إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

رزية الخميس بقلم حامد اللّبان

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5279

    رزية الخميس بقلم حامد اللّبان


    رزية الخميس بقلم حامد اللّبان


    سردنا في الحلقة الماضية حديث رزية الخميس من جملة من المصادر المعتمدة، وهو بلا ريب حديث صحيح ومتفق عليه، والملاحظ انه حديث مؤلم بكل تفاصيله ويمثل حال الإسلام والمسلمين في الساعات الأخيرة من حياة النبي، واليوم سنقوم بتحليل هذا المشهد حسب المستفاد من كلماته.


    من الواضح ان كل عربي عند قراءته الحديث سيرسم في ذهنه تصورا واحدا وهو ما سنسرده الان:
    (النبي يعرض على الامة ان يكتب لهم كتابا فيه خير الدنيا والاخرة، كتاباً يعصمهم من الضلالة ابدا، ومرة أخرى نركز على عبارة التابيد (ابداً)، والضلالة لغة هي الانحراف عن الطريق القويم، لكن الغريب هو بروز فريق من بين الصحابة عارض كتابة الكتاب وأصر على معارضته امام الفريق الاخر الذي أصر أيضاً على تلبية رغبة النبي، حتى علت الأصوات واللغط في غرفة النبي وهو في النزع الأخير يعاني اوجاعه، الامر الذي اغضب النبي مما دعاه الى طرد الكل من في حضرته. الرواية لا تبين ما كان النبي يريد املاءه في الكتاب، ولا يهمنا ذلك الان، رغم إمكانية استنتاجه ببساطه، ولكن لنؤجل مثل هذا الاستنتاج الى حين.)


    اعتقد ان اهم الأسئلة التي يثيرها الحديث هي:


    1- هل من الممكن ان يكون كتابة كتاب يضمن فيه النبي للامة العصمة من الضلالة سببا للخلاف؟؟؟ هل يمكن لاحد سويّ ان يردّ خير الدنيا والاخرة ويرفضه؟؟ هل من الممكن ان يكون سبب رفع الصحابة أصواتهم فوق صوت النبي (رغم نهي القران م عن ذلك) واثارة غضبه هو نيل العصمة من الضلالة؟؟


    2- اذا كانت كتابة الكتاب تعصم الامة من الضلالة، فالاستنتاج العقلي يقول ان عدم كتابته ستحتم على الامة الضلالة والانحراف عن الطريق الحق الذي أراده الله، وبالتالي فان الحديث يثبت الضلالة الأبدية على الامة بشكل غبر مباشر ما دام الكتاب لم يُكتب.


    3- من كان قائد الجمع الذي عارض كتابة الكتاب العاصم من الضلالة والذي اتهم النبي بالهجر؟؟


    مثل هذه التساؤلات لابد ان تثير كل مسلم وتبعث في قلبه لواعج حرّى وخصوصاً عندما نعرف ان قائد الفرقة التي عارضت كتابة الكتاب والتي اتهمت النبي بالهذيان هو للأسف عمر بن الخطاب، وقد تنبه الى ذلك المحدثون من كتاب التاريخ، وخصوصا انه يعطي صورة عن صحابة النبي غير تلك الصورة الوردية التي حاولوا فرضها على الامة، فكان لزاماً عليهم مرة أخرى اللجوء الى المنهج التبريري والترقيعي لستر مثل هذه الفضيحة ومداراة شخصيات اسبلوا عليها من القدسية الكثير وجعلوها عماد الدين ما داموا لا يستطيعون رد الحديث او انكاره لثبوته القطعي، وسنأخذ هنا بعض النماذج من مثل هذا المنهج الركيك الذي للأسف لجأ اليه المحدثون المسلمون والذي يمثل الطريقة الفجّة التي ينظرون بها الى وقائع التاريخ التي تخالف توجهاتهم العقدية:


    الانموذج الأول: يقول الحافظ في الفتح (7/740) نقلا عن المارزي عن هذه الحادثة : “إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره لهم بذلك، لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب، فكأنه ظهرت منه أي من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم قرينة دلت على أن الأمر ليس على التحتم، بل على الاختيار، فاختلف اجتهادهم، و صمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عن غير قصد جازم، و عزمه صلى الله عليه وسلم كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد، و كذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي وإلا فبالاجتهاد أيضاً.” ..انتهى.
    أقول: نلاحظ ان هذا النص المتهافت يحوي جملة من الفرضيات لا دليل عليها انما هي تصورات من الكاتب تخالف واقع الحديث، فتأمل كم مره استخدم عبارات الافتراض مثل قد، فكانه.. الخ، كما لم يبين لنا المارزي ما هي القرائن التي قامت عند عمر بان الامر لم يكن على التحتم عكس ما يوحيه النص بدلالة غضب النبي بسبب الاختلاف على تنفيذ امره، وللأسف تتقبل الامه مثل هذه الاعذار الواهية.


    الانموذج الثاني: يقول الإمام البيهقي في دلائل النبوة كما نقله عنه النووي في شرح مسلم (11/132): “إنما قصد عمر التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غلبه الوجع، ولو كان مراده صلى الله عليه وسلم أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى {بلغ ما أنزل إليك} كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه و معاداة من عاداه، و كما أمر في ذلك الحال بإخراج اليهود من جزيرة العرب و غير ذلك مما ذكره في الحديث.” ..انتهى.

    أقول: وهذا أيضا تسويف وترقيع لفعل شائن هو مخالفة امر النبي، فالنبي الذي كرس حياته كلها لخدمة الدعوة هل يتوانى عن كتابة كتاب فيه تحصين الامة من الضلالة لا يأخذ منه لحظات؟؟ كما ان مثل هذا الكلام هو عذر أقبح من ذنب، فهل من الممكن ان ينصّب أي من الصحابة نفسه الشخص الأكثر حرصا على الامة من النبي؟؟ اني أرى ان مثل هذا الكلام هو في المقام الأول إهانة للنبي وتوهين لمكانته.


    الانموذج الثالث من التبريرات الترقيعية: يقول الإمام القرطبي كما نقله ابن حجر في الفتح (1/252) : “ائتوني أمر، و كان حق المأمور أن يبادر للامتثال، لكن ظهر لعمر مع طائفة أنه ليس على الوجوب، و أنه من باب الإرشاد للأصلح، فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق عليه في تلك الحالة مع استحضارهم لقوله تعالى { ما فرطنا في الكتاب من شيء } و قوله تعالى { تبياناً لكل شيء } و لهذا قال عمر: حسبنا كتاب الله، و ظهر لطائفة أخرى أن الأولى أن يكتب لما فيه من زيادة الإيضاح، و دل أمره لهم بالقيام على أن أمره الأول كان على الاختيار.” .. انتهى.
    أقول: نلاحظ هنا تصريح عمر برفض الكتاب حتى لو كُتب بإعلائه مبدأ (حسبنا كتاب الله) والذي يمثل اول فكرة هدّامة تعلن صراحة رفض سنّة النبي واوامره مخالفين كتاب الله: ((ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) والغريب ان مخالفة امر الله والرسول تصبح بقدرة قادر تدلّ على الفقاهة والعلم الوافر .. كذا. كما يشير الى ذلك النووي في شرح مسلم:
    “أما كلام عمر فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره، لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه وسلم أموراً ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا محالة للاجتهاد فيها، فقال عمر: حسبنا كتاب الله.”

    أقول: حقيقة وانا هنا امام هذا الكلام المتهافت الذي لا افهم منه الا محاولة إهانة النبي واعلاء شان شخص اخر، لا اجد مناصاً من الإقرار بانه .. يحق علينا كل الضلالة التي وعدنا الله ورسوله بها والتي عاشها المسلمون منذ يوم رزية الخميس والى اليوم.. كما يحق لنا ان نبلّ الحصباء بالدموع كفعل ابن عباس حزناً على خسارتنا الهداية الأبدية.. ولا حول ولا قوة الا بالله.


    المصدر
         سردنا في الحلقة الماضية حديث رزية الخميس من جملة من المصادر المعتمدة، وهو بلا ريب حديث صحيح ومتفق عليه، والملاحظ انه حديث مؤلم بكل تفاصيله ويمثل حال الإسلام والمسلمين في الساعات الأخيرة من حيا…
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎