إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الكثرة وخلفاء الله في أرضه

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • الراجي
    عضو جديد
    • 23-11-2008
    • 2

    الكثرة وخلفاء الله في أرضه

    الكثرة وخلفاء الله في أرضه
    لماذا كانت الكثرة هي وصف للمعترضين دائماً ، فلا يبعث الله سبحانه خليفة له في أرضه إلا وكانت الكثرة هي من تعترض عليه ، هل المشكلة في الخلفاء والرسل الإلهيين اعني في أدلتهم وبيناتهم ، أم أن المشكلة تكمن في أمر آخر ؟ وما هو ذلك الأمر ؟
    هذا التساؤل الكبير والخطير هو ما نحاول تسليط الضوء عليه واستشراف الإجابة عنه من رب العالمين تبارك وتعالى بما أوضحه لنا في كتابه الكريم ، فهو شفاء لما في الصدور .
    ولكي تكون الإجابة واضحة جلية لطالبها سيكون الحديث عبر نقاط ثلاث :
    الأولى : كيف تحدث القران الكريم عن الكثرة ؟
    الثانية : لماذا كثرة المعترضين على خلفاء الله عند بعثتهم ؟
    الثالثة : أين تكمن مشكلة الكثرة المعترضة ؟
    وفي الحقيقة أنّ توضيح النقطة الأولى يزودنا مفتاح إجابة النقطة الثانية ؛ باعتبار أنّ معرفة أحوال الكثرة من الناس في كتاب الله وصفاتهم وطبائعهم يتكفل وضع اليد على سرّ كثرة المعترضين على خلفاء الله سبحانه ، أو بالأصح المعترضين على الله سبحانه في اختياره لحججه واصطفائه لهم .

    كيف تحدث القرآن الكريم عن الكثرة ؟
    إنّ معرفة حال الكثرة في الكتاب يمكن استجلائه عبر معرفة الآيات الكريمة التي تحدثت عن هذا الموضوع ، وهي كثيرة جداً ، ولكنا نكتفي باستعراض موجز قراني من آيات الذكر الحكيم يشير إلى تلك الحقيقة ، وكان الاكتفاء بملاحظة مفردات قرنية ثلاث : ( أكثرهم ، كثير ، قليل ) والأمر في الأولتين لمعرفة حال الكثرة واضح ، وأما إضافة المفردة الثالثة فلأجل أنّ من يقابل القلة هم الكثرة ، وبمعرفة القلة ووصفها من قبل الله يعرف حال الكثرة كما لا يخفى ، والأمور تعرف بأضدادها كما يقال .
    على انه عرض موجز لم يكن الهدف منه الاستقصاء بقدر ما كان الغرض فتح نافذةٍ للإجابة على سؤال البحث الأساس : لماذا كثرة المعترضين ؟ وتبرئة ساحة حجج الله وخلفائه وبالتالي انحصار المشكلة لا محالة بالإنسان نفسه المتلقي لحججهم وبيناتهم عند إرسالهم وبعثهم من قبل الله سبحانه .

    · القرآن الكريم و ( أكثر ) الناس :
    إليك حال الناس ( أكثرهم ) بوصف ربهم الرحيم سبحانه لهم :
    1- أكثرهم لا يؤمنون ، قال تعالى : ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ ([1])، وقال: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ([2])، وقال : ﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ([3]).
    2- أكثرهم مشركون ، قال تعالى : ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ ﴾ ([4]).
    3- أكثرهم كافرون ، قال تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ([5]).
    4- أكثرهم للحق كارهون ، قال تعالى : ﴿ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ([6]).
    5- أكثرهم فاسقون ، قال تعالى : ﴿ ... وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ([7])، وقال : ﴿ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾([8]).
    6- أكثرهم كاذبون ، قال تعالى : ﴿ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ([9]).
    7- أكثرهم لا يسمعون ولا يعقلون ، قال تعالى عن عدم سمعهم وتعقلهم : ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ([10]).
    وقال تعالى عن عدم تعقلهم : ﴿ مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ([11])، وقال : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ ([12])، وقال : ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ([13]).
    وقال تعالى عن عدم سمعهم : ﴿ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ([14]).
    8- أكثرهم يجهلون ولا يعلمون ومعرضون ، قال تعالى عن جهلهم : ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾ ([15]).
    وقال تعالى عن عدم علمهم وإعراضهم : ﴿ أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ([16])، وقال : ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ([17])، وقال : ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ ([18])، وقال: ﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ([19]).
    9- أكثرهم يتبعون الظن ، قال تعالى : ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ([20]).
    10- أكثرهم لا يشكرون ، قال تعالى : ﴿ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ ([21])، وقال : ﴿ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ ([22])، وقال : ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ ([23]).
    والخلاصة :
    إن أكثر الناس بنص القرآن الكريم : لا يؤمنون ، ومشركين ، بل كافرين ، وكارهين للحق ، لأنهم فاسقون ، وكاذبون ، ولا يسمعون ولا يعقلون ، ويجهلون ولا يعلمون ، بل معرضون ويتبعون الظن ، ولا يشكرون .
    وما يذهل حقاً حلمه الله سبحانه بخلقه رغم كل ما يصدر منهم ورحمته بهم رغم كل الذي يفعلون .

    · القرآن الكريم و ( كثير ) من الناس :
    على الرغم من أنّ الله سبحانه عفوه كثير ، قال تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ ([24])، وأمر خلقه أن يذكروه سبحانه كثيراً ، قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ([25])، وقال : ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ ([26])، وجعل كلامه سبحانه كله حكمة وجعلها في حججه وخلفائه لما يبعثون ، وفي الحكمة خير كثير ، قال تعالى : ﴿ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴾ ([27])، رغم ذلك كله كان حال الكثير من الناس ما سنسمع عنهم من قبل بارئهم سبحانه وهو يتحدث عنهم في كتابه الكريم :
    1- كثير منهم يفشل في الامتحان ، قال تعالى : ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ ... ([28])، وقال : ﴿ وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ([29]).
    2- كثير منهم يضل ، قال تعالى : ﴿ .. وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ([30])، وقال : ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ ([31])، وقال : ﴿ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً ﴾ ([32])، ﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ([33]).
    وسبب الضلال كما في الآيات الكريمة : الهوى ، الأصنام ([34])، سادة المعترضين الظالمين ، إبليس لعنه الله .
    3- كثير يكفرون ويتولون الذين كفروا ، قال تعالى : ﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ([35])، وقال :﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً ... ﴾ ([36])، وقال : ﴿ تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ([37]).
    4- كثير منهم ، ورهبانهم بالخصوص ، يصدون عن سبيل الله ، قال تعالى : ﴿ فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً ([38])، وقال : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ .. ([39]).
    5- كثير منهم يسارع في الإثم والعدوان ، قال تعالى : ﴿ وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ ([40]).
    6- كثير أذاهم لخلفاء الله سبحانه وللمؤمنين بهم ، قال تعالى : ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ([41]).
    7- كثير منهم مسرفون ، قال تعالى : ﴿ ... وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ([42])، أي مفرّطون بولاية خلفاء الله ورسله عند بعثتهم ومستحلون لحرمتهم ومستبيحين لدمائهم الطاهرة ، فقد روي عن أبي جعفر u: ( المسرفون : هم الذين يستحلون المحارم ، ويسفكون الدماء ) ([43])، وأيّ دماء اطهر من دماء خلفاء الله صلوات الله عليهم أجمعين ، وأيّ محارم أشد حرمةً من الاعتراض عليهم وتكذيبهم والاستهزاء بهم وغيره الكثير مما فعله المعترضون معهم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
    8- كثير منهم فاسقون ، قال تعالى : ﴿ ... وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ([44])، وقال : ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ([45])، وقال : ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ ([46])، وقال : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ([47]).
    9- كثير منهم يغفلون ، قال تعالى : ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ ([48]).
    10- كثير منهم ساء ما يعملون ، قال تعالى : ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ([49]).
    11-كثير منهم ذرئوا لجنهم وحق عليهم العذاب ، قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ ﴾ والسبب أنهم ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ([50]).
    12- كثير بكاؤهم جزاء لفعلهم ، قال تعالى : ﴿ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ([51]).
    13- كثير من نجواهم لا خير فيه ، قال تعالى : ﴿ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً([52]).
    والخلاصة :
    إن كثيراً من الناس : يفشلون في الامتحان ، ويضلون ، ويكفرون ويتولون الذين كفروا ، وهم ورهبانهم يصدون عن سبيل الله ، ويسارعون في الإثم والعدوان ، ويؤذون خلفاء الله والمؤمنين بهم ، ومسرفون في تضييع خلفاء الله في أرضه ، وفاسقون ، وغافلون ، وساء ما كانوا يعملون ، وحق عليهم العذاب ، وكثير بكاؤهم جزاءً لفعلهم ، ولا خير في نجواهم .

    · القرآن الكريم و ( قليل ) من الناس :
    قد بيّن الله سبحانه لخلقه أنهم ما أوتوا من العلم إلا قليل ، قال تعالى : ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ([53])، والذي كان يستدعي منهم أن لا يبادروا إلى الاعتراض ورفض حجة خلفاء الله عند بعثهم مباشرة لأجل الحفاظ على دنياهم ، وكان عليهم التورع خصوصاً إذا ما علموا أنّ متاع الدنيا قليل ، قال تعالى : ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ ([54])، وقال : ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ ([55]). ولكن رغم ذلك كان حال الناس :
    1- قليل من لا يتبع الشيطان ، قال تعالى : ﴿ ... وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ([56])، ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً ([57]).
    2- قليل من لا يتولّون وهم معرضون ، قال تعالى : ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ ﴾ ([58])، وقال : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ([59]).
    3- قليل من يستجيبون ، قال تعالى : ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ... ([60])، وقال : ﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ([61])، وقال : ﴿ ... وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً ([62]).
    4- قليل ما يفقهون ، قال تعالى : ﴿ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً ([63]).
    5- قليل ما يذكرون ، قال تعالى : ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ([64]).
    6- قليل ما يتذكرون ، قال تعالى : ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ([65])، وقال : ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ ([66])، وقال : ﴿ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ([67] )، وقال : ﴿ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ([68]).
    7- قليل من يؤمنون ، قال تعالى : ﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ([69])، وقال : ﴿ ... وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ([70])، وقال : ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ([71])، وقال : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ([72])، وقال : ﴿ .. وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ .. ([73])، وقال: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ ([74]).
    8- قليل هم أنصار خلفاء الله ، قال تعالى حكاية عن قول المعترضين : ﴿ إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ([75]).
    9- قليل ما يشكرون ، قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ([76])، وقال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ([77])، وقال : ﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ ([78])، وقال : ﴿ ... اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ([79])، وقال : ﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ([80]).
    10- قليل هم المقربون ، قال تعالى : ﴿ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ([81]).
    11- قليل هم الناجون ، قال تعالى : ﴿ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ([82]).
    والخلاصة :
    إنّ قليلاً من الناس : لا يتبعون الشيطان ، ولا يتولّون وهم معرضون ، ويستجيبون ، ويفقهون ، ويذكرون ، ويتذكّرون ، ويؤمنون ، فينصرون خلفاء الله ، ويشكرون ، فيكونون من المقربين أو الناجين .
    ويعني بالمقابل أن كثيراً منهم : يتبعون الشيطان ويتولون وهم معرضون ، ولا يستجيبون ولا يفقهون أو يذكرون أو يتذكرون ، ولا يؤمنون أو ينصرون خلفاء الله ، ولا يشكرون ، وبالتالي لا يكونون من المقربين ، أو لا اقل من الناجين .
    ولا أعرف هل لا زال جواب السؤال الثاني حول كثرة المعترضين على خلفاء الله في أرضه لم يتضح بعد كل الذي بينه الله سبحانه عن حال أكثر الناس في كتابه الكريم ؟! ولكن مع هذا سنقف لنجمع صفات أكثر الناس في نقطة واحدة في خلاصة تكون هي جواباً لكل من يخطر في باله هذا السؤال .

    لماذا كثرة المعترضين على خلفاء الله ؟
    في البدء لابد من الإشارة إلى أنّ أصل هذا التساؤل أو الإشكال - كما يحاول البعض تصويره كنقطة ضعف في دعوة خليفة الله السيد احمد الحسن u - فيه ردٌّ والعياذ بالله على الله سبحانه ، وفيه بعدٌ عن كتاب الله سبحانه ، وإلا قد بان حال أكثر الناس من عدم الإيمان والتكذيب والصد عن سبيل الله وغيرها من صفات مرت ، فكيف بعد هذا توقع نصرة الكثرة لخلفاء الله عند بعثتهم ؟!
    وفي الحقيقة أنّ اعتراض أكثر الناس على خلفاء الله لم يكن لقصور أو ضعف - والعياذ بالله - في حجتهم أو لعدم وضوح فيها ، وحاشى لله سبحانه أن تكون دلائل رسله وآياتهم كذلك ، وهو من وصفها بالبينات والآيات كما تقدم ، قال تعالى : ﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾ ([83])، ولا لعدم وضوح البيان ؛ لقوله تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ([84])، فالله سبحانه يرسل الرسول بلسان قومه حتى يبين لهم ويعلمهم ويزكيهم ، وهل ينقض الله (وحاشاه) غايته وهدفه فيرسل رسولاً ضعيف البيان مثلاً والعياذ بالله !!! أبداً والله . إنما الرفض وكثرة الاعتراض على خلفاء الله في أرضه عند إرسالهم في حقيقة الأمر لم يكن إلا لأنّ الكثرة المتكاثرة من الناس قد عرفنا حالهم .
    ولنا بالمقابل أن نسال سؤالاً جوابه فيه : هل نتوقع من ( الناس ) الذين يتصف أكثرهم بما تقدم ذكره من صفات بينها ربهم سبحانه أن يكونوا مؤمنين ومصدقين بخلفاء الله عند بعثهم حتى نستغرب لما نعرف أن المعترضين هم أكثر الناس ؟!! لا والله ، بل الكفر والعجب لما يقال غير ذلك .
    أما الكفر ، فلأنه رد على الله سبحانه أن نقول - بل مجرد أن نتوقع - بكثرة المؤمنين بخلفاء الله من أناس قد بيّن الله حالهم المخزي بأروع بيان ، أليس كذلك ؟
    وأما العجب ، فلأنه هل يعقل لعبدٍ أن يخطر في باله - فضلاً عن أن ينتظر - كثرةً من الناس تؤمن بخلفاء الله في أرضه وعند الله سبحانه أكثرهم لا يؤمنون بل هم كافرون ؟! أو كثرة من الناس تصدقهم وعند الله سبحانه أكثرهم يصدون ويكذبون بل هم فاسقون ؟! أو كثرة تواليهم وتطيعهم ، وعند الله سبحانه أكثرهم للذين كفروا يتولون ولأصنامهم وأهوائهم يعبدون ؟! أو كثرة تنصرهم وتسارع إليهم ، وعند الله سبحانه أكثرهم لا ينصرون وللاثم والعدوان يسارعون ؟! أو كثرة تستجيب لهم وتفقه قولهم وتتذكر بحكمتهم وتعقل آياتهم وتسمع قولهم ، وعند الله سبحانه أكثرهم لا يستجيبون ولا يفقهون ولا يذكرون ولا يتذكرون ولا يسمعون ولا يعقلون ؟! أو كثرة تشكره سبحانه على نعمه التي لا تحصى وتشكرهم لعظيم فضلهم ، وعند الله سبحانه أكثرهم لا يشكرون ؟! أو كثرة تنجح عند الامتحان بهم ومن ثم النجاة وعند الله سبحانه أكثرهم يفشلون ولا ينجحون ولا ينجون وحق عليهم العذاب فهم في جهنم خالدون ؟! أو ... أو ... أو ... مما يستلزم إعادة كل حالهم الذي بينه الله سبحانه في كتابه .
    ولي أن اصف الإجابة بصيغة ثانية كنت قد وعدتُ بها عبر جمع الخلاصة لما تقدم ذكره من حال أكثر الناس في معادلة واضحة وضوح الشمس ، فأقول : إن الكثرة من الناس بنص القرآن الكريم :
    ( لا يؤمنون + مشركون + كافرون + للحق كارهون + فاسقون + كاذبون + لا يسمعون + لا يعقلون + يجهلون ولا يعلمون + لا يستجيبون + لا يفقهون + لا يذكرون + لا يتذكرون + فاسقون + غافلون + يتولون وهم معرضون + للظن يتبعون + لا يشكرون + عند الامتحان بخليفة الله يفشلون + يضلون + للذين كفروا يتولون + للشيطان يتبعون + هم ورهبانهم عن سبيل الله يصدون + في الإثم والعدوان يسارعون + في تضييع خلفاء الله في أرضه مسرفون + ولهم والمؤمنين بهم يؤذون ولا ينصرون + ساء ما كانوا يعملون + لا خير في نجواهم + حق عليهم العذاب + كثير بكاؤهم جزاءً بما كانوا يعملون + من المقربين لا يكونون + لا ينجون ) = ( كثرة المعترضين على الله في خلفائه ) .
    عندها : ليس غريباً أن نرى روايات الطاهرين تصف أنصار القائم u بأنهم كالملح في الزاد وكالكحل في العين ، والحمد لله رب العالمين .
    أما أين تكمن مشكلتهم وهم يعترضون على خلفاء الله في أرضه ، فهو ما سنعرضه الآن .

    ما هي المشكلة المؤدية إلى اعتراض الكثرة على خلفاء الله ؟
    يقول السيد احمد الحسن u في بيان ذلك : ( إذا عرفت سبب الامتحان الأول تستطيع الإجابة على هذا السؤال : إظهار ( أنا ) المخلوق بشكل جلي يعاقب عليه ، أي انه طالما استبطن مواجهة ربه بـ ( أنا ) ، فالآن تجلى له في خليفة ليقول أنا خير منه ، ولم يكن ليجرأ على النطق بها أمام الله القهار ، ولكنه كان ينطق بها في كل آن بنظره المنصبّ على نفسه ، أولئك الذين لا يكادون يرون أيديهم ، أعمتهم الأنا ، فهم كل همهم أنفسهم وما يلائمها وتجنب ما ينافيها ظاهراً .
    الآن ، تجلى لهم الذي خلقهم في خليفته ليظهر على الملأ ما انطوت عليه أنفسهم الخبيثة من إنكار له سبحانه ولفضله . ولو قربت لك الصورة أكثر في مثل مادي : فحالهم كمن ركز نظره على نفسه وهو يواجه ربه دون أن ينطق أو يقول : أنا خير ممن خلقني ، أو أن يقول : نفسي أهم عندي ممن خلقني ، ولكن حاله ونظره المنصبّ على نفسه ينطق بهذا . الآن امتحنه الذي خلقه بمثله - ظاهراً - إنسان فمباشرة نطق بما انطوت عليه نفسه فقالها جهاراً دون حياء : أنا خير منه ) .
    إنها ( الأنا ) إذن ، داء إبليس لعنه الله والذي صدّه ومنعه عن السجود لخليفة الله في أرضه آدم u لما أمره الله وامتحنه بالسجود له ، وهو الداء الذي ابتلى به كل من سولت له نفسه الاعتراض على خلفاء الله في أرضه الذين جاءوا بعد ادم u وإلى يومنا هذا وما سيأتي .
    ( الأنا ) التي تتشكل بصورة حسد وتكبر في نفس المعترض ، حسداً لما خص الله به خلفائه ، وتكبراً على إرادة الله سبحانه في خلفائه .
    ( الأنا ) التي تدعو صاحبها إلى الانتصار لها دوماً ، فتدعوه إلى الاستهزاء والسخرية والرفض والاعتراض والاحتجاج بالباطل واقتراح الرسل وبما يأتي به المرسلون وغير ذلك مما تقدم في فصل سنن المعترضين ، بل تدعوه إلى طلب العذاب والخلود في جهنم على أن تذعن لخليفة الله وتنصاع لأمره .
    وهي نفسها ( الأنا ) اليوم التي تقود نفوس أصحابها من أهل الاعتراض على خليفة الله وداعيه احمد الحسن u ، ولذا كم خاطبهم روحي فداه : ( لا يعديكم إبليس بدائه ولا يستجلبكم بندائه ) ، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً ، فقد ماتت القلوب ولم يعودوا يبصرون أو يسمعون أو يعقلون أو يفقهون أو يذكرون أو يتذكرون ، سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجدوا لسنة الله تبديلاً .. ولن تجدوا لسنة الله تحويلاً ، والله غالب على أمره ولو كره المعترضون .
    الراجي

    [1]- البقرة : 100.

    [2]- الشعراء : 8 ، 67 ، 103 ، 121 ، 139 ، 151 ، 174 ، 190.

    [3]- يس : 7.

    [4]- الروم : 42.

    [5]- النحل : 83.

    [6]- المؤمنون : 70.

    [7]- آل عمران : 110.

    [8]- الأعراف : 102

    [9] - الشعراء : 223.

    [10]- الفرقان : 44.

    [11]- المائدة : 103.

    [12]- الحجرات : 4.

    [13]- العنكبوت : 63.

    [14]- فصلت : 4.

    [15]- الأنعام : 111.

    [16]- يونس : 55.

    [17]- النحل : 101.

    [18]- الأنبياء : 24.

    [19]- الأنعام : 37.

    [20]- يونس : 36.

    [21]- الأعراف : 17.

    [22]- يونس : 60.

    [23]- النمل : 73.

    [24] - الشورى : 30.

    [25]- الأحزاب : 41.

    [26]- الجمعة : 10.

    [27]- البقرة : 269.

    [28]- البقرة : 249.

    [29]- المائدة : 71.

    [30]- الأنعام : 119.

    [31]- إبراهيم : 36.

    [32]- نوح : 24.

    [33]- يس : 62.

    [34]- وهو بمفهومه عند أهل البيت ع يشمل كل من يطاع من دون الله ، ومنه طاعة علماء السوء في تحريم حلال الله وتحليل حرامه ، فان إطاعة الأتباع لهم - والحال هذه - يعني اتخاذهم أرباباً وأصناماً يعبدون من دون الله .

    [35]- الروم : 8.

    [36] - المائدة : 64.

    [37] - المائدة : 80.

    [38]- النساء : 160.

    [39]- التوبة : 34.

    [40]- المائدة : 62.

    [41]- آل عمران : 186.

    [42]- المائدة : 32.

    [43] - البرهان : ج2 ص170.

    [44]- المائدة : 49.

    [45]- المائدة : 81.

    [46]- الحديد : 16.

    [47]- الحديد : 26.

    [48]- يونس : 92.

    [49] - المائدة : 66.

    [50]- الأعراف : 179.

    [51]- التوبة : 82.

    [52] - النساء : 114.

    [53] - الإسراء : 85.

    [54]- آل عمران : 197.

    [55]- المرسلات : 46.

    [56]- النساء : 83.

    [57]- الإسراء : 62.

    [58]- البقرة : 83.

    [59] - البقرة : 246.

    [60]- النساء : 66.

    [61]- الأنفال : 26.

    [62]- الأحزاب : 20.

    [63]- الفتح : 15.

    [64]- النساء : 142.

    [65]- النمل : 62.

    [66]- غافر : 58.

    [67]- الحاقة : 42.

    [68]- الأعراف : 3.

    [69]- البقرة : 88.

    [70]- النساء : 46.

    [71]- النساء : 155.

    [72]- هود : 40.

    [73]- ص : 24.

    [74]- الحاقة : 41.

    [75]- الشعراء : 54.

    [76]- الأعراف : 10.

    [77]- المؤمنون : 78.

    [78]- السجدة : 9.

    [79]- سبأ : 13.

    [80]- الملك : 23.

    [81]- الواقعة : 14.

    [82]- هود : 116.

    [83] - آل عمران : 184.

    [84] - إبراهيم : 4.
  • أبو حسين
    عضو جديد
    • 28-01-2009
    • 16

    #2
    رد: الكثرة وخلفاء الله في أرضه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمدلله رب العالمين
    والصلاة على محمد و ال محمد الائمه و المهديين و سلم تسليما
    احسنت اخي الراجي على هذا الموضوع القوي و الشيق بالحقيقه و ننتظر منك مثل هذه المواضيع
    وجعلنا الله و اياك من الناصرين ليماني ال محمد عليهم السلام
    والصلاة على محمد و ال محمد الائمه و المهديين و سلم تسليما

    Comment

    • نجمة الجدي
      مدير متابعة وتنشيط
      • 25-09-2008
      • 5278

      #3
      رد: الكثرة وخلفاء الله في أرضه

      اللهم صل على محمد و ال محمد الائمه و المهديين و سلم تسليما
      قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار

      Comment

      Working...
      X
      😀
      🥰
      🤢
      😎
      😡
      👍
      👎