تحليل- التبادل الجيني يجعل فيروس انفلونزا الطيور الجديد بالصين هدفا متحركا
لندن (رويترز) - لاتزال سلالة فيروسية جديدة لانفلونزا الطيور قتلت اكثر من عشرة اشخاص في الصين تتحور مما يجعل من الصعب على العلماء التنبؤ بمدى الخطورة التي قد تصل اليها.
ويقول خبراء في الانفلونزا إن السلالة الفيروسية اتش7ان9 مازالت تتبادل الجينات مع سلالات أخرى سعيا لانتقاء ما يجعلها اكثر قدرة.
واذا نجحت فمن الممكن أن يواجه العالم خطرا بوباء انفلونزا فتاك. لكنها قد تفشل ايضا وتنتهي.
ويثير عدم استقرار الفيروس تساؤلات بشأن ما اذا كانت سلالة اتش7ان9 قد تكتسب مقاومة للعقاقير المضادة للفيروسات مثل تاميفلو وهو احتمال أظهرته تحليلات البيانات الجينية المتوفرة عن هذه السلالة حتى الآن.
وقالت ويندي باركلي المتخصصة في علم فيروسات الانفلونزا "على الرغم من أنه لا يتوافر لنا سوى ثلاثة تتابعات (جينية) فإن هناك بعض الأدلة على أن احداها لا تتواءم جيدا مع الاثنتين الاخريين. لهذا قد نعتقد أن هذا الفيروس مازال يبحث عن تركيبة جينية يتناغم معها."
وأضافت "ربما هناك فيروسات اخرى مازالت تتبادل الجينات الى أن تصل الى تركيبة مستقرة."
وليتسنى بقدر من الثقة تحديد ما اذا كانت هذه السلالة الجديدة يمكن ان تستمر الى أن تسبب وباء يحتاج العلماء الى معرفة معلومات اكثر كثيرا. ولم تظهر هذه السلالة بين البشر قبل مارس اذار.
وحتى الآن أظهرت بيانات التتابعات الجينية من عينات من ثلاث ضحايا لسلالة اتش7ان9 نشرت على موقع المبادرة العالمية لتبادل جميع بيانات الانفلونزا أن السلالة من نوعية الفيروسات "ثلاثية الاختلاط" التي تتكون من خليط من الجينات من ثلاث سلالات أخرى من الانفلونزا اكتشفت في طيور في اسيا.
وكتب باحثون في دورية نيو انجلاند للطب الاسبوع الماضي بعد أن أجروا تحليلا مفصلا لأصل السلالة يقولون إن اختلاط الجينات لتتكون سلالة اتش7ان9 جرى في الطيور وليس البشر او اي ثدييات اخرى وهي علامة مطمئنة الى حد ما.
وقالت باركلي إن هذا قد يستمر وربما يعني أنه قد يمر بعض الوقت قبل أن تصل السلالة فيه الى شكل يمكن أن تنتشر من خلاله بسرعة وفعالية بين الطيور.
لكن التحليلات الجينية تظهر ايضا أن الفيروس اكتسب بالفعل بعض الطفرات التي تزيد من احتمالات قدرته على الانتشار بين الثدييات وترفع من تمكنه من التسبب في نشر وباء بين البشر.
وأظهرت دراسة في دورية (يوروسيرفيلانس) Eurosurveillanc أجراها خبيرا الانفلونزا المعروفان يوشيهيرو كاواوكا من جامعة ويسكونسن وماساتو تاشيرو من المعهد الوطني للأمراض المعدية في طوكيو أن السلالة الفيروسية اتش7ان9 "تحمل عدة خواص مميزة لفيروسات انفلونزا تصيب الثدييات مما يرجح أن تسهم في قدرتها على إصابة البشر."
وكتب العالمان أن هذه الخواص "تزيد المخاوف فيما يخص قدراتها الوبائية."
وعبرت منظمة الصحة العالمية عن نفس المضمون يوم السبت حين قالت "التغيرات الجينية التي شوهدت بين فيروسات اتش7ان9 وتشير الى تكيف مع الثدييات مثيرة للقلق فيما يتعلق بقدرتها الوبائية" وحذرت من أن "المزيد من التكيف قد يحدث".
وفي حين يشعر الخبراء ببعض الارتياح بسبب نقص الادلة حتى الان على ان اتش7ان9 ينتقل من انسان الى انسان - وهو عامل سيزيد من احتمال انتشاره الوبائي بشدة - فإنهم لا يشعرون بارتياح يذكر لأنهم لا يعرفون حتى الآن كيف أصيب 60 شخصا او نحوه حتى الآن بهذه السلالة من الفيروس.
وقال اب اوسترهاوس رئيس قسم علوم الفيروسات في مركز ايراسموس الطبي بهولندا "نعلم أن فيروسات اتش7 يمكن أن تنتقل الى البشر... بالنسبة لي اهم شيء هو أن نعرف الآن من اي الانواع نعتقد أن فيروس اتش7ان9 ينتشر."
وأضاف "هل هو نوع واحد؟ هل هي انواع مختلفة؟ في هذه المرحلة هل مازال ينقصنا الكثير من البيانات؟"
وقال إن المراقبة الدقيقة لطيور برية مثل البط والسمان ودواجن مثل الدجاج الى جانب ثدييات تحمل الانفلونزا كالخنازير يجب أن تعطي إجابات.
وكانت الفيروسات الوبائية الاخيرة ومنها فيروس اتش1ان1 المسبب لانفلونزا الخنازير في عامي 2009 و2010 خليطا من انفلونزا للثدييات والطيور. ويقول خبراء إن احتمالات أن تكون هذه الفيروسات المهجنة اقل حدة أعلى لأن الانفلونزا الثديية اكثر ميلا الى إصابة البشر بأعراض أخف من انفلونزا الطيور.
وتكون سلالات انفلونزا الطيور الخالصة مثل سلالة اتش7ان9 الجديدة وسلالة اتش5ان1 التي قتلت نحو 371 شخصا من جملة 622 أصيبوا بها منذ عام 2003 اكثر فتكا بالبشر في العموم.
وكان أسوأ وباء عرفه العالم وهو "الانفلونزا الاسبانية" الذي شهده عام 1918 وقتل اكثر من 50 مليون شخص أحد أنواع انفلونزا الطيور الذي اكتسب طفرة جينية مكنته من الانتشار بفعالية بين البشر.
وقال ديفيد هيمان خبير الانفلونزا ورئيس مركز الصحة العالمية التابع لمؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية إن من المهم وضع اكتشاف فيروس اتش7ان9 بين البشر في سياق القدرات العلمية في عصرنا الحديث.
وأضاف أن في الأعوام منذ انتشار مرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارز) في الصين عام 2003 زاد التركيز بدرجة كبيرة على رصد اصابات الجهاز التنفسي الشبيهة بالانفلونزا والابلاغ عنها في اسيا وعلى مستوى العالم.
ومضى يقول إنه كلما نظر العلماء بإمعان زاد احتمال أن يعثروا على فيروسات يحتمل أن تكون مثار تهديد لكنها قد تكون نفس نوعية الوقائع التي ربما تأججت وخبت مجددا تحت رادار مراقبة الانفلونزا.
لكنه يؤكد أن هذا ليس وقت الاسترخاء.
وقال "فيروسات الانفلونزا غير مستقرة للغاية. واي طفرة حدث عشوائي وبالتالي لا يستطيع أحد التنبؤ متى سيحدث... لا يمكنك أن تغفل عن شيء. يجب أن تضع كل شيء نصب عينيك."