المنقذ العالمي كلمة سواء
تمثل عقيدة المهدي أو المنقذ أو المعزي عقيدة جوهرية بالنسبة لجميع الديانات السماوية ، بل إن المسألة تتعدى الديانات السماوية الى العقائد البشرية الوضعية ، الأمر الذي يشير الى فطرية هذه العقيدة ، ويشير كذلك الى أن الجهود التي بذلها آلاف الأنبياء قد أثمرت هذه العقيدة الراسخة في النفوس ، فما من قرية إلا خلا فيها نذير ، وما من نبي إلا بشر قومه وأنذرهم بيوم قيامة القائم الذي يطهر الأرض من رجس الطواغيت ويملؤها عدلاً وقسطاً .
إن فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان ، ويقضي على الظلم والاضطهاد في أرجاء العالم ، ويحقق العدل والمساواة في دولته الكريمة ، فكرة آمن بها أهل الأديان الثلاثة ، واعتنقتها معظم الشعوب . فقد آمن اليهود بها ، كما آمن النصارى بعودة عيسى عليه السلام ، وصدق بها الزرادشتيون بانتظارهم عودة بهرام شاه ، واعتنقها مسيحيو الأحباش بترقبهم عودة ملكهم تيودور كمهدي في آخر الزمان ، وكذلك الهنود الذين اعتقدوا بعودة فيشنو ، ومثلهم المجوس إزاء ما يعتقدونه من حياة أوشيدر . وهكذا نجد البوذيين ينتظرون ظهور بوذا ، كما ينتظر الأسبان ملكهم روذريق ، والمغول قائدهم جنگيز خان . وقد وُجد هذا المعتقد عند قدامى المصريين ، كما وُجد في القديم من كتب الصينيين .
وإلى جانب هذا نجد التصريح من عباقرة الغرب وفلاسفته بأن العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الأمور ويوحد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد ؛ ومنهم : الفيلسوف الانجليزي الشهير برتراند راسل ، الذي قال : ( إن العالم في انتظار مصلح يوحد العالم تحت عَلَم واحد وشعار واحد ) . ومنهم العلامة آينشتاين صاحب ( النظرية النسبية ) ، القائل : ( إن اليوم الذي يسود العالم كله الصلح والصفاء ، ويكون الناس فيه متحابين متآخين ، ليس ببعيد ) . والأكثر من هذا كله هو ما جاء به الفيلسوف الانكليزي الشهير برناردشو حيث بشر بمجئ المصلح في كتابه ( الإنسان والسوبرمان ) . وفي ذلك يقول الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد في كتابه ( برناردشو ) معلقا : يُلوّح لنا أن سوبرمان شو ليس بالمستحيل ، وأن دعوته إليه لا تخلو من حقيقة ثابتة )) [ المهدية في الإسلام / سعد محمد حسن : 43 - 44 ، والإمامة وقائم القيامة الدكتور مصطفى غالب : 270 . المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه السيد عبد الرضا الشهرستاني : 6 و 7 . برناردشو عباس محمود العقاد : 124 – 125 ] .
وقد وردت في كتب الديانات نصوص كثيرة في هذا الصدد ، منها ما جاء في (سفر أشعيا) : (( ستخرج من القدس بقية من " جبل صهيون " . غيرة رب الجنود ستصنع هذا )) .
وورد التأكيد على هذا المعنى في (سفر زكريا) : (( ابتهجي كثيرا يا بنت صهيون . هو ذا ملكك سيأتي إليك )) . وفي السفر نفسه وغيره نجد إشارات صريحة بظهور المنقذ وكيفية حكمه وارتباطه بالله تعالى ،
وفيما يلي نموذج لهذه الإشارات من ( سفر أشعيا ) : (( ويحل عليه روح الرب وروح الحكمة والفهم ، وروح المشورة والقوة ، وروح المعرفة ومخافة الرب . - ولذته في مخافة الرب ، ولا يقضي بحسب مرأى عينيه ، ولا بحسب مسمع أذنيه . - ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ، ويميت المنافق بنفخة شفتيه . - ويسكن الذئب والخروف ، ويربض النمر مع الجدي ، والعجل والشبل معا ، وصبي صغير يسوقها . - ويلعب الرضيع على سرب الصل ، ويمد الفطيم يده على جحر الأفعوان . - لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي . لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر ))
وأما في الفقرة ( 10 ) فقد جاءت الإشارة إلى الإمام ( عليه السلام ) بأحد ألقابه وهو " القائم " ، (( وفي ذلك اليوم سيرفع " القائم " راية للشعوب والأمم التي تطلبه وتنتظره ويكون محله مجدا ))
و جاء في ( سفر أرميا) ) اصعدي أيتها الخيل وهيجي المركبات ، ولتخرج الأبطال : كوش وقوط القابضان المجن ، واللوديون القابضون القوس ، فهذا اليوم للسيد رب الجنود ، يوم نقمة للانتقام من مبغضيه ، فيأكل السيف ويشبع . . . لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عندنهر الفرات(
Comment