إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

استجابة الدعاء

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • أنصاري 313
    مشرف
    • 04-01-2013
    • 99

    استجابة الدعاء

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد و آل محمد الائمة و المهديين و سلم تسليما كثيرا
    نتطرق إلى موضوع الدعاء و أهمية الدعاء عند أهل البيت (ع) و لماذا لا يستجاب الدعاء في بعض الأحيان
    وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(( البقرة 186
    طالما نسمع ونقول ونكرر لماذا لا يستجاب دعائنا لماذا ندعو ونتوسل و نرجو من الله عز وجل ولا نرى اثرا للاستجابة او ان الاستجابة تتأخر كثيرا والله عز وجل يقول (ادعوني استجب لكم) ويقول (واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان فليستجيبوا لي وليأمنوا بي) ونرى الكثير من الروايات تحث على الدعاء والاكثار منه بل والإلحاح في السؤال لكن يبقى السؤال مطروحا لم لا يستجاب لنا طبعا هذا السؤال احيانا لا يكون له معنى لان الله عز وجل يستجيب لنا في بعض الامور واخرى لا يستجيب لحكمة ما والاسباب كثيرة ولست هنا بصدد الحديث عنها الا اني استقراء معكم الروايات الواردة عن اهل البيت عليهم السلام لنستجلي بعض الاجابات حول هذا التساؤل .
    عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك، إني قد سألت الله حاجة منذ كذا و كذا سنة، و قد دخل قلبي من إبطائها شيء. فقال: «يا أحمد، إياك و الشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك، إن أبا جعفر (صلوات الله عليه) كان يقول: إن المؤمن يسأل الله عز و جل حاجة، فيؤخر عنه تعجيل إجابتها، حبا لصوته و استماع نحيبه». ثم قال: «و الله، ما أخر الله عز و جل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا، خير لهم مما عجل لهم فيها، و أي شيء الدنيا! إن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه، في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة، ليس إذا أعطي فتر، فلا تمل الدعاء، فإنه من الله عز و جل بمكان.و عليك بالصبر، و طلب الحلال، و صلة الرحم، و إياك و مكاشفة الناس، فإنا أهل بيت نصل من قطعنا، و نحسن إلى من أساء إلينا، فنرى- و الله- في ذلك العاقبة الحسنة.إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فأعطي طلب غير الذي سأل، و صغرت النعمة في عينه، فلا يشبع من شيء، و إن كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق التي تجب عليه، و ما يخاف من الفتنة فيها، أخبرني عنك لو أني قلت لك قولا أ كنت تثق به مني؟». فقلت: جعلت فداك، إذا لم أثق بقولك فبمن أثق و أنت حجة الله على خلقه؟ قال: «فكن بالله أوثق، فإنك على موعد من الله عز و جل، أليس الله عز و جل يقول: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ و قال: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ و قال: وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا فكن بالله عز و جل أوثق منك بغيره، و لا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا، فإنه يغفر لكم.
    لماذا لا يستجاب الدعاء بعض الاحيان؟
    قال قومٌ للإمام جعفر الصادق (عليه السلام): ندعو فلا يُستجاب لنا ،قال (عليه السلام): لأنّكم تدعون مَن لا تعرفونه.
    فاذاً أحد الاسباب هي عدم معرفة الله سبحانه و تعالى أو قِلة المعرفة. قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): إنّ الله كره إلحاح الناس بعضهم لبعض في المسألة ، وأحبّ لنفسه ، إنّ الله يحبّ أن يُسأل ويُطلب ما عنده.
    الله سبحانه يحب الانسان المؤمن أن يدعوه و يطلب منه و يلح على ذلك في الدعاء, يعني هناك من الناس من يدعوا مرة او مرتين و يترك الدعاء, و هذا ما لا يريده الله عزّوجل. قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): إنّ العبد الولي لله يدعو الله في الأمر ينوبه ، فيقال للملَك الموكل به : اقض لعبدي حاجته ولا تعجّلها ، فإنّي أشتهي أن أسمع نداءه وصوته وإنّ العبد العدوّ لله ليدعو الله في الأمر ينوبه ، فيقال للملك الموكّل به اقض لعبدي حاجته وعجلها ، فإنّي أكره أن أسمع نداءه وصوته .. فيقول الناس ما أعطي هذا إلاّ لكرامته ، وما مُنع هذا إلاّ لهوانه.
    أما ماذا سيحصل عليه الانسان المؤمن عند دعائه ان لم يستجاب؟
    قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): إنّ الربّ عز وجل ليلي حساب المؤمن ( يوم القيامة ) فيقول الله عز وجل: تعرف هذا الحساب ؟.. فيقول المؤمن : لا يا رب فيقول الله (عز وجل) :دعوتني في ليلة كذا وكذا في كذا وكذا ، فذخرتها لك ، فلمّا يرى من عظمة ثواب الله يقول المؤمن: يا ربّ .. ليت أنّك لم تكن عجّلت لي شيئاً و ادّخرته لي. نرى مدى تأكيد أهل البيت ع على الدعاء و كم كانوا يحثوا شيعتهم لذلك عن النبي (ص) أنه قال : ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء , وأبخل الناس من بخل بالسلام )).
    أما كيفية الدعاء
    عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: آيتان في كتاب الله عز و جل أطلبهما فلا أجدهما. قال: «و ما هما؟» قلت: قول الله عز و جل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فندعوه و لا نرى إجابة! قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟» قلت: لا. قال: «فمم ذلك؟» فقلت: لا أدري.قال: «لكني أخبرك: من أطاع الله عز و جل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه». قلت: و ما جهة الدعاء؟ قال: «تبدأ فتحمد الله، و تذكر نعمه عندك، ثم تشكره، ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم تذكر ذنوبك فتقر بها، ثم تستعيذ منها، فهذا جهة الدعاء». ثم قال: «و ما الآية الاخرى؟». قلت: قول الله عز و جل: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ «6» فإني أنفق و لا أرى خلفا! قال: «افترى الله عز و جل أخلف وعده؟ قلت: لا. قال: «مم ذلك؟» قلت: لا أدري. قال: «لو أن أحدكم اكتسب المال من حله، و أنفقه في ذلك، لم ينفق درهما إلا اخلف عليه» ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من كان له إلى الله حاجة يريد قضاءها، فليصل أربع ركعات بفاتحة الكتاب و الأنعام، و ليقل في صلاته إذا فرغ من القراءة: يا كريم يا كريم يا كريم، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا أعظم من كل عظيم، يا سميع الدعاء يا من لا تغيره الأيام و الليالي، صل على محمد و آل محمد، و ارحم ضعفي، و فقري، و فاقتي، و مسكنتي، فإنك أعلم بها مني، و أنت أعلم بحاجتي، يا من رحم الشيخ يعقوب حين رد عليه يوسف قرة عينه، يا من رحم أيوب بعد حلول بلائه، يا من رحم محمدا (عليه و آله السلام)، و من اليتم آواه، و نصره على جبابرة قريش، و طواغيتها، و أمكنه منهم، يا مغيث يا مغيث يا مغيث. يقوله مرارا، فو الذي نفسي بيده لو دعوت الله بها بعد ما تصلي هذه الصلاة في دبر هذه السورة، ثم سألت الله جميع حوائجك ما بخل عليك، و لأعطاك ذلك إن شاء الله.
    عن امير المؤمنين ع:
    " اعلم ان الذي بيده خزائن السماوات والارض قد امرك بالدعاء ...وتكفل لك الاجابة .وامرك ان تسأله .. فيعطيك .وتسترحمه .. فيرحمك .ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك . ولم يلجأك الى من يشفعك اليه .ولم يمنعك إن اسأت من التوبة ولم يعيرك الانابه "
    وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ* يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ* قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ* قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
    عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما انتهى بهم موسى (ع) إلى الأرض المقدسة، قال لهم: (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) و قد كتب الله لهم (قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ* قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ* قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) فلما أبوا أن يدخلوها حرمها الله عليهم، فتاهوا في أربع فراسخ أربعين سنة يتيهون في الأرض (فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كانوا إذا أمسوا نادى مناديهم: استتموا الرحيل. فيرتحلون بالحداء و الزجر، حتى إذا أسحروا أمر الله الأرض فدارت بهم، فيصبحوا في منزلهم الذي ارتحلوا منه، فيقولون: قد أخطأتم الطريق.
    فمكثوا بهذا أربعين سنة، و نزل عليهم المن و السلوى حتى هلكوا جميعا ( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ) ـ 58 ، ( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُون)، إلا رجلين: يوشع بن نون، و كالب بن يوفنا و أبناؤهم. و كانوا يتيهون في نحو من أربع فراسخ، فإذا أرادوا أن يرتحلوا يبست ثيابهم عليهم و خفافهم- قال- و كان معهم حجر إذا نزلوا ضربه موسى (عليه السلام) بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، لكل سبط عين، فإذا ارتحلوا رجع الماء إلى الحجر، و وضع الحجر على الدابة».
    و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، ثم بدا له فدخلها أبناء الأبناء.
    قبل التيه كان بنو إسرائيل يعيشون في مصر، وأول من استوطن مصر منهم هو يوسف ابن يعقوب عليهما السلام ثم دعا أبويه وإخوته إلى مصر عندما كان وزيرًا بالإجبار لأحد الفراعنة على بيت المال، ومنذ ذاك الحين انتقل إسرائيل أو نبي الله يعقوب بن اسحق بن إبراهيم (ع) وبنيه من حياة البادية - حيث كانوا يرعون بعض المواشي - إلى مصر وحياة المدينة والاستقرار. واستمر بعد ذلك ذرية نبي الله يعقوب يعيشون في مصر ويدعون إلى التوحيد ودين الحق وترك عبادة الأصنام وتأليه الفرعون، وربما كانت هذه الدعوة علنًا حينًا وسرًا حينًا آخر، وكثر عدد بني إسرائيل في مصر.
    والدعوة إلى الحق تصطدم بمصالح حكّام الجور من الفراعنة (ما أشبه اليوم بالبارحة, و كم فرعون يوجد في هذا الزمان و يخشى أن يذهب مكله الباطل بسبب دعوة الحق) فخشي هؤلاء الظلمة ذهاب ملكهم وانتقال الملك الدنيوي إلى الأنبياء العظام من بني إسرائيل؛ ولذلك مارسوا أشد أنواع البطش والإرهاب مع بني إسرائيل فأذلوهم واستضعفوهم وقتلوا أبناءهم ومنعوهم من ممارسة عباداتهم وشعائر الله ( وكذلك يحصل مع أنصار الامام المهدي في بعض البلدان)، وحاولوا بكل طريق طمس تعاليم دين التوحيد وجبر المصريين وبني إسرائيل على الشرك والكفر بالله وبدينه وإطاعة الفرعون وكل ما يأمرهم به من عبادة التماثيل والصور وقتل المؤمنين، ولولا عقيدة الانتظار التي كانت موجودة عند بني إسرائيل التي أوجدتها في نفوسهم بشارة الأنبياء (ع) بالخلف المنتظر الذي سيقضي على فرعون وهامان وجنودهم لما بقي فيهم مؤمن ولما اجتمعوا حول هذا المنقذ عندما جاء، ولكن للأسف كان اجتماع مستضعفين حول قائد سيخلصهم من ظلم طاغوت فحسب، ولم يدركوا أنّ هذا القائد هو نبي عظيم أرسل ليزكيهم ويطهر نفوسهم ويعيد دين التوحيد وتعاليمه التي كادت تندرس.
    وأُرسل موسى (ع) بالآيات والبينات، ولكن فرعون وهامان وجنودهما المترفين في بني إسرائيل أمثال قارون استكبروا واستمروا في غيهم وإيذاء كل من آمن بموسى (ع).
    وبعد هذه المرحلة كان لابد من الهجرة في أرض الله الواسعة، وخرج موسى (ع) وبنو إسرائيل من مصر مهاجرين في سبيل الله، لكن فرعون لم يرق له أن يرى هؤلاء المستضعفين أحرارًا وخارجين عن قبضته وبطشه فتبعهم هو وجنوده، وكان ذلك الموقف والامتحان العظيم، وقف بنو إسرائيل أمامهم البحر وخلفهم بدأ يتراءى جيش فرعون فخافوا وقالوا إنا لمدركون ولم يلتفتوا إلى أنّ الذي قادهم إلى هذا المكان هو نبي عظيم مرسل من الله سبحانه فنبههم (ع) إنهم مهاجرون إلى الله بقوله: (كلّا إن معي ربي سيهدين). فأوحى الله له أن يضرب بعصاه البحر فانشق له البحر؛ لأنّ البحر عبد من عباد الله ولا يملك البحر أن يقف عائقًا أمام هذا العبد المخلص والمتوكل على الله، ولا يملك البحر أن يقف عائقًا أمام هذا السيل الجارف من الإيمان، ولا يملك البحر أن يقف عائقًا أمام موسى (ع) لأنّ موسى إنسان وكل شيء في الأرض خلق لخدمة الإنسان الذي هو أوسع المخلوقات قدرة على معرفة الله، لكنه إذا أطاع الشيطان كان أجهل وأقسى من الحجر وإن من الحجارة لما يتفجر منها الأنهار وإن منها لما يهبط من خشية الله. وكانت هذه المعجزة آخر آية رآها فرعون وجنوده من موسى (ع) ولكن قلوبهم كانت أقسى من الحجارة، فلم يقفوا مبهوتين بل ساروا بين جبلين من الماء ونفوسهم مليئة عنادًا وتكبرًا فاُغرقوا فبعدًا لهم. ونجا بنو إسرائيل وعبروا البحر ووجدوا أنفسهم في صحراء مقفرة بعد أن كانوا يعيشون في وادي النيل الخصب، لكن موسى (ع) جاءهم بالبشارة والأمر الإلهي بالدخول إلى الأرض المقدّسة ووعدهم بالنصر من الله، وكان المفروض بعد كل تلك الآيات والمعجزات التي رأوها في مصر، وبعد أن انشق البحر وأغرق فرعون وجنوده أن لا يتردّدوا بالطاعة، وكان المفروض أن يوقنوا بالنصر، لكنّهم تمرّدوا ورفضوا الدخول إلى الأرض المقدّسة.
    ولعل أهم أسباب هذا الرفض هي:
    1- ضعف إيمانهم بنبوة موسى (ع) ورسالته؛ فكان الكثير منهم يرونه كقائد لا كنبي عظيم، بل إنّ بعضهم تمرّد حتى على قيادته.
    و نرى مع شديد الأسف هناك من الناس ينظرون الى دعوة الامام احمد الحسن (ع) كدعوة حركة حزبية, و الى الامام (ع) كقائد حزبي
    2- ضعف التقوى والخوف من الله؛ حيث أدّى بهم إلى التمرّد والمعصية دون اكتراث.
    3- ضعف النفوس والخوف من الطواغيت والخضوع والاستسلام لهم والأنس بالظلم، وبالتالي ترك الجهاد في سبيل الله.
    4- الاهتمام بالحياة الدنيا أكثر من الآخرة؛ وبالتالي ترسخ حب الدنيا في نفوسهم والتمسك بالحياة بشكل غير طبيعي كما هو حال الكثير من المسلمين اليوم.
    5- انتشار حب الذات بينهم؛ حتى إنّ بعضهم كان يرى نفسه أفضل من موسى وهارون عليهما السلام ولا يقبل قيادتهما له.
    ومما مر نعلم إنّ نفوس بني إسرائيل الذين خرجوا مع موسى (ع) قد انطوت على مساوئ أخلاقية كثيرة، فكان التيه الذي عاقبهم الله به على رفضهم الدخول إلى الأرض المقدسة ضروريًا؛ لتطهير نفوسهم وإعادتهم إلى فطرة التوحيد والخير.
    كما إنّ في سنين التيه الأربعين تربى جيل من بني إسرائيل في الصحراء، وهم أبناء وأحفاد الذين خرجوا مع موسى (ع) لم يكن لهم موطن يستقرون فيه ولا الكثير من زخرف الدنيا يشدّهم لها ويربطهم بأهلها، ولم يكونوا تحت سلطة أي طاغوت يسومهم سوء العذاب ويغرس في نفوسهم الضعف والخوف، فتربوا أحرارًا ومحبين للحرية. ولعل للمعجزات التي كانوا يرونها في التيه أثرًا كبيرًا في تربيتهم تربية روحية وإيمانية عالية. فنشأ في التيه جيل مؤمن قوي وشجاع مؤهل لحمل الرسالة الإلهية ونشرها، ومؤهل لقتال الظلمة والجهاد في سبيل الله ودخول الأرض المقدسة.
    تفسير العياشي: عن الفضل بن أبي قرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أوحى الله إلى إبراهيم أنه سيولد لك فقال لسارة فقالت: " أألد وأنا عجوز " فأوحى الله إليه أنها ستلد ويعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام علي قال: فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحا فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين ومائة سنة. قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا فأما إذ لم تكونوا فان الامر ينتهي إلى منتهاه.
    ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾.
    أخوتي لنرفع أيدينا بالدعاء ألصالح لنطلب ألتوفيق و ألتسديد لنكون مخلصين بين يديه ( صلوات ألله و سلامه عليه و آله)...أللهم زدنا من علومهم و حكمتهم أليمانية... و أجعلنا من ألعاملين ألمخلصين و ألثابتين على عهد الله و عهد رسوله و عهد وليه و حجته ( عليهم ألصلاة و ألسلام ) ...اللهم ارزقنا عافية وليك و حجتك (ع) و حسن عاقبته في الدنيا و ألآخرة ...أللهم أرزقنا صحبته و شفاعته (ع)...أللهم مكن لوليك ( أحمد ألحسن.ع.) و أظهر إعزازه وأهدي ألخلق أجمعين لنصرته و أنصره على ألقوم ألكافرين ...أللهم كن لوليك و حجتك (ألحجة أبن ألحسن) ولياً و حافظاً و قائداً و ناصرا و دليلاً و عينا حتى تسكنه أرضك طوعاً و تمتعه فيها طويلا و أجعله و ذريته من ألأئمة ألوارثين و أجعلنا من أنصاره و أعوانه و أصحابه ألمخلصين ألراضين ألمرضيين ... برحمتك يا أرحم ألراحمين...أستغفر ألله لي ولكم و ألحمد لله رب ألعالمين و صلى ألله على محمد و آل محمد ألأئمة و ألمهديين و سلم تسليماً كثيراً كثيراً كثيرا... لا تنسوا إمامكم ألمعصوم (ع) من صالح دعائكم و لأنصاره ألأسرى في سجون ألظالمين...فألله سميع مجيب..
  • norallaah
    مشرف
    • 15-03-2012
    • 716

    #2
    رد: استجابة الدعاء

    أحسنت.. بارك الله فيك


    " يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء... "

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎