السفر في الزمان الكوني
محسن عبد العزيز
صحيفة الاهرام
حلم اختراق الزمن ورؤية المستقبل والماضي, ذلك الحلم المثير للبشرية هو ما يتصدي له باري باركر Barry Parkerفي كتابه' السفر في الزمان الكوني' الذي ترجمه دكتور مصطفي محمود سليمان.
فطبقا لنظرية العالم الفذ اليبرت اينشتاين, فإننا اذا تركنا كوكب الأرض, وانطلقنا في الفضاء الكوني بسرعة تقترب من سرعة الضوء, فإننا نقطع مسافات خيالية يمكن تقديرها بسنوات ضوئية عديدة في بضعة أيام أو أسابيع قليلة, وإذا قدر لنا أن نعود الي الأرض أحياء, فسوف نجد الأرض غير الأرض والناس غير الناس وذلك لمرور آلاف السنين علي سكان الأرض منذ ودعناهم في رحلتنا هذه. فماذا يعني ذلك؟
طبقا لنظرية النسبية التي قال بها أينشتاين وعمره26 عاما فقط عام1905 فان عقارب الساعة المثبته في جسم متحرك في الفضاء تدور بمعدل أبطأ بالنسبة لعقارب الساعة التي تشبهها علي الأرض وكلما زادت سرعة الجسم المتحرك أبطأت عقارب الساعة دورانها. اختلف العلماء حول نظرية النسبية في البداية لكن أبحاث العلماء كانت دائما تؤكد عبقرية أينشتاين. وفي عام1965 فاز ثلاثة علماء بجائزة نوبل في الفيزياء عندما أثبتوا طبقا للنسبية أن الزمن يمكن ان يرتد للوراء عندما يكتسب طاقة سالبة أو يندفع بسرعة أعلي من سرعة الضوء, وأن يتجمد أو يتوقف بالتبريد الشديد عند درجة الصفر المطلق التي تعادل69,459 درجة تحت الصفر.
ابحاث العلماء الثلاثة اكدت انه اصبح بامكان الانسان أن يسافر في الزمن ليري الماضي والمستقبل ايضا. والخطوة الأولي لذلك هي إيقاف حركة الزمن وهذه تحتاج فقط رائد فضاء يسير بسرعة الضوء عندئذ تتوقف ساعته عن الجريان تماما, أي يتوقف زمن رائد الفضاء, وإذا كانت سرعته أعلي من سرعة الضوء فان الزمن يعود للوراء.
وفي الكون أنفاق سوداء لو نجح أحد الافراد في عبورها سيجد نفسه عند أطراف الكون أو يجد نفسه في المستقبل أو الماضي. فما هي هذه الأنفاق وما حكايتها؟.. كل شئ في الكون الذي يقدر عمره بـ18 الف مليون سنة له دورة حياة وموت, والنجوم لها أعمار وفي نهاية عمر النجم يتحول الي ثقب اسود في الكون, ويسمي سطح الثقب الأسود بأفق الدنيا, أي الحد الفاصل بين عالمنا وعالم آخر مجهول لا ندري عنه شيئا, ومن يسير في هذا السطح لا يمكن أن يعود الي عالمنا مرة أخري. هذه الثقوب السوداء يرغب العلماء في استخدامها كممرات أو أنفاق في الزمان للسفر أيضا الي النجوم البعيدة كالنجم الفا قنطوري الذي يبعد عنا مسافة3,4 سنة ضوئية في رحلة تستغرق14 سنة للوصول إليه.
وبعيدا عن السفر للمستقبل أو الماضي يبقي السؤال الأهم.. هل توجد حضارات أخري في الكون؟ يري العلماء أن وجود حضارات يتطلب توافر ظروف مناسبة لحياة أصحاب هذه الحضارات كما هو الحال في مجموعتنا الشمسية التي تمدنا بالطاقة والضوء. وبحث العلماء عن مجموعة شمسية تشبه مجموعتنا عن طريق وحدة الاشعة تحت الحمراء المنبعثة من تلك الكواكب. وكشف أول برنامج لمسح الفضاء عام1983 عن وجود نجوم تنبعث منها أشعة تحت الحمراء, واهتم العلماء بالنجم( بيتا بكتورز) الذي يحاط بقرص عملاق يمتد مائة ألف مليون ميل ويساوي30 مرة متوسط المسافة بين بلوتو والشمس, ويعتقد بعض الفلكيين بوجود كواكب في هذا الفضاء تدور حول هذا النجم, وقال العلماء انه ربما يكون نظام شمسي في طور التكوين, مثل نظامنا الشمسي الذي تكون منذ نحو خمسة بلايين سنة من قرص غازي عملاق, حيث تكونت ثماني كواكب أوليه تدور حول الشمس في ضباب كثيف, وبعد أن وصلت حرارة باطن الشمس إلي15 مليون درجة, انطلقت التفاعلات النووية محدثة موجة انفجارات في النظام الشمسي الوليد بددت الضباب السديمي وجعلت النظام الشمسي صافيا.
علي الرغم من عدم وجود دليل قاطع علي وجود حضارات في الكون, فإنه أيضا لا يوجد مانع عقلي من وجود هذه الحضارات حتي وإن كان الاتصال بها بالغ الصعوبة. فنحن نحتاج ألف سنة لتوصيل برقية راديويه ومثلها كي يصلنا الرد. كما أن المسافة الفاصلة بيننا وبين أي حضارة أخري في مجرتنا( درب التبانة) التي تضم100 الف مليون نجم تقدر بخمسين سنة ضوئية بما يعني إننا نحتاج100 سنة ضوئية لإرسال رسالة ومثلها لاستلام الرد. ورغم كل هذه الصعوبات لا يستبعد العلماء أن تتمكن الأجيال الجديدة من إرسال مركبات فضاء الي النجوم البعيدة تستغرق رحلتها مئات السنين ذهابا وإيابا مثل التي أرسلناها الي القمر أو المريخ. كما أن هناك عدد من العلماء يقولون بأن فكرة السفر مسألة وشيكه حيث لم يعد هناك أي مانع فيزيائي يحول دون تنفيذه. وقد تنبأت نظرية اينشتاين بأن المادة تغير من منظومة' الفضاء الزمان' وأن هذه المنظومة تلتوي علي هيئة أنفاق في بعض الأحيان.. والسؤال: أين توجد هذه الأنفاق وكيف يمكن جعلها قابلة لأن نعبرها.. هذه أسئلة المستقبل التي لن يعجز العلم عن الإجابة عنها.. بحيث يكون في مقدرة الإنسان أن يري المستقبل والماضي.. وأن يكشف عن حضارات ربما تكون أكثر رقيا من حضارتنا أو أقل, توجد في مكان ما من هذا الكون اللامحدود.
Comment