إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

عبر من معركة صفين وجيش الامام علي (عليه السلام)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    عبر من معركة صفين وجيش الامام علي (عليه السلام)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد و آل محمد الأئمة و المهديين و سلم تسليماً


    ويلتقي الجيشان في صفين!..

    ويُنظّم الإمام عليه السّلام جيشه، فيسند قيادة الخيّالة إلى مالك الأشتر، أما الرجّالة فعليهم عمار بن ياسر. وتبدأ المعركة بالمبارزة، يُقتلُ فيها الفارس.. وتتطور إلى مناوشاتٍ يُقتلُ فيها بضعُ عشراتٍ من الجنود.. وتنتهي بالتحاماتٍ، تتقصّف فيها رماح، وتتكسّر سيوفّ..
    وتبلغ المعركة أوجَها « ليلة الهرير »: الأشتر في الميمنة، وعبدالله بن عباس في الميسرة، وفي القلب علي أميرالمؤمنين عليه السّلام.. وكانت ليلةً طحنت من الفرسان آلافاً!.. وقد بلغ فيها القتلُ والقتالُ ذُرويتهما. أما النتيجة فسجال، إذ لا منتصرٌ ولا منهزمٌ!.
    ولا يقبل الأشتر ذلك، أو يرضى به، فيطلب إليه فرسان قبيلته بني مذحج، فيأتونه ملبّين..
    ويصيح فيهم: «
    كيف ذلك ؟! وأنتم أبناءُ الحرب، وأصحابُ الغارات، وفتيانُ الصياح، وفرسان الطِراد، وحتوفُ الأقران! والَّذي نفسي بيده، ما من هؤلاء ( وأشار إلى أهل الشام) رجلٌ على مثل جناح بعوضةٍ من دِين!
    »
    ويكرُّ.. ويكرون، فلم يقصد كتيبةً إلا كشفها ( أي: هزمها ) ولا جمعاً إلاّ حازه، وما زال ذلك دأبُه حتّى أوشك أن يصل إلى السرادق الذي فيه معاويةُ وعمرو بن العاص!.. ودعا معاوية بفرسه فركبها، يطلبُ لنفسه النجاة، ثم طأطأ برأسه قليلاً، يفكرُ، ولمح وزيرَه عمرو بن العاص يرميه بنظراتٍ حِداد، فيها من المعاني ما فيها!
    فترجّل عن الفرس وعاد..
    عند ذلك قال عمرو: اليوم صبر، وغداً فخر!..
    وعند ارتفاع ضحى الجمعة، يترجّلُ الأشتر عن صهوة جواده، ويزحف بأصحابه نحو الأعداءِ زحفاً شاقاً، بطيئاً، وكأنه يخوض في غابةٍ من السلاح. فأهل الشام مستميتون دفاعاً. ويشجع الأشتر أصحابه بقوله: إزحفوا قيد هذا الرمح. ويتم له ذلك.
    ثم يقول: إزحفوا قيد هذا القوس.
    فإن فعلوا سألهم مثل ذلك!.
    ويضيق مالك بذلك ذرعاً، وكذلك أصحابه يضيقون، إنّ حرباً بطيئة كهذه لَتُزلزل الأعصاب!. فيعتلي جواده، ويصيح بمن حوله
    :
    ـ
    « من يشتري نفسه ويقاتل مع الأشتر ؟ »
    فاجتمع له خلقٌ كثير، وسلَّم الراية لحيَّان النخعي، وصاح:
    ـ
    « شدوا شدَّةً، فدىً لكم خالي وعمي.. تُرضون بها الربّ. وتعزّون بها الدِّين.

    ثم نزل، وضرب وجه دابته، وقال لصاحب رايته: أقْدِم بها.
    وحمل على القوم يقاتل كالأسد الهصور. فلمّا رأى الإمام عليٌّ عليه السّلام تقدّمَه أمدَّه بالرجال، فتقدم بهم، لا يثنيه شيء..
    ولاح النصر إلى جانب علي عليه السّلام وأصحابه..
    وبان الانكسار في معسكر أهل الشام، وارتسمت على وجوههم علائم الخذلان المبين!
    وإذا بالمصاحف، يرفعها أهل الشام على أسنّة رماحهم، قائلين:
    ـ هذا كتاب الله بيننا وبينكم!..
    فتتوقف فئة من جيش الإمام عن القتال، يطلبون من الإمام وقف القتال، فكيف يقاتلون من يطالبهم بالاحتكام إلى القرآن، والنزول على أحكامه ؟!
    فيجيبهم أميرالمؤمنين علي عليه السّلام: إنّها كلمةُ حق يُراد بها باطل.


    ويأمرهم بمواصلة القتال حتى النصر أو الشهادة، وها هو الأشتر يوغلُ في صفوف الأعداء قُدُماً، فيمزقهم تمزيقاً، ويزيحهم عن مواقعهم،
    فيتراجعون القهقرى!
    ويصرون على إيقاف القتال،
    وعلى دعوة الأشتر للكف عن متابعة الزّحف.
    وينقسم عسكر الإمام،
    وتدُبُّ الفتنةُ بين صفوفه.




    فخيار الجند، وأكثرهم صلاةً، وأشدهم عبادةً، قد تمردوا على إمامهم، في أشد الساعات حرجاً..
    فياله من جيش، كل فردٍ فيه قائد!


    ولا يجدُ أميرالمؤمنين بُداً من الطلب إلى الأشتر بالعودة.
    ويرسل إليه، أمام القوم، رسولاً يحمل إليه طلبه، بالعودةِ والكف عن متابعة الزحف. ويُفاجأ الأشتر بذلك. فيتباطأ!..
    ثم يرسل له رسولاً آخر يقول له: « أقبل إليَّ فإنَّ الفتنة قد وقعت ».
    ويرى الأشتر بأن مكيدة الأعداء قد انطلت على أصحابه، وإنها لفعلة عمرو بن العاص الداهية. فيقول للرسول الذي أنصت ينتظر جواباً:
    ـ « ألا ترى إلى الفتح ؟! ألا ترى ماذا يلقون ؟!
    وعندما علم بأن الإمام أصبح بين يدي المتمردين من جيشهِ كالرهينة، عاد إليه على عجلٍ. ويُقبلُ الأشتر، فإذا بالقوم مجتمعون حول الإمام..
    وبعينين تقدحان شرراً، ينظر إلى هؤلاء الخارجين على أرادة إمامهم ورأيه، وقد فرضوا رأيهم عليه فرضاً، ويدورُ بينه وبينهم هذا الحوارُ الملتهب:
    الأشتر: يا أهل العراق، يا أهل الذل والوهن.. أحِينَ علوتُم القوم، وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها.. وهم والله قد تركوا ما أمر الله به، فيها، وسنّة من أنزلت عليه، فأمهلوني فُواقاً ( وهي المدة ما بين حلب الناقة وحلبها ثانية. إنها في حدود الساعتين تقريباً )، فإنّي قد أحسست بالفتح!..
    الخارجون: لا.
    الأشتر: أمهلوني عَدْوَ الفرس، فإني قد طمعتُ بالنصر!.
    الخارجون: إذن ندخل معك في خطيئتك.
    الأشتر: خبّروني عنكم، متى كنتم محقين؟! أحين تقاتلون وخياركم يُقتَلون، فأنتم الآن إذا أمسكتم عن القتال مبطلون، أم أنتم الآن محقون وقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم، وهم خيرٌ منكم، في النار؟!
    الخارجون: دعنا منك يا أشتر!. قاتلناهم لله، وندعُ قتالهم لله!
    الأشتر: يا أصحاب الجباه السود!.. كنا نظنُّ صلاتكم زهادةً في الدنيا، وشوقاً إلى لقاء الله، فلا أرى مرادكم إلا الدنيا!.. ألا قبحاً يا أصحاب النيب الجلاّلة، ما أنتم برائين بعدها عزاً أبداً. فابعدوا كما بَعُد القوم الظالمون! ويغلظ لهم قولاً! فتثور ثائرتهم للاذع القول، وكأنه طعن المُدي!. فيسبّونه!.
    ويضرب وجوه دوابهم.. ويضربون وجه دابته!.
    ويتملئ صدر الإمام علي عليه السّلام غماً وهماً وهو يشهد رجاله ينقلبون عليه يتمردون. ويشفق من فتنةٍ تثور في عسكره، فتأتي على البقية الباقية منه.. إنّه لا يدري ماذا يفعل، وقد أُوقع في يده، فاعتراه حزن ثقيل مظلم، فلا رأي لمن لا يطاع!..
    وكالبركان انفجر في وجوههم، وهو يتميز غيظاً وحنقاً:
    ـ كُفُّوا!..
    فكفوا!..
    تُرى، هل دار في خَلَدِ أحدٍ من هؤلاء المتمردين على إمامهم، والخارجين عن طاعته بأنهم هم « الخوارج » المارقون، الذين قيل فيهم أنهم « كلاب أهل النار »؟!
    ويتم التحكيم.. إنِ الحُكمُ إلا لله!
    ويختار أهل الشام عمرو بن العاص ممثلاً لهم.
    ويكون الإلحاح على الإمام علي عليه السّلام على القبول بأبي موسى الأشعري حَكَماً من طرفه.
    وتُكتبُ بذلك صحيفةٌ، تهافتوا على التوقيع عليها،


    وعندما دُعي مالك الأشتر للتوقيع عليها، شاهداً، قال:

    لا صحبتني يميني، ولا نفعتني شمالي، إن خُطّ لي في هذه الصحيفة اسم على صلحٍ و موادعةٍ.
    أوَ لست على بينة من ضلال عدوي؟! أو لستم قد رأيتم الظفر؟!
    ويبتسم أميرالمؤمنين ابتسامة إعجابٍ واعتزاز لقولٍ يصدر عن رجلٍ لا كالرجال العاديّين!!!!!!

    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎