إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • ya howa
    مشرف
    • 08-05-2011
    • 1106

    #31
    رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

    #الدين_الالهي
    #الاسلام
    #القرآن
    .
    (50)
    .
    • مثال 25: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ" آل عمران: 90، تدل على أنّ المرتدين لن تقبل توبتهم، وهي تتعارض مع الآيات التي قبلها: "كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" آل عمران: 86 - 89 التي تبيّن أنّ لهم توبة!
    .
    الجواب: ليس كل ما يقع عليه اسم "توبة" يكون مصداقاً للتوبة المقبولة عند الله، ففي الدين الإلهي هناك توبة مقبولة وأخرى غير مقبولة، فمثلاً: التوبة عند الاحتضار ومعاينة أمر الآخرة غير مقبولة، وكذلك التوبة عند نزول البأس "العذاب" وحصول المعجزة القاهرة غير مقبولة، والسبب في ذلك أنّ الله سبحانه خلق الدار التي نحن فيها لامتحان الناس واختبارهم، وبالتالي لا مجال للحسم فيها لأنه ينفي الامتحان أصلاً، ولا شك أنّ المعجزة القاهرة ومعاينة أمر الآخرة ينفيان الامتحان ويحسمان الموضوع ولا يبقيان أي مساحة ومجال للإيمان بالغيب الذي أراده الله سبحانه "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" البقرة: 3.
    .
    سئل الإمام الصادق (ع) عن قول الله عز وجل: "وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن" قال: (ذلك إذا عاين أمر الآخرة) المجلسي، بحار الأنوار: 6/19.
    .
    وسئل الإمام الرضا (ع): (لأي علة أغرق الله عز وجل فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال: إنه آمن عند رؤية البأس وهو غير مقبول، وذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف والخلف قال الله تعالى: "فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا" وقال الله عز وجل: "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً" ...) الصدوق، علل الشرائع: 1/59.
    السيد أحمد الحسن من جهته بيّن بوضوح سبب وقوع اللبس والشبهة في المعجزة والهدف منه، وعدم قبول الإيمان والتوبة عند حصول المعجزة القاهرة، فكان مما قال:
    .
    (... فالإيمان بالغيب هو المطلوب والذي يريده الله سبحانه، والمعجزة التي يُرسلها سبحانه لابد أن تُبقي شيئاً للإيمان بالغيب، ولهذا يكون فيها شيء من اللبس؛ ولهذا كانت في كثير من الأحيان مشابهة لما انتشر في زمان إرسالها "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ" الأنعام: 9. ولهذا وجد أهل المادة والذين لا يعرفون إلا المادة في التشابه عذراً لسقطتهم: "فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ" القصص: 48. فالتشابه أمسى عذراً لهم ليقولوا "سِحْرَانِ تَظَاهَرَا" و "إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ"، وقال أمير المؤمنين (ع) وهو يصف أحد المنافقين: ".. جعل الشبهات عاذراً لسقطاته".
    .
    أمّا إذا كانت المعجزة قاهرة ولا تشابه فيها فعندها لا يبقى للإيمان بالغيب أي مساحة ويكون الأمر عندها إلجاء للإيمان وقهراً عليه، وهذا لا يكون إيماناً ولا يكون إسلاماً بل استسلام وهو غير مرضي ولا يريده الله ولا يقبله "وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" يونس: 90، ففرعون يؤمن ويسلم أو قل يستسلم وقبل أن يموت ولكن الله لا يرضى ولا يقبل هذا الإيمان وهذا الإسلام ويجيبه الله سبحانه بهذا الجواب "آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" يونس: 91. هذا لأنه إيمان جاء بسبب معجزة قاهرة لا مجال لمن لا يعرفون إلا هذا العالم المادي إلى تأويلها أو إدخال الشبهة على من آمن بها، وبهذا لم يبق مجال للغيب الذي يريد الله الإيمان به ومن خلاله، فعند هذا الحد لا يُقبل الإيمان؛ لأنه يكون إلجاء وقهراً وليس إيماناً "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِـرُوا إِنَّا مُنْتَظِـرُونَ" الأنعام: 158، "قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ" السجدة: 29.
    .
    ولو كان الله يريد إلجاء وقهر الناس على الإيمان لأرسل مع أنبيائه معجزات قاهرة لا مجال معها لأحد أن يقول "سِحْرَانِ تَظَاهَرَا" أو "أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ" الأنبياء: 5، قال تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" يونس: 99، وقال تعالى: "وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ" الأنعام: 35.
    .
    فالحمد لله الذي رضي بالإيمان بالغيب وجعل الإيمان بالغيب ومن خلال الغيب ولم يرض بالإيمان بالمادة ولم يجعله بالمادة ومن خلال المادة ليتميز أهل القلوب الحية والبصائر النافذة من عمي البصائر ومختومي القلوب) الجهاد باب الجنة: بحث كيف يعرف خليفة الله في أرضه في كل زمان.
    .
    إذا اتضح هذا، فالذين لم تقبل توبتهم في الآية "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ" بالتأكيد لم تكن شروط قبول الإيمان والتوبة متحققة عندهم، وهذا واضح من الآية نفسها حيث وصفتهم بأنهم "ضالون"، ولذلك فسّرت الآية في روايات خلفاء الله بقوم كانوا مقيمين على الضلال وماتوا وهم مصرّون على جحود الحق وإنكاره.
    .
    أما الذين تابوا من كفرهم وضلالهم وتحققت شروط التوبة المقبولة عندهم "إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" فهؤلاء تقبل توبتهم وإيمانهم، والآية أيضاً بيّنت أنّ إيمانهم وتوبتهم محققة لشروط القبول؛ إذ وصفتهم بـ "أصلحوا" أي أصلحوا خطأهم ولم يقيموا على الضلال، وبالتالي فلا تعارض بين الآيتين إطلاقاً.
    .
    #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (50) . • مثال 25: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا...
    نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

    Comment

    • ya howa
      مشرف
      • 08-05-2011
      • 1106

      #32
      رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

      #الدين_الالهي
      #الاسلام
      #القرآن
      .
      (51)
      .
      • مثال 26: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ" يونس: 46، تتعارض مع الآية: "وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ..." النحل: 101، التي تفيد بأنّ التبديل في كلمات الله حاصل!
      .
      الجواب: ليس المقصود بكلمات الله التي لا تبديل فيها هي ألفاظ القرآن كما فهم المشككون، فالله سبحانه يكلّم خلقه بكل شيء، ومن كلامه وحيه لهم، ومن الوحي الرؤيا، لذا قال الإمام علي (ع): (رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده) المجلسي، بحار الأنوار: 58/210.
      .
      يقول السيد أحمد الحسن: (والرؤيا طريق يكلم الله به عباده جميعهم وأنبياءه ورسله، أولياءه وأعداءه، المؤمن والكافر. فقد أوحى الله لفرعون مصر الكافر رؤيا استفاد منها يوسف (ع) في بناء اقتصاد الدولة: "وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ" يوسف: 43.
      وقد أوحي الله لمحمد (ص) رؤيا عرَّفه بها ما يحصل لأهل بيته من بعده، وتسلّط بني أمية (لعنهم الله) على أمته: "وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً" الإسراء: 60.
      وقد عرض الله سبحانه وتعالى نفسه شاهداً للكفار بنبوة محمد (ص) إن طلبوا شهادته. وكيف يشهد الله سبحانه وتعالى للكفار إلا بالرؤيا، قال تعالى: "وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" الرعد: 43. .....) المتشابهات: جواب سؤال 145.
      .
      بل هذا هو المراد من الآية "لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ"؛ لأنها ربطت بين "البشرى" وبين "كلمات الله"، قال تعالى: "لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، والمبشرات هي الرؤى الصادقة كما ورد في روايات المسلمين عموماً.
      .
      عن الإمام الرضا (ع) قال: (إن رسول الله (ص) كان إذا أصبح قال: لأصحابه: هل من مبشرات. يعني به الرؤيا) الكليني، الكافي: 8/90.
      .
      يقول السيد أحمد الحسن: (إن هؤلاء الذين قال عنهم تعالى: "لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" أي يرون رؤيا تبشرهم بصلاح اعتقادهم وحسن عاقبتهم وصفهم تعالى بأنهم أولياء الله المتقون في الآيات قبلها: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ"، أي إنّ الذين يرون المبشرات هم أولياء الله المتقون.
      إن هذه الرؤى المبشرة - بحسن عاقبتهم - التي يراها المؤمنون وصفها تعالى بأنها كلامه سبحانه وتعالى، وهي حق لا تتبدل، وهي "من الغيب" الذي يُطلع عليه الله أولياءه المتقين "لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ") المتشابهات: جواب سؤال 134.
      .
      أما قوله تعالى: "وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ ...". فهي تشير إلى النسخ الذي يحصل لبعض الآيات ولا علاقة لها بكلمات الله في الآية السابقة نهائياً.
      .
      (وقوله "وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر" قال كانت إذا نسخت آية قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله أنت مفتر فرد الله عليهم فقال: "قل لهم - يا محمد - نزله روح القدس من ربك بالحق" يعني جبرئيل عليه السلام) علي بن إبراهيم، تفسير القمي: 1/290.
      .
      .
      • مثال 27: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" المائدة: 47، تتنافى مع الآية: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" آل عمران: 85، إذ كيف يأمر الله أهل الإنجيل بالحكم به مع أنّ القرآن يأمر بالاحتكام إليه والعمل بما جاء فيه وأنه ناسخ لما قبله!
      .
      الجواب: لا تنافي بين الآيتين، وهذا يتضح بملاحظة ما يلي:
      1- قلنا سابقاً (في جواب مثال 2 من الإشكال 9) إنّ الدين عند الله واحد ولا تعدد فيه وهو الإسلام، كما أنّ الكتاب الإلهي واحد وهو القرآن، لكن اختلاف القابل "الرسول الإلهي" من حيث مقامه وإخلاصه وكذا لغته (التي هي لغة قومه الذين يبعث فيهم بطبيعة الحال "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ" إبراهيم: 4) هو الذي فرض اختلاف الكتاب الإلهي "القرآن، الإنجيل، التوراة، صحف إبراهيم، ... وغيرها" من حيث اللغة وأيضاً من حيث عمق بيان المعارف الإلهية الموجودة فيه.
      .
      يقول السيد أحمد الحسن: (..... فالذي أنزل قبل القرآن أيضاً قرآن، ولكنه بعض القرآن الذي أنزل على محمد (ص)، فالتوراة والإنجيل قرآن أيضاً، ولكن القرآن الذي أنزل على محمد (ص) أشمل وأتم وأعظم ومهيمن عليها، ولهذا فالذين كانوا يعرفون التوراة والإنجيل أو يعرفون بعض ما فيها؛ بمجرد أن سمعوا القرآن عرفوا أنه توراة وإنجيل، بل وأعظم منهما ومصدره ومصدرهما واحد. قال تعالى: "قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً" الإسراء: 107 - 109.
      وقد أنزل بعض القرآن (التوراة) على موسى، وأنزل بعضه (الإنجيل) على عيسى، وأنزل كل القرآن أي بصورة أتم وأكمل على محمد؛ لأن القابل أعظم وأقدر، أي أننا نستطيع القول إن انزال القرآن الأتم والأكمل على غير محمد (ص) أمر غير ممكن، تماماً كمحاولة وضع متر مكعب من الماء في إناء سعته لتر واحد، ولهذا لم يكن انزال القرآن إلا في الوعاء المهيأ والقادر على استقباله، والتوراة والإنجيل هي قرآن أو بعضه، مع أنها مختلفة في محتواها وألفاظها؛ لأنها توصل نفس الحقيقة، وإيصال الحقيقة يمكن أن يتم بألفاظ مختلفة، بل وحتى من خلال معان مختلفة أيضاً، فالمطلوب الأهم هو هذه الحقيقة وليس اللفظ بل ولا حتى المعنى) عقائد الإسلام - بحث القرآن.
      .
      بالتالي، فالحكم بما أنزل الله في الإنجيل ليس حكماً بشيء آخر غير القرآن، أما مسألة كون القرآن ناسخ لكل ما قبله - كما ورد في إشكال المشككين - فهي مقولة غير صحيحة وهو جهل بأصل العلاقة التي تحكم الكتب السماوية بعضها ببعض. نعم، ممكن أن يحصل النسخ لبعض الأحكام والمسائل أثناء تعاقب الرسل الإلهيين كما يمكن حصوله أثناء دعوة رسول إلهي واحد أيضاً لأمر يرجع إلى اختلاف الظروف أو اختبار الناس ونحو ذلك (للمزيد، انظر: أحمد الحسن، عقائد الإسلام: الأصل الثالث - التشريع).
      .
      2- في الحقيقة الحكم بـما أنزل الله وما أمر به الله في الإنجيل - كما هو مؤدّى الآية "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ" - لو تم فعلاً فهو لا يختلف عن الحكم بالقرآن؛ لأن محتوى الإثنين "الإنجيل والقرآن" نازل من الله تعالى الواحد الحق، بل ولكان ذلك سبباً في اهتداء "من يحكم" إلى الإسلام والقرآن والرسول الإلهي الذي جاء ونطق به قطعاً، ولهذا قال الإمام علي (ع) في إجابة إشكال الخوارج في مسألة الحكمين: (وأمّا قولكم: إنّ الحكمين كانا رجُلا سوء فلم حكّمتُهما؟ فإنّهما لو حكما بالعدل لدخلا فيما نحن فيه، وخرجا من سوئهما، كما أنّ أهل الكتاب لو حكموا بما أمر الله حيث يقول: "وَليَحْكُم أهلُ الانجِيلِ بما أنزَلَ اللهُ فِيهِ" خرجوا من كفرهم إلى ديننا، قالوا: صدقت وهذه بحجّتنا هذه) ابن المغازلي، مناقب علي بن أبي طالب: 77.
      .


      #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (51) . • مثال 26: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ" يونس: 46، تتعارض مع الآية: "وَإِذَا...
      نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

      Comment

      • ya howa
        مشرف
        • 08-05-2011
        • 1106

        #33
        رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

        #الدين_الالهي
        #الاسلام
        #القرآن
        .
        (52)
        .
        • مثال 28: كيف ينسجم خلق الإنسان من ماء مهين: "وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ" السجدة: 7 - 8، مع تكريمه من قبل الله: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " الإسراء: 70، يقول المشككون!
        .
        الجواب: مسألة تكريم الله للإنسان على بقية المخلوقات أمر ثابت وملاحظ في جوانب عديدة ابتداء من سعة فطرته وعظم جانبه الروحي والنفسي والعقلي وما يتبع ذلك من سعة في الإدراك والمعرفة والأخلاق التي تتناسب وطبيعة الفطرة الإلهية التي أودعت فيه قياساً ببقية المخلوقات. بل حتى على مستوى وجوده في هذا الكون فإنّ النص الديني أثبت أنّ كل شيء خلق لأجل الإنسان أما هو فقد خلق لأجل معرفة الله، ورد في الحديث القدسي: "عبدي خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي" الحر العاملي، الجواهر السنية: 361.
        .
        وبالرغم من اعتراف الجميع - بحسب المعطيات الدينية والعلمية - بأنّ الإنسان في كوننا هذا يعود في أصله إلى نطفة وعملية تلاقح تحصل بين حيمن الرجل وبويضة الأنثى، إلا أنّ ذلك لم يمنع بعض علماء الفيزياء الكونية - ومنهم ملحدون - من الالتفات إلى ما يعرف بـ "المبدأ الإنساني" الذي يفترض أنّ الكون لا وجود له لولا الإنسان؛ إذ كل الثوابت الكونية تستهدف وجوده، ولا يتمكن مخلوق غير الإنسان من رصد الكون وملاحظته.
        .
        يقول ستيفن هوكنج: (يبدو أن كوننا وقوانينه كليهما مصمّمان على يد خياط ماهر لدعم وجودنا) التصميم العظيم: 195.
        ويقول أيضاً: (الحقيقة الواضحة بخصوص الثوابت الكونية تؤكد على أنها صُممت بعناية تتيح الحياة وبمنتهى الضبط المدهش) تاريخ موجز للزمان: 125.
        يقول كذلك: (إحدى النقاط المهمة التي يمكن لنا أن نلاحظها هي أن الكثير من التواريخ الممكنة للكون لن تمر بالسلسلة المتعاقبة التي تتشكل فيها المجرات والنجوم، وهي سلسلة ضرورية لنشأتنا نحن. وإذا كان من الجائز إمكان تطور كائنات ذكية من غير مجرات ونجوم، إلا أن هذا يبدو من غير المرجح. ومن ثم، فإن حقيقة أننا موجودون ككائنات نفسها تتساءل "لماذا يكون الكون بما هو عليه؟" لهي قيد على التاريخ الذي نعيش فيه. فهي تتضمن أنه واحد من التواريخ قليلة العدد التي فيها مجرات ونجوم. وهذا مثل مما يسمى المبدأ الإنساني. ويقول المبدأ الإنساني إن الكون يجب أن يكون تقريباً كما نراه، لأنه لو كان مختلفاً لما وجد أحد ليلاحظه) الكون في قشرة جوز: 84 - 85.
        .
        وهذا بالضبط ما اعتبره السيد أحمد الحسن أحد أدلة إثبات وجود الله، يقول: (بحسب المبدأ الإنساني أو المقاربة الإنسانية أصبح الثابت الكوني والكون بلا قيمة دون وجود الإنسان الذي يرصده - كما بينا سابقاً في ميكانيك الكم - وبهذا أصبح الإنسان ووجوده أهمية كبرى حيث لا قيمة معرفية وعلمية للكون دون وجود الراصد "الإنسان"، فلا وجود للكون كما نعرفه الآن من دون الإنسان وهذا يعني أنّ الإنسان هو الهدف الكوني الأول وطالما كان هناك هدف فمن ورائه قوة عليا هادفة أو إله) وهم الإلحاد: الفصل السادس.
        .
        وبالنسبة إلى خلق الإنسان من سلالة من طين، يقول السيد أحمد الحسن: (السلالة: هي المجموعة المنتقاة والمستلة من غيرها لتميزها وأفضليتها على ذلك الغير الذي استلت منه، فمعنى قوله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ" أي إنّ الإنسان الأرضي الأول خلق من مجموعة مميزة ومفضلة (سلالة)، وتلك السلالة تنتهي سلسلتها إلى الطين "سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ") أحمد الحسن، وهم الإلحاد: الفصل الثالث - نظرية التطور والقرآن.
        .
        ("الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الانسان من طين" قال هو آدم عليه السلام ثم جعل نسله أي ولده من سلالة وهو الصفو من الطعام والشراب "من ماء مهين") قال النطفة المني) تفسير القمي: 2/168.
        .
        أما بداية خلق الانسان وآدم (ع) تحديداً، فقد بيّنها السيد أحمد الحسن في كتابه "وهم الإلحاد" بالتفصيل وتقدم في إجابة (مثال 3 من سؤال 9) نقل بعض كلامه، وخلاصته: إن بداية خلق آدم كانت من طين الأرض ومائها لتحمل نفسه التي ستخلق في السماء الأولى ما في الأرض من قوة وشهوة تؤهله للتكاثر وللعيش في كل بقعة على الأرض وتؤهله ليهيمن على الأرض، ولما تهيأت الأرض لاستقبال آدم خليفة الله نفخ الله روح الإيمان في جسد آدم المثالي الموجود في السماء الأولى فتكونت النفس الإنسانية الأولى، فأمر الله الملائكة بالسجود له فسجد من سجد وتكبر من تكبر فطرد، ثم خلقت نفس حواء من نفس آدم، ثم أخرج ذريتهما وامتحنهم جميعاً الامتحان الأول في عالم الذر "عالم الأنفس"، ولما انتهى هذا الامتحان شاء الله أن يتم ما كان في علمه من إنزال آدم إلى الأرض وامتحانه فيها، فحصل امتحان آدم في السماء الأولى وفشل في الامتحان كما كان مقدّراً له، فأنزل إلى الأرض هو وحواء صلوات الله عليهما.
        .
        نفس الإنسان - كما هو واضح - مزيج من (طينة أرضية + روح علوي منفوخ فيها)، وكون الإنسان مركّباً مما هو أرضي وسماوي مناسب تماماً لوجوده في دار هويتها الامتحان والاختبار، أعني العالم الذي نحن فيه الآن، فالإنسان - كما أكدت النصوص الدينية - خلق ليكون لديه خمسة قوى فاعلة في وجوده، قوى تتجاذبه باتجاهين مختلفين:
        (عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ عِلْمِ الْعَالِمِ، فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ إِنَّ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ: رُوحَ الْقُدُسِ، وَرُوحَ الْإِيمَانِ، وَرُوحَ الْحَيَاةِ، وَرُوحَ الْقُوَّةِ، وَرُوحَ الشَّهْوَةِ، فَبِرُوحِ الْقُدُسِ يَا جَابِرُ عَرَفُوا مَا تَحْتَ الْعَرْشِ إِلَى مَا تَحْتَ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: يَا جَابِرُ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ أَرْوَاحٌ يُصِيبُهَا الْحَدَثَانُ إِلَّا رُوحَ الْقُدُسِ فَإِنَّهَا لَا تَلْهُو وَلَا تَلْعَبُ) الكليني، الكافي: 1/272.
        .
        خلق الإنسان لتكون لديه روح سماوية (إنسانية) هي روح القدس والإيمان، وروح أرضية (حيوانية) هي روح الحياة والقوة والشهوة"، وامتحان الإنسان يتلخص في كيفية تعاطيه مع هذه الأرواح والقوى.
        .
        قال السيد أحمد الحسن: ("قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ": أي إنّ النفس التي خلقت من الطين المرفوع إلى السماء الأولى أهبطت لتتصل بجسم حيواني معين مهيأ لاستقبالها ويتم امتحانها الأرضي كما أراد الله، ...
        فلا إشكال أن يكون هناك كائن حي ترقى من الطين والماء حتى وصل إلى تركيب جسماني حيواني له الأرواح الثلاثة الأولى "روح الحياة والقوة والشهوة"، ثم تبث نفس آدم (ع) فيه لتحصل نقلة شاملة لهذا الكائن من الحيوانية والبهيمية إلى الإنسانية النبوية الرسالية وثقافتها وقيمها الأخلاقية الراقية، وهذا يفسر في نفس الوقت القفزة الحضارية والثقافية التي بدأت في أرض سومر قبل آلاف السنين تفسيراً معقولاً ومقبولاً علمياً.
        واستمر الأمر بعد آدم (ع) في ذريته، فتتجلى في نفوسهم روح الإيمان والقدس، تماماً كأن نفوسهم هي مرآة تعكس روح الإيمان والقدس فتكون نفوسهم عبارة عن فطرة إلهية تدعوهم إلى الترقي، فإن استعمل الإنسان هذا المفتاح بصورة صحيحة نجح في الامتحان وترقى إلى أعلى الدرجات وأصبحت عنده روح الإيمان ثم روح القدس حتى يصبح تجلي الله في الأرض، ... أما إن ألقى الإنسان هذا المفتاح واكتفى بالأرواح الحيوانية فقد أردى بنفسه وخسر حظه ورجع إلى أصله وحيوانيته وبهيميته "فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ") وهم الإلحاد: الفصل الثالث - نزول آدم إلى الأرض.
        .
        الإنسان كائن مركّب من جسد وروح، فالجسد يعود أصله إلى الأرض "الطين والماء" بدون شك، وهذا المخلوق الذي عرفنا الأصل الذي خلق منه، شاء الله سبحانه أن يختار خليفته في أرضه من جنسه لا من جنس الملائكة والجن، قال تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" البقرة: 30، فكان آدم ثم من تلاه من ولده الأصفياء.
        .
        يقول السيد أحمد الحسن: (هذا ما كان بين آدم (ع) والملائكةِ والجن، لأنَّ الملائكةَ والجنَ غيرُ قادرين على تحصيلِ المعرفةِ التي يُحصلها آدمُ (ع) ذاتياً، فكانَ حتمياً أنْ يكونَ آدمُ هو الخليفةَ، لأنهُ القادرُ على تعريفِهِم ما يجهلون. فقد عملَ ببعضِ ما أودعَ فيهِ منْ قابليةٍ وإمكانٍ حيثُ إنَّهُ إنسانٌ، والإنسانُ هو القابلُ الأوسعُ والأعظمُ، فهو مخلوقٌ على صورةِ اللهِ، أي انهُ مفطورٌ على معرفةِ أسماءِ اللهِ، ومودعةٌ فيهِ قابليةَ إظهارِ أسماءِ اللهِ للخلقِ «اللهُ خلقَ آدمَ على صورتِهِ») عقائد الإسلام: بحث أصل الدين.
        .
        إنّ التكريم الذي حُظي به هذا المخلوق "الإنسان" ما كان ليكون لولا بث الروح الإنسانية في تلك الطينة الجامدة، التكريم الإلهي الحقيقي للإنسان إنما حصل في جانبه الإنساني السماوي الذي انفرد به عن بقية المخلوقات، أما تمتع الإنسان بالقوى الأرضية الثلاثة فلا يكاد يختلف حاله فيها عن بقية الكائنات الحية الأخرى التي تشاركه العيش على هذه الأرض، فجميعها يتمتع بالحياة والقوة والشهوة، ولذا فإنّ الجريمة الكبرى التي يرتكبها الإنسان بحق نفسه هي أن يقوم بإلقاء مفاتيح إنسانيته من يده ويترك لقواه الحيوانية الهيمنة على وجوده، فيمسي أسوأ حالاً من بقية الحيوانات؛ لأنها لم تمنح الفرصة التي منحت له للارتقاء والتكامل لكنه ضيّعها بسوء اختياره.
        .
        ومن لطف الله بالإنسان ورحمته به أن جعل بدايته المادية في هذا العالم من ماء مهين، ليتذكر أصله المادي دائماً ويستحضره كلما دعته نفسه إلى الغرور والتكبر وظلم الآخرين ونحو ذلك من أخلاق ذميمة، فيكون ذلك مدعاة له للرجوع إلى الله الذي يطيب كل شيء بالانتساب إليه، وكذلك التحلّي بمكارم الأخلاق التي تزكو بها نفسه وترتقي أكثر فأكثر.
        .
        من دعاء للإمام علي بن الحسين (ع): (اللَّهُمَّ وإِنَّكَ مِنَ الضُّعْفِ خَلَقْتَنَا، وعَلَى الْوَهْنِ بَنَيْتَنَا، ومِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ابْتَدَأْتَنَا، فَلَا حَوْلَ لَنَا إِلَّا بِقُوَّتِكَ، ولَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِعَوْنِكَ فَأَيِّدْنَا بِتَوْفِيقِكَ، وسَدِّدْنَا بِتَسْدِيدِكَ، وأَعْمِ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا عَمَّا خَالَفَ مَحَبَّتَكَ، ولَا تَجْعَلْ لِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِنَا نُفُوذاً فِي مَعْصِيَتِكَ) الصحيفة السجادية.
        .
        (يا موسى أنت عبدي وأنا إلهك، لا تستذل الحقير الفقير ولا تغبط الغني بشيء يسير وكن عند ذكري خاشعاً وعند تلاوته برحمتي طامعاً واسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين، اطمئن عند ذكري وذكر بي من يطمئن إلي واعبدني ولا تشرك بي شيئا وتحر مسرتي إني أنا السيد الكبير، إني خلقتك من نطفة من ماء مهين، من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة فكانت بشراً فأنا صانعها خلقاً فتبارك وجهي وتقدس صنيعي، ليس كمثلي شيء وأنا الحي الدائم لا أزول) الكليني، الكافي: 8/44.
        .
        #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (52) . • مثال 28: كيف ينسجم خلق الإنسان من ماء مهين: "وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن...
        نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

        Comment

        • ya howa
          مشرف
          • 08-05-2011
          • 1106

          #34
          رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

          #الدين_الالهي
          #الاسلام
          #القرآن
          .
          (53)
          .
          • مثال 29: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ" البقرة: 167 تدل على خلود أهل النار فيها، لكن الآية: "خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ" هود: 107 تدل على أنّ بقاءهم في النار له مدة مقيدة بدوام السماوات والأرض، وهما غير دائمتين كما في الآية: "كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا" الانفطار: 1، والآية: "يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ" الأنبياء: 104، وهذا تعارض!
          .
          الجواب: الخلود يعني البقاء والدوام، وهو على نحوين؛ الأول: بقاء مقيّد، والثاني: بقاء مطلق "غير مقيد"، وما يحصل من عذاب بالنار بنحو الخلود المطلق إنما يكون في يوم القيامة، ويحصل بعد فناء كل الموجودات وتبدّل الأرض والسماء، وهذا النحو من الخلود هو الذي أشارت له الآية الأولى "وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ" وهم - كما يقول الإمام الباقر (ع) - أئمة الظلمة وأشياعهم (انظر: الكليني، الكافي: 1/374).
          .
          أما الخلود الذي أشارت له الآية الثانية "خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ" فهو بقاء في النار بنحو مقيّد ومشروط ببقاء السماوات والأرض، وهذا بالتأكيد يكون قبل يوم القيامة وقبل فناء كل الموجودات، أي هو عذاب بالنار يحصل بعد الموت وقبل يوم القيامة، وهو المعروف بعذاب البرزخ، قال تعالى: "وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" المؤمنون: 100.
          .
          قال الإمام علي بن الحسين (ع): (أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك الموت. والساعة التي يقوم فيها من قبره، والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى، فإما إلى الجنة وإما إلى النار، ثم قال: إن نجوت يا ابن آدم عند الموت فأنت أنت وإلا هلكت، وإن نجوت يا ابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت وإلا هلكت، وإن نجوت حين يحمل الناس على الصراط فأنت أنت وإلا هلكت، وإن نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين فأنت أنت وإلا هلكت ثم تلا "ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون" قال: هو القبر وإن لهم فيه لمعيشة ضنكاً، والله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ، ثم أقبل على رجل من جلسائه فقال له: لقد علم ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار ، فأي الرجلين أنت، وأي الدارين دارك) الصدوق، الخصال: 119.
          .
          وهذا يعني أنّ ما يحصل بعد الموت وقبل القيامة ليس فقط بقاء في النار ما دامت السماوات والأرض، وإنما قد يكون بقاء في الجنة ما دامت السماوات والأرض أيضاً، فيُصار بالإنسان بعد الموت وقبل القيامة "أي في البرزخ بين الدنيا والآخرة" إلى الجنة أو النار بحسب حاله.
          .
          (عن أمير المؤمنين (ع) قال: وأما الرد على من أنكر الثواب والعقاب في الدنيا بعد الموت قبل القيامة فيقول الله تعالى: "يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض" الآية "وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك" يعني السماوات والأرض قبل القيامة، فإذا كانت القيامة بدلت السماوات والأرض، ومثل قوله تعالى: "ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون" وهو أمر بين أمرين، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة، ومثله قوله تعالى: "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة" والغدو والعشي لا يكونان في القيامة التي هي دار الخلود، وإنما يكونان في الدنيا، وقال الله تعالى في أهل الجنة: "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً" والبكرة والعشي إنما يكونان من الليل والنهار في جنة الحياة قبل يوم القيامة، قال الله تعالى: "لا يرون فيها شمسا ولا زمهريراً" ومثله قوله سبحانه: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتيهم الله من فضله" الآية) المجلسي، بحار الأنوار: 6/245 - 246.
          .
          ملاحظة: الجنة أو النار البرزخية ليستا في هذا العالم الذي نحن فيه، ومعنى "الدنيا" في الرواية هو السماء الأولى (عالم الأنفس) التي تسمّى أيضاً بالسماء الدنيا (انظر: أحمد الحسن، المتشابهات: جواب سؤال 3)، ولهذا سمّيت الجنة التي خلق فيها آدم (ع) قبل هبوطه إلى الأرض بالجنة الدنيوية، وهي نفسها التي وعده الله أن يرجعه لها بعد الموت.
          .
          قال السيد أحمد الحسن: (... والآيات واضحة أنّ هبوط آدم (ع) وحواء من الجنة الدنيوية في السماء الأولى إلى الأرض لا يمكن أن يقال إنه هبوط من جنة في هذه الأرض إلى الأرض "قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"، فهو هبوط من السماء الأولى إلى السماء الجسمانية وإلى الأرض بالخصوص، والإمام الصادق (ع) بيّن أنّ آدم طلب أن يرجع إلى الجنة التي كان فيها وقد أجابه الله، وهذا يبين بوضوح أنها جنة سيدخلها بعد انفصال نفسه - بالموت - عن هذا الجسد مرة أخرى ويعود كما كان سابقاً.
          عن أبي عبد الله (ع) قال: "لما طاف آدم (ع) بالبيت مائة عام ما ينظر إلى حواء، ولقد بكى على الجنة حتى صار على خديه مثل النهرين العجاجين العظيمين من الدموع، ثم أتاه جبرئيل (ع) فقال: حياك الله وبياك، فلما أن قال:"حياك الله" تبلج وجهه فرحاً وعلم أن الله قد رضي عنه، ولما قال:"وبياك" ضحك ومعنى بياك أضحكك، قال: ولقد قام على باب الكعبة وثيابه جلود الإبل والبقر، فقال: اللهم أقلني عثرتي واغفر لي ذنبي وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها، فقال الله جل ثناؤه: قد أقلتك عثرتك وغفرت لك ذنبك وسأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها") وهم الإلحاد: الفصل الثالث - الحق في مسألة خلق آدم.
          .
          .
          • مثال 30: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" الزخرف: 3 وأمثالها من الآيات، تتنافى مع الآية: "هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" آل عمران: 138، إذ كيف يجوز أن يوصف القرآن بأنه عربي مبين وأنه بلسان قومه، وفي نفس الوقت هو "بيان للناس" على اختلاف أجناسهم ولغاتهم!
          .
          الجواب: القرآن كتاب هداية من الله لجميع الناس، قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" البقرة: 185، القرآن هدى لجميع الناس عربيّهم وغير عربيّهم، أما انطباعه بلغة معيّنة "العربية" فهو أمر فرضته لغة المتلقي له والناطق به أعني رسول الله محمداً (ص) والمواجهين الأوائل له، ومثل هذا الشيء حصل مع جميع الكتب السماوية السابقة على نزول القرآن.
          .
          أما قوله تعالى: "إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" فلا يعني أنّ القرآن كتاب يخص قومية معيّنة دون سواها، ولا يعني - أيضاً - أنّ اللغة العربية جزء مقوّم لحقيقة القرآن بحيث إنه يفقد معناه وحقيقته لو ترجم إلى غير العربية ترجمة صحيحة، أو أنّ اللغات الأخرى لا تستطيع استيعاب حقائقه ومعانيه كما نسمعه من البعض، فمثل هذه المقولات غير صحيحة إطلاقاً، بل وتتنافى مع عدالة الله وحكمته ورحمته بجميع خلقه.
          .
          قال السيد أحمد الحسن: (أما الآيات - التي ذكرتَ أنها تذكره كقرآن عربي - فلا يوجد تركيز فيها على أنّ هناك فضلاً أو أفضلية للعربية على غيرها، وأغلب الآيات تبيّن أنه نزل بلسان عربي وأنتم عرب فالمفروض تفهمونه بسهولة؛ لأنه نزل بلسانكم.
          - "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" يوسف: 2: يعني بلغتكم رجاء أن تعقلونه.
          - "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ" الشعراء: 195: يعني واضح لكم لأنكم عرب، فهم كانوا المواجهين الأوائل للرسول (صلى الله عليه وآله) وللقرآن.
          - وهذه الآية تبيّن أنه لا فرق عند الله أن يكون كتابه بأي لغة، إنما الفرق لدى البشر والناس المتلقين والمواجهين له: "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ" فصلت: 44: يعني لو كان بلغة أخرى غير العربية لطلب العرب ترجمة له "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ"؟ "أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ"؟!
          - "كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" فصلت: 3: أي لمن يواجهونه من العرب (المواجهون الأوائل والمتلقون الأوائل)؛ من يطلبون الحق منهم.
          - وهذه الآية تبيّن لك أنه لا فرق عند الله سبحانه أن ينزل كتابه أو كتبه بأي لغة، وإنما الفرق عند المتلقي الأول والمتلقين الأوائل أي الرسول والمواجهون له، فلغتهم هي الحاكم على اللغة التي ينزل بها الكتاب؛ لأنهم ولأنه المتلقي الأول والمواجه الأول: "وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ" الأحقاف: 12: كتاب موسى بلغته ولغة قومه وكتاب محمد بلغته ولغة قومه، فلا يوجد أفضلية لغوية لدى الله سبحانه لا عربية ولا غيرها، بل العوالم الأعلى من هذا العالم الجسماني لا يوجد فيها لغات هذا العالم الجسماني أصلاً، فاللغات أصلاً نتاج تطوري حدث في هذا العالم الجسماني).
          .
          وقال أيضاً في إجابة سؤال يتعلق بترجمة القرآن:
          (س10: هل يبطل إعجاز القرآن الكريم بالترجمة، وإذا كان لا يبطل فلِمَ لا يكتفى في تكبيرة الإحرام أو القراءة في الصلاة بالترجمة لغير العربي، وبالنسبة لعلماء المسلمين عموماً يرون أنّ سبب بطلان الصلاة في تلك الحالة هو أنّ الترجمة تبطل الإعجاز وليست قرآناً؟
          ج/ لا يبطل، ولكن الترجمة بعض الأحيان خاطئة فتخرج النص عن كونه قرآنياً، وتكبيرة الإحرام والصلاة يأتي بها بحسب إمكانه لتوحيد لغة الصلاة بين المسلمين) علاء السالم، إعجاز القران: ملحق أجوبة السيد أحمد الحسن في موضوع الإعجاز.
          .https://www.facebook.com/10000778402...2/?extid=0&d=n
          نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

          Comment

          • ya howa
            مشرف
            • 08-05-2011
            • 1106

            #35
            رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

            #الدين_الالهي
            #الاسلام
            #القرآن
            .
            (54)
            .

            • مثال 31: يتساءل بعض المشككين عن الآية: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" الأنبياء: 30، ويقول: كيف جعل الله من الماء كل شيء حي مع أنّ الملائكة والجن أحياء وليسوا مخلوقين من الماء بل من النور والنار كما جاء في الآية: "وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ" الرحمن: 15؟
            .
            الجواب: لا يوجد تنافي بين الآيتين؛ لأننا عندما نتكلم عن النسبة بين الماء وبين الأشياء الموجودة فهناك مستويان؛ الأول: النسبة بين الماء وبين الأشياء على مستوى الوجود ككل، وهو "الماء العلوي" الذي خُلق منه كل الوجود بما فيه من مخلوقات. والثاني: النسبة بين الماء وبين الأشياء الحية على مستوى الحياة الأرضية، وهو "الماء الأرضي" الذي ابتدأت منه الحياة على الأرض.
            .
            أما على مستوى الحياة الأرضية فيقصد بالماء في الآية "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" الماء الأرضي أي العنصر الكيميائي المعروف (H_2 O)، فيكون معنى الآية: أنّ الحياة الأرضية بدأت من الماء الأرضي.
            .
            قال السيد أحمد الحسن: (لفظ الماء في هذه الآية بالنسبة للوجود ككل لا يراد منه الماء (H_2 O) الذي نعرفه في الأرض، وقد بيّنت هذا الأمر سابقاً، ولكن بالنسبة للحياة الأرضية الجسمانية فقط سيكون معنى هذه الآية أنّ الحياة على الأرض بدأت من الماء الأرضي "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء"، وهذا يعني بوضوح أنّ بداية الحياة الأرضية كانت من الماء الأرضي، فالآية تبيّن أنّ البذرة الأولى للحياة كانت من البيئة المائية وما تحويه من مكونات ترابية (أو كيميائية)، وهذا موافق تماماً لنظرية التطور، أما استمرار الحياة على الأرض فهو ليس من الماء وما يحويه. نعم، يمكن أن يقال: إن استمرار الحياة في الماء أو بواسطة الماء ولكن ليس من الماء، فالحياة المنتزعة من الماء والتراب الذي يحويه هي الحياة الأولى فقط) وهم الإلحاد: الفصل الثالث - نظرية التطور والقرآن.
            .
            وقول السيد أحمد الحسن: (وقد بيّنت هذا الأمر سابقاً)، يشير إلى أنه بيّن في كتبه الأخرى معنى الماء بالنسبة إلى الوجود ككل "أي: الماء العلوي" الذي خُلق منه كل شيء بما في ذلك الملائكة والجن، حيث سُئل عن معنى قوله تعالى: "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ"، فأجاب:
            .
            (الماء: محمد (ص)، وهو نور الله سبحانه وتعالى، فكل شيء حي تشمل الملائكة والأرواح. ومن المؤكد أنّ الملائكة والأرواح لم تخلق من هذا الماء المعروف عندنا، بل المراد به ماء الحياة وينبوع الحياة الذي شرب منه الخضر (ع) حي الدارين، وهذا الماء هو محمد (ص) وجريانه من بابه علي (ع)، وفتق السماوات والأرض بالحياة بعد أن كانتا رتقاً، أي خالية من الحياة: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ").
            .
            وأيضاً: أجاب عن معنى الآية: "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ" هود: 7، فقال: (العرش هو القرآن، والماء هو محمد (ص) نور الله سبحانه وتعالى، وهو يجري في السماوات والأرض، وفي الخلق كما يجري الماء في الأنهار) المتشابهات: جواب سؤال 66، 67.
            .
            ولا شك أنّ "الماء العلوي" خُلق منه كل شيء، يقول رسول الله محمد (ص) في قوله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي": (كل شيء خلق من الماء) المجلسي، بحار الأنوار: 54/208.
            .
            والمقصود به - كما عرفنا من كلام السيد أحمد الحسن - محمد (ص)، ولهذا لما سأله جابر بن عبد الله قال: (قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: أول شيء خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر، خلقه الله ثم خلق منه كل خير) المجلسي، بحار الأنوار: 15/24.
            .
            وكون المقصود بالماء العلوي "الذي خلق منه كل شيء" هو محمد (ص) ومن بعده آله الطاهرين أمر أوضحته روايات كثيرة وردت عن خلفاء الله السابقين أيضاً، هذا مثال منها:
            .
            (عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: "وكانَ عرْشُه عَلَى الْماءِ" فَقَالَ مَا يَقُولُونَ قُلْتُ يَقُولُونَ إِنَّ الْعَرْشَ كَانَ عَلَى الْمَاءِ والرَّبُّ فَوْقَه فَقَالَ كَذَبُوا مَنْ زَعَمَ هَذَا فَقَدْ صَيَّرَ اللَّه مَحْمُولاً ووَصَفَه بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِ ولَزِمَه أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَحْمِلُه أَقْوَى مِنْه قُلْتُ بَيِّنْ لِي جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّه حَمَّلَ دِينَه وعِلْمَه الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أَرْضٌ أَوْ سَمَاءٌ أَوْ جِنٌّ أَوْ إِنْسٌ أَوْ شَمْسٌ أَوْ قَمَرٌ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ نَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْه فَقَالَ لَهُمْ مَنْ رَبُّكُمْ فَأَوَّلُ مَنْ نَطَقَ - رَسُولُ اللَّه ص وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع والأَئِمَّةُ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِمْ فَقَالُوا أَنْتَ رَبُّنَا فَحَمَّلَهُمُ الْعِلْمَ والدِّينَ ....) الكليني، الكافي: 1/133.
            .
            لاحظ: "إِنَّ اللَّه حَمَّلَ دِينَه وعِلْمَه الْمَاءَ"... "فَحَمَّلَهُمُ الْعِلْمَ والدِّينَ"، أي محمد وعلي وآلهما (صلوات الله عليهم)، وهذا يعني أنهم الماء العلوي "ماء الحياة"، وأكيد أنّ رسول الله (ص) أصل "الآل" وسيدهم وهم قطعة منه، وهو (ص) يجري في الخلق عن طريقهم كما بيّن ولدهم أحمد الحسن في كلامه المتقدم.
            .

            #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (54) . • مثال 31: يتساءل بعض المشككين عن الآية: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ...
            نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

            Comment

            • ya howa
              مشرف
              • 08-05-2011
              • 1106

              #36
              رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

              #الدين_الالهي
              #الاسلام
              #القرآن
              .
              (55)
              .
              • مثال 32: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" الأنفال: 33، تتعارض مع الآية التالية لها مباشرة: "وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ"، فالأولى تنفي تعذيب أهل مكة ما دام الرسول فيهم والثانية تثبت أنّ الله معذّبهم!
              .
              الجواب: لا تعارض بين الآيتين أصلاً، وهذه الحقيقة تتضح بملاحظة ما يلي:
              أولاً: ما فهمه المشككون من أنّ الآية الأولى تتحدث عن أهل مكة بالذات غير صحيح، فالآية عامة ولذا احتج بها رسول الله (ص) وذكرها لبعض المسلمين في المدينة في مقام بيان نفعه (ص) لهم حيّاً وميّاً.
              .
              عن الإمام الباقر (ع) قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في نفر من أصحابه إنّ مقامي بين أظهركم ومفارقتي خير لكم فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا فكيف يكون مفارقتك إيانا خير لنا قال أما مقامي بين أظهركم ان الله يقول "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" يعذبهم بالسيف وأما مفارقتي إياكم فإنه خير لكم فإن أعمالكم تعرض عليّ كل اثنين وكل خميس فما كان من حسن حمدت الله عليه وما كان من سيئ استغفرت الله لكم) الصفار، بصائر الدرجات: 464.
              .
              ثانياً: لا شك أنّ رسول الله (ص) ومن يقوم مقامه من أوصيائه هم أمان لأهل الأرض "فلولا الحجة لساخت الأرض بأهلها" كما وردت في روايات خلفاء الله، فالله سبحانه يرفع العذاب عن الأرض التي يقيم عليها حجة من حجج الله (ع)، فإذا ذهبوا عنها حلَّ بأهلها الجاحدين للحق ما يكرهون.
              .
              (عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام لأي شيء يحتاج إلى النبي صلى الله عليه وآله والامام؟ فقال لبقاء العالم على صلاحه وذلك أن الله عز وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو أمام قال الله عز وجل "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم" وقال النبي صلى الله عليه وآله النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عز وجل طاعتهم بطاعته فقال "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون وهم المؤيدون الموفقون المسددون بهم يرزق الله عباده وبهم تعمر بلاده وبهم ينزل القطر من السماء وبهم يخرج بركات الأرض وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين) الصدوق، علل الشرائع: 1/123 - 124.
              .
              ثالثاً: بالنسبة إلى آية "وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ..."، فهي تتحدث عن عموم الجاحدين للحق وهم في قمة طغيانهم وصدودهم ومحاربتهم لحجة الله وإيذائه حتى يصل بهم الأمر إلى أن يتخذوا قراراً بقتل الرسول الالهي، وبالنسبة إلى زمن الرسول (ص) فهي تتحدث عن مجرمي قريش الذين همّوا بقتل رسول الله (ص) ما أدّى بالنتيجة إلى إخراجه من مكة.
              قال تعالى: "وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ" الأنفال: 34 - 35.
              .
              (... ونزل جبرئيل (ع) على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره أن قريشاً قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك وأنزل عليه في ذلك "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" واجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلاً فيقتلوه وخرجوا إلى المسجد يصفرون ويصفقون ويطوفون بالبيت فأنزل الله "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية" فالمكاء التصفير والتصدية صفق اليدين.
              ..... فلما هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وأخرجوه من مكة قال الله "وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه" يعني قريشاً ما كانوا أولياء مكة "ان أولياؤه إلا المتقون" أنت وأصحابك يا محمد فعذبهم الله بالسيف يوم بدر فقتلوا) علي بن إبراهيم، تفسير القمي: 1/275، 277.
              .
              .
              • مثال 33: بعض المشككين يرى أنّ الآية: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " المائدة 51، تتعارض مع الآية: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" الممتحنة: 8، ففي الوقت الذي نهت فيه الآية الأولى المسلمين عن مولاة اليهود والنصارى ومودتهم، لم تنهَ الآية الثانية المسلمين عن أن يبرّوهم ويقسطوا إليهم!
              .
              الجواب: لا تعارض بين الآيتين كما سيتضح الآن.
              ولِيَ الشيء: يعني ملكه وقام به، وهذا يعني أنّ ولي أمرك هو من يملك أمرك ويتصرّف فيه.
              .
              ولاء الإنسان المطلق في هذه الأرض لا يكون إلا لله سبحانه؛ لأنه المالك الحقيقي للأرض وكل ما فيها، وأما بالنسبة للناس فيما بينهم فالأصل عدم ولاية أحد على أحد، خرج من هذا الأصل من أمر الله بموالاته واتّباعه وطاعته وهم خلفاؤه في أرضه (الأنبياء والرسل والأئمة).
              .
              قال السيد أحمد الحسن: (الأصل في الولاية على الناس أنها لله، والاستخلاف فرع عن هذا الأصل، فالخليفة ولايته فرع ولاية الله، ولا يحق لأحد أن ينقل ولاية الله لغيره إلا بدليل شرعي قطعي. فالأصل أنّ الولاية ثابتة لله على الناس، وليس لإنسان على إنسان ولاية إلا بدليل قطعي. ...) عقائد الإسلام: بحث الحاكمية لله تشريعاً وتنفيذاً.
              .
              إذا اتضح هذا، فالله سبحانه نهى المؤمنين بالحق (الرسول الإلهي) أن يتخذوا غير المؤمنين به أولياء "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء" بمعنى أن يملّكوهم أمرهم ويتبعوهم وينصروهم؛ لأنهم بحسب الفرض ليسوا من أهل الحق والإيمان وبالتالي فمولاتهم - والحال هذه - بالضد من مولاة الحق وصاحبه "الذي أمر الله بولايته".
              .
              وهذا لا يتنافى مع معاملة "من لم يقاتل المسلمين منهم ولم يتسبب بإخراجهم من ديارهم" بالبر والعدل كما دلّت عليه الآية الثانية "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"، وهذا يعني:
              - أنّ معاملة اليهود والنصارى بالبر "الإحسان" والقسط "العدل" لا يعني اتخاذهم أولياء، وبالتالي فلا منافاة بين النهي عن اتخاذهم أولياء وبين السماح ببرّ بعضهم (خصوص من لم يؤذِ المسلمين لأجل دينه) والقسط لهم.
              - المانع عن معاملتهم بالإحسان هو قتالهم للمسلمين لأجل الدين بمعنى أنهم يقاتلون المسلمين لأجل دينهم "لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ"، ومن ثمَّ فلو تنازع رجل منهم مع مسلم لمسألة شخصية مثلاً فلا يكون مصداقاً للآية ولا يخرجه ذلك عن معاملته بالبر والقسط.
              .
              وأيضاً: لو لاحظنا الآية التي أعقبت الآية الثانية لتبيّنت الحقيقة أكثر، قال تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
              .
              النص القرآني يؤكد على أنّ أهل الكتاب قسمان؛ قسم آذى المسلمين وقاتلهم لأجل دينهم أو أعان على قتالهم أو إخراجهم من ديارهم، وهؤلاء لا إحسان معهم؛ لأنهم محاربون للحق. وقسم آخر لم يقاتل المسلمين لأجل دينه ولم يعن على قتالهم أو يتسبّب بإخراجهم من ديارهم، وهؤلاء لا مانع من معاملتهم بالإحسان والقسط.
              .
              فظهر أنّ النص القرآني يتضمّن قانوناً أخلاقياً وإنسانياً رفيعاً لكيفية التعامل مع غير المؤمنين بعدل وإحسان ورحمة طالما أنهم غير محاربين للحق وأهله.
              .
              هذا من جهة التعامل، أما مسألة الولاية فكما قدّمت هي لا تكون إلا لله سبحانه ولمن أمر الله سبحانه باتخاذه ولياً لا غير.
              .

              #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (55) . • مثال 32: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ...
              نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

              Comment

              • ya howa
                مشرف
                • 08-05-2011
                • 1106

                #37
                رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                #الدين_الالهي
                #الاسلام
                #القرآن
                .
                (56)
                .
                • مثال 34: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" المجادلة: 22 تتعارض مع الآية: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا" لقمان: 15!
                .
                الجواب: بالنسبة إلى علاقة المؤمن بالحق بأهله وقومه غير المؤمنين عموماً أوضحها القرآن وخلفاء الله في رواياتهم وسيرتهم، ويمكننا إجمال بعض ما يتصل بهذه المسألة بما يلي:
                .
                1- إنّ المودة والحب الحقيقي - وكذا البغض - يكون في الله سبحانه، فكل ما سوى الله فانٍ ولا قيمة له، قال الإمام الصادق (ع): (من أوثق عرى الايمان أن تحب في الله وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله) الكليني، الكافي: 2/125.
                .
                2- تقدم في جواب المثال السابق، أنّ ولاء الإنسان المطلق في هذه الأرض لا يكون إلا لله سبحانه؛ لأنه المالك الحقيقي للأرض وكل ما فيها، وأما بالنسبة للناس فيما بينهم فالأصل عدم ولاية أحد على أحد، خرج من هذا الأصل من أمر الله بموالاته واتّباعه وطاعته وهم خلفاؤه في أرضه (الأنبياء والرسل والأئمة).
                وأيضاً: منح الدين الإلهي بعض شؤون الولاية للأب "المؤمن العادل" على الولد (ذكراً كان أو أنثى) قبل البلوغ والرشد بحدود معيّنة كما هو موضح في المسائل الفقهية.
                .
                3- خلفاء الله (وكذا يفترض بالمؤمن بهم) هم مظهر عظيم من مظاهر رحمة الله سبحانه، وكما أنّ الله رحيم بخلقه جميعاً فكذا خلفاؤه وأتباعهم، ونحن يمكننا استجلاء رحمة خلفاء الله من خلال ملاحظة تعاملهم وسيرتهم مع الناس عموماً بما في ذلك المخالفين لهم ومن لا يقبلون دعوتهم الإلهية، فقد قصّ الله سبحانه ألم رسوله محمد (ص) على قومه في قوله: "فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ" فاطر: 8، بل دعا بالمغفرة لقومه بالرغم من كل ما لاقاه منهم من أذى، فقال: "اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون" المجلسي، بحار الأنوار: 95/165.
                .
                إذا عرفنا هذا، فالمنهي عنه في الآية "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" هو موادّة من انحرف عن صراط الله ورسوله بنحو الاتباع واتّخاذهم أولياء حتى ولو كانوا أقرب الأقرباء له كالأب والابن والأخ وعموم الأهل والعشيرة، لأن المؤمن الحقيقي يوالي أولياء الله الذين أمر بطاعتهم وولايتهم ولا يقدّم على طاعة ربه شيئاً أبداً.
                .
                وليس المنهي عنه الموادّة التي تعني ميل قلب الإنسان المؤمن لأهله وقومه ومحبتهم برجاء هدايتهم للحق، مع التفاته إلى أنه - في نفس الوقت - لا يحب فعلهم (أعني ميلهم عن الحق وعدم إيمانهم به).
                .
                روى ابن إدريس نقلاً عن جامع البزنطي: (عن أبي جعفر وأبي الحسن (عليهما السلام): لا لوم على من أحب قومه وإن كانوا كفاراً، قال: فقلت له: فقول الله: "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله" فقال: ليس حيث تذهب إنه يبغضه في الله ولا يوادّه ويآكله ولا يطعمه غيره من الناس) الحر العاملي، وسائل الشيعة: 16/182.
                .
                "ولا يطعمه غيره من الناس": بمعنى أنّ الابن يطعم أباه - وكذا أمه - ولا يتركه للناس الآخرين ليطعمونه، وهذا يعني أنّ الابن يقوم بتوفير احتياجات والديه مع تمكّنه من ذلك، وهذا أقل الوفاء لهما مهما كان حالهما.
                الله سبحانه أمر الابن بالبر والإحسان لوالديه وطاعتهما إلى أن يأمرانه بالشرك بالله ومعصية الله فحينئذٍ لا طاعة لهما؛ إذ "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" كما يقول أمير المؤمنين (ع) (أنظر: الصدوق، الخصال: 139)، لكن مع هذا أمر الله بمصاحبتهما في الدنيا بالمعروف، وهذا من رحمته سبحانه.
                .
                قال الإمام الصادق (ع): (بر الوالدين من حسن معرفة العبد بالله، إذ لا عبادة أسرع بلوغا بصاحبها إلى رضى الله من بر الوالدين المسلمين لوجه الله، لان حق الوالدين مشتق من حق الله إذا كانا على منهاج الدين والسنة، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله إلى معصيته، ومن اليقين إلى الشك، ومن الزهد إلى الدنيا، ولا يدعوانه إلى خلاف ذلك، فإذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة وطاعتهما معصية، قال الله تعالى: "وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم" وأما في العشرة فدارهما وارفق بهما، واحتمل أذاهما بحق ما احتملا عنك في حال صغرك، "ولا تضيق عليهما" فيما قد وسع الله عليك من المأكول والملبوس، ولا تحول وجهك عنهما، ولا ترفع صوتك فوق "صوتهما، فإنه من التعظيم لأمر" الله، وقل لهما أحسن القول، "والطف بهما"، فان الله لا يضيع أجر المحسنين) النوري، مستدرك الوسائل: 15/198.
                .
                بالتالي، لا تعارض بين الآيتين؛ إذ يمكن للمؤمن بالله أن يصاحب والديه "غير المؤمنين بالحق" ويعاشرهما في الدنيا بالمعروف وينفق عليهما بما يتمكن ويحتمل أذاهما ... إلخ، لكنه في نفس الوقت لا يوادّهما بمعنى لا يتولّاهما ويتبعهما ويمتثل أمرهما في معصية الله تعالى.
                .
                .

                مثال 35: بنظر المشككين أنّ عصا موسى وصفها الله بوصفين مختلفين، فمرة وصفها بأنها ثعبان ضخم: "فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ" الأعراف: 107، وأخرى وصفها بأنها حية صغيرة "جان": "فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ" القصص: 31، وهذا تناقض!
                .
                الجواب: لا تناقض بين الآيتين؛ لأن الوصفين لم تتصف بهما العصا في حادثة وواقعة واحدة كما توهم المشكك، وإنما كان الوصفان في حادثتين مختلفتين.
                .
                وصف العصا بـ "الجان" كان عند مناجاة موسى (ع) ربه ووحيه له وإعداده إلهياً للإرسال لمواجهة فرعون، وهذا واضح من نفس الآيات التي قصّت الحادثة، قال تعالى: "إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" النمل: 7 - 10.
                .
                أما وصفها بـ "ثعبان ضخم" فكانت بعد بعث موسى (ع) وإرساله، لذا كان تحوّل عصاه إلى ثعبان مبين أمام فرعون وملئه، وهو أيضاً واضح من خلال الآيات التي بيّنت ذلك، قال تعالى: "ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ" الأعراف: 103 - 109.
                .
                ولا مانع من وصف العصا بوصفين مختلفين طالما كان الوصفان في واقعتين مختلفتين، لا سيما وأنّ العصا آية من آيات الله كما هو معلوم، وبالتالي فلا إشكال في أن تظهر بأعين فرعون وملئه بصورة غير الصورة التي ظهرت بها لموسى (ع) عند مناجاته ربه.
                .


                #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (56) . • مثال 34: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ...
                نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                Comment

                • ya howa
                  مشرف
                  • 08-05-2011
                  • 1106

                  #38
                  رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                  #الدين_الالهي
                  #الاسلام
                  #القرآن
                  .
                  (57)
                  .
                  • مثال 36: يرى بعض المشككين أنّ بعض الآيات أوضحت أنّ الناس تُسأل يوم القيامة من قبل الله، مثل: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ" الأعراف: 6، "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" الصافات: 24، "فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" الحجر: 92 - 93، لكن آيات أخرى أشارت إلى أنهم لن يُسألوا، مثل: "فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ" الرحمن: 39، "وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ" القصص: 78، وهذا تناقض!
                  .
                  الجواب: لا شك أنّ جميع الناس تُسأل يوم القيامة بما فيهم الرسل الإلهيين، فالرسل يُسألون عن أداء الرسالة وتبليغها، والناس يُسألون عن أعمالهم وما حملوه من رسالة الله وما بلّغهم به رسل الله، وهذه بعض النصوص التي بيّنت ذلك:
                  .
                  الإمام علي (ع): (... ثم يجتمعون في موطن آخر يستنطق فيه أولياء الله وأصفياؤه، فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، فيقام الرسل فيُسألون عن تأدية الرسالة التي حملوها إلى أممهم، وتُسأل الأمم فتجحد كما قال الله تعالى: "فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين"، ...) الطبرسي، الاحتجاج: 1/360.
                  .
                  رسول الله (ص) في تفسير قوله تعالى: "وقفوهم إنهم مسؤولون" قال: (إنه لا يجاوز قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت) الصدوق، علل الشرائع: 1/218.
                  .
                  وعنه (ص) أيضاً في بيان الآية، قال: (عن ولاية علي، ما صنعوا في أمره؟ وقد أعلمهم الله عز وجل أنه الخليفة بعد رسوله) الصدوق، معاني الأخبار: 67.
                  .
                  الإمام الباقر (ع) قال: (قال رسول الله (ص): يا معاشر قراء القرآن اتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه فإني مسؤول وإنكم مسؤولون إني مسؤول عن تبليغ الرسالة وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي) الكليني، الكافي: 2/606.
                  .
                  ثم إننا نعتقد أنّ الله سبحانه عالم، وعلمه مطلق أي علم لا جهل فيه أبداً، قال تعالى: "وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" البقرة: 231، وقال تعالى: "وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" يونس: 61.
                  .
                  بالتالي، فالسؤال في الآيات المتقدمة ليس لأجل استعلام حال الناس ومعرفة أعمالهم؛ لأنه سبحانه عالم بهم وشاهد ومطلع على أعمالهم (أفعالهم ونواياهم) ولا يحتاج إلى دليل، وإنما سؤالهم لأجل التوبيخ ولزوم الحجة عليهم بإقرارهم بأنفسهم أمام الأشهاد، فيكون السؤال فيها نظير قوله تعالى: "أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ" المؤمنون: 105، وقوله تعالى: "أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" يس: 60.
                  .
                  تعالى الله علواً كبيراً عن احتياجه إلى سؤال أحد من خلقه (إنس وجن وملائكة) لاستعلام حال أحد من خلقه، ولهذا قال تعالى عن المذنب: "فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ"، "وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ"، فهو سبحانه عالم بالمذنبين ولا يحتاج أن يستعلم حالهم بسؤال رفقائهم المجرمين أو سؤال أحد من خلقه.
                  .
                  فتلخص أنّ النصوص المثبتة للسؤال تثبت السؤال للتوبيخ وإلزام الحجة وليس السؤال للاستعلام، والنصوص النافية للسؤال تنفي السؤال للاستعلام، فلا تعارض بين الآيات مطلقاً.
                  .
                  .
                  • مثال 37: يرى بعض المشككين أنّ الآيات التي تحدثت عن طعام أهل النار متعارضة فيما بينها، فمرة وصفته بـ "غسلين"، وأخرى "زقوم"، وثالثة "ضريع، ورابعة "نار"، وهذه هي الآيات: "فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ" الحاقة: 35 - 36، "إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ" الدخان: 43 - 44، "لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ" الغاشية: 6، "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ" البقرة: 174، فما هو الشيء الذي يأكله أهل النار بالضبط!
                  .
                  الجواب: لا تعارض بين الآيات في وصف حال وطعام أهل النار، فالنار - نستجير بالله منها - طبقات بحسب حال المعذّبين فيها، كما أنّ النص الديني (القرآني والروائي) متفق في ذكر حال طعامها الموصوف بالقبح والنتن وشدة الحرارة ونحوه من أوصاف.
                  .
                  - غِسْلين: هو ما يجري ويسيل من أهل النار من دم وقيح وعرق لشدة حرارتها، ولهذا ورد في معنى ("ولا طعام إلا من غسلين" قال: عرق الكفّار) تفسير القمي: 2/384.
                  .
                  - ضريع: لا يختلف معناه عن "غسلين"، فهو أيضاً ما يجري ويسيل من أهل النار لشدة حرارة النار، ("ليس لهم طعام إلا من ضريع" قال: عرق أهل النار وما يخرج من فروج الزواني) تفسير القمي: 2/418.
                  .
                  قال رسول الله (ص): (لو أنّ دلواً صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها) الطوسي، الأمالي: 533.
                  .
                  وقال الإمام الصادق (ع) في بيان صفة النار التي ذكرها جبرئيل للرسول (ص): (... لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها، ولو أن حلقة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها، ولو أن سربالاً من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه، فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى جبرئيل فبعث الله إليهما ملكاً فقال لهما: إن ربكما يقرؤكما السلام ويقول قد آمنتكما أن تذنبا ذنباً أعذبكما عليه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله جبرئيل مبتسماً بعد ذلك) تفسير القمي: 2/81.
                  .
                  - زقوم: شجرة في جهنم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين قبحاً ونتانة، وثمرها نار كالصفر المذاب، ("ان شجرة الزقوم طعام الأثيم" ... وقوله: " كالمهل" قال: المهل الصفر المذاب "يغلي في البطون كغلي الحميم" وهو الذي قد حمي وبلغ المنتهى) تفسير القمي: 2/292.
                  .
                  وصف الامام الباقر (ع) - في حديث طويل - نار جهنم وفصّل بيان طبقاتها حتى وصل إلى الطبقة التي فيها شجرة الزقوم فقال: (........ ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى شجرة الزقوم "شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين" عليها سبعون ألف غصن من نار في كل غصن سبعون ألف ثمرة من نار، كل ثمرة كأنها رأس الشيطان قبحاً ونتناً تنشب على صخرة مملسة سوخاء كأنها مرآة زلقة، بين أصل الصخرة إلى الصخرة سبعون ألف عام، وأغصانها تشرب من نار، ثمارها نار، وفروعها نار، فيقال له: يا شقي اصعد، فكلما صعد زلق، وكلما زلق صعد، فلا يزال كذلك سبعين ألف عام في العذاب، وإذا أكل منها ثمرة يجدها أمرّ من الصبر، وأنتن من الجيف، وأشد من الحديد، فإذا واقعت بطنه غلت في بطنه كغلي الحميم .....) المفيد، الاختصاص: 363.
                  .
                  وهكذا نرى أنّ "غسلين، ضريع، زقوم" ليست معانٍ متناقضة فيما بينها ليقال بوقوع التنافي كما زعم المشككون، بل جميعها ناتج عن شدة حرارة نار جهنم التي يُعذّب بها المجرمون، ولهذا وصف حال من يكتمون الحق مقابل مال قليل بأنهم "مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ"، وكذلك ورد في آكل مال اليتيم. وجميع ما تقدم "غسلين، ضريع، زقوم" يصدق عليه نار لشدة حرارته وانصهاره وغليانه كما لاحظنا في معناها وكذلك صفتها المذكورة في النصوص الدينية.
                  .


                  #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (57) . • مثال 36: يرى بعض المشككين أنّ بعض الآيات أوضحت أنّ الناس تُسأل يوم القيامة من قبل الله، مثل: "فَلَنَسْأَلَنَّ...
                  نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                  Comment

                  • ya howa
                    مشرف
                    • 08-05-2011
                    • 1106

                    #39
                    رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                    #الدين_الالهي
                    #الاسلام
                    #القرآن
                    .
                    (58)
                    .
                    • مثال 38: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء" الزمر: 74، تصف الجنة بأنها أرضية، لكن ورد في آيات أخرى أنها كعرض السماء والأرض، كما في الآية: "وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا" الحديد: 21، أو كعرض السماوات والأرض كما في الآية: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" آل عمران: 133، وكيف تكون الجنة على الأرض وفي نفس الوقت عرضها كعرض السماء أو السماوات والأرض؟
                    .
                    الجواب: إذا عرفنا المقصود بالجنة ومعنى كون عرضها عرض السماء والأرض أو عرض السماوات والأرض لا يبقى لإشكال المشككين وجه أصلاً.
                    .
                    علماء المسلمين خاضوا في بيان المعنى وطرحوا عدة احتمالات وتأويلات، منها:
                    1- إنّ عرض الجنة كعرض السماوات السبع والأرضين السبع لو ضمّت بعضها إلى بعض، وإنما ذكر العرض للإشارة إلى أنّ الطول أعظم من ذلك.
                    2- ثمن "قيمة" الجنة لو بيعت يعدل ثمن السماوات والأرض لو بيعتا.
                    3- العرض للإشارة إلى السعة، وليس المقصود العرض مقابل الطول.
                    4- المراد بالعرض هنا الطول، فعرض السماوات والأرض أي كطولها.
                    انظر: (الشريف الرضي، حقائق التأويل: 238 - 241؛ المجلسي، بحار الأنوار: 8/82؛ الرازي، تفسير الرازي: 29/234؛ أبو حيان الأندلسي، تفسير البحر المحيط: 3/62؛ وغيرهم).
                    .
                    وواضح من كلام العلماء أنهم يقصدون بالأرض هذا الكوكب الذي نعيش عليه، ولا أدري بماذا سيجيبون لو سألهم سائل: إذا كان عرض الجنة كعرض السماوات والأرض (كما هم يفهمون) فماذا بقي لجهنم التي لا يمكن أن تمتلئ كما ورد في النصوص؟!
                    .
                    وأيضاً: هم - أعني علماء المسلمين - لا يذكرون في بيان معنى السماوات السبع أكثر من كونها أطباق أو صفائح؛ طبق فوق طبق وصفيحة فوق صفيحة، بل أغلبهم يحصر معنى "السماء الدنيا" التي ورد ذكرها كثيراً في النصوص الدينية بالسماء الجسمانية، والحال إنّ ما نراه من سماء جسمانية ما هو إلا جزء محسوس ومشاهد منها ليس إلا، وهناك جزء كبير منها لا نستطيع مشاهدته بالرغم من كونه جسمانياً، وهي - أي السماء الجسمانية - مع هذا ليست بأكثر من كونها جزء وقسم من السماء الدنيا كما سيتضح.
                    .
                    أيضاً: جميع المسلمين يعتقدون بأنّ الجنة في عالم آخر غير عالمنا الذي نحن فيه، وإذا كان كذلك فما معنى تشبيه عرضها بعرض سماء جسمانية وأرضها (لو كان المقصود بها السماء الجسمانية)، والحال أنّ السماء الجسمانية والأرض الجسمانية لا يكاد يعدّان شيئاً يذكر إذا قيسا بعالم الجنة أو عوالم الجنان عموماً.
                    .
                    أيضاً: كيف يفهم العلماء نصوص خلفاء الله بخصوص الآية "الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَه وأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ"، حيث بيّنت أنها "أرض الجنة" كما قال الإمام الباقر (ع) (انظر: البحراني، البرهان في تفسير القران: 4/735)، فهل يُقصد بأرض الجنة في النص هذه الأرض التي نحن عليها الآن، وهل يعتقد علماء المسلمين فعلاً أنّ الجنة على هذه الأرض (كما فهم المشككون)؟ بل هل للجنة أرض كهذه الأرض الجسمانية التي لها طول وعرض؟
                    .
                    إنّ معرفة المقصود بـ "الجنة، الأرض، السماء، وكذلك: معنى تشبيه الجنة بعرض السماوات والأرض أو عرض السماء والأرض" في الآيات المتقدمة هو - ولا شك - الأساس الذي يتم به دفع الإشكال من أساسه، لكن المتابع لكلمات علماء المسلمين في هذا الموضوع لا يحظى بشيء يمكن اعتماده لدفع إشكال المشككين.
                    .
                    السيد أحمد الحسن من جهته بيّن في كتبه في أكثر من موضع معنى السماوات السبع وخلقها والعلاقة السببية التي تحكمها (أعني توقف خلق كل سماء على السماء التي فوقها)، وباختصار: فإنّ السماوات تبتدئ بالسماء السابعة الكلية "سماء العقل" ثم السماوات الست المثالية التي تبتدئ بالسماء السادسة نزولاً ووصولاً إلى السماء الأولى "السماء الدنيا" التي تنقسم إلى قسمين هما: السماء الأولى، والسماء الجسمانية.
                    .
                    قال: (ويجب ملاحظة أنّ السماء الأولى هي نهاية السماء الدنيا، أي أنّ السماء الدنيا تبدأ في هذا العالم الجسماني، وتنتهي في أول العالم الملكوتي الروحاني، أي إنّ نهايتها حلقة وصل، ونهايتها أو حلقة الوصل هي السماء الأولى، في الزيارة الجامعة: ".. وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى.."، وفي القرآن: "وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" القصص: 70. وقال تعالى: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ" الواقعة: 62.
                    وفي الأولى عالما: الذر والرجعة، وفيها الأنفس، فالله سبحانه وتعالى لم ينظر إلى عالم الأجسام منذ أن خلقه كما قال رسول الله (ص)، إنما محط الاهتمام يبدأ من نهاية عالم الأجسام، وهي نهاية السماء الدنيا، وهذه النهاية هي السماء الأولى.
                    وقال تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ" المؤمنون: 17. السبع طرائق هي: "السماوات السبع" من السماء الأولى إلى السماء السابعة، وليست السماء الدنيا الجسمانية منها؛ لأنها ليست فوقنا بل نحن فيها، فهي محيطة بنا وهي (تحتنا وفوقنا وعن كل جهات الأرض)، "يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ" العنكبوت: 54، وسيتبين لك فيما يأتي لِمَ أوردتُ هذه الآية في هذا الموضع.
                    وهذا يعني أنّ السماوات إذا عُدَّتْ بهذا التفصيل تكون ثمانياً، وليست سبعاً، وإنما لم تُعد الدنيا الجسمانية؛ لأنها جزء من السماء الدنيا بما فيها من سماء أولى وسماء جسمانية، فإذا ذكرت الأولى أو الدنيا فهي من ضمنها؛ لأنها جزء منها أو تابعة لها.
                    والسماء الجسمانية مرة تُعد هي (الأرض)، ومرة تُعد هي (السماء الدنيا)؛ لأنها الجانب المرئي منها. وفي السماء الجسمانية الأرض بل كل الأرضين السبع، وفي السابعة (جهنم)، كما أنّ الجنة في السماء الثانية، أما في الأولى فتوجد (الجنة الأرضية) وهي جنة آدم؛ لأن الأولى كما بينتُ إنما هي جزء من السماء الدنيا، وهي ملكوتها.
                    عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن ميسر، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن جنة آدم (ع)، فقال: "جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً") المتشابهات: جواب سؤال 175.
                    .
                    وإذا عرفنا أنّ "الأرض" تطلق على هذه الأرض الجسمانية قياساً بالسماء الجسمانية، وتطلق أيضاً على السماء الجسمانية قياساً بالسماء الأولى، فيمكننا أن نفهم كذلك أنّ السماء الأولى يمكن أن يطلق عليها "أرض" قياساً بما فوقها من سماوات ست ملكوتية، ولذا ورد في وصف جنة آدم (ع) بأنها جنة أرضية وهي ليست على هذه الأرض بالتأكيد؛ لأن وصفها المذكور في النصوص لا ينطبق على قوانين عالمنا الجسماني (كما لاحظناه في كلام السيد أحمد الحسن المتقدم، وأيضاً تقدم بيانه بالتفصيل في جواب مثال 3 من إشكال 9)، وإنما هي في السماء الأولى، وكذلك يمكن أن نفهم أنّ كل سماء يمكن أن يطلق عليها "أرض" قياساً بما فوقها.
                    .
                    والآن، صار بوسعنا أن نعرف معنى قول الامام الباقر (ع) المتقدم "أرض الجنة" في تفسير الآية "... وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء"، فليس المقصود بالأرض فيها الأرض الجسمانية كما فهم المشككون، وإنما يقصد بها "السماء" التي تكون الجنة فيها؛ باعتبار أنها يطلق عليها أرض قياساً بما فوقها، ومن المعلوم أنّ الجنة ليست واحدة بل جنات كما نص القرآن على ذلك، كما أنّ السماء ليست واحدة أيضاً.
                    .
                    ولكي تتضح هذه الحقيقة أكثر، ولأجل معرفة المقصود من "الجنة" وأيضاً معنى كون عرضها كعرض السماء والأرض أو عرض السماوات والأرض، هذا جواب السيد أحمد الحسن على سؤال وجّهته له بهذا الصدد، وبه يحل التشابه الذي لم يتمكّن علماء المسلمين من إحكامه، كما يحل به إشكال المشككين أيضاً:
                    .
                    (س/ قال تعالى: "وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا" الحديد: 21، "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" آل عمران: 133، ما المقصود بالجنة في الآيتين، وما معنى عرضها عرض السماء (أو السماوات) والأرض؟
                    .
                    الجواب:
                    أولاً: عرض السماء والأرض وعرض السماوات والأرض المقصود به أوسع ما يمكن، فالسماء والأرض أو السماوات والأرض هي الخلق أو العالم المخلوق.
                    ثانياً: يمكن أن نقول عن السماوات كلها "السماء" بمعنى جمعها بكلمة "سماء" مقابل الأرض.
                    ثالثاً: يمكن أن نقول عن كل سماء مقارنة بالتي فوقها بأنها أرضها. وأيضاً: يمكن أن نقول عن السماء الجسمانية كلها بأنها الأرض.
                    والسماء الجسمانية بالمستوى المحسوس والمرئي لنا حتماً ليست الجنة بل هي نار جهنم، وأنا بينت أيضاً أنّ الدنيا أو السماء الدنيا تنقسم إلى سماء جسمانية وسماء أولى، وفي السماء الأولى أول جنة ويمكن أن نسمي السماء الاولى أرضاً مقارنة بالسماوات الملكوتية التي فوقها.
                    ‏فالجنة تبدأ من السماء الأولى وما فوقها، وجهنم تبدأ من السماء الجسمانية وما دونها. طبعاً، ما دون السماء الجسمانية هو أعلى كثافة وتزاحم من السماء الجسمانية، تصور مثلاً الثقوب السوداء وكثافتها، فالثقوب السوداء وإن كانت من السماء الجسمانية باعتبار أننا نراها وباعتبار أنها تتكوّن من تكثف مادة جسمانية ولكنها من جهة أخرى ليست من السماء الجسمانية ولا تحكمها قوانين فيزياء السماء الجسمانية.
                    النتيجة:
                    الجنة واسعة إلى درجة أنّ وصفها بأنها (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) يصح تماماً، فهي تبدأ من السماء الأولى - والتي يمكن أن نقول إنها أرض أيضاً - وإلى أن تصل إلى السماء السابعة، وجهنم أيضاً واسعة إلى درجة أنها يستحيل أن تمتلئ، وربما الثقوب السوداء تعرّفنا بجهنم وعدم امتلائها مهما ألقي فيها، ‏فالثقب الأسود يبتلع كميات مهولة من المادة والطاقة وتتكثف فيه إلى درجة خيالية لا يمكننا أن نفهم قوانينها بحدود معلوماتنا الجسمانية في هذا العالم الجسماني المحيط بنا) انتهى.
                    .

                    #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (58) . • مثال 38: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا...



                    تنويه للاحبة المتابعين......

                    حلقة (58) تتضمّن جواباً مهماً للسيد أحمد الحسن في بيان معنى "كون الجنة كعرض السماء والارض" او "عرضها السماوات والارض" كما صرّح القرآن الكريم، الامر الذي لم يتمكن علماء المسلمين من بيانه وإحكامه، كما انه دعا المشككين الى طرح إشكالهم على الايات التي نصت على ذلك.
                    نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                    Comment

                    • ya howa
                      مشرف
                      • 08-05-2011
                      • 1106

                      #40
                      رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                      #الدين_الالهي
                      #الاسلام
                      #القرآن
                      .
                      (59)
                      .
                      • مثال 39: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا" مريم: 71، تدل على أنّ كل الناس يردون النار، في حين أنّ الآيتين: "إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ" الأنبياء: 101 - 102، تدلان على أنّ بعض الناس مبعدون عن النار، وهذا تناقض!
                      .
                      الجواب: لا تناقض بين الآيتين كما سيتضح الآن.
                      تبيّن لنا في جواب السيد أحمد الحسن المتقدم (في المثال السابق) أنّ النار تبدأ من السماء الجسمانية فما دونها، قال: (... فالجنة تبدأ من السماء الأولى وما فوقها، وجهنم تبدأ من السماء الجسمانية وما دونها. طبعاً، ما دون السماء الجسمانية هو أعلى كثافة وتزاحم من السماء الجسمانية، .....).
                      .
                      ولما كان الناس جميعاً يردون العالم الجسماني لأداء الامتحان الثاني، والعالم الجسماني ليس شيئاً آخر غير جهنم بعد انكشاف الحقيقة للإنسان في الآخرة، فهذا يعني أنّ الناس جميعاً يردون النار (أي: يردون العالم الجسماني قبل انكشاف حقيقته لهم)، لذا قال تعالى: "وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً" مريم: 71 - 72، وبهذا فهو يشبه تماماً قوله تعالى: "يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ" العنكبوت: 54، والحقيقة إنّ المحيط بالكافرين هو العالم الجسماني لا غير، لكن لأنه - بحسب حقيقته المغفول عنها - ليس شيئاً آخر غير جهنم بيّنت الآية أنّ جهنم محيطة بهم.
                      .
                      لهذا، فمن يختار الدنيا وشهواتها على الآخرة ويقدّم معصية الله على طاعته يترك في النار (أي في هذا العالم الجسماني) ولا ينجو منها "وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً" أي نتركهم يتعذبون بما اختاروه بعد انكشاف حقائق أعمالهم وشرورهم، أما من يختار طاعة الله والآخرة ينجيه الله بفضله ويرفعه ويبعده عن هذا العالم الجسماني (النار بعد انكشاف الحقيقة) "إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ".
                      .
                      فعمل الإنسان الصالح هو من يرفعه عن هذا العالم الجسماني (النار)، والعمل الطالح هو من يبقيه في النار ويكون سبباً لتعذيبه فيها.
                      .
                      قال رسول الله (ص): (يرد الناس النار كلهم ثم يصدون عنها بأعمالهم) مسند أحمد: 1/435.
                      وقال الإمام علي (ع): (لن ينجو من النار إلا التارك عملها) الواسطي، عيون الحكم والمواعظ: 407.
                      .
                      .
                      • مثال 40: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ" آل عمران: 102 تدل على التشديد البالغ في تقوى الله، ولكن الآية: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" التغابن: 16 تدل على خلاف ذلك!
                      .
                      الجواب: لا خلاف بين الآيتين كما سيتضح الآن.
                      تقوى الله: تعني طاعته وخشيته، وحق تقاته: تعني أن يطيع العبد ربّه ولا يعصيه ويذكره ولا ينساه ويشكره ولا يكفره.
                      (عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: "اتقوا الله حق تقاته" قال: يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر) الصدوق، معاني الأخبار: 240.
                      .
                      ولما كان الإنسان - كما تقدم - هو المخلوق الأوسع فطرة، ففطرته تؤهله أن يعرف جميع أسماء الله، وبالتالي فهو بحسب فطرته واستعداده يمكنه أن يتقي الله حق تقاته. لكن واقع حال الإنسان في عوالم الامتحان أنّ ثلة قليلة من الناس بقوا محافظين على فطرتهم الإلهية وهم صفوة الله من خلقه "حجج الله"، أما حال الغالبية العظمى فقد لوّثوا فطرتهم وغفلوا عن ربهم ونسوه وانشغلوا بغيره، والله سبحانه لعظيم رحمته وفضله على عباده اصطفى من أولئك الصفوة الذاكرين رسلاً وقام ببعثهم وإرسالهم إلى بقية الناس الغافلين ليذكّروهم بربهم ويهدوهم إليه ليعبدوه ويعرفوه ويتقوه.
                      .
                      وأكيد أنّ هؤلاء الغافلين الذين لوّثوا فطرتهم وقصّروا مع ربهم وسمحوا للظلمة أن تحتل مساحة كبيرة من وجودهم يعتبرون "تقوى الله حق تقاته" أمراً صعباً جداً بالنسبة لهم، بل ربما غير مستطاع لأغلبهم، فطلب الله منهم أن يتقوه بحسب استطاعتهم. مع ملاحظة أنّهم هم من أوقعوا أنفسهم بهذا التقصير، وإلا فهم بحسب فطرتهم وتأهيلهم الإلهي كان يمكنهم أن يتقوا الله حق تقاته.
                      .
                      وهذا مثال لتقريب الصورة: افترض أنّ كريماً أهدى لك سيارة مجهزة بأفضل ما يمكن وابتعد عنك ثم طلب منك المجيء إليه بتلك السيارة في موعد محدد وبسرعة 120 كم في الساعة مثلاً، فأنت بين حالتين؛ بين أن تكون فعلاً حافظت على تلك السيارة كما أهديت لك، وبالتالي فأكيد أنها ستوصلك إلى مكان اللقاء بالسرعة المطلوبة وبالموعد المحدد وستحظى بتمام تكريم "الكريم" الذي ينتظرك، وبين أن تكون قصّرت في الحفاظ عليها وأدّى ذلك إلى تلف أو قلة كفاءة حصلت لبعض أجهزة السيارة ومعداتها، وصار هذا سبباً في أنك لا تستطيع السير بها بالسرعة المطلوبة "120 كم في الساعة" وأنّ أقصى سرعة يمكنك السير بها هو 80 كم أو 70 كم مثلاً، ففي مثل هذه الحالة أنت لا تستحق التكريم أصلاً؛ لأنك لا تتمكن من الوصول في الموعد المقرر، بل ولأنك لم تحافظ أساساً على هديته لك، لكن لأنه كريم اعتبر وصولك له بأي سرعة تستطيع أن تصل إليه بها سبباً لتكريمك بالرغم من أنك حقيقة لا تستحق التكريم وإنما تستحق العتب والتوبيخ نتيجة التقصير الذي أنتج تباطؤ سيرك وعدم وصولك كما وصل من حافظ على الهدية وصانها.
                      .
                      هذا المثال ربما يقرّب لنا مسألة "اتقوا الله حق تقاته" و"اتقوا الله ما استطعتم"، وهو أمر يكشف عن عظمة رحمة الله بعباده وكرمه لهم.
                      .
                      عن عبد خير قال: (سألت علي بن أبي طالب عن قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته" قال: والله ما عمل بهذا غير أهل بيت رسول الله نحن ذكرنا الله فلا ننساه ونحن شكرناه فلا نكفره ونحن أطعناه فلا نعصيه، فلما أنزلت هذه الآية قالت الصحابة لا نطيق ذلك فأنزل الله "فاتقوا الله ما استطعتم") ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: 2/25.
                      .
                      #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (59) . • مثال 39: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا...
                      نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                      Comment

                      • ya howa
                        مشرف
                        • 08-05-2011
                        • 1106

                        #41
                        رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                        #الدين_الالهي
                        #الاسلام
                        #القرآن
                        .
                        (60)
                        .
                        • مثال 41: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" الرعد: 28، تتناقض مع الآية: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" الأنفال: 2، فكيف يكون قلب المؤمن الذاكر لله مطمئناً وخائفاً في نفس الوقت!
                        .
                        الجواب: لا تناقض بين الآيتين؛ لأن الله سبحانه كما يتصف بأنّه أكرم الأكرمين ورحمته وسعت كل شيء، قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ" الأعراف: 156، يتصف كذلك بالعظمة وأنه عدل وسريع الحساب، قال تعالى: "لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" إبراهيم: 51.
                        .
                        بالتالي، فالإنسان إذا ذكر الله ونظر إلى نفسه وذنوبه وتقصيره انتاب قلبه الخوف والوجل من سوء عاقبته "إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ"، وإذا نظر لربه ورحمته وكرمه اطمأنت نفسه "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، فمنشأ الخوف من الله هو نظر الإنسان لتقصيره وسوئه الذي يحتم عليه عاقبة سيئة تناسب عمله، بينما منشأ اطمئنان الإنسان هو النظر لربه الرحيم الكريم بشكل لا يمكن تصوره.
                        .
                        من دعاء للإمام علي بن الحسين (ع): (أدعوك يا رب راهباً راغباً راجياً خائفاً، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت وإذا رأيت كرمك طمعت، فإن عفوت فخير راحم وإن عذبت فغير ظالم، حجتي يا الله في جرأتي على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي رأفتك ورحمتك، وقد رجوت أن لا تخيب بين ذين وذين منيتي) الطوسي، مصباح المتهجد: 584.
                        .
                        .
                        • مثال 42: يقول بعض المشككين أنّ بين هذه الآيات تناقض: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ" النساء: 97، "قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ"، فمن يقوم بعملية الوفاة بالنسبة للإنسان هل هم الملائكة أم هو ملك الموت؟
                        .
                        الجواب: الآيات في مسألة التوفي أوسع مما ذكره المشككون، فمرة تنسب التوفي لله سبحانه، وأخرى تنسبه لملك الموت، وثالثة تنسبه للملائكة، ورابعة للرسل. ولا شك أنّ رسل الله هنا المقصود بهم الملائكة (ملائكة الموت).
                        .
                        قال تعالى: "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا" الزمر: 42، "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْت" السجدة: 11، "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِم" النحل: 28، "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ" النحل: 32، "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا" الأنعام: 61، "حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ" الأعراف: 37.
                        .
                        ولا يوجد تناقض بين الآيات، تماماً كما لو أنّ شركة بناء قامت بإنشاء منشأة هندسية، وأردت أنت نسبتها إلى بانيها، فيمكنك أن تنسبها للجهة مالكة الشركة كأن تكون دولة مثلاً، ويمكنك نسبتها لشركة البناء نفسها، ويمكنك كذلك نسبتها لفريق المهندسين التصميميين والإنشائيين الذين وضعوا المخططات والتصاميم، ويصح أيضاً نسبتها للمهندس التنفيذي الذي أشرف على مراحل البناء، وأنت محق في كل ذلك؛ لأن كل نسبة لها وجهها الذي تصح معه النسبة، وكذا الحال في مسألتنا.
                        .
                        قال السيد أحمد الحسن: (... فالله سبحانه وتعالى يتوفى الأنفس؛ لأنه الخالق المهيمن على جميع العوالم المحيي والمميت، وملك الموت "عزرائيل (ع)" يتوفى الأنفس؛ لأنه قائد لملائكة الموت، والملائكة يتوفون الأنفس؛ لأنهم المنفذون لأمر ملك الموت المنفذ لأمر الله سبحانه) المتشابهات: جواب سؤال 106.
                        .
                        .
                        • مثال 43: بنظر بعض المشككين أنّ الآية: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" الأحزاب: 72، فيها تناقض وعدم معقولية، فالأمانة - بحسب أغلب المفسرين - هي التكاليف الشرعية التي تتطلب وجود عقل وتمييز وإدراك لدى المكلف، والسماوات والأرض والجبال جمادات فكيف يتم عرض الأمانة عليها؟
                        .
                        الجواب: العرض لا يكون عليها بنفسها وإنما يكون على سكانها كالملائكة والأرواح الصالحة.
                        .
                        وبحسب نصوص خلفاء الله فإنّ المقصود بالأمانة في الآية هو الإمامة وولاية الله، فهي أعظم أمانة عرضها الله على الخلق فأبى سكّان السماوات والأرض (الملائكة والصالحون) من حملها ومزاحمة أصحابها (أي خلفاء الله المنصوص على أنّ لهم مقام الإمامة)، لكن حملها الإنسان الظلوم والجهول أي نحّى أهلها الحقيقيين ونصّب نفسه ظلماً وجهلاً.
                        .
                        قال الإمام الرضا (ع) في تفسير الآية: (الأمانة: الولاية من ادعاها بغير حق فقد كفر) الصدوق، عيون أخبار الرضا: 1/274. ولهذا لما سأله أحمد بن عمر عن قول الله عز وجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" قال: (هم الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله أن يؤدي الامام الأمانة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه) الكليني، الكافي: 1/276.
                        .
                        قال السيد أحمد الحسن: (الأمانة هي: الإمامة وولاية ولي الله، قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً" أي الإمامة يؤديها الإمام إلى الإمام الذي يليه.
                        أما الناس فأمانتهم هي ولايتهم لولي الله، فالناس يؤدون الولاية إلى ولي الله في كل زمان، فإذا رجع ولي الله إلى الله لا تنقطع الولايـة، بل على الناس أن يتولوا الولي الذي بعده، فلا تخلو أرض الله من حجة ولو خليت لساخت بأهلها.
                        والإنسان: جنس الإنسان، ..... أما السماوات والأرض والجبال: أي سكانها من الملائكة والأرواح الصالحة) المتشابهات: جواب سؤال 160.
                        .


                        #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (60) . • مثال 41: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا...
                        نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                        Comment

                        • ya howa
                          مشرف
                          • 08-05-2011
                          • 1106

                          #42
                          رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                          #الدين_الالهي
                          #الاسلام
                          #القرآن
                          .
                          (61) - ق1
                          .
                          • مثال 44: يرى كثير من المشككين أنّ القرآن وقع في تناقض ومخالفة للواقع لما ذكر أنّ لكل أمة رسول، كالآية: "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" يونس: 47. والآية: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا...." النحل: 36. فالواقع يشهد أنّ الله لم يرسل رسلاً للأمم في أفريقيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا وآسيا، فلو كانت لهذه الأمم أنبياء منها وإليها لجاز أن يكون للعرب رسول منهم!
                          .
                          الجواب: الإشكال المذكور يطرحه الملحدون وعموم المشككين بالقرآن بإلحاح في تصوير الإرسال والبعث الإلهي ظاهرة شرق أوسطية؛ وحجتهم في ذلك أنّ الوثائق التاريخية والحقائق الأنثربولوجية تؤكد عدم وجود أي أثر يكشف عن وجود رسل لكثير من الأقوام في كثير من الأماكن على هذه الأرض، وهذه الحقيقة العلمية تتنافى - بحسبهم - مع ما بيّنته الآيات المتقدمة.
                          .
                          وقد تناولت في بحثي الموسوم "علة إرسال الرسل" - المنشور على الموقع الرسمي لمعهد الدراسات العليا الدينية واللغوية - هذه الشبهة وأوضحت جوابها بالتفصيل، وهذه بعض الملاحظات المتصلة بالموضوع:
                          .
                          1- إنّ شبهة الملحدين في الحقيقة منطلقة من فهمٍ مغلوط لآيات القرآن الكريم، وجهلٍ منهم بصفات المُرسِل (الله) أساساً وغرضه الذي يتوخّاه من إرساله للرسل بل من خلقه للخلق عموماً، وكل ما يهمهم هو ضرب الدين الإلهي بأي وسيلة كانت.
                          .
                          2- ما سهّل للملحدين السبيل للطعن بالقرآن والدين الإلهي عموماً هو الفهم الذي قدّمه علماء المسلمين للآيات أعلاه "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ"، "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا"، إذ تصوّروا أنّ المقصود بها هو أنّ الله أرسل - فعلاً - لكل الأقوام على هذه الأرض، وهذا نموذج من إجاباتهم:
                          .
                          - جواب مركز الأبحاث العقائدية التابع للسيد السيستاني:
                          (لم يثبت أن الله سبحانه لم يبعث أنبياءاً إلى الأمم المختلفة سوى في منطقة الشرق كما تقولون، وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: "وَإِن مِن أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ" فاطر: 24، وكذا قوله تعالى: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبعَثَ رَسُولاً" الاسراء: 15، وكذا قوله تعالى: "وَلَقَد بَعَثنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" النحل: 36.
                          ولكن يمكن القول بأنّ النبوات كانت أكثر ظهوراً وأقوى تأثيراً في منطقة الشرق الأوسط دون غيرها لاقتضاء الوجود البشري في هذه المنطقة وانتشاره فيها بكثافة وتحضّره وتمدّنه مع وجود الأسباب وعدم الموانع التي تحول بين الأنبياء وبين أداء مهمتهم الرسالية في المناطق التي كانوا يبعثون إليها، ومع هذا كلّه فيمكن استفادة بعث الأنبياء إلى كل الأمم بلحاظ ما تقدم من آيات وبلحاظ قوله تعالى عن الرسل الذين لم يخبر عنهم وأنّهم قد أرسلوا إلى أمم في الأرض كما في الآية "وَرُسُلاً قَد قَصَصنَاهُم عَلَيكَ مِن قَبلُ وَرُسُلاً لَم نَقصُصهُم عَلَيكَ" النساء: 164.
                          ودمتم في رعاية الله).
                          .
                          - جواب الأزهر – مصر:
                          (ليكن معلوماً أن الله سبحانه أرسل رسلاً كثيرين كما قال تعالى: "ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك" غافر : 78، وقال تعالى: "وإن من أمة إلا خلا فيها نذير" فاطر: 24، وقال تعالى: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً" النحل: 36، نعلم من هذه النصوص أنه يجوز أن يكون الله سبحانه قد أرسل رسلاً في غير منطقة الشرق الأوسط، على أن المختصين قالوا: إن العمران البشرى بدأ أول ما بدأ في هذه المنطقة، وذلك لاعتدال جوها وكثرة خيراتها المتاحة من المياه والنبات وغيرها، ووجود عوامل ساعدت على تجمع الناس وتكوين وحدات مستقرة، أو على الأقل متعاونة متحدة، والغالب أن يكون لهذه العلاقات الاجتماعية أثر كبير على الفكر والسلوك، الذي قد يشيع ويعم الوحدة الاجتماعية كلها، ومن هنا كانت الحاجة أمس لإرسال رسول يهدى الضالين في العقيدة والسلوك، فالرسول لا يأتي لأفراد متناثرة ولكن لوحدات مترابطة، حتى لا يكون للناس على الله حجة "رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" النساء: 165) المصدر: فتاوى الأزهر: ج8 ص97.
                          .
                          وهكذا يتضح أنّ معنى قوله تعالى: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً"، وقوله: "وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ" بنظر علماء الدين هو أنّ الله سبحانه قد أرسل رسله إلى كل بني البشر في جميع أماكنهم وفي كل أزمانهم، والملحدون أيضاً فهموا ذلك، ولما لم تكشف علوم التاريخ والآثار شيئاً عن تلك البعثات والرسالات في بعض الأماكن أصدروا طعنهم بالقرآن والدين الإلهي.
                          .
                          3- لا شك أنّ فهم علماء الدين للآيات أعلاه مرتبط بتحديدهم غرض إرسال الرسل والهدف منه، والمتتبع لكلامهم يجد أنّ المسألة متشابهة عندهم ولديهم فيها أقوال كثيرة، أحصيتُ العديد منها في بحثي المشار إليه، منها: (عبادة الله، توحيده، طاعة الرسل، الامتحان بهم، الرحمة بالعباد، هداية الناس، التبشير والانذار، قيام الناس بالعدل، التزكية والتهذيب، التعليم، التبليغ، ......... وغيرها)، الأمر الذي يكشف بوضوح عن أنّ المسألة اجتهادية ظنية وإلا ما حصل هذا الاختلاف منهم (انظر: علة إرسال الرسل: 1/ 2: غرض الإرسال عند العلماء).
                          .
                          هذا، لكن غرض الإرسال الصحيح الذي لا يتخلّف أبداً - وقد أثبته البحث المشار إليه وبدراسة مستفيضة - هو إقامة الحجة على الناس وقطع عذرهم، قال تعالى: "رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" النساء: 165. (للمزيد: راجع البحث المذكور؛ وأيضاً: أحمد الحسن، عقائد الإسلام: علة الإرسال الدائمة التي لا تتخلف هي إقامة الحجة).
                          .
                          4- بالنسبة إلى ما استدل به الملحدون في شبهتهم بانحصار الأديان في منطقة الشرق الأوسط وعدم بعث الرسل في المناطق المذكورة في الشبهة، هو: خلوّ الأدلة التاريخية والانثروبولوجية من كل ما يتعلّق بالرسل ودعواتهم في تلك المناطق، وهو كلام صحيح علمياً. فهل يعقل أن يتجاهل التراث التاريخي والحضاري الإنساني حدثاً بضخامة بعثة رسول إلهي إلى الهنود الحمر وقبائل الازتيك والأنكا أو سكان غابات أفريقيا الوثنيين - مثلاً - في ذات الوقت الذي يحتفظ بأدلة على أحداث في نفس تلك المناطق تقل أهمية عن ذلك بكثير!
                          .
                          ثم إننا وجدنا أنّ آلاف السنين لم تكن كافية لإعدام أو تجاهل ألواح الحضارة السومرية ورقمها الطينية، التي تؤكد إيمان السومريين بالدين الإلهي ببركة تعاليم أنبيائهم كنوح وإبراهيم (ع) وإن طاله التحريف كما هي العادة بعد بعثة كل رسول إلهي، ولا زال علماء الأركيولوجيا وحتى وقت قريب يرفدون المجتمع الإنساني بمثل تلك الألواح والرقم الطينية التي يعثرون - ولا زالوا - عليها، فما بالهم عجزوا هذه المرة عن أن يعثروا في غابات أفريقيا أو أمريكا الشمالية على شيء يؤكد وجود تعاليم تشبهها! علماً، إنه لا يشترط أن تكون مثلها في العمق الزمني، بل يكفي ولو كانت متزامنة مع السيد المسيح (ع) أو قبله بقليل، ومثل هذا الزمن يُعدّ قريباً نسبياً إذا ما قيس بحضارة سومر وأكاد والأنبياء الذين بعثوا في بلاد ما بين النهرين.
                          .
                          ثم إن كان المؤرخون والانثروبولوجيون متواطئين مع الإلحاد في تجاهل تدوين وتسجيل مثل تلك الأدلة - كما تفيده بعض كلمات علماء الدين وأتباعهم - فهل الأرض والطبيعة والآثار تواطئت هي الأخرى معهم، بحيث لا يمكن العثور في تلك المناطق على شيء - ولو بسيط - وفي طبقات الأرض - لا فوقها - يرفد إمكانية بعث رسل إلهيين فيها؟!! إنه أمر تكاد تكون إمكانية قبوله - علمياً - قريبة من الصفر تقريباً، وبرغم ذلك نجد أنّ علماء الدين تجاهلوا ذلك والجواب عنه بالمرة، وكأنهم غير معنيين بما يسمعون، مع أنّ الكلام في أمر عقائدي خطير ويمس الدين الإلهي والرسالات السماوية بالصميم!
                          .
                          أيضاً: كون منطقة الشرق الأوسط مهد الحضارات وبالتالي احتوائها على الكثافة السكانية، كما أفادته أجوبة علماء الدين، ربما يبرّر كثرة الرسل فيها في أحسن الأحوال، ولكنه لا يبرر عدم وجود أدلة علمية على بعث الرسل في المناطق المذكورة في إشكال الملحدين كما هو واضح. كما أنّ عدم ذكر القرآن الكريم بعض الرسل كما تفيده الآية الكريمة: "وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ"، التي استشهد بها علماء الدين في إجاباتهم، لا يثبت إرسال الرسل غير المقصوصين في المناطق المذكورة في الإشكال، إذ لا ملازمة بين الأمرين بالمرة. وفي ذات الوقت لا ينفي العثور على آثار وأدلة تاريخية تفيد بعثتهم في تلك المناطق، لو كان هناك ثمة بعث قد حصل فيها.
                          .
                          وأيضاً (وهم الأهم): إنّ النصوص القرآنية التي استشهد بها علماء الدين وفهموها بنفس الفهم الذي ساق الملحدين للإشكال على الدين الإلهي والطعن فيه، بيّنها محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) ببيان آخر، يلتقي تمام الالتقاء مع غرض الإرسال الحقيقي.
                          .
                          ............... (يتبع)


                          #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (61) - ق1 . • مثال 44: يرى كثير من المشككين أنّ القرآن وقع في تناقض ومخالفة للواقع لما ذكر أنّ لكل أمة رسول، كالآية:...
                          نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                          Comment

                          • ya howa
                            مشرف
                            • 08-05-2011
                            • 1106

                            #43
                            رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                            #الدين_الالهي
                            #الاسلام
                            #القرآن
                            .
                            (61) - ق2

                            تكملة المنشور السابق:
                            .
                            5- بيان آل محمد (ع) للمراد من الآيات أعلاه:
                            عن جابر، عن الإمام الباقر (ع)، قال: (سألته عن تفسير هذه الآية: "لِكُلِّ أُمَّـةٍ رَسُـولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُـونَ"، قال: تفسيرها بالباطن، إنّ لكل قرن من هذه الأمة رسولاً من آل محمد، يخرج إلى القرن الذي هو إليهم رسول، وهم الأولياء وهم الرسل، ...) تفسير العياشي: 2/123.
                            .
                            فالمقصود ب ـ"كل أمة" إذن هي الأمم المتعاقبة طولاً، زمناً بعد زمن، وقرناً بعد قرن، بحيث لا يخلو مقطع زمني ما في حياة الناس بالمطلق من وجود رسول إلهي في أمة بينهم، وبوجوده يُقطع عذر من بُعث فيهم، وكذلك عذر نظرائهم الموجودين في الأماكن الأخرى كغابات أفريقيا وأمريكا الشمالية والصين وأستراليا وغيرها. وليس المقصود بـ "كل أمة" جميع الأمم عرضاً، بمعنى أن يكون لكل مجموعة بشرية منتشرة على هذه الأرض رسول، كما فهمه الملحدون وعلماء الدين.
                            .
                            وما أوضحته الرواية السابقة، أشارت إليه روايات أخرى أيضاً، منها:
                            - عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (ص): يحمل هذا الدين في كلِّ قرنٍ عدول، ينفون عنه تأويل المبطلين، وتحريف الغالين، وانتحال الجاهلين، كما ينفي الكير خبث الحديد) الحر العاملي، وسائل الشيعة: 27/151.
                            - عن يعقوب بن شعيب، قال: (قلت لأبي عبد الله (ع)، "يوم ندعو كل أناس بإمامهم" فقال: ندعو كلَّ قرنٍ من هذه الأمة بإمامهم، قلت: فيجئ رسول الله (ص) في قرنه، وعلي (ع) في قرنه، والحسن (ع) في قرنه، والحسين (ع) في قرنه، وكل إمام في قرنه الذي هلك بين أظهرهم؟ قال: نعم) البرقي، المحاسن: 1/133.
                            - عن الإمام علي (ع): (إن الله اختص لنفسه بعد نبيه (ص) من بريّته خاصة علاهم بتعليته، وسما بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالرشاد عليه، لقرنٍ قرن، وزمنٍ زمن) المجلسي، بحار الأنوار: 94/113.
                            - عن الإمام الصادق (ع) قال: (... فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه، فإن فينا أهل البيت في كلِّ خلفٍ عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) الكليني، الكافي: 1/32.
                            - وروى الكليني بسنده: (... عن الفضيل قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل: "ولكلِّ قومٍ هادٍ" فقال: كل إمام هادٍ للقرن الذي هو فيهم.
                            ..... عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (ع) في قول الله عز وجل: "إنما أنت منذر ولكلِّ قومٍ هادِ" فقال: رسول الله (ص) المنذر، ولكل زمانٍ منّا هادٍ يهديهم إلى ما جاء به نبي الله (ص)، ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحد بعد واحد) الكافي: 1/191 - 192.
                            - وفي تفسير القمي: ("وإن من أمة إلا خلا فيها نذير" قال: لكلِّ زمانٍ إمام) تفسير القمي: 2/209.
                            .
                            لاحظ: "كل قرن"، "كل خلف"، "هادٍ للقرن"، "لكل زمان منّا"، "لكل قرن إمام"، لكل زمان إمام".. وليس لكل مكان إمام أو رسول، وجميع هذه التعبيرات تلتقي مع كون غرض الإرسال "قطع العذر" كما هو واضح، فإنّه - أي قطع عذر المعتذرين - متحقق دائماً، وفي كل الأزمان وبالنسبة إلى جميع الناس المكلّفين على هذه الأرض دون استثناء، سواء تم الإرسال إليهم بالفعل أو لم يتم.
                            .
                            وبيان ذلك يتضح من خلال النقاط التالية:
                            اولاً - الله سبحانه متصف بالعلم والعدل والحكمة، وأما الجهل والظلم والسفه فهو منفي عنه مطلقاً.
                            .
                            ثانياً - بالنسبة للعلم، فهو سبحانه يعلم بكل شيء ومحيط به، بل لا يعزب عن علمه مثقال ذرة. قال تعالى: "عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ" سبأ: 3، بل يعلم بالشيء قبل أن يكون فيما إذا كان كيف سيكون.
                            روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) بسنده عن: (..... الحسين بن بشار، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، قال: سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون، أو لا يعلم إلا ما يكون؟ فقال: إن الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء، قال الله عز وجل: "إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"، وقال لأهل النار: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون"، فقد علم الله عز وجل أنه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه، وقال للملائكة لما قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون"، فلم يزل الله عز وجل علمه سابقاً للأشياء قديماً قبل أن يخلقها، فتبارك ربنا تعالى علواً كبيراً، خلق الأشياء وعلمه بها سابق لها كما شاء، كذلك لم يزل ربنا عليماً سميعاً بصيراً) الصدوق، التوحيد: 136.
                            .
                            ثالثاً - الإنسان - كل إنسان - لم يُخلق في هذه الدنيا عبثاً، قال تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" المؤمنون: 115، بل خُلق ليرجع إلى ربه بعد ابتلائه واختباره، قال تعالى: "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً" الإنسان: 2.
                            .
                            رابعاً - ليس عالمنا الذي نعيش فيه هو الوحيد الذي يجري فيه الإنسان الامتحان والاختبار، بل هناك عالم قد سبق هذا العالم، خاضت فيه جميع الأنفس دون استثناء الامتحان، وهو المعروف بعالم الذر أو الميثاق، قال تعالى: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ" الأعراف: 172. وهو العالم الذي عناه محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) في روايات كثيرة، منها: روى الكليني بسنده: (... عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: ..... وسألته عن قول الله عز وجل: "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى - الآية"؟ قال: أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم وأراهم نفسه ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه...) الكافي: 2/13.
                            إذن، جميع الأنفس الإنسانية امتُحنت من قبل الله سبحانه في عالم الذر والنشأة الأولى وأُخذ عليها الميثاق، ولكنها - وحتى يتحقق منها الامتحان الثاني - لما أتت هذا العالم نست وغفلت عمّا جرى عليها في عالم الذر والامتحان الأول في النشأة الأولى.
                            .
                            خامساً - تعدد عوالم الخلق والامتحان لم يكن لسببٍ يعود إلى الله عز وجل بكل تأكيد، خصوصاً بعد معرفتنا بأنه سبحانه عالم بكل شيء قبل كينونته وبعدها، فينحصر السبب إذن بأمر يعود إلى الإنسان نفسه.
                            .
                            سادساً - إنّ المُرسِل متصف بكونه حكيماً رحيماً عدلاً، ومن ثمَّ إن علم أنّ هناك أقواماً مستعدة لاستقبال رسوله في أزمان وأماكن مختلفة، فإنّ إرسال رسله لهم جميعاً وإسماعهم بالحق والهدى الإلهي موافق للحكمة تماماً. وأما إن علم يقيناً أنّ بعضهم لن يستقبل رسوله وأنّ حالهم سيكون الإعراض عنه وعن الحق والهدى الذي جاء به، فإنّ عدم الإرسال لهم - والحال هذه - لا ينافي حكمة المُرسِل ورحمته وعدله؛ خصوصاً إذا ما كان المُرسِل يعلم سلفاً بحالهم، بل وأخذ منهم نتيجة ذلك في امتحان سابق. وعليه، فيكون الإرسال لهم مجرد تحصيل حاصل لا غير.
                            .
                            كما أنّ الإرسال إلى من يكون حاله كحال هؤلاء المعرضين عن الرسل في مناطق أخرى، لا يعدو أن يكون مجرد تفضّل من المُرسِل بدون استحقاق منهم، ولإتمام الحجة عليهم وعلى غيرهم وإسكاتهم وقطع عذرهم بأني لو أرسلت لكم لكان حالكم كحال هؤلاء دون أي فرق. وإلى هذا يشير قوله تعالى: "وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ" الانفال: 23.
                            .
                            إذا اتضح هذا، فإنّ من عاش في مناطق بعيدة عن أرض الرسالات كغابات أفريقيا أو الأمريكيتين أو غيرهم ولم يتم الإرسال له في هذه الدنيا، فهو:
                            - ممّن يعلم الله سبحانه حاله يقيناً حتى قبل أن يخلقه إلى أين سينتهي به المطاف.
                            - بل ممّن خاض الامتحان في عالم الذر وعُلم حاله واستحقاقه ونتيجته فيه.
                            - إنه لا عذر له بعدم الإرسال إليه واختياره الضلال على الهدى، لأنّ الله سبحانه لو علم فيه خيراً لأرسل إليه ولأسمعه الحق، ومع هذا - ولإتمام الحجة وقطع العذر عليه - فقد أرسل إلى من هم نظراء له في أماكن أخرى وكان موقفهم الإعراض واختيار الضلال، ومن ثمَّ فعذره غير مقبول على كل حال.
                            .
                            ملاحظة: النقاط المذكورة إجمالاً مستوحاة من كلام السيد أحمد الحسن الآتي نصّه.
                            .
                            6- وهذا نص كلام السيد أحمد الحسن في إجابة ما يتعلق بشبهة عدم الإرسال لكل الأقوام (من عاش في أطراف الأرض أو مجاهل افريقيا مثلاً)، قال:
                            (إضاءة من فاتحة سورة يوسف:
                            قال تعالى: "إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" يوسف: 4 - 6.
                            في هذه الآيات تفتتح مسيرة يوسف (ع) إلى الله، إنها تذكير من الله العليم الحكيم ليوسف (ع) بحقيقته التي ارتقاها في عالم الذر وغفل عنها بسبب حجاب الجسد لما خلقه الله وأنزله إلى هذا العالم الظلماني (عالم الأجسام).
                            قال تعالى: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ" الواقعة: 62، أي إنكم كنتم في عالم الذر مخلوقين وأمتحنكم الله: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" الأعراف: 172 - 173.
                            وهذه الآية فيها رد على من يقول: ما ذنب من لم يصل إليه الإسلام ولم يُبلّغ برسالات السماء كمن عاش في مجاهل أفريقيا أو في أطراف الأرض أو في أرض بعيدة عن أرض المرسلين (ع).
                            والرد: إنّ الآية الأولى تثبت أنّ الناس تم امتحانهم وكلٌّ أخذ مقامه وتبيّن حاله واستحقاقه، والآية الثانية تبيّن أنهم غير معذورين باتباع ضلال آبائهم في هذه الأرض أو أنهم عاشوا في أرض لم يطأها نبي ولم يصل لها الحق ولم يبلغهم به أحد؛ لأنّ الله يقول لهم: إني امتحنتكم في عالم الذر وعلمت حالكم واستحقاقكم، فلا تقولوا: "إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ"، أي إنّ الله يقول لهم: أنا أعلم أنه لو جاءكم الأنبياء والأوصياء والمرسلون وبلغكم برسالات السماء المبلغون لما آمنتم ولما صدقتم "وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ" الأنفال: 23.
                            أمّا من يقول: فلماذا لم يسوّوا مع الكفار في أرض الرسالات في إيصال البلاغ؟
                            فالرد: إنّ تبليغ هؤلاء فضلٌ على من لا يقبل الفضل ولا يستحقه وأنت تعلم علماً مسبقاً أنه لا يقبله يقيناً، فعرضه عليه تحصيل حاصل، وبالتالي فلا يضر أن تعرضه على بعضهم لبيان أنّ الباقي كهؤلاء الذين عُرض عليهم الحق فلم يقبلوه، فالعرض على بعضهم لإتمام الحجة، وإنه لا عذر لمن يقول: "إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ"؛ لأنّ نظراءهم عُرض عليهم الحق فاختاروا ضلال آبائهم على هدى المرسلين: "وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ"، بل جعلوا ضلال آبائهم هو الهدى والحق "بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ") إضاءات من دعوات المرسلين - إضاءة من فاتحة سورة يوسف.
                            .


                            #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (61) - ق2 تكملة المنشور السابق: . 5- بيان آل محمد (ع) للمراد من الآيات أعلاه: عن جابر، عن الإمام الباقر (ع)، قال:...
                            نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                            Comment

                            • ya howa
                              مشرف
                              • 08-05-2011
                              • 1106

                              #44
                              رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                              #الدين_الالهي
                              #الاسلام
                              #القرآن
                              .
                              (62)
                              .
                              مثال 45: بنظر المشككين، إنّ قول يعقوب لأبنائه الذي حكاه القرآن يحوي تناقضاً: "وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" يوسف: 67 - 68، فبالرغم من أنه صرّح لأولاده بأنّ الأمور بيد الله وأنه ما يغني عنهم من الله من شيء وكررها مرتين، لكنه مع ذلك أمرهم بالدخول من أبواب متفرقة خشية أن يصيب أولاده الحسد!
                              .
                              الجواب: الإنسان في دنيا الامتحان (العالم الذي نحن فيه) مأمور بأن يعمل بالأسباب، وفي نفس الوقت عليه أن يستحضر دائماً بقلبه ويعتقد جازماً بأنّ الله سبحانه هو مسبّب الأسباب وهو يمضي أو لا يمضي في ملكه ما شاء منها. لذا، لما جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله، أرسل ناقتي وأتوكل أو أعقلها وأتوكل؟ قال: (اعقلها وتوكل) الطبرسي، مشكاة الأنوار: 551.
                              .
                              سُئل السيد أحمد الحسن: "ثمة إشكالية نعانيها، طرفاها التوكل على الله من جهة، والتعامل مع الأسباب من جهة أخرى، ما القول الفصل فيها؟ فأجاب:
                              (لا يوجد تعارض بين التوكل على الله وهو مسبّب الأسباب وبين العمل بالأسباب. فعلى المؤمن أن يرى الله مسبّب الأسباب قبل السبب ومعه وبعده؛ لأنّه لا قوّة إلا بالله.
                              وهذا العالم هو عالم الأسباب، فكذب من قال أنا متوكل على الله وهو لا يعمل؛ لأن الله يأمره بالعمل، قال تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" الملك: 15. فالله سبحانه وتعالى يقول امشوا في مناكبها، أي اعملوا بالأسباب التي ذللتها لكم والحمد لله وحده) الجواب المنير عبر الأثير: جواب سؤال 153.
                              .
                              بالتالي، فيعقوب النبي (ع) عمل بما كان ينبغي عليه القيام به من سبب مأمور بالعمل به في مسألة حفظ أبنائه، وفي نفس الوقت توكّل على الله سبحانه وفوّض أمره إليه باعتباره مسبب الأسباب، ولا يوجد تناقض بين توكله على الله وبين عمله بالسبب المأمور بالعمل به كما تبيّن في كلام السيد أحمد الحسن.
                              .
                              .
                              فائدة بخصوص الحسد:
                              الحسد - بحسب تعريف علماء المسلمين له - هو تمنّي زوال نعمة الغير، لكن كيف يُحاسَب عليه الحاسد إذا كان مجرد "تمنّي" قلبي صدر منه ولم يكن قد صدر منه فعلاً وعملاً ظاهرياً آذى به الشخص المحسود؟!
                              .
                              لِمَ لا يكون حال الحسد كحال بعض الخواطر والتمنيات القلبية السيئة التي يحدّث بها الإنسان نفسه ولا يحاسب عليها ما لم يتم ترجمتها إلى أفعال؟! قال رسول الله (ص): (إن الله رفع عن أمتي، الخطأ، والنسيان، وما حدثت به أنفسهم) الطبرسي، مستدرك الوسائل: 12 / 25.
                              .
                              لِمَ لا يكون حال الحسد كحال ما يضمره الإنسان من سوء في قلبه؟! وقد تقدم (في المثال 13 من الإشكال 9) أنّ آية: "وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ" منسوخة بما تلاها: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"؟ وإذا كان الحسد مجرد تمنّي قلبي - كما يرى العلماء - فهو ليس بأكثر من سوء يضمره الإنسان في قلبه.
                              .
                              حقيقة، من يراجع كلام العلماء في هذا الصدد لا يعثر على شيء يسهم بتوضيح الفرق جلياً بين الحسد وبين بعض الأمور القلبية والنفسية السيئة التي يضمرها الإنسان ولا يحاسب عليها أو لا أقل لا يكون عقابها كعقاب الحسد الشديد جداً بحسب النصوص الدينية.
                              .
                              الحسد - بحسب العلماء - آفة أخلاقية ورذيلة نفسية حالها حال الغضب وسائر الآفات والرذائل الأخلاقية الأخرى، يقول زين الدين العاملي "الشهيد الثاني" في بيان حقيقة الحسد: (فحقيقته انبعاث القوة الشهوية إلى تمني مال الغير أو الحالة التي هو عليها وزوالها عن ذلك الغير وهو مستلزم لحركة القوة الغضبية واشات المغضب وروابه وزيادته بحسب زيادة حال المحسود التي يتعلق بها الحسد. .....
                              وقد اتفق العقلاء على أن الحسد مع أنه رذيلة عظيمة للنفس فهو من الأسباب العظيمة لخراب العالم إذ كان الحاسد كثيراً ما يكون حركاته وسيعة في هلاك أرباب الفضائل وأهل الشرف والأموال الذين يقوم بوجودهم عمارة الأرض) رسائل الشهيد الثاني: 311 - 312.
                              .
                              ومجرد كون "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" ونحوه مما ورد في النص الديني كعقاب للحاسد، لا يفي ببيان الفرق بين الحسد (كآفة أخلاقية نفسية) وبين بعض الآفات الأخلاقية والتمنّيات والخواطر القلبية الأخرى في مسألة الحساب والعقاب الأخروي.
                              .
                              الصحيح، إنّ الحسد لا يقتصر - في حقيقته - على كونه أمراً نفسياً فحسب كما توهم علماء المسلمين، وإنما هو - أيضاً - عمل خارجي صدر بالفعل من الحاسد وقد يؤدي أحياناً إلى إيقاع الأذى بالمحسود وربما يصل أذاه إلى قتل المحسود فيما إذا أمضى الله أثر ونتيجة ما فعله الحاسد، ولهذا اعتبر الإمام علي (ع) "الحسد" ظلماً وقع من الحاسد على المحسود، قال: (ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم، من الحاسد، نفس دائم، وقلب هائم، وحزن لازم) الطبرسي، مستدرك الوسائل: 13 / 17.
                              .
                              وهذا بيان السيد أحمد الحسن - في حوار أجري معه - عن بيان معنى الرفع الوارد في النصوص الدينية، وقد تعرّض فيه للحسد ضمناً، نجد فيه توضيحاً شافياً لحقيقة الحسد ولماذا اعتبره الدين من المحرمات والكبائر التي يحاسب عليها الحاسد أشد الحساب، يقول:
                              .
                              (..... آدم المرفوع له وجود وكذا غيره من المرفوعين. هناك شيء ربما يوضح لك شيئاً من الأمر، هل تعرف ما هو الحسد، وكيف يكون أثره، ولماذا الحسد من الكبائر ويحاسب صاحبه إن لم يكن فعلاً فعله بنفسه وبيديه؟
                              الآن، فلننظر في الإنسان وفي وجوده في العالم الجسماني أولاً، فالعالم الجسماني في حقيقته هو تكثف قوة أو قدرة، ولهذا التكثف مدى يتراوح بين أعلى قيمة وأدنى قيمة، وهذا أظنك تراه بوضوح من خلال المواد الجسمانية المختلفة التي تعرفها، مع أنها تقع متقاربة في المستوى والاختلاف بينها ليس كبيراً، فأنت أكيد تصنف الغاز الذي يحيط بالأرض بتصنيف يختلف عن الماء وأيضاً الحجر وهكذا، وأنت لا ترى الهواء أو الغاز المحيط بالأرض، وعدم رؤيتك له لا تنفي وجوده في هذه الأرض.
                              الآن، الإنسان - أي إنسان - يمتد وجوده من السماء الأولى أو نهايتها السفلى وهذه هي نفسه حتى أكثف ما في هذا العالم الجسماني، ولذا تجد في تركيب جسم الإنسان المعادن، فهناك في الحقيقة "نفس، وجسم مادي مرئي، وجسم مادي غير مرئي"، ولكي أسهل عليك الأمر أقول جسم واحد غير مرئي، ولكن الحقيقة أنّ هناك تجليات كثيرة جداً وظهورات كثيرة جداً وبعددها توجد أجسام للإنسان، ولذا قال تعالى: "إِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" إبراهيم: 34، فالعد ممكن ولكن الإحصاء غير ممكن، والسبب: أنّ عدد وجودات الإنسان المفاض عليها النعم يساوي امتداد وجوده تقسيم تجليه (أي عدد وجودات الإنسان المفاض عليها النعم = امتداد وجوده تجليه÷)، وبما أنّ التجلي لابد أن يكون أقل ما يمكن لكي يتم الاتصال بين وجودات الإنسان، أي إنه يكون كشريحة تكامل، فيكون أقرب ما يكون للصفر.
                              فالآن، أي رقم تقسمه على صفر ما هو الناتج؟ الناتج ما لا نهاية، والما لا نهاية لا تعد ولا تحصى، ولكن نحن ليس لدينا صفر، بل رقم هو أقرب ما يمكن للصفر، وناتج قسمة أي رقم على أقرب رقم للصفر ما هو؟ الناتج يكون رقماً كبيراً جداً، هو ضمن دائرة الأعداد ولكنه غير قابل للإحصاء، كبير فوق القدرة على الإحصاء.
                              لأقرب لك الصورة: تصور أنّ هذا الرقم عبارة عن واحد وأمامه عدد من الأصفار تحتاج أنت مليار سنة ضوئية لتحصيها، فلو كانت نعم الله عشر نعم أو مئة أو ألف فهي تعد وتحصى، وإن قلت لك: عدّد لي نعم الله عليك، فمهما عددت لن تصل لمليون بل أشك أنك تستطيع أن تعد ألف نعمة، فكيف إذن يقول تعالى أنها لا تحصى، وكيف يقول مع أنها ممتنعة على الإحصاء ولكنها واقعة ضمن المعدود؟
                              هذه الأمور والتناقضات تحلها معرفتك أنّ الإنسان له تجليات ووجودات كثيرة كما بينت بحيث إنها تعد ولكن لا يمكن إحصاؤها، فكل نعمة من نعم الله مفاضة على كل هذه التجليات وبالتالي تكون نعمة واحدة كافية لأن تسمى "لا تحصى". الآن جسم واحد من هذه الأجسام أو التجليات يكفي ليكون وجوداً ثالثاً ويؤثر كما يؤثر هذا الجسم في هذا العالم الجسماني.
                              فالآن نعود للحسد: شخص يتمنى مثلاً سيارة شخص آخر، ويتمنى أن تزول منه وتصير عنده، فهذه السيارة وهي تسير في الطريق تنقلب وتتحطم، أليس هذا هو نوع من الحسد؟ لماذا هو حرام، ولماذا يعاقب عليه الشخص الحاسد إذا لم يكن هو فعلاً قد قلب السيارة بيديه؟
                              نعم، قلبها بجسمه الثالث أو وجوده الجسماني غير المرئي، ولكنه مؤثر بهذا العالم الجسماني. فهناك مراتب من هذه التجليات التي ذكرتها سابقاً هي غير مرئية، ولكنها تمتلك من الكثافة ما يكفيها لتكون مؤثرة بهذا العالم الجسماني وما فيه، فالله سبحانه امتحن الإنسان بأن جعل له القدرة على التأثير على الغير بهذا التجلي أو الجسم الغير مرئي، وأمره أن لا يفعل الشر بهذه القدرة، فإن فعل الشر يحاسب؛ لأنه فعله بيده وليس الحسد فقط أمراً نفسياً كما يتوهم الناس.
                              الآن وجود المرفوع هو نوع من هذه التجليات والوجودات، فله جسم من هذا النوع. .........) مع العبد الصالح: الجزء الأول - بحث الرفع وجسد المرفوع.
                              .
                              بيان السيد أحمد الحسن - كما لاحظنا - لم يقتصر على إيضاح حقيقة الحسد وحسب، ولكنه أجاب - أيضاً - ما قد يخطر ببال بعض المشككين من تناقض في الآية: "إِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا"، حيث توضح لنا أنّ نعمة واحدة من نعم الله المفاضة على الإنسان كافية لتحقق وصف "لا تحصوها" فضلاً عن أخذ جميع نعمه سبحانه بنظر الاعتبار بالرغم من وقوع جميع النعم ضمن دائرة المعدود.
                              .
                              ونحن عندما كرّرنا مراراً القول بأنّ القرآن بحاجة الى مبيّن إلهي يُعرّف بحقائقه كنّا نقصد وجود مثل هذا الترجمان الإلهي الذي يتمكّن من بيان كتاب الله حقيقةً ويُحكم ما تشابه منه على جميع الناس، وكذا يحيط بأسرار دينه وخلقه.
                              .

                              #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (62) . مثال 45: بنظر المشككين، إنّ قول يعقوب لأبنائه الذي حكاه القرآن يحوي تناقضاً: "وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا...
                              نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                              Comment

                              • ya howa
                                مشرف
                                • 08-05-2011
                                • 1106

                                #45
                                رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                                #الدين_الالهي
                                #الاسلام
                                #القرآن
                                .
                                (63)
                                .
                                • مثال 46: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ" القمر: 29، تدل على أنّ عاقر الناقة واحد، لكن الآية: "فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ" الأعراف: 77، والآية: "فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا" الشمس: 14، تدلان على أنّ عاقرها أكثر من واحد!
                                .
                                الجواب: لا يوجد اختلاف بين الآيات؛ لأن الخطيئة وإن كان فاعلها المباشر واحداً لكن من يرضى بفعله يكون شريكاً له في الجرم.
                                .
                                قال رسول الله (ص): (إذا عملت الخطيئة في الأرض، كان من شهدها فأنكرها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها) المتقي الهندي، كنز العمال: 3/70.
                                .
                                وقال الإمام علي (ع): (الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا به) الحر العاملي، وسائل الشيعة: 16/141.
                                .
                                ولهذا قال الإمام الصادق (ع) - في قوله تعالى: "قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين" -: (وقد علم أن هؤلاء لم يقتلوا، ولكن فقد كان هواؤهم مع الذين قتلوا، فسماهم الله قاتلين لمتابعة هوائهم ورضاهم لذلك الفعل) تفسير العياشي: 1/208.
                                .
                                إذا اتضح هذا، فالآية "فَتَعَاطَى فَعَقَرَ" تشير إلى الفاعل المباشر، والآية "فَعَقَرُوا النَّاقَةَ" - ونظيراتها - تشير إلى رضاهم بفعله وبالتالي فهم شركاء له في الجرم، ولهذا استحقوا جميعاً العذاب: "فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ" الأعراف: 78، "فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا".
                                .
                                عن الأصبغ بن نباتة، قال: (سمعت أمير المؤمنين (ع) على منبر الكوفة يقول: أيها الناس، أنا أنف الإيمان، أنا أنف الهدى وعيناه. أيها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه إن الناس اجتمعوا على مائدة قليل شبعها، كثير جوعها، والله المستعان، وإنما يجمع الناس الرضا والغضب. أيها الناس، إنما عقر ناقة صالح واحد فأصابهم الله بعذابه بالرضا لفعله، وآية ذلك قوله عز وجل: "فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر "، وقال: "فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها"، ألا ومن سئل عن قاتلي فزعم أنه مؤمن فقد قتلني) النعماني، الغيبة: 34 - 35.
                                .
                                .
                                • مثال 47: يرى بعض المشككين أنّ بين هذه الآيات تناقض: "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ" المزمل: 9، "رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ" الرحمن: 17، "فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ" المعارج: 40، إذ كيف يُجمع بين مشرق ومشرقين ومشارق!
                                .
                                الجواب: لا يوجد تناقض بين الآيات، سواء فسّرت بحسب ظاهرها أو بحسب باطنها وحقيقتها.
                                .
                                أما بحسب الظاهر منها، فلا شك أنّ لكل بقعة مكانية على هذه الأرض مشرقاً ومغرباً يلاحظه الإنسان. وأيضاً: لما كانت الأرض كروية وتدور حول نفسها وحول الشمس كما هو الثابت علمياً، فإنّ من كان موقعه - على سبيل المثال - على خط طول كرينتش (ولنرمز له A) يقابله في النصف الآخر من كان موقعه على خط طول 180 (ولنرمز له B)، وبالتالي فمحل شروق الشمس بالنسبة لـ A يعتبر محلاً لغروب الشمس بالنسبة لـ B، ومحل غروبها بالنسبة لـ A يعتبر محلاً لشروق الشمس بالنسبة لـ B، وبهذا يكون للشمس مشرقين ومغربين بهذا اللحاظ.
                                .
                                وأيضاً: لما كانت الأرض تدور دورتين (حول نفسها، وحول الشمس) مع اختلاف درجة ميلان محور الدوران نسبة إلى الشمس، لهذا تختلف زاوية شروق الشمس وغروبها بين يوم وآخر، وباختصار: فالشمس تشرق من المشرق الحقيقي تماماً في وقت الاعتدال الربيعي في 20 آذار عندما يكون محور الدوران موجهاً بالضبط نحو نجمة الشمال، ثم يتجه شروقها نحو الشمال الشرقي قليلاً كل يوم حتى يبلغ ذروته عند الانقلاب الصيفي في 21 حزيران، ثم يبدأ بالتراجع باتجاه الشرق حتى تشرق من المشرق تماماً في الاعتدال الخريفي في 23 أيلول، ثم يتجه شروقها نحو الجنوب الشرقي شيئاً قليلاً حتى يبلغ ذروته في الانقلاب الشتوي في 21 كانون الأول، ثم يبدأ بالتراجع نحو المشرق... وهكذا، فتتسبّب هذه الحركة المستمرة بحدوث الفصول الأربعة (الربيع، الصيف، الخريف، الشتاء)، ولهذا فيكون للشمس عدة مشارق ومغارب وليس مشرقاً ومغرباً واحداً وثابتاً.
                                .
                                سأل ابن الكوا الإمام علي (ع) عن هذه الآيات:
                                (قال: يا أمير المؤمنين وجدت كتاب الله ينقض بعضه بعضاً.
                                قال: ثكلتك أمك يا بن الكوا كتاب الله يصدق بعضه بعضاً، ولا ينقض بعضه بعضاً فسل عما بدا لك.
                                قال: يا أمير المؤمنين سمعته يقول: "رب المشارق والمغارب" وقال في آية أخرى: "رب المشرقين ورب المغربين" وقال في آية أخرى: "رب المشرق والمغرب".
                                قال: ثكلتك أمك يا بن الكوا، هذا المشرق وهذا المغرب، وأما قوله: رب المشرقين ورب المغربين، فإن مشرق الشتاء على حدة، ومشرق الصيف على حدة أما تعرف ذلك من قرب الشمس وبعدها؟ وأما قوله: رب المشارق والمغارب، فإن لها ثلاثمائة وستين برجاً، تطلع كل يوم من برج، وتغيب في آخر، فلا تعود إليه إلا من قابل في ذلك اليوم) الطبرسي، الاحتجاج: 1/386.
                                .
                                (قوله "فلا أقسم" أي أقسم "برب المشارق والمغارب" قال مشارق الشتاء ومغارب الصيف ومغارب الشتاء ومشارق الصيف) تفسير القمي: 2/386.
                                .
                                وأما بحسب الباطن، فالمشارق والمغارب تشير إلى حجج الله وخلفائه في أرضه باعتبارهم مصدر الفيض الإلهي النازل على الخلق في هذا العالم، فهم البداية والنهاية، فبهم يشرق ويبتدئ الفيض والخير النازل من الله إلى هذا العالم وبهم يغرب وينتهي، فيكون معنى المشارق والمغارب = أطراف الأرض "العالم الجسماني" (وقد تقدّم بيان ذلك في جواب المثال 4 من الإشكال 7، فراجع).
                                .
                                عن الإمام الصادق (ع) في قوله تعالى: "فلا أقسم برب المشارق والمغارب" قال: (المشارق الأنبياء، والمغارب الأوصياء عليهم السلام) المجلسي، بحار الأنوار: 24/77.
                                .
                                (عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: رب المشرقين ورب المغربين، قال: المشرقين رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والمغربين الحسن والحسين وفي أمثالهما تجري) تفسير القمي: 2/344.
                                .
                                ولأن الآية تجري في أمثالهما - كما نص الإمام الصادق (ع) - قال السيد أحمد الحسن في بيان معنى "رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ": (هما الحمرة المشرقية، والحمرة المغربية. تشير الحمرة المشرقية إلى دم علي (ع)، والحمرة المغربية إلى دم الحسين (ع)، هذا في الأئمة (ع). أما في المهديين فتشير الحمرة المشرقية إلى دم أحد المهديين نظير علي (ع)، والحمرة المغربية تشير إلى دم أحد المهديين (ع) أيضاً نظير الحسين (ع). فهم مشرقان ومغربان، مشرق في الأئمة ومشرق في المهديين، ومغرب في الأئمة ومغرب في المهديين) المتشابهات: جواب سؤال 141.
                                .


                                #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (63) . • مثال 46: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ" القمر: 29، تدل على أنّ عاقر...
                                نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                                Comment

                                Working...
                                X
                                😀
                                🥰
                                🤢
                                😎
                                😡
                                👍
                                👎