إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

مشــــــــــــهـــد

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • 3aLa SaBiL Al NaJaT
    عضو نشيط
    • 14-05-2011
    • 510

    مشــــــــــــهـــد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

    مشهد

    قصة (مشهد) مشهد تخيلي من تخيلات الكاتب ليوم واقعي لا نعرف تفاصيله بدقة ولكنه حتمي بأخبار من الله سبحانه و تعالى ، استخرت الله سبحانه في صلاحية نشر هذه القصة فجاءتني الأية ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فوجدتها بشارة خير فقمت بنشرها والحمد لله تعالى جل ثناءه










    المشهد الأول



    سامر:
    ( يستيقظ من نومه متثاقلاً و يكاد لا ينتصب ظهره من شدة الآلام و ارهاق اصاب مفاصله وعضلاته وبالكاد يجلس منتصباً و رجلاه ما زالتا ممدودتان على الأرض )

    سامر:
    يا الهي ماذا حدث لي؟! لما انا هكذا منهوك البدن ؟
    ( مدّ يده لكي يمرّرُها على رأسه و اذا به يراه مترب و يده مزرقة ، يابسة وهو مندهش مما يرى ورغم ذلك مررها على رأسه فأذا بالغبار والتراب يتناثر و يتساقط من فوق رأسه، وبين اصابعه المتهالكة يرى بعض خيوط شعره الذي علق بين انامله)

    سامر:
    يا الهي ما هذا؟
    ماذا حدث لي؟
    ولما انا مترب و مغبر؟ اني اتذكر البارحة استحممت و لاحظت جمال هيئتي و وجهي عندما وقفت امام المرآة و كنت ارش على بدني العطر والمسك و مررت بيدي على لحيتي ورقبتي ومسحتهما بما علق في كفي من العطر.

    يا الهي!
    كيف حصل هذا في ليلة واحدة؟
    من فعل بي هذا؟
    يا الهي اكاد اجن ولا اعلم كيف حصل كل هذا!
    اين ام عيالي؟ اين بناتي؟ اين اولادي كي يروا ما جرى لي؟
    ( كاد يصرخ لينبّه زوجته وبناته كي يسعفوه و لكنه رأى ملابسه المتهرئة تتلاشى وتتمزق امام عينيه كبيت العنكبوت بل تهاوت اكثر من بيت العنكبوت و رأى نفسه عارٍ تماماً ولهذا سكت و تراجع ان يصرخ و ينادي زوجته و عياله ، و إلاّ فأنه سيفتضح امامهم وهو على هذا الحال. رفع رأسه اكثر من ذلك المكان المنخفض فوجد نفسه ليس في البيت بل في العراء في ارض قاحلة لا زوجة هناك ولا عيال)

    سامر:
    يا الهي!
    ماذا افعل انا هنا؟
    ولما انا هنا؟ و لما انا لوحدي هنا؟
    من رماني هذه الرمية في هذه الأرض القاحلة؟
    البارحة بعد ان استحممت جلست مع زوجتي ضاحكا وهي استقبلتني مبتسمة وقالت لي: كم ريح المسك عليك طيب يا ابا عيالي ووجهك جميل كالقمر يا حبيبي.
    يا الهي؟
    هذا الذي اتذكره فقط
    اما ما حصل بعده فلا اتذكره
    ( كاد يصرخ ليطلب النجدة ولكن ما فائدة الصراخ فلا احد هناك يسمعه فهو وحيد في ارض قاحلة واسعة لا زرع فيها ولا حياة).
    نظر نظرة حوله فلم يرى سوى السكون والصمت القاتلين المحيطان به

    سامر: يا الهي!
    كم اشعر بجوع و عطش
    البارحة بعد ان خرجت من الحمام ضاحكا سعيداً وضعت لي ام عيالي امام المنضدة اطيب الطعام من لحم وخضر وفاكهة واكلت كثيراً لأنها تجيد الطهي وما اشهى طعامها وشربت وارتويت من اشهى العصائر و الشراب، ولكني وكأني الآن لم اُطْعَمُ طعاماً منذ سنين طويلة وكأنى لم أُسْقى شراباً منذ دهر بعيد.
    ماذا حصل يا ربي لا اتذكر شيئاً؟!

    (فبدأ بالبكاء والعويل لأنه لا يعلم ما حصل له وما هو هذا القدر الذي قذف به لهذا المصير البائس )

    ( و بينما هو كان يبكي و يعوّل فأذا به يسمع صوتاً قريباً منه على بعد امتار، فسَعُدَ كثيراً لأنه اعتبره قشة ممكن ان يتمسك بها لتنجيه مما هو فيه، فسكت عن البكاء و رفع رأسه من مكانه المنخفض رويداً رويداً و بحذرٍ شديد و بصعوبة بسبب ما كان يعاني من آلام في عنقه و جسده المنهوك وكأنه لتَوّه عائد من اعمال شاقة، و عندما وقع عينيه على مستوى الأرض رأى استواء الأرض، ثم ادار رأسه صوب الصوت القادم فرأى سواداً يتحرك من مكان قريب منه على بعد حوالي امتار عدة، رأى السواد يتحرك وكان يختفي تارة و يظهر تارة اخرى، لأن السواد كان ايضاً كائناً منهوك القوى و يحاول ان ينتصب ولكنه يصعب عليه الأنتصاب و يسقط و يتوارى في الحفرة التي كان فيها، ولكن السواد بعد عدة محاولات تمكن ان يرى استواء الأرض على مدِّ بصره بعد ان استعاد القليل من قواه ويرفع نصف رأسه فوق مستوى الأرض.
    في تلك اللحظة رأى رأس سامرٍ ينظر اليه ويترقّبه فصرخ مفزوعاً مرعوباً لبشاعة ما رأى، وصرخ سامرٌ كذلك لبشاعة ما رأى هيكل ذلك السواد المرعب المخيف ، فكلاهما رأى رأس انسانٍ مخيفٍ ،مغبر الشعر ، مزرق ومترب الجسد ، ذا جلد ملتصق على العظم ، لا لحم و لا عضلة فيه.
    وعلى غرة يظهر كائن شديد القوى مهيب المنظر يحمل بيده اليمنى سوطاً وهو يضرب بسوطه الأرض وهو ينادي بسوط مرعب)

    المَلَك:
    قوموا من الأجداث ايها المجرمون واجتمعوا في العرصة فلنا لكم كلام طويل

    سامر:
    ماذا تقصد ايها الكائن المهيب بقولك قوموا من الأجداث ايها المجرمون؟

    الملك:
    المهيب هو الله تعالى، اذا ناديتني مرة اخرى قل: ايها المَلَك رغم اني استقبح الكلام معك، انتم الآن بُعثتم للحساب بعد ان مُتُّم في دنياكم وهذا هو يوم الحساب


    ( يتبع)

    ٢٢ مارس ٢٠٢١
    الموافق ل ٩ من شهر شعبان ١٤٤٢




    المشهد الثاني



    وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
    ١٨ سورة الجاثية


    (بعد ان قامت الأموات من اجداثهم وكل منهم عرف انهم بعثوا من بعد ان اذاقهم الله الموت في حياتهم الدنيوية وجمعهم الملَك في عرصات ذلك المشهد الفضيع في ارض جرداء لا زرع فيها و لا كلأ و لا ماء

    على حين غرة ظهر رجل مبعوث من بين الأموات و على بعد امتار و كأنه يريد ان ينقض على غريم له وهو متجه نحو سامر و كأنه يعرفه في عالم الدنيا و شك في ملامحه بعد ان نما على سامر جلده ولحمه رغم بعض الفوارق الخلقية عن عالم الدنيا فأتجه اليه من بين هذا الجمع الغفير من الأموات فقال له و بلهجة حادة وهو معصب و لا امان في وجهه فسأله )

    الرجل : هل التقينا قبلا قبل ان نُبعث من جديد؟

    سامر: ماذا تقصد ايها الرجل الغريب بسؤالك هذا ؟

    فقال له الرجل: اقصد هلا عرفتني عن نفسك مثلا لو ذكرت لي اسمك؟

    سامر: لا اعرف ، وهل انا لي اسم؟

    الرجل: نعم كل منا كان له اسما في عالم الدنيا ويُنادى بين الخلق به و بأسم امه؟

    سامر: ولما نُكنّى بأسماء امهاتنا؟

    الرجل: من رحمة الله علينا ولا نستحق هذه الرحمة ولكنه سبحانه ما زال يرحمنا فهو ينادينا بأسمائنا واسماء امهاتنا لأن بعض منا لا ينتسب لأبيه والله سبحانه لا يريد فضح تلك الأبناء لأن الخطأ لم يكن منهم بل من امهاتهم

    سامر: وانت هل لك اسم؟

    الرجل: نعم عندي اسم

    سامر: وكيف عرفت اسمك وانا لا اتذكّر اسمي:

    الرجل: اسماءنا مدرجة عند ذلك الملَك ، الا ترى المبعوثين مجتمعين حوله وكل يسأله عن كشف هويته؟ فهو الذي ناداني بأسمي واسم والدتي

    سامر: وما هو اسمك ايها الرجل الغريب ؟

    الرجل: لقد ذكرني الملك وقال ان اسمك غضبان بن سهيلة

    سامر: يسكت برهة وهو متفكر بحال الرجل الغريب

    الرجل الغريب (غضبان): ما لك و انت ساكت اراك ذُهلت بعض الشيء عندما عرَّفتُك بهويتي !

    سامر: كنت افكر في اسمك سعفان بن سهيلة كما اخبرتَ

    غضبان: ما جرى لك يا رجل لم اقل سعفان بل غضبان

    سامر: نعم نعم غضبان انا اسف ( وقاله بتردد وتلعثم) وكأن هذا النوع من الأسم ليس غريبا على سمعه

    غضبان: يا ويلك مني لو كنت انت الذي في بالي

    سامر: يا رجل ماذا فعلت لك اني قبل ساعات افقت من قبري ولما انت متعصب وثائر بوجهي

    غضبان: قلتَ متعصب ( وهو يضغط على فكه السفلي بأسنانه الظاهرة و بقوة وتقاسيم وجهه القاسية الغاضبة تملأ وجهه وهو يدير بنصف جسده للخلف كي يتركه ولكنه لن يهدأ له البال الا اذا عرف هويته ))

    (صاح الملك الذي عنده قائمة الأسماء و بصوت عال مخيف و مرعب منادياً )

    الملك: سامر بن سلمى

    لم يرد احد عندما سمعوا نداء الملك

    (فقال الملَك لملَكٍ اقل منه شأناً و هو يعمل تحت إمرأته فقال له)

    الملك: اذهب ايها الملك الى ذلك الرجل البعيد عنا الواقف هناك والذي يجادل مع غضبان فهو سامر و احضره لي

    (عندما سمع غضبان الأسم تذكر ماضي حياته في عالم الدنيا فهو كاد ان يترك سامراً قبل ان ينادي الملك بأسمه و لكنه وقف في مكانه عندما سمع النداء وهو ينتظر الأخبار ليعرف من هو صاحب هذا الأسم ، جاء الملك العامل بسرعة الى سامر فقال له)



    الملك العامل : قم ايها الرجل واستعد

    ( فقام سامر من مكانه وهو خائف مرعوب فقال له الملك )

    الملك العامل: انت سامر بن سلمى هيا معي فالملك الكبير يناديك

    لما سمع غضبان حديث الملك العامل مع سامر وثب على الأخير وهو يلطمه في وجهه يميناً و يساراً ويرفسه في بطنه و ظهره وهو يقول له

    غضبان:
    ( تعسا لك ايها المجرم انت الذي اضللتني في حياة الدنيا وجعلتني اصدقك واعطيتني منصبا في حزبك الشيطاني اللعين وجعلتني اظلم الناس الأبرياء ، اقتل فيهم و استولي على اموالهم ظلماً واسجن عيالهم افتراءاً لا وفقك الله و سقاك من نار الجحيم وجعلك في السافلين فيها ، تدخل بقية الأموات المبعوثين لكي يهدؤوا من ذلك المناخ المرعب الذي هم فيه وصاح الملك فيهم صيحة كادت تمزق احشائهم )

    الملك : ايها المجرمون أ تتشاجرون ؟ ستكون كل حياتكم شجارا وكلكم ستُسقون من عذاب عظيم ولكن ارجو الهدوء لحد ما تنتهي المحكمة الألهية معكم ثم يكون لكل حادث حديث

    ( بعد هذه الحادثة يتذكر سامر انه كان رئيس حزب سياسي و كيف كان يدفع برجاله كي يوقعوا بمنافسيهم من الأحزاب الأخرى وكذلك ظلمهم لباقي الناس البسطاء الذين ما كانوا يدعمون توجهاتهم الحزبية الضيقة فبدأ يسحب بشعره المنفوش ويلطم على رأسه و يخدش وجهه وهو يصرخ ويقول

    سامر:
    وا ويلاه يا سامر ووا ويلاه يا سامر ماذا فعلت بنفسك وا ويلاه لك من عمرٍ صرفته في الظلم والطغيان يا لسواد وجهك يا سامر ، يا لسواد وجهك يا سامر



    ٢ شوال ١٤٤٢
    مايو/مايس ٢٠٢١

    يتبع))))






    المشهد الثالث



    الملك:
    لبيك وسعديك يا رب العالمين

    الملك العامل:
    اراك تلبي الله سبحانه

    الملك:
    لقد اوحى لي ربي قائلا

    الوحي:
    ارى فلانا ابن فلانة بين اهل النار فقلت: ربي انه له جرائم ولم يرعَ لك حُرمة وله قليل من الحسنات


    الملك:
    فأوحى اليَّ ربي عز و جل قائلاً

    الوحي:
    انقله من بين اهل النار الى الجهة الثانية حيث المجتمعين بمحمدٍ و علي


    الملك:
    فقلتُ
    لبيك وسعديك يا رب العالمين


    الملك:
    ايها الملك العامل معي، اني مأمور ان انقل فلان بن فلانة من بين ذلك الجمع الظالم لأنفسهم الى حيث يرضى الله سبحانه، فأني آمرك ان تذهب اليه وتأخذ بيده وتأخذه الى مأمنه حيث رسول الله (ص)

    الملك العامل:
    سمعا وطاعة ولكن من هو فلان ابن فلانة؟

    الملك:
    انت اذهب ستعرفه فهو الوحيد من بين الخلائق هناك يذكر الله سبحانه

    فقال الملك العامل:
    فوراً سمعا وطاعة

    ( ( ذهب الملك العامل وهو يشق طريقه من بين هذا السواد الأعظم من الخلق المبعوثين من الأجداث وهو يقول : سبوح قدوس رب الملائكة و الروح سبقت رحمته غضبه ولم يترك الذكر الى ان وصل الى مبغاه فوجد عبداً يصيح بصوت عال وهو يقول )

    العبد الذاكر:
    يا حنان يا منان ، يا حنان يا منان ، و هل من حنان ومنان غير الله

    ( و هو يعيد و يكرر الذكر ولا يسكت، اما
    الأموات المبعوثة من حوله فلولا خوفهم من الملائكة المحيطين بهم من كل زاوية لأشبعوه ضرباً لأن قلوبهم هاوية والخوف والرعب يأكل فيهم، فهم لا يتحملون همسة فكيف بهذا الرجل وهو يصرخ في وسطهم و يخدش اعصابهم ويقول مرارا وتكراراً يا حنان يا منان وهل من حنان ومنان غير الله
    فالموجودون حوله حاولوا مرارا اسكاته لأنه صراخه ازعجهم و هم يريدون و يفكرون في ايجاد مسعىً ومخرج لهم كي لا يقعوا في العذاب ، فجاءه الملك فقال للعبد الذاكر ذاك )

    الملك العامل:
    ايها الذاكر لله سبحانه تعال معي

    ( فبكى الذاكر لله قائلاً )

    العبد الذاكر:
    بالله عليك ايها الملك اسأل الله ان يغفر لي والله لا اتحمل هجرانه سبحانه فأني احبه فلا تأخذني للنار ارجوك

    فقال الملك العامل:
    لا ايها الرجل انا جئت اليك كي اخرجك من بين هذه الأمة الظالمة وآخذك الى موقف وعرصة المؤمنين المجتمعين بمحمدٍ و علي عليهما السلام فلقد انزل الله فيك وحياً فغفر لك

    فصاح العبد الذاكر :
    يا حنان يا منان ، يا حنان يا منان وهل من حنان ومنان غير الله


    ( اخذ الملك بيده وشقّا الطريق من بين الأموات المبعوثة وهو مازال يردد نفس الذكر وسمعه كل الخلق هناك )



    المشهد الرابع




    ( الخلق المجتمع يطمعون في مغفرة الله )

    ( يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ ۚ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍۢ زُرْقًا ). ١٠٢ سورة طه



    ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )
    ٨٧ سورة النحل

    ( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ )٥١سورة يونس


    ( فرحت الأموات المبعوثة لدى سماعهم نبأ مغفرة الله سبحانه لذلك العبد الذاكر واجتمعوا في عرصات ذلك المحشر الكبير و انبرى بينهم مجموعة ذو السنة حداد يسلقون الناس بألسنتهم فصعد بينهم خطيباً ماهراً وهو يخطب فيهم قائلا

    الخطيب المنافق:
    ايها الناس انتم رأيتم بأم اعينكم كم ربنا رحيم و رحمته وسعت كل شيء فهذا الرجل كان بيننا و كان يذكر الله سبحانه طول هذه الأيام وهو واقف بيننا في هذه الأجواء الحارة و الكئيبة الا انه لم يمل من ذكر الله ولم ينساه الله ، اذكروا الله اخوتي فأن شاء الله تعالى ربنا نحن مؤمنون ولا محال ستصلنا وتشملنا رحمة الله الواسعة

    ( كانت الأموات المبعوثة يصغون له واستسلموا لكلمات الخطيب ولم يتركوا كلمة واحدة الا وانصتوا لها حيث كانت مسامع اذانهم مفتوحة للغاية على عكس ما كانوا عليها في حياتهم الدنيوية فكانوا لا ينصتون او يهملون هذه الكلمات ولكنهم و لأنهم اصبحوا قاب قوسين او أدنى من العذاب النازل بهم فأمسوا مستمعين جيدين و مخلصين لكلمات ذلك الخطيب الى ابعد حدود ، ولم يكن احدٌ يسمع همسة بين جمع الأموات المبعوثة لأنهم لم يرغبوا ان يفرطوا في كلمة واحدة او يفوتهم حرف من هذا الخطاب الا و استمعوا اليه )

    الخطيب المنافق:
    ايها الأخوة المؤمنون والمؤمنات
    رحمة الله الواسعة وهي وسعت كل شيئ وهذا قول الله سبحانه وليس قولي رحمكم الله فأنصتوا واسمعوا و أن شاء الله قريباً سيصدر العفو الألهي عنا و ننتقل الى الجهة الأخرى عند تلك الثلة المجتمعة حول رسول الله (ص) و علي (ع)
    قولوا: يا الله غفر الله لكم


    (و اذا يُسمعُ دويٌّ كدويِّ النحل من بين الأموات المبعوثة والكُلُّ يهتفُ وينادي)

    الأموات المبعوثة:
    يا الله يا الله يا الله

    الخطيب المنافق:
    كبِّروا ربَّكم غفر الله لكم

    الأموات المبعوثة:
    الله اكبر الله اكبر الله اكبر

    ( نزل الخطيب على المنبر الذي صنعته الأموات المبعوثة ويجتمعون حوله وفي لسان كل واحد منهم عشرات الأسئلة عن مصيرهم ، احوالهم و مغفرة الله تعالى لهم ، فتقدم احدُهم اليه وهو يبكي ويسأل الخطيب المنافق وكأن هذا الخطيب هو اهل الحل والعقد ويسأله )

    السائل:
    ايها الخطيب جزاك الله خيرا ، لي سؤال واتمنى ان ترد عليّ

    الخطيب المنافق:
    جعلني الله خادما تحت تراب قدميك اسأل ما بدا لك

    ( يتحدث السائل و في حلقه عبرة و بصوت محزن ، مبكٍ و راجٍ لرحمة الله تعالى ويقول)

    السائل:
    اصلحك الله ارى تلك الجماعة او الثلة القليلة المجتمعون حول محمد و علي عليهما السلام فرحين و مسرورين ويسقيهم رسول الله (ص) من حوضه ونحن ومنذ ايام لا طاقة لنا في الوقوف هنا وفي هذا الجو الحارعلى اقدامنا، انظر حولك فكثير منا مغبر الوجه اشعث الشعر مزرق الجلد ، قتلنا العطش والجوع فمتى يسقينا محمد (ص) بيده الشريفة اجبني فداك روحي

    الخطيب المنافق:
    الله سبحانه وسعت رحمته وسبقت غضبه يا رجل ، فعلينا ان نتحمل قليلا ولعلنا سبحانه يمتحننا كي يعلم من الصابر فينا واكيد سيحل فينا عفوه وتصلنا مغفرته

    السائل:
    امتحان! اي امتحان اصلحك الله؟ والله لا ارَ اي تغيير ولا اتوقع اي امر جديد يدفع عنا هذا البلاء ، تقول امتحان! فقدتُ كل قواي اي امتحان هذا ؟!

    الخطيب المنافق:
    لا تيأس يا رجل و لا تقنط من رحمة الله

    ( ادار الرجل البائس ظهره المعوج من شدة التعب و الأرهاق عن الخطيب و كان يمشي و بالكاد كان يسحب ساقيه وهو يتمتم ، حزين باكي الوجه طائرة العينين في اعلى رأسه و هاوي القلب من شدة الفاجعة )

    ( ظهر من بعيد ملائكة غلاظ وكانت وجهتم نحو الجمع ويقودهم ملك جبار شديد غليظ الأطوار، فأنتبهت الأموات المبعوثة للملائكة الأشداء القادمين وهم مرعوبون مما يحصل ، فنادى فيهم الخطيب المنافق )

    الخطيب المنافق:

    تكبير

    الأموات المبعوثة:
    الله اكبر الله اكبر الله اكبر

    الخطيب المنافق:
    انطقوا الشهادات ايها المؤمنون رحمكم الله وغفر لنا ولكم

    الأموات المبعوثة:
    اشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان ......

    ( فقبل ان ينطقوا الشهادة الثانية وصل الملائكة الى وسط الجمع، فقذف رئيس الملائكة بسلسلة من حديد في طرفه قلاب فتعلق في انف الخطيب المنافق وسحبه من خرطومه فقال له )

    الملك الشديد:
    أ تخطب في الخلائق ايها المنافق و تأمِّنُّ لهم على جرائمهم و تملي عليهم ما لم يوحَ لك بشيئ من الله سبحانه ، سبحان الله كنتَ كذلك في عالم الدنيا وما زلتَ على ما انتَ عليه من النفاق ، ألا لعنة الله عليك

    ( بعد ما رأت الأموات المبعوثة ما حصل للخطيب المنافق ، يأسوا من حالهم وبدأوا يلطمون على رؤوسهم و ينادون بالويل والثبور ، فتقدمت الأموات المبعوثة سائلين العفو والرحمة وطلبوا من الملائكة ان يسألوا الله تعالى ان يغفر لهم ))

    الملك الشديد:
    نحن مأمورون ان نسوقكم الى حيث المحكمة الألهية وكل فرد منكم سينال جزاءه بقدر ما اقترف من الجرائم، ونحن ملائكة العذاب لا تطلبوا منا الرحمة ولا الوساطة ، فهذه الأمور لا نفهمها نحنُ

    السائل:
    ولكن الملائكة المتواجدون عند تلك الثلة لطيفون و يخدمون افراد تلك الثلة

    الملك الشديد:
    انت تتحدث عن ملائكة الرحمة و هنا لا يوجد بيننا ملائكة الرحمة نحن ملائكة شداد لا نرحم المجرمين وابتعد عن طريقي والا ضربتك بسوطي هذا

    السائل:
    سؤال اخير فأن سألتك ثانية فأفعل ما تريد، قبل قليل حضر بيننا ملك لطيف جدا و أخد معه واحداً منا ونقله الى الجهة الأخرى حيث اجتماع تلك الثلة فكيف تقول لا يوجد في هذه العرصة ملائكة الرحمة

    الملك الشديد:
    الملك الذي قدم هنا هو من ملائكة الرحمة ليس له عمل هنا وهؤلاء الملائكة كانوا يبكون عليكم عندما كنتم تعصون الله في عالم الدنيا وكانوا يطلبون الهداية لكم ولكنكم كنتم في غيّكم و لم تلتفتوا لكلمات الله حاربتم انبياء الله عليهم السلام وقتلتم اوصياءهم عليهم السلام فضلا عن قتلكم للأنبياء وقتلتم انصارهم و مريديهم و عذبتم وسجنتم وظلمتم فنحن ملائكة العذاب كنا نراكم وكنا نتمنى ان لا يغفر الله لكم وكنا ننتظركم لكي نعالجكم بأساليبنا التي اجازها الله لنا سبحانه ، فهذا الملك دخل بينكم ، لم يشتمكم و لم يتحدث معكم لأنه ملك من ملائكة الرحمة فجاء فقط في مهمة خاصة ، من اجل ذلك العبد الذي حُشر بينكم و شاء الله ان يغفرله وكان مأموراً ان يُخرجه من بينكم ، ولهذا فهو جاء و نقل ذلك الطاهر من بين الأنجاس من امثالكم، فأذا عندكم شيئ عند الله سبحانه فأطلبوا منه مباشرة ولا تطلبوا منا و الا عاملناكم بطريقتنا

    ( بعد ان سمع الخلق هذا القول بدأوا يرددون قول ذلك العبد الذاكر لله )

    الأموات المبعوثة:
    يا حنان يا منان وهل من حنان و منان غير الله

    فقرأ الملائكة

    ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )
    ٨٧ سورة النحل

    أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) سورة يونس

    قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٥٠) سورة غافر

    ( فلم يستجب لهم الله سبحانه فأوحي للملك الشديد ان يسيق المجرمين الى المحكمة الألهية وكل سينال جزاءهم
    فبدأ الملائكمة يدفعون بهم وهم اذلة و لا حول لهم ولا قوة )

    وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ )٣٤)
    سورة الجاثية



    المشهد الأخير


    ( سُيِّرَتُ الأموات المبعوثة زُرُقاً ، زمراً زمراً من قبل ملائكة غلاظ الى النار وهم يتدافعون ومنهم من يقع ارضاً من هول الفاجعة نتيجة هذا التدافع بعد ان صدرت الأحكام المتباينة بحقهم
    و بينما كان احد الملائكة الغلاظ يدفع بأحدهم فوقع على وجهه ثم قام من اثر ضربات سوط الملك الغليظ النازلة عليه وهو منهوك ،محدودب الظهر ، ناظرٌ لوراءه و كأنه يرقُبُ احداً وهو يقول في نفسه

    العبد المدفوع الى النار:
    كنت عقدت عليك آمالا كبيرة في عالم الدنيا رغم جرمي ولكني اراك لا تبالي لما يحصل لي وملائكتك الغلاظ يدفعوني للأمام الى حيث نار جهنم ويسحبونني من ناصيتي ومن كتفي وساقي وكل اطرافي وهم ينزلون بي عذاب الخزي والمهانة قبل عذاب النار و انت تنظر الي ما هكذا ظننت بك يا ربي لك العتبى فأني اعاتبك فيما ظننت فيك

    ( وعيونه تدمعان ونسي النار في تلك اللحظات القصيرة وكأن شوقه دبَّ فيه الى ربه وهذا الشوق انساه عظيم ما ينتظره )

    ( اراد الملك ان يدفعه بقوة لأنه رآه يتماطل في مشيته وهو يلتفت الى وراءه كثيراً ، رفع الملك سوطه كي يذيقه عذاب سوطه بسبب عدم انصياعه له في الأندفاع للأمام ، و اذا به يتوقف في ضربه فقال له ملك الآخر بجنبه )


    الملك الآخر :
    اراك توقفت في اهانته و تحقيره !

    الملك الغليظ:
    لقد جاءني الوحي من الله سبحانه قائلا

    الوحي:
    ايها الملك لا تهن فلاناً وارفع عذاب سوطك عنه والطف به و ارفقْ ، فقد عفوت عنه

    الملك الغليظ:
    لبيك وسعديك يا رب السماوات والأرضين و رب كل شيئ

    الملك الآخر:
    سبحانك ربي على حلمك ما ارفقك

    ( فقال الملك للعبد الخائف العاتب)

    الملك الغليظ:

    مكانك لا تتحرك ولا تتقدم للأمام


    ( و بقية الخلق تتقاذفهم الملائكة الغلاظ من حوله يميناً و شمالاً وهم يصرخون ويبكون ، بينما العبد الخائف العاتب واقف في مكانه مطيعاً لأمر الملك و هو جامد وسط هذا المشهد المهول الفضيع حيث الخلائق تقذف بهم الى فوهة النار و الى فوهة العذاب
    الى ان فرغ الخلائق من حوله فقال للملك )

    العبد الخائف العاتب:

    ايها الملك القوي الجبار ما الخطب وهو يتساءل خائفا مرعوبا ويقولها بصوت باكٍ راجٍ و مذعور

    الملك الغليظ :
    لقد اوحى الله سبحانه اليّ ان الطف بك وارفع عنك العذاب، انت ماذا فعلت كي يرحمك الله عز وجل؟

    ( نسي العبد الخائف ان يرد على سؤال الملك من شدة فرحه وبدأ يقبل الملك وهو يقول )

    العبد الخائف العاتب:
    سبحانك يا رباه سبحانك يا رباه لم تخيب ظني فيك، هكذا كنت اعرفك في الدنيا ولم انسَ لطفك وانا بين هذا الجمع أُساق الى النار ، سبحانك يا الله سبحانك يا الله

    ( فرمى بنفسه الأرض شاكراً حامداً ساجداً )

    ( مازال الملك الغليظ كان يرقب حركاته وهو صامت لا ينطق و مستغرب مما يحدث )

    العبد الخائف العاتب:
    الآن اين اذهب هل ادخل هذه الفوهة ، فوهة العذاب ام ماذا؟

    الملك الغليظ:
    فوهة العذاب قد حرمها الله عليك فلن تدخلها ابداً

    ( امسى العبد الخائف العاتب مرتبكاً وترجف كل اطرافه ولسانه يتلعثم وهو يقول )

    العبد الخائف العاتب:
    اذن اين اذهب ايها الملك؟


    الملك الغليظ:
    اذهب الى تلك الجماعة القليلة او تلك الثلة المجتمعة حول رسول الله (ص) و علي (ع ) فرسول الله (ص) سيسقيك الماء من حوضه ولن تظمأ بعده ابدا ولكنك لم ترد على سؤالي ايها المغفور له

    ( نسي العبد الخائف العاتب السؤال وهو يتلعثم )

    العبد الخائف العاتب:
    اي سؤال ايها الملك الصالح المطيع لربه

    الملك الغليظ:
    سألتك ماذا فعلت كي يغفر الله لك سبحانه وانت كنت على بعد فراسخ قليلة من فوهة العذاب

    ( العبد الخائف وهو مرتبك لا يعرف ماذا يقول فقال )

    العبد الخائف العاتب:
    لا اعرف لا اعرف
    نعم نعم ، ( وهو يرتجف ) نعم قلتُ عندما كنتَ انت تهينني وتدفعني بقوة عضلاتك وكانت ساقاي تلتويان وتلتفان مع بعضهما و اقعُ الأرض فتذكرتُ ان الله سبحانه يرى حالي فألتفت اليه سبحانه وقلت في قلبي معاتباً اياه سبحانه : ما كان هكذا ظني بك ربي وكنت اقولها في عالم الدنيا والآن لم يبق لى سوى فراسخاً ان اصل الى فوهة النار ولا زلتُ اكررُ ذلك ما هكذا ظني بك وما عرفتُك الا بهذا ، انك انت واسع الجود ولطيف بعبادك، فعندما انهيت من مناجاة قلبي وجدتك وقفت في ضربي وتعزيري وتوهيني

    فقال الملك الغليظ:
    سبحانك ياربي ما الطفك
    وانا كنت اضربك واحتقرك واذا بك تنسى كل هذا وتنظر خلفك وكأنك تنتظر او ترقُبُ احداً ،سبحان الله على ايمانك ايها العبد المغفور له

    شوال٣ - ١٤٤٢ ھ ق
    مايو/مايس١٥- ٢٠٢١ م

    محمد باجلان
    (ابو سجاد)
    Last edited by 3aLa SaBiL Al NaJaT; 16-05-2021, 16:53.
  • 3aLa SaBiL Al NaJaT
    عضو نشيط
    • 14-05-2011
    • 510

    #2
    رد: مشــــــــــــهـــد

    السلام عليكم
    اعيد النص ثانية بعد ملاحظة بعض الأخطاء النحوية والأملائية و اعتذر لكم



    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

    مشهد

    قصة (مشهد) مشهدٌ تخيلي من تخيلات الكاتب ليوم واقعي لا نعرف تفاصيله بدقة ولكنه حتمي بأخبار من الله سبحانه و تعالى ، استخرت الله سبحانه في صلاحية نشر هذه القصة فجاءتني الأية ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فوجدتها بشارة خير فقمت بنشرها والحمد لله تعالى جل ثناءه










    المشهد الأول







    ( يستيقظ سامر من نومه متثاقلاً و يكاد لا ينتصب ظهره من شدة الآلام و ارهاق اصاب مفاصله وعضلاته وبالكاد يجلس منتصباً و رجلاه ما زالتا ممدودتان على الأرض )

    سامر:
    يا الهي ماذا حدث لي؟! لما انا هكذا منهوك البدن ؟
    ( مدّ يده لكي يمرّرُها على رأسه و اذا به يراه مترب و يده مزرقة ، يابسة وهو مندهش مما يرى ورغم ذلك مررها على رأسه فأذا بالغبار والتراب يتناثران و يتساقطان من فوق رأسه، وبين اصابعه المتهالكة يرى بعض خيوط شعره الذي علق بين انامله)

    سامر:
    يا الهي ما هذا؟
    ماذا حدث لي؟
    ولما انا مترب و مغبر؟ اني اتذكر البارحة استحممت و لاحظت جمال هيئتي و وجهي عندما وقفت امام المرآة و كنت ارش على بدني العطر والمسك و مررت بيدي على لحيتي ورقبتي ومسحتهما بما علق في كفي من العطر.

    يا الهي!
    كيف حصل هذا في ليلة واحدة؟
    من فعل بي هذا؟
    يا الهي اكاد اجن ولا اعلم كيف حصل كل هذا!
    اين ام عيالي؟ اين بناتي؟ اين اولادي كي يروا ما جرى لي؟
    ( كاد يصرخ لينبّه زوجته وبناته كي يسعفوه و لكنه رأى ملابسه المتهرئة تتلاشى وتتمزق امام عينيه كبيت العنكبوت بل تهاوت اكثر من بيت العنكبوت و رأى نفسه عارٍ تماماً ولهذا سكت و تراجع ان يصرخ و ينادي زوجته و عياله ، و إلاّ فأنه سيفتضح امامهم وهو على هذا الحال. رفع رأسه اكثر من ذلك المكان المنخفض فوجد نفسه ليس في البيت بل في العراء في ارض قاحلة لا زوجة هناك ولا عيال)

    سامر:
    يا الهي!
    ماذا افعل انا هنا؟
    ولما انا هنا؟ و لما انا لوحدي هنا؟
    من رماني هذه الرمية في هذه الأرض القاحلة؟
    البارحة بعد ان استحممت جلست مع زوجتي ضاحكا وهي استقبلتني مبتسمة وقالت لي: كم ريح المسك عليك طيب يا ابا عيالي ووجهك جميل كالقمر يا حبيبي.
    يا الهي؟
    هذا الذي اتذكره فقط
    اما ما حصل بعده فلا اتذكر شيئاً
    ( كاد يصرخ ليطلب النجدة ولكن ما فائدة الصراخ فلا احد هناك يسمعه فهو وحيد في ارض قاحلة واسعة لا زرع فيها ولا حياة).
    نظر نظرة حوله فلم يرَ سوى السكون والصمت القاتلين المحيطين به

    سامر: يا الهي!
    كم اشعر بجوع و عطش
    البارحة بعد ان خرجت من الحمام ضاحكا سعيداً وضعت لي ام عيالي امام المنضدة اطيب الطعام من لحم وخضر وفاكهة واكلت كثيراً لأنها تجيد الطهي وما اشهى طعامها وشربت وارتويت من اشهى العصائر و الشراب، ولكني وكأني الآن لم اُطْعَمُ طعاماً منذ امدٍ طويل وكأنى لم أُسْقَ شراباً منذ دهر بعيد.
    ماذا حصل يا ربي لا اتذكر شيئاً؟!

    (فبدأ بالبكاء والعويل لأنه لا يعلم ما حصل له وما هو هذا القدر الذي قذف به لهذا المصير البائس )

    ( و بينما هو كان يبكي و يعوّل فأذا به يسمع صوتاً قريباً منه على بعد امتار، فسَعُدَ كثيراً لأنه اعتبره قشة ممكن ان يتمسك بها لتنجيه مما هو فيه، فسكت عن البكاء و رفع رأسه من مكانه المنخفض رويداً رويداً و بحذرٍ شديد و بصعوبة بسبب ما كان يعاني من آلام في عنقه و جسده المنهوك وكأنه لتَوّه عائد من اعمال شاقة، و عندما وقع عينيه على مستوى الأرض رأى استواء الأرض، ثم ادار رأسه صوب الصوت القادم فرأى سواداً يتحرك من مكان قريب منه على بعد حوالي امتار عدة، رأى السواد يتحرك وكان يختفي تارة و يظهر تارة اخرى، لأن السواد كان ايضاً كائناً منهوك القوى و يحاول ان ينتصب ولكنه يصعب عليه الأنتصاب و يسقط و يتوارى في الحفرة التي كان فيها، ولكن السواد بعد عدة محاولات تمكن ان يرى استواء الأرض على مدِّ بصره بعد ان استعاد القليل من قواه ويرفع نصف رأسه فوق مستوى الأرض.
    في تلك اللحظة رأى رأس سامرٍ ينظر اليه ويترقّبه فصرخ مفزوعاً مرعوباً لبشاعة ما رأى، وصرخ سامرٌ كذلك لبشاعة ما رأى هيكل ذلك السواد المرعب المخيف ، فكلاهما رأى رأس مخلوق مخيفٍ ،مغبر الشعر ، مزرق ومترب الجسد ، ذا جلد ملتصق على العظم ، لا لحم و لا عضلة فيه.
    وعلى غرة يظهر كائن شديد القوى مهيب المنظر يحمل بيده اليمنى سوطاً وهو يضرب بسوطه الأرض وهو ينادي بسوط مرعب)

    المَلَك:
    قوموا من الأجداث ايها المجرمون واجتمعوا في العرصة فلنا لكم كلام طويل

    سامر:
    ماذا تقصد ايها الكائن المهيب بقولك قوموا من الأجداث ايها المجرمون؟

    الملك:
    المهيب هو الله تعالى، اذا ناديتني مرة اخرى قل: ايها المَلَك رغم اني استقبح الكلام معك، انتم الآن بُعثتم للحساب بعد ان مُتُّم في دنياكم وهذا هو يوم الحساب


    ( يتبع)

    ٢٢ مارس ٢٠٢١
    الموافق ل ٩ من شهر شعبان ١٤٤٢




    المشهد الثاني









    وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
    ١٨ سورة الجاثية


    (بعد ان قامت الأموات من اجداثهم وكل منهم عرف انهم بعثوا من بعد ان اذاقهم الله الموت في حياتهم الدنيوية وجمعهم الملَك في عرصات ذلك المشهد الفضيع في ارض جرداء لا زرع فيها و لا كلأ و لا ماء

    على حين غرة ظهر رجل مبعوث من بين الأموات و على بعد امتار و كأنه يريد ان ينقض على غريم له وهو متجه نحو سامر و كأنه يعرفه في عالم الدنيا و شك في ملامحه بعد ان نما على سامر جلده ولحمه رغم بعض الفوارق الخلقية عن عالم الدنيا فأتجه اليه من بين هذا الجمع الغفير من الأموات فقال له و بلهجة حادة وهو معصب و لا امان في وجهه فسأله )

    الرجل :
    هل التقينا قبلا قبل ان نُبعث من جديد؟

    سامر:
    ماذا تقصد ايها الرجل الغريب بسؤالك هذا ؟

    فقال له الرجل:
    اقصد هلا عرفتني عن نفسك مثلا لو ذكرت لي اسمك؟

    سامر:
    لا اعرف ، وهل انا لي اسم؟

    الرجل:
    نعم كل منا كان له اسما في عالم الدنيا ويُنادى هنا به و بأسم امه؟

    سامر:
    ولما نُكنّى بأسماء امهاتنا؟

    الرجل:
    من رحمة الله علينا ولا نستحق هذه الرحمة ولكنه سبحانه ما زال يرحمنا فهو ينادينا بأسمائنا واسماء امهاتنا لأن بعض منا لا ينتسب لأبيه والله سبحانه لا يريد فضح تلك الأبناء لأن الخطأ لم يكن منهم بل من امهاتهم

    سامر:
    وانت هل لك اسم؟

    الرجل:
    نعم عندي اسم

    سامر:
    وكيف عرفت اسمك وانا لا اتذكّر اسمي؟

    الرجل:
    اسماءنا مدرجة عند ذلك الملَك ، الا ترى المبعوثين مجتمعين حوله وكل يسأله عن كشف هويته؟ فهو الذي ناداني بأسمي واسم والدتي

    سامر:
    وما هو اسمك ايها الرجل الغريب ؟

    الرجل:
    لقد ذكرني الملك وقال ان اسمك غضبان بن سهيلة

    سامر:
    يسكت برهة وهو متفكر بحال الرجل الغريب

    الرجل الغريب (غضبان):
    ما لك و انت ساكت اراك ذُهلت بعض الشيء عندما عرَّفتُك بهويتي !

    سامر:
    كنت افكر في اسمك سعفان بن سهيلة كما اخبرتَ

    غضبان:
    ما جرى لك يا رجل لم اقل سعفان بل غضبان

    سامر:
    نعم نعم غضبان انا اسف ( وقاله بتردد وتلعثم) وكأن هذا النوع من الأسم ليس غريبا على سمعه

    غضبان:
    يا ويلك مني لو كنت انت الذي في بالي

    سامر:
    يا رجل ماذا فعلت لك اني قبل ساعات افقت من قبري ولما انت متعصب وثائر بوجهي ؟

    غضبان:
    قلتَ متعصب ( وهو يضغط على فكه السفلي بأسنانه الظاهرة و بقوة وتقاسيم وجهه القاسية الغاضبة تملأ وجهه وهو يدير بنصف جسده للخلف كي يتركه ولكنه لن يهدأ له البال الا اذا عرف هويته ))

    (صاح الملك الذي عنده قائمة الأسماء و بصوت عال مخيف و مرعب منادياً )

    الملك:
    سامر بن سلمى

    ( لم يرد احد عندما سمعوا نداء الملك )

    (فقال الملَك لملَكٍ اقل منه شأناً و هو يعمل تحت إمرأته )

    الملك:
    اذهب ايها الملك الى ذلك الرجل البعيد عنا الواقف هناك والذي يجادل مع غضبان فهو سامر و احضره لي

    (عندما سمع غضبان الأسم تذكر ماضي حياته في عالم الدنيا فهو كاد ان يترك سامراً قبل ان ينادي الملك بأسمه و لكنه وقف في مكانه عندما سمع النداء وهو ينتظر الأخبار ليعرف من هو صاحب هذا الأسم ، جاء الملك العامل بسرعة الى سامر فقال له)



    الملك العامل:
    قم ايها الرجل واستعد

    ( فقام سامر من مكانه وهو خائف مرعوب فقال له الملك )

    الملك العامل:
    انت سامر بن سلمى هيا معي فالملك الكبير يناديك

    ( لما سمع غضبان حديث الملك العامل مع سامر وثب على الأخير و شرع يلطمه في وجهه يميناً و يساراً ويرفسه في بطنه و ظهره وهو يقول له )

    غضبان:
    ( تعسا لك ايها المجرم الوقح انت الذي اضللتني في حياة الدنيا وجعلتني اصدقك واعطيتني منصبا في حزبك الشيطاني اللعين وجعلتني اظلم الناس الأبرياء ، اقتل فيهم و استولي على اموالهم ظلماً واسجن عيالهم افتراءاً لا وفقك الله و سقاك من نار الجحيم وجعلك في السافلين فيها

    ( تدخل بقية الأموات المبعوثين لكي يهدؤوا من ذلك المناخ المرعب الذي هم فيه وصاح الملك فيهم صيحة كادت تمزق احشائهم )

    الملك:
    ايها المجرمون أ تتشاجرون ؟ ستكون كل حياتكم شجارا وكلكم ستُسقون من عذاب عظيم ولكن ارجو الهدوء لحد ما تنتهي المحكمة الألهية معكم ثم يكون لكل حادث حديث

    ( بعد هذه الحادثة يتذكر سامر انه كان رئيس حزب سياسي و كيف كان يدفع برجاله كي يوقعوا بمنافسيهم من الأحزاب الأخرى وكذلك ظلمهم لباقي الناس البسطاء الذين ما كانوا يدعمون توجهاتهم الحزبية الضيقة فبدأ يسحب بشعره المنفوش ويلطم على رأسه و يخدش وجهه وهو يصرخ ويقول

    سامر:
    وا ويلاه يا سامر ووا ويلاه يا سامر ماذا فعلت بنفسك وا ويلاه لك من عمرٍ صرفته في الظلم والطغيان يا لسواد وجهك يا سامر ، يا لسواد وجهك يا سامر



    ٢ شوال ١٤٤٢
    مايو/مايس ٢٠٢١

    يتبع))))









    المشهد الثالث









    الملك:
    لبيك وسعديك يا رب العالمين

    الملك العامل:
    اراك تلبي الله سبحانه

    الملك:
    لقد اوحى لي ربي قائلا

    الوحي:
    ارى فلانا بن فلانة بين اهل النار فقلت: ربي انه له جرائم ولم يرعَ لك حُرمة وله قليل من الحسنات


    الملك:
    فأوحى اليَّ ربي عز و جل قائلاً

    الوحي:
    انقله من بين اهل النار الى الجهة الثانية حيث المجتمعين بمحمدٍ و علي


    الملك:
    فقلتُ
    لبيك وسعديك يا رب العالمين


    الملك:
    ايها الملك العامل معي، اني مأمور ان انقل فلان بن فلانة من بين ذلك الجمع الظالم لأنفسهم الى حيث يرضى الله سبحانه، فأني آمرك ان تذهب اليه وتأخذ بيده وتأخذه الى مأمنه حيث رسول الله (ص)

    الملك العامل:
    سمعا وطاعة ولكن من هو فلان بن فلانة؟

    الملك:
    انت اذهب ستعرفه فهو الوحيد من بين الخلائق هناك يذكر الله سبحانه

    فقال الملك العامل:
    فوراً سمعا وطاعة

    ( ( ذهب الملك العامل وهو يشق طريقه من بين هذا السواد من الأموات المبعوثة من الأجداث وهو يقول: سبوح قدوس رب الملائكة و الروح سبقت رحمته غضبه ولم يترك الذكر الى ان وصل الى مبغاه فوجد عبداً يصيح بصوت عال وهو يقول )

    العبد الذاكر:
    يا حنان يا منان ، يا حنان يا منان ، و هل من حنان ومنان غير الله

    ( و هو يعيد و يكرر الذكر ولا يسكت، اما
    الأموات المبعوثة من حوله فلولا خوفهم من الملائكة المحيطين بهم من كل زاوية لأشبعوه ضرباً لأن قلوبهم هاوية والخوف والرعب يأكل فيهم، فهم لا يتحملون همسة فكيف بهذا الرجل وهو يصرخ في وسطهم و يخدش اعصابهم ويقول مرارا وتكراراً يا حنان يا منان وهل من حنان ومنان غير الله
    فالموجودون حوله حاولوا مرارا اسكاته لأنه صراخه ازعجهم و هم في حالٍ يفكرون في ايجاد مسعىً ومخرج لهم كي لا يقعوا في العذاب ، فجاءه الملك فقال للعبد الذاكر ذاك )

    الملك العامل:
    ايها الذاكر لله سبحانه تعال معي

    ( فبكى الذاكر لله قائلاً )

    العبد الذاكر:
    بالله عليك ايها الملك اسأل الله ان يغفر لي والله لا اتحمل هجرانه سبحانه فأني احبه فلا تأخذني للنار ارجوك

    فقال الملك العامل:
    لا ايها الرجل انا جئت اليك كي اخرجك من بين هذه الأمة الظالمة وآخذك الى موقف وعرصة المؤمنين المجتمعين بمحمدٍ و علي عليهما السلام فلقد انزل الله فيك وحياً فغفر لك

    فصاح العبد الذاكر :
    يا حنان يا منان ، يا حنان يا منان وهل من حنان ومنان غير الله


    ( اخذ الملك بيده وشقّا الطريق من بين الأموات المبعوثة وهو مازال يردد نفس الذكر وسمعه كل الخلق هناك )






    المشهد الرابع











    ( الخلق المجتمع يطمعون في مغفرة الله )




    ( يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ ۚ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍۢ زُرْقًا ). ١٠٢ سورة طه



    ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )
    ٨٧ سورة النحل

    ( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ )٥١سورة يونس


    ( فرحت الأموات المبعوثة لدى سماعهم نبأ مغفرة الله سبحانه لذلك العبد الذاكر وهذه الفرحة لم تكن خالصة من اجل ذلك العبد الذاكر بل كانت فرحة تمنوا من خلالها ان تُغفر لهم كما غُفر للعبد الذاكر ، اجتمعوا في عرصات ذلك المحشر الكبير و انبرى بينهم مجموعة ذو السنة حداد يسلقون الناس بألسنتهم فصعد بينهم خطيباً ماهراً وهو يخطب فيهم قائلا )

    الخطيب المنافق:
    ايها الناس انتم رأيتم بأم اعينكم كم ربنا رحيم و رحمته وسعت كل شيء فهذا الرجل كان بيننا و كان يذكر الله سبحانه طوال هذه الأيام وهو واقف بيننا في هذه الأجواء الحارة و الكئيبة الا انه لم يمل من ذكر الله ولم ينساه الله ، اذكروا الله اخوتي فأن شاء الله تعالى نحن مؤمنون ولا محال ستصلنا وتشملنا رحمة الله الواسعة

    ( كانت الأموات المبعوثة يصغون له واستسلموا لكلمات الخطيب ولم يتركوا كلمة واحدة الا وانصتوا لها حيث كانت مسامع اذانهم مفتوحة للغاية على عكس ما كانوا عليها في حياتهم الدنيوية فكانوا لا ينصتون او يهملون هذه الكلمات ولكنهم و لأنهم اصبحوا قاب قوسين او أدنى من العذاب النازل بهم فأمسوا مستمعين جيدين و مخلصين لكلمات ذلك الخطيب الى ابعد حدود ، ولم يكن احدٌ يسمع همسة بين جمع الأموات المبعوثة لأنهم لم يرغبوا ان يفرطوا في كلمة واحدة او يفوتهم حرف من هذا الخطاب الا و استمعوا اليه )

    الخطيب المنافق:
    ايها الأخوة المؤمنون والمؤمنات
    رحمة الله الواسعة وهي وسعت كل شيئ وهذا قول الله سبحانه وليس قولي رحمكم الله فأنصتوا واسمعوا و أن شاء الله قريباً سيصدر العفو الألهي عنا و ننتقل الى الجهة الأخرى عند تلك الثلة المجتمعة حول رسول الله (ص) و علي (ع)
    قولوا: يا الله غفر الله لكم


    (و اذا يُسمعُ دويٌّ كدويِّ النحل من بين الأموات المبعوثة والكُلُّ يهتفُ وينادي)

    الأموات المبعوثة:
    يا الله يا الله يا الله

    الخطيب المنافق:
    كبِّروا ربَّكم غفر الله لكم

    الأموات المبعوثة:
    الله اكبر الله اكبر الله اكبر

    ( نزل الخطيب على المنبر الذي صنعته الأموات المبعوثة ويجتمعون حوله وفي لسان كل واحد منهم عشرات الأسئلة عن مصيرهم ، احوالهم و مغفرة الله تعالى لهم ، فتقدم احدُهم اليه وهو يبكي ويسأل الخطيب المنافق وكأن هذا الخطيب هو اهل الحل والعقد ويسأله )

    السائل:
    ايها الخطيب جزاك الله خيرا ، لي سؤال واتمنى ان ترد عليّ

    الخطيب المنافق:
    جعلني الله خادما تحت تراب قدميك اسأل ما بدا لك

    ( يتحدث السائل و في حلقه عبرة و بصوت محزن ، مبكٍ و راجٍ لرحمة الله تعالى ويقول)

    السائل:
    اصلحك الله ارى تلك الجماعة او الثلة القليلة المجتمعين حول محمد و علي عليهما السلام فرحين و مسرورين ويسقيهم رسول الله (ص) من حوضه ونحن ومنذ ايام لا طاقة لنا في الوقوف هنا وفي هذا الجو الحار على اقدامنا، انظر حولك فكثير منا مغبر الوجه اشعث الشعر مزرق الجلد ، قتلنا العطش والجوع فمتى يسقينا محمد (ص) بيده الشريفة اجبني فداك روحي

    الخطيب المنافق:
    الله سبحانه وسعت رحمته وسبقت غضبه يا رجل ، فعلينا ان نتحمل قليلا ولعلنا سبحانه يمتحننا كي يعلم من الصابر فينا واكيد سيحل فينا عفوه وتصلنا مغفرته

    السائل:
    امتحان! اي امتحان اصلحك الله؟ والله لا ارَ اي تغيير ولا اتوقع اي امر جديد يدفع عنا هذا البلاء ، تقول امتحان! فقدتُ كل قواي اي امتحان هذا ؟!

    الخطيب المنافق:
    لا تيأس يا رجل و لا تقنط من رحمة الله

    ( ادار الرجل البائس ظهره المعوج من شدة التعب و الأرهاق عن الخطيب و كان يمشي و بالكاد كان يسحب ساقيه وهو يتمتم ، حزين ، ذو وجهٍ باكٍ، طائرة العينين في اعلى رأسه و هاوي القلب من شدة الفاجعة )

    ( ظهر من بعيد ملائكة غلاظ وكانت وجهتم نحو الجمع ويقودهم ملك جبار شديد غليظ الأطوار، فأنتبهت الأموات المبعوثة للملائكة الأشداء القادمين وهم مرعوبون مما يحصل ، فنادى فيهم الخطيب المنافق )

    الخطيب المنافق:

    تكبير

    الأموات المبعوثة:
    الله اكبر الله اكبر الله اكبر

    الخطيب المنافق:
    انطقوا الشهادات ايها المؤمنون رحمكم الله وغفر لنا ولكم

    الأموات المبعوثة:
    اشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان ......

    ( فقبل ان ينطقوا الشهادة الثانية وصل الملائكة الى وسط الجمع، فقذف رئيس الملائكة بسلسلة من حديد في طرفه قلاب فتعلق في انف الخطيب المنافق وسحبه من خرطومه فقال له )

    الملك الشديد:
    أ تخطب في الخلائق ايها المنافق و تأمِّنُّ لهم على جرائمهم و تملي عليهم ما لم يوحَ لك بشيئ من الله سبحانه ، سبحان الله كنتَ كذلك في عالم الدنيا وما زلتَ على ما انتَ عليه من النفاق ، ألا لعنة الله عليك

    ( بعد ما رأت الأموات المبعوثة ما حصل للخطيب المنافق ، يأسوا من حالهم وبدأوا يلطمون على رؤوسهم و ينادون بالويل والثبور ، فتقدمت الأموات المبعوثة سائلين العفو والرحمة وطلبوا من الملائكة ان يسألوا الله تعالى ان يغفر لهم ))

    الملك الشديد:
    نحن مأمورون ان نسوقكم الى حيث المحكمة الألهية وكل فرد منكم سينال جزاءه بقدر ما اقترف من الجرائم، ونحن ملائكة العذاب لا تطلبوا منا الرحمة ولا الوساطة ، فهذه الأمور لا نفهمها نحنُ

    السائل:
    ولكن الملائكة المتواجدين عند تلك الثلة لطيفون و يخدمون افراد تلك الثلة

    الملك الشديد:
    انت تتحدث عن ملائكة الرحمة وهم موجودون في الجهة الأخرى عند المؤمنين و هنا لا يوجد بيننا ملائكة الرحمة نحن ملائكة أشداء غلاظ لا نرحم المجرمين وابتعد عن طريقي والا ضربتك بسوطي هذا

    السائل:
    سؤال اخير فأن سألتك ثانية فأفعل بي ما تريد، قبل قليل حضر بيننا ملك لطيف جدا و أخد معه واحداً منا ونقله الى الجهة الأخرى حيث اجتماع تلك الثلة فكيف تقول لا يوجد في هذه العرصة ملائكة الرحمة

    الملك الشديد:
    الملك الذي قدم هنا هو من ملائكة الرحمة ليس له عمل هنا وهؤلاء الملائكة كانوا يبكون عليكم عندما كنتم تعصون الله في عالم الدنيا وكانوا يطلبون الهداية لكم ولكنكم كنتم في غيّكم و لم تلتفتوا لكلمات الله حاربتم انبياء الله عليهم السلام وقتلتم اوصياءهم عليهم السلام فضلا عن قتلكم للأنبياء وقتلتم انصارهم و مريديهم و عذبتم وسجنتم وظلمتم فنحن ملائكة العذاب كنا نراكم وكنا نتمنى ان لا يغفر الله لكم وكنا ننتظركم لكي نعالجكم بأساليبنا التي اجازها الله لنا سبحانه ، فهذا الملك دخل بينكم ، لم يشتمكم و لم يتحدث معكم لأنه ملك من ملائكة الرحمة فجاء فقط في مهمة خاصة ، من اجل ذلك العبد الذي حُشر بينكم و شاء الله ان يغفر له وكان مأموراً ان يُخرجه من بينكم ، ولهذا فهو جاء و نقل ذلك الطاهر من بين الأنجاس من امثالكم، فأذا عندكم شيئ عند الله سبحانه فأطلبوا منه مباشرة ولا تطلبوا منا و الا عاملناكم بطريقتنا

    ( بعد ان سمع الخلق هذا القول بدأوا يرددون قول ذلك العبد الذاكر لله )

    الأموات المبعوثة:
    يا حنان يا منان وهل من حنان و منان غير الله

    فقرأ الملائكة

    ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )
    ٨٧ سورة النحل

    أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) سورة يونس

    قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٥٠) سورة غافر

    ( فلم يستجب لهم الله سبحانه فأوحيَ للملك الشديد ان يسيق المجرمين الى المحكمة الألهية لكي ينالوا جزاءهم
    فبدأ الملائكمة يدفعون بهم وهم اذلة و لا حول لهم ولا قوة )

    وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ )٣٤)
    سورة الجاثية







    المشهد الأخير







    ( سُيِّرَتُ الأموات المبعوثة زُرقاً ، زمراً زمراً من قبل ملائكة غلاظ الى النار وهم يتدافعون ومنهم من يقع ارضاً من هول الفاجعة نتيجة هذا التدافع بعد ان صدرت الأحكام المتباينة بحقهم
    و بينما كان احد الملائكة الغلاظ يدفع بأحدهم فوقع على وجهه ثم قام من اثر ضربات سوط الملك الغليظ النازلة عليه وهو منهوك ،محدودب الظهر ، ناظرٌ لوراءه و كأنه يرقُبُ احداً وهو يقول في نفسه

    العبد المدفوع الى النار:
    كنت عقدت عليك آمالا كبيرة في عالم الدنيا رغم جرمي ولكني اراك لا تبالي لما يحصل لي وملائكتك الغلاظ يدفعوني للأمام الى حيث نار جهنم ويسحبونني من ناصيتي ومن كتفي وساقي وكل اطرافي وهم ينزلون بي عذاب الخزي والمهانة قبل عذاب النار و انت تنظر الي ما هكذا ظننت بك يا ربي لك العتبى فأني اعاتبك فيما ظننت فيك

    ( وعيونه تدمعان ونسي النار في تلك اللحظات القصيرة وكأن شوقه دبَّ فيه الى ربه وهذا الشوق انساه عظيم ما ينتظره )

    ( اراد الملك ان يدفعه بقوة لأنه رآه يتماطل في مشيته وهو يلتفت الى وراءه كثيراً ، رفع الملك سوطه كي يذيقه عذاب سوطه بسبب عدم انصياعه له في الأندفاع للأمام ، و اذا به يتوقف في ضربه فقال له ملك الآخر بجنبه )


    الملك الآخر :
    اراك توقفت في اهانته و تحقيره !

    الملك الغليظ:
    لقد جاءني الوحي من الله سبحانه قائلا

    الوحي:
    ايها الملك لا تهن فلاناً وارفع عذاب سوطك عنه والطف به و ارفقْ ، فقد عفوت عنه

    الملك الغليظ:
    لبيك وسعديك يا رب السماوات والأرضين و رب كل شيئ

    الملك الآخر:
    سبحانك ربي على حلمك ما ارفقك

    ( فقال الملك للعبد الخائف العاتب)

    الملك الغليظ:

    مكانك لا تتحرك ولا تتقدم للأمام


    ( و بقية الخلق تتقاذفهم الملائكة الغلاظ من حوله يميناً و شمالاً وهم يصرخون ويبكون ، بينما العبد الخائف المعاتب واقف في مكانه مطيعاً لأمر الملك و هو جامد وسط هذا المشهد المهول الفضيع حيث الخلائق تُقذف بهم الى فوهة النار و الى فوهة العذاب
    الى ان فرغ الخلائق من حوله فقال للملك )

    العبد الخائف المعاتب:

    ايها الملك القوي الجبار ما الخطب وهو يتساءل خائفا مرعوبا ويقولها بصوت باكٍ راجٍ و مذعور

    الملك الغليظ :
    لقد اوحى الله سبحانه اليّ ان الطف بك وارفع عنك العذاب، انت ماذا فعلت كي يرحمك الله عز وجل؟

    ( نسي العبد الخائف ان يرد على سؤال الملك من شدة فرحه وبدأ يقبل الملك وهو يقول )

    العبد الخائف العاتب:
    سبحانك يا رباه سبحانك يا رباه لم تخيب ظني فيك، هكذا كنت اعرفك في الدنيا ولم انسَ لطفك وانا بين هذا الجمع أُساق الى النار ، سبحانك يا الله سبحانك يا الله

    ( فرمى بنفسه الأرض شاكراً حامداً ساجداً )

    ( مازال الملك الغليظ كان يرقب حركاته وهو صامت لا ينطق و مستغرب مما يحدث )

    العبد الخائف المعاتب:
    الآن اين اذهب هل ادخل هذه الفوهة ، فوهة العذاب ام ماذا؟

    الملك الغليظ:
    فوهة العذاب قد حرمها الله عليك فلن تدخلها ابداً

    ( امسى العبد الخائف المعاتب مرتبكاً وترجف كل اطرافه ولسانه يتلعثم وهو يقول )

    العبد الخائف العاتب:
    اذن اين اذهب ايها الملك؟


    الملك الغليظ:
    اذهب الى تلك الجماعة القليلة او تلك الثلة المجتمعة حول رسول الله (ص) و علي (ع ) فرسول الله (ص) سيسقيك الماء من حوضه ولن تظمأ بعده ابدا ولكنك لم ترد على سؤالي ايها المغفور لك

    ( نسي العبد الخائف المعاتب السؤال وهو يتلعثم )

    العبد الخائف المعاتب:
    اي سؤال ايها الملك الصالح المطيع لربه

    الملك الغليظ:
    سألتك ماذا فعلت كي يغفر الله لك سبحانه وانت كنت على بعد فراسخ قليلة من فوهة العذاب

    ( العبد الخائف وهو مرتبك لا يعرف ماذا يقول فقال )

    العبد الخائف المعاتب:
    لا اعرف لا اعرف
    نعم نعم ، ( وهو يرتجف ) نعم قلتُ عندما كنتَ انت تهينني وتدفعني بقوة عضلاتك وكانت ساقاي تلتويان وتلتفان مع بعضهما و اقعُ الأرض فتذكرتُ ان الله سبحانه يرى حالي فألتفت اليه سبحانه وقلت في قلبي معاتباً اياه سبحانه : ما كان هكذا ظني بك ربي وكنت اقولها في عالم الدنيا والآن لم يبق لى سوى فراسخاً ان اصل الى فوهة النار ولا زلتُ اكررُ ذلك ما هكذا ظني بك وما عرفتُك الا بهذا ، انك انت واسع الجود ولطيف بعبادك، فعندما انهيت من مناجاة قلبي وجدتك وقفت في ضربي وتعزيري وتوهيني

    فقال الملك الغليظ:
    سبحانك ياربي ما الطفك
    وانا كنت اضربك واحتقرك واذا بك تنسى كل هذا وتنظر خلفك وكأنك تنتظر او ترقُبُ احداً ،سبحان الله على ايمانك ايها العبد المغفور لك




    شوال٣ - ١٤٤٢ ھ ق
    مايو/مايس١٥- ٢٠٢١ م



    محمد باجلان
    (ابو سجاد)

    Comment

    • 3aLa SaBiL Al NaJaT
      عضو نشيط
      • 14-05-2011
      • 510

      #3
      رد: مشــــــــــــهـــد

      السلام عليكم
      اعيد النص ثانية بعد ملاحظة بعض الأخطاء النحوية والأملائية و اعتذر لكم



      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

      مشهد

      قصة (مشهد) مشهدٌ تخيلي من تخيلات الكاتب ليوم واقعي لا نعرف تفاصيله بدقة ولكنه حتمي بأخبار من الله سبحانه و تعالى ، استخرت الله سبحانه في صلاحية نشر هذه القصة فجاءتني الأية ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فوجدتها بشارة خير فقمت بنشرها والحمد لله تعالى جل ثناءه










      المشهد الأول







      ( يستيقظ سامر من نومه متثاقلاً و يكاد لا ينتصب ظهره من شدة الآلام و ارهاق اصاب مفاصله وعضلاته وبالكاد يجلس منتصباً و رجلاه ما زالتا ممدودتان على الأرض )

      سامر:
      يا الهي ماذا حدث لي؟! لما انا هكذا منهوك البدن ؟
      ( مدّ يده لكي يمرّرُها على رأسه و اذا به يراه مترب و يده مزرقة ، يابسة وهو مندهش مما يرى ورغم ذلك مررها على رأسه فأذا بالغبار والتراب يتناثران و يتساقطان من فوق رأسه، وبين اصابعه المتهالكة يرى بعض خيوط شعره الذي علق بين انامله)

      سامر:
      يا الهي ما هذا؟
      ماذا حدث لي؟
      ولما انا مترب و مغبر؟ اني اتذكر البارحة استحممت و لاحظت جمال هيئتي و وجهي عندما وقفت امام المرآة و كنت ارش على بدني العطر والمسك و مررت بيدي على لحيتي ورقبتي ومسحتهما بما علق في كفي من العطر.

      يا الهي!
      كيف حصل هذا في ليلة واحدة؟
      من فعل بي هذا؟
      يا الهي اكاد اجن ولا اعلم كيف حصل كل هذا!
      اين ام عيالي؟ اين بناتي؟ اين اولادي كي يروا ما جرى لي؟
      ( كاد يصرخ لينبّه زوجته وبناته كي يسعفوه و لكنه رأى ملابسه المتهرئة تتلاشى وتتمزق امام عينيه كبيت العنكبوت بل تهاوت اكثر من بيت العنكبوت و رأى نفسه عارٍ تماماً ولهذا سكت و تراجع ان يصرخ و ينادي زوجته و عياله ، و إلاّ فأنه سيفتضح امامهم وهو على هذا الحال. رفع رأسه اكثر من ذلك المكان المنخفض فوجد نفسه ليس في البيت بل في العراء في ارض قاحلة لا زوجة هناك ولا عيال)

      سامر:
      يا الهي!
      ماذا افعل انا هنا؟
      ولما انا هنا؟ و لما انا لوحدي هنا؟
      من رماني هذه الرمية في هذه الأرض القاحلة؟
      البارحة بعد ان استحممت جلست مع زوجتي ضاحكا وهي استقبلتني مبتسمة وقالت لي: كم ريح المسك عليك طيب يا ابا عيالي ووجهك جميل كالقمر يا حبيبي.
      يا الهي؟
      هذا الذي اتذكره فقط
      اما ما حصل بعده فلا اتذكر شيئاً
      ( كاد يصرخ ليطلب النجدة ولكن ما فائدة الصراخ فلا احد هناك يسمعه فهو وحيد في ارض قاحلة واسعة لا زرع فيها ولا حياة).
      نظر نظرة حوله فلم يرَ سوى السكون والصمت القاتلين المحيطين به

      سامر: يا الهي!
      كم اشعر بجوع و عطش
      البارحة بعد ان خرجت من الحمام ضاحكا سعيداً وضعت لي ام عيالي امام المنضدة اطيب الطعام من لحم وخضر وفاكهة واكلت كثيراً لأنها تجيد الطهي وما اشهى طعامها وشربت وارتويت من اشهى العصائر و الشراب، ولكني وكأني الآن لم اُطْعَمُ طعاماً منذ امدٍ طويل وكأنى لم أُسْقَ شراباً منذ دهر بعيد.
      ماذا حصل يا ربي لا اتذكر شيئاً؟!

      (فبدأ بالبكاء والعويل لأنه لا يعلم ما حصل له وما هو هذا القدر الذي قذف به لهذا المصير البائس )

      ( و بينما هو كان يبكي و يعوّل فأذا به يسمع صوتاً قريباً منه على بعد امتار، فسَعُدَ كثيراً لأنه اعتبره قشة ممكن ان يتمسك بها لتنجيه مما هو فيه، فسكت عن البكاء و رفع رأسه من مكانه المنخفض رويداً رويداً و بحذرٍ شديد و بصعوبة بسبب ما كان يعاني من آلام في عنقه و جسده المنهوك وكأنه لتَوّه عائد من اعمال شاقة، و عندما وقع عينيه على مستوى الأرض رأى استواء الأرض، ثم ادار رأسه صوب الصوت القادم فرأى سواداً يتحرك من مكان قريب منه على بعد حوالي امتار عدة، رأى السواد يتحرك وكان يختفي تارة و يظهر تارة اخرى، لأن السواد كان ايضاً كائناً منهوك القوى و يحاول ان ينتصب ولكنه يصعب عليه الأنتصاب و يسقط و يتوارى في الحفرة التي كان فيها، ولكن السواد بعد عدة محاولات تمكن ان يرى استواء الأرض على مدِّ بصره بعد ان استعاد القليل من قواه ويرفع نصف رأسه فوق مستوى الأرض.
      في تلك اللحظة رأى رأس سامرٍ ينظر اليه ويترقّبه فصرخ مفزوعاً مرعوباً لبشاعة ما رأى، وصرخ سامرٌ كذلك لبشاعة ما رأى هيكل ذلك السواد المرعب المخيف ، فكلاهما رأى رأس مخلوق مخيفٍ ،مغبر الشعر ، مزرق ومترب الجسد ، ذا جلد ملتصق على العظم ، لا لحم و لا عضلة فيه.
      وعلى غرة يظهر كائن شديد القوى مهيب المنظر يحمل بيده اليمنى سوطاً وهو يضرب بسوطه الأرض وهو ينادي بسوط مرعب)

      المَلَك:
      قوموا من الأجداث ايها المجرمون واجتمعوا في العرصة فلنا لكم كلام طويل

      سامر:
      ماذا تقصد ايها الكائن المهيب بقولك قوموا من الأجداث ايها المجرمون؟

      الملك:
      المهيب هو الله تعالى، اذا ناديتني مرة اخرى قل: ايها المَلَك رغم اني استقبح الكلام معك، انتم الآن بُعثتم للحساب بعد ان مُتُّم في دنياكم وهذا هو يوم الحساب


      ( يتبع)

      ٢٢ مارس ٢٠٢١
      الموافق ل ٩ من شهر شعبان ١٤٤٢




      المشهد الثاني









      وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
      ١٨ سورة الجاثية


      (بعد ان قامت الأموات من اجداثهم وكل منهم عرف انهم بعثوا من بعد ان اذاقهم الله الموت في حياتهم الدنيوية وجمعهم الملَك في عرصات ذلك المشهد الفضيع في ارض جرداء لا زرع فيها و لا كلأ و لا ماء

      على حين غرة ظهر رجل مبعوث من بين الأموات و على بعد امتار و كأنه يريد ان ينقض على غريم له وهو متجه نحو سامر و كأنه يعرفه في عالم الدنيا و شك في ملامحه بعد ان نما على سامر جلده ولحمه رغم بعض الفوارق الخلقية عن عالم الدنيا فأتجه اليه من بين هذا الجمع الغفير من الأموات فقال له و بلهجة حادة وهو معصب و لا امان في وجهه فسأله )

      الرجل :
      هل التقينا قبلا قبل ان نُبعث من جديد؟

      سامر:
      ماذا تقصد ايها الرجل الغريب بسؤالك هذا ؟

      فقال له الرجل:
      اقصد هلا عرفتني عن نفسك مثلا لو ذكرت لي اسمك؟

      سامر:
      لا اعرف ، وهل انا لي اسم؟

      الرجل:
      نعم كل منا كان له اسما في عالم الدنيا ويُنادى هنا به و بأسم امه؟

      سامر:
      ولما نُكنّى بأسماء امهاتنا؟

      الرجل:
      من رحمة الله علينا ولا نستحق هذه الرحمة ولكنه سبحانه ما زال يرحمنا فهو ينادينا بأسمائنا واسماء امهاتنا لأن بعض منا لا ينتسب لأبيه والله سبحانه لا يريد فضح تلك الأبناء لأن الخطأ لم يكن منهم بل من امهاتهم

      سامر:
      وانت هل لك اسم؟

      الرجل:
      نعم عندي اسم

      سامر:
      وكيف عرفت اسمك وانا لا اتذكّر اسمي؟

      الرجل:
      اسماءنا مدرجة عند ذلك الملَك ، الا ترى المبعوثين مجتمعين حوله وكل يسأله عن كشف هويته؟ فهو الذي ناداني بأسمي واسم والدتي

      سامر:
      وما هو اسمك ايها الرجل الغريب ؟

      الرجل:
      لقد ذكرني الملك وقال ان اسمك غضبان بن سهيلة

      سامر:
      يسكت برهة وهو متفكر بحال الرجل الغريب

      الرجل الغريب (غضبان):
      ما لك و انت ساكت اراك ذُهلت بعض الشيء عندما عرَّفتُك بهويتي !

      سامر:
      كنت افكر في اسمك سعفان بن سهيلة كما اخبرتَ

      غضبان:
      ما جرى لك يا رجل لم اقل سعفان بل غضبان

      سامر:
      نعم نعم غضبان انا اسف ( وقاله بتردد وتلعثم) وكأن هذا النوع من الأسم ليس غريبا على سمعه

      غضبان:
      يا ويلك مني لو كنت انت الذي في بالي

      سامر:
      يا رجل ماذا فعلت لك اني قبل ساعات افقت من قبري ولما انت متعصب وثائر بوجهي ؟

      غضبان:
      قلتَ متعصب ( وهو يضغط على فكه السفلي بأسنانه الظاهرة و بقوة وتقاسيم وجهه القاسية الغاضبة تملأ وجهه وهو يدير بنصف جسده للخلف كي يتركه ولكنه لن يهدأ له البال الا اذا عرف هويته ))

      (صاح الملك الذي عنده قائمة الأسماء و بصوت عال مخيف و مرعب منادياً )

      الملك:
      سامر بن سلمى

      ( لم يرد احد عندما سمعوا نداء الملك )

      (فقال الملَك لملَكٍ اقل منه شأناً و هو يعمل تحت إمرأته )

      الملك:
      اذهب ايها الملك الى ذلك الرجل البعيد عنا الواقف هناك والذي يجادل مع غضبان فهو سامر و احضره لي

      (عندما سمع غضبان الأسم تذكر ماضي حياته في عالم الدنيا فهو كاد ان يترك سامراً قبل ان ينادي الملك بأسمه و لكنه وقف في مكانه عندما سمع النداء وهو ينتظر الأخبار ليعرف من هو صاحب هذا الأسم ، جاء الملك العامل بسرعة الى سامر فقال له)



      الملك العامل:
      قم ايها الرجل واستعد

      ( فقام سامر من مكانه وهو خائف مرعوب فقال له الملك )

      الملك العامل:
      انت سامر بن سلمى هيا معي فالملك الكبير يناديك

      ( لما سمع غضبان حديث الملك العامل مع سامر وثب على الأخير و شرع يلطمه في وجهه يميناً و يساراً ويرفسه في بطنه و ظهره وهو يقول له )

      غضبان:
      ( تعسا لك ايها المجرم الوقح انت الذي اضللتني في حياة الدنيا وجعلتني اصدقك واعطيتني منصبا في حزبك الشيطاني اللعين وجعلتني اظلم الناس الأبرياء ، اقتل فيهم و استولي على اموالهم ظلماً واسجن عيالهم افتراءاً لا وفقك الله و سقاك من نار الجحيم وجعلك في السافلين فيها

      ( تدخل بقية الأموات المبعوثين لكي يهدؤوا من ذلك المناخ المرعب الذي هم فيه وصاح الملك فيهم صيحة كادت تمزق احشائهم )

      الملك:
      ايها المجرمون أ تتشاجرون ؟ ستكون كل حياتكم شجارا وكلكم ستُسقون من عذاب عظيم ولكن ارجو الهدوء لحد ما تنتهي المحكمة الألهية معكم ثم يكون لكل حادث حديث

      ( بعد هذه الحادثة يتذكر سامر انه كان رئيس حزب سياسي و كيف كان يدفع برجاله كي يوقعوا بمنافسيهم من الأحزاب الأخرى وكذلك ظلمهم لباقي الناس البسطاء الذين ما كانوا يدعمون توجهاتهم الحزبية الضيقة فبدأ يسحب بشعره المنفوش ويلطم على رأسه و يخدش وجهه وهو يصرخ ويقول

      سامر:
      وا ويلاه يا سامر ووا ويلاه يا سامر ماذا فعلت بنفسك وا ويلاه لك من عمرٍ صرفته في الظلم والطغيان يا لسواد وجهك يا سامر ، يا لسواد وجهك يا سامر



      ٢ شوال ١٤٤٢
      مايو/مايس ٢٠٢١

      يتبع))))









      المشهد الثالث









      الملك:
      لبيك وسعديك يا رب العالمين

      الملك العامل:
      اراك تلبي الله سبحانه

      الملك:
      لقد اوحى لي ربي قائلا

      الوحي:
      ارى فلانا بن فلانة بين اهل النار فقلت: ربي انه له جرائم ولم يرعَ لك حُرمة وله قليل من الحسنات


      الملك:
      فأوحى اليَّ ربي عز و جل قائلاً

      الوحي:
      انقله من بين اهل النار الى الجهة الثانية حيث المجتمعين بمحمدٍ و علي


      الملك:
      فقلتُ
      لبيك وسعديك يا رب العالمين


      الملك:
      ايها الملك العامل معي، اني مأمور ان انقل فلان بن فلانة من بين ذلك الجمع الظالم لأنفسهم الى حيث يرضى الله سبحانه، فأني آمرك ان تذهب اليه وتأخذ بيده وتأخذه الى مأمنه حيث رسول الله (ص)

      الملك العامل:
      سمعا وطاعة ولكن من هو فلان بن فلانة؟

      الملك:
      انت اذهب ستعرفه فهو الوحيد من بين الخلائق هناك يذكر الله سبحانه

      فقال الملك العامل:
      فوراً سمعا وطاعة

      ( ( ذهب الملك العامل وهو يشق طريقه من بين هذا السواد من الأموات المبعوثة من الأجداث وهو يقول: سبوح قدوس رب الملائكة و الروح سبقت رحمته غضبه ولم يترك الذكر الى ان وصل الى مبغاه فوجد عبداً يصيح بصوت عال وهو يقول )

      العبد الذاكر:
      يا حنان يا منان ، يا حنان يا منان ، و هل من حنان ومنان غير الله

      ( و هو يعيد و يكرر الذكر ولا يسكت، اما
      الأموات المبعوثة من حوله فلولا خوفهم من الملائكة المحيطين بهم من كل زاوية لأشبعوه ضرباً لأن قلوبهم هاوية والخوف والرعب يأكل فيهم، فهم لا يتحملون همسة فكيف بهذا الرجل وهو يصرخ في وسطهم و يخدش اعصابهم ويقول مرارا وتكراراً يا حنان يا منان وهل من حنان ومنان غير الله
      فالموجودون حوله حاولوا مرارا اسكاته لأنه صراخه ازعجهم و هم في حالٍ يفكرون في ايجاد مسعىً ومخرج لهم كي لا يقعوا في العذاب ، فجاءه الملك فقال للعبد الذاكر ذاك )

      الملك العامل:
      ايها الذاكر لله سبحانه تعال معي

      ( فبكى الذاكر لله قائلاً )

      العبد الذاكر:
      بالله عليك ايها الملك اسأل الله ان يغفر لي والله لا اتحمل هجرانه سبحانه فأني احبه فلا تأخذني للنار ارجوك

      فقال الملك العامل:
      لا ايها الرجل انا جئت اليك كي اخرجك من بين هذه الأمة الظالمة وآخذك الى موقف وعرصة المؤمنين المجتمعين بمحمدٍ و علي عليهما السلام فلقد انزل الله فيك وحياً فغفر لك

      فصاح العبد الذاكر :
      يا حنان يا منان ، يا حنان يا منان وهل من حنان ومنان غير الله


      ( اخذ الملك بيده وشقّا الطريق من بين الأموات المبعوثة وهو مازال يردد نفس الذكر وسمعه كل الخلق هناك )






      المشهد الرابع











      ( الخلق المجتمع يطمعون في مغفرة الله )




      ( يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ ۚ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍۢ زُرْقًا ). ١٠٢ سورة طه



      ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )
      ٨٧ سورة النحل

      ( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ )٥١سورة يونس


      ( فرحت الأموات المبعوثة لدى سماعهم نبأ مغفرة الله سبحانه لذلك العبد الذاكر وهذه الفرحة لم تكن خالصة من اجل ذلك العبد الذاكر بل كانت فرحة تمنوا من خلالها ان تُغفر لهم كما غُفر للعبد الذاكر ، اجتمعوا في عرصات ذلك المحشر الكبير و انبرى بينهم مجموعة ذو السنة حداد يسلقون الناس بألسنتهم فصعد بينهم خطيباً ماهراً وهو يخطب فيهم قائلا )

      الخطيب المنافق:
      ايها الناس انتم رأيتم بأم اعينكم كم ربنا رحيم و رحمته وسعت كل شيء فهذا الرجل كان بيننا و كان يذكر الله سبحانه طوال هذه الأيام وهو واقف بيننا في هذه الأجواء الحارة و الكئيبة الا انه لم يمل من ذكر الله ولم ينساه الله ، اذكروا الله اخوتي فأن شاء الله تعالى نحن مؤمنون ولا محال ستصلنا وتشملنا رحمة الله الواسعة

      ( كانت الأموات المبعوثة يصغون له واستسلموا لكلمات الخطيب ولم يتركوا كلمة واحدة الا وانصتوا لها حيث كانت مسامع اذانهم مفتوحة للغاية على عكس ما كانوا عليها في حياتهم الدنيوية فكانوا لا ينصتون او يهملون هذه الكلمات ولكنهم و لأنهم اصبحوا قاب قوسين او أدنى من العذاب النازل بهم فأمسوا مستمعين جيدين و مخلصين لكلمات ذلك الخطيب الى ابعد حدود ، ولم يكن احدٌ يسمع همسة بين جمع الأموات المبعوثة لأنهم لم يرغبوا ان يفرطوا في كلمة واحدة او يفوتهم حرف من هذا الخطاب الا و استمعوا اليه )

      الخطيب المنافق:
      ايها الأخوة المؤمنون والمؤمنات
      رحمة الله الواسعة وهي وسعت كل شيئ وهذا قول الله سبحانه وليس قولي رحمكم الله فأنصتوا واسمعوا و أن شاء الله قريباً سيصدر العفو الألهي عنا و ننتقل الى الجهة الأخرى عند تلك الثلة المجتمعة حول رسول الله (ص) و علي (ع)
      قولوا: يا الله غفر الله لكم


      (و اذا يُسمعُ دويٌّ كدويِّ النحل من بين الأموات المبعوثة والكُلُّ يهتفُ وينادي)

      الأموات المبعوثة:
      يا الله يا الله يا الله

      الخطيب المنافق:
      كبِّروا ربَّكم غفر الله لكم

      الأموات المبعوثة:
      الله اكبر الله اكبر الله اكبر

      ( نزل الخطيب على المنبر الذي صنعته الأموات المبعوثة ويجتمعون حوله وفي لسان كل واحد منهم عشرات الأسئلة عن مصيرهم ، احوالهم و مغفرة الله تعالى لهم ، فتقدم احدُهم اليه وهو يبكي ويسأل الخطيب المنافق وكأن هذا الخطيب هو اهل الحل والعقد ويسأله )

      السائل:
      ايها الخطيب جزاك الله خيرا ، لي سؤال واتمنى ان ترد عليّ

      الخطيب المنافق:
      جعلني الله خادما تحت تراب قدميك اسأل ما بدا لك

      ( يتحدث السائل و في حلقه عبرة و بصوت محزن ، مبكٍ و راجٍ لرحمة الله تعالى ويقول)

      السائل:
      اصلحك الله ارى تلك الجماعة او الثلة القليلة المجتمعين حول محمد و علي عليهما السلام فرحين و مسرورين ويسقيهم رسول الله (ص) من حوضه ونحن ومنذ ايام لا طاقة لنا في الوقوف هنا وفي هذا الجو الحار على اقدامنا، انظر حولك فكثير منا مغبر الوجه اشعث الشعر مزرق الجلد ، قتلنا العطش والجوع فمتى يسقينا محمد (ص) بيده الشريفة اجبني فداك روحي

      الخطيب المنافق:
      الله سبحانه وسعت رحمته وسبقت غضبه يا رجل ، فعلينا ان نتحمل قليلا ولعلنا سبحانه يمتحننا كي يعلم من الصابر فينا واكيد سيحل فينا عفوه وتصلنا مغفرته

      السائل:
      امتحان! اي امتحان اصلحك الله؟ والله لا ارَ اي تغيير ولا اتوقع اي امر جديد يدفع عنا هذا البلاء ، تقول امتحان! فقدتُ كل قواي اي امتحان هذا ؟!

      الخطيب المنافق:
      لا تيأس يا رجل و لا تقنط من رحمة الله

      ( ادار الرجل البائس ظهره المعوج من شدة التعب و الأرهاق عن الخطيب و كان يمشي و بالكاد كان يسحب ساقيه وهو يتمتم ، حزين ، ذو وجهٍ باكٍ، طائرة العينين في اعلى رأسه و هاوي القلب من شدة الفاجعة )

      ( ظهر من بعيد ملائكة غلاظ وكانت وجهتم نحو الجمع ويقودهم ملك جبار شديد غليظ الأطوار، فأنتبهت الأموات المبعوثة للملائكة الأشداء القادمين وهم مرعوبون مما يحصل ، فنادى فيهم الخطيب المنافق )

      الخطيب المنافق:

      تكبير

      الأموات المبعوثة:
      الله اكبر الله اكبر الله اكبر

      الخطيب المنافق:
      انطقوا الشهادات ايها المؤمنون رحمكم الله وغفر لنا ولكم

      الأموات المبعوثة:
      اشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان ......

      ( فقبل ان ينطقوا الشهادة الثانية وصل الملائكة الى وسط الجمع، فقذف رئيس الملائكة بسلسلة من حديد في طرفه قلاب فتعلق في انف الخطيب المنافق وسحبه من خرطومه فقال له )

      الملك الشديد:
      أ تخطب في الخلائق ايها المنافق و تأمِّنُّ لهم على جرائمهم و تملي عليهم ما لم يوحَ لك بشيئ من الله سبحانه ، سبحان الله كنتَ كذلك في عالم الدنيا وما زلتَ على ما انتَ عليه من النفاق ، ألا لعنة الله عليك

      ( بعد ما رأت الأموات المبعوثة ما حصل للخطيب المنافق ، يأسوا من حالهم وبدأوا يلطمون على رؤوسهم و ينادون بالويل والثبور ، فتقدمت الأموات المبعوثة سائلين العفو والرحمة وطلبوا من الملائكة ان يسألوا الله تعالى ان يغفر لهم ))

      الملك الشديد:
      نحن مأمورون ان نسوقكم الى حيث المحكمة الألهية وكل فرد منكم سينال جزاءه بقدر ما اقترف من الجرائم، ونحن ملائكة العذاب لا تطلبوا منا الرحمة ولا الوساطة ، فهذه الأمور لا نفهمها نحنُ

      السائل:
      ولكن الملائكة المتواجدين عند تلك الثلة لطيفون و يخدمون افراد تلك الثلة

      الملك الشديد:
      انت تتحدث عن ملائكة الرحمة وهم موجودون في الجهة الأخرى عند المؤمنين و هنا لا يوجد بيننا ملائكة الرحمة نحن ملائكة أشداء غلاظ لا نرحم المجرمين وابتعد عن طريقي والا ضربتك بسوطي هذا

      السائل:
      سؤال اخير فأن سألتك ثانية فأفعل بي ما تريد، قبل قليل حضر بيننا ملك لطيف جدا و أخد معه واحداً منا ونقله الى الجهة الأخرى حيث اجتماع تلك الثلة فكيف تقول لا يوجد في هذه العرصة ملائكة الرحمة

      الملك الشديد:
      الملك الذي قدم هنا هو من ملائكة الرحمة ليس له عمل هنا وهؤلاء الملائكة كانوا يبكون عليكم عندما كنتم تعصون الله في عالم الدنيا وكانوا يطلبون الهداية لكم ولكنكم كنتم في غيّكم و لم تلتفتوا لكلمات الله حاربتم انبياء الله عليهم السلام وقتلتم اوصياءهم عليهم السلام فضلا عن قتلكم للأنبياء وقتلتم انصارهم و مريديهم و عذبتم وسجنتم وظلمتم فنحن ملائكة العذاب كنا نراكم وكنا نتمنى ان لا يغفر الله لكم وكنا ننتظركم لكي نعالجكم بأساليبنا التي اجازها الله لنا سبحانه ، فهذا الملك دخل بينكم ، لم يشتمكم و لم يتحدث معكم لأنه ملك من ملائكة الرحمة فجاء فقط في مهمة خاصة ، من اجل ذلك العبد الذي حُشر بينكم و شاء الله ان يغفر له وكان مأموراً ان يُخرجه من بينكم ، ولهذا فهو جاء و نقل ذلك الطاهر من بين الأنجاس من امثالكم، فأذا عندكم شيئ عند الله سبحانه فأطلبوا منه مباشرة ولا تطلبوا منا و الا عاملناكم بطريقتنا

      ( بعد ان سمع الخلق هذا القول بدأوا يرددون قول ذلك العبد الذاكر لله )

      الأموات المبعوثة:
      يا حنان يا منان وهل من حنان و منان غير الله

      فقرأ الملائكة

      ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )
      ٨٧ سورة النحل

      أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) سورة يونس

      قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٥٠) سورة غافر

      ( فلم يستجب لهم الله سبحانه فأوحيَ للملك الشديد ان يسيق المجرمين الى المحكمة الألهية لكي ينالوا جزاءهم
      فبدأ الملائكمة يدفعون بهم وهم اذلة و لا حول لهم ولا قوة )

      وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ )٣٤)
      سورة الجاثية







      المشهد الأخير







      ( سُيِّرَتُ الأموات المبعوثة زُرقاً ، زمراً زمراً من قبل ملائكة غلاظ الى النار وهم يتدافعون ومنهم من يقع ارضاً من هول الفاجعة نتيجة هذا التدافع بعد ان صدرت الأحكام المتباينة بحقهم
      و بينما كان احد الملائكة الغلاظ يدفع بأحدهم فوقع على وجهه ثم قام من اثر ضربات سوط الملك الغليظ النازلة عليه وهو منهوك ،محدودب الظهر ، ناظرٌ لوراءه و كأنه يرقُبُ احداً وهو يقول في نفسه

      العبد المدفوع الى النار:
      كنت عقدت عليك آمالا كبيرة في عالم الدنيا رغم جرمي ولكني اراك لا تبالي لما يحصل لي وملائكتك الغلاظ يدفعوني للأمام الى حيث نار جهنم ويسحبونني من ناصيتي ومن كتفي وساقي وكل اطرافي وهم ينزلون بي عذاب الخزي والمهانة قبل عذاب النار و انت تنظر الي ما هكذا ظننت بك يا ربي لك العتبى فأني اعاتبك فيما ظننت فيك

      ( وعيونه تدمعان ونسي النار في تلك اللحظات القصيرة وكأن شوقه دبَّ فيه الى ربه وهذا الشوق انساه عظيم ما ينتظره )

      ( اراد الملك ان يدفعه بقوة لأنه رآه يتماطل في مشيته وهو يلتفت الى وراءه كثيراً ، رفع الملك سوطه كي يذيقه عذاب سوطه بسبب عدم انصياعه له في الأندفاع للأمام ، و اذا به يتوقف في ضربه فقال له ملك الآخر بجنبه )


      الملك الآخر :
      اراك توقفت في اهانته و تحقيره !

      الملك الغليظ:
      لقد جاءني الوحي من الله سبحانه قائلا

      الوحي:
      ايها الملك لا تهن فلاناً وارفع عذاب سوطك عنه والطف به و ارفقْ ، فقد عفوت عنه

      الملك الغليظ:
      لبيك وسعديك يا رب السماوات والأرضين و رب كل شيئ

      الملك الآخر:
      سبحانك ربي على حلمك ما ارفقك

      ( فقال الملك للعبد الخائف العاتب)

      الملك الغليظ:

      مكانك لا تتحرك ولا تتقدم للأمام


      ( و بقية الخلق تتقاذفهم الملائكة الغلاظ من حوله يميناً و شمالاً وهم يصرخون ويبكون ، بينما العبد الخائف المعاتب واقف في مكانه مطيعاً لأمر الملك و هو جامد وسط هذا المشهد المهول الفضيع حيث الخلائق تُقذف بهم الى فوهة النار و الى فوهة العذاب
      الى ان فرغ الخلائق من حوله فقال للملك )

      العبد الخائف المعاتب:

      ايها الملك القوي الجبار ما الخطب وهو يتساءل خائفا مرعوبا ويقولها بصوت باكٍ راجٍ و مذعور

      الملك الغليظ :
      لقد اوحى الله سبحانه اليّ ان الطف بك وارفع عنك العذاب، انت ماذا فعلت كي يرحمك الله عز وجل؟

      ( نسي العبد الخائف ان يرد على سؤال الملك من شدة فرحه وبدأ يقبل الملك وهو يقول )

      العبد الخائف العاتب:
      سبحانك يا رباه سبحانك يا رباه لم تخيب ظني فيك، هكذا كنت اعرفك في الدنيا ولم انسَ لطفك وانا بين هذا الجمع أُساق الى النار ، سبحانك يا الله سبحانك يا الله

      ( فرمى بنفسه الأرض شاكراً حامداً ساجداً )

      ( مازال الملك الغليظ كان يرقب حركاته وهو صامت لا ينطق و مستغرب مما يحدث )

      العبد الخائف المعاتب:
      الآن اين اذهب هل ادخل هذه الفوهة ، فوهة العذاب ام ماذا؟

      الملك الغليظ:
      فوهة العذاب قد حرمها الله عليك فلن تدخلها ابداً

      ( امسى العبد الخائف المعاتب مرتبكاً وترجف كل اطرافه ولسانه يتلعثم وهو يقول )

      العبد الخائف العاتب:
      اذن اين اذهب ايها الملك؟


      الملك الغليظ:
      اذهب الى تلك الجماعة القليلة او تلك الثلة المجتمعة حول رسول الله (ص) و علي (ع ) فرسول الله (ص) سيسقيك الماء من حوضه ولن تظمأ بعده ابدا ولكنك لم ترد على سؤالي ايها المغفور لك

      ( نسي العبد الخائف المعاتب السؤال وهو يتلعثم )

      العبد الخائف المعاتب:
      اي سؤال ايها الملك الصالح المطيع لربه

      الملك الغليظ:
      سألتك ماذا فعلت كي يغفر الله لك سبحانه وانت كنت على بعد فراسخ قليلة من فوهة العذاب

      ( العبد الخائف وهو مرتبك لا يعرف ماذا يقول فقال )

      العبد الخائف المعاتب:
      لا اعرف لا اعرف
      نعم نعم ، ( وهو يرتجف ) نعم قلتُ عندما كنتَ انت تهينني وتدفعني بقوة عضلاتك وكانت ساقاي تلتويان وتلتفان مع بعضهما و اقعُ الأرض فتذكرتُ ان الله سبحانه يرى حالي فألتفت اليه سبحانه وقلت في قلبي معاتباً اياه سبحانه : ما كان هكذا ظني بك ربي وكنت اقولها في عالم الدنيا والآن لم يبق لى سوى فراسخاً ان اصل الى فوهة النار ولا زلتُ اكررُ ذلك ما هكذا ظني بك وما عرفتُك الا بهذا ، انك انت واسع الجود ولطيف بعبادك، فعندما انهيت من مناجاة قلبي وجدتك وقفت في ضربي وتعزيري وتوهيني

      فقال الملك الغليظ:
      سبحانك ياربي ما الطفك
      وانا كنت اضربك واحتقرك واذا بك تنسى كل هذا وتنظر خلفك وكأنك تنتظر او ترقُبُ احداً ،سبحان الله على ايمانك ايها العبد المغفور لك




      شوال٣ - ١٤٤٢ ھ ق
      مايو/مايس١٥- ٢٠٢١ م



      محمد باجلان
      (ابو سجاد)

      Comment

      Working...
      X
      😀
      🥰
      🤢
      😎
      😡
      👍
      👎