إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

النيوليبرالية… النظرية الأمريكية التي خرَّبت العالم

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5278

    النيوليبرالية… النظرية الأمريكية التي خرَّبت العالم



    النيوليبرالية… النظرية الأمريكية التي خرَّبت العالم

    المقال ترجمة بتصرف لمقال: Neoliberalism – the ideology at the root of all our problems لكاتبه: George Monbiot. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر بالضرورة عن تبيان.

    لعبت النيوليبرالية دورًا ملحوظًا في جُل المصائب التي حاقت بالبشرية خلال القرن الأخير من انهيارات مالية، وكوارث بيئية، وحتى صعود الشعبويين أمثال دونالد ترامب. والسؤال الذي يطرحُ نفسهُ: لماذا فشل اليسار في إيجادِ نظريةٍ بديلة؟

    هَب مثلًا لو استيقظ رعايا الاتحاد السوفيتي يومًا ولم يتناهى إلى مسامعهم شيء عن معني الشيوعية! كذلك الحال بالنسبة لنا؛ فأغلبنا لا يعرف اسمًا للأيديولوجية المُسيِّرةُ لحيواتنا.

    وإذا قمت بالتحدُّثِ عنها مثلًا في مُحاورةٍ ما، فإن أقصى ما يُمكن أن تطمحُ إليهِ فيمن تُحدِّثه أن يُكافئك بوجهٍ خالٍ من التعابير، تنطِقُ قسماتهُ باللامُبالاةِ الصارخة وحتى لو تَنبَّه من تُكلِّمه للاصطلاح مُسبقًا، فإنه سيشقَّ عليه تعيين تعريفٍ مُحددٍ للنيوليبرالية… فما هو تعريفها؟!

    يُمثِّل الغموض المُحيطُ بالنظريةِ عَرَضًا لمتانتها وعاملًا لقوتِها، وقد لَعِبت النظرية دورًا رئيسًا و ملحوظًا في عددٍ من الأزمات الواقعة في القرن الأخير كـ”الأزمة المالية العالمية 2007-2008″، ومُعضلة إعادة توطين رؤوس الأموال والنفوذ خارج الدول الكُبرى (التي أفرزتها الشركات مُتعددة الجنسيات بغية الاستفادة من ميزات كالحصول على عمالة أرخص في دولٍ أصغر والتهرُّب الضريبي) والذي كشفت لنا وثائق بنما نذرًا يسيرًا من جسامته وهولهِ (وقد اغتيلت الصحفية المسؤولة عن كشف هذه الوثائق دافني كارونا جاليتزيا في تفجير سيارتها بمالطا شهر أكتوبر الماضي).

    أيضًا مسائل جسام مثل هبوط مستويات الصحة العامة للجماهير وتفشّي الأوبئة، وانخفاض جودة التعليم مع تنامي ظاهرة عمل الأطفال، وذيوع الإحساس بالوحشة الاجتماعية حتى أضحت الانعزالية سمة عصر التطور والتكنولوجيا؛ حيث قلَّت التفاعلات الإنسانية، وانخرط الناس في عوالمهم الصغيرة على هواتفهم الذكية وأجهزتهم التي ارتبطوا بها ارتباطًا وثيقًا، ناهيكم عن اختلال الأنظمة البيئية جرّاء التلوث وانبعاثات السموم.

    بالإضافة إلى صعود الشعبويين الغوغائيين (الديماجوچيين Demagogues) أمثال دونالد ترامب، لكن البشرية تتعامل مع هذه الأزمات بعزل إحداها عن الأخرى دون وعيٍ منها بتشابه مُسبباتها ووحدة منبعها، تلك الفلسفة مُتسقة البنيان التي لا يعرف كثيرون معناها ولا يعلمون لها اسمًا وأي قوةٍ وجلالة تُماثل إدارة شؤون الدنيا بطريقٍ غيبيٍّ مجهول؟!

    انتشرت النيوليبرالية بشكل واسع حتى أننا بالكاد بتنا نُعرِّفها كأيدولوجية، والظاهر أن البشر أجمعوا على اعتبار تلك النظرية “الطُوباوية” (من وجهة نظر البعض) إيمانًا ألفيًا (يُمثل العقيدتين السياسية والاقتصادية الأكثر رواجًا في الألفية الجديدة) أو قوة مُحايدة مُنظِّمة لمعايشُ البشر كنظرية النشوء والارتقاء التي أوجدها تشارلز داروين إلا أن تلك الفلسفة نهضت وارتقت كمحاولةٍ مقصودة لتوجيه كافة ميادين الحياة الإنسانية، وتغيير دفة القوى على المسرح العالمي.

    السمات المُميِزة للنظرية النيوليبرالية
    النيوليبرالية... النظرية الأمريكية التي خرَّبت العالم 1
    ترى النيوليبرالية في المُنافسة خاصية رئيسة لتعريف العلاقات الإنسانية؛ لتُعيد إثر ذلك تعريف المدنيين كمُستهلكين يُمارسون حُرية الاختيار كاملة بديمقراطية دون شوائب في عمليتي البيع والشراء على الوجهِ الأفضل الأتم.

    وهي (أي عمليتي البيع والشراء) عملياتٌ تُكافئ الجدارة والمهارة وتُعاقب انعدام الكفاءة. وتؤكد النيوليبرالية مِرارًا وتكرارًا على الدور المُتعاظِم “للسوق” في إيصال مُكتسبات هامة ونادرة لا يمكن تحصيلها بدونه ولا حتى بالتخطيط!!

    تمتاز الدول المُعتنقة لهذه الفلسفة بانخفاض نسب الضرائب، وسهولة اللوائح التنظيمية، ووضوح التشريعات التُجارية بما يجذب الاستثمارات. وتُعَامَل مُحاولات قصر المنافسة بين شركاتٍ بعينها دومًا كمُمارسات احتكارية مُعادية للحريات في ظل النيوليبرالية.

    أيضًا، تتم خصخصة شبه كُليّة للخدمات والمرافق العامة، مع اعتبار كافة أشكال العمالة المُنظَّمة، والمفاوضات الجماعية (وهي مفاوضات لجماعات مُنظمة من العمال تُجابه تسريحًا أو تعديًا على المؤسسة التي يعملون بها كمفاوضات عُمال مصانع الغزل بالمحلة في مصر)؛ التي تُمارسها النقابات العُمالية ضروبًا من التشوهات السوقية التي تعوق تَكَوّن تنظيم هرمي طبيعي من الفائزين والمهزومين.

    في كنف النيوليبرالية، يضحي انعدام المُساواة من الفضائل، وتُدَغدغ مشاعر الجماهير الظمآنة إلى الثراء حيث لا تُكافؤ إلا للمنافع ولا اعتبار لغير المصلحة. تُعدُّ الجهود المُضنية المبذولة لخلق مجتمع أقل تمييزًا وأكثر عمرانًا بالعدالة الاجتماعية سلوكيات مُهترئة أخلاقيًا، ومُضرِّة إنتاجيًا، وغير مُجدية. فالسوق يضمن حصول كُل فرد على ما يستحقه من موارد.

    أما البشر فإنهم يُطبقون مفاهيم النظام النيوليبرالي ويُعيدون إنتاجها؛ فالأغنياء مثلًا يُقنعون أنفسهم يوميًا أنهم اكتسبوا ثرواتهم عن جدارةٍ واستحقاق مُتناسين الميزات التي اختصوا بها كمستوى التعليم العالي، وميراثهم الشخصي، وعلو طبقتهم الاجتماعية والتي من الممكن أن تكون قد ساعدت على تأمين موقفهم واستدامة ثرائهم. بينما الفُقراء على النقيض تجدهم يلومون أرواحهم البائسة على خُساراتهم المُتلاحقة حتى مع غُلَّةً أيديهم وقلة استطاعتهم على تبديل أحوالهم وتحسين ظروفهم.

    استنادًا على ما سبق، لا يُلقي الناس بالًا للبطالة الهيكلية، فعدم امتلاكك لوظيفة يرجع على الأرجح لكونك ضئيل القدرات لا يتهافت السوق على طلب مهاراتك، أما الإسكان فلم يعد أحد يُبالي بارتفاع كُلفته الباهظة.

    في حال بلغت بطاقتك الائتمانية الحد الأقصى فهذا لأنك مُسرفٌ وضعيف. وبالنسبة لأطفالك لو سَمِنوا فأنت الوحيد المُلام ولا ينشغلن بالك إذا افتقرت مدارسهم للساحات الرياضية ففي عالمٍ تحكمه المنافسة يُصم بالفشل الذريع من يتخلَّفون عن الركاب أمام أنفسهم وفي أنظار الجميع.

    من بين انعكاسات النيوليبرالية علي البشر أيضًا كما يُلاحظ عالمُ النفس الإكلينكيپول فيرهاجه في كتابه “ماذا عني؟ ?What About me” ظهور بِضعة أعراض على الفرد مثل اضطرابات الطعام، وميله للاكتئاب، والعُزلة، وأذية نفسه، والقلق على مستوى أدائه، بجانب سقوطه ضحيةً للفوبيا الاجتماعية حتى أصبحت بريطانيا على سبيل المثال، وهي من مواطن التطبيق الدقيق للنظرية النيوليبرالية عاصمةً للانعزالية في أوروبا حيث التقلُّص الشديد للتفاعلات الاجتماعية فلا يعبأ أحدٌ هناك بالآخر ويمضي كُلٌ في شئونه الخاصة.

    الجذور التاريخية والنظرية للنيوليبرالية
    ظهر مُصطلح النيوليبرالية للمرة الأولى في مُلتقى والتر ليپمان الثقافي الذي دعا إليه الفيلسوف الفرنسي لويس روچيه بباريس عام 1938 على يد اثنين من المُنظرين والفلاسفة السياسيين المنفيين من النمسا؛ وهما لودڨيج ڨون ميزس وفريدريتش هايك اللذان رأيا في الديمقراطية الاشتراكية (وهو نظام تتدخل بمُقتضاه الحكومات في العملية التجارية بغرض توزيع عادل للثروات في ظل النظام الرأسمالي بما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل الفجوة بين طبقات المُجتمع الواحد بعكس أنظمة كـ laissez faire الذي تنفض الحكومات يدها فيه من الأسواق تمامًا لتمسي الأخيرة بلا رقابة، أو نظام اقتصاد السوق؛ الذي يُخوِّل للسوق التحكم في العملية الاقتصادية ككل، وبالتالي في السلوكيات الشرائية للجماهير).

    تلك التي مثَّلها برنامج فرنكلين روزفلت الاقتصادي الجديد (الذي شمل عِدة إصلاحات اقتصادية ومالية) والمنظومة البريطانية للرعاية الاجتماعية الآخذة في التطور حينئذٍ لونًا مُتناميًا من سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج يشغل نفس الحيز القامعُ للفردية والحريات، ويضاهي مُثلائه في النظامين النازي والشيوعي.

    حيث ذهب فون هايك في كتابه الطريق إلى العبودية (المنشور عام 1944) إلى أن التخطيط الاقتصادي المركزي يسحق الحرية الفردية، ويقود الدول بالتبعية إلى أحضان الشمولية والتعزيز المُطلق لسلطان الدولة، مثلما أقر زميله ميزس في كتابه البيروقراطية.

    ذاع صيتُ “الطريق إلى العبوديةِ” وقُرِءَ على قطاعات واسعة عالميًا، الأمر الذي حدا بزُمرة من فاحشي الثراء؛ الذين رأوا في هذه الفلسفةِ ملاذًا لهم من الضرائب والتشريعات التُجارية أن يدعموا هايك بالملايين في تأسيسه لـمُجتمع مونت پليرين الدولي عام 1947 كُمنظمةٍ أولى لنشر المبادئ النيوليبرالية بطريقٍ يحمي الحُريات الفردية والسياسية لأعضاء المُنظمة وفق السبيل المُستساغ لهم.

    وبذلك تم تأسيس ما أسماهُ المؤرخ والكاتب السياسي دانيال ستيدمان چونز “سادة الكون” في كتابه الذي يحمل الاسم ذاته، و”سادة الكون” هي: “شبكة قارية من المُفكرين، والمُنظِّرين، والفلاسفة، ورجال الأعمال، والصحافيين، والنُشطاء السياسيين” الذين أنشئوا من جهتهم “مراكز فكرية” على مدار العقود الستة الأخيرة.

    وذلك بغية الترويج للمبادئ والقيم النيوليبرالية مثل: “المعهد الأميركي للتجارة”، و”مؤسسة التراث”، و”معهد كاتو”، و”معهد الشؤون الاقتصادية”، و”مركز الدراسات السياسية بلندن”، و”معهد آدم سميث”. زائد تمويلهم الدؤوب المُستمر لأقسام الدراسات الأكاديمية وكُبرى المناصب العلمية بالجامعات ولا سيما جامعتي شيكاغو، وڨيرچينيا.

    على مرَّ تطورها باتت النيوليبرالية أكثر حِدة؛ فرؤية هايك القاضية بالتدخُّل الحكومي إداريًا في تنظيم منافسات، والهادف لمنع خلق كيانات احتكارية بسط سبيلًا مُمهدًا لبعض المُنظّرين الأمريكيين كـ “ميلتون فريدمان” لتُرسخ عقيدة جديدة؛ مفادها أن قوة الاحتكار يُمكن تفهمها كأجر مُستحق عن علو الكفاءة.

    حدث شيءٌ آخر خلال هذا التحوَّل أدى إلى فقدان الحِراك لاسمه؛ فقد كان فريدمان سعيدًا وهو يُعرِّف نفسه كنيوليبرالي عام 1951، إلا أن المُصطلح أخذ في التواري شيئًا فشيئًا، وصارت الأيديولوجية هَشَّة، بعكس الحِراك النيوليبرالي الذي ازداد تماسكه، لكن المُصطلح الخفي لم يتم إيجاد بديل شائع له.
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎