إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

حديث راااائع...السلام عليك يا امير المومنين!

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • وا احمداه
    مشرف
    • 22-09-2008
    • 833

    حديث راااائع...السلام عليك يا امير المومنين!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين
    و صلى الله على محمد و آل محمد الأئمة و المهديين و سلم تسليما
    من البرهان في تفسير القرآن


    1- الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ، في كتاب (الاحتجاج) ، قال: جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقال له: لولا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلت في دينكم.
    فقال له علي (عليه السلام): «وما هو؟».
    قال: قوله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)[1] ، وقوله تعالى: (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْهذا)[2] ، وقوله تعالى: (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)[3] ، وقوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً)[4] ، وقوله تعالى: (وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)[5] ، وقوله تعالى: (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)[6] ، وقوله تعالى: (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)[7] ، وقوله تعالى:(لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ)[8] ، وقوله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)[9] ، وقوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ)[10] ، وقوله تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَيُدْرِكُ الْأَبْصارَ)[11] ، وقوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى)[12] ، وقوله تعالى:(لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُالرَّحْمنُ)[13] الآيتين ، وقوله تعالى: (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً)[14] ، وقوله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)[15] ، وقوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ)[16] ، وقوله تعالى: (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ)[17] ، وقوله تعالى: (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ)[18] ، وقوله تعالى: (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ)[19] ، وقوله تعالى: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها)[20] ، وقوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) [21]، وقوله تعالى:(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ)[22] ، (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ)[23].
    ج‏5 ، ص: 822
    قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «فأما قوله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) إنما يعني نسوا الله في دار الدنيا ، لم يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة ، أي لم يجعل لهم من ثوابه شيئا ، فصاروا منسيين من الخير ، وكذلك تفسير قوله عز وجل: (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به وبرسوله ، وخافوه بالغيب.
    وأما قوله تعالى: (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) ، فإن ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ، ليس بالذي ينسى ، ولا يغفل ، بل هوالحفيظ العليم ، وقد تقول العرب: نسينا فلان فلا يذكرنا ، أي إنه لا يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به».
    قال (عليه السلام): «وأما قوله عز وجل: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) ، وقوله عز وجل: (وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، وقوله عز وجل: (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) ، وقوله عز وجل يوم القيامة: (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ، وقوله عز وجل:(لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) ، وقوله عز وجل: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) فإن ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة ، المراد يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا.
    ج‏5 ، ص: 823
    والكفر في هذه الآية البراءة ، يقول: فيبرأ بعضهم من بعض ، ونظيرها في سورة إبراهيم ، قول الشيطان:(إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ)[24] ، وقول إبراهيم خليل الرحمن: (كَفَرْنا بِكُمْ)[25] ، يعني تبرأنا منكم ، ثم يجتمعون في مواطن أخر يبكون فيها ، فلوأن تلك الأصوات فيها بدت لأهل الدنيا لأزالت جميع الخلق عن معايشهم وانصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله ، ولا يزالون يبكون حتى يستنفدوا الدموع ويفضوا إلى الدماء ، ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه ، فيقولون: (وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)[26] ، وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد ، فلا ينفعهم إيمانهم بالله تعالى مع مخالفتهم رسله ، وشكهم فيما أتوا به عن ربهم ، ونقضهم عهودهم في أوصيائهم ، واستبدالهم الذي هوأدنى بالذي هوخير ، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الإيمان ، بقوله عز وجل: (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ)[27] ، فيختم الله على أفواههم ، ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود ، فتشهد بكل معصية كانت منهم ، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم ، فيقولون لجلودهم: (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ)[28].
    ثم يجتمعون في موطن آخر ، فيفر بعضهم من بعض لهول ما يشاهدونه من صعوبة الأمر وعظم البلاء ، فذلك قوله عز وجل:(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)[29] الآية ، ثم يجتمعون في موطن آخر يستنطق[30] فيه أولياء الله وأصفياؤه ، فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى أممهم ، فأخبروا أنهم قد أدوا ذلك إلى أممهم ، وتسأل الأمم فتجحد ، كما قال الله تعالى: (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)[31] ، فيقولون: ما جاءنا من بشير ولا نذير ، فتشهد الرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فيشهد بصدق الرسل وتكذيب من جحدها من الأمم ، فيقول لكل امة منهم: (بلى قد جاءكم بشير ونذير والله على كل شي‏ء قدير)[32] ، أي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم ، ولذلك قال الله تعالى لنبيه:(فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤُلاءِ شَهِيداً)[33] ، فلا يستطيعون رد شهادته خوفا من أن يختم على أفواههم ، وأن تشهد عليهم جوارحهم[34] بما كانوا يعملون ، ويشهد على منافقي قومه وأمته وكفارهم بإلحادهم وعنادهم ، ونقضهم عهوده[35] ، وتغييرهم سنته ، واعتدائهم على أهل بيته ، وانقلابهم على أعقابهم ، وارتدادهم على أدبارهم ، واحتذائهم في ذلك سنة من تقدمهم من الأمم‏ الظالمة الخائنة لأنبيائها ، فيقولون بأجمعهم: (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ)[36].
    ج‏5 ، ص: 824
    ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد (صلى الله عليه وآله) ، وهوالمقام المحمود ، فيثني على الله عز وجل بما لم يثن عليه أحد قبله ، ثم يثني على الملائكة كلهم ، فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد (صلى الله عليه وآله) ، ثم يثني على الأنبياء بما لم يثن عليهم أحد مثله[37] ، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة ، يبدأ بالصديقين والشهداء ثم الصالحين ، فيحمده أهل السماوات وأهل الأرضين ، فذلك قوله تعالى: (عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)[38] ، فطوبى لمن كان له في ذلك المقام[39] حظ ونصيب ، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب.
    ثم يجتمعون في موطن آخر ويزال بعضهم عن بعض ، وهذا كله قبل الحساب ، فإذا أخذ في الحساب ، شغل كل إنسان بما لديه ، نسأل الله بركة ذلك اليوم».
    قال (عليه السلام): «وأما قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ)[40] ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان ، فيغتسلون فيه ، ويشربون من آخر ، فتبيض وجوههم ، فيذهب عنهم كل أذى وقذى ووعث[41] ، ثم يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنة ، فذلك قول الله عز وجل في تسليم الملائكة عليهم: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ)[42] ، فعند ذلك أثيبوا بدخول الجنة ، والنظر إلى ما وعدهم الله عز وجل ، وذلك قوله تعالى:
    (إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ) ، والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ، ألم تسمع إلى قوله تعالى: (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)[43] ، أي منتظرة بم يرجع المرسلون.
    وأما قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى‏ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏)[44] ، يعني محمدا (صلى الله عليه وآله) حين كان عند سدرة المنتهى حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله عز وجل ، قوله في آخر الآية: (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى‏ لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏)[45] ، رأى جبرئيل في صورته مرتين ، هذه المرة ، ومرة أخرى وذلك أن خلق جبرئيل خلق عظيم ، فهومن الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم ولا صفتهم إلا الله رب العالمين».
    ج‏5 ، ص: 825
    قال (عليه السلام): «وأما قوله تعالى: (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ)[46] كذلك قال الله تعالى ، قد كان الرسول يوحي إليه رسل السماء ، فتبلغ رسل السماء إلى رسل[47] الأرض ، وقد كان الكلام بين رسل أهل الأرض وبينه ، من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل ، هل رأيت ربك؟ فقال جبرئيل: إن ربي لا يرى. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أين تأخذ الوحي؟ قال: آخذه من إسرافيل. قال: ومن أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين. قال: ومن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا. فهذا وحي ، وهوكلام الله عز وجل[48] ، وكلام الله عز وجل ليس بنحو واحد ، منه ما كلم الله به الرسل ، ومنه ما قذف في قلوبهم ، ومنه رؤيا يريها الرسل ، ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ ، فهوكلام الله عز وجل».
    قال (عليه السلام): «وأما قوله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)[49] ، فإنما يعني [به‏] يوم القيامة عن ثواب ربهم لمحجوبون ، وقوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِرَبِّكَ)[50] يخبر محمدا (صلى الله عليه وآله) عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله ولرسوله ، فقال: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) حيث لم يستجيبوا لله ولرسوله ، (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) ، يعني بذلك العذاب يأتيهم في دار الدنيا كما عذبت القرون الأولى ، فهذا خبر يخبر به النبي (صلى الله عليه وآله) عنهم ، ثم قال: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) الآية ، يعني لم تكن آمنت من قبل أن تأتي هذه الآية ، وهذه الآية هي طلوع الشمس من مغربها ، وقال في آية أخرى:(فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)[51] يعني أرسل عليهم عذابا ، وكذلك إتيانه بنيانهم ، حيث قال: (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ)[52] يعني أرسل عليهم العذاب».
    وقال (عليه السلام): «وأما قوله عز وجل: (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ)[53] ، وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)[54] ، وقوله تعالى: (إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ)[55] ، وقوله تعالى: (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً)[56] ، يعني البعث ، سماه الله تعالى لقاء ، وكذلك قوله تعالى: (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ)[57] ، يعني من كان يؤمن أنه مبعوث فإن وعد الله لآت من الثواب والعقاب ، فاللقاء ها هنا ليس بالرؤية ، واللقاء هوالبعث ، وكذلك (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ)[58] يعني أنه لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون».
    ج‏5 ، ص: 826
    قال (عليه السلام): «وأما قوله عز وجل: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها)[59] يعني تيقنوا أنهم يدخلونها ، وكذلك قوله تعالى: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ)[60] ، وأما قوله عز وجل للمنافقين: (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)[61] فهوظن شك وليس ظن يقين ، والظن ظنان: ظن شك وظن يقين ، فما كان من أمر المعاد من الظن فهوظن يقين ، وما كان من أمر الدنيا من الظن فهوظن شك».
    قال (عليه السلام): «وأما قوله عز وجل: (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)[62] فهوميزان العدل ، يؤخذ به الخلائق يوم القيامة ، يديل[63] الله تبارك وتعالى الخلائق بعضهم من بعض ، ويجزيهم بأعمالهم ، ويقتص للمظلوم من الظالم.
    ومعنى قوله عز وجل: (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ)[64] (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ)[65] فهوقلة الحساب وكثرته ، والناس يومئذ على طبقات ومنازل ، فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا ، ومنهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب لأنهم لم يتلبسوا من أمر الدنيا بشي‏ء ، وإنما الحساب هناك على من تلبس بها ها هنا ، ومنهم من يحاسب على النقير والقطمير ويصير إلى عذاب السعير ، ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة ، فأولئك لا يقيم لهم وزنا ، ولا يعبأ بهم ، لأنهم لم يعبأوا بأمره ونهيه ، يوم القيامة هم في جهنم خالدون ، تلفح وجوههم النار ، وهم فيها كالحون».
    ج‏5 ، ص: 827
    ومن سؤال هذا الزنديق أن قال: أجد الله يقول: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ)[66] (واللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها)[67] (والَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ)[68] وما أشبه ذلك ? ف?رة يجعل الفعل‏?لنفسه ، ومرة لملك الموت ، ومرة للملائكة ، وأجده يقول: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَمُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ)[69] ، ويقول: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)‏[70]وأعلم في الآية الاولى أن الأعمال الصالحة لا تكفر ، وأعلم في الثانية أن الإيمان والأعمال الصالحة لا تنفع إلا بعد الاهتداء.
    وأجده يقول: (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)[71] فكيف يسأل الحي الأموات قبل البعث والنشور؟
    وأجده يقول: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا)[72] فما هذه الأمانة ، ومن هذا الإنسان ، وليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده؟
    وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله: (وَعَصى‏ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى‏)[73] ، وبتكذيبه نوحا لما قال: (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي)[74] ، بقوله تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)[75] ، وبوصفه إبراهيم بأنه عبد كوكبا مرة ، ومرة قمرا ، ومرة شمسا ، وبقوله في يوسف: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ)[76] وبتهجينه موسىحيث قال:(رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي) الآية ، وببعثه على داود جبرئيل وميكائيل حيث تسوروا المحراب إلى آخر القصة ، وبحبسه يونس في بطن الحوت حيث ذهب مغاضبا مذنبا ، وأظهر خطأ الأنبياء وزللهم ، ووارى اسم من اغتر وفتن خلقه وضل وأضل ، وكنى عن أسمائهم في قوله: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى‏ يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى‏ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي)[77] فمن هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء الأنبياء؟
    وأجده يقول: (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)[78] (وهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ)[79] ، (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى)‏[80]فمرة يجيئهم ، ومرة يجيئونه.
    ‏5 ، ص: 828
    وأجده يخبر أنه يتلونبيه شاهد منه ، كأن الذي تلاه عبد الأصنام برهة من دهره. وأجده يقول: (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)[81] ، فما هذا النعيم الذي يسأل العباد عنه؟ وأجده يقول: (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ)[82] ما هذه البقية؟
    وأجده يقول: (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)[83] و(فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)[84] و(كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)[85] و(وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ)[86] و(وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ)[87] ما معنى الجنب والوجه واليمين والشمال؟ فإن الأمر في ذلك ملتبس جدا.
    وأجده يقول: (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏)[88] ويقول: (أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ)[89] و(وَهُوَالَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)[90] و(وَهُوَمَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ)[91] و(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)[92] و(ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَرابِعُهُمْ)[93] الآية.
    وأجده يقول: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى‏ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)[94] ، وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ، ولا كل النساء أيتام ، فما معنى ذلك؟
    وأجده يقول: (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[95] ، فكيف يظلم الله ، ومن هؤلاء الظلمة؟
    وأجده يقول: (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ)[96] فما هذه الواحدة؟
    وأجده يقول: (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)[97] ، وقد أرى مخالفي الإسلام معتكفين على باطلهم‏غير مقلعين عنه ، وأرى غيرهم من أهل الفساد مختلفين في مذاهبهم يلعن بعضهم بعضا ، فأي موضع للرحمة العامة لهم ، المشتملة عليهم؟
    ج‏5 ، ص: 829
    وأجده قد بين فضل نبيه على سائر الأنبياء ، ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء عليه وانخفاض محله ، وغير ذلك من تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء ، مثل قوله: (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى‏ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ)[98] وقوله: (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً)[99] ، وقوله تعالى: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ)[100] ، وقوله: (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ)[101] ، وقال: (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ)[102] ، (وَكُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)[103] فإذا كانت الأشياء تحصى في الإمام المبين وهووصي النبي ، فالنبي أولى أن يكون بعيدا من الصفة التي قال فيها: (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) وهذه كلها صفات مختلفة ، وأحوال متناقضة ، وأمور مشكلة ، فإن يكن الرسول والكتاب حقا ، فقد هلكت لشكي[104] في ذلك ، وإن كانا باطلين فما علي من بأس! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، تبارك وتعالى هوالحي الدائم القائم على كل نفس بما كسبت ، هات أيضا ما شككت فيه؟». قال: حسبي ما ذكرت ، يا أمير المؤمنين.
    ج‏5 ، ص: 830
    قال علي (عليه السلام): «سأنبئك بتأويل ما سألت عنه ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وعليه فليتوكل المتوكلون.
    فأما قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها)[105] ، وقوله عز وجل: (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ)[106] و(تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا)[107] و(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ‏)[108] و(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ)[109] فهوتبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله ، لأنهم بأمره‏يعملون ، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه ، وهم الذين قال الله فيهم: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ)[110] ، فمن كان من أهل الطاعة ، تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة ، يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكل ما يأتون به منسوب إليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، ففعل ملك الموت فعل الله ، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ، ويعطي ويمنع ، ويثيب ويعاقب على يد من يشاء ، وإن فعل أمنائه فعله كما قال: (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ)[111].
    وأما قوله: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَمُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ)[112] ، وقوله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)[113] ، فإن ذلك كله لا يغني إلا مع الاهتداء ، وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ، ولوكان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها بالله ، ونجا سائر المقرين بالوحدانية ، من إبليس فمن دونه في الكفر ، وقد بين الله ذلك بقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[114] ، وبقوله: (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ)[115].
    وللإيمان حالات ومنازل يطول شرحها ، ومن ذلك أن الايمان قد يكون على وجهين: إيمان بالقلب ، وإيمان باللسان ، كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قهرهم بالسيف وشملهم الخوف ، فإنهم آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، فالإيمان بالقلب هوالتسليم للرب ، ومن سلم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره ، كما استكبر إبليس عن السجود لآدم ، واستكبر أكثر الأمم عن طاعة أنبيائهم ، فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود الطويل ، فإنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام ، لم يرد بها غير زخرف الدنيا والتمكين من النظرة ، فلذلك لا تنفع الصلاة والصدقة إلا مع الاهتداء إلى سبيل النجاة وطريق الحق ، وقد قطع الله عذر عباده بتبيين آياته وإرسال رسله ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة إليه ، ومتعلم على سبيل نجاة ، أولئك هم الأقلون عددا.
    ج‏5 ، ص: 831
    وقد بين الله ذلك في امم الأنبياء ، وجعلهم مثلا لمن تأخر ، مثل قوله في قوم نوح:(وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)[116] ، وقوله فيمن آمن من امة موسى: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى‏ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)[117] ، وقوله في حواري عيسى ، حيث قال لسائر بني إسرائيل: (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)[118] يعني بأنهم مسلمون لأهل الفضل فضلهم ، ولا يستكبرون عن أمر ربهم ، فما أجابه منهم إلا الحواريون ، وقد جعل الله للعلم أهلا وفرض على العباد طاعتهم بقوله: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[119] وبقوله: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[120] ، وبقوله: (اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[121] ، وبقوله: (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)[122] ، وبقوله: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها)[123] ، والبيوت هي بيوت العلم الذي استودعته الأنبياء ، وأبوابها أوصياؤهم.
    فكل من عمل من أعمال الخير فجرى على غير أيدي أهل الاصطفاء وعهودهم وحدودهم وشرائعهم وسننهم ومعالم دينهم ، مردود وغير مقبول ، وأهله بمحل كفر وإن شملتهم صفة الايمان ، ألم تسمع إلى قوله تعالى: (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى‏ وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ)[124]؟ وماتوا وهم كافرون ، فمن لم يهتد من أهل الايمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه إيمانه بالله مع دفعه حق أوليائه ، وحبط عمله وهوفي الآخرة من الخاسرين ، وكذلك قال الله سبحانه: (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)[125] وهذا كثير في كتاب الله عز وجل والهداية هي الولاية ، كما قال الله عز وجل:(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ)[126] ، والذين آمنوا في هذا الموضع ، هم المؤتمنون على الخلائق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر ، وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا ، إن المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويدفعون عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما عهد به من دين الله وعزائمه وبراهين نبوته إلى وصيه ، ويضمرون من الكراهة له ، والنقض لما أبرمه منه ، عند إمكان الأمر لهم ، فيما قد بينه الله لنبيه بقوله: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَبَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[127] ، وبقوله: (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ)[128] ، ومثل قوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)[129] ، أي لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء ، وهذا كثير في كتاب الله عز وجل ، وقد شق على النبي (صلى الله عليه وآله) ما يؤول إليه عاقبة أمرهم ، واطلاع الله إياه على بوارهم ، فأوحى الله عز وجل إليه: (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ)[130] و(فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)[131].
    ج‏5 ، ص: 832
    وأما قوله: (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)[132] فهذا من براهين نبينا (صلى الله عليه وآله) التي آتاه الله إياها وأوجب به الحجة على سائر خلقه ، لأنه لما ختم به الأنبياء وجعله الله رسولا إلى جميع الأمم وسائر الملل ، خصه الله بالارتقاء إلى السماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الأنبياء ، فعلم منهم ما أرسلوا به وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه ، وأقروا أجمعون بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده ، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم ولم يستكبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم وسائر من مضى ومن غبر أوتقدم أوتأخر.
    وأما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه ، ووقوع الكناية عن أسماء من اجترم أعظم مما اجترمته الأنبياء ممن شهد الكتاب بظلمهم ، فإن ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة ، لأنه علم أن براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم ، وأن منهم من يتخذ بعضهم إلها ، كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي تفرد به عز وجل ، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه وفي امه: (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ)[133]؟ يعني إن من أكل الطعام كان له ثفل ، ومن كان له ثقل فهوبعيد مما ادعته النصارى لابن مريم.
    ولم يكن عن أسماء الأنبياء تجبرا وتعززا ، بل تعريفا لأهل الاستبصار ، أن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى ، وأنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين ، واعتاضوا الدنيا من الدين.
    ج‏5 ، ص: 833
    وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِاللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا)[134] ، وبقوله: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ)[135] ، وبقوله: (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى‏ مِنَ الْقَوْلِ)[136]‏ بعد فقد الرسول ما يقيمون به أود باطلهم حسب ما فعلته اليهود والنصارى بعد فقد موسى وعيسى من تعيير ]تغيير[ التوراة والإنجيل ، وتحريف الكلم عن مواضعه ، وبقوله: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ)[137] ، يعني أنهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليفة ، فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوا فيه وحرفوا منه[138] ، وبين عن إفكهم وتلبيسهم وكتمان ما علموه منه ، ولذلك قال لهم: (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ)[139] ، وضرب مثلهم بقوله: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)[140] ، فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن ، فهويضمحل ويبطل ويتلاشى عند التحصيل ، والذي ينفع الناس فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والقلوب تقبله ، والأرض في هذا الموضع هي محل العلم وقراره.
    وليس يسوغ مع[141] عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين ، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب ، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل والكفر والملل المنحرفة عن قبلتنا وإبطال هذا العلم الظاهر الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الائتمار لهم والرضا بهم ، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق ، ولأن الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)[142] ، وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[143] ، فحسبك من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت ، فإن شريعة التقية تحظرالتصريح بأكثر منه.
    ج‏5 ، ص: 834
    وأما قوله تعالى: (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)[144] ، وقوله: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى‏)[145] ، وقوله:(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ)[146] فذلك كله حق ، وليس مجيئه[147] جل ذكره كمجي‏ء[148] خلقه ، فإنه رب [كل‏] شي‏ء ، ومن كتاب الله عز وجل ما يكون تأويله على غير تنزيله ، ولا يشبه تأويله كلام البشر ولا فعل البشر ، وسأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء الله تعالى ، وهوحكاية الله عز وجل عن إبراهيم (عليه السلام) حيث قال: (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ)[149] ، فذهابه إلى ربه توجهه إليه في عبادته واجتهاده ، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله! وقال: (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ)[150] ، وقال:(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)[151] ، فإنزاله ذلك خلقه إياه ، وكذلك قوله: (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ)[152] ، أي الجاحدين. فالتأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره.
    ومعنى قوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ)، فإنما خاطب نبينا (صلى الله عليه وآله): هل ينتظر المنافقون والمشركون إلا أن تأتيهم الملائكة فيعاينوهم (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ)يعني بذلك أمر ربك ، والآيات هي العذاب في دار الدنيا كما عذب الأمم السالفة والقرون الخالية ، وقال: (أَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها)[153] ، يعني بذلك ما يهلك من القرون ، فسماه إتيانا ، وقال: (قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[154] ، أي لعنهم الله أنى يؤفكون ، فسمى اللعنة قتالا ، وكذلك قال:(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ)[155] ، أي لعن الإنسان ، وقال: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى‏)[156]، فسمى فعل النبي (صلى الله عليه وآله) فعلا له ، ألا ترى تأويله على غير تنزيله! ومثله قوله: (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ)[157] ، فسمى البعث لقاء وكذلك قوله: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)[158] ، أي يوقنون أنهم مبعوثون ، ومثله قوله: (أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ)[159] ، يعني أليس يوقنون‏أنهم مبعوثون؟ واللقاء عند المؤمن البعث وعند الكافر المعاينة والنظر ، وقد يكون بعض ظن الكافر يقينا ، وذلك قوله: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها)[160].
    ج‏5 ، ص: 835
    وأما قوله في المنافقين: (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)[161] ، فليس ذلك بيقين ولكنه شك ، فاللفظ واحد في الظاهر ومخالف في الباطن ، وكذلك قوله: (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)[162] ، يعني استوى تدبيره وعلا أمره.
    وقوله: (وَهُوَالَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)[163] ، وقوله: (وَهُوَمَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ)[164] ، وقوله: (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَرابِعُهُمْ)[165] ، فإنما أراد بذلك استيلاء امنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه ، وأن فعلهم فعله ، فافهم عني ما أقول لك ، فإني إنما أزيدك في الشرح لا ثلج صدرك وصدر من لعله بعد اليوم يشك في مثل ما شككت فيه ، فلا يجد مجيبا عما يسأل عنه لعموم الطغيان والافتتان واضطرار أهل العلم بتأويل الكتاب إلى الاكتتام والاحتجاب خيفة أهل الظلم والبغي.
    أما إنه سيأتي على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا ، والباطل ظاهرا مشهورا ، وذلك إذا كان أولى الناس بهم أعداهم له ، واقترب الوعد الحق ، وعظم الإلحاد ، وظهر الفساد ، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ، ونحلهم الكفار أسماء الأشرار ، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه ، ثم يتيح الله الفرج لأوليائه ، ويظهر صاحب الأمر على أعدائه.
    وأما قوله تعالى: (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ)[166] ، فذلك حجة الله أقامها على خلقه ، وعرفهم أنه لا يستحق مجلس النبي (صلى الله عليه وآله) إلا من يقوم مقامه ، و[لا] يتلوه إلا من يكون في الطهارة مثله منزلة ، لئلا يتسع لمن ماسه رجس الكفر في وقت من الأوقات انتحال الاستحقاق لمقام الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وليضيق العذر على من يعينه على إثمه وظلمه ، إذ كان الله قد حظر على من ماسه الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه وأوليائه بقوله لإبراهيم:(لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)[167] أي المشركين ، لأنه سمى الظلم شركا بقوله: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[168] ، فلما علم إبراهيم (عليه السلام) أن عهد الله تبارك وتعالى اسمه بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام ، قال:(وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)[169].
    ج‏5 ، ص: 836
    واعلم أن من آثر المنافقين على الصادقين ، والكافر على الأبرار ، فقد افترى إثما عظيما ، إذ كان قد بين في كتابه الفرق بين المحق والمبطل ، والطاهر والنجس ، والمؤمن والكافر ، وأنه لا يتلوالنبي عند فقده إلا من حل محله صدقا وعدلا وطهارة وفضلا.
    أما الأمانة التي ذكرتها فهي الأمانة التي لا تجب ولا يجوز أن تكون إلا في الأنبياء وأوصيائهم ، لأن الله تبارك وتعالى ائتمنهم على خلقه وجعلهم حججا في أرضه ، فبالسامري ومن اجتمع معه وأعانه من الكفار على عبادة العجل عند غيبة موسى (عليه السلام) ما تم انتحال محل موسى (عليه السلام) من الطغام ، والاحتمال لتلك الأمانة التي لا تنبغي إلا لطاهر من الرجس ، فاحتمل وزرها ووزر من سلك سبيله من الظالمين وأعوانهم ، ولذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله): من استن سنة حق كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن استن سنة باطل كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ولهذا القول من النبي (صلى الله عليه وآله) شاهد من كتاب الله [وهوقول الله‏] عز وجل في قصة قابيل قاتل أخيه (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً)[170] ، والإحياء في هذا الموضع تأويل في الباطن ليس كظاهره ، وهومن هداها ، لأن الهداية هي حياة الأبد ، ومن سماه الله حيا لم يمت أبدا ، إنما ينقله من دار محنة إلى دار راحة ومنحة.
    وأما ما كان من الخطاب بالانفراد مرة وبالجمع مرة من صفة الباري جل ذكره ، فإن الله تبارك وتعالى اسمه على ما وصف به نفسه بالانفراد والوحدانية ، هوالنور الأزلي القديم ، الذي ليس كمثله شي‏ء ، لا يتغير ، ويحكم ما يشاء ، ويختار ، ولا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، ولا ما خلق زاد في ملكه وعزه ، ولا نقص منه ما لم يخلقه ، وإنما أراد بالخلق إظهار قدرته ، وإبداء سلطانه ، وتبيين براهين حكمته ، فخلق ما شاء كما شاء ، وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من امنائه ، فكان فعلهم فعله ، وأمرهم أمره ، كما قال: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ)[171].وجعل السماء والأرض ووعاء ]وعاء[ لمن يشاء من خلقه ، ليميز الخبيث من الطيب ، مع سابق علمه بالفريقين من أهلها ، وليجعل ذلك مثالا لأوليائه وأمنائه ، وعرف الخليقة[172] فضل منزلة أوليائه[173] ، وفرض عليهم من طاعتهم مثل الذي فرض منه لنفسه ، وألزمهم الحجة بأن خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحده ، وبأن له أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ، فهم العباد المكرمون ، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، هم الذين‏أيدهم بروح منه ، وعرف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله: (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ)[174] ، وهم النعيم الذي يسأل العباد عنه ، لأن الله تبارك وتعالى أنعم بهم على من أتبعهم من أوليائهم».
    ج‏5 ، ص: 837
    قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: «هم رسول الله ، ومن أحله محله من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه ، وهم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[175] ، وقال فيهم: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[176]».
    قال السائل: ما ذاك الأمر؟ قال علي (عليه السلام): «الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ، من خلق ورزق ، وأجل وعمل[177] ، وحياة وموت ، وعلم غيب السماوات والأرض ، والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله وأصفيائه ، والسفرة بينه وبين خلقه ، وهم وجه الله الذي قال: (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)[178] ، هم بقية الله ، يعني المهدي يأتي عند انقضاء هذه النظرة ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ومن آياته: الغيبة والاكتتام عند عموم الطغيان ، وحلول الانتقام ، ولوكان هذا الأمر الذي عرفتك نبأه للنبي (صلى الله عليه وآله) دون غيره ، لكان الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ، ولقال: نزلت الملائكة ، وفرق كل أمر حكيم ، ولم يقل (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ)[179] و(يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)[180] ، وقد زاد جل ذكره في التبيان وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه (عليهم السلام): (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)[181] ، تعريفا للخليقة قربهم ، ألا ترى أنك تقول: فلان إلى جنب فلان ، إذا أردت أن تصف قربه منه؟
    وإنما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه ، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه منه ، وتلبيسهم ذلك على الأمة ، ليعينوهم على باطلهم ، فأثبت فيه الرموز ، وأعمى قلوبهم وأبصارهم ، لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه ، وجعل أهل الكتاب القائمين[182] به والعالمين بظاهره وباطنه ، من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت ، وجعل أعداءها أهل‏ الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم فأبى الله إلا أن يتم نوره. ولوعلم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها ، لأسقطوها مع ما أسقطوا منه ، ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بإيجاب الحجة على خلقه كما قال: (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ)[183] ، أغشى أبصارهم ، وجعل على قلوبهم أكنة عن تأمل[184] ذلك ، فتركوه بحاله ، وحجبوا عن تأكيده الملتبس[185] بإبطاله ، فالسعداء يتثبتون عليه ، والأشقياء يعمون عنه (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ)[186].
    ج‏5 ، ص: 838
    ثم إن الله جل ذكره لسعة رحمته ، ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كتابه[187] ، قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسه ، وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعرفه إلا الله وأمناؤه والراسخون في العلم ، وإنما فعل الله ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم ، وليقودهم الاضطرار إلى الائتمار بمن ولاه أمرهم ، فاستكبروا عن طاعته تعززا وافتراء على الله عز وجل ، واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند الله عز اسمه ورسوله (صلى الله عليه وآله).
    فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كتاب الله ، فهوقول الله سبحانه: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) ، وقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[188] ، ولهذه الآية ظاهر وباطن ، فالظاهر: قوله: (صَلُّوا عَلَيْهِ) ، والباطن: قوله: (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي سلموا لمن وصاه واستخلفه وفضله عليكم ، وما عهد به إليه تسليما ، وهذا مما أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه ، وصفا ذهنه ، وصح تمييزه ، وكذلك قوله تعالى: (سَلامٌ عَلى‏ آل‏ياسِينَ)[189] لأن الله سمى النبي (صلى الله عليه وآله) بهذا الاسم حيث قال: (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)[190] ، لعلمه بأنهم يسقطون قوله: سلام على آل محمد ، كما أسقطوا غيره ، وما زال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتى أذن الله عز وجل في إبعادهم بقوله: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا)[191] ، وبقوله:(فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ‏كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ)[192] ، وكذلك قول الله عز وجل:(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ)[193] ، ولم يسمهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم.
    ج‏5 ، ص: 839
    وأما قوله: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)[194] ، فالمراد[195] كل شي‏ء هالك إلا دينه ، لأن من المحال أن يهلك منه كل شي‏ء ويبقى الوجه ، وهو أجل وأكرم وأعظم من ذلك ، وإنما يهلك من ليس منه ، ألا ترى أنه قال:(كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ)[196]؟ ففصل بين خلقه ووجهه.
    وأما ظهورك على تناكر[197] قوله: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى‏ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)[198] ، وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ، ولا كل النساء أيتام ، فهومما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن ، وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء[199] من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن ، وهذا وما أشبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر والتأمل ، ووجد المعطلون وأهل الملل المخالفة للإسلام مساغا إلى القدح في القرآن ، ولوشرحت لك كل ما أسقط وحرف وبدل مما يجري هذا المجرى لطال ، فظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء.
    وأما قوله: (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[200] ، فهوتبارك اسمه أجل وأعظم من أن يظلم ، ولكنه قرن أمناءه على خلقه بنفسه ، وعرف الخليقة جلالة قدرهم عنده ، وأن ظلمهم ظلمه ، بقوله:(وَما ظَلَمُونا) ببغضهم أولياءنا ، ومعونة أعدائهم عليهم ، (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) إذ حرموها الجنة ، وأوجبوا عليها خلود النار.
    ج‏5 ، ص: 840
    وأما قوله: (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ)[201] ، فإن الله جل ذكره أنزل عزائم الشرايع وآيات الفرائض في أوقات مختلفة ، كما خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، ولوشاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق ، ولكنه جعل الأناة والمداراة مثالا[202] ، لامنائه ، وإيجابا للحجة على خلقه ، فكان أول ما قيدهم به الإقرار بالوحدانية والربوبية والشهادة بأن لا إله إلا الله ، فلما أقروا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه (صلى الله عليه وآله) بالنبوة والشهادة له بالرسالة ، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثم الصوم ثم الحج ثم الجهاد ثم الزكاة ثم الصدقات ، وما يجري مجراها من مال الفي‏ء ، فقال المنافقون: هل بقي لربك علينا بعد الذي فرضه شي‏ء آخر يفترضه ، فتذكره لتسكن أنفسنا أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) يعني الولاية ، وأنزل (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)[203] ، وليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد وهوراكع غير رجل واحد ، لوذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره ، وهذا وما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرفون فيبلغ إليك وإلى أمثالك ، وعند ذلك قال الله عز وجل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [204]».
    وأما قوله لنبيه (صلى الله عليه وآله): (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)[205] ، فإنك ترى أهل الملل المخالفة للايمان ، ومن يجري مجراهم من الكفار ، مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية ، وأنه لوكان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير ، فإن الله تبارك وتعالى إنما عنى بذلك أنه جعله سبيلا[206] لإنظار أهل هذه الدار ، لأن الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه ، وسلموا وسلم أهل دارهم من سائر الخليقة ، وإن خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كان نبيهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم من خسف أوقذف أورجف أوريح أوزلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية ، وإن الله علم من نبينا (صلى الله عليه وآله) ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله ، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح ، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه[207]: من كنت مولاه فعلي[208] مولاه ، وهومني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
    وليس من خليقة النبي ولا من شيمته[209] أن يقول قولا لا معنى له ، فلزم الأمة أن تعلم أنه لما كانت النبوة والخلافة[210] موجودتين في خلافة هارون ، ومعدومتين فيمن جعله النبي (صلى الله عليه وآله) بمنزلته أنه قد استخلفه على أمته كما استخلف موسى هارون حيث قال له: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي)[211] ، ولوقال لهم: لا تقلدوا الإمامة إلا فلانا بعينه وإلا نزل بكم العذاب ، لأتاهم العذاب ، وزال باب الإنظار والإمهال.
    ج‏5 ، ص: 841
    وبما أمر بسد باب الجميع وترك بابه ، ثم قال: ما سددت ولا تركت ، ولكني أمرت فأطعت. فقالوا: سددت‏بابنا وتركت لأحدثنا سنا بابه! فأما ما ذكروه من حداثة سنه ، فإن الله لم يستصغر يوشع بن نون حيث أمر موسى (عليه السلام) أن يعهد بالوصية إليه وهوفي سن ابن سبع سنين ، ولا استصغر يحيى وعيسى لما استودعهما عزائمه وبراهين حكمته ، وإنما فعل ذلك جل ذكره لعلمه بعاقبة الأمور ، وأن وصيه لا يرجع بعده ضالا ولا كافرا.
    وبأن عمد النبي (صلى الله عليه وآله) إلى سورة براءة فدفعها إلى من علم أن الامة تؤثره على وصيه ، وأمره بقراءتها على أهل مكة ، فلما ولى من بين يديه أتبعه بوصيه ، وأمره بارتجاعها منه والنفوذ إلى مكة ليقرأها على أهلها ، وقال: إن الله جل جلاله أوحى إلي أن لا يؤدي عني إلا رجل مني ، دلالة منه على خيانة من علم أن الأمة اختارته على وصيه ، ثم شفع ذلك بضم الرجل الذي ارتجع سورة براءة منه ومن يؤازره في تقدم المحل عند الأمة إلى علم النفاق عمروبن العاص في غزاة ذات السلاسل وولاهما عمروحرس عسكره ، وختم أمرهما بأن ضمهما عند وفاته إلى مولاه أسامة بن زيد ، وأمرهما بطاعته والتصريف بين أمره ونهيه ، وكان آخر ما عهد به في أمر أمته ، قوله:
    أنفذوا جيش أسامة ، يكرر ذلك على أسماعهم إيجابا للحجة عليهم في إيثار المنافقين على الصادقين.
    ولوعددت كل ما كان من[212] رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إظهار معايب المستولين على تراثه لطال ، وإن السابق منهم إلى تقلد ما ليس له بأهل قام هاتفا على المنبر لعجزه عن القيام بأمر الأمة ومستقيلا مما تقلده لقصور معرفته عن تأويل ما كان يسأل عنه ، وجهله بما يأتي ويذر ، ثم أقام على ظلمة ولم يرض باحتقاب عظيم الوزر في ذلك حتى عقد الأمر من بعده لغيره ، فأتى التالي بتسفيه رأيه ، والقدح والطعن على أحكامه ، ورفع السيف عمن كان صاحبه وضعه عليه ، ورد النساء اللاتي كان سباهن إلى أزواجهن وبعضهن حوامل ، وقوله: قد نهيته عن قتال أهل القبلة فقال لي: إنك لحدب[213] على أهل الكفر ، وكان هوفي ظلمه لهم أولى باسم الكفر منهم ، ولم يزل يخطئه ويظهر الإزراء عليه ويقول على المنبر: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها ، فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه ، وكان يقول قبل ذلك قولا ظاهرا: ليته حسنة من حسناته ، ويود أنه كان شعرة في صدره ، وغير ذلك من القول المتناقض المؤكد لحجج الدافعين لدين الإسلام.
    وأتى من أمر الشورى وتأكيده بها عقد الظلم والإلحاد والبغي والفساد حتى تقرر على إرادته ما لم يخف على ذي لب موضع ضرره ، ولم تطق الامة الصبر على ما أظهره الثالث من سوء الفعل ، فعاجلته بالقتل ، فاتسع بما جنوه من ذلك لمن وافقهم على ظلمهم وكفرهم ونفاقهم محاولة مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الأمة.
    ج‏5 ، ص: 842
    كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها[214] الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحق القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله تعالى في كتابه بقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)[215] ، وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلا اسمه‏ومن القرآن إلا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له ، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ويظهر دين نبيه (صلى الله عليه وآله) على يديه على الدين كله ولوكره المشركون.
    وأما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي (صلى الله عليه وآله) والإزراء به ، والتأنيب له ، مع ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه ، فإن الله عز وجل جعل لكل نبي ، عدوا من المجرمين ، كما قال في كتابه. وبحسب جلالة منزلة نبينا (صلى الله عليه وآله) عند ربه كذلك ، عظم محنته لعدوه الذي عاد منه في شقاقه ونفاقه كل أذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه إياه ، وسعيه في مكارهه ، وقصده لنقض كل ما أبرمه ، واجتهاده ومن مالأه على كفره وعناده ونفاقه وإلحاده في إبطال دعواه ، وتغيير ملته ، ومخالفة سنته ، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه ، وإيحاشهم منه ، وصدهم عنه ، وإغرائهم بعداوته ، والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به ، وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل ، وكفر ذوي الكفر منه ، وممن وافقه على ظلمه وبغيه وشركه ، ولقد علم الله ذلك منهم ، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا)[216] ، وقال: (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ)[217] ولقد أحضروا الكتاب كملا مشتملا على التأويل والتنزيل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، لم يسقط منه حرف ألف ولا لام.
    فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق والباطل ، وأن ذلك إن ظهر نقض ما عقدوه ، قالوا: لا حاجة لنا فيه ، نحن مستغنون عنه بما عندنا ، وكذلك قال: (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ)[218].
    ثم دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه وتأليفه وتضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم ، فصرخ[219] مناديهم: من كان عنده شي‏ء من القرآن فليأتنا به ، ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله ، فألفه على اختيارهم ، وما[220] يدل للمتأمل له على اختلال تمييزهم وافترائهم ، وتركوا منه ما قدروا أنه لهم وهوعليهم ، وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره ، وعلم الله أن ذلك يظهر ويبين ، فقال: (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ)[221] ، وانكشف لأهل الاستبصار عوارهم[222] وافتراؤهم ، والذي بدأ في الكتاب‏
    ج‏5 ، ص: 843
    من الإزراء على النبي (صلى الله عليه وآله) من فرية الملحدين ، ولذلك قال: (لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً)[223].
    ويذكر جل ذكره لنبيه (صلى الله عليه وآله) ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ)[224] ، يعني أنه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعاينه[225] من نفاق قومه وعقوقهم والانتقال عنهم إلى دار الإقامة ، إلا ألقى الشيطان المعرض لعداوته[226] عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه والقدح فيه والطعن عليه ، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله ، ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين ، ويحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال والعدوان ومشايعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حتى قال: (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)[227].
    فافهم هذا ، واعمل به ، واعلم أنك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر مما سألت ، وأني قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة العلم ، وقلة الراغبين في التماسه ، وفي دون ما بينت لك بلاغ لذوي الألباب».
    قال السائل: حسبي ما سمعت يا أمير المؤمنين! شكر الله لك على استنقاذي من عماية الشك وطخية الإفك ، وأجزل على ذلك مثوبتك ، إنه على كل شي‏ء قدير. وصلى الله أولا وآخرا على أنوار الهدايات وأعلام البريات محمد وآله أصحاب الدلالات الواضحات وسلم تسليما كثيرا.[228]



    الحمد لله وحده


    [1]التوبة 9: 67.

    [2]الأعراف 7: 51.

    [3]مريم 19: 64.

    [4]النبأ 78: 38.

    [5]الأنعام 6: 23.

    [6]العنكبوت 29: 25.

    [7]سورة ص 38: 64.

    [8]سورة ق 50: 28.

    [9]يس 36: 65. [.....]

    [10]القيامة 75: 22 ، 23.

    [11]الأنعام 6: 103.

    [12]النجم 53: 13 ، 14.

    [13]طه 20: 109.

    [14]الشورى 42: 51.

    [15]المطففين 83: 15.

    [16]الأنعام 6: 158.


    [17]السجدة 32: 10.

    [18]التوبة 9: 77.

    [19]الكهف 18: 110.

    [20]الكهف 18: 53.

    [21]الأنبياء 21: 47.

    [22]المؤمنون 23: 102.

    [23]المؤمنون 23: 103. [.....]

    [24]إبراهيم 14: 22.

    [25]الممتحنة 60: 4.

    [26]الأنعام 6: 23.

    [27]الأنعام 6: 24.

    [28]فصلت 41: 21.

    [29]عبس 80: 34- 36.

    [30](فيفر بعضهم من بعض ... آخر يستنطق) ليس في «ي».

    [31]الأعراف 7: 6.

    [32] المائدة5 :.19

    [33]النساء 4: 41.

    [34]في «ي»: أرجلهم.

    [35]في المصدر: عهده.

    [36]المؤمنون 23: 106.

    [37]في المصدر: قبله.

    [38]الإسراء 17: 79.

    [39]في المصدر: المكان. [.....]

    [40]القيامة 75: 22 ، 23.

    [41]الوعث: كلّ أمر شاقّ من تعب وغيره. «المعجم الوسيط 2: 1043».

    [42]الزمر 39: 73.

    [43]النمل 27: 35.

    [44]النجم 53: 13 ، 14.

    [45]النجم 53: 17 ، 18.

    [46]الشورى 42: 51.

    [47](رسل) ليس في المصدر.

    [48](لا يرى فقال رسول الله ..... وهوكلام الله عز وجل) ليس في «ي».

    [49]المطففين 83: 15.

    [50]الأنعام 6: 158.

    [51]الحشر 59: 2.

    [52]النحل 16: 26.

    [53]السجدة 32: 10. [.....]

    [54]البقرة 2: 46.

    [55]التوبة 9: 77.

    [56]الكهف 18: 110.

    [57]العنكبوت 29: 5.

    [58]الأحزاب 33: 44.

    [59]الكهف 18: 53.

    [60]الحاقة 69: 20.

    [61]الأحزاب 33: 10.

    [62]الأنبياء 21: 47.

    [63]أدال فلانا وغيره على فلان أومنه: نصره ، وغلبه عليه ، وأظفره به. «المعجم الوسيط 1: 304».

    [64]الأعراف 7: 8.

    [65]الأعراف 7: 9.

    [66]السجدة 32: 11.

    [67]الزمر 39: 42. [.....]

    [68]النحل 16: 32.

    [69]الأنبياء 21: 94.

    [70]طه 20: 82.

    [71]الزخرف 43: 45.

    [72]الأحزاب 33: 72.

    [73]طه 20: 121.

    [74]هود 11: 45.

    [75]هود 11: 46.

    [76]يوسف 12: 24.

    [77]الفرقان 25: 27- 29.

    [78]الفجر 89: 22.

    [79]الأنعام 6: 158.

    [80]الأنعام 6: 94. [.....]

    [81]التكاثر 102/ 8.

    [82]هود 11: 86.

    [83]الزمر 39: 56.

    [84]البقرة 2: 115.

    [85]القصص 28: 88.

    [86]الواقعة 56: 27.

    [87]الواقعة 56: 41.

    [88]طه 20: 5.

    [89]الملك 67: 16.

    [90]الزخرف 43: 84.

    [91]الحديد 57: 4.

    [92]سورة ق 50: 16.

    [93]المجادلة 58: 7.

    [94]النساء 4: 3. [.....]

    [95]الأعراف 7: 160.

    [96]سبأ 34: 46.

    [97]الأنبياء 21: 107.

    [98]الأنعام 6: 35.

    [99]الإسراء 17: 74 ، 75.

    [100]الأحزاب 33: 37.

    [101]الأحقاف 46: 9.

    [102]الأنعام 6: 38.

    [103]يس 36: 12.

    [104]في «ج ، ي»: بشكي.

    [105]الزمر 39: 42.

    [106]السجدة 32: 11.

    [107]الأنعام 6: 61.

    [108]النحل 16: 32. [.....]

    [109]النحل 16: 28.

    [110]الحج 22: 75.

    [111]الإنسان 76: 30.

    [112]الأنبياء 21: 94.

    [113]طه 20: 82.

    [114]الأنعام 6: 82.

    [115]المائدة 5: 41.

    [116]هود 11: 40.

    [117]الأعراف 7: 159.

    [118]آل عمران 3: 52.

    [119]النساء 4: 59.

    [120]النساء 4: 83.

    [121]التوبة 9: 119.

    [122]آل عمران 3: 7. [.....]

    [123]البقرة 2: 189.

    [124]التوبة 9: 54.

    [125]غافر 40: 85.

    [126]المائدة 5: 56.

    [127]النساء 4: 65.

    [128]آل عمران 3: 144.

    [129]الانشقاق 84: 19.

    [130]فاطر 35: 8.

    [131]المائدة 5: 68.

    [132]الزخرف 43: 45.

    [133]المائدة 5: 75.

    [134]البقرة 2: 79.

    [135]آل عمران 3: 78.

    [136]النساء 4: 108. [.....]

    [137]التوبة 9: 32.

    [138]في «ط»: فيه.

    [139]آل عمران 3: 71.

    [140]الرعد 13: 17.

    [141]في «ج»: من ، وفي «ي»: عن.

    [142]الأحقاف 46: 35.

    [143]الأحزاب 33: 21.

    [144]الفجر 89: 22.

    [145]الأنعام 6: 94.

    [146]الأنعام 6: 158.

    [147]في المصدر: وليست جيئته.

    [148]في المصدر: كجيئة.

    [149]الصافات 37: 99.

    [150]الزمر 39: 6. [.....]

    [151]الحديد 57: 25.

    [152]الزخرف 43: 81.

    [153]الرعد 13: 41.

    [154]التوبة 9: 30.

    [155]عبس 80: 17.

    [156]الأنفال 8: 17.

    [157]السجدة 32: 10.

    [158]البقرة 2: 46.

    [159]المطففين 83: 4 ، 5.

    [160]الكهف 18: 53

    [161]الأحزاب 33: 10.

    [162]طه 20: 5.

    [163]الزخرف 43: 84.

    [164]الحديد 57: 4. [.....]

    [165]المجادلة 58: 7.

    [166]هود 11: 17.

    [167]البقرة 2: 124.

    [168]لقمان 31: 13.

    [169]إبراهيم 14: 35.

    [170]المائدة 5: 32.

    [171]النساء 4: 80.

    [172]في «ج ، ي»: الخلق.

    [173]زاد في «ي»: وأمنائه.

    [174]الجن 72: 26.

    [175]النساء 4: 59.

    [176]النساء 4: 83.

    [177]زاد في المصدر: وعمر.

    [178]البقرة: 2: 115. [.....]

    [179]القدر 97: 4.

    [180]الدخان 44: 4.

    [181]الزمر 39: 56.

    [182]في المصدر ، و«ط»: نسخة بدل: المقيمين.

    [183]الأنعام 6: 149.

    [184]في «ج»: تأويل.

    [185]في «ج ، ي»: تأويل الملتبس ، وفي «ط»: تأكيد الملبس.

    [186]النور 24: 40.

    [187]في «ي»: كلامه.

    [188]الأحزاب 33: 56.

    [189]الصافات 37: 130.

    [190]يس 36: 1- 3.

    [191]المزمل 73: 10.

    [192]المعارج 70: 36- 39. [.....]

    [193]الإسراء 17: 71.

    [194]القصص 28: 88.

    [195]في «ط» والمصدر: فانّما أنزلت.

    [196]الرحمن 55: 26 ، 27.

    [197]في «ج ، ي»: تنافر.

    [198]النساء 4: 3.

    [199](ولا كل النساء أيتام ... نكاح النساء) ليس في «ج ، ي».


    [200]البقرة 2: 57.

    [201]سبأ 34: 46.

    [202]في «ج»: منارا ، وفي المصدر: أمثالا.

    [203]المائدة 5: 55.

    [204]المائدة 5: 3.

    [205]الأنبياء 21: 107.

    [206]في المصدر: سببا. [.....]

    [207]في «ج ، ي»: وصيّته.

    [208]زاد في المصدر و«ط»: فهذا.

    [209]في «ي»: من سمته ، وفي «ط»: من شيمة النبوّة ، وفي المصدر: من النبوّة.

    [210]في «ط» نسخة بدل والمصدر: والاخوة.

    [211]الأعراف 7: 142.

    [212]زاد في «ط» والمصدر: أمر.

    [213]أي عطوف ، وفي «ج ، ي»: تحدب.

    [214]في المصدر: أوحاها.

    [215]النور 24: 55.

    [216]فصلت 41: 40.

    [217]الفتح 48: 15.

    [218]آل عمران 3: 187.

    [219]في «ج ، ي»: فصدح.

    [220]في «ج»: لا ، وفي «ي»: أولا. [.....]

    [221]النجم 53: 30.

    [222]في «ج»: غرارهم ، وفي «ي»: اغراؤهم.

    [223]المجادلة 58: 2.

    [224]الحج 22: 52.

    [225]في المصدر: بعانيه.

    [226]في «ج»: الشيطان بعداوته.

    [227]الفرقان 25: 44.

    [228]الاحتجاج: 240
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    #2
    رد: حديث راااائع...السلام عليك يا امير المومنين!

    بسم الله الرحمن الرحیم

    اللهم صل علی محمد وال محمد الائمه والمهدیین وسلم تسلیما

    سبحان الله کانی اری الامام احمد الحسن ع کتب او قال هذا الامر بتاکد فهم نور ال محمد علیهم السلام
    عجز لسانی عن نطق بصراحه الحمدلله الذی عرف ویعرف این یضع رسالاته

    شکرا لکم موضوع اکثر من رائع



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎