#الدين_الالهي
#الاسلام
#القرآن
.
(60)
.
• مثال 41: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" الرعد: 28، تتناقض مع الآية: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" الأنفال: 2، فكيف يكون قلب المؤمن الذاكر لله مطمئناً وخائفاً في نفس الوقت!
.
الجواب: لا تناقض بين الآيتين؛ لأن الله سبحانه كما يتصف بأنّه أكرم الأكرمين ورحمته وسعت كل شيء، قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ" الأعراف: 156، يتصف كذلك بالعظمة وأنه عدل وسريع الحساب، قال تعالى: "لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" إبراهيم: 51.
.
بالتالي، فالإنسان إذا ذكر الله ونظر إلى نفسه وذنوبه وتقصيره انتاب قلبه الخوف والوجل من سوء عاقبته "إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ"، وإذا نظر لربه ورحمته وكرمه اطمأنت نفسه "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، فمنشأ الخوف من الله هو نظر الإنسان لتقصيره وسوئه الذي يحتم عليه عاقبة سيئة تناسب عمله، بينما منشأ اطمئنان الإنسان هو النظر لربه الرحيم الكريم بشكل لا يمكن تصوره.
.
من دعاء للإمام علي بن الحسين (ع): (أدعوك يا رب راهباً راغباً راجياً خائفاً، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت وإذا رأيت كرمك طمعت، فإن عفوت فخير راحم وإن عذبت فغير ظالم، حجتي يا الله في جرأتي على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي رأفتك ورحمتك، وقد رجوت أن لا تخيب بين ذين وذين منيتي) الطوسي، مصباح المتهجد: 584.
.
.
• مثال 42: يقول بعض المشككين أنّ بين هذه الآيات تناقض: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ" النساء: 97، "قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ"، فمن يقوم بعملية الوفاة بالنسبة للإنسان هل هم الملائكة أم هو ملك الموت؟
.
الجواب: الآيات في مسألة التوفي أوسع مما ذكره المشككون، فمرة تنسب التوفي لله سبحانه، وأخرى تنسبه لملك الموت، وثالثة تنسبه للملائكة، ورابعة للرسل. ولا شك أنّ رسل الله هنا المقصود بهم الملائكة (ملائكة الموت).
.
قال تعالى: "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا" الزمر: 42، "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْت" السجدة: 11، "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِم" النحل: 28، "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ" النحل: 32، "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا" الأنعام: 61، "حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ" الأعراف: 37.
.
ولا يوجد تناقض بين الآيات، تماماً كما لو أنّ شركة بناء قامت بإنشاء منشأة هندسية، وأردت أنت نسبتها إلى بانيها، فيمكنك أن تنسبها للجهة مالكة الشركة كأن تكون دولة مثلاً، ويمكنك نسبتها لشركة البناء نفسها، ويمكنك كذلك نسبتها لفريق المهندسين التصميميين والإنشائيين الذين وضعوا المخططات والتصاميم، ويصح أيضاً نسبتها للمهندس التنفيذي الذي أشرف على مراحل البناء، وأنت محق في كل ذلك؛ لأن كل نسبة لها وجهها الذي تصح معه النسبة، وكذا الحال في مسألتنا.
.
قال السيد أحمد الحسن: (... فالله سبحانه وتعالى يتوفى الأنفس؛ لأنه الخالق المهيمن على جميع العوالم المحيي والمميت، وملك الموت "عزرائيل (ع)" يتوفى الأنفس؛ لأنه قائد لملائكة الموت، والملائكة يتوفون الأنفس؛ لأنهم المنفذون لأمر ملك الموت المنفذ لأمر الله سبحانه) المتشابهات: جواب سؤال 106.
.
.
• مثال 43: بنظر بعض المشككين أنّ الآية: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" الأحزاب: 72، فيها تناقض وعدم معقولية، فالأمانة - بحسب أغلب المفسرين - هي التكاليف الشرعية التي تتطلب وجود عقل وتمييز وإدراك لدى المكلف، والسماوات والأرض والجبال جمادات فكيف يتم عرض الأمانة عليها؟
.
الجواب: العرض لا يكون عليها بنفسها وإنما يكون على سكانها كالملائكة والأرواح الصالحة.
.
وبحسب نصوص خلفاء الله فإنّ المقصود بالأمانة في الآية هو الإمامة وولاية الله، فهي أعظم أمانة عرضها الله على الخلق فأبى سكّان السماوات والأرض (الملائكة والصالحون) من حملها ومزاحمة أصحابها (أي خلفاء الله المنصوص على أنّ لهم مقام الإمامة)، لكن حملها الإنسان الظلوم والجهول أي نحّى أهلها الحقيقيين ونصّب نفسه ظلماً وجهلاً.
.
قال الإمام الرضا (ع) في تفسير الآية: (الأمانة: الولاية من ادعاها بغير حق فقد كفر) الصدوق، عيون أخبار الرضا: 1/274. ولهذا لما سأله أحمد بن عمر عن قول الله عز وجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" قال: (هم الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله أن يؤدي الامام الأمانة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه) الكليني، الكافي: 1/276.
.
قال السيد أحمد الحسن: (الأمانة هي: الإمامة وولاية ولي الله، قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً" أي الإمامة يؤديها الإمام إلى الإمام الذي يليه.
أما الناس فأمانتهم هي ولايتهم لولي الله، فالناس يؤدون الولاية إلى ولي الله في كل زمان، فإذا رجع ولي الله إلى الله لا تنقطع الولايـة، بل على الناس أن يتولوا الولي الذي بعده، فلا تخلو أرض الله من حجة ولو خليت لساخت بأهلها.
والإنسان: جنس الإنسان، ..... أما السماوات والأرض والجبال: أي سكانها من الملائكة والأرواح الصالحة) المتشابهات: جواب سؤال 160.
.
https://www.facebook.com/10000778402...9/?extid=0&d=n