حدث في عهد المعتصم إنّ سارقاً أقرّ على نفسه بالسّرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد حضر محمد بن عليّ (عليه السلام)
فسأل المعتصم عن القطع في أيّ موضع يجب أن يقطع؟ قال:ابن داوود من الكرسوع قال: وما الحجّة في ذلك؟ قال: لأنّ اليد هي الأصابع والكفّ إلى الكرسوع، لقول الله في التيمّم: ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم﴾ واتّفق معه على ذلك قوم.
وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأنّ الله لما قال: ﴿وأيديكم إلى المرافق﴾ في الغسل دلّ ذلك على أنّ حدّ اليد هو المرفق.
فالتفت إلى محمد بن عليّ (عليه السلام) فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال: قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني ممّا تكلّموا به أيّ شيء عندك؟ قال: أعفني عن هذا يا أمير المؤمنين، قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه فقال: أمّا إذ أقسمت عليّ بالله أنّي أقول: إنّهم أخطأوا فيه فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكفّ،
قال: وما الحجّة في ذلك؟ قال: قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (السجود على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين)، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وإنّ المساجد لله﴾ يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها ﴿فلا تدعواْ مع الله أحداً﴾ وما كان لله لم يقطع،
فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ، قال ابن أبي داود: قامت قيامتي وتمنّيت أنّي لم أكُ حيّاً.