بسم الله الرحمن الرحيم
دعاء العاجز ( خاطرة في قصة قصيرة )
قضى قسط من مرحلته الشبابية وهو بعيد عن ربه الى ان انتبه لحاله بعد ان تجاوز الثلاثين.
بدأ يتدرّج في سلّم العبادة ولم يعن ذلك انه لم يذنب ولكن شتان بين ذنوبه فيما اقترفها قبل الثلاثين من عمره وبعد الثلاثين.
ولكنه كان ملتزما بصلاته وكان يؤدي بقية الفرائض كما ينبغي والظاهر عليه انه حسن سريرته. اما ما في باطنه فالله تعالى اعلم بحاله. ولكن رغم كل ذلك فكان يعتبر نفسه مسلما تائبا راجعا الى ربّه.
رغم بعض التراجعات بين فينة وأخرى الاّ انه كان يظن انه في ظلّ رحمة ربّه.
كان يدعو بحرقة ويطلب العفو مما بدر منه في الأيام السالفة وكان اقرب ما يكون الى ربّه بعد قضاء صلوات الفرائض وهو ما زال جالسا على سجادة الصلاة متذللا راجيا رحمة ربه.
عندما كان يفرغ من صلاته ويرفع السجادة ويضعها جانبا كان يقوم مسرورا مطمئنا من رحمة ربّه.
ثم ينشغل مع عياله وزوجته ويقضي ساعاته بالحديث تارة والمرح مع الصغار تارة اخرى. يخرج لعمله كالعادة ثم يقضي حاجات المنزل من شراء وغيره.
قضى سنين من عمره على هذا المنوال وتجاوز الأربعين ورغم بعض المنعطفات الذي كان يتراجع فيه عن دينه ويغلب نفسه فيه وينتصر لها الاّ انه كان مازال مواظبا على اعماله و ويؤدي ما عليه من الفرائض والحقوق.
وكعادته كان يدعو بعد الصلاة. وكان يفكر في ذنوبه وما عمله من منكرات في سالف عمره وهو نادم عليها.
في احد الأيام و بعد ان ادّى فريضة الصلاة وهو جالس بين يدي ربّه وكاد ان يدخل في معقبّات الصلاة كعادته فهو كان يدعو عقب كل صلاة ، ولكنه وقف صامتا جامدا هذه المرّة لا ينطق بحرف.
كان يفكر بما اقترفه فيما مضى من عمره وهو خجل جامد متسمّر في مكانه ، وهو يقول في نفسه بصمت:
ما ارتكبته من ظلم سيبقى. فكيف يا الهي استطيع بمجرد كلمات ان امسح تلك الفعال المشينة من صفحة وجودي ولوّثت بها ملكك يا الهي ...؟
قضيت عمرا وانا اصلّي وادعو وكنت اقوم من السجادة فرحا مطمئنا. وأظن اني كنت بنفسي اعفو عن نفسي وأنا لا اعلم ما هو حكم ربّي فيّ؟ أ عفى عنّي أم لم يعفو ؟!
لا لن أقوم من سجادتي بعد اليوم مطمئنا فرحا بعد دعائي.
فجرمي كبير وآثام نفسي لوّثتني وأسودّ وجهي بها .
يا الهي كم كنت غافلا وانا اعفو عن نفسي نيابة عنك.
كم اشعر بالخجل ومثلي يمشي عل ملكك ويأكل من طعامك ويتنعّم بنعمائك !.
عاش الرجل مع الندم طول حياته وكان يحقّر نفسه امام ربه وهو متذلّل منكسر ذليل.
ولكنه لم ييأس من رحمة ربّه وكان يدعو في اواخر عمره وهو يقول:
الهي لا قدرة لي ان اغيّر ما ارتكبت.
ولا قدرة لي ان امحو تبعات ما بدرت منّي من سوء فعلي.
وهب لي انك عفوت عني ولكن كيف امحو تلك التي انت عرفتها عني في سابق علمك؟ فأني اخجل مما بدر مني حتى لو ازاحها عني عفوك..
وهب لي انك عفوت عني ، ولكن سأبقى طول حياتي خجلا ومستحيا مما عرفته عني وتعلّق في علمك المسبق عني ، الا اذا بمنّك رحمتني وانسيتني تلك التي تعلقت بنفسي وبقيت عندك معروفة. هذا ان كنت لعفوك ومغفرتك متعرضا.
فكيف بحالي مما لم تمسحها من صفحة وجودي من آثام وأنا استحق بها توبيخك ونقمتك.
الهي .. الهي فأنا ضعيف هارب منك اليك ولا مجير لي غيرك.
فكيف مثلي يقف بين يدي عظيم مثلك. فكلما ارى جمالك ارى قبحي وكلما انظر لسلطانك ارى عجزي.
الهي اني ظلمت نفسي وما زلت ظالمها ... ولا اجد لنفسي انها تستحق عفوك ، ولكن لا حيلة لي فعفوك ورحمتك اكبر من عبد مثلي.
وكان هذا هو حاله ذليلا باكيا الى ان جاء أجله وذهب الى جوار ربه
"""""""""""""""
( انتهى )
17 شهر محرم الحرام 1435
21/11/2013
دعاء العاجز ( خاطرة في قصة قصيرة )
قضى قسط من مرحلته الشبابية وهو بعيد عن ربه الى ان انتبه لحاله بعد ان تجاوز الثلاثين.
بدأ يتدرّج في سلّم العبادة ولم يعن ذلك انه لم يذنب ولكن شتان بين ذنوبه فيما اقترفها قبل الثلاثين من عمره وبعد الثلاثين.
ولكنه كان ملتزما بصلاته وكان يؤدي بقية الفرائض كما ينبغي والظاهر عليه انه حسن سريرته. اما ما في باطنه فالله تعالى اعلم بحاله. ولكن رغم كل ذلك فكان يعتبر نفسه مسلما تائبا راجعا الى ربّه.
رغم بعض التراجعات بين فينة وأخرى الاّ انه كان يظن انه في ظلّ رحمة ربّه.
كان يدعو بحرقة ويطلب العفو مما بدر منه في الأيام السالفة وكان اقرب ما يكون الى ربّه بعد قضاء صلوات الفرائض وهو ما زال جالسا على سجادة الصلاة متذللا راجيا رحمة ربه.
عندما كان يفرغ من صلاته ويرفع السجادة ويضعها جانبا كان يقوم مسرورا مطمئنا من رحمة ربّه.
ثم ينشغل مع عياله وزوجته ويقضي ساعاته بالحديث تارة والمرح مع الصغار تارة اخرى. يخرج لعمله كالعادة ثم يقضي حاجات المنزل من شراء وغيره.
قضى سنين من عمره على هذا المنوال وتجاوز الأربعين ورغم بعض المنعطفات الذي كان يتراجع فيه عن دينه ويغلب نفسه فيه وينتصر لها الاّ انه كان مازال مواظبا على اعماله و ويؤدي ما عليه من الفرائض والحقوق.
وكعادته كان يدعو بعد الصلاة. وكان يفكر في ذنوبه وما عمله من منكرات في سالف عمره وهو نادم عليها.
في احد الأيام و بعد ان ادّى فريضة الصلاة وهو جالس بين يدي ربّه وكاد ان يدخل في معقبّات الصلاة كعادته فهو كان يدعو عقب كل صلاة ، ولكنه وقف صامتا جامدا هذه المرّة لا ينطق بحرف.
كان يفكر بما اقترفه فيما مضى من عمره وهو خجل جامد متسمّر في مكانه ، وهو يقول في نفسه بصمت:
ما ارتكبته من ظلم سيبقى. فكيف يا الهي استطيع بمجرد كلمات ان امسح تلك الفعال المشينة من صفحة وجودي ولوّثت بها ملكك يا الهي ...؟
قضيت عمرا وانا اصلّي وادعو وكنت اقوم من السجادة فرحا مطمئنا. وأظن اني كنت بنفسي اعفو عن نفسي وأنا لا اعلم ما هو حكم ربّي فيّ؟ أ عفى عنّي أم لم يعفو ؟!
لا لن أقوم من سجادتي بعد اليوم مطمئنا فرحا بعد دعائي.
فجرمي كبير وآثام نفسي لوّثتني وأسودّ وجهي بها .
يا الهي كم كنت غافلا وانا اعفو عن نفسي نيابة عنك.
كم اشعر بالخجل ومثلي يمشي عل ملكك ويأكل من طعامك ويتنعّم بنعمائك !.
عاش الرجل مع الندم طول حياته وكان يحقّر نفسه امام ربه وهو متذلّل منكسر ذليل.
ولكنه لم ييأس من رحمة ربّه وكان يدعو في اواخر عمره وهو يقول:
الهي لا قدرة لي ان اغيّر ما ارتكبت.
ولا قدرة لي ان امحو تبعات ما بدرت منّي من سوء فعلي.
وهب لي انك عفوت عني ولكن كيف امحو تلك التي انت عرفتها عني في سابق علمك؟ فأني اخجل مما بدر مني حتى لو ازاحها عني عفوك..
وهب لي انك عفوت عني ، ولكن سأبقى طول حياتي خجلا ومستحيا مما عرفته عني وتعلّق في علمك المسبق عني ، الا اذا بمنّك رحمتني وانسيتني تلك التي تعلقت بنفسي وبقيت عندك معروفة. هذا ان كنت لعفوك ومغفرتك متعرضا.
فكيف بحالي مما لم تمسحها من صفحة وجودي من آثام وأنا استحق بها توبيخك ونقمتك.
الهي .. الهي فأنا ضعيف هارب منك اليك ولا مجير لي غيرك.
فكيف مثلي يقف بين يدي عظيم مثلك. فكلما ارى جمالك ارى قبحي وكلما انظر لسلطانك ارى عجزي.
الهي اني ظلمت نفسي وما زلت ظالمها ... ولا اجد لنفسي انها تستحق عفوك ، ولكن لا حيلة لي فعفوك ورحمتك اكبر من عبد مثلي.
وكان هذا هو حاله ذليلا باكيا الى ان جاء أجله وذهب الى جوار ربه
"""""""""""""""
( انتهى )
17 شهر محرم الحرام 1435
21/11/2013
Comment