إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

بعـــــــــد المــــــــــــوت

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • 3aLa SaBiL Al NaJaT
    عضو نشيط
    • 14-05-2011
    • 510

    بعـــــــــد المــــــــــــوت

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد واله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليما



    بعــــد المـــــوت


    Click image for larger version

Name:	بعد الموت.jpg
Views:	1
Size:	4.7 كيلوبايت
ID:	171756




    ( قصة حوارية خيالية من نسج خيال الكاتب مبنية على عقيدة اصولية بتعابير دنيوية بحتة )




    المشهد الأول



    خالد :
    ما رأيكم ان نعرج على المقهى القريب منا ونأخذ قسطاً من الراحة وهناك نكمل حديثنا


    وسيم :
    او نذهب ادراجنا لحيِّنا ونجتمع عند حلاق حارتنا سمير ولعلنا نجتمع بأخوة آخرين فتُحمى جلستنا أكثر فأكثر

    غسان :
    والله اني تعبت من مواضيعكم المتعبة فلا طاقة لي في حوار الأمور غير الواقعية فلا اُجني منها غير اوجاع الرأس وقضاء الوقت فيما لا يفيد وافكر ان ارجع الى البيت واتابع مباراة كرة القدم بين ليفربول ومانشستر يونايتد، فاليوم ستكون المباراة حرباً ضروساً بين الفريقين ولكن مازال لموعد المباراة اكثر من ساعتين

    خالد :
    انظروا من جاء ها هو رزگار متوجه نحونا ، اظن الآن حان الوقت كي يكتمل نقاشنا ، لقد اكتمل النصاب عندنا بلحاقه بنا، رزگار الكردي وغسان السني وانا ووسيم الشيعيّان ولكننّا مختلفين في المسائل الأصولية وهي هامة جدا في مذهبنا

    ( فبينما كان رزگار يقترب من أصدقاء الحي الذين كانوا مجتمعين في أحد شوارع المدينة حتى صار فيهم )

    رزگار :
    السلام عليكم


    ردَّ الجميع:
    وعليكم السلام


    خالد :
    الى اين وجهتك يا رزگار؟

    رزگار :
    الى هذا المقهى القريب منا لأني اشعر بملل كبير وأريد ان اقضي بعض الوقت فيه وقلت في نفسي لعلي التقي بأصدقائي هناك وينفّسوني قليلا. وأنتم ماذا صممتم فإلى اين مقصدكم؟

    خالد :
    جزاك الله خيرا والله اني عرضت عليهم ان نعرج على نفس هذا المقهى الذي تقصده ولكن كلاً من غسان و وسيم كان لهما رأياً آخراً وانت قدمت وعضدتني برأيك وانقذتني من افتراق الآراء هذه

    فأستدار خالد بوجهه وجسده باتجاه غسان ووسيم قائلا

    خالد :
    اظن الآن ما بقيت لكما حجة عليَّ و لا مهرب ان نذهب الى المقهى فأصبح رأيي و رأي رزگار رأيين مقابل رأيكما فأنتما متفقان ان لا نذهب للمقهى ولكنكما مختلفان في مكان اجتماعنا

    ( فسكت الكل وبدأوا يحادثون بعضهم بعضاً بينما كانت وجهتهم نحو المقهى وكأن القدر اقتادهم من غير ان يفكروا او يعلنوا أدنى اعتراضا )



    *******************************************************





    المشهد الثاني





    ( يتفرس غسان في وجه وسيم و وسيم يلاحظ قسمات وجه غسان ويفطن انه يرغب ان يقول له شيئا )

    ( يفتح غسان الطاولة الخشبية الموضوعة سلفاً على المنضدة و هو ينظر لوجه وسيم نظرة التحدي )

    غسان :
    انا صممت ان اهزمك في لعبة اليوم وانتقم منك من لعبة الأسبوع الفائت والذي خرجتُ منها مهزوماً ، فإذا هزمتك اليوم فلن يكون حساب احتسائي قدح الشاي عليك فقط بل عليك ان تدفع لأقداح كل الموجودين حول هذه المنضدة

    ( ينظر وسيم في وجه غسان وعلى نصف فمه اليمنى ضحكة صفراء و بعينين مستغربتين وهو يقول )

    وسيم :
    كل هذا وانت حامل عليَّ لمجرد أنى خسَّرتك في الأسبوع الماضي، و بأي حق تحكم عليَّ بهذا الحكم الجائر رغم اني مستعد ان ادفع لأخوتي من غير ان ادخل معك في هذه اللعبة حتى لو اني خسرتُ فيها او غلبتُ

    ( يحاول خالد ان يُعبِّر عن عدم رضاه فيما اقبل عليه غسان و هو يرى ان صرف الوقت في لعبة ترفيهية تافهة يقتل كل ما تمناه من هذا الأجتماع ، فيتحدث معهم بصوت غير مرتفع كثيراً و في صوته نبرة تصاعدية وتنازلية في السلم الموسيقي وهذه الطريقة في نبرة لأيهام من حوله انه منزعج في ان تكون جلستهم هذه تذهب سدىٰ ً في اللعب وإثارة روح التنافس غير المفيد )

    خالد :
    يا جماعة! يا جماعة! نحن لم نأتِ الى هذا المكان من اجل قتل الوقت في اللعب و التنافس !!!؟ لم نأتِ من اجل مَنْ يدفع عنا مستحقات الشاي او القهوة يا اعزائ


    ( يلتفت غسان برأسه ليساره حيث يجلس خالد ولم يستدر ببدنه قائلاً )

    غسان :
    وماذا نفعل ان لم نقتل الوقت باللعب او ذكر بعض الطرائف التي ممكن من خلاله ان نتنفس الصعداء ونجعل هموم الدنيا خلفنا


    ( كان خالد ينظر ويعاين تفاعل غسان الى ان سكت ثم اردف قائلاً )

    خالد :
    وهل تظن ان اللعب و الضحك يغيران و يدفعان بالهموم و يزيلانه ؟

    ( تذكر غسان افكار خالد فقاطعه وقال وعلى فمه ضحكة حيث امتدت زاويتا فمه كثيراً تعبيراً عن استهزاءه )

    غسان :
    صحيح تذكرتُ، انت ترغب ان تسحبنا الى مناقشة افكار و دعوة ذلك الشاب والذي تسمونه اليماني. حبيبي خالد هناك الكثيرون من امثال صاحبكم هذا إدَّعوا وانتهوا و طُمِست افكارهم و اصبحوا مجرد ماضياً ليس الا

    ( كان وسيم و رزگار يجلسان في قبال غسان و خالد فحيناً كان ينظر وسيم لوجه غسان و خالد و حينا اخر كان ينظر الى ما بين اصابعه على الطاولة ولكنه كان منصتاً للحوار )

    وسيم :
    اليماني رجل مذكور في رواياتنا نحن الشيعة وهو رجل صالح وقائد جيش ولا نعرف عنه أكثر من هذا ، لأن الروايات التي ذكرته قليلة جداً ولكنه كشخصية فهي شخصية حقيقية ويأتي ويظهر للناس، ولكن لا نعرف ماذا يفعل ويحارب من! و اكيد هو سينصر اهل البيت (ع) ولكن لم نُحَطْ بالتفاصيل وكما في الروايات فاليماني علامة من علامات الظهور المقدس للأمام الحجة عليه السلام

    خالد :
    حبيبي وسيم
    هل تظن ان اهل البيت عليهم السلام عندما ذكروا اليماني في روايات و هي بعدد اصابع اليد الواحدة ، انهم ارادوا ان يضلوا الشيعة ؟ و من جانب آخر يجدونه بأنه اهم علامة من علامات الظهور المقدس ؟

    وسيم :
    صحيح قولك فشخصية اليماني غير واضحة الملامح و الان تذكرت فهو يقاتل السفياني (لع) ولكن لا نعرفه وحتى اهل البيت لم يذكروا اسمه الصريح

    خالد :
    و كيف بك يا وسيم اذا اثبت لك ان اهل البيت (ع) ذكروا اسمه ولكن ليس في تلك الروايات المعدودة

    وسيم :
    يا سيدي ! فلما لم يذكروا اسمه في تلك الروايات المعدودة فلو ذكروه لَحُلَّتْ المشكلة وما كنا نختلف اليوم

    خالد :
    لا يا حبيبي ليس لأجل هذا لم يذكر اهل البيت (ع) اسمه بل اخفوا اسمه لأنه سر من اسرار ال محمد (ع) و حين يأتي اوانُه يُكشف عن هذا السر

    وسيم :
    صدقني لم افهم منك شيئاً

    غسان :
    ولا انا

    ( يضحك رزگار بصوت عالٍ ولكن ضحكة قصيرة جدا من ثلاث مقاطع صوتية فلو قمتَ برسمه رسماً بيانياً لوجدتها على شاكلة خطوط مستقيمة قصيرة ( ــ ــ ــ ) نوعاً ما ولكنه لم يقصد الإساءة لأنه بالأصل غير مهتم بالأمور العقائدية الأصولية )

    ( ينتبه خالد لقهقهة رزگار ويلتفت اليه لأجزاء من ثانية ثم يعدل نظره الى وسيم وهو لم يكترث لقهقهة رزگار لأنه يعرفه مسبقاً فهو شاب بسيط لا يحمل ضغينة في قلبه تجاه احد ولكنه يعتبر نفسه سني المذهب و لا يعرف لما هو على هذا المذهب. يهتم خالد بوسيم ويجدد الحديث معه )

    خالد :
    حبيبي ان اثبات شخصية اليماني الذي لم يُشر الى اسمه مباشرة في الروايات سيكون من خلال هذا السر

    وسيم :
    ما هذه ؟ هل هي حزووورة يعني ؟

    ( يضحك كل من غسان و رزگار معاً بضحكة قصيرة بنفس طول الموجة والتردد لضحكة رزگار السابقة )

    خالد :
    عزيزي عندما يظهر اليماني واكيد سيكون له اسم لأن اليماني صفة واليماني رجل فله اسم. فسيظهر رجل مذكور في روايات اهل البيت (ع) وله اسم وهو احمد وهو معصوم

    ( يقاطع وسيم خالدا بقولٍ ينطقه ثلاث مرات متقطعة بأزمان قصيرةٍ جداً )

    وسيم :
    لحظة لحظة لحظة
    اين احمد هذا و من هو هذا المعصوم ونحن لنا اثنا عشر امام معصوم فقط لم نجد بينهم اسمَ احمد

    خالد :
    ولهذا قلت لك انه سر
    واسماء الأئمة عليهم السلام لم تكن اسراراً ، اما هذا الرجل فقد ذكره رسول الله (ص) في وصيته المقدسة ليلة الوفاة
    وكذلك في رواية حذيفة بن يمان
    عن حذيفة بن اليمان قال: سمعت رسول الله (ص) يقول ـ وذكر المهدي: (( إنه يبايع بين الركن والمقام اسمه أحمد وعبد الله والمهدي فهذه أسماءه ثلاثتها )) غيبة الطوسي ص٣٠٥ وص٢٩٩ وص ٤٥٤ وص٤٧٠/البحار ج٥٢ص٢٩١/ معجم أحاديث الامام المهدي. و نفس الأسماء ذكرت في وصية رسول الله (ص) في ليلة الوفاة وكذلك الأمام الباقر(ع) ذكر المهدي بأن له اسمان اسم يظهر فمحمد واسم يخفى فأحمد

    وسيم :
    وكيف بأمكان رجل له اسم معين ان يثبت للعالم بأنه هو اليماني

    خالد :
    سؤال جيد
    نرجع ثانية الى الروايات التي ذكرت احمد المعصوم من بين الناس ، فعندما يظهر فيكون هو الصادق الأمين ولا يكذب لأنه معصوم عن كل عمل منكر
    وعندما يظهر هذا الرجل والذي كما وصفوه عليهم السلام بأنه هو القائم وكما في الرواية للقائم اسمان اسم يظهر فمحمد و اسم يخفى فأحمد ، فعندما يظهر ويقول انه هو احمد المذكور في وصية رسول الله (ص) ليلة وفاته ، وهذا الرجل لا يكذب لأنه ادعى النص التشخيصي فلو يدعي رجل كاذب النص التشخيصي لوصية رسول الله (ص) لأصبحت رواية وصية رسول الله (ص) في مهب الريح و بهذا فلا تكون الوصية وصيةً عاصمةً عن الضلال فرسول الله (ص) وصفها بأنها كتاب لن تضلوا بعده ابداً اي الكتاب عاصم عن الضلال

    فهذا الرجل الصادق عندما يقول انا اليماني الموعود فعلى الناس ان يصدقوه لأنه ثبُت صدقه في ادعاء النص التشخيصي العاصم عن الضلال ، فأذن هو نفسه اليماني في ادعاءه الثاني

    وسيم :
    سبحان الله وانا مثلك شيعي ، فلما لم اصل الى هذه الاستنتاجات

    خالد :
    كنت سابقاً مثلك ولكن احمد الحسن (ع) جعل عقلي ينفتح على افاق واسعة و عميقة فصدقني لو آمنت بأحمد الحسن (ع) الذي ادعى النص التشخيصي للوصية ستكون مثلي و ربما افضل و احسن فكل منا يصعد و يرتفع مقاماً بقدر اخلاصه

    ( يسكت وسيم ولا يرد فهو غير قادر ان يرد امام كل هذه الحجج القوية ولا يرغب ان يؤمن بسبب الكم الهائل من الجهل الذي يحتويه )

    ( يطول السكوت ثوان كثيرة ويسكت خالد وهو كان على امل ان ينطق وسيم ولكن خالداً فهم انه لا رد عنده ولا يرغب ان يواصل اكثر)



    يدير خالد وجهه صوب رزگار سائلا ) )

    خالد :
    وانت يا رزگار ما هو انطباعك عما سمعت من الحوار حبيبي

    رزگار ينظر في وجه خالد وعلى وجهه ابتسامة بريئة وهو يقول ) )

    رزگار :
    لا اعلم شيئاً و انت مع وسيم شيعيان و مختلفان وانا لا ارغب ان اُحدِثَ مشكلة بينكما في مذهبكما

    خالد :
    لا يا حبيبي ليس الأمر ينظر اليها من زاوية انت شيعي ام انت سني فالكل سواسي امام الله سبحانه وغداً يسألنا كيف اجبنا خليفته فكلنا ممتحنون

    رزگار :
    لا امل لي معكم فعندما حكمنا العرب السنة ظلمونا وعندما جاءت الشيعة لم يتغير الكثير بل الظلم اصبح اكبر و اقبح

    غسان :
    هوووووهووو... رجعنا في نبش الماضي عرب سنة و عرب شيعة وماذا عن قادة الكرد ألا يظلمونكم و يظلموننا

    ( سكت رزگار و هو غير آمل على ان يرى في الأفق حلاً سياسياً يرضي الأطراف ولكنه لا ينطق و يحبس احاسيسه في داخله )



    ( يضرب غسان براحة يديه على المنضدة ويقوم و تستقيم وقفته ويقول )

    غسان :
    يا الله .. اخوان فلنرجع الى البيت واقترب وقت المباراة بين ليفربول و مانشستر يونايتد

    ( و بدأ ينادي اسم العامل في المقهى لكي يدفعوا له تكلفة ما احتسوا من اقداح الشاي والقهوة )

    ( كان خالد ما زال جالساً ولكنه كان ينظر في وجه رزگار و رزگار هادئ ظاهراً ولكنه غير مقتنع باطناً وهو جالس على كرسيه مستغرقاً في افكاره متثاقلاً لا يقدر النهوض ، فيقول له خالد )

    خالد :
    حبيبي رزگار في اجتماعنا المقبل سيكون لي معك بالذات حواراً خاصاً و اثبت لك ان الحل في قضية شعبك الممزق بين البلدان الأربعة هو عند احمد الحسن عليه السلام

    ( يتفاجأ رزگار من قول خالد هذا ولكن لا يقدر ان يتخيل السيناريو الموجود في مخيلة خالد فيرفع رأسه بهدوء وبتثاقل وينظر لخالد بعينين مستغربتين وهو يقول )

    رزگار :
    كيف ذلك

    ( يرفع غسان صوته في وجه رزگار ويقول له بمزحة الصديق الساخر )

    غسان :
    قم قم يا رزگار ، صدقني يا صديقي انتم شعب مغضوب عليه فكما يأست من العرب السنة والشيعة فلا اظن ان اخانا خالد بأمكانه ان يقدم لكم الحل السحري فلا تعقد آمالاً كبيرةً عليه عزيزي و دعونا نترك المكان ولكي أَلحقَ متابعة مباراة كرة القدم

    ( لا يكترث رزگار لكلام صديقه غسان لأنه تعود ان يسمع تعليقات و مداخلات من هذا القبيل منه ولم ينظر لوجهه اثناء حديثه فكان صامتاً غارقاً في افكاره )

    ( كان خالد اثناء حديث غسان مستغرقاً في النظر لوجه رزگار و لم ينظر او يلتفت الى غسان اثناء عرض تعليقاته على رزگار ولكنه كان يسمعه جيداً ، بل شده تفسير التعابير التي رسمت على وجه رزگار فهو يهمه هذه الأشارات الصادرة منه لكي يبني عليها حواراً معه في اللقاء القادم )

    ( تترك الأصدقاء الأربعة المقهى و عادوا ادراجهم الى الحي الشعبي الذي يسكنون فيه و علت صيحات الحوار بينهم و لم يكن حواراً دينياً او عقائدياً. و الوحيد الذي كان هادئاً في كلامه هو خالد اما رزگار فكان قليل الكلام و كثير الصمت )


    *****************************************************



    المشهد الثالث



    ( مرت ايام والهدوء كان هو سيد الموقف فلا اتصالات بين الأصدقاء الأربعة و لا لقاءات في الحي فكل منهم كان في شأن يغنيه عن الآخرين )


    ( منزل رزگار المتواضع في الحي لو دخلته لسمعت اصوات النساء من اخوات رزگار ووالدته و كل واحدة منهن منشغلة في اداء عمل يخص البيت من غسيل و تنظيف و تركيب للطعام. لو نظرت في الزاوية اليسرى من باحة البيت لرأيت غرفة صغيرة عليها باب بسيط تجدُ هناك رزگاراً جالساً على كرسي متواضع وامامه منضدة عليها بعض الكتب وبعض الكراسات مع اوراق مبعثرة غير مرتبة على المنضدة ، لم يكن رزگار يكترث لأصوات النساء القادمة من باحة المنزل ولم يهتم في ماذا كنَّ يخططن وماذا كنّ ينجزن من عمل ، ولم يكن يخطر بباله ان يقصدهن و يسألهن ان كنَّ في حاجة اليه )




    ( لم ينسَ رزگار حواره السابق مع صديقه خالد في آخر لقاء لهما في المقهى )
    ( كان يتساءل في نفسه عن حديث خالد الذي ما زال كان يتردد في اذنه )

    رزگار :
    يا الهي !!! ما الذي كان يقصده خالد ان احمد الحسن عنده حل قضية شعبه
    ( كان يحادث نفسه بصمت و احياناً اخرى بصوت عالٍ نسبياً )

    ( في خضم هذه التساؤلات خطر بباله فكرة ان يتصل بخالدٍ دون علم غسان و حتى وسيم. فبدأ يقلّب في هاتفه الخلوي وكتب رسالة عبر الواتس آب الى صديقه خالد و طلب منه ان يقبل منه ان يزوره في منزله ان امكن ، معلناً عن انه يرغب بلقاءه من دون معرفة غسان و وسيم ، لأنهما يفسدان عليه حواره )

    ( بعد حوالي ساعتين جاءه رد خالد مرحباً به في منزله في اي وقت يشاء )

    ( اما خالدٌ فكان سعيداً جداً بطلب رزگار هذا و حسبه بادرة خيرة و ان شاء الله و قدر، فمُمكن ان يؤمن رزگار بالدعوة المباركة و بذلك يُضاف الى نسيج الأنصار من شرائح عدة ومن اعراق مختلفة الذين آمنوا بهذه الدعوة المباركة )

    ( اثناء تبادل الرسائل بين خالد و رزگار اتفقا بأن يلتقيا في منزل خالد مساء الجمعة بعد الساعة السابعة )

    ( تم اعداد اللقاء بشكل جيد من قبل خالد وقام بواجب الضيافة على اكمل الوجه وكان اللقاء في غرفة خالد في منزله ، واغلق خالد الباب لكي لا يعكر الحوار بينه وبين رزگار اي صوت قادم من خارج الغرفة )

    خالد :
    سعيدٌ بك وانت تشرفت بزيارتنا في منزلنا والله اعلم كم اكن لك من الحب يا رزگار فأنت صديق عزيز علي و لا سيما نحن كبرنا في هذا الحي معاً و لهذه الأواصر حُرمتها عندي وخاصة نحن ابناء محمد و علي عليهما السلام ، اللذان علمانا معنى الأخلاص في الصحوبية و تسديد الخدمات لبعضنا البعض وان نتصدق في وجه بعضنا البعض على اقل تقدير وهي صدقة مواجهة صديقك بوجه مبتسم و لسانٍ مكرم

    رزگار :
    انت صاحب فضل يا صاحبي و التمس منك هذا الصدق في المعاشرة و كأنك تشعر بسعادة وانت تصرف وقتك من اجل خدمة الآخرين

    في الحقيقة و لا يجعلها الله غيبة او انتقاصاً من اصدقائي الآخرين فأني ارى فيك معنى الصحوبية الصادقة غير مشوبة بما افسدتها علينا الآراء السياسية والمصالح القومية و حتى الطائفية. وكذلك فإني التمس بالذات منك معاملة خاصة دون بقية اصدقائي

    خالد :
    لقد رفعتني كثيراً و اني لا استحقها و لكن احببت ان انوه الى امر و هو لا يكون الأخلاص في الصحوبية او الصداقة ان لم يفهم بعضنا البعض وكل تعاملي معك يا صديقي العزيز نابع من قراءتي لقسمات وجهك و اقرأ ما مخبأ تحت تفاعلات و نظرات وجهك واستنبط منها معاناتك و حتى افراحك حسب فهمي القاصر ولا ادعي بأني اقرأ فيك كل شيئ على اطلاقه

    رزگار :
    وفقك الله والله يشهد بأني اشعر براحة بال وانا معك ولا ارى في وجودك معي فيه دافع مصلحة او انانية بل اراك تستمتع لآراء الآخرين وكلك آذان صاغية وانت تسدي الخدمات لغيرك

    حبيبي خالد الوقت ضيق و احببت ان ادخل في حوار معك لوحدنا وانت تعرف الأسباب لذا احببت ان نكون لوحدنا

    خالد :
    اقدر اختيارك هذا وافهمه

    رزگار :
    في حوارنا السابق في المقهى انت ذكرت جملة وعندها توقفنا في الحوار و بعده عُدنا معاً ادراجنا الى الحي ، هذه الجملة شغلتني كل هذه المدة بعد لقاءنا السابق

    خالد :
    نعم في خدمتكم

    رزگار :
    انت قلت ان حل قضية شعبك بيد احمد الحسن وهذا الرجل حسب ما فهمت من خلال المعلومات الواردة انه مختفٍ في مكان ما و لا اعرف ان كان في العراق او خارجه و معه جماعة مؤمنة تعمل معه و انت واحد منهم بلا شك، واذا حسبنا هذه الجماعة الى قوة العراق من الجيش والشرطة وقوى الأمن الداخلي فجماعتكم تكاد تكون رقما قريباً الى صفر، هذا بالمنظور العراقي اما بالمنظور العام او العالمي فقدرة هذه الجماعة قياساً لماكنة الآلة الحربية العالمية العالية تكاد تكون لا شيئاً

    فكيف بمقدور رجل ضعيف و منزوٍ في زاوية من هذه الأرض وحتى ابسط القدرات التسليحية يفقدها، فكيف به ان يحل قضية شعبي وهو لا طاقة له في تغيير النظام العراقي ومواجهة القوة العراقية الهائلة ؟

    خالد :
    سؤالك وجيه وافهم الدافع الذي جعلك كي تنسج هذا السؤال فالذي لم يؤمن بعد فطبيعي جداً ان تراوده هذه التساؤلات والتي هي مبنية على الوضع المادي الطبيعي و على ظاهر الحياة المادية الدنيوية والشعور باليأس امام قدرات دول الأستكبار المهولة فضلاً امام القدرات الدول الشرق الأوسطية ومنها العراق
    ولكن قبل ان ارد على ما نسجتْ لك مخيلتُك اود ان اقول ان احمد الحسن (ع ) لن و لا يفكر يوماً ضرب العراق و مواجهة قدرات العراق او آلته الحربية و لا يفكر مطلقاً اسقاط النظام العراقي حسب تصورك هذا

    رزگار :
    اذن فهو لا يرغب في اسقاط النظام السياسي في العراق كما اسلفت ثم يقفز فوق كل هذا الموجود في العراق لكي يحل مشاكل الشعب الكردي!! اسمح لي اخي الكريم ان اقول لك هذا كلام غير منطقي ولا عقلائي و لا مفهوم و أنت لست قادراً ان تقنع غيرك بنظريتك هذه !

    خالد :
    هذه ليست نظرية صديقي العزيز بل بين يدي عقيدة خطها الله سبحانه و وكّلَ بها خلفاءَه في تنفيذها. نعم صحيح ان هذا المخطط لم يُعمَلْ به في زمن الأنبياء و الأوصياء السابقين ولكن الله سبحانه عهد انبياءه و اوصياءه بأنه كائن و يحدث على يد قائم آل محمد صلوات الله عليه و آله. و هذا هو وعد الهي اخي الفاضل وان ابليس اللعين يخشى كثيرا هذا اليوم

    رزگار :
    ولما يخشى هذا اليوم بالذات ؟

    خالد :
    لأن الله سبحانه ارجأ معاقبة ابليس اللعين حينما خالف امره سبحانه في السجود لأبينا آدم (ع) الى اليوم المعلوم وهو اليوم الموعود ، ألم تسمع قول الله تعالى :

    قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ . قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ . إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ . قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ . سورة الحجر

    رزگار :
    كأني لأول مرة اسمع هذا التأويل رغم ان هذه الآية القرءانية مرت عليَّ مرات و مرات

    خالد :
    هذا من بركات علم قائم آل محمد (ع) فلولاه لما انتبهنا ولا فهمنا هذه الآيات ولكننا بفضله (ع) عقلناها و ابليس اللعين يخاف هذا اليوم لأن نهايته ستكون فيه ويطعنه قائم ال محمد (ص) و يرديه قتيلا وتنتهي دولة ابليس و يبدأ القائم (ع) بتشييد اسس دولة العدل الألهي بجهوده و جهود انصاره المخلصين

    رزگار :
    ما زال يصعب عليَّ التركيز على ما تفضلت به، فكيف للأمام المهدي (ع) ان يبني دولة وهذه الدول الجبارة ما زالت تحكم بقوة عسكرية مهولة واين هي تلك الدولة اقصد دولة إبليس لعنة الله عليه وانت قلت انها ستسقط بمجرد قتل ابليس لعنة الله عليه ؟ وانت قلت مسبقاً ان الأمام المهدي (ع) لا يحارب هذه الدول او على الأقل فهو لا يرغب محاربة الآلة الحربية الجبارة في العراق ولا يرغب في اسقاط النظام

    خالد :
    هذا الأمر لا يفهمه غير انصار الله لأن غيرهم ينظرون بمنظار الظاهر المادي الموجود على ارض الواقع حتى هم لا يفهمون من دينهم شيئاً فالمفروض ان تُنجيهم عقيدتُهم الدينية ولكن الفساد الذي حصل لدين الله فيهم ، ان كان هذا الدين دين النصارى ، اليهود او الدين الأسلامي بكل مذاهبه جعلهم يعيشون في حالة ضبابية فاقدين المنهج السوي الذي رسمه لهم هذا الدين في معرفة الله و خليفته و فهم الأحداث التي ستجري فيما بعد

    رزگار :
    هل تقصد ان كل هذه الأديان منحرفة عن الحق الا انتم وانتم زمرة قليلة ؟

    خالد :
    حبيبي ومن قال لك ان الكثرة هي مع الحق دائماً ، فعندنا جملة من الآيات القرءانية تنقد و تنكر عمل الكثرة وتمجد و تمدح عمل القلة.
    أ لم تسمع قوله تعالى :

    لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) الزخرف

    أُولَئك الْمُقَرّبُونَ (11) فى جَنّاتِ النّعِيمِ (12) ثُلّةٌ مِّنَ الأَوّلِينَ (13) وَ قَلِيلٌ مِّنَ الاَخِرِينَ (14) الواقعة

    حبيبي رزگار، عندما يظهر قائم ال محمد (ص) ينشر العقيدة الحقة بين الناس ان كانوا نصارى ، يهوداً او مسلمين و بكل مذاهبهم ، ويصحح لهم الزيف والتحريف الذي حصل في عقيدتهم فهو لم يأتِ في اول ظهوره كي يحارب ويُسقط انظمة انما جاء لتصحيح عقيدة الناس الدينية وجمعِهم على عقيدة واحدة و رفعِ المذاهب التي فرقت الناس وجعلتهم طرائق قدداً. و انت نفسك صرّحت في جلستنا السابقة بأنك عانيتَ وما زلت تعاني من الطائفية اضافة الى المعاناة من التحزب القومي العصبي. وهذا اول الطريق لأنقاذكم

    اما انه كيف يؤسس دولة عدل و ما معنى سقوط دولة ابليس (لع) فهو ببساطة ان قائم آل محمد (ص) لم يأتِ كي يرفع السيف على شعبه ويقتلهم بل جاء لينقذهم

    حكومة العراق تنتهي على يد السفياني (لع) القادم من الغرب اي من بلاد الشام و الخراساني القادم من الشرق او قل ايران الحالية ويستبقان كفرس رهان الى الكوفة ، السفياني اللعين يدخل العراق ويفتك بالشيعة وهدفه الوصول الى ايران لأسقاط حكومة الشيعة فيها ولهذا يضطر الخراساني دخول العراق ليقطع الطريق عليه قبل ان يصل الى ايران

    رزگار :

    و ماذا ستفعلون انتم انصار اليماني في هذا الوسط المحتدم ؟

    خالد :
    اليماني احمد الحسن (ع) قائد حكيم فهو يرى خطر السفياني (لع) اكبر و اشد من خطر الخراساني ، فعلى الأقل ان الخراساني ليس هدفه الأنتقام من شيعة العراق لأنه هو نفسه منهم اي على عقيدتهم ، ولهذا تتحد القوتان اي قوة اليماني مع قوة الخراساني في مواجهة خطر السفياني (لع) لأن لو ظهر الأخير على القوتين المتحدتين لما بقي للأسلام رسم و لا اسم ولكن هيهات هيهات فدين الله لا تظهر عليه الفجرة الفسقة اعداء الله و اعداء الأنسانية
    و بعد اشهر من القتال يُهزم السفياني و ينتصر اليماني و الخراساني ثم يؤمن الخراساني و يدخل في عقيدة اليماني (ع). وخلال هذه الحروب والحروب اللاحقة يُقتل ابليس (لع). وعندما نقول تنتهي دولة ابليس اي ان كل دولة لا تحكم بشرع الله و لا تذعن لأمرة اليماني (ع) وهو قائم ال محمد (ص) فهي دولة ابليسية وعند موت ابليس (لع) تسقط هذه الدول واحدة تلو الأخرى و تتوسع بالمقابل دولة العدل الألهي بقيادة قائم آل محمد (ص)

    رزگار :
    وهل تسقط دويلة كردستان كذلك؟

    خالد :
    نعم اخي رزگار تسقط هي كذلك وتسقط انظمة ايران، تركيا، بلاد الشام و دول الجزيرة العربية و كلها تخضع لدولة القائم (ع)

    رزگار :
    و اين نحن وانت قلت في بداية كلامك ان املكم يتحقق في قائم آل محمد (ص) فقط؟

    خالد :
    نور عيني رزگار و كما تعلم فأن العراق يسقط لأنه بين فكي كماشة دولة السفياني (لع) الغادرة و دولة الخراساني وبعد هزيمة السفياني (لع) و توسع دولة القائم في العراق ستسقط دولة الأحزاب الكردية و كل من ايران، تركيا و بلاد الشام و بهذا تُرفَع الحدود بين ابناء الشعب الكردي للأبد أليس هذا الذي كنتم تطمعون فيه طيلة هذه المدة الطويلة من صراعات سياسية بينكم وبين العراق و تركيا و سوريا

    رزگار :
    نعم صحيح والله الآن فطنتُ لكلامك الذي قلت فيه ان حل قضيتكم بيد قائم آل محمد (ص)

    خالد :
    وتنتهي حكم الجبارين الى الأبد فلا يتسلط عليكم لا عربي ولا فارسي و لا تركي و لا كردي فاسد من احزاب الفساد المتسلطة على رقاب هذا الشعب المسكين ، ويكون حالكم كحال العرب و الترك و الفرس وغيرهم لأن قائم آل محمد (ع) رجل عادل لا يفرق بين ابناء شعبه فهو ينظر اليهم جميعا بعين واحدة لأنه هو ابوهم الحنون و الأب لا يفرق بين ابناءه ، فالقائم (ع) سيوزع عليكم من الخيرات بقدر ما يوزعها على العرب والترك والفرس لا زيادة فيها ولا نقيصة وبذلك حقاً ستعيشون اخوة متحابين بين اشقاءكم العرب ، الفرس والترك والى الأبد و هذا هو معنى سقوط دولة ابليس (لع) لأن ابليس (لع) وعد الله سبحانه انه سيزرع الفتن بين ابناء آدم (ع) ويجعلهم يقتلون بعضهم بعضا ويفسدون في الأرض و لا يوجد منقذ في حل هذه المعضلة المتجذرة في هذه الشعوب و مع الأسف غير قائم آل محمد (ص)

    رزگار :
    لأول مرة اسمع شيعي و هو يزرع فيَّ الأمل والله لقد جعلتني اغير نظرتي لقائم ال محمد (ص) والذي تذكره الشيعة دائماً و اظن بدأت احبه. ولكن لست متأكداً ان احمد الحسن هو نفسه او هو المصداق الذي عنيته من خلال هذا الحوار
    خالد :
    هذا موضوع آخر ان شاء الله عما قريب نفتح هذا الموضوع وهو هل حقاً ان احمد الحسن عليه السلام هو مصداق روايات ال محمد (ص) ؟

    رزگار :
    اتمنى ان يكون هو لكي ننتهي من هذه الفتن التي احاطت بنا ونعيش اخوة متحابين وكما ذكرت

    خالد :
    اسأل الله تعالى ان يفتح بصيرتك ويجعلك من انصار قائم ال محمد (ص)

    رزگار :
    شكراً لدعاءك لي واني اعلم انك صادق في دعاءك لأنك انت اصلا صادق معي في كل شيئ

    خالد :
    اسأل المولى تعالى ان يديم الأخوة والمحبة بيننا اخي رزگار ببركة احمد الحسن (ع)

    رزگار :
    لقد تأخر الوقت ولا ارغب ان ارهقكم اكثر من هذا فأنك كفيت ووفيت

    ( رفع رزگار كفّيه للسماء و اردف يقول )

    رزگار :
    الهي ان كان هذا الرجل هو المصداق فسهل عليه وانجز له وعدك

    خالد :
    آمين رب العالمين

    ( يقوم رزگار من مكانه ويشيعه خالد بعد ان يفتح له الطريق الى باب المنزل الخارجي ويبتعد رزگار عنه بخطوات بأتجاه بيته و خالد ما زال في الباب واقف يرقب حركاته و كان سعيداً جداً لهذا الحوار. وقبل ان ينحرف مسير رزگار الى الزقاق اليمين المجاور وقبل ان يختفي ادار وجهه الى خالدٍ رافعاً صوته قائلاً

    رزگار :
    احببت يمانيكم هذا والله ... الله يوفقه

    ( رفع خالد يده عالياً وهو يلوح له بسلام المغادرة و الأفتراق و يدخل رزگار الزقاق اليميني ويختفي عن الأنظار. يلتفت خالد يمينه و يساره لعله يرى هناك من يعرفه و يرقبه كي يسلم عليه بتحية الله ولكن كان الحي خالياً ولم يجد احداً فدخل البيت و اقفل الباب )






    المشهد الرابع


    ( ازاد ، عمر و مرتضى اسماء لأنفس ستطلق عليهن في عالم الدنيا ولكنهن ما زلن في عالم الأنفس ، فهذه الأنفس متلازمات معاً في عالم آخر يجتمعن مع بعضهن و يشاركن بعضهن البعض ويسألن الله التوفيق )

    ( كانت لكل من هذه الأنفس الثلاثة وقفات مع أنفس اعزة عليهن و لهن وجود في عالمهن ولكن هذه الأنفس العزيزة عليهن فقدن الحواس تجاههن و فيما يجري في عالمهن. و هن اي هذه الأنفس الثلاثة بُثْنَ (اي وُلِدْنَ) من هذه الأنفس اي ان هذه الأنفس الجامدة هن آباء لتلك الأنفس المتحركة الشاعرة واحياناً يخطر ببال تلك الأنفس المتحركة الشاعرة ( اي الأبناء) ان انفس آباءهن اصابهن الجنون او حالة من الهلوسة ، غارقة ، ولكن لا يعلمن العلة وراء ما يعانين )

    ( قالت النفس الأولى لصديقتيها عندما مررن بتلك الأنفس الغارقة )

    ن١:
    هل تعرفان يا حبيبتي عندما نغادر الى عالم آخر اظن سنمر بنفس حال هذه الأنفس لأن حصلت مغادرة لأنفس اخرى مجاورة لنا وبقي لهن وجود وهن يمرن بنفس الحالة ونحن ننظر إليهن كأنها انفس مجنونة او مهلوسة والله اعلم بحالهن اين هن فهل هنَّ حقاً مجنونات في ذلك العالم كما نظن ام انهن على غير ما نحن نظن فما زالت علة حالهن غير بينة و غير واضحة لنا

    ن٢ :
    اظن يا صديقتي هناك طريق واحد لمعرفة احوال هذه الأنفس المغادرة الى ذلك العالم و رغم انهنَّ لهن وجود في عالمنا ، رغم انهن فاقدات الوعي بنا و لا يحسن و لا يشعرن بمحيطهن ولا يسمعننا مهما حاولنا الحديث معهن

    ن٣ :
    وما السبيل لمعرفة ما تجري عليهن ؟ افتنني (من الفتوة) وفقكن الله

    ن١:
    أ لم يعهد علينا الله اننا سنمتحن ثانية ولكن في عالم آخر غير عالمنا هذا ؟ فأذن هن انتقلن لذلك العالم للأمتحان

    ن٢ :
    صحيح كلامكِ يا عزيزتي ولكن الطريق لمعرفة ما يجري لهن هو ان نسأل الأنفس المختارة فالجواب عند هذه الأنفس لأنهن حجج الله علينا وعندهن علم اقطار السماوات

    ن٣ :
    اني استحي ان اسال الأنفس المختارة وانتن احرار فيما ترغبن ان تفعلن.
    هل تعرفن احبتي اني قلقة جداً على والدي في تلك الحياة الثانية فأني أخشى ان لا يتوفقا ثانية و يسقطا في الأمتحان

    ن١:
    كذلك انا خائفة من حال والدي فلا علم لي بماذا ابتليا في ذلك العالم
    ن٢ :
    لي اليكن اقتراحا ان نزور تلك الأنفس الجامدة لوالدينا ونساعدهن ونذكرهن بخلفاء الله

    ن٣ :
    وفقكِ الله ألا تعلمين انهن في وادٍ و نحن في وادٍ آخر فهن لا يسمعن و لا يشعرن بنا فكيف بنا ان نذكرهن بخلفاء الله ؟


    ( تبكي ن١ حزنا على والديها وكذلك تبكي الثانية و الثالثة )

    ن٢ تتحدث و بحزن شديد و مبكي ))

    ن٢ :
    نعم اني اعلم انه لن يجدي ان ذهبنا و حاولنا ابداء المساعدة ولكن من قلة حيلتي و بسبب غلق كل الطرق التي ممكن من خلالها انقاذهن وتذكيرهن و عجزي في دفع تلك المصيبة عنهن و التي قد يقعن فيها ، اقترحت هذا الأقتراح رغم معرفتي المسبقة في عدم نجاعه و اني حقاً اشعر بمرارة اليأس في داخلي و يحرق ذاتي بعدُ الأمل

    **************************************************


    المشهد الخامس



    ( خلال سنة واحدة تزوج كل من رزگار و غسان و وسيم ولكن بقوا على عقيدتهم السابقة رغم حوارات و نقاشات خالد معهم )

    ( اما خالد فهو لم يفكر بعد في بناء اسرة وهو ما زال شاب صغير العمر ولكنه وكَّلَ نفسه لخدمة الدعوة المباركة و صاحبه احمد الحسن عليه السلام )

    ( بعض المنتفعين من طلاب الدنيا ارادوا ان يضعوا حداً لنشاط خالد بين الناس فقاموا بتلفيق تهمة كيدية له ادت الى اعتقاله وعُذّب في السجن عذاباً لا يطيقه احد. و كان خالد ضعيف البنية فلم يتحمل هذا الأرهاب النفسي والجسدي ففارق الدنيا محتسبا عند ربه )

    ( حزن رزگار، غسان و وسيم على فراق صديق العمر لهم )

    غسان :
    ما بكم انتم يا شيعة لا ترحمون حتى من هم على موالاة اهل البيت عندكم !!!؟ لقد اعمتكم الجاه والمناصب و تخشون حتى الأفكار ان تسحب البساط من تحت اقدامكم ولهذا تسجنون و تقتلون ؟ كنتم تنعتون صداما بالمجرم ، القاتل الذي لا رحمة في قلبه ، ولكنكم بيضتم وجه صدام رغم ان وجهه ابيض عندي من غير ان ازكيه

    ( يجيب وسيم غساناً بنبرة تصاعدية (من نبرة خفيفة الى اعلى) قائلاً )

    وسيم :
    اتركني بحالي يا غسان هداك الله فأني غير قادر حتى ان اجمع افكاري و هول الفاجعة قد هدّ اركاني اتركني رحم الله والديك

    (( ثم انحنى واحنى رأسه وبكى بصوت يسمعه القريب منه


    ( تفاعل غسانٌ و رزگار مع حزن وسيم فدمعت عيناهما وهما يحدقان بوسيم و بحال وسيم )

    ( لم يقدر وسيم ان يستمر على حالة الأنحناء كثيراً فلم تقدر ركبتاه ان تحملانه فجلس في الأرض جلسة القرفصاء و هو واضع كفيه على وجهه مغطياً عينيه و يكفكفهما بين الحين والآخر و صوت البكاء الحزين ما زال كان يصدر منه )

    ( كان غسانٌ واقفاً عند رأس وسيم في جانبه الأيسر و كاد ان يمس طرفه. كان رزگار واقف في قبالهما بحوالي مسافة متر وهو ينظر الى وسيم. وبينما كان وسيم في هذه الحالة من الحزن و الأسى نطق غسان من فوق رأس وسيم قائلاً )

    غسان :
    رحمك الله يا خالد ، كم مرة قلت لك : اترك هذه الأفكار و هذه العقائد التي لا تشبع و لا تسمن و جعلت نفسك ضحية لها و تركتنا لوحدنا ولكنك كنت عنيداً متشبثاً بأفكارك ولا حول ولا قوة الا بالله

    رزگار :
    رحم الله خالداً كان راسخ المبدأ و مخلصاً لأفكاره و لقائده

    ( يستغرب غسان من كلام رزگار و ينظر اليه بوجه عابس ولكنه لم يعلق بل فضَّل السكوت ولم يتوقع ان يخرج من رزگار مدح و ثناء من هذا القبيل )

    ( قضت الأصدقاء الثلاثة ساعات من الحزن والتي لم تكن خالياً من الثناء على خالد و ذكر خلقه الرفيعة و احيانا اخرى كانت تصدر كلمات العتاب عليه لعناده وتمسكه بمبادءه واحياناً كانت تخنقهم العبرة وفي نهاية المطاف تفرقوا عن بعضهم البعض و كل منهم ذهب الى حال سبيله )

    ( بعد ان مرت ايام و اسابيع على فاجعة شهادة خالد ضعفت العلاقات بين الأصدقاء الثلاثة لأن خالدا كان هو المحرك و الجامع بينهم و يثير المواضيع و يفتحها ويعرضها للنقاش والمساءلة )



    ( ضعفت علاقة رزگار اكثر فأكثر ولعل السبب هو الصراع الفكري والسياسي بينه وبين غسان و وسيم اضافة الى ضعف صداقة كل من وسيم و غسان ولكن لم يكن هذا الضعف في العلاقة سبباً قاطعاً ان لا يلتقيا فما زال ذكر خالد كان يجمعهم مع بعضهم و كانوا يجتمعون ويتبادلون الحديث ولكن هذه اللقاءات لم تكن كثيرة كما في السابق

    شهادة خالد لم يترك اثرا على عقيدة كل من غسان و وسيم فهما راسخا العقيدة فيما يؤمنان ، اما رزگار المزعزع العقيدة فهو كان على ند من الأسلام السياسي السلفي رغم كونه ينتمي لمذهب يُحسب على الجماعات السلفية ولم يكن يؤمن بالأسلام السياسي الشيعي لأنه كان يجدهم انهم مجرد طلاب السلطة لا غير و الدين علقٌ على السنتهم ، يستغلون الدين ليبيّنوا للناس انهم اصحاب حق وهم المدافعون الحقيقيون عن اهل البيت(ع) و يرفعون رايات الثأر لأهل البيت (ع) بل كان يعتقد ان جُلَّ عملهم هو التسلط على رقاب الناس من خلال تنظيم ميليشيات تحكم خارج دولة القانون ، فكان يراهم انهم حتى لا يرحمون سواد الشيعة فكيف بهم ان يرحموه و يرحموا ابناء جلدته ، ولهذا كان يشعر بالوحدة القاتلة بعد شهادة خالد لأنه كان بالنسبة له المتنفس الوحيد ، كان امام رزگار حل واحد وهو ان يجد بديلاً لخالد ولكنه لم يفعل ولأسباب عديدة وهي انه عليه ان يبحث عنهم في احياء بعيدة وثانياً من يضمن له حتى و إنْ وجدهم ان يكون لهم حنكة و حكمة و اخلاص خالد له والسبب الآخر هو انه يأس و تثاقل في بحثه ولعل هناك اسباب اخرى في نفس رزگار لم تظهر للسقف جعلته مثبط العزيمة و فاقد الأمل في تحركه

    بقي رزگار على حاله ولكنه لم و لن ينسى خالداً فكان يترحم عليه كلما ذكره وكان يأمل ان تترجم عقيدة خالد الى واقع حال في جغرافية العراق الحالي و ما حول العراق )



    *******************************************************


    المشهد السادس

    اجتمع ن٢ مع صديقتيها ن١ و ن٣ و ما زلن كنَّ يتحدثن عن تلك الأنفس المتواجدة في عالمهن ولكنهن لا يبادلنهن المشاعر، اما ن٢ فقد فجرّت حديثا قد يكون مخرجا لعزلة الأنفس الشاعرة بتلك التي لا تشعر وكأنهن مجنونات او اصابهن الهجر

    ن٢ :
    سمعت ان نفساً من هذه الأنفس الغارقة عادت الى قواها السابقة والأنفس الشاعرة مجتمعة حولها ويسألنها عن ما حدث لها وهي تجيبهن كلما سألنها

    ن١:
    اذن علينا بلقاءها لعلنا نأت منها بقبس من النار

    ن٣ :
    ولم لا والله انها فرصة كي يُكشفَ لنا المستور

    ( تجتمع انفس ن١، ن٢ و ن٣ ليُلاقين تلك النفس العائدة اليها قواها العقلية فعندما ذهبن اليها فوجدن المئات بل الآلاف من الأنفس الشاعرة مصطفات في المكان على امل اللقاء بها و سؤالها ، ولشدة التزاحم لم تقدر الصديقات الثلاثة الأقتراب من المكان على امل لقاءها و توجيه الأسئلة اليها وكدن يشعرن بخيبة امل.
    من بين تلك الأنفس الللاتي استجوبن النفس العائدة واللاتي تركن المكان بعد ان تزودن بمعلومات منها نفسٌ خرجت من عندها بعد ان انتهت من لقاءها ، فقامت الصديقات الثلاثة اعتراض طريقها وبدأن ينادينها )

    ن١:
    عذرا انا قطعنا الطريق عليك ولكن ما الخطب وكل هذا التزاحم حول تلك النفس ولما بالذات الأصطفاف حولها ؟

    النفس :
    هذه النفس كلها نور و بركة وعادت فائزةً من الأمتحان الثاني فهي لم تكن مجنونة كما كنا نتصور ولم تصب بالهجر هي صحيح كانت معنا ولكنها قالت انها كانت مشغولة بعالم اخر وكانت مبتلية بجسد مادي وهي كانت تديره من هنا وفقدت كل حواسها في عالمنا هذا وانصب كل عملها مشغولة بجسدها المادي في ذلك العالم السفلي الظلماني

    ن١:
    لم افهم ما معنى الجسد المادي فأني لأول مرة اسمع بهذا؟

    النفس :
    ولا انا فهمته فحالي كحالكن فأني مجرد انقل عنها ما هي نقلتْ لنا

    ن٣ :
    وما معنى العالم السفلي الظلماني ؟

    النفس :
    دعنني اذهب فأني لا افهم شيئاً اذهبن واسألنها واستفهمنها

    ن٢ :
    انتظري ايتها النفس لما انت خائفة وقلقة هكذا ؟

    ( كانت النفس تبتعد عن الصديقات الثلاثة و هن ينظرن اليها فألتفتت اليهن قائلة )

    النفس :
    و كيف لا اخاف فأن هذه النفس العائدة ابلغتنا بأننا كلنا سنهبط و تجري علينا ما جرت عليها من ابتلاءات وامتحانات و سنفقد الحواس هنا في عالمنا هذا ولا اعلم هل اعيد نفس نتيجة امتحاني الأول فأني حقا قلقة

    ن١:
    انتظري ايتها النفس كيف انت التقيت بها خلال هذه الزحمة فنحن لنا شوق ورغبة في لقاءها واستفهام بعض الأمور الشائكة علينا

    ( كانت النفس تبتعد عنهن ولكن ارادت ابداء المساعدة لهن فألتفتت اليهن وقالت )

    النفس :
    لن تقدرن لقاء ها وكما ترينن فعليكن حجز موعدا عند تلك النفس في تلك الزاوية البعيدة فهي الوحيدة المجازة في ان تنظم مواعيد اللقاء

    ( تنظر الصديقات الثلاثة الى بعضهن البعض بعد ان استمعن كلام النفس المستجوبة ، فبدأ مسيرهن نحو تلك النفس التي ترتب اللقاءات فوجدن كذلك ازدحاماً عندها وانتظرن ساعات طويلة الى ان التقين بالنفس المرتبة للقاءات. بدأن بالسلام عليها و هي ردت السلام )

    النفس المرتبة :
    وعليكن السلام تقدمي انت من انتِ ؟ حتى اعطيكِ موعداً للقاء

    ن١:
    عذراً لا اريد لنفسي لقاءاً منفرداً فنحن ثلاثتنا نرغب مجتمعة بلقاء واحد

    النفس المرتبة :
    لا بأس

    ( تمنحهن النفس المرتبة للقاءات موعدا محدداً وتعود الصديقات الثلاثة ادراجهن الى حيث ما كنَّ و لم يتركن الجدال عن هذا الحدث الغريب وكانت كل منهن تقترح نوعية الأسئلة التي ممكن توجيهها لها لتعم الفائدة و جمع اكبر معلومة ممكنة من خلال اسئلة مختصرة لكون فرصة اللقاء قصيرة كما حددتها النفس المرتبة )







    المشهد السابع




    ( تجتمع الصديقات الثلاثة على موعد مسبق اتفقن عليه لكي ينطلقن سوية الى النفس العائدة
    اقتربن في مكان تواجدها ولكن لم تُسمح لهن في الدخول لمقابلة النفس العائدة لأنهن حضرن مبكراً قليلاً حيث كانت للنفس العائدة لقاء مع انفس اخرى و اللواتي كنَّ قبل الصديقات الثلاثة في قائمة اللقاء.
    كن خائفات و في قلق شديد والوقت يقترب للقاء النفس العائدة.
    خرجت الأنفس السابقة من عند النفس العائدة وبذلك سُمحتْ لهن بالدخول.
    بعد السلام والترحيب بهن بدأت تلك الأنفس بتوجيه الأسئلة للنفس العائدة )

    ن١:
    لي سؤال حيرني كثيراً

    النفس العائدة :
    بخدمتكن ، اسألن ما بدا لكن

    ن١:
    نحن لنا انفس هنَّ آباء لنا وخُلقنا من ظهورهن ولكنهن غادرن الى عالم آخر وبقي لهن وجود في عالمنا هذا ولكن هذه الأنفس ما كانت تستشعر بنا ولا تستجيب لنا وكانت تصعب علينا معرفة ذلك وكأنهن انفس فيها جنون او هلوسة ولعل انتِ كذلك مررتِ كنفس بهذه التجربة ولكنك عدتِ الآن. كيف قدرتِ ان تعودي ثانية و لما تفقدن كل احاسيسكن في عالمنا هذا ؟

    النفس العائدة :
    هذا السؤال لا يرد عليه الا من جرب تلك الحياة فنحن كيف هبطنا اولا نحن هبطنا من عالم الذر بعد الأمتحان الأول الى عالم نفسي اخر دون عالم النفس في الذر الأول ثم هبطنا مرة اخرى عندما دخلنا رحم جسد مادي في عالم الدنيا وهو عالم ظلماني وانفسنا في عالمنا هذا كانت منشغلة في ادارة شؤون ذلك الجسد الذي ابتلينا به ، و لهذا مُنع عنا كل ما يدور في هذا العالم فأنتن تريننا ونحن لا نراكن لأن كل شغلنا كان منصبٌ حول ادارة ذلك الجسد وما يحيط بذلك الجسد

    ن٢ :
    ما معنى الجسد ؟ لا افهم هذا المصطلح

    النفس العائدة :
    وكيف لي ان اوضحه لكِ فهو من عالم لا تفهمينه. انا اطلب منكن ان تصغين لي وتحفظن الأسماء التي اذكرها ولا تسألن عن هذا!! وما هذا؟ لأني يصعب عليَّ ان ابين كل شيئ ، لكون هذه الأشياء من عالم آخر غير مفهوم وصفه و تبيانه
    فنحن قبل ان نقوم بأي عمل في ذلك العالم المجهول فأننا ندخل رحم امرأة وهذه المرأة مخلوقة حنونة وفيها تجلي رحمة الله فتعتني بنا في بطنها ونحن نكبر الى ان تحين ساعة الولادة والولادة حالة تشبه بثنا من ذراري آباءنا في عالمنا هذا ولكنها ليست بالضبط ، وبعدها نخرج الى ذلك العالم وتسمى الدنيا ثم نكبر ونعمل ونفتن و نتشاجر فيها فهي جملة من الأمتحانات وكلها مجتمعة تعتبر امتحان واحد وهي تشبه امتحاننا هنا عندما استجوبنا ربنا بقوله سبحانه ألست بربكم ؟ واريد ان ازيدكن فبعد خروجنا من رحم امهاتنا فلنا كذلك آباء يعتنون بنا و يربّوننا.
    وعندما ندخل رحم امهاتنا نترككن هنا ولا نشعر بكن ونعود الى عالمنا هذا بعد الموت اي عند فصل النفس عن ذلك الجسد المادي

    ن٣ :
    انتِ قلتِ انكِ دخلت رحم امرأة وما معنى امرأة ؟ وماذا فعلت هناك كل هذه المدة وانتِ قضيتيها فيها؟

    النفس العائدة :
    لا يا حبيبتي كل منا تبقى في رحم امرأة مدة قصيرة ثم نكبر ونخرج من بطنها وهذه الأمرأة تغذينا وتطعمنا وتعطف علينا و الأب في ذلك العالم هو ذكر و الأم هي انثى فيتزوجان و يخلفان ابناءاً. ولا تسألنني كثيراً عن التفاصيل لأن اجوبتي لن تفيدكن لأنكن لن تفهمنها

    ن١:
    يعني الآن والدي اللذان لا يحسان بنا في هذا العالم فهما ليسا مجنونين بل يعيشان حياتهما في عالم آخر

    النفس العائدة :
    نعم وهو كذلك

    ن٢ :
    وما فائدة كل هذا ندخل في جوف امرأة ثم نخرج ثم نكبر؟

    النفس العائدة :
    هبطنا للأمتحان الثاني هل تتذكرون محمد وال محمد صلوات الله عليهم فهم هبطوا هناك كذلك وامتحننا الله سبحانه بهم فمن كان معهم وناصرهم فهو الفائز والذين انكروهم فهم الخاسرون

    ن٣ :
    نحن ثلاثتنا كنا مع ال محمد (ص) و اجبنا ببلى عندما سألنا ربنا ألست بربكم

    النفس العائدة :
    اذن لا تخشين شيئاً ستنجحن ان شاء الله هناك ثانية وستسجدن لخليفة الله كما سجدتن في الذر الأول

    ن١:
    ولما نُمتحن ثانية ما دمنا سننجح و نعود فائزات

    النفس العائدة :
    الله سبحانه وتعالى اراد ان يجعلكن حجة على الأنفس المتمردة الأخرى وليثبت لهن ويحتج عليهن حتى لا يعترضن ويقلن ما كنا نعلم فلقد اضلّتنا آباءنا و اقوامنا عن الحق والأيمان به ، ولكن انتن كذلك ستكون لكن آباء و اقوام يحاولن اضلالكن ولكن ستقفن مع الحق كما وقفتن في المرة الأولى
    واحب ان اقول لكن كان لي ثلاث اصدقاء في ذلك العالم الظلماني احدهم كان يتحدث الكردية و الأثنان الآخران كانا يتحدثان العربية و كانت لهم اسماء يُنادون بها واسمي كان في ذلك العالم خالداً

    ن٣ :
    و ما الكردية و ما هي العربية مصطلحات غريبة

    النفس العائدة :
    هو عالم ظلماني فيها تفاصيل وابتلاءات كثيرة فهناك لغات كثيرة وهناك دول كثيرة واسماء دول مختلفة والناس في غفلة تتشاجر من اجل هذه الأسماء وكل منكن سيكون لكن اسم عندما تهبطن الى ذلك العالم

    ن١:
    امور عجيبة تحدث هناك؟

    النفس العائدة :
    من خلال هذه الأسماء يعرفونكن فممكن اذا كان والدكِ كردياً ان يسميكِ ازاداً واذا كان عربيا وعلى دين مخالف لأهل البيت ان يسميك عمراً وقد يكون شيعيا مواليا لعلي (ع) ولكنه واقفياً قد يسميك مرتضى. وارجو ان لا تسألن كثيراً فغدا ستهبطن وتعرفن الكثير و ما دمتن وفقتن في امتحان الذر الأول فلا يهمكن ان كنتن على دين آباءٍ منحرفين فأنكن في النهاية ستوالين خليفة الله و لا يهمكن ان سموكن ابا بكر او عمراً

    ن٣ :
    ابا بكر و عمر !!! ما هذه الأسماء و ماذا تعني ؟

    ن١:
    انت قلت ان هذه الأنفس الفاقدة لأحاسيسها في عالمنا هذا يعدن الى طبيعتهن و الى حالتهن الأولى بعد الموت ، ما معنى الموت وما هو ؟

    ( تقرع الباب النفس- حاجبة الباب- و تطلب من النفس العائدة تشييع ضيوفها لأنه انتهى وقت المقابلة فهناك جماعة اخرى في الأنتظار وحان وقتهن للدخول )





    المشهد الثامن


    ( يُرزق رزگار بولد أسماه آزاداً وبعد اسابيع اخرى رُزِقَ غسان بطفل ذكرٍ سماه عمراً و عقبه وسيم فرزقه الله بولد سماه مرتضى و في المقابل يحصل هبوط للأنفس ١،٢ و ٣ الى عالم سفلي قبل ان يلد كل من ازاد، عمر و مرتضى بأشهر. في ذلك العالم العلوي تمر الأنفس ١،٢ و ٣ بنفس حالة نفس خالد قبل عودتها حيث يفقدن الحواس من حولهن في ذلك العالم النفسي وهذه الأنفس تنشغل بأجساد ازاد، عمر و مرتضى

    يبقى وسيم و غسان على حالهما السابق دون تغيير، فما زال وسيم ينتظر الأمام المهدي (عج) و غسان غير مكترث ففي عقيدته ان المهدي رجل صالح و غير واجب الأقتداء فلا يهم عنده ان ظهر او لم يظهر.
    اما ما يخص وضعهم الأجتماعي فهم سعداء بتأسيسهم لأُسرٍ تجمعهم و فرحوا بأطفالهم الذي رزقهم الله بهم.

    اما رزگار فيبقى على حاله لا معانداً و لا مؤيداً وينتظر ان كانت نبوءات صديقه الراحل تتحقق حقاً.

    اسس رزگار و صديقيه غسان و وسيم شركة تجارية كانت تدر ارباحاً لا بأس بها لهم ولهذا كانوا كثير السفر في الداخل وكذلك لخارج البلاد.

    ذات مرة سافروا معاً للعاصمة لقضاء مصلحة تجارية بينهم تصدى لهم كمين من الجماعات المسلحة الأرهابية و أسروهم و اخذوهم الى وجهة مجهولة و صادروا اموالهم التي كانت بحوزتهم ، و رغم سعي و بحث قوى الأمن الداخلي الا ان كل المحاولات باءت بالفشل لمعرفة مصيرهم و تركوا خلفهم اطفالا صغاراً يتامى.


    مرت اسابيع ثم اشهر ثم سنون و لا خبر عنهم يصل ولا يُسمع عنهم حسيساً.

    كبر مرتضى، عمر و ازاد واصبحوا اصدقاءاً بفعل كونهم من حي واحد و كون آباءهم المفقودين اصدقاءاً من قبل ، فهم ورثوا علاقات اباءهم و بنوا عليها صداقاتهم الجديدة و ورثوا العمل و ادارة تلك المصلحة التجارية المشتركة منهم كذلك.

    تمر سنون وتكبر الصغار ويحصلون على شهادات جامعية و يؤمنون بأهل البيت الأئمة والمهديين (ع). ويقتدون بأمام زمانهم قائم آل محمد (ص) ويدعون الفرج لآباءهم الأسرى عقب كل صلاة )



    ( تعود نفس رزگار الى حقيقتها في ذلك العالم العلوي ويظهر انه مات بسبب تعذيب الجماعات السلفية المسلحة له.
    تمنت نفس رزگار ان تلتقي بنفس خالد صديقتها التي تركت دار الدنيا قبلها بعد عودتها الى ذلك العالم النفسي.

    هناك تتذكر نفس رزگار امتحانها الأول و وعدها الذي اخذته على نفسها ان تنصر خليفة الله اذا اعطاها الله سبحانه فرصة اخرى للأمتحان وانها ستسعى جاهدةً في تغيير النتيجة.

    كانت نفس رزگار يائسةً محبطةً بعد عودتها و هي ترى انها فرطت في جنب الله وانشغلت بأمور دنيوية تافهة و نسيت ان تنصر خليفة الله وبقيت طويلاً تنتظر و قتلها طول الأمل و لم تُعجِّل في النصرة والبيعة.


    اوقفها ملك فقال لها )

    الملك :
    انتِ يا من كنتِ تُدعين رزگاراً في دار الدنيا علينا نقلك الى مكان آخر

    نفس رزگار :
    ارجو ان تنقلونني الى حيث صديقتي نفس خالد

    الملك :
    لست انا الذي اقرر ان انقلك الى حيث يتواجد نفس خالد، بل عملك هو الذي يقدر ان يفعل هذا، واني لا اجد في عملك ما يؤهلك ان تعيشي مع نفس خالد

    نفس رزگار :
    ايها المَلَك، كنت احب نفسَ خالد وكنت اكُنُّ احتراماً لقائدها قائم آل محمد(ص) فلما لا تأخذونني عندها ارجوكم

    الملك :
    نحن نعرف كل هذا فكل ذلك مكتوب في صحيفة اعمالك ولكنك لم تعلني البيعة لخليفة الله ولم تنصريه وهذه النصرة والبيعة كانتا كفيلتين ان ترفعاك الى سماء نفس خالد ولكنك اطلتِ الأنتظار وكنت ضعيفةً و قليلة الجرئة على نفسك و فشلت في قهر الظلمة التي كانت بداخلك

    نفس رزگار :
    ولكني كنت افضل من نفس غسان و كذلك من نفس وسيم الذي كان يدعي انه يوالي اهل البيت عليهم السلام

    الملك :
    ولهذا ننقلك الى مكان غير مكان نفسي وسيم و غسان فهما في عالمين اسفل منك لأنهما ما آمنتا وكذبتا خليفة الله ، نعم انت نسبياً افضل منهما ولكن لا اعدك بأن تكوني من الفائزات

    نفس رزگار :
    ارجوكم ارجعوني الى دار الدنيا وامتحنوني ثالثة فسأكون مطيعةً لخليفة الله وأعدكم بذلك

    الملك :
    هيهات هيهات فقد قالها خلق كثير قبلك ، فحتى لو شاء الله لك ذلك فلن تتوبي و لن تغيري ما في نفسك فستخوضين الصراعات السياسية الجانبية وتجعلين خليفة الله عندك امراً ثانوياً او اقل من ثانوي

    نعم فهناك امتحان ثالث ولكن لا اظن هذا الأمتحان يشملك

    نفس رزگار :
    ولما لا يشملني !!! ارجوكم سجلوا اسمي في قائمة الممتحنين

    الملك :
    قد ترجع نفس خالد و تمتحن هناك ثالثةً ولا اظنك ترجعين للأمتحان الثالث

    نفس رزگار :
    ولما تمتحن نفس خالد ؟ فهي نجحت مرتين

    الملك :
    الأمتحان الثالث لأولئك الذين محضوا الأيمان محضاً و نفس خالد واحدة من هذه الثلة وكذلك امتحان للذين محضوا الكفر محضاً ويمكن ان تكون نفس غسان من بينهن واالله العالم. اما انت فلا محضتِ الأيمان محضاً ولا الكفر محضاً فكيف تريدين ان ترجعي ؟

    ( تندم نفس رزگار على ما فرطت في جنب الله وتذكرت شهادة صديقتها نفس خالد في عالم الدنيا فتمنت في نفسها انه لو كانت نفس خالدٌ باقية في جسدها في العالم الدنيوي لهدتها الى الطريق المستقيم و انقذتها مما هي فيها ، فرفعت رأسها ونادت الملك قائلةً )ً

    نفس رزگار :
    ايها الملك كادت نفس خالد ان تهديني ولكن لم تكمل معي لأن اولياء ابليس (لع) قتلوا جسدها فبالتالي فارقته فحرموها مني ولو كان جسدها عائشاً لبقيت فيه و لهدتني وانقذتني ، فما ذنبي انا وانا افتقد نفس خالد ولا ترى عيني نور الهداية ؟ أ ليس هذا عذرٌ تقبله مني ؟

    الملك :
    انا عبدٌ مأمور ليس لي الحق ان اقبل اعذارك فأسألي الله تعالى ان يقبل منك هذا! اما كونك افتقدتِ نفس خالد ولم تتسنَّ لها ان تعمل معك وتعطيك المزيد فهذا هو قدرك و قضاء الله فيك و هكذا كان امتحانك في دار الدنيا ، ورغم ذلك فنفس خالد فتحت لك الآفاق امامك ولكنك وقفتِ في وسط الطريق ولم تسعي سعيكِ

    نفس رزگار :
    يا الهي ! في هذا العالم الجديد لا تُقبل الأعذار ولا يعطف احد لحال احد ، كم انا وحيدة يا الهي !


    الملك :
    حان الوقت للرحيل معي الى سماء نفسي تخص من هم على شاكلتك واتمنى من ابنك ازاد ان لا ينساك في دار الدنيا فهو افضل منك لأنه مؤمن بخليفة الله اتمنى ان يدعو لك ليل نهار بالخير و العافية واتمنى من الله ان يجعله لك شفيعاً

    فقالت نفس رزگار وهي تحدث نفسها بصوت بائس حزين ))

    نفس رزگار :
    يا الهي لقد غُلقتْ كل الطرق في وجهي ولم يبقَ لي الا ابني في دار الدنيا فتقبل منه الدعاء واجعله لي شفيعا فأنت ارحم الراحمين

    ( تتجه نفس رزگار نحو المَلَك و هي في حالة احباط ، مكسورة الجناحين ، مطأطئة الرأس ، خائرة القوى و مهويُّة الفؤاد.

    يمسك بها الملك ويقلبها على ظهره و يطير بها بجناحيه الى عالم نفسي فيها انفس لها اعمال تشبه اعمال المذعورة نفس رزگار )



    انتهى


    ملاحظة/

    التعابير المستخدمة في العوالم النفسية هي تعابير دنيوية بحتة والتي لا تتناسب تلك العوالم والأحداث فيها عبرتُ عنها بأسلوب دنيوي بحت وهي لا تناسب عالما نسيناه ويصعب تذكر تفاصيله. والهدف من الحوار هو تحفيزنا لتصحوا نفوسنا الغارقة في امور اكبرناها وهي تافهة في عين الله سبحانه وامور اخرى استصغرناها وهي كبيرة عند الله سبحانه وكل فرد منا سيجد لنفسه موقعا في هذا الحوار القصصي و هو يحفزنا لمراجعة انفسنا قبل فوات الأوان
    والحــــمد للــه رب العالمــــــين



    الثلاثاء 18 اغسطس/اب 2020
    28 ذو الحجة 1441 هـ ق

    ابو سجاد / السويد
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎