إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الإبداع في الدِّماغ - البرفسور جان بيير شَنْجوه

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5278

    الإبداع في الدِّماغ - البرفسور جان بيير شَنْجوه

    الإبداع في الدِّماغ - البرفسور جان بيير شَنْجوه


    جان بيير شَنْجوه Jean-Pierre Changeux عالم فرنسي متخصص في بيولوجيا الأعصاب، ومفكر متعدد صدرت له عدة مؤلفات من بينها: الجمال في الدماغ (2016)، الدماغ والفن (2010)، إنسان الحقيقة (2002)، العقل والمتعة (1994)، الأسس الطبيعية للإيتيقا (1993) والإنسان العصبي الذي اشتهر به، إلخ.


    كان تلميذاً لجاك مونو Jacques Monod في بداية ستينيات القرن الماضي، ثم أستاذاً في كوليج دو فرانس، قبل أن يصبح أستاذاً للبيولوجيا الجزيئية ومدير وحدة البيولوجيا العصبية الجزيئية في معهد باستور، في باريس.

    شَنْجوه عالم بيولوجيا ذائع الصيت، رأس اللجنة الاستشارية الوطنية لإيتيقا علوم الحياة والصحة من 1992 إلى 1998، كما يعتبر أحد آباء بيولوجيا الأعصاب المعاصرة.

    وكمفكر إنساني شامل، انفتح شَنْجوه على الفلسفة والعلوم الإنسانية وحاور مفكرين كبار كالفيلسوف بول ريكور Paul Ricœur بخصوص علاقة الفكر بالدماغ، وقد نشر هذا النقاش سنة 1998 بعنوان «الطبيعة والقاعدة».

    كذلك حمل كتاب «مادة للتفكير» الصادر سنة 1989، حواره العميق مع عالم الرياضيات ألان كون Alain Connes.

    انشغل شَنْجوه منذ البداية بمقاربة الشروط العصبية، والخلوية والجزيئية والجينية للظواهر الإنسانية، كالثقافة، والفن، والمعرفة، واللغة، والذاكرة، والتعلم.

    وهو ما مكنه من تصور وتأسيس برنامج (نورو بيولوجيا) الثقافة والوعي.

    ورغم الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها في بداية مشواره، وخاصة بعد نشر كتابه «الإنسان العصبي»، تلك الانتقادات التي رفضت اختزال ما هو نفسي إلى ما هو عصبي، إلا أنه ظل متشبثاً باكتشافاته، معلناً في الآن ذاته علميتها.


    لقد ظل مصراً على ضرورة دحض وتجاوز التناول الميتافيزيقي الذي آمن باستقلالية الحالات الذهنية عن الحالات الفيزيولوجية للنظام العصبي، كما اعتقد بإمكان دراسة التفكير والمعرفة دون فهم كيفية اشتغال الدماغ البشري.

    داروينية ذهنية تطرح نظرية شَنْجوه في الفكر والمعرفة، القائمة على مفهومي التخلق المتعاقب (أو المتوالي) والداروينية العصبية (أو الذهنية)، أن الحدث الذهني – مثل تكوين تمثل ذهني ما- هو حدث فيزيائي يقبل الدراسة التجريبية والقياس الكمي.

    وبذلك فالفصل بين النشاطين الذهني والعصبي أضحى متجاوزاً، ولم يعد من المنطقي استحضار التقسيم الأفلاطوني بين الجسم والروح، أو بين المادة والفكر، ولا التقسيم الديكارتي بين الجسم (المحدد بخاصية الامتداد في الفضاء والقابل للقياس) وبين الذات (المحددة بخاصية التفكير). ووفقاً لشَنْجوه، فإن الثنائيات الميتافيزيقية المذكورة لا سند لها في العلم، وينبغي التوقف عن اللجوء إليها في وصف الإنسان.

    وحده الانكباب على وصف وتفسير تكون واتصال الخلايا العصبية المقدرة بمئة مليار، يمكّن من فهم الدماغ البشري وتسليط الضوء على وظائفه العليا كالتفكير واللغة والعقل والوعي، أي ما يسمى اعتيادياً الذهن أو الذهني، وإذا كان شَنْجوه يشبه الدماغ بالآلة، ويقول عنه إنه يشتغل كحاسوب حي معالج لمعلومات، الشديد التعقيد والبالغ الاكتمال، فإنه يسجل: «دماغنا بالتأكيد آلة، لكن تعقيده وقدرته على التأقلم هما تعقيد وقدرة عضوية حية دينامية ومتطورة باستمرار».

    يسمح هذا التدقيق بنفي النزعة البيولوجية أو الميكانيكية عن شَنْجوه، وبإدراك علاقة التفاعل والإنتاج المتبادل بين الثقافة والدماغ، ما دام هذا الأخير ليس متعيناً مسبقاً بالطبيعة، ولا هو نتيجة صنع الثقافة وحدها.

    لقد أكدت بحوث العلوم العصبية وجود أساس جسمي مادي طبيعي لكل ما هو ذهني، ولكل ما هو ثقافي بشكل عام. يقول شنجوه: «رغم تنوع اللغات، فإن الترجمة موجودة واقعياً، والبشر يتفاهمون في ما بينهم. من الضروري إذن وجود ركائز عصبية لكونية المعنى»، كما أعادت اكتشافات شنجوه وتلميذه ستانسلاس دهين إطلاق النقاش حول الثقافة والطبيعة، والفطري (الخاضع للحتمية الجينية) والمكتسب (الناتج عن التعلم).

    الشيء الذي يترتب عنه ضرورة، تغير عميق في إدراك الفرد البشري لذاته، ولأصله، ولنموه، ولتطوره منذ لحظة تكونه في الرحم إلى مماته.

    أعصاب الإبداع لم تنحصر أبحاث شنجوه ولا دروسه في (الكوليج دو فرانس) طيلة ثلاثين سنة، في علم البيولوجيا، بل إنها، كما يؤكد ذلك في كتابه (الجميل، الحقيقي والخيِّر)، تناولت مواضيع الثقافة والفن – الموسيقا والتشكيل، الحياة في المجتمع، الإيتيقا ودلالة الموت، اللغات، الكتابة، الذاكرة والتعلم، وبحثت في ركائزها العصبية والجزيئية.


    ومن بين ما أسفرت عنه دراسته للخلايا العصبية، اعتبار الوعي إنتاجاً وإفرازاً لهذه الأخيرة. إنه «مجرد نشاط عصبي مشروط فيزيولوجياً»، ووظيفة من وظائف الدماغ. وقياساً عليه، فإن جميع الإنتاجات (الذهنية) البشرية تقبل التفسير بالسيرورات العصبية وبمساراتها العصبية المعقدة جداً.

    وانطلاقاً من نفس الطرح، يتحدد الإبداع الفني، كما التلقي الاستطيقي للأعمال الفنية، كنشاط عصبي وانفعالي، أي أن المسألة هي محض نشاط كهربائي دماغي وتفاعلات فيزيو كيماوية. لقد درس شَنْجوه الموسيقا واهتم كثيراً بالفنون التشكيلية، وهو أيضاً من المولعين بجمع اللوحات التشكيلية.


    وقد جاء كتابه (الجمال في الدماغ) لعرض مسار عشرين سنة، تقاطعت فيه العلوم بالفنون وامتزجت الانشغالات المعرفية بالميول الاستطيقية.

    انطلق شَنْجوه في اشتغاله على السيرورات الدماغية المنتجة للأعمال الفنية، من فرضية تقول إن المنجزة الفنية هي نتيجة نوع من (الداروينية الذهنية) التي تقوم، مثل (تطور الأنواع)، على ثلاثية التبدل والانتقاء والتضخيم، وهكذا قاده فحص السيرورات الدماغية المتحكمة في الإبداع الفني، إلى الانخراط في (علم الاستطيقا العصبية - Neuroesthétique).

    الفن: منشأ بيولوجي إن أصل الفن مؤسَّس بيولوجياً، كما أن في أصل كل منجزة فنية يوجد مُوَلد التنوع الذي قد يكون – كما يرى شنجوه – مرتبطاً بما يسميه أصحاب العلوم العصبية (النشاط التلقائي للدماغ)، فخلال عملية الإبداع، يقوم دماغ الفنان باستكشاف السبل المختلفة الممكنة، الواحدة تلو الأخرى، ثم ينتقي إمكانية منها مع ربطها بإحساس قوي بالإشباع.

    وبعد ذلك يأتي التضخيم الذي يكمن في الانتقال من المسودة الأولى إلى المنجزة الفنية، وهكذا تنتقل الأخيرة على شكل صورة عصبية إلى المتلقي الذي يستقبلها كعمل جميل مجسد لقيم استطيقية.

    يذكر شنجوه أن «الإبداع الفني أكثر قدماً من حقليْ النشاط الثقافي الرئيسين الآخرين عند الإنسان، أي النشاط العلمي والضبط الإيتيقي، لأنه سابق الوجود في العالم الحيواني، وهو جوهري في تقوية الرابط الاجتماعي، نظراً لكونية أنماط التواصل ما بين الذوات التي تقيمه». إن المنجزة الفنية تشارك في شكل خاص من التواصل بين الذوات، ولا يرتبط بعدها الاستطيقي بخصائص متضمنة فيها فقط، بل بالبعد العلائقي – بين الفنان والمنتوج الفني والمتلقي – الذي تجسده. يأمل شنجوه أن «يكون الجميل منقولاً في شكل تركيبات فريدة ومتناغمة بين الانفعال والعقل، تستهدف تقوية الرابط الاجتماعي».

    لا بد من الإشارة إلى أن شَنْجوه لا يقدم تعريفاً عصبياً بيولوجياً للجميل الفني، قائلاً إنه أمر سابق لأوانه، كما أنه يسجل صعوبة وضع قوانين كونية للجمال، مفضلاً الحديث عن قواعد يقيمها كل مجتمع، تصبح لها بفعل ثباتها واستمرارها قيمة القوانين، ولعل الحوار التالي مع جان بيير شَنْجوه يوضح أكثر تصوره للفن وللإبداع الفني.

    هكذا نبدع * إلى أي ماض تعود أصول الفن؟ ** ولد الفن مع الإنسان وهو أيضاً عامل تمييز له: إذا عرضت عليكم رسماً أنجزه قرد أوغان- أوتان فإنكم ستعتبرونه مجرد خربشة. من المؤكد أن استعمال الأدوات سابق على نوعنا البشري بكثير، لكن هذه الأدوات تبقى استعمالية أكثر منها استطيقية. مع الإنسان المنتصب تطورت إرادة التناظر. ومنذ 40,000 سنة حقق الإنسان العارف منجزاً فنياً مكتملاً في مغارة (شوفي - Chauvet).

    * هل الدماغ البشري معد سلفاً للإبداع؟ **

    إنه يمتلك نشاطاً تلقائياً متواصلاً، ليلاً ونهاراً.

    يُعد الفنان مشروعاً، ينتج مسودات أولى، يقوم بمحاولات، يرتكب أخطاء، يصححها، ينتقي: وهكذا تبنى المنجزة الفنية تدريجياً. إن العلاقة بين الدماغ وبين المنجزة الفنية تعرض نفسها كتطور دارويني.

    * يتطلب الحديث عن أصول الفن إعطاء تعريف. ما تعريفك لأصل الفن؟ **

    إن المنجز الفني يتدخل في نمط التواصل الاجتماعي، والبَيْن - ذاتي: المكون الانفعالي مركزي لكنه منسجم مع العقل. إنه يتبع قواعد هي (قواعد الفن). يوجد في الأصل تنظيم دماغنا: يتكون هذا الأخير من نحو 100 مليار من الخلايا العصبية التي تقيم ملايين المليارات من الارتباطات فيما بينها. يحتفظ متخيل الفنان بهامش مما هو اتفاقي، لكنه ينتقي ويركب تمثلات وتنظيمات خاصة، تُكون (أسلوبه الشخصي).

    إن الفنان يفرض على نفسه، بطريقة متعمدة إذن، قواعد قد تصير مع مرور الوقت لا شعورية، لكن الحركة الإبداعية تبقى دوماً واعية. هكذا نتذوق الفن * كيف تكون رد فعل دماغنا أمام منجز فني؟ ** يشغل الإدراك البصري لموضوع ما العديد من مناطق دماغنا. لنأخذ اللوحة الفنية كمثال.

    إنها تعكس مجموعة من الإشعاعات الضوئية التي تُلتقط من طرف مستقبلات الشبكية وتُحول إلى نبضات عصبية. تنتقل هذه الأخيرة عبر العصب البصري إلى المهاد، وهو محطة أولى، ثم إلى القشرة الدماغية. وفي مستوى المناطق البصرية القذالية يبدأ إذن التحليل المعمق للشكل، وللألوان، وللصور. وهكذا ننتقل من نسخ الصورة المجدد إلى دلالتها، وأساساً في مستوى الجدارية القشرية الزمنية.

    عندما يتم تحليل وجه ما في هذا المستوى، فإن تمثله العصبي يغتني بمكون انفعالي، وذلك بالعلاقة مع الجهاز الحوفي (دماغ الانفعالات). بعد ذلك، يتحقق تركيب ذهني جديد في المستوى الأعلى من دماغنا، أي مستوى قشرة الفص الجبهي، ويمكن أن يحدث كل شيء بكيفية غير شعورية، لكن، وتبعاً لفرضية طورتُها مع عالم الأعصاب ستانسلاس دهين Stanislas Dehaene، عندما تكون المنجزة الفنية مدركة بوعي، يحدث نشاط كهربائي متزامن ومكتسح في مجال العمل العصبي الواعي: وكأن الدماغ يتوهج.

    إنه (اشتعال متفرد) يشرك كلاً من العقل والانفعالات، لكنه يبقى بحاجة إلى تحديد على المستوى الفيزيولوجي. مؤخراً، تابع زميل دانماركي هو مورتن كنجيلباخ Morten Kingelbach النشاط الكهربائي للدماغ عند الطفل عندما نعرض عليه صورة مسلية لمتجانس ما، مقارناً بالنشاط الكهربائي الدماغي المتعلق بصورة مشوهة، وقد تم تسجيل إشارات مختلفة في الحالتين الأولى والثانية.

    بالإمكان إذن أن نأمل في تحديد صنف من الإشارة الكهروفيزيولوجية الخاصة المرتبطة بالاستجابة الاستطيقية للشخص، والعثور على علامات تميز إدراك شكل من الانسجام، مطابق لتعريف الجميل. «نورو بيولوجيا» الوعي انشغل شَنْجوه منذ البداية بمقاربة الشروط العصبية، والخلوية والجزيئية والجينية للظواهر الإنسانية، كالثقافة، والفن، والمعرفة، واللغة، والذاكرة، والتعلم. وهو ما مكَّنه من تصور وتأسيس برنامج «نورو بيولوجيا» الثقافة والوعي. ورغم الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها في بداية مشواره، وخاصة بعد نشر كتابه «الإنسان العصبي»، تلك الانتقادات التي رفضت اختزال ما هو نفسي إلى ما هو عصبي، إلا أنه ظل متشبثاً باكتشافاته، معلناً في الآن ذاته علميتها.


    مصراً على دحض التناول الميتافيزيقي الذي آمن باستقلالية الحالات الذهنية عن الحالات الفيزيولوجية للنظام العصبي. كونية المعنى أكدت بحوث العلوم العصبية وجود أساس جسمي مادي طبيعي لكل ما هو ذهني، ولكل ما هو ثقافي بشكل عام. يقول شنجوه: «رغم تنوع اللغات، فإن الترجمة موجودة واقعياً، والبشر يتفاهمون في ما بينهم.

    من الضروري إذن وجود ركائز عصبية لكونية المعنى»، كما أعادت اكتشافات شنجوه وتلميذه ستانسلاس دهين إطلاق النقاش حول الثقافة والطبيعة، والفطري (الخاضع للحتمية الجينية) والمكتسب (الناتج عن التعلم). الشيء الذي يترتب عنه ضرورة تغير عميق في إدراك الفرد البشري لذاته، ولأصله، ولنموه، ولتطوره منذ لحظة تكونه في الرحم إلى مماته. قوانين الجَمال شنجوه لا يقدم تعريفاً عصبياً بيولوجياً للجميل الفني، قائلاً إنه أمر سابق لأوانه، كما يسجل صعوبة وضع قوانين كونية للجمال، مفضلاً الحديث عن قواعد يقيمها كل مجتمع، تصبح لها بفعل ثباتها واستمرارها قيمة القوانين
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎