ردا على مقال " هل استمعتم للسيد الصافي في خطبة الجمعة ؟ " لـ طارق رؤوف محمود/ ج-2
عماد الشحماني
تكملة لما بداناه من نقاش في مقالنا السابق في الرد على مقالة الأخ الكاتب (طارق رؤوف محمود)) فإننا اليوم بحاجة إلى تسليط الضوء على نقاط أخرى ومهمة في دور مرجعية السيد السيستاني في مرحلة الاحتلال . والذي دفعنا لذلك هو ما نشاهده اليوم من الأخ الكاتب وغيره من كتاب ممن يحاول بصورة مقصودة ومدروسة أو عفوية أن يصوروا أن مرجعية السيد السيستاني تقف إلى جانب الشعب العراقي المظلوم و إنها ضد كل سياسات الحكومات التي تعاقبت بعد الاحتلال في حين أن واقع حالها يثبت العكس تماما أي أنها مع الحكومات ولم تقف مع الشعب عمليا . فلو نظرنا نظرة تحليلية ومجردة إلى سياسة مرجعية السيد السيستاني لوجدنا أنها اتسمت بالغموض والضبابية في جميع مواقفها المعلنة وكلها قابلة للتؤيل مع وضوح الواقع المعاش و الذي يستطيع فيه الإنسان العادي من تحديد موقف صريح تجاه أحداثه فما بالك بالعالم والمرجع الأعلى . هذا من جانب ومن جانب آخر لا يوجد مبرر لضبابية وغموض تلك المواقف فلا خوف ولا تقية ولا مصلحة للعباد أو البلاد فالدولة كلها راكعة على أعتاب باب برانيتة في النجف يضاف إليها عشرات الوفود المحلية و الإقليمية والدولية التي هي الأخرى لا يحط رحالها في ارض العراق دون المرور به ولقائه يضاف إليها الملايين من المقلدين و الأتباع في العراق فضلا عن إيران والشام والخليج والهند وباكستان و أفغانستان و أوربا و أمريكا ناهيك عن عشرات الفضائيات التي هي بخدمته. كل هذه المميزات التي اشرنا إليها تجعل من مرجعية السيد السيستاني فاعلة ومؤثرة وقادرة على تغيير المعادلة السياسية والاجتماعية في العراق لصالح الشعب المظلوم بما تريده هي وفي فترة قصيرة وتكون جميع الإطراف المحلية (الحكومة العراقية بمختلف مكوناتها) والمحيط الإقليمي والدولي مرغما على القبول بها أو على الأقل التماشي معها.
وسنتسلسل في إيضاح ما ذكرناه من غموض وضبابية وانحياز لصالح الحكومة .
1- الموقف من الاحتلال الأمريكي :- فبالرغم مما تعرف به المرجعية الشيعية وبشكل عام وعلى مدى التاريخ من موقف مبدأي و واضح و صريح في رفض الاحتلال والاستعمار مهما كانت هويته ومبرراته لكن مرجعية السيد السيستاني وبالرغم من مرور تسع سنوات تقريبا على الاحتلال فلم يصدر منها موقف واضح وصريح في إدانة وجود الاحتلال و ألمطالبه برحيله أو على الأقل إدانة سلوكياته و أفعالة الإجرامية واعتدائه على الحرمات والمقدسات وسفك الدماء مع بشاعتها وتكرارها والتي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء.هذا الغموض وعدم الوضوح أدى إلى وجود الملايين من أتباعه ممن يدافع عن الاحتلال وينسب له الفضل في التحرر من نظام صدام بل ويدافع هذه الأيام عن فكرة بقاء المتدربين والتي هي بالأصل حالة استمرار للاحتلال لكن بعنوان مدربين .
2- الموقف من الحكومات والشعب:- بشكل عام و إجمالي فان موقف مرجعية السيد السيستاني كان واضحا وصريحا في دعمه للحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال بالرغم من الوضوح في فشلها وفسادها وتمثل هذا الدعم وكما اشرنا في المقالة السابقة إلى استخدامه لأقوى سلاح فتاك ومؤثر على ثلثي الشعب العراقي (11 محافظة في وسط وجنوب العراق) وهو سلاح الفتوى والترويج لها من خلال طلاب الحوزة العلمية والذين يستمدون تأثيرهم من تأثير الحوزة والمرجعية نفسها وتمثلت بعدة فتاوى منها ما كان معلنا لوسائل الإعلام و الأخر سري عن طريق شبكة المعتمدين والوكلاء وخطباء المنابر وأئمة الجمع والذي يخالف تماما ما هو معلن .فما كان معلن هو( وجوب المشاركة في الانتخابات) (الوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية) (تأيد حق الشعب بالتظاهر )(ترك الحرية للشعب باختيار ممثليه) وهذا يتقاطع مع الفتاوى السرية( وجوب انتخاب قائمة الائتلاف العراقي الموحد حصرا وحرمة انتخاب غيرها) (وجوب التصويت بنعم للدستور ) (حرمة المظاهرات لان من يقف ورائها البعث) .
وكل هذه الفتاوى و الآراء فإنها إجمالا تصب في صالح الحكومات بشكل عام و الأحزاب الشيعية الكبيرة بشكل خاص والتي جعلت من المواطن أداة طيعة بيد السياسيين يسهل تسييرها وتجيير مواقفها لصالحة في اللحظة الحرجة والمرحلة الحاسمة وهي مرحلة الانتخابات اعتمادا على مرجعية السيد السيستاني وشبكة الوكلاء والمعتمدين والطلبة والخطباء وأئمة الجمع المرتبطين بمرجعيته.
وبالرغم من تعدد وانتشار جرائم الاحتلال والتي نشرتها حتى وسائل إعلامه(أي وسائل الإعلام الأمريكي) وكذلك وبالرغم من فشل وفساد الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال واستفرادها بالمال العام وبالرغم من فقدان الأمن ونقص الخدمات وازدياد معدل الفقر والبطالة وانتشار الأمراض الأخلاقية والاجتماعية والتي من واجب الحكومات معالجتها ومع ثبوت فساد العديد من رموز الأحزاب فان مرجعية السيد السيستاني لم يبرز لها موقف واضح وصريح ضد جرائم الاحتلال وفساد الحكومات والذي من الممكن أن يعتمده المواطن في تحديد موقفه تجاهها كوضوح فتاواها و أرائها الداعمة للحكومات والتي اشرنا لها سابقا والتي أجبرت المواطن على الرضوخ لها.
ولعل اخطر مواقف مرجعية السيد السيستاني هو عدم إعطاء رائيها الصريح في أصل الاتفاقية الأمنية المبرمة مع الاحتلال الأمريكي والتي لها ارتباط مباشر وصريح بأمن وسيادة العراق وتركت الأمر للأحزاب الحاكمة وتكرر هذا الموقف اليوم تجاه المدربين وأعدادهم وما يتعلق بحصانتهم ولم تتطرق للموضوع لا من قريب ولا من بعيد رغم تعلقه بأمن وسيادة العراق. وأما موقفها تجاه الحكومة فاتخذ شكلين احدهما أسوا من الأخر المستوى الأول هو ما تطرحه على لسان معتمديها ووكلائها أمثال السيد احمد الصافي والشيخ عبد المهدي الكر بلائي من شجبها واستنكارها لسياسات للحكومة وهو كما اشرنا في المقالة السابقة كلام عام وإجمالي لا يختلف عما يردده الشارع العراقي أو لربما جاء متأخرا على كلام الشارع العراقي أو نتيجة له من اجل حفظ ماء الوجه لان الشارع العراقي يعلم أن من اجبره على انتخاب أحزاب السلطة هو فتاوى مرجعية السيد السيستاني وبالتالي فان فشلها يحسب عليه . والمستوى الأخر هو قيامه وبعد تسع سنوات من السكوت والدعم للحكومة وفتح أبواب برانيته لاستقبال مسئوليها ليلا ونهارا وسرا وجهارا تلك الأبواب المؤصدة بوجه المواطن والتي لا يستطيع دخولها إلا بعد وقوفه في طابور لمدة أربع أو خمس ساعات في الشارع المؤدي لبرانيته في النجف الاشرف وفي أيام محدودة من السنة من اجل أن يصل إلى المرجع الأعلى ليقبل يده فقط وفقط ويخرج دون أن يكون له حق الكلام والنقاش معه ويبقى المواطن حالما في أمرين الأول هو أن يتكلم مع المرجع الأعلى بهمومه ومعاناته عندما يأتي دوره في الطابور ويصل إليه و الأخر هو أن يرى المرجع الأعلى في الشارع وبين الناس يتحدث إليهم ويؤمهم في الصلاة ويخطب بهم في صلاة ألجمعه وهي فرصة أخرى للحديث معه وجه لوجه وهما حلمين طالما تحققا على يد العديد من المراجع السابقين ممن عاشوا بين الجماهير وسبقوهم إلى الشهادة دفاعا عن مصالحهم(أي مصالح الجماهير) . نعم جاء السيد السيستاني هذه المرة بخطوة جديدة حاول المحسوبين عليه والمنتسبين له والمستفيدين منه تصويرها على أنها موقف شجاع وصريح من المرجع تجاه فشل الحكومة . وهذه الخطوة تمثلت بإغلاق بابه وعدم استقباله السياسيين في الشهرين الأخيرين . وحقيقة فان وراء هذا العمل خطر كبير جدا جدا لأنه يعطي الضوء الأخضر للأحزاب الحاكمة للعمل بما تريد دون أن تتقيد بوجهة نظر المرجعية على المستوى المعلن في حين يكتفي الشعب بالقول أن المرجعية غير راضية عن الحكومة دون أن يقدم له هذا الاكتشاف أي تقدم نحو تصحيح المسار . ولربما إن هذا الإغلاق جاء تمهيدا لشيء اخطر وهو التهرب من إعطاء موقف تجاه قضية بقاء المدربين وحصانتهم على اعتبار أن المرجعية أغلقت أبوابها وتركت الأمر للسياسيين ولن تتدخل حتى على مستوى النصيحة . والمفهوم والواضح لدينا من إغلاق الباب هو عدم الرضا فهل يكفي عدم الرضا وهل للمرجعية أن تتخذ موقف عملي تجاه الحكومة وهل لديها خطط لتصحيح المسيرة بعد أن كانت هي الراعية لها والداعمة لها مع فشلها أم ستكتفي بغلق لباب وهل هذا يتماشى مع فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي هي تكليف على الإنسان العادي فما بالك بالمرجع الأعلى وهل هذا يتطابق مع حديث الرسول (ص) من [من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسان فان لم يستطع فقلبه وذلك اضعف الإيمان ] وان تعدد مستويات التغيير في الحديث يعتمد على مستوى الإمكانيات فهل إن الإمكانيات والامتيازات التي تمتلكها مرجعية السيد السيستاني والتي اشرنا لها في مقدمة المقال [انصياع الحكومة له – الحضور الإقليمي والدولي – عشرات الملايين من المقلدين والأتباع – المنصب الروحي العالي كونه المرجع الأعلى – عشرات وسائل الإعلام المسخرة تحت خدمته] هل أنها لا تكفي فقط إلا لتحقيق مستوى الإنكار اللساني في حديث الرسول (ص) بل وانتقل ألان من خلال إغلاق الباب بوجه السياسيين إلى المستوى الأضعف وهو مستوى الإنكار القلبي . وهل يتماشى ذلك مع منهج الإمام علي (ع) والذي كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر حتى في فترة من سبقه بالخلافة . ألا تشعر المرجعية ألان بأنها بحاجة إلى سحب الثقة العلنية من أحزاب السلطة بعد أن كانت هي الأصل في وصولها للسلطة ودعمها لتسع سنوات على حساب معاناة المواطن.
هذا ما أردنا أن نوضحه للأخ كاتب المقال وغيره من كتاب ممن حاول أو يحاول بصورة مقصودة ومدروسة أو بصورة عفوية من تنزيه ساحة مرجعية السيد السيستاني وتبرئتها من تصرفات الحكومة التي نصبتها بسلاح الفتوى على رقاب الناس وانسحبت للترك ذلك السيف في رقاب الشعب لا يعرف هل يتركه في رقبته وبذلك يستمر نزفه ومن ثم موته أم يسحبه ويتحمل الم السحب من اجل تطهير الجرح مقدمة لبرائته وشفائه . ونترك للكتاب خيارهم في الرد.
عماد الشحماني
تكملة لما بداناه من نقاش في مقالنا السابق في الرد على مقالة الأخ الكاتب (طارق رؤوف محمود)) فإننا اليوم بحاجة إلى تسليط الضوء على نقاط أخرى ومهمة في دور مرجعية السيد السيستاني في مرحلة الاحتلال . والذي دفعنا لذلك هو ما نشاهده اليوم من الأخ الكاتب وغيره من كتاب ممن يحاول بصورة مقصودة ومدروسة أو عفوية أن يصوروا أن مرجعية السيد السيستاني تقف إلى جانب الشعب العراقي المظلوم و إنها ضد كل سياسات الحكومات التي تعاقبت بعد الاحتلال في حين أن واقع حالها يثبت العكس تماما أي أنها مع الحكومات ولم تقف مع الشعب عمليا . فلو نظرنا نظرة تحليلية ومجردة إلى سياسة مرجعية السيد السيستاني لوجدنا أنها اتسمت بالغموض والضبابية في جميع مواقفها المعلنة وكلها قابلة للتؤيل مع وضوح الواقع المعاش و الذي يستطيع فيه الإنسان العادي من تحديد موقف صريح تجاه أحداثه فما بالك بالعالم والمرجع الأعلى . هذا من جانب ومن جانب آخر لا يوجد مبرر لضبابية وغموض تلك المواقف فلا خوف ولا تقية ولا مصلحة للعباد أو البلاد فالدولة كلها راكعة على أعتاب باب برانيتة في النجف يضاف إليها عشرات الوفود المحلية و الإقليمية والدولية التي هي الأخرى لا يحط رحالها في ارض العراق دون المرور به ولقائه يضاف إليها الملايين من المقلدين و الأتباع في العراق فضلا عن إيران والشام والخليج والهند وباكستان و أفغانستان و أوربا و أمريكا ناهيك عن عشرات الفضائيات التي هي بخدمته. كل هذه المميزات التي اشرنا إليها تجعل من مرجعية السيد السيستاني فاعلة ومؤثرة وقادرة على تغيير المعادلة السياسية والاجتماعية في العراق لصالح الشعب المظلوم بما تريده هي وفي فترة قصيرة وتكون جميع الإطراف المحلية (الحكومة العراقية بمختلف مكوناتها) والمحيط الإقليمي والدولي مرغما على القبول بها أو على الأقل التماشي معها.
وسنتسلسل في إيضاح ما ذكرناه من غموض وضبابية وانحياز لصالح الحكومة .
1- الموقف من الاحتلال الأمريكي :- فبالرغم مما تعرف به المرجعية الشيعية وبشكل عام وعلى مدى التاريخ من موقف مبدأي و واضح و صريح في رفض الاحتلال والاستعمار مهما كانت هويته ومبرراته لكن مرجعية السيد السيستاني وبالرغم من مرور تسع سنوات تقريبا على الاحتلال فلم يصدر منها موقف واضح وصريح في إدانة وجود الاحتلال و ألمطالبه برحيله أو على الأقل إدانة سلوكياته و أفعالة الإجرامية واعتدائه على الحرمات والمقدسات وسفك الدماء مع بشاعتها وتكرارها والتي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء.هذا الغموض وعدم الوضوح أدى إلى وجود الملايين من أتباعه ممن يدافع عن الاحتلال وينسب له الفضل في التحرر من نظام صدام بل ويدافع هذه الأيام عن فكرة بقاء المتدربين والتي هي بالأصل حالة استمرار للاحتلال لكن بعنوان مدربين .
2- الموقف من الحكومات والشعب:- بشكل عام و إجمالي فان موقف مرجعية السيد السيستاني كان واضحا وصريحا في دعمه للحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال بالرغم من الوضوح في فشلها وفسادها وتمثل هذا الدعم وكما اشرنا في المقالة السابقة إلى استخدامه لأقوى سلاح فتاك ومؤثر على ثلثي الشعب العراقي (11 محافظة في وسط وجنوب العراق) وهو سلاح الفتوى والترويج لها من خلال طلاب الحوزة العلمية والذين يستمدون تأثيرهم من تأثير الحوزة والمرجعية نفسها وتمثلت بعدة فتاوى منها ما كان معلنا لوسائل الإعلام و الأخر سري عن طريق شبكة المعتمدين والوكلاء وخطباء المنابر وأئمة الجمع والذي يخالف تماما ما هو معلن .فما كان معلن هو( وجوب المشاركة في الانتخابات) (الوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية) (تأيد حق الشعب بالتظاهر )(ترك الحرية للشعب باختيار ممثليه) وهذا يتقاطع مع الفتاوى السرية( وجوب انتخاب قائمة الائتلاف العراقي الموحد حصرا وحرمة انتخاب غيرها) (وجوب التصويت بنعم للدستور ) (حرمة المظاهرات لان من يقف ورائها البعث) .
وكل هذه الفتاوى و الآراء فإنها إجمالا تصب في صالح الحكومات بشكل عام و الأحزاب الشيعية الكبيرة بشكل خاص والتي جعلت من المواطن أداة طيعة بيد السياسيين يسهل تسييرها وتجيير مواقفها لصالحة في اللحظة الحرجة والمرحلة الحاسمة وهي مرحلة الانتخابات اعتمادا على مرجعية السيد السيستاني وشبكة الوكلاء والمعتمدين والطلبة والخطباء وأئمة الجمع المرتبطين بمرجعيته.
وبالرغم من تعدد وانتشار جرائم الاحتلال والتي نشرتها حتى وسائل إعلامه(أي وسائل الإعلام الأمريكي) وكذلك وبالرغم من فشل وفساد الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال واستفرادها بالمال العام وبالرغم من فقدان الأمن ونقص الخدمات وازدياد معدل الفقر والبطالة وانتشار الأمراض الأخلاقية والاجتماعية والتي من واجب الحكومات معالجتها ومع ثبوت فساد العديد من رموز الأحزاب فان مرجعية السيد السيستاني لم يبرز لها موقف واضح وصريح ضد جرائم الاحتلال وفساد الحكومات والذي من الممكن أن يعتمده المواطن في تحديد موقفه تجاهها كوضوح فتاواها و أرائها الداعمة للحكومات والتي اشرنا لها سابقا والتي أجبرت المواطن على الرضوخ لها.
ولعل اخطر مواقف مرجعية السيد السيستاني هو عدم إعطاء رائيها الصريح في أصل الاتفاقية الأمنية المبرمة مع الاحتلال الأمريكي والتي لها ارتباط مباشر وصريح بأمن وسيادة العراق وتركت الأمر للأحزاب الحاكمة وتكرر هذا الموقف اليوم تجاه المدربين وأعدادهم وما يتعلق بحصانتهم ولم تتطرق للموضوع لا من قريب ولا من بعيد رغم تعلقه بأمن وسيادة العراق. وأما موقفها تجاه الحكومة فاتخذ شكلين احدهما أسوا من الأخر المستوى الأول هو ما تطرحه على لسان معتمديها ووكلائها أمثال السيد احمد الصافي والشيخ عبد المهدي الكر بلائي من شجبها واستنكارها لسياسات للحكومة وهو كما اشرنا في المقالة السابقة كلام عام وإجمالي لا يختلف عما يردده الشارع العراقي أو لربما جاء متأخرا على كلام الشارع العراقي أو نتيجة له من اجل حفظ ماء الوجه لان الشارع العراقي يعلم أن من اجبره على انتخاب أحزاب السلطة هو فتاوى مرجعية السيد السيستاني وبالتالي فان فشلها يحسب عليه . والمستوى الأخر هو قيامه وبعد تسع سنوات من السكوت والدعم للحكومة وفتح أبواب برانيته لاستقبال مسئوليها ليلا ونهارا وسرا وجهارا تلك الأبواب المؤصدة بوجه المواطن والتي لا يستطيع دخولها إلا بعد وقوفه في طابور لمدة أربع أو خمس ساعات في الشارع المؤدي لبرانيته في النجف الاشرف وفي أيام محدودة من السنة من اجل أن يصل إلى المرجع الأعلى ليقبل يده فقط وفقط ويخرج دون أن يكون له حق الكلام والنقاش معه ويبقى المواطن حالما في أمرين الأول هو أن يتكلم مع المرجع الأعلى بهمومه ومعاناته عندما يأتي دوره في الطابور ويصل إليه و الأخر هو أن يرى المرجع الأعلى في الشارع وبين الناس يتحدث إليهم ويؤمهم في الصلاة ويخطب بهم في صلاة ألجمعه وهي فرصة أخرى للحديث معه وجه لوجه وهما حلمين طالما تحققا على يد العديد من المراجع السابقين ممن عاشوا بين الجماهير وسبقوهم إلى الشهادة دفاعا عن مصالحهم(أي مصالح الجماهير) . نعم جاء السيد السيستاني هذه المرة بخطوة جديدة حاول المحسوبين عليه والمنتسبين له والمستفيدين منه تصويرها على أنها موقف شجاع وصريح من المرجع تجاه فشل الحكومة . وهذه الخطوة تمثلت بإغلاق بابه وعدم استقباله السياسيين في الشهرين الأخيرين . وحقيقة فان وراء هذا العمل خطر كبير جدا جدا لأنه يعطي الضوء الأخضر للأحزاب الحاكمة للعمل بما تريد دون أن تتقيد بوجهة نظر المرجعية على المستوى المعلن في حين يكتفي الشعب بالقول أن المرجعية غير راضية عن الحكومة دون أن يقدم له هذا الاكتشاف أي تقدم نحو تصحيح المسار . ولربما إن هذا الإغلاق جاء تمهيدا لشيء اخطر وهو التهرب من إعطاء موقف تجاه قضية بقاء المدربين وحصانتهم على اعتبار أن المرجعية أغلقت أبوابها وتركت الأمر للسياسيين ولن تتدخل حتى على مستوى النصيحة . والمفهوم والواضح لدينا من إغلاق الباب هو عدم الرضا فهل يكفي عدم الرضا وهل للمرجعية أن تتخذ موقف عملي تجاه الحكومة وهل لديها خطط لتصحيح المسيرة بعد أن كانت هي الراعية لها والداعمة لها مع فشلها أم ستكتفي بغلق لباب وهل هذا يتماشى مع فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي هي تكليف على الإنسان العادي فما بالك بالمرجع الأعلى وهل هذا يتطابق مع حديث الرسول (ص) من [من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسان فان لم يستطع فقلبه وذلك اضعف الإيمان ] وان تعدد مستويات التغيير في الحديث يعتمد على مستوى الإمكانيات فهل إن الإمكانيات والامتيازات التي تمتلكها مرجعية السيد السيستاني والتي اشرنا لها في مقدمة المقال [انصياع الحكومة له – الحضور الإقليمي والدولي – عشرات الملايين من المقلدين والأتباع – المنصب الروحي العالي كونه المرجع الأعلى – عشرات وسائل الإعلام المسخرة تحت خدمته] هل أنها لا تكفي فقط إلا لتحقيق مستوى الإنكار اللساني في حديث الرسول (ص) بل وانتقل ألان من خلال إغلاق الباب بوجه السياسيين إلى المستوى الأضعف وهو مستوى الإنكار القلبي . وهل يتماشى ذلك مع منهج الإمام علي (ع) والذي كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر حتى في فترة من سبقه بالخلافة . ألا تشعر المرجعية ألان بأنها بحاجة إلى سحب الثقة العلنية من أحزاب السلطة بعد أن كانت هي الأصل في وصولها للسلطة ودعمها لتسع سنوات على حساب معاناة المواطن.
هذا ما أردنا أن نوضحه للأخ كاتب المقال وغيره من كتاب ممن حاول أو يحاول بصورة مقصودة ومدروسة أو بصورة عفوية من تنزيه ساحة مرجعية السيد السيستاني وتبرئتها من تصرفات الحكومة التي نصبتها بسلاح الفتوى على رقاب الناس وانسحبت للترك ذلك السيف في رقاب الشعب لا يعرف هل يتركه في رقبته وبذلك يستمر نزفه ومن ثم موته أم يسحبه ويتحمل الم السحب من اجل تطهير الجرح مقدمة لبرائته وشفائه . ونترك للكتاب خيارهم في الرد.