إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الخيال أساس الابتكار والإبداع

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5278

    الخيال أساس الابتكار والإبداع

    الخيال أساس الابتكار والإبداع


    ليس الخيال حلماً من روافد النوم، ولا هو رؤية مطلقة لا يربطها بالحياة الحسية رابط، ويخطئ من يرى الخيال وهما منفصلاً عن الواقع أو تهويماً مجرداً لا يدرك، بل الخيال يحفظ ما يدركه الحس من صور المحسوسات بعد غياب المادة، ولا ينبع الخيال من فراغ، إنما هو نشاط نفسي إيجابي يتفاعل مع النشاط الذهني فتنبجس عنهما ملكة واستعداد تولدان قدرة على إضافة أشياء جديدة مبهرة تجدد مقاربات الحياة، أو تضيف إليها لمسات تغيير جميلة تزين محيطنا أو ترفدنا بأشياء مقاربة ومماثلة لأمانينا وطموحاتنا وما كنا نتمناه، فتتجاوز ما هو موجود مهما كان جديداً في عصره لكن مع الزمن ألفناها وتبلد إحساسنا بأهميته، لأن العصر وحاجات الإنسان لا تتوقف، ودوام الحال محال، ولذلك نرغب بما هو أفضل مما نمتلك وهكذا يولد الخيال لدى الإنسان شعوراً ورغبة في التغيير والتجديد والتطوير، فبمقدور الخيال وحده مساعدتنا على تقمص فكرة قريبة أو بعيدة في ذات الشأن تختلف عما سبق سواء بإضافة أشياء جديدة وحذف أخرى أو استبدالها، أو دمج عنصرين بعنصر واحد فيؤدي إلى ابتكار فائق للعادة يعبر ويغادر الزمن القائم. فالخيال يتيح للمبدع تفكيك الأفكار الحسية النمطية السائدة وإعادة تركيبها وفق علاقات كانت خافية علينا واكتشافها وهكذا يساعدنا على اختراع أشياء جديدة يمكن بواسطتها أداء أكثر من مهمة ممتعة بكفاءة أعلى وجهد أقل وزمن أقصر تمثل بقولنا (ضرب أكثر من عصفور بحجر).


    الخيال غريزة فطرية تولد مع الإنسان ونشاطه يكون قوياً وجامحاً لدى الأطفال، ويهذب كلما تقدموا في مضمار العمر والعقل، حتى يصبح أكثر تركيزاً وتوازناً في سن الشباب والنضج ولاسيما إذا كان تكوين الفرد العلمي والفني رصيناً، ولكن مدى فاعلية هذه القدرة وقوتها تختلف من شخص لآخر، من حيث مدى ابتكار علاقات وروابط ذهنية غير محسوسة بين أشياء تبدو لأول وهلة بعيدة عن بعضها ولا علاقة بينها قبل أن يكتشفها الخيال ويفصح عنها بما هو محسوس، فهو في الحقيقة عامل ذهني رئيس في منظومة التفكير الإيجابي المبدع التي تكون في أحسن صورها بوجود الأصالة والمرونة والطلاقة، وعنها ومنها تنشأ حالتا التكامل والتوازن بين الماديات والمعنويات، المحسوسات والمجردات، وتستمر مع تقدم العمر ولكنها تبدأ بالضمور رويداً رويداً مع تقدم الشيخوخة وهكذا يكون الخيال من تقنيات كل اختراع أو ابتكار يتجلى فيه الإبداع، فمن لا خيال له لا إبداع له. وثمن آينشتاين الخيال حيث فضله على المعرفة.


    لإبداع الخيال مستويات ينميها ويسهم فيها الذكاء والتربية والتجارب فتسهم كلها باكتشاف علاقات إذا كانت متقاربة توصف حصيلتها بالتجديد، وتوسم بالتطوير حينما تتناوب عليها إجراءات تحويلية علاجية قد لا ينجم عنها تغيير جذري، وقد تتفتق عن الخيال ولادة عفوية تلقائية غير مقصودة شبيهة بما يدعى (رمية من غير رام) قد تفتح أبواب الابتكار أو تموت بمهدها، ومن الخيال ما يدفع إلى تمثل جديد يمكن وسمه بالتحديث، وهو نظير ما يدعى بالأدب التشبيه الضمني والفرق بينه وبين التشبيه المقلوب أو التمثيلي، وأعلى درجات الخيال ما ينجم عنه خلق جديد ليس كمثله أي شيء، توهج عن وعي بأصل عتيق غير مثير للاهتمام فيحقق المبدع ذاته من خلال استعادة السابق ورفده بإبداع لاحق. وتزداد فاعلية الخيال بارتفاع حيز الدوافع والحوافز لدى نمط من الأشخاص يتصفون بالقدرة على الصبر في المثابرة، وقوة الإرادة والتصميم واستعادة الصور الذهنية والدأب على التكرار من أجل اكتشاف مزيد من العلاقات المعقدة والمجهولة التي لا يسهل اكتشافها من النظرة الأولى وعندئذ يتسم التعبير عن الذات بالخصوصية. وكلما كان التخيل قوياً قادناً إلى آفاق رحبة من الإبداع.


    وتسهم التربية المنزلية والمدرسية وفعاليات المدرسين المتميزين في تنمية القدرة الخيالية وتمهد لإنجاب أخيلة منفتحة، وكذلك البيئة التي تزخر بالمتضادات تتجاور الجبال والبحار وتتقلب الأجواء والطقوس المناخية من أقصى الحرارة إلى أقصى البرودة من الصحو إلى الغيوم والضباب ومن الغابات إلى الصحارى حيث تكثر في مثل هذا المحيط القصص والأساطير والخرافة التي تنم عن مغزى عميق يشف عن مدلولات أخلاقية ايجابية، ويساعد الاستلقاء على الظهر في أجواء ليلية هادئة أو مقمرة وفي الأيام المشمسة أو الممطرة على استعادة حوادث الحياة وصورها الخبيئة خلف الذاكرة وإيقاظ توهج غير مسبوق من ومضات الخيال العذب، فتنطلق شرارة الإبداع. ولذلك نهيب بمعلمينا ومدرسينا أن يعودوا أبناءنا على الحرية في التصور وأن يبحروا بأفكارهم خارج الصندوق والأقفاص، وأن يعلموهم كيف ينظرون إلى الأشياء المألوفة بعيون ونظرات غير مألوفة تخلّص الذهن من التّمركز حول التفاصيل والأطر المعتادة.
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎