إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الفصل الثاني الأدلة على تكون التشيع أيام النبي دكتور احمد الوائلي

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • almawood24
    يماني
    • 04-01-2010
    • 2174

    الفصل الثاني الأدلة على تكون التشيع أيام النبي دكتور احمد الوائلي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الفصل الثاني الأدلة على تكون التشيع أيام النبي
    1 - النصوص التاريخية على وصف جماعة بالتشيع أيام النبي ( ص ) وقد مرت الإشارة لذلك ، ولهذا يقول الحسن بن موسى النوبختي عند تحديده للشيعة : فالشيعة فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمن النبي - ثم عدد جماعة منهم وقال : - وهم أول من سمي باسم التشيع لأن اسم التشيع كان قديما لشيعة إبراهيم ( 1 ) .
    2 - ما عليه جمهور الباحثين والمؤرخين الذين ذهبوا إلى أن التشيع ظهر يوم السقيفة فإن ذلك ينهض دليلا على وجوده أيام النبي ( ص ) لأنه من غير المعقول أن يتبلور التشيع بأسبوع واحد - أي المدة بين وجود الرسول ووفاته بحيث يتخذ جماعة من الناس مواقف معينة ويتضح لهم اتجاه له ميزاته وخواصه فإن مثل هذه الآراء تحتاج في تكوينها وتبلورها إلى وقت ليس بالقليل وكل من له إلمام بحوادث السقيفة وموقف الممتنعين عن بيعة أبي بكر وحجاجهم في ذلك الموضوع يجزم بأن تلك المواقف لم تتكون بوقت قصير وبسرعة كهذه السرعة وذلك لوجود اتجاهات متبلورة وتأصل في طرح نظريات معينة .
    3 - إن من غير المعقول أن ترد على لسان النبي ( ص ) أحاديث في تفضيل
    ( 1 ) الفرق والمقالات للنوبختي باب تعريف الشيعة . ( * )
    - ص 30 -

    الإمام علي ( ع ) والإشارة إلى مؤهلاته ثم يقف المسلمون من ذلك موقف غير المبالي وهم من هم في إيمانهم وطاعتهم للرسول ( ع ) ولا سيما والمواقف في ذلك قد تعددت وسأذكر لك منها .
    أ - الموقف الأول : عندما نزل قوله تعالى : * ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) * 214 / من سورة الشعراء قال المؤرخون : إن النبي ( ص ) دعا عليا ( ع ) وأمره أن يصنع طعاما ويدعو آل عبد المطلب وعددهم يومئذ أربعون رجلا وبعد أن أكلوا وشربوا من لبن أعد لهم قام النبي ( ص ) وقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأحجم القول عنها جميعا - يقول علي - وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع ( 1 ) .
    ب - الموقف الثاني : يقول أبو رافع القبطي مولى رسول الله ( ص ) : دخلت على النبي وهو يوحى إليه فرأيت حية فنمت بينها وبين النبي لئلا يصل إليه أذى منها حتى انتهى عنه الوحي فأمرني بقتلها وسمعته يقول : الحمد لله الذي أكمل لعلي منته وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه . . وبعد أن قرأ قوله تعالى : * ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) 55 / المائدة .
    وقد أجمع أعلام أهل السنة والشيعة على نزول هذه الآية في علي ( ع ) ومنهم السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية المذكورة وكذلك الرازي في مفاتيح الغيب والبيضاوي في
    ( 1 ) تاريخ الطبري ج 2 ص 216 ، وتاريخ ابن الأثير ج 2 ص 28 . ( * )
    - ص 31 -

    تفسير والزمخشري في الكشاف والثعلبي في تفسيره والطبرسي في مجمع البيان وغيرهم من أعلام المفسرين والمحدثين .
    ومن الغريب أن يقف الآلوسي في تفسيره روح المعاني موقفا يمثل الإسفاف والركة في دفع هذه الآية عن علي ( ع ) ويريك كيف يهبط التعصب بالإنسان إلى درك مقيت وإلى تهافت غير معهود .
    وإن المرء ليستغرب من هذا الرجل فإن له مواقف متناقضة من علي ( ع ) فتارة يعطيه حقه وأخرى يقف منه موقفا متشنجا وبوسع كل من قرأ الآلوسي في مؤلفاته أن يرى هذه الظاهرة .
    ج‍ - الموقف الثالث : موقف النبي ( ص ) يوم غدير خم وذلك عند نزول الآية : * ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )* 69 / المائدة . وعندها أوقف النبي ( ص ) الركب وصنعوا له منبرا من أحداج الإبل خطب عليه خطبته المعروفة ثم أخذ بيد علي وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، فكررها ثلاثا ثم قال : " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله " فلقيه الخليفة الثاني فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .
    وقد ذكر الرازي في سبب نزول الآية عشرة وجوه ومنها أنها نزلت في علي ( ع ) ثم عقب بعد ذلك بقوله : وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي - يريد الباقر - ( 1 ) إن حديث الغدير أخرجه جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر في صواعقه عن ثلاثين صحابيا ونص على أن طرقه صحيحة وبعضها حسن ( 2 ) .
    وأورده ابن حمزة الحنفي مخرجا له عن أبي الطفيل عامر بن واثلة بهذه
    ( 1 ) تفسير الرازي ج 3 ص 431 .
    ( 2 ) الصواعق المحرقة الباب الثاني من الفصل التاسع ( * ) .
    - ص 32 -

    الصورة . قال : إن أسامة بن زيد قال لعلي : لست مولاي إنما مولاي رسول الله ( ص ) فقال النبي ( ص ) : كأني قد دعيت فأجبت إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ( 1 ) .
    وقد ألف في موضوع الغدير من السنة والشيعة ست وعشرون مؤلفا ( 2 ) ولا أريد التحدث بصراحة حديث الغدير في أولوية الإمام علي ( ع ) وتقديمه على كافة الصحابة فإن الأمر قد أشبع من قبل الباحثين ولكني أريد أن أسائل الدكتور أحمد شلبي الذي يقول إن حديث الغدير لم يرد له ذكر إلا في كتب الشيعة ، فأقول له هل هناك شئ من الشعور بالمسؤولية عندك وعند أمثالك ممن يرمون الكلام على عواهنه فأنت تحمل أمانة للأجيال فمن الأمانة هذا القول إن كتب أهل نحلتك وحفاظ قومك أوردت الحديث بمصادره الموثوقة فإذا كنت لا تقرأ أو تقرأ ولا تريد أن تعرف فاسكت يرحمك الله فهو خير لك من التعرض أما لنسبة الجهل أو العصبية ، ولا يقل عن الدكتور شلبي من يذهب إلى أن لفظ المولى هنا إنما يراد منه ابن العم فهو أحد معاني هذه اللفظة المشتركة ولا رد لي على هذا إلا أن أقول : اللهم ارحم عقولنا من المسخ .
    إن هذه مجرد أمثلة من مواقف النبي ( ص ) في التنويه بفضل علي ( ع ) ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها دون أن تشد الناس لعلي ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذي هو وصي النبي ، الذي يشركه القرآن بالولاية العامة مع الله تعالى ورسوله ( ص ) ثم لا بد للمسلمين من إطاعة هذه الأوامر التي وردت بالنصوص والالتفات حول من وردت فيه ذلك هو معنى التشيع الذي نقول : إن النبي ( ص ) هو الذي بذر بذرته وقد أينعت في حياته وعرف جماعة بالتشيع لعلي والالتفات حوله وللتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأول من الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم وولائهم للإمام علي عليه السلام .
    ( 1 ) البيان والتعريف ج 2 ص 136 .
    ( 2 ) أعيان الشيعة ج 3 باب الغدير . ( * )
    الفصل الثالث رواد التشيع الأوائل

    جندب بن جنادة ، أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر ، سلمان الفارسي ، المقداد بن عمر بن ثعلبة الكندي ، حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي ، خزيمة ابن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين ، الخباب بن الأرت الخزاعي أحد المعذبين في الله ، سعد بن مالك أبو سعيد الخدري ، أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري ، قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري ، أنس بن الحرث بن منبه أحد شهداء كربلاء ، أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد الذي استضافه النبي ( ص ) عند دخوله للمدينة ، جابر بن عبد الله الأنصاري أحد أصحاب بيعة العقبة ، هاشم بن أبي وقاص المرقال فاتح جلولاء ، محمد بن الخليفة أبي بكر تلميذ علي وربيبه ، مالك بن الحرث الأشتر النخعي ، مالك بن نويرة ردف الملوك الذي قتله خالد بن الوليد ، البراء ابن عازب الأنصاري ، أبي بن كعب سيد القراء ، عبادة بن الصامت الأنصاري ، عبد الله بن مسعود صاحب وضوء النبي ( ص ) ومن سادات القراء ، أبو الأسود الدؤلي ، ظالم بن عمير واضع أسس النحو بأمر الإمام علي ، خالد بن سعيد بن أبي عامر بن أمية بن عبد شمس خامس من أسلم ، أسيد بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر ، الأسود بن عيسى بن وهب من أهل بدر ، بشير ابن مسعود الأنصاري من أهل بدر ومن القتلى بواقعة الحرة بالمدينة ، ثابت أبو فضالة الأنصاري من أهل بدر ، الحارث بن النعمان بن أمية الأنصاري من أهل بدر ، رافع بن خديج الأنصاري ممن شهد أحدا ولم يبلغ وأجازه النبي ( ص ) ،
    - ص 34 -

    كعب بن عمير بن عبادة الأنصاري من أهل بدر ، سماك بن خرشة أبو دجانة الأنصاري من أهل بدر ، سهيل بن عمرو الأنصاري من أهل بدر ، عتيك بن التيهان من أهل بدر ، ثابت بن عبيد الأنصاري من أهل بدر ، ثابت بن حطيم ابن عدي الأنصاري من أهل بدر ، سهيل بن حنيف الأنصاري من أهل بدر ، أبو مسعود عقبة بن عمر من أهل بدر ، أبو رافع مولى رسول الله ( ص ) الذي شهد مشاهده كلها مع مشاهد علي ( ع ) وممن بايع البيعتين العقبة والرضوان وهاجر الهجرتين للحبشة مع جعفر وللمدينة مع المسلمين ، أبو بردة بن دينار الأنصاري من أهل بدر ، أبو عمر الأنصاري من أهل بدر ، أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري من أهل بدر ، عقبة بن عمر بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر ، قرظة بن كعب الأنصاري ، بشير بن عبد المنذر الأنصاري أحد النقباء ببيعة العقبة ، يزيد بن نويرة بن الحارث الأنصاري ممن شهد له النبي ( ص ) بالجنة ، ثابت بن عبد الله الأنصاري ، جبلة بن ثعلبة الأنصاري ، جبلة بن عمير بن أوس الأنصاري ، حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، زيد بن أرقم الأنصاري شهد مع النبي ( ص ) سبعة عشر وقعة ، أعين بن ضبيعة بن ناجية التميمي ، الأصبغ بن نباتة ، يزيد الأسلمي من أهل بيعة الرضوان ، تميم بن خزام ، ثابت ابن دينار أبو حمزة الثمالي صاحب الدعاء المعروف ، جندب بن زهير الأزدي ، جعدة بن هبيرة المخزومي ، حارثة بن قدامة التميمي ، جبير بن الجناب الأنصاري ، حبيب بن مظاهر الأسدي ، حكيم بن جبلة العبدي الليثي ، خالد ابن أبي دجانة الأنصاري ، خالد بن الوليد الأنصاري ، زيد بن صوحان الليثي ، الحجاج بن غاربة الأنصاري ، زيد بن شرحبيل الأنصاري ، زيد بن جبلة التميمي ، بديل بن ورقاء الخزاعي ، أبو عثمان الأنصاري ، مسعود بن مالك الأسدي ، ثعلبة أبو عمرة الأنصاري ، أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، عبد الله بن حزام الأنصاري شهيد أحد ، سعد بن منصور الثقفي ، سعد بن الحارث ابن الصمد الأنصاري ، الحارث بن عمر الأنصاري ، سليمان بن صرد الخزاعي ، شرحبيل بن مرة الهمداني ، شبيب بن رت النميري ، سهل بن عمر
    - ص 35 -

    صاحب المربد ، سهيل بن عمر أخو سهل المار ذكره ، عبد الرحمن الخزاعي ، عبد الله بن خراش ، عبد الله بن سهيل الأنصاري ، عبيد الله بن العازر ، عدي ابن حاتم الطائي ، عروة بن مالك الأسلمي ، عقبة بن عامر السلمي ، عمر بن هلال الأنصاري ، عمر بن أنس بن عون الأنصاري من أهل بدر ، هند بن أبي هالة الأسدي ، وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة ، هاني بن عروة المذحجي ، هبيرة بن النعمان الجعفي ، يزيد بن قيس بن عبد الله ، يزيد بن حوريت الأنصاري ، يعلى بن عمير النهدي ، أنس بن مدرك الخثعمي ، عمرو العبدي الليثي ، عميرة الليثي ، عليم بن سلمة التميمي ، عمير بن حارث السلمي ، علباء بن الهيثم بن جرير وأبوه الهيثم من قواد الحملة في قتال الفرس بواقعة ذي قار ، عون بن عبد الله الأزدي ، علاء بن عمر الأنصاري ، نهشل بن ضمرة الحنظلي ، المهاجر بن خالد المخزومي ، مخنف بن سليم العبدي الليثي ، محمد بن عمير التميمي ، حازم بن أبي حازم النجلي ، عبيد بن التيهان الأنصاري ، وهو أول المبايعين للنبي ليلة العقبة ، أبو فضالة الأنصاري ، أويس القرني الأنصاري ، زياد بن النضر الحارثي ، عوض بن علاط السلمي معاذ بن عفراء الأنصاري ، عبد الله بن سليم العبدي الليثي ، علاء بن عروة الأزدي ، القاسم بن سليم العبدي الليثي ، عبد الله بن رقية العبدي الليثي ، منقذ بن النعمان العبدي الليثي ، الحارث بن حسان الذهلي صاحب راية بكر بن وائل ، بجير بن دلجة ، يزيد بن حجية التميمي ، عامر بن قيس الطائي ، رافع الغطفاني الأشجعي ، سالم بن أبي الجعد ، عبيد بن أبي الجعد ، زياد بن أبي الجعد ، أبان ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس من أمراء السرايا أيام النبي ( ص ) ومن خلص أصحاب الإمام علي ( ع ) . حرملة بن المنذر الطائي أبو زبيد ، والمجموع مائة وثلاث وثلاثون .
    هذه شريحة أو نماذج من الرواد الأوائل في التشيع ذكرتهم بدون انتقاء أو اختيار وإنما مررت بكتب الرجال فذكرت منها هذه المجموعة وقد نصت على
    - ص 36 -

    تشيعهم المصادر التالية ( 1 ) .
    بعد ملاحظة هذه الشريحة من الطبقة الأولى من الشيعة تتضح لنا أمور هامة ، في موضوعنا أعرضها أمام القارئ الواعي الرائد للحق والموضوعية ، وإلا فما أكثر من يقرأ ولا يتجاوز مضمون السطور عينيه ، وقد يقرأ أحيانا ولا يريد أن يصدق ما يقرأ مع توفر شرائط الصحة فيما يقرأه ومع وجود الثقة النفسية بمضمون ما يقرأه ، ولكنه التكوين النفسي والذهني الذي ينشأ عليه الإنسان منذ الصغر فيكاد يكون غريزة من الغرائز التي يطبع عليها الإنسان .
    تعقيب على الرواد من الشيعة هذه الأمور التي ذكرت أني سأعرض لها تعقيبا على نوعية الرواد الأوائل هي : أولا : إن هؤلاء الشيعة الذين مر ذكرهم مع أنهم كانوا من الذاهبين إلى أولوية الإمام علي ( ع ) بالخلافة لأنه الإمام المفترض الطاعة المنصوص عليه ومع اعتقادهم بأن من تقدم عليه أخذ ما ليس له ومع امتناع كثير منهم من البيعة للخليفة الأول واعتصامهم ببيت الإمام علي ( ع ) مع كل ذلك لم يعرف عن أحد منهم أنه شتم فردا من الصحابة أو تناوله بطريقة غير مستساغة بل كانوا أكبر من ذلك وأصلب عودا من خصومهم - مما يدل على أن بعض من عرف بظاهرة شتم الصحابة إنما صدر منه ذلك كعملية رد فعل لأفعال متعددة وسنمر على ذلك قريبا - إنهم مع اختلافهم مع الحكم لم يلجأوا إلى شتم أو بذاء لأنهم يعرفون أن الحقوق لا يوصل إليها بالشتم وليس الشتم من شيم الأبطال ، والذي يريد أن يسجل ظلامة أو يشير إلى حق سليب فإن طرق ذلك ليس منها الشتم في شئ ،

    ( 1 ) الكامل للمبرد هامش رغبة الأمل ج7 ص 130 ، وأسد الغابة ج1 ص 35 ط أوفست حرف الألف ، وج1 ص 61 طبع دمشق ، وفجر الإسلام ص 267 ، والإستيعاب ج1 ص 280 ، ومدخل موسوعة العتبات المقدسة الفصل الخاص بالشيعة بقلم عبد الواحد الأنصاري . ( * )
    - ص 37 -

    وإنما هناك مناهج سليمة في الوصول لذلك ، وقد حرص أمير المؤمنين ( ع ) على تربية أتباعه على المنهج السليم ومن مواقفه في ذلك ما رواه نصر بن مزاحم قال : مر أمير المؤمنين ( ع ) على بعض من كان في جيشه بصفين فسمعهم يشتمون معاوية وأصحابه فقال لابن عدي ولعمر بن الحمق وغيرهما : كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرأون ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم اللهم احقن دماءهم ودماءنا ، وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم ، من ضلالهم حتى يعرف الحق من جهله منهم ، ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لهج به لكان أحب إلي وخيرا لكم فقالوا : يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك ( 1 ) إن هذا الموقف منه ( ع ) ليشعرهم أن الشتم وسيلة نابية وليست كريمة ثم هي بعد ذلك تنفيس عن طاقة يمكن الاستفادة منها بادخارها وصرفها في عمل إيجابي يضاف لذلك أن الشتم مدعاة للإساءة لمقدسات الشاتم نفسه ومن هنا حرم الفقهاء شتم الصنم إذا أدى إلى شتم الله تعالى مستفيدين ذلك من قوله تعالى : * ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) * 108 / الأنعام .
    من أجل ذلك كله كان الشيعة أطهر ألسنة من أن يشتموا وأبعد عن هذا الموقف النابي ولذلك رأينا كثيرا من الباحثين يؤكدون هذا الجانب في حياة الرواد الأوائل من الشيعة مع أنهم يثبتون عقيدتهم بتقديم الإمام علي ( ع ) ومن هؤلاء :
    أ - الدكتور أحمد أمين : يقول عن هؤلاء إنهم قسم المقتصد الذي يرى بأن أبا بكر وعمر وعثمان ومن شايعهم أخطأوا إذ رضوا أن يكونوا خلفاء مع علمهم بفضل علي وإنه خير منهم ( 2 ) .

    ( 1 ) صفين لنصر بن مزاحم ص 115 .
    ( 2 ) فجر الإسلام ص 268 . ( * )
    - ص 38 -
    ب - ابن خلدون يقول : كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا له إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الإلفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف والأسف ( 1 ) .
    ج‍ - ابن حجر في الإستيعاب : يقول في ترجمة أبي الطفيل : عامر بن واثلة بن كنانة الليثي أبو الطفيل أدرك من حياة النبي ( ص ) ثمان سنين وكان مولده عام أحد ومات سنة مائة ويقال : إنه آخر من مات ممن رأى النبي ، وقد روى نحو أربعة أحاديث وكان محبا لعلي وكان من أصحابه في مشاهده وكان ثقة مأمونا يعترف بفضل الشيخين إلا أنه يقدم عليا إنتهى باختصار ( 2 ) .
    وبعد هذه المقتطفات أود أن ألفت النظر أني خلال مراجعاتي كتب التاريخ لم أر في الفترة التي تمتد من بعد وفاة النبي حتى نهاية خلافة الخلفاء من عمد إلى الشتم من أصحاب الإمام ، وإنما هناك من قيم الخلفاء وقيم الإمام وحتى في أشد جمحات عاطفة الولاء لم نجد من يشتم أحدا ممن تقدم الإمام بالخلافة يقول أبو الأسود الدؤلي :
    أحب محمدا حبا شديدا * وعباسا وحمزة والوصيا
    يقول الأرذلون بنو قشير * طول الدهر ما تنسى عليا
    أحبهم لحب الله حتى * أجئ إذا بعثت على هويا
    بنو عم النبي وأقربوه * أحب الناس كلهم إليا
    فإن يك حبهم رشدا أصبه * ولست بمخطئ إن كان غيا
    ( 3 )

    ( 1 ) تاريخ ابن خلدون ج3 ص 364 .
    ( 2 ) الإستيعاب ج 2 ص 452 .( 3 ) الكامل للمبرد هامش رغبة الأمل ج 7 .
    - ص 39 -

    يضاف لذلك أنه حتى في الفترة الثانية أي في عهود الأمويين كان معظم الشيعة يتورعون عن شتم أحد من الصحابة ، أو التابعين : يقول ابن خلكان في ترجمة يحيى بن يعمر : كان شيعيا من القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لغيرهم ( 1 ) .
    ( 1 ) وفيات الأعيان ج 2 ص 269 . ( * )

    الفصل الرابع الشيعة غير الروافض
    من كل ما ذكرته يتضح أمر آخر وهو أن ما دأب عليه بعض الكتاب من رمي الشيعة بالرفض وتسميتهم بالروافض نشأ مؤخرا وبأسباب خاصة سنذكرها : إن هذا الزمن الذي نشأ فيه نعت الشيعة بالروافض هو في أيام الأمويين ، ولذلك جاءت النصوص تنعت الروافض بأنهم قسم من الشيعة لا الشيعة كما يريد البعض ومن تلك النصوص :
    1 - محمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس قال : والروافض كل جند تركوا قائدهم والرافضة فرقة منهم ، والرافضة أيضا فرقة من الشيعة قال الأصمعي سموا بذلك لأنهم بايعوا زيد بن علي ثم قالوا له تبرأ من الشيخين فأبى وقال لا كانا وزيري جدي فتركوه ورفضوه وارفضوا عنه ( 1 ) .
    2 - إسماعيل بن حماد الجوهري قال في الصحاح : عند مادة رفض موردا نفس المضمون الذي ذكره الزبيدي فكأنه نسخة طبق الأصل ( 2 ) .
    ( 1 ) تاج العروس ج 5 ص 34 .
    ( 2 ) صحاح الجوهري ج 3 ص 1078 تسلسل عام الكتاب . ( * )
    - ص 41 -

    3 - القاضي عياض : فرق القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك في أعلام مذهب مالك بين الشيعة والرافضة وذلك حينما قارن مذهب الإمام مالك بغيره فقال : فلم نر مذهبا من المذاهب غيره أسلم منه فإن فيهم الجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة والشيعة إلا مذهب مالك فإنا ما سمعنا أحدا من نقلة مذهبه قال بشئ من هذه البدع ( 1 ) .
    ومن الواضح من هذه الجملة أن الرافضة غير الشيعة لمكان التغاير الناتج من العطف .
    ومن هذا ومن غيره مما نقله أصحاب المقالات مما لا يخرج عن نفس المضمون يتضح أن اصطلاح الروافض مأخوذ بمعناه اللغوي في أنه لكل جند رفضوا قائدهم ، وتطبيقه على أصحاب زيد من باب تطبيق الكلي على أحد مصاديقه وإلى هنا فإن المسألة طبيعية .
    لكن الذي يلفت النظر أن يكون أصحاب زيد طلبوا منه البراءة من الشيخين فإن ذلك محل تأمل طويل للأسباب التالية :
    1 - إن هؤلاء الذين طلبوا البراءة لو كانوا شيعة فلا بد أنهم حريصون على نصر زيد وكسب المعركة ضرورة أن مصيرهم مرتبط بمصير زيد فإذا هزم فمعنى ذلك القضاء عليهم قضاء تاما خصوصا وأن خصومهم الأمويون الذين يقتلون على الظنة والتهمة كل من يميل إلى آل أبي طالب ، فما الذي دفعهم إلى خلق هذه البلبلة التي أدت إلى انفضاض جند زيد عنه وبالتالي إلى خسارته للمعركة فموته شهيدا على أيدي الأمويين فلا بد أن يكون هؤلاء ليسوا من الشيعة وإنما هم جماعة مندسة أرادت إحداث البلبلة للقضاء على زيد واحتمال كسبه للمعركة .
    2 - وعلى فرض التنزل والقول بوجود فرقة خاصة من رأيها رفض الشيخين فما معنى سحب هذا اللقب على كل شيعي يوالي أهل البيت حتى أصبح هذا الأمر من المسلمات فوجدنا الإمام الشافعي يقول في أبياته الشهيرة :
    ( 1 ) ترتيب المدارك ج 1 ص 51 . ( * )
    - ص 42 -

    يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد جمعها والناهض
    سحرا إذا فاضل الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض
    أعلمتم أن التشيع مذهبي * إني أقول به ولست بناقض
    إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي
    البيت الأخير من هذه الأبيات ذكره الزبيدي في تاج العروس في مادة رفض ( 1 )
    وباقيها في ترجمة الشافعي بمختلف الكتب . إن تعبير الإمام الشافعي : إن كان رفضا حب آل محمد يدل على أن هناك إرادة لسحب اللقب وهو رافضي على كل شيعي مبالغة في التشهير بهم وشحن المشاعر ضدهم مما سنلمح كثيرا من الأمثلة له ، ومما يؤيد على أنها تتمشى مع تخطيط شامل يستهدف محاصرة التشيع والتشهير به وبكل وسيلة سليمة كانت أم لا .
    3 - قد يقال إنه لا شك في وجود جماعة شتامين للصحابة فما هو السبب في كونهم من هذا الصنف في حين تدعون أن الشتم لا تقره الشيعة ولا أئمتهم وللجواب على هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى مجموعة من الأسباب تشكل فعلا عنيفا استوجب رد الفعل ومن هذه الأسباب ما يلي : أسباب الشتم
    أ - المطاردة والتنكيل المروع للشيعة وبالشيعة وما تعرضوا له من قتل وإبادة على الظنة والتهمة وفي أحسن الحالات الملاحقة لهم والمحاربة برزقهم ومنعهم عن عطائهم من بيت المال وفرض الضرائب عليهم وعزلهم اجتماعيا وسياسيا وبوسع القارئ الرجوع إلى التاريخ الأموي في الكوفة وغيرها من المدن الشيعية ليقف بنفسه على ما وصلت إليه الحالة وما انتهى إليه ولاة الأمويين من قسوة ومن هبوط
    ( 1 ) تاج العروس ج 5 ص 35 . ( * )
    - ص 43 -

    في الإنسانية إلى مستويات يتبرأ منها الوحش في العهدين الأموي والعباسي ( 1 ) .
    إن مثل هذا الاضطهاد يستلزم التنفيس عن الكبت فقد يكون هذا التنفيس في عمل إيجابي بشكل من الأشكال وأحيانا قد يكون سلبيا فيلجأ إلى هذا الشتم .
    ولسنا نبرر ذلك بحال من الأحوال لما سبق أن ذكرناه من أسباب
    ب - إن الذي أسس هذه الظاهرة هم الأمويون أنفسهم لأنهم شتموا الإمام عليا ( ع ) على المنابر وشتموا أهل البيت لمدة ثمانين سنة واستمر هذا الوضع حتى أن محاولة الرجل الطيب عمر بن عبد العزيز لم تنجح في منع الشتم وكانت كلمة الأمويين وبالذات معاوية أنهم إنما أسسوا شتمه ليدرج عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ، فنشأت مقابل ذلك ردة الفعل .
    ومما عمق هذه الظاهرة : هو الالتواء في معالجة هذه المشكلة من قبل أعلام السنة .
    وعلى سبيل المثال نجد ابن تيمية يؤلف كتابه الصارم المسلول في كفر من شتم الرسول أو أحد أصحاب الرسول ، ويحشد فيه الأدلة على كفر الشاتم ولكنه مع ذلك ومع علمه بما قام به معاوية والأمويون لا يقول بكفر الأمويين الذين قاموا بشتم الإمام ( ع ) وأهله .
    إن علي بن أبي طالب أخو رسول الله ( ص ) ومن ضحى بكل ذرة من كيانه في خدمة الإسلام والمسلمين فلماذا لا يكفر شاتمه ؟ وستسمع الجواب طبعا بأنه تاب وغفر الله له وانتهى الأمر .
    وإليك مثالا آخر : لقد تولى يزيد بن معاوية الحكم لمدة ثلاث سنوات قتل في سنة منها الحسين وأهل بيت رسول الله وسبى عيالهم وذبح أطفالهم وعمل فيهم أعمالا لا تصدر من كسرى وقيصر .
    وفي سنة ثانية قتل عشرة آلاف من المسلمين وسبعمائة من الصحابة حملة القرآن ، واستباح المدينة ثلاثة أيام وسمح لجند أهل الشام أن يهتكوا أعراض المسلمات وذبح الأطفال حتى كان الجندي الشامي يأخذ الرضيع من ضرع أمه ويقذف به الجدار حتى ينتشر مخه على الجدار وأجبر الناس على بيعة يزيد على
    ( 1 ) أنظر مروج الذهب للمسعودي ج3 ص 12 ص 50 ، وانظر تاريخ الطبري ج 6 ص 344 . ( * )
    - ص 44 -

    أساس أنهم عبيد له ، وأخاف المدينة وروع الناس وأحال أرض المدينة المنورة إلى برك من الدماء وتلول من الأشلاء .
    وفي سنة ثالثة سلط المنجنيقات على الكعبة وهدمها وأحرقها وزعزع أركانها وجعل القتال داخل المسجد الحرام وسال الدم حتى في قاع الكعبة وقد استعرض ذلك مفصلا كل من تاريخ الخميس للديار بكري والطبري وابن الأثير والمسعودي في مروج الذهب وغيرهم من المؤرخين في أحداث سنة ستين حتى ثلاث وستين من الهجرة .
    ومع ذلك كله تجد كثيرا من أعلام السنة يخطئون من يخرج لقتال يزيد وأن الخارج عليه يحدث فتنة ووصل الأمر إلى حد تخطئه الحسين ( ع ) سيد شباب أهل الجنة فكأن النبي ( ص ) عندما قال : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " ما كان يعلم بأنه يقاتل يزيد وحينما يقول النبي ( ص ) : " إن الحسين وأصحابه يدخلون الجنة بغير حساب " ( 1 ) لم يأخذ في حسابه أنهم خارجون على يزيد اللهم اهد قومنا ، وكأن ابن العربي المالكي أعرف بمصائر الأمور من النبي نفسه الذي يرسم للحسين مصيره ويأمره بتنفيذ ذلك ، أرأيت معي إلى أي مستوى من المهازل تصل الدنيا ؟
    وهذا الإمام الغزالي الذي سنقف قريبا معه وقفة قصيرة يقول وأمام عينيه عشرات من كتب السير والتاريخ التي تؤكد بالطرق الموثوقة بشاعة الأحداث التي تمت بأمر يزيد وبفعله المباشر لبعضها .
    يقول في باب اللعن من كتابه إحياء العلوم : فإن قيل : هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين ، أو أمر به ، قلنا هذا لم يثبت أصلا فلا يجوز أن يقال إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت ، فضلا عن لعنه ، لأنه لا يجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق ، إلى أن قال : فإن قيل : أن يقال " قاتل الحسين لعنه الله ، أو الآمر بقتله لعنه الله " قلنا : الصواب أن يقال قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله ( 2 ) .
    ( 1 ) تهذيب التهذيب لابن حجر ج2 ص 347 .
    ( 2 ) إحياء العلوم ج2 ص 276 . ( * )
    - ص 45 -

    بربك أيها القارئ هل تملك أعصابك وأنت تسمع مثل هذا الكلام يصدر من مثل هذا الشخص ؟ .
    هل كل كتب السير والتاريخ عند المسلمين والتي نصت على صدور هذه الأحداث أمرا ومباشرة من يزيد كلها لا تثبت أفعال يزيد ولا تدينه ؟ ! وعنده أن يزيد وأمثاله من قتلة الأنبياء وأبناء الأنبياء ممن يوفقون للتوبة ؟ ! إن كل وسائل الإثبات لا تثبت إدانة يزيد عند الغزالي ، ولكن يثبت عنده من طيف رآه أنه رأى الله تعالى واجتمع به ووضع يده بيده وحادثه وأفاض عليه من نوره ( 1 ) .
    يقول صاحب مفتاح السعادة : إن أبا بكر النساج ألحد الغزالي في قبره وخرج متغير اللون فسألوه عن ذلك فقال : رأيت يدا يمنى خرجت من تجاه القبلة وسمعت مناديا ينادي ضع يد محمد الغزالي في يد سيد المرسلين ( 2 ) إن أمثال هذه المواقف تثبت بوسائل إثبات من هذا النوع ولكن كتب التاريخ كلها لا تشكل وسيلة إثبات في إدانة يزيد ! . . .
    ويصل الأمر إلى رمي آل البيت بالشذوذ فضلا عن عدم ترتيب الأثر على شتمهم فيقول ابن خلدون في المقدمة : وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم وهي كلها أصول واهية .
    يقول ذلك ونصب عينيه أحاديث النبي ( ص ) في أهل بيته كما رواه ابن حجر بصواعقه ( 3 ) " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى فانظروا من توفدون " ونصب عينه أيضا ما قاله النبي ( ص ) كما رواه الحاكم في المستدرك : " ومن أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني بها ربي
    ( 1 ) أنظر الغدير للأميني ج 11 ص 161 .
    ( 2 ) المصدر السابق نفس الصفحات .
    ( 3 ) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 128 . ( * )
    - ص 46 -

    وهي جنة الخلد فليتول عليا وذريته من بعدي فإنهم لم يخرجوكم من هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة ( 1 ) " . ومع ذلك كله فأهل البيت شاذون مبتدعون في نظر الشعوبي ابن خلدون إني والله يعلم إذ أورد أمثال هذه المقاطع إنما أريد وضع اليد على الدملة التي أهلكنا التهابها عبر السنين .
    إن أمثال هذه المواقف إنما تعمق جذور الخلاف فيكون التنفيس عنها سلبيا أحيانا إن كتاب المسلمين مسؤولون عن شجب هذه المواقف التي رحل واضعوها وبقيت مصدر بلاء على المسلمين .
    وإن مما يبعث على الاستغراب أن يسكت علماء وكتاب المسلمين على أقوال ابن خلدون وأمثاله مع قيام الأدلة على أن آل محمد هم الامتداد المضموني لمحمد صلى الله عليه وآله .
    بالإضافة إلى ذلك كله إن السنن التي تروى عن طريق أهل البيت ( ع ) لا يعمل بها بينما يعمل ببدع واستحسانات وردت عن طريق غيرهم خذ مثلا مسألة الأذان الذي حذف منه فقرة حي على خير العمل مع ثبوتها وأنها جزء من الأذان بطرق مختلفة يقول صاحب مبادئ الفقه في هذا الموضوع ما يلي : كيفية الأذان هي : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله .
    هذا هو الأذان الذي اتفق البصريون والكوفيون على كلماته ، وتبعهما الشاميون والمصريون ومذاهب الحجازيين والزيدية والمالكية إلى أن كلمة الله أكبر في أول الأذان مرتان لا أربع وعليه عمل أهل المدينة وأما " الصلاة خير من النوم " فليست من الأذان الشرعي : ففي تيسير الوصول عن مالك أنه بلغه أن المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال : الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح .
    ولذلك قال أبو حنيفة : هذه الجملة تزاد بعد إكمال
    ( 1 ) مستدرك الحاكم ج 3 ص 148 . ( * )
    - ص 47 -

    الأذان لأنها ليست من السنة .
    أما " حي على خير العمل " فمذاهب العترة أنها بين حي على الفلاح وبين الله أكبر ، " دليلهم في ذلك من كتب السنة ما يلي : روى البيهقي في سننه أن علي ابن الحسين زين العابدين كان يقول إذا قال حي على الفلاح حي على خير العمل ويقول هو الأذان الأول .
    وأورد في شرح التجريد مثل هذه الرواية عن ابن أبي شيبة ثم قال : : وليس يجوز أن يحمل قوله " هو الأذان الأول " إلا على أنه أذان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وزاد رواية أخرى عن ابن عمر : أنه ربما زاد في أذانه حي على خير العمل ، وأورد البيهقي هذه الرواية عن ابن عمر أيضا .
    ونقل ابن الوزير عن المحب الطبري الشافعي في كتابه إحكام الأحكام ما نصه : ذكر الحيعلة بحي على خير العمل عن صدقة بن يسار عن ابن أمامة سهل بن حنيف أنه كان إذا أذن قال : " حي على خير العمل " أخرجه سعيد بن منصور ، وروى ابن حزم في كتاب الإجماع عن ابن عمر : أنه كان يقول " حي على خير العمل " .
    وقال علاء الدين مغلطاي الحنفي في كتاب التلويح شرح الجامع الصحيح : ما لفظه : وأما حي على خير العمل فذكر ابن حزم أنه صح عن عبد الله بن عمرو وأبي أمامة سهل بن حنيف أنهما كانا يقولان في أذانهما " حي على خير العمل " وكان علي بن الحسين يفعله .
    وذكر سعد الدين التفتازاني في حاشيته على شرح العضدي على مختصر الأصول لابن الحاجب أن حي على خير العمل كان ثابتا على عهد رسول الله وأن عمر هو الذي أصر أن يكف الناس عن ذلك مخافة أن يثبط الناس عن الجهاد ويتكلوا على الصلاة .
    وقال ابن حميد في توضيحه : وقد ذكر الروياني أن للشافعي قولا مشهورا بالقول به ، وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية أن حي على خير العمل كان من ألفاظ الأذان .
    - ص 48 -

    قال الزركشي في البحر المحيط : ومنها ما الخلاف فيه موجود كوجوده في غيرها ، وكان ابن عمر عميد أهل المدينة يرى إفراد الأذان والقول فيه حي على خير العمل ( 1 ) وبعد كل ما ذكرناه وما ورد في هذا الفصل المدعوم بروايات صحيحة في طرق أهل السنة فلماذا يا ترى لا يعمل بما ورد عن آل محمد وبطريقهم من السنن الصحيحة مع أنهم محال رحمة الله وبيوتهم مهابط وحيه وصدورهم عيبة علم النبي ألا يبعث هذا على الدهشة ؟ في حين نرى من غيرهم أحكاما لا تلتقي بحال من الأحوال مع المدارك السليمة ومع ذلك يؤخذ بها وتعتبر مدركا من المدارك فعلى ماذا تحمل هذه الأمور إن لم تحمل والعياذ بالله على البعد عن آل محمد وهم عدل الكتاب بنص النبي عليه السلام .
    خذ مثلا : ما ذهب إليه بعض فقهاء السنة من أن الإنسان إذا ترك الصلاة عمدا لا يجب عليه قضاؤها أما إذا تركها نسيانا فيجب عليه قضاؤها ( 2 ) واعتقد أن ذلك يخرج على رأي من يقول إن الكافر لا يكلف بالفروع ، وحيث إن التارك عمدا يمكن أن يكون تركه لها لعدم الإيمان بها أساسا فهو كافر ومهما يكن فإن هذا من الفروع البعيدة . عن روح الأحكام الصحيحة .
    ( 1 ) نقلت هذا الفصل من كتاب مبادئ الفقه لمحمد سعيد العوفي ص 52 طبع دمشق الثالثة 1977
    ( 2 ) نيل الأوطار للشوكاني ط مصر 1952 ج 2 ص 27 . ( * )

    الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
    من اقوال الامام احمد الحسن عليه السلام في خطبة الغدير
    ولهذا أقول أيها الأحبة المؤمنون والمؤمنات كلكم اليوم تملكون الفطرة والاستعداد لتكونوا مثل محمد (ص) وعلي (ص) وآل محمد (ص) فلا تضيعوا حظكم، واحذروا فكلكم تحملون النكتة السوداء التي يمكن أن ترديكم وتجعلكم أسوء من إبليس لعنه الله إمام المتكبرين على خلفاء الله في أرضه، أسأل الله أن يتفضل عليكم بخير الآخرة والدنيا.

Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎