إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

توماس بوجي والعدالة العالمية

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5278

    توماس بوجي والعدالة العالمية




    توماس بوجي والعدالة العالمية


    عبد الله المطيري
    توماس بوجي المولود سنة 1953 هو فيلسوف ألماني يعمل أستاذا جامعيا وباحثا في أميركا وينشر غالبا بالإنجليزية.

    وهو أيضا محرر مشرف على قسم الفلسفة السياسية والاجتماعية في موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفية.

    حصل بوجي على الدكتوراه من هارفرد تحت إشراف جون رولز وألّف لاحقا كتابا مهما عن رولز يشرح ويعلّق فيه على نظريته في العدالة.

    كعادة الأساتذة الكبار يحفّزون طلابهم وطالباتهم على الاختلاف معهم وفي أحيان كثيرة على تجاوزهم.

    في المقابل الأساتذة أو الأستاذات المصابون برهاب إثبات الذات وآفة الاستبداد يجعلون من يدرسون معهم أمام خيارين: الأول النقد والقطيعة والثاني التبعية والتواصل.

    بوجي عمل ناقدا لأستاذه رولز وفي ذات الوقت مدركا لأهمية أفكاره ومتواصلا معها.

    نقد بوجي لرولز يرتكز في غالبه على نظرية رولز في العدالة الدولية خصوصا جزأها المخصص للعدالة الاقتصادية وتكافؤ الفرص التي يمكن وصفها على أنها نظرية دولية وليست عالمية .

    بمعنى أنه على خلاف نظريته المحلية التي يشترط فيها رولز توزيعا عادلا للثروات العامة وتكافؤ الفرص فإنه في نظريته للعلاقات بين الشعوب اشترط فقط الاعتراف المتبادل بالمساواة بين الشعوب وواجب المساعدة في أساسيات حقوق الإنسان لا أكثر. بمعنى أنه لا يوجد استحقاق لشعب على شعب آخر خارج المساعدة في توفير أساسيات حقوق الإنسان كالمساعدة في أوقات المجاعات والكوارث البيئية أو انتشار الأوبئة.

    بوجي يختلف مع أستاذه ويطالب بعدالة كونية. أي إنه يطالب بالإضافة إلى الاعتراف بمبدأ التساوي في الحقوق والحريات بين الشعوب بأنه على الشعوب الغنية التزام أخلاقي تجاه الشعوب الفقيرة.

    هذا الالتزام يتجاوز أساسيات حقوق الإنسان إلى التزام اقتصادي يسعى لتحقيق عدالة اجتماعية كونية أكبر. فكرة بوجي تكمن في فرض ضريبة على الدخل الوطني للشعوب الغنية يجري توزيعها في المقابل على الشعوب الأفقر والأكثر حاجة. الفكرة هنا تنطلق من كون المجتمعات أفرادا في مجتمع واحد ومن واجب أفراد المجتمع المقتدرين مساعدة الأفراد المحتاجين وهكذا.

    مباشرة تبرز مشكلة الشعوب التي تخضع لحكومات فاسدة مستبدة. هذه المساعدات ستوفر دعما مناسبا لإبقاء ودعم مثل هذه الحكومات. بمعنى أن الحكومات الفاسدة ستمتلك دخلا دوليا يحافظ على استمرارها من دون أن يستفيد المحتاجون فعلا من ذلك الدعم. بوجي يقترح ربط الدعم الدولي باشتراطات معينة مرتبطة بالشفافية ومعايير الديمقراطية والمحاسبة. الحكومات التي لا تلبي تلك الاشتراطات ستحرم من المساعدات. بوجي يقترح كذلك توصيل المساعدات مباشرة عن طريق المؤسسات العالمية والجمعيات الأهلية دون المرور بتلك الحكومات.


    يبدو أن مقترح بوجي يعود لمواجهة مشكلة الواقع وفساد المؤسسات ولكنه يعتقد أن هذا العائق التطبيقي يفترض أن لا يحجب قيمة المحاججة الأصلية.
    يعود بوجي ليجادل ضد رولز في تأسيسه لنظرية العدالة العالمية وتحديدا لفكرة الموقف الأصلي الذي يعبّر فيه ممثلو الشعوب وهم خلف حجاب الجهل عن رغبات شعوبهم. في نظرية رولز يتطلّع ممثلو الشعوب، الليبرالية على الأقل، إلى توفير شروط تحقق لهم العيش في مجتمع عادل. يجادل بوجي أن هؤلاء الممثلين سيطالبون بأكثر من توفّر عدالة في المجتمعات المحلية وأنهم سيطالبون بشروط توفر لأفراد مجتمعاتهم حياة مادية أفضل من خلال مؤسسات كونية تشمل كل المجتمعات. إذا كانت هذه الفرضية صحيحة فإن مؤسسي العقد الاجتماعي الكوني سيقبلون بفكرة الالتزام المتبادل ليس فقط على المستوى المحلي بل الالتزام كذلك تجاه المجتمعات الأخرى.


    فكرة بوجي تبدو لي أكثر واقعية وأقرب للاتساق المنطقي من أطروحة رولز.

    نعرف مع رولز أن المؤسسات الأساسية للمجتمع يجب أن تتحرك وفق منظور العدالة لأنها مؤسسات ضرورية للأفراد ولا يمكنهم الخروج منها. الجهاز القضائي مثلا يمتلك باسم العقد الاجتماعي حق الفرض والحسم ويقابله حق استخدام العنف من الأجهزة التنفيذية. هذه الاستحقاقات تجعل تلك الأجهزة أمام مسؤولية أخلاقية عالية جدا.

    المبرر الوحيد الذي يعطي لتلك المؤسسات تلك الاستحقاقات هو أنها مؤسسات ملتزمة بدرجة عالية من تطبيق نظرية العدالة التي توافق عليها أفراد المجتمع. لننتقل هنا للمؤسسات الدولية التي يواجهها الأفراد.

    اليوم كثير من الناس في العالم مرتبطون بشبكة هائلة من الشركات والجهات الدولية التي تنظّم كثيرا من العلاقات الاقتصادية بين شعوب العالم. منظمة الجات مثال على هذه المؤسسات.

    الأمم المتحدة والبنك الدولي ومحكمة العدل الدولية وما ينطلق منها من قرارات وقوانين أمثلة إضافية. الاتحاد الأوروبي بالنسبة لمواطني الدول الأوروبية كذلك. والمستقبل يشير إلى مزيد من تلك المؤسسات والمنظمات العابرة للقارات التي تصدر وتطبّق قرارات تؤثر في حياة الأفراد في كل أنحاء العالم. الحديث عن سيادة مطلقة للدولة الوطنية لم يعد ممكنا والمستقبل يشير إلى انحسار متواصل لهذا المفهوم.

    إذا كانت الصورة السابقة صحيحة فإن تلك المؤسسات وما ينتج عنها يجب أن تضبط بمنظور واسع للعدالة. ما دامت تلك المؤسسات تمارس سلوكا جبريا متعلّقا بحياة الشعوب الاقتصادية والسياسية فإنها مطالبة أيضا بالالتزام ليس فقط بمفهوم سياسي للعدالة ولكن أيضا بمفهوم اقتصادي.

    ثراء الشعوب الغنية مرتبط بشكل وثيق بالشعوب الأخرى ويقوم في أحيان كثيرة على استغلال وعلاقات غير متوازنة. هذا الوضع يجعل من الأخلاقي مطالبة الشعوب التي تؤسس المؤسسات الدولية بأن تلتزم بقدر معقول من العدالة تجاه بعضها البعض. حديثي هنا، متوافقا مع بوجي، يتجاوز مشاركة اختيارية للمساعدات الإنسانية إلى التزام قانوني يجعل العلاقات الاقتصادية بين الشعوب غير خاضعة لموازين القوى وبالتالي عرضة لاستغلال القوي للضعيف بقدر خضوعها لمنظور العدالة الكوني. في نظرية رولز المحلية نظرية العدالة التي تشتمل على قدر متساو من الحقوق للأفراد بالإضافة إلى ضمانة لتكافؤ الفرص والالتزام للطبقات الأقل انتفاعا، هذا المنظور غير خاضع للحسابات والمقايضات السياسية. مع بوجي أضيف أن هذا المنظور يفترض أن يمتد للعلاقات الدولية في عالم يتقارب بشكل لم يسبق له مثيل.
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎