بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
اللهم صلّ على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلّم تسليما
حزن في عالم وفرح في عالم آخر
الأخ الأكبر :
تفضل يا خالي العزيز اهلا بك وأشتقنا اليك وانت تعلم يا خالي كم انت عزيز عليّ وعلى اخوتي. فبعد رحيل والدتي قبل خمسة اشهر لم يبق لنا من ريحها غيرك فكما يقول المثل الخال هو الوالد
الخال :
اعتذر منكم يا بنيّ والله يشهد كم انتم اعزّة على قلبي يا احبّتي وان فاجعة رحيل اختي حمّلتني مسؤولية اكبر تجاهك و تجاه اخوتك الأصغر منك خاصّة.
البنت الصغيرة :
اتذكّر يا خالي فاجعة وفاة والدي قبل عشر سنين حينما تركنا وانا كنت في الخامسة من العمر وكان عزاءنا في أمّنا ولكن بعد ان تركتنا هي كذلك ( بدأ الحنين الى أمّها يدبّ فيها وخنقتها العبرة وهي تقول بصوت محزن مبكي) والآن فعزاءنا الوحيد فيك يا خالي اسأل الله تعالى ان يحفظك لنا ويديم في عمرك
الخال :
(يضع يده على رأس ابنة اخته ويمسح دموعها على وجنتيها قائلا) : لا عليك يا ابنتي لا تحزني كثيرا لأن حزنك يقطع اوصالي بنيّتي ، وانا سأكون معكم وابقى معكم وسأحاول جهد الأمكان ان أملأ ذلك الحيز الذي تركه والدكم المرحوم ووالدتكم المرحومة وأدعو ليّ بالموفقية كي اخدمكم فأنكم مؤمنون والحمد لله تعالى.
الأبن الأوسط عمرا :
لقد رأيت رؤيا هذه الليلة يا خالي العزيز حيث رأيتك في نفس فارق العمر الذي انت تكبر والدتي فيه بأثنتى عشر سنة.
ولكنك كنت في عمر الثانية عشر وأمي ولدت من جديد وولدتها جدتي التي لم أتشرف بلقاءها لأنها فارقت الحياة وانا طفل رضيع.
الخال :
وماذا رأيت يا بنيّ؟
الأوسط عمرا :
رأيتك انت فرح وتحمل امي المولودة بين ذراعيك وأمك اي جدّتي على الفراش مضطجعة وهي تنظر اليك وفرحة بهذا الميلاد السعيد وفرحة لسعادة عائلتها.
الخال :
نعم يا بنيّ فعندما نموت في عالمنا هذا نولد من جديد في عالم آخر ونعيش حياة جديدة فموت أمّك هو حزن عندنا ولكن في نفس الوقت هو فرح في ذلك العالم الجديد لأنه سيعقب الموت هذا ميلاد جديد هناك.
البنت الصغيرة :
هل تعني يا خالي ان ابي الذي فارقنا قبل عشر سنين انه حقا مولود في ذلك العالم؟
الخال :
نعم بنيّتي فأبوك الآن مولود منذ عشر سنين في ذلك العالم الجديد وهو صبي يلعب ويمكن يدرس او يعمل او يمارس هواياته
البنت :
وهل ابونا حزين علينا لأننا كلّما تذكرناه نحزن ونسكب الدمعة ويأخذنا الشوق اليه ونضيع في افكار و اوهام عن حاله ، فهل هو حقا يتعذّب من أجلنا ؟
الخال :
لا يا ابنتي فأبوك في ذلك العالم عندما يولد ينسى كل شئ عن عالمنا هذا ويشق حياته وطريق معيشته بشكل مختلف عما كان هنا
البنت :
ولما ينسى يا خالي؟
الخال :
هكذا هو سنة الله في خلقه فلله في خلقه شؤون
الأبن الأكبر :
وهل تظن يا خالي ان ابي يعرف امي الآن؟
الخال :
لا يا بنيّ عندما يكبر ابوك ويشق حياته وتكبر امك في ذلك العالم ستجمعهم الأقدار من جديد وسيتعرفان على بعضهما وسيتزوجان مرّة اخرى وهما اصلا نسيا انهما كانا متزوجين هنا
البنت :
وهل ستبقى امي جميلة كما كانت هي في عالمنا هذا؟
الخال :
لا اعرف يا ابنتي لأن بعد موتنا سنولد بشكل مختلف ويمكن ان ندخل في جسد غريب وهذا الجسد سيكون وبال علينا في ذلك العالم حسب ما سمعت وقرأت وكل المحن والأمتحانات التي سنمرّ بها سيكون من خلال ذلك الجسد الغريب الذي سيلازمنا
الأبن الأوسط :
وماذا سيحصل معنا يا خالي اذا متنا في عالمنا هذا؟
الخال :
سنمرّ بنفس ما مرّت بها آباؤنا وأمّهاتنا. فسنموت وستحزن ازواجنا علينا وتنتحب اولادنا من أجلنا ، وبينما تنصب هنا المآتم والأحزان سيكون هناك بالمقابل فرح وسرور لأننا ستحملنا امهاتنا المرتحلات الى ذلك العالم الغريب ومن ثم نولد من جديد ولكن سننسى عالمنا هذا كله وسيكون لنا هناك لقاء آخر
فعندما يفكّر أبوانا في انجاب طفل جديد هناك فهم بلا شك سيعجلان في موت أحدنا في هذا العالم لكي ينتقل ويحلّ في ذلك العالم والذي سيسبب حزن اهلينا هنا وبالمقابل سيفرح والدينا واقرباءنا هناك
الأبن الأكبر :
وكم سنبقى في ذلك العالم يا خال ؟
وهل سنموت ثانية ؟ واين سنذهب بعدها ؟
الخال :
يا بني لا علم لي بالتفاصيل وكل ما ذكرته لكم هو مجرد اشارات غير مفهومة لأنها خارج تصوراتنا وبعيدة عن واقعنا العملي ولكني سمعتها من علماء متبحّرين ومن اكرم خلق الله تعالى. اما تفاصيل تلك الحياة الغريبة فلا استطيع ان ادخل فيها لأنها حياة مجهولة بالنسبة لنا ولا علم لي ماذا سيحصل لنا ان متنا في ذلك العالم الجديد ، وبلا شك فهناك سنبلّغ بتكاليفنا وننبّأ فيها بالحياة القادمة بعد ذلك العالم الجديد والتي بلا شك ستكون القادمة هي كذلك عالم مجهول وغريب وبعيد عن تصورات ذلك العالم المرتقب والعلم عند الله تعالى
ولكن علينا بالدعاء وذكر الله كثيرا كي يحفظنا المولى تعالى في عالمنا هذا ونموت ونحن في رضاه ولكي يرضى سبحانه وتعالى علينا كذلك في ذلك العالم الجديد القادم ، وأكثروا بالدعاء والفرج ان يوفقنا وينصرنا على ابتلاءات ذلك العالم المجهول وننتصر على ذلك الجسد الغريب غير المفهوم الذي سندخل فيه بقوة الله تعالى ولطفه وبحق خير عباده الذي انتجبهم ربّنا تعالى عنده
(انتهى)
ملاحظة /
(كنت انوي ان اعطي (حوار في الذر الأول) عنوانا لهذه القصة القصيرة ولكن خشيت ان تفقد القصة جاذبيتها لأن العنوان يكشف المستور. هذه القصة القصيرة لا صلة لها بالواقع ولم تستمد من الروايات بل مجرد مبنية على تخيلات واوهام عن عالم الذر الأول المنسي وعالم الدنيا الحالي والتخيلات التي بنيت عليها قصة مستمدة من تجربتنا الدنيوية وهذه تخالف حقيقة الذر الأول كيف كنّا وهل حقّا كنّا من ذرية آباء لنا ؟ أو هل كنّا في اجساد ام مجرد كنّا ارواحا ؟ وكيف كانت صورنا وعلاقاتنا الأجتماعية وغيرها ؟ فكل هذه الأمور اصبحت في طي ذلك الماضي المنسي. وهذه القصة فقط تنشّط افكارنا بأننا كنّا حقّا في عالم آخر ونسيناه بعد انتقالنا الى هذا العالم الدنيوي وتعطي درسا لنا بأننا مجرد ضيوف هنا وننتقل دائما من عالم الى عالم كلما فارقنا عالما ، فلا نملك شيئا في دنيانا كي نحتفظه لأنفسنا الا زاد التقوى ولا نأسف على فاتنا من حطامها إن لم يكن لنا حظّا منها بل علينا أن نأسف على ما فرّطنا في جنب الله تعالى لأنه لن يبقى لنا من زاد نأخذه معنا بعد هذا الفراق الاّ هذا الزاد وهو التقوى)
ابو سجاد
11 من شهر شوال 1434
19-08-2013
والحمد لله رب العالمين
اللهم صلّ على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلّم تسليما
حزن في عالم وفرح في عالم آخر
الأخ الأكبر :
تفضل يا خالي العزيز اهلا بك وأشتقنا اليك وانت تعلم يا خالي كم انت عزيز عليّ وعلى اخوتي. فبعد رحيل والدتي قبل خمسة اشهر لم يبق لنا من ريحها غيرك فكما يقول المثل الخال هو الوالد
الخال :
اعتذر منكم يا بنيّ والله يشهد كم انتم اعزّة على قلبي يا احبّتي وان فاجعة رحيل اختي حمّلتني مسؤولية اكبر تجاهك و تجاه اخوتك الأصغر منك خاصّة.
البنت الصغيرة :
اتذكّر يا خالي فاجعة وفاة والدي قبل عشر سنين حينما تركنا وانا كنت في الخامسة من العمر وكان عزاءنا في أمّنا ولكن بعد ان تركتنا هي كذلك ( بدأ الحنين الى أمّها يدبّ فيها وخنقتها العبرة وهي تقول بصوت محزن مبكي) والآن فعزاءنا الوحيد فيك يا خالي اسأل الله تعالى ان يحفظك لنا ويديم في عمرك
الخال :
(يضع يده على رأس ابنة اخته ويمسح دموعها على وجنتيها قائلا) : لا عليك يا ابنتي لا تحزني كثيرا لأن حزنك يقطع اوصالي بنيّتي ، وانا سأكون معكم وابقى معكم وسأحاول جهد الأمكان ان أملأ ذلك الحيز الذي تركه والدكم المرحوم ووالدتكم المرحومة وأدعو ليّ بالموفقية كي اخدمكم فأنكم مؤمنون والحمد لله تعالى.
الأبن الأوسط عمرا :
لقد رأيت رؤيا هذه الليلة يا خالي العزيز حيث رأيتك في نفس فارق العمر الذي انت تكبر والدتي فيه بأثنتى عشر سنة.
ولكنك كنت في عمر الثانية عشر وأمي ولدت من جديد وولدتها جدتي التي لم أتشرف بلقاءها لأنها فارقت الحياة وانا طفل رضيع.
الخال :
وماذا رأيت يا بنيّ؟
الأوسط عمرا :
رأيتك انت فرح وتحمل امي المولودة بين ذراعيك وأمك اي جدّتي على الفراش مضطجعة وهي تنظر اليك وفرحة بهذا الميلاد السعيد وفرحة لسعادة عائلتها.
الخال :
نعم يا بنيّ فعندما نموت في عالمنا هذا نولد من جديد في عالم آخر ونعيش حياة جديدة فموت أمّك هو حزن عندنا ولكن في نفس الوقت هو فرح في ذلك العالم الجديد لأنه سيعقب الموت هذا ميلاد جديد هناك.
البنت الصغيرة :
هل تعني يا خالي ان ابي الذي فارقنا قبل عشر سنين انه حقا مولود في ذلك العالم؟
الخال :
نعم بنيّتي فأبوك الآن مولود منذ عشر سنين في ذلك العالم الجديد وهو صبي يلعب ويمكن يدرس او يعمل او يمارس هواياته
البنت :
وهل ابونا حزين علينا لأننا كلّما تذكرناه نحزن ونسكب الدمعة ويأخذنا الشوق اليه ونضيع في افكار و اوهام عن حاله ، فهل هو حقا يتعذّب من أجلنا ؟
الخال :
لا يا ابنتي فأبوك في ذلك العالم عندما يولد ينسى كل شئ عن عالمنا هذا ويشق حياته وطريق معيشته بشكل مختلف عما كان هنا
البنت :
ولما ينسى يا خالي؟
الخال :
هكذا هو سنة الله في خلقه فلله في خلقه شؤون
الأبن الأكبر :
وهل تظن يا خالي ان ابي يعرف امي الآن؟
الخال :
لا يا بنيّ عندما يكبر ابوك ويشق حياته وتكبر امك في ذلك العالم ستجمعهم الأقدار من جديد وسيتعرفان على بعضهما وسيتزوجان مرّة اخرى وهما اصلا نسيا انهما كانا متزوجين هنا
البنت :
وهل ستبقى امي جميلة كما كانت هي في عالمنا هذا؟
الخال :
لا اعرف يا ابنتي لأن بعد موتنا سنولد بشكل مختلف ويمكن ان ندخل في جسد غريب وهذا الجسد سيكون وبال علينا في ذلك العالم حسب ما سمعت وقرأت وكل المحن والأمتحانات التي سنمرّ بها سيكون من خلال ذلك الجسد الغريب الذي سيلازمنا
الأبن الأوسط :
وماذا سيحصل معنا يا خالي اذا متنا في عالمنا هذا؟
الخال :
سنمرّ بنفس ما مرّت بها آباؤنا وأمّهاتنا. فسنموت وستحزن ازواجنا علينا وتنتحب اولادنا من أجلنا ، وبينما تنصب هنا المآتم والأحزان سيكون هناك بالمقابل فرح وسرور لأننا ستحملنا امهاتنا المرتحلات الى ذلك العالم الغريب ومن ثم نولد من جديد ولكن سننسى عالمنا هذا كله وسيكون لنا هناك لقاء آخر
فعندما يفكّر أبوانا في انجاب طفل جديد هناك فهم بلا شك سيعجلان في موت أحدنا في هذا العالم لكي ينتقل ويحلّ في ذلك العالم والذي سيسبب حزن اهلينا هنا وبالمقابل سيفرح والدينا واقرباءنا هناك
الأبن الأكبر :
وكم سنبقى في ذلك العالم يا خال ؟
وهل سنموت ثانية ؟ واين سنذهب بعدها ؟
الخال :
يا بني لا علم لي بالتفاصيل وكل ما ذكرته لكم هو مجرد اشارات غير مفهومة لأنها خارج تصوراتنا وبعيدة عن واقعنا العملي ولكني سمعتها من علماء متبحّرين ومن اكرم خلق الله تعالى. اما تفاصيل تلك الحياة الغريبة فلا استطيع ان ادخل فيها لأنها حياة مجهولة بالنسبة لنا ولا علم لي ماذا سيحصل لنا ان متنا في ذلك العالم الجديد ، وبلا شك فهناك سنبلّغ بتكاليفنا وننبّأ فيها بالحياة القادمة بعد ذلك العالم الجديد والتي بلا شك ستكون القادمة هي كذلك عالم مجهول وغريب وبعيد عن تصورات ذلك العالم المرتقب والعلم عند الله تعالى
ولكن علينا بالدعاء وذكر الله كثيرا كي يحفظنا المولى تعالى في عالمنا هذا ونموت ونحن في رضاه ولكي يرضى سبحانه وتعالى علينا كذلك في ذلك العالم الجديد القادم ، وأكثروا بالدعاء والفرج ان يوفقنا وينصرنا على ابتلاءات ذلك العالم المجهول وننتصر على ذلك الجسد الغريب غير المفهوم الذي سندخل فيه بقوة الله تعالى ولطفه وبحق خير عباده الذي انتجبهم ربّنا تعالى عنده
(انتهى)
ملاحظة /
(كنت انوي ان اعطي (حوار في الذر الأول) عنوانا لهذه القصة القصيرة ولكن خشيت ان تفقد القصة جاذبيتها لأن العنوان يكشف المستور. هذه القصة القصيرة لا صلة لها بالواقع ولم تستمد من الروايات بل مجرد مبنية على تخيلات واوهام عن عالم الذر الأول المنسي وعالم الدنيا الحالي والتخيلات التي بنيت عليها قصة مستمدة من تجربتنا الدنيوية وهذه تخالف حقيقة الذر الأول كيف كنّا وهل حقّا كنّا من ذرية آباء لنا ؟ أو هل كنّا في اجساد ام مجرد كنّا ارواحا ؟ وكيف كانت صورنا وعلاقاتنا الأجتماعية وغيرها ؟ فكل هذه الأمور اصبحت في طي ذلك الماضي المنسي. وهذه القصة فقط تنشّط افكارنا بأننا كنّا حقّا في عالم آخر ونسيناه بعد انتقالنا الى هذا العالم الدنيوي وتعطي درسا لنا بأننا مجرد ضيوف هنا وننتقل دائما من عالم الى عالم كلما فارقنا عالما ، فلا نملك شيئا في دنيانا كي نحتفظه لأنفسنا الا زاد التقوى ولا نأسف على فاتنا من حطامها إن لم يكن لنا حظّا منها بل علينا أن نأسف على ما فرّطنا في جنب الله تعالى لأنه لن يبقى لنا من زاد نأخذه معنا بعد هذا الفراق الاّ هذا الزاد وهو التقوى)
ابو سجاد
11 من شهر شوال 1434
19-08-2013
Comment