إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

آل محمد(ص) يوصون بالإجمال في الطلب؛ لماذا؟!

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • norallaah
    مشرف
    • 15-03-2012
    • 719

    آل محمد(ص) يوصون بالإجمال في الطلب؛ لماذا؟!





    بقلم الاستاذ :: زكي الصبيحاوي على صفحته الرسمية بالفيسبوك
    ‎الاستاذ زكي الصبيحاوي‎. 3,377 likes. ‎صفحة رسمية يكتب فيها الاستاذ زكي الصبيحاوي‎

    ---------------------------
    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا،
    السلام عليكم أخوتي الأكارم ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله طاعاتكم وعملكم في هذا الشهر العظيم.
    ومبارك عليكم الولادة المباركة التي مرت علينا مناسبتها الشريفة، ولادة رابع أصحاب الكساء الإمام الهمام أبي محمد الحسن بن علي ابن أبي طالب(ص)، وجعل الله سبحانه هذه الأيام الشريفة القدر ايام فرج وتمكين لقائم آل محمد(ص) ... اللهم آمين.

    آل محمد(ص) يوصون بالإجمال في الطلب؛ لماذا؟!

    في هذه المقالة أحاور نفسي التي هي لا أظنها تختلف عن أنفسكم فالمشتركات بيننا كثير، وأتساءل لماذا هذه الوصية؟ مع الالتفات إلى أن هنا الإجمال في الطلب المعني به طلب الرزق الدنيوي، ويشغلني قول الله سبحانه{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}(طه/50)،
    فأقول: الذي أعطى كل شيء هل يمكن أن يستثني من العطاء أهون شيء وهو الرزق الدنيوي؟!
    يأتيني الجواب: هذا لا يفعله من كان الكرم والغنى والحلم صفته، فكيف الحال بمن يوصف بأنه الرب المربوب به والإله المألوه إليه؟!

    ولنسأل أنفسنا: ما معنى الإجمال في الطلب؟ الإجمال هو خلاف الاستقصاء، بمعنى أن لا تبحث عن كل شاردة وواردة في مسألة الرزق ولا تحرص على ذلك حرصا شديدا، لماذا؟ لأن النتائج المترتبة على ذلك خطيرة جدا بلا مبالغة!! ومن تلك النتائج على سبيل المثال لا الحصر:


    أولا: سيحتل الطلب مساحة فكرك كله وبوقت قياسي لمجرد أنك التفت إلى التفكير بطلب الرزق، لأن التفكير في هذا الموضوع سيفتح آفاقا تبدأ ولا تكاد تنتهي، وهنا الطامة؛ فمساحة التفكير جعلها الله سبحانه في النفس لتكون ساحة تعبد له وفيه، وأي شائبة تدخلها ليس لله سبحانه فيها شيء يعني ذلك أنك جعلت مع صاحب الساحة شريك، والآن لو تدبرنا بحالنا وتسألنا مع أنفسنا بصدق: كم نفكر بالله سبحانه (الذي جعل ساحة التفكير له وحده)؟! وبالمقابل؛ كم نفكر بالرزق والدنيا وما عندي وما أتمناه، وما أرجو الحصول عليه؟؟!! لا أظن أن أحدا منا سيقول أنني ناصفت الساحة بين الشريكين، ومن يفعل ذلك فهو لديه نسبة عالية تمكنه من علاج نفسه، ولكن ما يفرزه الواقع هو أن الساحة ـ إن لم يكن كلها ـ معظمها للتفكير بالطلب الدنيوي وسبل الحصول عليه، وليس لله سبحانه في هذه الساحة غير لقلقة اللسان في أحسن الأحوال!!

    ثانيا: الطاقة التي أعطاها الله سبحانه للبشر هي لكي يعرفوه بها، وعلمنا أن ساحة المعرفة هي التفكر، فإذا كان الفكر مشغولا بسواه، فطاقة التفكر قطعا ذاهبة إلى سواه، ولذا عندما يصل العبد إلى أن يفكر بمولاه سيصل مهدود القوى، لا طاقة عنده تعينه على أداء ما فرض عليه ولو شكلا!!

    ثالثا: على هذين الامرين سيترتب فعلا تمزيق أوراق الامتحان، فالممتحن عندما يجد نفسه في ساحة الامتحان ولم يعد العدة لذلك، ردة الفعل ستكون هكذا؛ تمزيق أوراق الامتحان، والنفور من ساحة الامتحان، مع أن التواجد في ساحة الامتحان هو أمر قهري وليس اختيارياً، والقهرية هنا بمعنى أن الإنسان وجوده متوقف على وجود ساحة الامتحان، ولولا وجودها لما كان موجوداً، ولذا فقرار الكثير بتمزيق أوراق الامتحان لا يلغي الامتحان، والنفور من ساحة الامتحان هو إعلان صريح بالفشل المؤلم في الامتحان، وما يستتبع ذلك من خزي الدنيا والآخرة نستجير بالله من ذلك.
    هذه البلوى؛ أي بلوى الاستغراق بطلب الرزق الدنيوي، وما نعيشه من توابعها هو الذي يجعلنا عموما نقف موقفاً مخزيا حيال حجج الله وخلفائه(ع)، أولئك النفر الذين اصطفاهم الله سبحانه، وطهرهم بعملهم من تلك البلوى والآفة الخطيرة التي زادها وزوادها أكل الأعمار بشراهة لا توصف، ومن هنا نفهم لماذا وجود رجل مثل علي بن أبي طالب(ص) يمثل عبئا على النفوس عامة؟! ذلك لأن نفس علي(ص) جاءت إلى هذا العالم لتبين للناس كافة بالدليل العملي كيف يكون الإجمال بالطلب، حتى لا يكون هذا الإجمال أمراً مثاليا لا واقع له، مع العلم أن علياً(ص) الذي نعيش اقتراب مصيبتنا فيه في هذا الشهر الفضيل، أعلن طلاقه البائن للدنيا فعلا وقولا، ولذا فحتى مسألة الإجمال ليست في قاموس علي(ص)، إنما يفعلها ليكون مثالا عمليا لها لنتعلمها منه، أما هو فكما وصف نفسه تماما، بل كما وصفه سيد الخلق محمد(ص): من اراد أن يرى ميتا يسير على الأرض فلينظر إلى علي بن أبي طالب(ص)!!!

    فعلي(ص) لم يكن موقف الناس معه موقف الجاهل لحاله حسب، ولو كان كذلك لهان الأمر، بل كان موقفهم إزاءه موقف العدو!! لماذا؟ لأن حضوره في الحياة يعد فضيحة مدوية إلى البشرية، فكم هو مخزٍ أن تجد ملكة أعطاك الله سبحانه إياها لتصل بها إليه، وإذا بك تستعملها للبعد عنه، والالتصاق بمن حذرك من القرب منه!! فهل هناك خزي أعظم من هذا الخزي؟؟!! ولذلك ورد في الحديث القدسي الشريف يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك لمقت الموصوف!) واعلم أخي القارئ الكريم أن المقت هو أشد البغض وأعظمه.

    علي(ص) كان المثل الأعلى الذي جعله الله سبحانه لعباده حتى لا يكون لمحتج حجة، قال تعالى{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(الروم/27)، علي(ص) يقول: (ارواحنا في الجنان وأبداننا في العمل)، ماذا يعني هذا؟؟!! أليس مما يعنيه أن التحصيل ليس في هذا العالم؟ أليس يعني أن الكسب الحقيقي لا يكون في ساحة الامتحان؟ ألا يعني هذا أن على العبد أن يكون عاملا له سبحانه، لأن الأبدان إنما خلقت لتبلى بالعمل له، لا لتبلى بالعمل لهذا العالم، فقد كفانا الله سبحانه مؤونة الطلب، ولكننا ويال الحسرة أنفنا عطاء الله سبحانه وهرعنا إلى ما هو أدنى وأخس، قال تعالى {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}(البقرة/61)،

    أليست هذه الآية قرآن يتلى ويقرع أسماعنا، ولكنها ـ وأالماه ـ لم تقرع قلوبنا!! فها الله سبحانه يكلمنا قولا ويقول لنا: أجملوا، وها هو سبحانه يكلمنا بالمثل فيجعل بين أظهرنا عبادا له أثبتوا بعملهم وإخلاصهم أن ليس الإجمال ممكنا فحسب، بل طلاق الدنيا ممكن ومثاله يتحرك بين أظهرنا ... بين أظهرنا اليوم ... وليس تاريخا يقرأ كما يتوهم المتوهمون، فعلي(ص) في كل زمان، ولكل زمان حتى لا تكون الحجة للناس، بل الحجة البالغة لله سبحانه، قال تعالى{رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}(النساء/165).

    طرقت هذا الموضوع لأقول للقارئ الكريم أن ما منعك أن تسمع صوت الله سبحانه يصيح بك ويبلغك بـ(أحمد الحسن(ع)) هو هذا الضجيج الذي أثرته بيديك طلبا لرزق هو قادم إليك، ولا تأخذ منه غير قدرك مهما اجتهدت في التحصيل والأثرة، وعما قريب أنت راحل عنه ـ وأنت كاره ـ ولكن لا سبيل لك غير الرحيل، وستجد نفسك أمام صوت الله سبحانه الذي تردد في أسماعك مرارا وتكرارا، سواء في عالم الملك؛ وهو ما تركه آل محمد(ص) من وصايا عظيمة وكثيرة تعرِّف بهذا العبد الصالح (المجهول القدر) (واويلتاه)، وكذلك الطاهرون(ص) لعظم هذه الشخصية وجليل قدرها عند الله سبحانه، ورحمة منهم بالعباد لم يتركوهم بل آلوا على أرواحهم الطاهرة أن تطرق أبواب القلوب في هدوات الليل، أو هدوات النهار لتشهد لهم برؤى صادقة كفلق الصبح أن (أحمد الحسن) حق، واتباعه واجب، وطاعته مفروضة من الله سبحانه، فماذا يفعل الله سبحانه لنا أكثر من ذلك حتى يعرفنا بصراطه المستقيم الهادي إلى جنات النعيم؟؟!!

    هل فهمنا الآن شيئا من سر الإجمال في الطلب؟ وهل سيدفعنا ما سنقرأ إلى التفكير جديا ـ خاصة ونحن نعيش هذه الأيام التي تنغص فيها كل شيء ـ في أن الضجيج العالي لانشغالنا بالدنيا وطلب الرزق فيها قد حرمنا سماع صوت الله الهادي إلى الحق، ومن ثم حرمنا أن نعرف عظيم منِّ الله سبحانه علينا الذي جعلنا في زمن نرافق فيه من تمنى مرافقته أولياء الله وأحباؤه وأصفياؤه؟؟!!

    أيها الأخوة الكرام لنتذكر دوما أن لسان حالنا ومقالنا هو: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}(الزمر/56)، وليس أحد منا يتجرأ على أن يستثني نفسه من تلك الحسرة، وكل بقدره، فحتى من يرى نفسه عارفا بحق تلك الشخصية العظيمة فهو يئن حسرة بقدر جهله بها، هل نعلم أننا بكنف رجل لم يدخر شيئا من العلم والتعريف الذي فيه علاجنا وحياتنا إلا وبذله لنا بمحبة لا مثيل لها، وبالمقابل نحن نأخذ من عطائه أخذ المدل عليه، كأن لنا التطول عليه .....
    ربي رحماك ... رحماك ربي

    الهي بحق مظلومية هذا العظيم من عظمائك ألطف بنا، وارحمنا، وتحنن علينا، وترفق بنا، فقد أقعدنا تقصيرنا بحقه وأعجزنا الوفاء له، فإذا كان هذا حالنا مع عبد من عبادك الصالحين فكيف هو حالنا معك سبحانك سبحانك ...
    والحمد لله وحده وحده وحده.



    " يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء... "
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎