بلغ السيل الزبى
بقلم الدكتور عبدالرزاق هاشم الديراوي
بقلم الدكتور عبدالرزاق هاشم الديراوي
أكثر الصور انتشاراً الآن هي تلك التي تُظهر رؤوساً مقطوعة، أو مسدسات مصوبة باتجاه رجال معصوبين ومقيدين، وتتقاطع معها صور المدن المدمرة، وحشود الأطفال والنساء الهاربة من رصاص الموت المجاني.
كل هذه الصور، التي يتم تداولها مقترنة باسم الإسلام، حفرت في الأذهان صورة لهذا الدين النقي تشبه إلى حد بعيد الصورة المرسومة للمغول والتتار، حتى إن هذا التشبيه بات يتردد بوتيرة عالية في الكتابات هذه الأيام.
بطبيعة الحال، الوزر يطال، بالدرجة الأولى، السفيانيين الدواعش، ومن أسس لهم هذا الفهم الهمجي العقيم للإسلام، وهم الوهابيون، ولكن الآخرين ليسوا معفيين من التبعة. فمثل هكذا ظرف تكون فيه هوية الأمة ومقدساتها على المحك مباشرة، لا يكون السكوت وحده علامة على الرضا، ودليلاً على الشراكة الكاملة في الجريمة، وإنما كل المواقف غير الحازمة، وغير الجادة تمام الجدية في التصدي الفكري والمادي للمؤامرة النكراء التي لم يتعرض الإسلام لأخطر، ولا أخبث منها.
المسؤولية تطال علماء الأمة، ومثقفيها، وسياسييها، وكل من يملك كلمة مؤثرة من أبنائها، ولا عذر أبداً لمن يحاول التنصل من المسؤولية إلا الخيانة والتخاذل والجبن. وعلى الجميع فضح المتخاذلين، بشتى الوسائل، والطرق، وكشف أساليبهم في التضليل والخداع، فقد بلغ السيل الزبى، وما عاد في القوس من منزع.