إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الشورى في المـــــيزان - الحلقة الثامنة

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    الشورى في المـــــيزان - الحلقة الثامنة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما

    شبهات وردود:
    الشبهة الأولى: جاء في الدر المنثور: وأخرج الخطيب في رواة مالك عن علي رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله الامر ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرآن ولم يسمع منك فيه شئ قال اجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد. ([1]).
    الجواب:
    أولاً: أن هذا النص لم يرد في مصادر الحديث المعتمدة، فقد قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يعرف من حديث مالك إلاّ بهذا الإسناد ولا أصل له في حديث مالك عندهم ولا في حديث غيره وإبراهيم وسليمان ليسا بالقويين ولا يحتج بهما.
    قلت: وقال الدار قطني في غرائب مالك لا يصح، تفرد به إبراهيم بن أبي الفياض عن سليمان ومن دون مالك ضعيف وساقه الخطيب في كتاب الرواة عن مالك من طريق إبراهيم عن سليمان وقال: لا يثبت عن مالك والله أعلم ([2]).
    ثانياً: على فرض صحته فهو يتكلم عن أمر لم ينزل فيه قرآن ولم يرد فيه شيء عنه (ص)، مما قد يستجد بعده من أمور لم يكن لها موضوع، أو ضرورة تدعوه لطرقها وتقديم الإرشاد فيها، وهذا موضوع عام لسائر مستجدات الحياة المدنية والاجتماعية والتنظيمية.
    ثالثاً: النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيّن الجهة التي تتولى مهام القيادة، وتقع عليها مسؤولية الحكم: ( اجمعوا له العابد من أمتي ) فهناك جهة مسؤولة هي التي تتولى مهمة جمع الصالحين من المؤمنين للمشاورة.
    فمن هو العابد من أمته الذي ارجع الناس إليه ؟ أليس هم أهل بيته الذين أمرنا بإتباعهم والاقتداء بهم وأنهم مع القرآن ولا يفترقان.
    الشبهة الثانية: روى الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام، عنه (ع) بإسناده عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( من جاءكم يريد أن يفرق الجماعة ويغصب الأمة أمرها ويتولى من غير مشورة فاقتلوه ، فإن الله قد أذن ذلك ) ([3]).
    الجواب:
    أولاً: إنّ هذا النص ربما يشير إلى واقع خارجي سيحصل بعد النبي (ص)، فيكون ردعاً عمّا سيجري من اغتصاب الخلافة الذي أدى لتفريق الأمة عن الطريق الذي خطه لها النبي (ص).
    ثانياً: أن النص ناظر إلى المشورة في أعمال الولاية لتطيب نفوس المسلمين بسبب استشارتهم ولم يأتي لتشريع أصل الولاية، فيكون بمفاد قوله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ ([4]).
    والتي فيها الشورى لتطييب نفوسهم في بعض الأعمال لا في أصل تنصيب الخليفة.
    ولقد وجه الرواية المتقدمة الشيخ ناظم العقيلي زاده الله توفيقاً بما حاصله:
    والجواب على هذا الإشكال يكون من عدّة وجوه:
    الوجه الأول: عندنا في هذه الرواية بعض الكلمات لابد من الوقوف على معانيها لكي يتضح لنا معنى الرواية:
    1 – ( الجماعة ) المراد من الجماعة هنا جماعة أمة الرسول محمد (ص)، وأكيد المراد بجماعة أمة محمد هي جماعة الحق لا الجماعات الضالة، لأن الخبر المشهور يقول بأن أمة محمد (ص) ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة واحدة ناجية والبقية في النار، إذن المراد بالجماعة هي جماعة الحق لا غير.
    وهل جماعة الحق تعرف بالحق أم بالكثرة، لا ريب أن الكثرة لا يمكن أن تكون هي ملاك الحق، فهذا ينكره القرآن والسنة والوجدان كما هو حاصل في دعوات الأنبياء والمرسلين (ع).
    وقد روي: عن ابن مسعود: ( … الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 46 ص 409.
    وأيضاً عن ابن مسعود بلفظ: ( … الجماعة ما وافق طاعة ، وإن كنت وحدك ) نفس المصدر السابق.
    وأيضاً عن ابن مسعود بلفظ: ( … إن الجماعة ما وافق طاعة الله عز وجل ) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 46 ص410.
    وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن جماعة أمته، فقال: جماعة أمتي أهل الحق وإن قلوا ) معاني الأخبار ص 154.
    وعن عاصم ابن حميد رفعه قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أخبرني عن السنة والبدعة وعن الجماعة وعن الفرقة ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ( السنة ما سن رسول الله صلى الله عليه وآله ، و البدعة ما أحدث من بعده ، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلا ، والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيرا ) معاني الأخبار ص 154 – 155.
    وعن سليم بن قيس العامري قال : سال ابن الكوا عليا عن السنة والبدعة وعن الجماعة والفرقة فقال: ( يا ابن الكوا حفظت المسألة فافهم الجواب السنة والله سنه محمد صلى الله عليه وسلم والبدعة ما فارقها والجماعة والله مجامعة أهل الحق وان قلوا والفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا ) كنز العمال للمتقي الهندي ج1 ص378 ح1644 / كتاب سليم بن قيس ص 484.
    وجماعة أمة محمد المحقة في عقيدة أهل البيت (ع) هم أهل الولاية في كل زمان، ومنه نعرف أن رواية الإمام الرضا (ع) أجنبية تماماً عن تشريع جماعة غير التي تؤمن بأن الحاكمية لله وان الإمام والخليفة منصب من الله تعالى لا غير.
    وان قلت ما معنى قوله ( من غير مشورة ) فهل الخلافة فيها شورى حتى يقيد الإمام قتل المتعدي إذا كان بدون مشورة .. فهل بمشورة يجوز ؟!
    أقول: سيتضح الجواب عند الكلام عن ( أمر الأمة ) ما هو .. فتأمل.
    2 – ( أمر الأمة ) … قد اتضح في إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) بأن الخلافة الإلهية والإمامة ليست من أمر الناس ولا دخل للناس في تحديد أو تشخيص مصاديقها، وإن الخلافة والإمامة غير قابلة للاغتصاب لأنها صفة جعلها الله لأوليائه المصطفين .. نعم يمكن غصب منصب قيادة الناس بالغلبة في الواقع الخارجي .. كما كان في زمن الأنبياء (ع)، وهذا لا يعني أن المغتصب قد غصب مقام الخلافة أو الإمامة .. بل انتحله .. أي أزاح أهله الحق عن ممارسة مهامهم فعلياً ووضع نفسه مكانهم.
    فيكون المعنى لـ ( ويغصب الأمة أمرها ) أي يتلسط بالقوة وبالمكر على قيادة الناس وتولي أمورهم سواء في بلد معين أو في كل البلاد .. ومن المعلوم أن تولي أمور الأمة العامة من مهام الخليفة والإمام .. وله أن يباشرها بنفسه أو يعين من يباشرها أو حتى يوكل تعيين من يباشرها إلى الأمة أو إلى كل أهل بلد يختارون من يباشر أمورهم .. وطبعاً هذا باستثناء أمر التشريع فهو مختص بالإمام حصراً وبقية الأمة لا يسعها إلا أن تكون متبعة ومبلغة عن الإمام المعصوم.
    فلا يجوز لأحد أن يمارس مباشرة أمر الأمة إلا بعد مشاورة الإمام أو من فوَّضه الإمام للمشاورة سواء كان فرداً أو مجموعة، وطبعاً تبقى نتيجة المشاورة مرهونة بموافقة الإمام أو رفضه.
    ولا يخفى أن الولايات مثلاً في زمن أمير المؤمنين كانت راجعة إلى تعيين أمير المؤمنين (ع)، فهو من ينصب أو يعزل الولاة الذين يباشرون أمر الأمة في كل بلد.
    فمن جاء يريد أن يباشر ولاية بلد معين أو كل البلاد من دون مشورة وأخذ الأذن من الخليفة والإمام الشرعي فيجب قتله إن لم ينته ويرتدع .. ولا يخفى أن المتطفلين على الولايات يتسببون في شق عصا الأمة بحيث يصبح كل بلد تحت قيادة شخص مارق يذهب به حسب هواه ورغباته الشاذة .. فتكون الأمة طوائف متناحرة وقد يصل الأمر إلى التقاتل فيما بينها.
    إذن فـ ( أمر الأمة ) ليس مقام الخلافة والإمامة .. بل هو ما يرجع إليهم من إدارة أمورهم سواء كانت الاقتصادية أو السياسية أو حتى القضاء وفض الخصومات وغير ذلك من المهام التي يمارسها الولاة المنصبون من الخليفة والإمام الشرعي.
    فإن قلت بأن ( المشورة ) المراد بها مشورة الأمة فيما بينها لا مشورة الإمام أو الخليفة !
    أقول: المشورة هنا في الرواية جاءت منكرّة ولم تضاف لا إلى الجماعة ولا إلى الأمة .. وعقيدة أهل البيت (ع) أنه لا ولاية لأحد على أحد، إلا بإذن الله تعالى وإذن من خوَّل الله لهم ذلك .. فلا يمكن تصور أن الإمام الرضا (ع) في مقام تشريع الولاية إلى الأمة وإن لها أن تختار من تشاء .. فالإمام الرضا عقيدته هي عينها عقيدة أجداده وهي عينها دين الله الحق.

    [1]- الدر المنثور:ج6/ص10، تفسير الآلوسي:ج25/ص46.
    [2]- لسان الميزان – ابن حجر – ج 3 – ص 78.
    [3]- عيون أخبار الرضا ع:ج1/ص67.
    [4]- آل عمران:159.


    ( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 28 – السنة الثانية – بتاريخ 1-2-2011 م – 27 صفر 1432 هـ.ق)



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎