذريته , اي انها فترة الحكم التي يحكمها هذا القائم (ع) وذريته , فينسب للرجل عملا معينا وان كان الذي قام بهذا العمل هو من الذريه , وهذا المفهوم دارجا ومعمولا به عند اهل البيت (ع) , وكمثال على نسبة عمل الذريه وفعلهم للرجل الذين جائت الذريه من صلبه نطالع هذا الخبر الوارد عن امير المؤمنين (ع) ليوضح هذا الاسلوب الذي درج عليه ال محمد (ع) , ففي معاني الاخبارعن عباية الأسدي قال : سمعت أمير المؤمنين (ع) , وهو مشنكى وأنا قائم عليه ، لأبنين بمصر منبرا ، ولأنقضن دمشق حجرا حجرا ، ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب ولأسوقن العرب بعصاي هذه ، قال : قلت له : يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيى بعد ما تموت ؟ فقال : هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني . لاحظ عزيزي القارئ كيف ان امير المؤمنين (ع) نسب كل الفعل الذي يقوم به هذا الموعود (ع) في اخر الزمان الى نفسه , بناء منبر في مصر , ونقض دمشق حجرا حجرا , واخراج اليهود والنصارى (القوات العسكريه الموجوده في الجزيره العربيه على الاغلب) , سوق العرب بالعصا , وحينما سأله عبايه , قال يفعل ذلك رجلا من ولدي . ومن هنا لاغرابه ان يقول الباقر(ع) , في الرواية انفة الذكر , يملكن منا اهل البيت رجل ثلاثمائه وتسع سنين , اي يملك هو وذريته , وقوله بعد موته فهو من متشابهات ال محمد (ع) , والذي لا يمكن الخوض فيه , وللاشاره لماورد بالخبر ايضا بنفس القول يملك رجل منا اهل البيت (ع) ثلاثمائه وتسع سنين , ايضا لم يعط ال محمد كل عمر دولة العدل الالهي , فحمل الفتره الكليه على رجل من المهديين (ع) وذريته , فهو ليس الامام المهدي (ع) قطعا ولم يحدد اي من المهديين , ويقول بعد القائم (ع) ولم يحدد ايا منهم , وكما نعرف ان كل واحد منهم قائم بالامر , بل من الممكن انهم عنوا المهدي الاول (ع) , او الثاني (ع) , او الثالث (ع) ومن يأتي بعده , لذلك ان الفتره الزمنيه المذكوره في الخبر ليست كل عمر دولة العدل الالهي ابدا , وبدلاله اخرى انهم اشاروا في اخبار الى فتره اطول من الثلاثمائه وتسع سنين , لكن المستفاد منه ومحل الشاهد ان الباقر(ع) , اراد بطريقه غير مباشره الاشاره للمهديين (ع) , اي تعدد الحكام (المهديين) في دولة العدل الالهي , فهنا يعط رقم كلي – عندما نقول رقم كلي انه المتضمن الخبر - ثم ينوه الى فترة حكم معينه لرجل منهم (ع) , مما يفيد القطع بتعدد القوام (ع) . وسنأخذ اخبار اخرى وردت عنهم فهذا الخبر الذي اورده الشيخ النعماني في غيبته , والشيخ الطوسي بكتاب الغيبه عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن على(عليهما السلام) يقول: والله ليملكن رجل منا أهل البيت ثلاثمائة سنة (وثلاث عشرة سنة) ويزداد تسعا ، قال: فقلت له: و متى يكون ذلك؟ قال: بعد موت القائم(عليه السلام)، قلت له: وكم يقوم القائم(عليه السلام) في عالمه حتى يموت؟ فقال: تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى يوم موته . وهذا رقم كلي جديد ورد عن الباقر(ع) , مضافا اليه ثلاثة عشر سنه , عن الاول , وطبعا في هذا الخبر عنوا الفتره التي تعقب حكم احد القوام من المهديين (ع) , لكن طبعا لا يمكن الجزم اي قائم عنوا بكلامهم (ع) , المهدي الاول ام الثاني (عليهما السلام) , ام انه الامام المهدي (ع) , فهنا تبرز هذه الملاحظه , ان فترة حكم دوله العدل الالهي هي فتره اكثر من ثلاثمائه سنه ويقوم بها حجج الهيه وائمه مهديين (ع) , رجل من بعد رجل , ولكل رجل منهم فترة حكم معينه , والاخبار التي اشارت بصوره عامه لفترة حكم المهديين (ع) , بأنها تفوق الثلاثمائه سنه , متواتره ولنأخذ شئ منها ليتعزز المعنى فعن الإمام أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إن الإمام القائم عليه السلام سوف يملك ثلاثمائة وتسع سنين . لاحظ ان فترة الثلاثمائه سنه واكثر , لا توازي او تشابه او تقارب ان يكون فترة حكم القائم (ع) , سبع او تسع سنين اطلاقا والتي وردت في بعض الاخبار كما سيأتي , الا اذا قلنا بأن القائم المعني بهذا الخبر هو احد القوام في دولة العدل الالهي , اي احد المهديين (ع) , فيتضح لنا المعنى بصوره جليه وواضحه . وهذا الخبر عن أبي الجارود في خبر طويل اخذنا موضع الحاجه منه , قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) : إنّ القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم , يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، ويفتح الله له شرق الأرض و غربها . مختصر كفاية المهتدي . نفس المعنى ايضا يشير الى طول عمر دولة العدل الالهي (اظهرها الله وابقاها) , ونفس المضمون ايضا في كل الاخبار , هو نسب فترة كليه لرجل معين من المهديين (ع) , والمقصود هو مهدي منهم (ع) , وذريته , ولا يمكن حمله على احد منهم بالخصوص , الا اننا نستفاد منه بتعدد المهديين والقوام من خلال تعدد فترة الحكم التي يحكمها كل واحدا منهم (ع) والتي اشارت اليه اخبار كثيره كما قلنا . واما الاخبار التي وردت عنهم (ع) في تحديد فترة حكم معينه لواحدا منهم (ع) , فهي كثيره , اكثر من ان تحصى , ومنها نأخذ جمله من الاخبار تفيد بتحديد فترة حكم معينه بعدد من السنين روى عبد الكريم الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كم يملك القائم عليه السلام ؟ قال: سبع سنين، تطول له الأيّام والليالي حتّى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم .... غيبة الطوسي . فهنا يحدد الصادق (ع) فترة حكم معينه للقائم (ع) , ومقدارها سبع سنين , والسؤال هل هذه السبع سنين هي كل عمر دولة العدل الالهي ؟ وقد تواترت الاخبار الوارده بـأنها تفوق الثلاثمائه وتسع سنين . قطعا لا يمكن حمل هذا المعنى الا على انها فتره حكم محدده لاحدهم (ع) , واطلق عليه لفظ القائم اي القائم بالامر , فكلهم (ع) قائم كما ورد عنهم في كثير من الاخبار عن ابي جعفر (عليه السلام) حينما سأله الحكم بن ابي نعيم جاء إلى الإمام الباقر في المدينة فقال له : عليّ نذر بين الركن والمقام إن انا لقيتك أن لا اخرج من المدينة حتى اعلم انك قائم آل محمد أم لا ؟ فقال (ع) : يا حكم كلنا قائم يمين قائم بامر الله عز وجل فقلت وانت المهدي، قال كلنا نهدي الى الله عز وجل ... الهدايه الكبرى ج 1 ص219 . فهنا يتبين لنا ان لفظ القائم ينطبق على كل قائم بالامر منهم (ع) وليس لشخص محدد بعينه , فحينما يحدد الائمه (ع) ان للقائم كذا من السنين كفترة حكم , لا يشترط بها ان تكون للأمام المهدي(ع) , او للمهدي الاول (ع) . لكنها اشاره منهم لتعدد فترات الحكم فيما بينهم وتباينها , لتعدد الشخوص القائمين بهذا الامر , والسنه بمقدار عشر سنين اي من خلال الفضل والتقرب الى الله سبحانه , فهذا المعنى يمكن حمله عليه , اي انه وجه اعتباريا من قبلهم , وليس الامر انه يحكم سبعين سنه , لان الواحد هو واحد بطبيعة الحال , لكن ممكن ان يعادل الواحد في دولة العدل الالهي عشره في في زمن دولة الظالمين اعتباريا . وايضا ينقل الشيخ الطوسي في غيبته هذا الخبر المشابه تماما للخبر الاول وفيه تحديد فترة حكم قائم منهم (ع) وانها سبع سنين فقد روي عن الصادق (ع) انه قال حينما سئل بهذا الخصوص : كم يملك القائم؟ قال: سبع سنين؛ يكون سبعين سنةً من سنيّكم هذه. وهكذا اردنا من خلال هذا الباب المختصر , الاشاره الى مدى اهتمام اهل البيت (ع) , في بيان تعدد القوام (المهديين) , من خلال تعدد فترات السنين وتباينها في الحكم لكل واحد على حده . ومن اجل استفاضة الموضوع بالحجج والادله الوارده من الثقلين ولتعزيز المعنى الذي اشرنا اليه نـأخذ هذا الخبر الذي ورد عن سيد الخلق (ص) , عن ابو الحارث عن رسول الله (ص) قال : يكون المهدي وسبعه من بعده من ولده كلهم صالح لم ير مثلهم . شرح الاخبار – للقاضي النعماني ج3 ص 4 . وهذا الخبر لا يحتاج الى تعليق ابدا فهو واضح للاشاره الى معنى تعدد المهديين والقوام . وهذا الخبر يرويه بلال بن فروه يرفعه لرسول الله (ص) انه قال : لن تهلك هذه الامه حتى يليها اثنا عشر خليفه كلهم من اهل النبي , كلهم يعمل بالحق , ودين الهدى , منهم رجلان , يملك احدهما اربعين سنه , والاخر ثلاثين سنه . شرح الاخبار ج3 ص 400 . فبربكم هل ملك رجلان من ال محمد (ع) خلال فترة ولاية الائمه (ع) على الخلق ؟ فالذي يحمل هذا المعنى على الائمه (ع) , يكذبه الواقع بلا شك لان الائمه (ع) لم يملك منهم احد هذه الفتره ابدا , بل ولم يأت تتابع في الملك , فهنا يخبر رسول الله (ص) , انه احدهم يملك اربعين والاخر ثلاثين وهذا الامر لم يحصل اطلاقا مع الائمه (ع) , ولو اخذنا فترة حكم امير المؤمنين (ع) فهي لا تتجاوز الاربع سنين ونيف , فمن اين لنا بالاربعين والثلاثين , وتتابعها رجل من بعد رجل ؟ فلا يمكن حمل الخبر الا اخبارا منه (ص) , بفترة حكم معينه لاحد المهديين (ع) , واشار لها بأنها اربعين , واخرى لاخر منهم (ع) وهي ثلاثين , وفيها تتابع وتعاقب , والاثنا عشر الذين عناهم رسول الله (ص) , هم نفسهم المهديين الاثني عشر والمذكورين بوصيته (ص) ساعة وفاته , واي كلام غير هذا يكذبه الواقع , الا اذا اردنا ان نكلم اناسا لم يعيشوا الا في جزيره نائيه مقفلة من كل جانب يتناسلون ولا يعلمون بما حولهم من بشر واخبارهم واحوالهم .. اناسا خارج حدود هذا العالم . واما هذا الخبر الذي نقله القاضي النعماني فهو يقضي على اي احتمال قد أوله المنكرين بخصوص الخبر السابق وهو وارد ايضا عن رسول الله (ص) , ورد عن عبد الله عما سمعه من رسول الله (ص) يقول: عبد الله فيما كان للمهدي والمنصور و(من) كان بعدهما ويكون كذلك ائمه مهديون وينجز الله لهم ما وعدهم في كتابه , وعلى لسان رسوله بحوله وقوته . شرح الاخبار .. وهذا الخبر يصف المهديين (ع) ويحددهم بصفتهم , ويذكر المهدي والمنصور ومن كان بعدهما اي من يأتي للملك بعدهما وهو واضح . وقد ورد عن اهل البيت (ع) اخبار كثيره فوق ان تحصى تشير كلها الى هذا المعنى المحدد انه تحديد فترة حكم معينه لاحد المهديين (ع) والمستفاد منه تعددهم (ع) , وتعدد المهديين واختلاف فترة حكم كل واحد منهم يعطينا تصورا كاملا وفهما شاملا انها دوله عالميه يملكها الامام المهدي (ع) ومهديون بعده من ولده , فتابعوا هذا الخبر الوارد عن اهل بيت النبوه (ع) وهو ما اخرجه ابو الحسين بن المنادي في كتاب الملاحم عن سالم بن ابي الجعد عن ابي بكر الحضرمي عنهم (ع) : يكون ملك المهدي احدى وعشرين سنه , ثم يكون اخر من بعده وهو دونه وهو صالح , اربعة عشر سنه , ثم يكون اخر من بعده وهو دونه وهو صالح تسع سنين . وهكذا رجل من بعد رجل , صالح من بعد صالح , قائم من بعد قائم وكل واحدا منهم (ع) , فتره تختلف من حيث الكم من السنين عن اخر بزياده او نقصان , بدوله عمرها اكثر من ثلاثمئه سنة , هي الدوله التي تعتبر انتصار الخير على الشر والحق على الباطل , انتصار الانبياء والاوصياء على كل الطغاة والكفره والمارقين . فهنا كانت اشارات غير مباشره من قبل رسول الله (ص) والائمه (ع) , تفيد للقطع بان هذه الدوله يملكها اكثر من قائم نظرا لتباين فترة الحكم التي يعطونها لكل واحد منهم . وقد جاء عن طريق العامه ايضا بما يعزز المعنى والمضمون المشار اليه وقد تواتر في اخبارهم اي اختلاف الفتره الزمنيه لحكم المهدي (ع) من خبر الى اخر .
واما الطريقه المباشره التي اشار اليها اهل البيت (ع) , في اخبارهم وفي كثير من الادعيه المأثوره التي وردت عنهم (ع) للمهديين الاثنا عشر , وانهم من ذرية الامام المهدي (صلوات ربي عليه وعليهم) , بشكل لايمكن ان ينكره الا كافرا بهم , ولو ان ذكرهم بالوصيه المقدسه للرسول الاعظم(ص) , هو كاف للدلاله عليهم , الا اننا ايضا من اجل ترسيخ هذا المفهوم اكثر وبيانا ان محمد وال محمد (ع) , لم يتركوا الامر دون بيان اضافي وتنبيه وتوضيح ليعتبر اصحاب العبر ويتعض من يطلب الموعظه , كي لا يخسر الدنيا والاخره بانكاره حجج الله على الخلق . وهنا لابد ان نشير ان الحجج المذكورين هم من ذرية الامام المهدي (ع) خاصه , وجائت اخبار مستفيضه تخبر بوجود ذريه للامام المهدي(ع) في زمن الغيبه , وانكار تلك الذريه بزعم عدم وضوح نسبهم واتصاله بالامام المهدي(ع) , كونه في غيبه هو كمن ينكر شئ بحجة عدم رؤياه , وهذا يشبه انكار الملحدين (اعاذنا الله واياكم) . فالامام (ع) في غيبه , واقتضاء الضروره بعدم بيان نسبه للمحافظه على غيبته (ع) من ان تهتك او تعرف , لان معرفة النسب والذريه ينقض الغيبه , وللدلاله على وجود الذريه للإمام (ع) نشير الى طائفه من الاخبار التي تذكر ان له (ع) ذريه بزمان غيبته وليس عند ظهوره او بعده , والقول بأن حمل وجود المهديين (ع) , والاعتقاد بهم يكون عند ظهور وخروج الامام المهدي (ع) , وليس عند غيبته , هو قول مبني على انكار ذرية الامام (ع) , وتنقضه الاخبار المتواتره عنهم (ع) .. هذا الخبر الوارد عن الباقر(ع) والذي يبين فيه حال الامام المهدي(ع) , قبل خروجه وهو يستنصر الناس .. جابر بن يزيد الجعفي (في خبر اقتطعنا منه موضع الحاجه) قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع) .... و القائم يومئذ بمكة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به فينادي يا أيها الناس إنا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم محمد ..... فإن لي عليكم حق القربى من رسول الله إلا أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا و بغي علينا و دفعنا عن حقنا ... غيبة النعماني 279 . والملاحظه لان الامام المهدي (ع) يستنصر الناس على الظالمين , يشير الى ذرية له موجوده بزمان الظالمين ونشدد على هذا المعنى بزمان الظالمين , اي بزمان الغيبه الكبرى له وهذه الذريه موجوده وقد تحملت المشاق والعناء والظلم والطرد والنفي والاقصاء , فقوله (ع) إلا أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا . اي ان ذريته موجوده وهذا واضح . اما ان تكون كل ذرية الامام المهدي (ع) , هي المشار اليها , فهذا فهم يعارض الحكمه لان الذريه لا يحصيها الا هو (ع) , ولا يمكن ان يعرفها الناس الا ان يعرف بها هو نفسه (ع) , فهي ليست مشتركه بهذا المعنى اي ان المقصود ذريه خاصه للامام (ع) , تتحمل اعباء النهوض بالدعوه الشريفه للامام المهدي (ع) , لان معرفتها تتطلب الاعلان عنها وهو المهدي الاول واهله (ع) . وهذا ما سيتبين لنا من الخبر الذي نقله الشيخ النعماني في كتاب الغيبه , والشيخ الطوسي في كتاب الغيبه , بسندين معتبرين عن المفضل بن عمر قال : سمعت ابا عبد الله(ع) انه يقول : ان لصاحب هذا الامر غيبتين احداهما تطول حتى يقول بعضهم مات ويقول بعضهم قتل , ويقول بعضهم ذهب , حتى لا يبقى على امره من اصحابه الا نفر يسير لا يطلع على موضعه احدا من ولده ولا غيره , الا المولى الذي يلي امره . كتاب الغيبه للشيخ الطوسي, كتاب الغيبه للشيخ النعماني,وكتاب النجم الثاقب للميرزا النوري ج2 ص69 . فهنا يشير الصادق (ع) الى ذرية الامام المهدي(ع) في زمن الغيبه , فيقول لا يطلع على موضعه احدا من ولده ولا غيره , الا المولى الذي يلي امره والذي يلي امر الامام المهدي (ع) هو وصيه (أحمد وعبد الله والمهدي) الوارد ذكره بالوصيه المقدسه , وهو اليماني (ع) الذي يدعو لصاحب الامر كما تبين مما سبق , ودعوته تقتضي منه ان يصرح بانتسابه للامام المهدي (ع) بشكل علني , فهو ابنه كما بينت الوصيه المقدسه لرسول الله محمد (ص) ساعة وفاته , اذن هو المقصود بالذريه او الابناء الذين يذكرهم الامام (ع) مستنصرا الناس بأبي هو وامي ... إلا أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا ... وكما ورد بالحديث السابق , اضافه للمفهوم الذي يشير اليه الخبر الوارد عن الصادق (ع) , الى وجود ذريه للامام المهدي (ع) , بزمن الغيبه , بأنهم لا يطلعون على مكانه , فلو كانوا بزمن دولة العدل الالهي لاصبح متاحا لكل انسان ان يطلع على موضعه ومسكنه الشريف (ع) . فذرية الامام المهدي (ع) منهم اثنا عشر حجه الهيه على الخلق , عينهم الله سبحانه وتعالى ليكونوا قواما بالقسط هادين اليه , ملوكا يعملون بأمره , وليس هذا معناه ان كل ذرية الامام المهدي (ع) هم ائمه مهديون , بل مخصوص منهم اثنا عشر بولاية العهد كما حال الائمه (ع) , من ذرية الرسول (ص) , فليس كل الذريه هم ائمه والامر واضح . وقد اشار اهل البيت (ع) بصوره مباشره كما قلنا الى المهديين الاثنا عشر (ع) , حجج الله على خلقه بعد الائمه الاثنا عشر (ع) , عن طريق اخبار وادعيه مأثوره بشكل لا يقبل الغموض او الاشكال , فمن تعصف به رياح الشك بعد بيانهم (ع) , يكون كمن يحاول حجب ضياء الشمس بيديه . واليكم طائفه من تلك الاخبار .. عن الصادق (ع) إنه قال : إن منّا بعد القائم (ع) إثنا عشر مهدياً من ولد الحسين (ع) . مختصر بصائر الدرجات ص49 . وهذا الخبر واضح لا يحتاج الا ان يفتح الانسان قلبه لدعوة الحق .. فالاثنا عشر مهديا قد اشار اليهم الصادق (ع) , بصوره واضحه ومباشره لا تحتمل اي تاويل او تفسير جانبي . وايضا ما ورد عن الامام علي بن الحسين السجاد (ع) قال: يقوم القائم منا ثم يكون بعده اثنا عشر مهدياً . شرح الأخبار 3 /400. بيان واضح لا يحتمل اي شك . وهذا الخبر الوارد عن امير المؤمنين (ع) , الذي يصف فيه المهدي الاول (ع) والمهديين من ولده (ع) بوصف دقيق .. عن حبة العرني قال : خرج أمير المؤمنين (ع) إلى الحيرة فقال : لتصلن هذه بهذه وأومى بيده إلى الكوفة والحيرة حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير وليبنين بالحيرة مسجداً له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عجل الله فرجه لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم وليصلين فيه اثنا عشر إماماً عدلاً... التهذيب 3/253، معجم أحاديث الإمام المهدي 3 /112. فقول امير المؤمنين (ع) يصلي فيه خليفة القائم عجل الله فرجه لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم وليصلين فيه اثنا عشر إماماً عدلاً اي المهدي الاول (ع) ثم قال بأسلوب التأكيد على المعنى ليصلين فيه اثنا عشر يعني خليفة القائم (ع) فالمهدي الاول احمد الحسن (ع) من ظمنهم , فهم اثنا عشر خليفه (ع) اي الاشاره للمهديين (ع) بصوره مباشره لا تحتمل اي معنى مغاير لما ورد . واليكم هذا الخبر ليكون تعزيزا لما سبق ايضا .. عن ابي حمزه عن ابي عبد الله(ع) في خبر طويل أنه قال : ان منا بعد القائم احد عشر مهديا من ولد الحسين (ع) . بحار الانوار ج53 ص 145 , مختصر بصائر الدرجات ص49 . والتفت ان الصادق (ع) , في هذا الخبر عنى القائم المخفي الاسم والشخصيه قبل ظهوره (ع) , اي المهدي الاول احمد الحسن (ع) , فيكون بعده احد عشر مهديا من ولده (ع) , ومن كان يظن في تعارض الخبرين الواردين عن الصادق (ع) بالاثني عشر مهديا في الاول والاحد عشر مهديا في الثاني , واهم , لان دلالة الخبر في نفس السياق الذي ورد , ففي الاول اراد به الامام المهدي (ع) وفي الخبر الثاني , يماني ال محمد المهدي الاول احمد الحسن (ع) فيكون بعد الامام المهدي (ع) اثنا عشر مهديا , وبعد المهدي الاول (ع) احد عشر مهديا ونحمد الله على منه وكرمه . وايضا هذا الخبر الذي يذكرهم بانهم قوام (ع) من بعد القائم (ع) , فعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في ذكر الكوفة قال: ... فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وصلى فيه ومنها يظهر عدل الله , وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين . وسائل الشيعة ج3 / ص524. والخبر اوضح من الشمس في رابعة النهار , يؤكد على وجود قوام بعد القائم (صلوات الله عليهم) وهم المهديين من خلال الجمع بين الروايات . وايضا نورد ادله اضافيه على المهديين (ع) , وانهم جاؤا بأخبار المعصومين (ع) , فهذا ابو بصير قد سمع من الباقر (ع) انه يذكر المهديين الاثنا عشر (ع) , فيسأل الصادق (ع) ولنتابع ... عن أبي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (ع): يا ابن رسول إني سمعت من أبيك (ع) انه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر إماماً. فقال إنما قال: اثنا عشر مهديا ًولم يقل اثنا عشر إماما ً ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا . كمال الدين 2/358. فهنا الامامين الصادقين (ع) , قد اوردا ذكر المهديين (ع) , فابي بصير يسأل مولانا الصادق (ع) عنهم فيجيبه ولا ينكر عليه شئ , الا ان البعض قد اشكل متوهما في هذا الخبر في ان الصادق (ع) قد انكر امامتهم !! وجوابنا عليه بأنه واهم , واشكاله مردود عليه ضمن سياق الخبر , لان الامام الصادق (ع) , قد صحح لابي بصير ما سمعه من الباقر (ع) , في انه لم يقل اثنا عشر اماما بل قال اثنا عشر مهديا , اي يصحح له ما سمعه من الباقر (ع) ولم ينكر عليه ما سمعه , اما امامتهم فهي ثابته كونهم حجج لله على خلقه وواجبي الطاعه وهذا ما يؤكده الوارد عن الصادق (ع) من دعاء مأثور يذكر المهديين (ع) فيه ويصفهم ائمه وسيأتي ذكره في قادم الكلام فتابع , وقوله لكنهم قوم من شيعتنا .. فهو اراد ان يبين للسائل ان فضل المهديين (ع) ليس كفضل الائمه (ع) , فليس كالائمه الاثنا عشر (ع) احد في الفضل يساويهم او يتقدم عليهم غير رسول الله محمد (ص) في العالمين من الاولين والاخرين , فالمعنى الذي اراد بيانه في قوله قوم من شيعتنا اي بيان فضل الائمه (ع) عليهم وفوقهم وحتى لا يختلط الامر على السائل بأن الائمه الاثنا عشر (ع) كالمهديين الاثني عشر (ع) من ناحية الفضل والمقام والمنزله . ولا يفوتنا ان نذكر القارئ العزيز بأن ابراهيم (ع) وهو نبي من اولي العزم وهو من شيعتهم (ع) وذلك قوله تعالى (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ) , فليس غريبا ان يكون المهديين الاثنا عشر (ع) من شيعتهم ضمن هذا المعنى , وهنا يتوضح المعنى , ويكون الاشكال منقوض لما تقدم والحمد لله رب العالمين . واما الادعيه المأثوره عن اهل البيت (ع) والتي تذكر المهديين (ع) , وتذكر امامتهم وخلافتهم بعد الامام المهدي (ع) , فهي كثيره جدا ولا يمكن حصرها بموضوع قصير مقتضب كهذه السطور , الا اننا نشير اليها تعزيزا لما سبق واليكم مجموعه من هذه الدلائل التي اوردوها (ع) , في الادعيه المأثوره عنهم ... ما جاء في الدعاء المشهور المعتبر عن الإمام المهدي في كيفية الصلاة على محمد وآل محمد إلى أن يصل إلى نفسه فيقول (ع) : ... اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه وتسر به نفسه ... إلى قوله (ع): وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده ومدّ في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم دنيا وآخرة ... . غيبة الطوسي ص186 , جمال الأسبوع ص 301 . فقوله وصل على وليك (اي الامام المهدي) وولاة عهده , والائمه من ولده (المهديين) ومد في اعمارهم وزد في اجالهم ... وهذا دعاء مأثور واضح الدلاله ولا لبس فيه ولا يحتاج الى فهمه اي عناء . وعن الامام الصادق (ع) قال في أحد الأدعية المشهورة : اللهم كن لوليك القائم بأمرك محمد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ومؤيداً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طولاً وعرضاً وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين . بحار الأنوار ج49 ص349 وانتبه لقوله (ع) وتجعله (اي الامام المهدي) وذريته (المهديين) من الائمه الوارثين .. فهنا نقول ان المهديين هم ائمه (صلوات الله عليهم) , والخبر المتقدم عن الصادق (ع) في جوابه لابي بصير , ليس بمحل انكار امامتهم انما في بيان فضل ومقام الائمه (ع) , اشرف من المهديين (ع) وهذا الدعاء الوارد عنه (ع) يعزز لدينا هذا المعنى ويؤكد ما سيق من بيان بهذا الخصوص .. وما جاء في دعاء الإمام الرضا (ع) , للإمام المهدي في عصر الغيبة ... اللهم أعطه في نفسه وأهله وَوَلـَدِه وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه وتجمع له ملك المملكات كلها... إلى ان يقول : اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم وأعز نصرهم ... مفاتيح الجنان ص618 جمال الأسبوع لأبن طاووس ص 309 ، مصباح المتهجد للطوسي ص409 . فهنا يذكر الامام الرضا (ع) , في دعائه المهدي الاول احمد الحسن (ع) , ويدعو له (ع) . وفي الدعاء الوارد عن الحسن العسكري (ع) , بمناسبة ولادة الإمام الحسين (ع) , قال فيه : ... وسيد الأسرة ( الحسين ) الممدود بالنصرة يوم الكرة المعوض من قتله ان الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويكونوا خير أنصار المصباح للكفعمي ص543 / مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ص826 . وانتبه لقوله (ع) والاوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته اي الامر متعلق بالامام المهدي (ع) , وانهم اوصياء وحجج على الخلق بعد الامام المهدي (ع) , والدلاله الثانيه انهم يدركوا الاوتار ويثأروا الثار. وايضا لنأخذ هذا الدعاء الذي رواه علي بن بابويه عن الإمام الرضا (ع) وفيه ذكر المهديين (ع) قال : هذا ما نداوم به معاشر أهل البيت : ... إلى ان قال : اللهم صل عليه وعلى آله من آل طه ويس واخصص وليك ووصي نبيك وأخا رسولك ووزيره وولي عهده إمام المتقين وخاتم الوصيين لخاتم النبيين محمد (ع) وابنته البتول وعلى سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وعلى الأئمة الراشدين المهديين السالفين الماضيين وعلى النقباء الأتقياء البررة الأئمة الفاضلين الباقين وعلى بقيتك في أرضك القائم بالحق في اليوم الموعود وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة .... فقه الرضا ص403 . ولاحظ قوله (ع) , وعلى بقيتك في أرضك القائم بالحق في اليوم الموعود وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة .. ويسميهم الفاضلين المهديين الامناء الخزنه . الى هذا القدر نكتفي بالادله التي تواترت عنهم (ع) , وهو قدر كاف جدا لكل من طلب الحق . ونرى من باب الالجام وليس من الحاجه , ان نذكر ورود معنى المهديين , في اخبار العامه , فقد ورد هذا المعنى بجمله من الاخبار التي ينقلها العامه في كتبهم وسنقتصر على خبر واحد لان ما تقدم عن سادة الخلق (ع) هو الحجه على الناس بباب ذكر المهديين (ع) . فهذا صاحب الاربعون حديثا في المهدي (ع) الحافظ ابو نعيم الاصفهاني اورد هذا الخبر قال أبو نعيم: أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن احمد بن أيوب الطبراني, ثنا عبد الرحمن بن حاتم ثنا نعيم بن حماد, ثنا الوليد, عن علي بن حوشب, سمع مكحولا يحدث عن علي بن أبي طالب قال: قلت: يا رسول الله المهدي أمنا آل محمد المهدي , أم من غيرنا ؟ فقال رسول الله: لا , بل منا , بنا يختم الله به الدين , كما فتح بنا , وبنا ينقدون من الفتن كما انقدوا من الشرك , و بنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة أخوانا , كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك , وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا , كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم . الاربعون حديثا ... ولاحظ ان كل الخبر هو عباره عن سؤال عن المهديين (ع) , ففي الخبر المتقدم يسأل امير المؤمنين (ع) , رسول الله (ص) عن ال محمد المهدي (ع) ومحل سؤال امير المؤمنين (ع) في الخبر ليس اعتباطا انما يسأل عن امر مهم يسأل عن حجج الهيه على الخلق , بدلالة جواب رسول الله (ص) , بانهم من ال محمد (ع) , وقوله بنا يختم الدين اي هؤلاء هم قوام على الدين وقائمين به , وائمه على الناس فقد اورد رسول الله (ص) , في الخبر الوارد بأنهم من يجمع الناس ويوحد كلمتهم على امر واحد بطاعتهم (ع) , والحمد لله رب العالمين . ونشير الى اشكال قد اورده البعض بسبب الفهم الخاطئ للروايات , لنفس العله , عدم الاحاطه المسبقه بقضية المهديين الاثني عشر (ع) ,ففي الخبر المروي عن الامام الرضا (ع) حول اخر المهديين (ع) المهدي الثاني عشر والذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) في الرجعه , وهذا الخبر رواه الشيخ الثقه الجليل الفضل بن شعبان النيسابوري في غيبته بسند صحيح عن الحسن بن علي الخزاز قال : دخل علي بن ابي حمزه البطائني على ابي الحسن الرضا (ع) فقال له : انت امام ؟ قال: نعم , فقال له : اني سمعت جدك جعفر بن محمد (ع) يقول لايكون الامام الا وله عقب , فقال : أ نسيت يا شيخ او تناسيت ؟! ليس هكذا قال جعفر (ع) : لا يكون الامام الا وله عقب الا الامام الذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) فانه لا عقب له , فقال له : صدقت جعلت فداك , هكذا سمعت جدك يقول. واشارة الامام الرضا (ع) في هذا الخبر واضحة المعالم حول انقطاع الاستخلاف والخلافه الالهيه اي بانقطاع ذرية الامام (ع) , وهذا لا يكون الا بانقضاء دولة العدل الالهي التي يحكمها اثنا عشر مهديا بعد الامام المهدي (صلوات الله عليهم اجمعين) , فالمعني بهذا الخبر هو المهدي الثاني عشر (ع) والذي يخرج عليه الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) , وعندها يبدأ عالم الرجعه , وقبلها يبقى العالم اربعين يوما بلا امام . وهذا الخبر الذي اورده سليم بن قيس يعزز هذا المفهوم وهو وارد عن الرسول الاعظم محمد (ص) , عن أبان بن تغلب، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا اُبَشِّركم أيُّها الناس بالمهدي؟ قالوا: بلى. قال: فاعلموا أن الله تعالى يبعث في أمَّتي سلطاناً عادلاً، وإماماً قاسطاً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وهو التاسع من وُلْدِ وَلَدِي الحسين، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي؛ ألا ولا خير في الحياة بعده، ولا يكون انتهاء دولته إلا قبل القيامة بأربعين يوماً. واما انه ينسب دولة العدل الالهي للامام المهدي (ع) , فكما اسلفنا بأن هذا الاسلوب دارجا عندهم انهم (اعتباريا) ينسبون فعل الابناء للاباء وكما اشرنا بالخبر الوارد عن امير المؤمنين (ع) , انه ينسب افعال الابناء من ولده (المهدي الاول) الى نفسه وكأنه هو من قام به , وعندما سأله عبايه اجابه هيهات ذهبت غير مذهب يفعله رجل من صلبي .
اذن , الاخبار المتواتره عنهم (ع) تشير الى دوله طويله نسبيا اكثر من ثلاثمائه سنه , يحكم كل رجل فتره معينه ومحدده كسبع سنين او تسع او تسعة عشر سنه او ثلاثين او اربعين سنه وهكذا رجل من بعد رجل , مهدي من بعد مهدي , صالح من بعد صالح , قائم من بعد قائم (صلوات الله عليهم) , الى ان تصل الخلافه الالهيه للمهدي الثاني عشر (ع) والذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) , ويكون لا عقب له , وبذلك تنتهي دولة العدل الالهي على الارض وتبق البشريه دون خليفه او حجه لله على الارض اربعون يوما بعدها يبدأ عالم الرجعه وتنقضي الدنيا.
بهذا القدر وصلنا لختام كلامنا حول المهديين (ع) , في حلقتنا الثالثه هذه , نرجو من الله العلي القدير ان يجعلها بابا لمعرفة الحق , لمن يقرأ ولم يكن قد سمع بالامر , وهنا قد وصلنا لاكمال نصف البحث او شبه النصف بمن الله وتوفيقه وكرمه , وسنباشر بالرابعه بعد فتره وجيزه لان ما تقدم هو كاف لمن طلب الحق ان شاء الله تعالى , والحلقه الرابعه سنؤخرها بعض الشئ اذا اراد الله لنا ذلك , وستكون في باب المهدي الاول هو الاختبار وكيف وصفه ابائه الائمه (ع) , في الاشاره والتنويه اليه (صلوات ربي عليه) , ومنه سبحانه نستمد القوة والعون .
والحمد لله وحده وحده وحده .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد وال محمد الائمه والمهديين الطيبين الطاهرين وسلم تسليما
في اثبات المهديين
وهنا في هذا الباب المختصر , نسلط الضوء على مسأله لعلها خفيت على كثير من الناس , الا وهي الملوك في دولة العدل الالهي التي يؤسس اركانها الامام المهدي (ع) , ومهد لها كل الانبياء والحجج الالهيه السابقين , ويمهد سلطانها ويجليها ويظهرها على دولة الظلم و يحارب من اجل اقامتها اليماني الموعود (ع) , كما تبين مما سبق . وقد تواترت الاخبار الوارده عن رسول الله (ص) والائمه (ع) انها تدوم ما يقارب الثلاثمائه وتسعة عشر او يزيد عن هذا الرقم بقليل . فالمهم , من هم ملوك هذه الدوله الالهيه التي وعد الله سبحانه كل الانبياء السابقين والذين جاهدوا وقتلوا وشردوا وقتل انصارهم من اجل اقامتها وتشييد صرحها , او قل التمهيد لاقامتها ؟ ومن خلال مقتضى الضروره ان يكونوا هؤلاء الملوك حجج الهيه على الخلق , حيث لا يمكن ان يأمر الله الناس بطاعة خلفاء او ملوك ان لم يكونوا حججا له على خلقه , ومنصبين منه سبحانه , بحيث الاعراض عنهم يكون مورد الاعراض عنه سبحانه , فهذه الدوله الالهيه تحكم باسم الله الرحمن الرحيم , على خلاف كل الدول والممالك التي اقيمت على سطح الارض , وكانت تارة تدعي انها تمثل الله زورا وكذبا وظلما , وتارة تجاهر بعدائها للعدل الالهي واقامة مملكة العدل الالهي . فهذه الدوله الموعوده تمثل بحق انتصارا لكل الانبياء والاوصياء على اعدائهم من الكفره ومدعي تمثيل الله , تمثل انتصارا للخير على الشر , انتصارا ماديا ومعنويا انتصارا نهائيا حاسما , فهي تحقق الهدف الذي من اجله بعث كل الانبياء والمرسلين قال تعالى : (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) , فغلبة الرسل وانتصارهم هو بتحقيق غايتهم وهدفهم الذي بعثوا من اجله , اقامة الدوله الالهيه العادله , وطاعة المنصب من الله على هذه الدوله . فبلا شك ان يكون الملوك الذين يحكموا في دولة العدل الالهي معينين من الله سبحانه وهم حججه على خلقه , وان لهم شأنا عظيما وكبيرا , فهل يعقل ان رسول الله محمد (ص) , والائمه (ع) لم ينبهوا الناس الى هذه النقطه ؟! فملوك دولة العدل الالهي والحجج الالهيه في هذه الدوله هم (المهديين) و يحكمون بعد الامام المهدي محمد بن الحسن (ع) . واما علة تسميتهم بالمهديين فقد يكون جراء انتسابهم للامام المهدي محمد بن الحسن (ع) من حيث البنوه , والابن يأخذ اسم ابيه بمقتضى الضروره وكما هو معروف – وسيأتي بيان هذا الامر – فمثلا يقال للذين ينتسبون للحسين (ع) حسينيون , وللذين ينتسبون لعلي (ع) علويون , وللحسن (ع) حسنيون , ولموسى (ع) موسويون , وكذلك الامر بالنسبة لمن ينتسب للمهدي (ع) فيقال لهم مهديون . اما من جهة انتسابهم للمهدي (ع) فهو ما سنتناوله ونثبته في هذه السطور البسيطه بحول الله وقوته ومنه من خلال ما تواترت عليه الادله والاخبار الوارده عن محمد وال محمد (صلوات الله عليهم اجمعين) . فالاشاره للمهديين (ع) جائت بطريقين اما مباشر كما جاء في الوصيه المقدسه لرسول الله (ص) ساعة وفاته ((يا علي انه سيكون بعدي اثنا عشر إماما و من بعدهم اثنا عشر مهدياً )) , ومن خلال الاخبار الكثيره الوارده عن اهل البيت (ع) والادعيه المأثوره الوارده عنهم (ع) , والتي صرحت بما لا يقبل الشك والغموض , بأن الامام المهدي (ع) له ذريه ومن هذه الذريه سيكون ائمه مهديين اثنا عشر هم ولاة العهد وملوك دولة العدل الالهي . وإما بطريقه غير مباشره من خلال التصريح بفترة الحكم التي يحكمها المهدي (ع) وسنبدأ بالطريقه الغير المباشره ومن الله نستمد العون . ويمكن هنا ان نلق نظره متفحصه للاخبار التي تحدد فترة حكم المهدي (ع) , فمرة تقول الاخبار انها تسع سنين ومره سبعه , ومره تسعة عشر سنه ومره اربعين وهكذا .. فهم (ع) من خلال هذه الفترات المتباينه التي يعطوها لفترة حكم المهدي (ع) - والتي ظنها الواهمون انها روايات متعارضه - ارادوا اخبارنا بالمهديين (ع) , وإن الفترة المحدده المشار اليها بعدد من السنين , هي فترة حكم لاحد هؤلاء الحجج الالهيه . لكن هذا الامر انسحب بذهن الناس والباحثين للامام المهدي محمد بن الحسن (ع) بسبب عدم احاطتهم الكامله بموضوع دولة العدل الالهي والمهديين (ع) , وللتصور السائد بأن من يحكم هو الامام المهدي (ع) وحده . فمن هنا كان تخبط البعض وعناد البعض الاخر ممن لم يفهموا ان كلام محمد ال محمد (ص) فيه المحكم وفيه المتشابه وفيه الظاهر والباطن وفيه الاشارات وفيه امورا كثيره قد تخفى على الناس في حقبه زمنيه معينه . والحق ان مجرد الاشاره للفتره الكامله لدولة العدل الالهي وكما صرحت كثير من الروايات انها ثلاثمائه وتسع عشر او اكثر بقليل , ثم التنويه لفترة حكم معينه بأنها تسع او تسعة عشر من خلال الكثير من الاخبار التي تواترت بهذا المعنى , كافي للقطع بان هذه الفتره المشار اليها بأنها جزء من الكل , اي فترة حكم معينه لاحد المهديين (ع) وليس كل عمر دولة العدل الالهي . وهذا دليل على وجود حجج الهيه متعددين في دولة العدل الالهي وان لكل واحد منهم (ع) فترة حكم مختلفه عمن يسبقه او يأتي بعده , فهم رجل من بعد رجل , اثنا عشر (صلوات الله عليهم) , فلنتابع بعض الاخبار الوارده في هذا الشأن ليتعزز ويتضح لنا المفهوم بشكل جلي لا يقبل اللبس .. اليك عزيز القارئ هذا الخبر الذي اورده الشيخ الطوسي في كتاب الغيبه .. عن جابر الجعفي قال:سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: والله ليملكن منا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة يزداد تسعا. قلت:متى يكون ذلك؟.قال: بعد القائم عليه السلام.قلت: وكم يقوم القائم في عالمه؟.قال:تسع عشرة سنة ثم يخرج المنتصر فيطلب بدم الحسين عليه السلام ودماء أصحابه .. فهنا هذا الخبر يشير الى فترة حكم المهديين (ع) , اي دولة العدل الالهي فالاشاره الى الرقم الكامل (او شبه الكامل) لعمر دولة العدل الالهي وهو ثلاثمائه وتسع سنين , ثم المباشره بعرض فترة الحكم التي يحكمها القائم (ع) بتسعة عشر سنه , اي ان التسعة عشر سنه جزء من كل . واما قوله ليملكن منا اهل البيت رجل فنسبة فترة الثلاثمائه والتسع سنين الكليه , لرجل منهم (ع) , المقصود بها الرجل وذريته , اي انها فترة الحكم التي يحكمها هذا القائم (ع) وذريته , فينسب للرجل عملا معينا وان كان الذي قام بهذا العمل هو من الذريه , وهذا المفهوم دارجا ومعمولا به عند اهل البيت (ع) , وكمثال على نسبة عمل الذريه وفعلهم للرجل الذين جائت الذريه من صلبه نطالع هذا الخبر الوارد عن امير المؤمنين (ع) ليوضح هذا الاسلوب الذي درج عليه ال محمد (ع) , ففي معاني الاخبارعن عباية الأسدي قال : سمعت أمير المؤمنين (ع) , وهو مشنكى وأنا قائم عليه ، لأبنين بمصر منبرا ، ولأنقضن دمشق حجرا حجرا ، ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب ولأسوقن العرب بعصاي هذه ، قال : قلت له : يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيى بعد ما تموت ؟ فقال : هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني . لاحظ عزيزي القارئ كيف ان امير المؤمنين (ع) نسب كل الفعل الذي يقوم به هذا الموعود (ع) في اخر الزمان الى نفسه , بناء منبر في مصر , ونقض دمشق حجرا حجرا , واخراج اليهود والنصارى (القوات العسكريه الموجوده في الجزيره العربيه على الاغلب) , سوق العرب بالعصا , وحينما سأله عبايه , قال يفعل ذلك رجلا من ولدي . ومن هنا لاغرابه ان يقول الباقر(ع) , في الرواية انفة الذكر , يملكن منا اهل البيت رجل ثلاثمائه وتسع سنين , اي يملك هو وذريته , وقوله بعد موته فهو من متشابهات ال محمد (ع) , والذي لا يمكن الخوض فيه , وللاشاره لماورد بالخبر ايضا بنفس القول يملك رجل منا اهل البيت (ع) ثلاثمائه وتسع سنين , ايضا لم يعط ال محمد كل عمر دولة العدل الالهي , فحمل الفتره الكليه على رجل من المهديين (ع) وذريته , فهو ليس الامام المهدي (ع) قطعا ولم يحدد اي من المهديين , ويقول بعد القائم (ع) ولم يحدد ايا منهم , وكما نعرف ان كل واحد منهم قائم بالامر , بل من الممكن انهم عنوا المهدي الاول (ع) , او الثاني (ع) , او الثالث (ع) ومن يأتي بعده , لذلك ان الفتره الزمنيه المذكوره في الخبر ليست كل عمر دولة العدل الالهي ابدا , وبدلاله اخرى انهم اشاروا في اخبار الى فتره اطول من الثلاثمائه وتسع سنين , لكن المستفاد منه ومحل الشاهد ان الباقر(ع) , اراد بطريقه غير مباشره الاشاره للمهديين (ع) , اي تعدد الحكام (المهديين) في دولة العدل الالهي , فهنا يعط رقم كلي – عندما نقول رقم كلي انه المتضمن الخبر - ثم ينوه الى فترة حكم معينه لرجل منهم (ع) , مما يفيد القطع بتعدد القوام (ع) . وسنأخذ اخبار اخرى وردت عنهم فهذا الخبر الذي اورده الشيخ النعماني في غيبته , والشيخ الطوسي بكتاب الغيبه عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن على(عليهما السلام) يقول: والله ليملكن رجل منا أهل البيت ثلاثمائة سنة (وثلاث عشرة سنة) ويزداد تسعا ، قال: فقلت له: و متى يكون ذلك؟ قال: بعد موت القائم(عليه السلام)، قلت له: وكم يقوم القائم(عليه السلام) في عالمه حتى يموت؟ فقال: تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى يوم موته . وهذا رقم كلي جديد ورد عن الباقر(ع) , مضافا اليه ثلاثة عشر سنه , عن الاول , وطبعا في هذا الخبر عنوا الفتره التي تعقب حكم احد القوام من المهديين (ع) , لكن طبعا لا يمكن الجزم اي قائم عنوا بكلامهم (ع) , المهدي الاول ام الثاني (عليهما السلام) , ام انه الامام المهدي (ع) , فهنا تبرز هذه الملاحظه , ان فترة حكم دوله العدل الالهي هي فتره اكثر من ثلاثمائه سنه ويقوم بها حجج الهيه وائمه مهديين (ع) , رجل من بعد رجل , ولكل رجل منهم فترة حكم معينه , والاخبار التي اشارت بصوره عامه لفترة حكم المهديين (ع) , بأنها تفوق الثلاثمائه سنه , متواتره ولنأخذ شئ منها ليتعزز المعنى فعن الإمام أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إن الإمام القائم عليه السلام سوف يملك ثلاثمائة وتسع سنين . لاحظ ان فترة الثلاثمائه سنه واكثر , لا توازي او تشابه او تقارب ان يكون فترة حكم القائم (ع) , سبع او تسع سنين اطلاقا والتي وردت في بعض الاخبار كما سيأتي , الا اذا قلنا بأن القائم المعني بهذا الخبر هو احد القوام في دولة العدل الالهي , اي احد المهديين (ع) , فيتضح لنا المعنى بصوره جليه وواضحه . وهذا الخبر عن أبي الجارود في خبر طويل اخذنا موضع الحاجه منه , قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) : إنّ القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم , يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، ويفتح الله له شرق الأرض و غربها . مختصر كفاية المهتدي . نفس المعنى ايضا يشير الى طول عمر دولة العدل الالهي (اظهرها الله وابقاها) , ونفس المضمون ايضا في كل الاخبار , هو نسب فترة كليه لرجل معين من المهديين (ع) , والمقصود هو مهدي منهم (ع) , وذريته , ولا يمكن حمله على احد منهم بالخصوص , الا اننا نستفاد منه بتعدد المهديين والقوام من خلال تعدد فترة الحكم التي يحكمها كل واحدا منهم (ع) والتي اشارت اليه اخبار كثيره كما قلنا . واما الاخبار التي وردت عنهم (ع) في تحديد فترة حكم معينه لواحدا منهم (ع) , فهي كثيره , اكثر من ان تحصى , ومنها نأخذ جمله من الاخبار تفيد بتحديد فترة حكم معينه بعدد من السنين روى عبد الكريم الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كم يملك القائم عليه السلام ؟ قال: سبع سنين، تطول له الأيّام والليالي حتّى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم .... غيبة الطوسي . فهنا يحدد الصادق (ع) فترة حكم معينه للقائم (ع) , ومقدارها سبع سنين , والسؤال هل هذه السبع سنين هي كل عمر دولة العدل الالهي ؟ وقد تواترت الاخبار الوارده بـأنها تفوق الثلاثمائه وتسع سنين . قطعا لا يمكن حمل هذا المعنى الا على انها فتره حكم محدده لاحدهم (ع) , واطلق عليه لفظ القائم اي القائم بالامر , فكلهم (ع) قائم كما ورد عنهم في كثير من الاخبار عن ابي جعفر (عليه السلام) حينما سأله الحكم بن ابي نعيم جاء إلى الإمام الباقر في المدينة فقال له : عليّ نذر بين الركن والمقام إن انا لقيتك أن لا اخرج من المدينة حتى اعلم انك قائم آل محمد أم لا ؟ فقال (ع) : يا حكم كلنا قائم يمين قائم بامر الله عز وجل فقلت وانت المهدي، قال كلنا نهدي الى الله عز وجل ... الهدايه الكبرى ج 1 ص219 . فهنا يتبين لنا ان لفظ القائم ينطبق على كل قائم بالامر منهم (ع) وليس لشخص محدد بعينه , فحينما يحدد الائمه (ع) ان للقائم كذا من السنين كفترة حكم , لا يشترط بها ان تكون للأمام المهدي(ع) , او للمهدي الاول (ع) . لكنها اشاره منهم لتعدد فترات الحكم فيما بينهم وتباينها , لتعدد الشخوص القائمين بهذا الامر , والسنه بمقدار عشر سنين اي من خلال الفضل والتقرب الى الله سبحانه , فهذا المعنى يمكن حمله عليه , اي انه وجه اعتباريا من قبلهم , وليس الامر انه يحكم سبعين سنه , لان الواحد هو واحد بطبيعة الحال , لكن ممكن ان يعادل الواحد في دولة العدل الالهي عشره في في زمن دولة الظالمين اعتباريا . وايضا ينقل الشيخ الطوسي في غيبته هذا الخبر المشابه تماما للخبر الاول وفيه تحديد فترة حكم قائم منهم (ع) وانها سبع سنين فقد روي عن الصادق (ع) انه قال حينما سئل بهذا الخصوص : كم يملك القائم؟ قال: سبع سنين؛ يكون سبعين سنةً من سنيّكم هذه. وهكذا اردنا من خلال هذا الباب المختصر , الاشاره الى مدى اهتمام اهل البيت (ع) , في بيان تعدد القوام (المهديين) , من خلال تعدد فترات السنين وتباينها في الحكم لكل واحد على حده . ومن اجل استفاضة الموضوع بالحجج والادله الوارده من الثقلين ولتعزيز المعنى الذي اشرنا اليه نـأخذ هذا الخبر الذي ورد عن سيد الخلق (ص) , عن ابو الحارث عن رسول الله (ص) قال : يكون المهدي وسبعه من بعده من ولده كلهم صالح لم ير مثلهم . شرح الاخبار – للقاضي النعماني ج3 ص 4 . وهذا الخبر لا يحتاج الى تعليق ابدا فهو واضح للاشاره الى معنى تعدد المهديين والقوام . وهذا الخبر يرويه بلال بن فروه يرفعه لرسول الله (ص) انه قال : لن تهلك هذه الامه حتى يليها اثنا عشر خليفه كلهم من اهل النبي , كلهم يعمل بالحق , ودين الهدى , منهم رجلان , يملك احدهما اربعين سنه , والاخر ثلاثين سنه . شرح الاخبار ج3 ص 400 . فبربكم هل ملك رجلان من ال محمد (ع) خلال فترة ولاية الائمه (ع) على الخلق ؟ فالذي يحمل هذا المعنى على الائمه (ع) , يكذبه الواقع بلا شك لان الائمه (ع) لم يملك منهم احد هذه الفتره ابدا , بل ولم يأت تتابع في الملك , فهنا يخبر رسول الله (ص) , انه احدهم يملك اربعين والاخر ثلاثين وهذا الامر لم يحصل اطلاقا مع الائمه (ع) , ولو اخذنا فترة حكم امير المؤمنين (ع) فهي لا تتجاوز الاربع سنين ونيف , فمن اين لنا بالاربعين والثلاثين , وتتابعها رجل من بعد رجل ؟ فلا يمكن حمل الخبر الا اخبارا منه (ص) , بفترة حكم معينه لاحد المهديين (ع) , واشار لها بأنها اربعين , واخرى لاخر منهم (ع) وهي ثلاثين , وفيها تتابع وتعاقب , والاثنا عشر الذين عناهم رسول الله (ص) , هم نفسهم المهديين الاثني عشر والمذكورين بوصيته (ص) ساعة وفاته , واي كلام غير هذا يكذبه الواقع , الا اذا اردنا ان نكلم اناسا لم يعيشوا الا في جزيره نائيه مقفلة من كل جانب يتناسلون ولا يعلمون بما حولهم من بشر واخبارهم واحوالهم .. اناسا خارج حدود هذا العالم . واما هذا الخبر الذي نقله القاضي النعماني فهو يقضي على اي احتمال قد أوله المنكرين بخصوص الخبر السابق وهو وارد ايضا عن رسول الله (ص) , ورد عن عبد الله عما سمعه من رسول الله (ص) يقول: عبد الله فيما كان للمهدي والمنصور و(من) كان بعدهما ويكون كذلك ائمه مهديون وينجز الله لهم ما وعدهم في كتابه , وعلى لسان رسوله بحوله وقوته . شرح الاخبار .. وهذا الخبر يصف المهديين (ع) ويحددهم بصفتهم , ويذكر المهدي والمنصور ومن كان بعدهما اي من يأتي للملك بعدهما وهو واضح . وقد ورد عن اهل البيت (ع) اخبار كثيره فوق ان تحصى تشير كلها الى هذا المعنى المحدد انه تحديد فترة حكم معينه لاحد المهديين (ع) والمستفاد منه تعددهم (ع) , وتعدد المهديين واختلاف فترة حكم كل واحد منهم يعطينا تصورا كاملا وفهما شاملا انها دوله عالميه يملكها الامام المهدي (ع) ومهديون بعده من ولده , فتابعوا هذا الخبر الوارد عن اهل بيت النبوه (ع) وهو ما اخرجه ابو الحسين بن المنادي في كتاب الملاحم عن سالم بن ابي الجعد عن ابي بكر الحضرمي عنهم (ع) : يكون ملك المهدي احدى وعشرين سنه , ثم يكون اخر من بعده وهو دونه وهو صالح , اربعة عشر سنه , ثم يكون اخر من بعده وهو دونه وهو صالح تسع سنين . وهكذا رجل من بعد رجل , صالح من بعد صالح , قائم من بعد قائم وكل واحدا منهم (ع) , فتره تختلف من حيث الكم من السنين عن اخر بزياده او نقصان , بدوله عمرها اكثر من ثلاثمئه سنة , هي الدوله التي تعتبر انتصار الخير على الشر والحق على الباطل , انتصار الانبياء والاوصياء على كل الطغاة والكفره والمارقين . فهنا كانت اشارات غير مباشره من قبل رسول الله (ص) والائمه (ع) , تفيد للقطع بان هذه الدوله يملكها اكثر من قائم نظرا لتباين فترة الحكم التي يعطونها لكل واحد منهم . وقد جاء عن طريق العامه ايضا بما يعزز المعنى والمضمون المشار اليه وقد تواتر في اخبارهم اي اختلاف الفتره الزمنيه لحكم المهدي (ع) من خبر الى اخر .
واما الطريقه المباشره التي اشار اليها اهل البيت (ع) , في اخبارهم وفي كثير من الادعيه المأثوره التي وردت عنهم (ع) للمهديين الاثنا عشر , وانهم من ذرية الامام المهدي (صلوات ربي عليه وعليهم) , بشكل لايمكن ان ينكره الا كافرا بهم , ولو ان ذكرهم بالوصيه المقدسه للرسول الاعظم(ص) , هو كاف للدلاله عليهم , الا اننا ايضا من اجل ترسيخ هذا المفهوم اكثر وبيانا ان محمد وال محمد (ع) , لم يتركوا الامر دون بيان اضافي وتنبيه وتوضيح ليعتبر اصحاب العبر ويتعض من يطلب الموعظه , كي لا يخسر الدنيا والاخره بانكاره حجج الله على الخلق . وهنا لابد ان نشير ان الحجج المذكورين هم من ذرية الامام المهدي (ع) خاصه , وجائت اخبار مستفيضه تخبر بوجود ذريه للامام المهدي(ع) في زمن الغيبه , وانكار تلك الذريه بزعم عدم وضوح نسبهم واتصاله بالامام المهدي(ع) , كونه في غيبه هو كمن ينكر شئ بحجة عدم رؤياه , وهذا يشبه انكار الملحدين (اعاذنا الله واياكم) . فالامام (ع) في غيبه , واقتضاء الضروره بعدم بيان نسبه للمحافظه على غيبته (ع) من ان تهتك او تعرف , لان معرفة النسب والذريه ينقض الغيبه , وللدلاله على وجود الذريه للإمام (ع) نشير الى طائفه من الاخبار التي تذكر ان له (ع) ذريه بزمان غيبته وليس عند ظهوره او بعده , والقول بأن حمل وجود المهديين (ع) , والاعتقاد بهم يكون عند ظهور وخروج الامام المهدي (ع) , وليس عند غيبته , هو قول مبني على انكار ذرية الامام (ع) , وتنقضه الاخبار المتواتره عنهم (ع) .. هذا الخبر الوارد عن الباقر(ع) والذي يبين فيه حال الامام المهدي(ع) , قبل خروجه وهو يستنصر الناس .. جابر بن يزيد الجعفي (في خبر اقتطعنا منه موضع الحاجه) قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع) .... و القائم يومئذ بمكة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به فينادي يا أيها الناس إنا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم محمد ..... فإن لي عليكم حق القربى من رسول الله إلا أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا و بغي علينا و دفعنا عن حقنا ... غيبة النعماني 279 . والملاحظه لان الامام المهدي (ع) يستنصر الناس على الظالمين , يشير الى ذرية له موجوده بزمان الظالمين ونشدد على هذا المعنى بزمان الظالمين , اي بزمان الغيبه الكبرى له وهذه الذريه موجوده وقد تحملت المشاق والعناء والظلم والطرد والنفي والاقصاء , فقوله (ع) إلا أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا . اي ان ذريته موجوده وهذا واضح . اما ان تكون كل ذرية الامام المهدي (ع) , هي المشار اليها , فهذا فهم يعارض الحكمه لان الذريه لا يحصيها الا هو (ع) , ولا يمكن ان يعرفها الناس الا ان يعرف بها هو نفسه (ع) , فهي ليست مشتركه بهذا المعنى اي ان المقصود ذريه خاصه للامام (ع) , تتحمل اعباء النهوض بالدعوه الشريفه للامام المهدي (ع) , لان معرفتها تتطلب الاعلان عنها وهو المهدي الاول واهله (ع) . وهذا ما سيتبين لنا من الخبر الذي نقله الشيخ النعماني في كتاب الغيبه , والشيخ الطوسي في كتاب الغيبه , بسندين معتبرين عن المفضل بن عمر قال : سمعت ابا عبد الله(ع) انه يقول : ان لصاحب هذا الامر غيبتين احداهما تطول حتى يقول بعضهم مات ويقول بعضهم قتل , ويقول بعضهم ذهب , حتى لا يبقى على امره من اصحابه الا نفر يسير لا يطلع على موضعه احدا من ولده ولا غيره , الا المولى الذي يلي امره . كتاب الغيبه للشيخ الطوسي, كتاب الغيبه للشيخ النعماني,وكتاب النجم الثاقب للميرزا النوري ج2 ص69 . فهنا يشير الصادق (ع) الى ذرية الامام المهدي(ع) في زمن الغيبه , فيقول لا يطلع على موضعه احدا من ولده ولا غيره , الا المولى الذي يلي امره والذي يلي امر الامام المهدي (ع) هو وصيه (أحمد وعبد الله والمهدي) الوارد ذكره بالوصيه المقدسه , وهو اليماني (ع) الذي يدعو لصاحب الامر كما تبين مما سبق , ودعوته تقتضي منه ان يصرح بانتسابه للامام المهدي (ع) بشكل علني , فهو ابنه كما بينت الوصيه المقدسه لرسول الله محمد (ص) ساعة وفاته , اذن هو المقصود بالذريه او الابناء الذين يذكرهم الامام (ع) مستنصرا الناس بأبي هو وامي ... إلا أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا ... وكما ورد بالحديث السابق , اضافه للمفهوم الذي يشير اليه الخبر الوارد عن الصادق (ع) , الى وجود ذريه للامام المهدي (ع) , بزمن الغيبه , بأنهم لا يطلعون على مكانه , فلو كانوا بزمن دولة العدل الالهي لاصبح متاحا لكل انسان ان يطلع على موضعه ومسكنه الشريف (ع) . فذرية الامام المهدي (ع) منهم اثنا عشر حجه الهيه على الخلق , عينهم الله سبحانه وتعالى ليكونوا قواما بالقسط هادين اليه , ملوكا يعملون بأمره , وليس هذا معناه ان كل ذرية الامام المهدي (ع) هم ائمه مهديون , بل مخصوص منهم اثنا عشر بولاية العهد كما حال الائمه (ع) , من ذرية الرسول (ص) , فليس كل الذريه هم ائمه والامر واضح . وقد اشار اهل البيت (ع) بصوره مباشره كما قلنا الى المهديين الاثنا عشر (ع) , حجج الله على خلقه بعد الائمه الاثنا عشر (ع) , عن طريق اخبار وادعيه مأثوره بشكل لا يقبل الغموض او الاشكال , فمن تعصف به رياح الشك بعد بيانهم (ع) , يكون كمن يحاول حجب ضياء الشمس بيديه . واليكم طائفه من تلك الاخبار .. عن الصادق (ع) إنه قال : إن منّا بعد القائم (ع) إثنا عشر مهدياً من ولد الحسين (ع) . مختصر بصائر الدرجات ص49 . وهذا الخبر واضح لا يحتاج الا ان يفتح الانسان قلبه لدعوة الحق .. فالاثنا عشر مهديا قد اشار اليهم الصادق (ع) , بصوره واضحه ومباشره لا تحتمل اي تاويل او تفسير جانبي . وايضا ما ورد عن الامام علي بن الحسين السجاد (ع) قال: يقوم القائم منا ثم يكون بعده اثنا عشر مهدياً . شرح الأخبار 3 /400. بيان واضح لا يحتمل اي شك . وهذا الخبر الوارد عن امير المؤمنين (ع) , الذي يصف فيه المهدي الاول (ع) والمهديين من ولده (ع) بوصف دقيق .. عن حبة العرني قال : خرج أمير المؤمنين (ع) إلى الحيرة فقال : لتصلن هذه بهذه وأومى بيده إلى الكوفة والحيرة حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير وليبنين بالحيرة مسجداً له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عجل الله فرجه لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم وليصلين فيه اثنا عشر إماماً عدلاً... التهذيب 3/253، معجم أحاديث الإمام المهدي 3 /112. فقول امير المؤمنين (ع) يصلي فيه خليفة القائم عجل الله فرجه لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم وليصلين فيه اثنا عشر إماماً عدلاً اي المهدي الاول (ع) ثم قال بأسلوب التأكيد على المعنى ليصلين فيه اثنا عشر يعني خليفة القائم (ع) فالمهدي الاول احمد الحسن (ع) من ظمنهم , فهم اثنا عشر خليفه (ع) اي الاشاره للمهديين (ع) بصوره مباشره لا تحتمل اي معنى مغاير لما ورد . واليكم هذا الخبر ليكون تعزيزا لما سبق ايضا .. عن ابي حمزه عن ابي عبد الله(ع) في خبر طويل أنه قال : ان منا بعد القائم احد عشر مهديا من ولد الحسين (ع) . بحار الانوار ج53 ص 145 , مختصر بصائر الدرجات ص49 . والتفت ان الصادق (ع) , في هذا الخبر عنى القائم المخفي الاسم والشخصيه قبل ظهوره (ع) , اي المهدي الاول احمد الحسن (ع) , فيكون بعده احد عشر مهديا من ولده (ع) , ومن كان يظن في تعارض الخبرين الواردين عن الصادق (ع) بالاثني عشر مهديا في الاول والاحد عشر مهديا في الثاني , واهم , لان دلالة الخبر في نفس السياق الذي ورد , ففي الاول اراد به الامام المهدي (ع) وفي الخبر الثاني , يماني ال محمد المهدي الاول احمد الحسن (ع) فيكون بعد الامام المهدي (ع) اثنا عشر مهديا , وبعد المهدي الاول (ع) احد عشر مهديا ونحمد الله على منه وكرمه . وايضا هذا الخبر الذي يذكرهم بانهم قوام (ع) من بعد القائم (ع) , فعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في ذكر الكوفة قال: ... فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وصلى فيه ومنها يظهر عدل الله , وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين . وسائل الشيعة ج3 / ص524. والخبر اوضح من الشمس في رابعة النهار , يؤكد على وجود قوام بعد القائم (صلوات الله عليهم) وهم المهديين من خلال الجمع بين الروايات . وايضا نورد ادله اضافيه على المهديين (ع) , وانهم جاؤا بأخبار المعصومين (ع) , فهذا ابو بصير قد سمع من الباقر (ع) انه يذكر المهديين الاثنا عشر (ع) , فيسأل الصادق (ع) ولنتابع ... عن أبي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (ع): يا ابن رسول إني سمعت من أبيك (ع) انه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر إماماً. فقال إنما قال: اثنا عشر مهديا ًولم يقل اثنا عشر إماما ً ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا . كمال الدين 2/358. فهنا الامامين الصادقين (ع) , قد اوردا ذكر المهديين (ع) , فابي بصير يسأل مولانا الصادق (ع) عنهم فيجيبه ولا ينكر عليه شئ , الا ان البعض قد اشكل متوهما في هذا الخبر في ان الصادق (ع) قد انكر امامتهم !! وجوابنا عليه بأنه واهم , واشكاله مردود عليه ضمن سياق الخبر , لان الامام الصادق (ع) , قد صحح لابي بصير ما سمعه من الباقر (ع) , في انه لم يقل اثنا عشر اماما بل قال اثنا عشر مهديا , اي يصحح له ما سمعه من الباقر (ع) ولم ينكر عليه ما سمعه , اما امامتهم فهي ثابته كونهم حجج لله على خلقه وواجبي الطاعه وهذا ما يؤكده الوارد عن الصادق (ع) من دعاء مأثور يذكر المهديين (ع) فيه ويصفهم ائمه وسيأتي ذكره في قادم الكلام فتابع , وقوله لكنهم قوم من شيعتنا .. فهو اراد ان يبين للسائل ان فضل المهديين (ع) ليس كفضل الائمه (ع) , فليس كالائمه الاثنا عشر (ع) احد في الفضل يساويهم او يتقدم عليهم غير رسول الله محمد (ص) في العالمين من الاولين والاخرين , فالمعنى الذي اراد بيانه في قوله قوم من شيعتنا اي بيان فضل الائمه (ع) عليهم وفوقهم وحتى لا يختلط الامر على السائل بأن الائمه الاثنا عشر (ع) كالمهديين الاثني عشر (ع) من ناحية الفضل والمقام والمنزله . ولا يفوتنا ان نذكر القارئ العزيز بأن ابراهيم (ع) وهو نبي من اولي العزم وهو من شيعتهم (ع) وذلك قوله تعالى (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ) , فليس غريبا ان يكون المهديين الاثنا عشر (ع) من شيعتهم ضمن هذا المعنى , وهنا يتوضح المعنى , ويكون الاشكال منقوض لما تقدم والحمد لله رب العالمين . واما الادعيه المأثوره عن اهل البيت (ع) والتي تذكر المهديين (ع) , وتذكر امامتهم وخلافتهم بعد الامام المهدي (ع) , فهي كثيره جدا ولا يمكن حصرها بموضوع قصير مقتضب كهذه السطور , الا اننا نشير اليها تعزيزا لما سبق واليكم مجموعه من هذه الدلائل التي اوردوها (ع) , في الادعيه المأثوره عنهم ... ما جاء في الدعاء المشهور المعتبر عن الإمام المهدي في كيفية الصلاة على محمد وآل محمد إلى أن يصل إلى نفسه فيقول (ع) : ... اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه وتسر به نفسه ... إلى قوله (ع): وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده ومدّ في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم دنيا وآخرة ... . غيبة الطوسي ص186 , جمال الأسبوع ص 301 . فقوله وصل على وليك (اي الامام المهدي) وولاة عهده , والائمه من ولده (المهديين) ومد في اعمارهم وزد في اجالهم ... وهذا دعاء مأثور واضح الدلاله ولا لبس فيه ولا يحتاج الى فهمه اي عناء . وعن الامام الصادق (ع) قال في أحد الأدعية المشهورة : اللهم كن لوليك القائم بأمرك محمد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ومؤيداً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طولاً وعرضاً وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين . بحار الأنوار ج49 ص349 وانتبه لقوله (ع) وتجعله (اي الامام المهدي) وذريته (المهديين) من الائمه الوارثين .. فهنا نقول ان المهديين هم ائمه (صلوات الله عليهم) , والخبر المتقدم عن الصادق (ع) في جوابه لابي بصير , ليس بمحل انكار امامتهم انما في بيان فضل ومقام الائمه (ع) , اشرف من المهديين (ع) وهذا الدعاء الوارد عنه (ع) يعزز لدينا هذا المعنى ويؤكد ما سيق من بيان بهذا الخصوص .. وما جاء في دعاء الإمام الرضا (ع) , للإمام المهدي في عصر الغيبة ... اللهم أعطه في نفسه وأهله وَوَلـَدِه وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه وتجمع له ملك المملكات كلها... إلى ان يقول : اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم وأعز نصرهم ... مفاتيح الجنان ص618 جمال الأسبوع لأبن طاووس ص 309 ، مصباح المتهجد للطوسي ص409 . فهنا يذكر الامام الرضا (ع) , في دعائه المهدي الاول احمد الحسن (ع) , ويدعو له (ع) . وفي الدعاء الوارد عن الحسن العسكري (ع) , بمناسبة ولادة الإمام الحسين (ع) , قال فيه : ... وسيد الأسرة ( الحسين ) الممدود بالنصرة يوم الكرة المعوض من قتله ان الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويكونوا خير أنصار المصباح للكفعمي ص543 / مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ص826 . وانتبه لقوله (ع) والاوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته اي الامر متعلق بالامام المهدي (ع) , وانهم اوصياء وحجج على الخلق بعد الامام المهدي (ع) , والدلاله الثانيه انهم يدركوا الاوتار ويثأروا الثار. وايضا لنأخذ هذا الدعاء الذي رواه علي بن بابويه عن الإمام الرضا (ع) وفيه ذكر المهديين (ع) قال : هذا ما نداوم به معاشر أهل البيت : ... إلى ان قال : اللهم صل عليه وعلى آله من آل طه ويس واخصص وليك ووصي نبيك وأخا رسولك ووزيره وولي عهده إمام المتقين وخاتم الوصيين لخاتم النبيين محمد (ع) وابنته البتول وعلى سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وعلى الأئمة الراشدين المهديين السالفين الماضيين وعلى النقباء الأتقياء البررة الأئمة الفاضلين الباقين وعلى بقيتك في أرضك القائم بالحق في اليوم الموعود وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة .... فقه الرضا ص403 . ولاحظ قوله (ع) , وعلى بقيتك في أرضك القائم بالحق في اليوم الموعود وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة .. ويسميهم الفاضلين المهديين الامناء الخزنه . الى هذا القدر نكتفي بالادله التي تواترت عنهم (ع) , وهو قدر كاف جدا لكل من طلب الحق . ونرى من باب الالجام وليس من الحاجه , ان نذكر ورود معنى المهديين , في اخبار العامه , فقد ورد هذا المعنى بجمله من الاخبار التي ينقلها العامه في كتبهم وسنقتصر على خبر واحد لان ما تقدم عن سادة الخلق (ع) هو الحجه على الناس بباب ذكر المهديين (ع) . فهذا صاحب الاربعون حديثا في المهدي (ع) الحافظ ابو نعيم الاصفهاني اورد هذا الخبر قال أبو نعيم: أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن احمد بن أيوب الطبراني, ثنا عبد الرحمن بن حاتم ثنا نعيم بن حماد, ثنا الوليد, عن علي بن حوشب, سمع مكحولا يحدث عن علي بن أبي طالب قال: قلت: يا رسول الله المهدي أمنا آل محمد المهدي , أم من غيرنا ؟ فقال رسول الله: لا , بل منا , بنا يختم الله به الدين , كما فتح بنا , وبنا ينقدون من الفتن كما انقدوا من الشرك , و بنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة أخوانا , كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك , وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا , كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم . الاربعون حديثا ... ولاحظ ان كل الخبر هو عباره عن سؤال عن المهديين (ع) , ففي الخبر المتقدم يسأل امير المؤمنين (ع) , رسول الله (ص) عن ال محمد المهدي (ع) ومحل سؤال امير المؤمنين (ع) في الخبر ليس اعتباطا انما يسأل عن امر مهم يسأل عن حجج الهيه على الخلق , بدلالة جواب رسول الله (ص) , بانهم من ال محمد (ع) , وقوله بنا يختم الدين اي هؤلاء هم قوام على الدين وقائمين به , وائمه على الناس فقد اورد رسول الله (ص) , في الخبر الوارد بأنهم من يجمع الناس ويوحد كلمتهم على امر واحد بطاعتهم (ع) , والحمد لله رب العالمين . ونشير الى اشكال قد اورده البعض بسبب الفهم الخاطئ للروايات , لنفس العله , عدم الاحاطه المسبقه بقضية المهديين الاثني عشر (ع) ,ففي الخبر المروي عن الامام الرضا (ع) حول اخر المهديين (ع) المهدي الثاني عشر والذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) في الرجعه , وهذا الخبر رواه الشيخ الثقه الجليل الفضل بن شعبان النيسابوري في غيبته بسند صحيح عن الحسن بن علي الخزاز قال : دخل علي بن ابي حمزه البطائني على ابي الحسن الرضا (ع) فقال له : انت امام ؟ قال: نعم , فقال له : اني سمعت جدك جعفر بن محمد (ع) يقول لايكون الامام الا وله عقب , فقال : أ نسيت يا شيخ او تناسيت ؟! ليس هكذا قال جعفر (ع) : لا يكون الامام الا وله عقب الا الامام الذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) فانه لا عقب له , فقال له : صدقت جعلت فداك , هكذا سمعت جدك يقول. واشارة الامام الرضا (ع) في هذا الخبر واضحة المعالم حول انقطاع الاستخلاف والخلافه الالهيه اي بانقطاع ذرية الامام (ع) , وهذا لا يكون الا بانقضاء دولة العدل الالهي التي يحكمها اثنا عشر مهديا بعد الامام المهدي (صلوات الله عليهم اجمعين) , فالمعني بهذا الخبر هو المهدي الثاني عشر (ع) والذي يخرج عليه الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) , وعندها يبدأ عالم الرجعه , وقبلها يبقى العالم اربعين يوما بلا امام . وهذا الخبر الذي اورده سليم بن قيس يعزز هذا المفهوم وهو وارد عن الرسول الاعظم محمد (ص) , عن أبان بن تغلب، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا اُبَشِّركم أيُّها الناس بالمهدي؟ قالوا: بلى. قال: فاعلموا أن الله تعالى يبعث في أمَّتي سلطاناً عادلاً، وإماماً قاسطاً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وهو التاسع من وُلْدِ وَلَدِي الحسين، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي؛ ألا ولا خير في الحياة بعده، ولا يكون انتهاء دولته إلا قبل القيامة بأربعين يوماً. واما انه ينسب دولة العدل الالهي للامام المهدي (ع) , فكما اسلفنا بأن هذا الاسلوب دارجا عندهم انهم (اعتباريا) ينسبون فعل الابناء للاباء وكما اشرنا بالخبر الوارد عن امير المؤمنين (ع) , انه ينسب افعال الابناء من ولده (المهدي الاول) الى نفسه وكأنه هو من قام به , وعندما سأله عبايه اجابه هيهات ذهبت غير مذهب يفعله رجل من صلبي .
اذن , الاخبار المتواتره عنهم (ع) تشير الى دوله طويله نسبيا اكثر من ثلاثمائه سنه , يحكم كل رجل فتره معينه ومحدده كسبع سنين او تسع او تسعة عشر سنه او ثلاثين او اربعين سنه وهكذا رجل من بعد رجل , مهدي من بعد مهدي , صالح من بعد صالح , قائم من بعد قائم (صلوات الله عليهم) , الى ان تصل الخلافه الالهيه للمهدي الثاني عشر (ع) والذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) , ويكون لا عقب له , وبذلك تنتهي دولة العدل الالهي على الارض وتبق البشريه دون خليفه او حجه لله على الارض اربعون يوما بعدها يبدأ عالم الرجعه وتنقضي الدنيا.
بهذا القدر وصلنا لختام كلامنا حول المهديين (ع) , في حلقتنا الثالثه هذه , نرجو من الله العلي القدير ان يجعلها بابا لمعرفة الحق , لمن يقرأ ولم يكن قد سمع بالامر , وهنا قد وصلنا لاكمال نصف البحث او شبه النصف بمن الله وتوفيقه وكرمه , وسنباشر بالرابعه بعد فتره وجيزه لان ما تقدم هو كاف لمن طلب الحق ان شاء الله تعالى , والحلقه الرابعه سنؤخرها بعض الشئ اذا اراد الله لنا ذلك , وستكون في باب المهدي الاول هو الاختبار وكيف وصفه ابائه الائمه (ع) , في الاشاره والتنويه اليه (صلوات ربي عليه) , ومنه سبحانه نستمد القوة والعون .
والحمد لله وحده وحده وحده .
Comment