الأحزاب الشيعية تستغل المناسبات الدينية لخداع الجماهير
أبو محمد الأنصاري
أضحت المناسبات الدينية المقدسة بالنسبة لمراجع النجف والأحزاب المفلسة الدائرة في فلكها مواسم لاصطياد المغفلين ، فالمرجعية وأحزابها الخالي الوفاض تماماً من أي شعار حقيقي يمكن أن يعبئوا به الناس ، والذين يدركون أن الحل والعقد بيد المحتل وأن لا شئ لهم من الأمر ، وهم بالنتيجة عاجزون عن أن يعدوا الناس بشئ - أي شئ – يتعلق بمصيرهم وسعادتهم ، بله أن يحققوه لهم ، أقول لكل هذا لجأت المرجعية وأحزابها الى الوسائل الرخيصة التي تستدر بها عواطف الناس وتوحي لهم أنها تهتم كثيراً بأمورهم ، وكان من أهم هذه الوسائل الإهتمام المنافق المبالغ به بالمناسبات الدينية ، والتباكي الكاذب على معاناتهم الطويلة التي لا يبدو أنها ستنتهي يوماً ، فما أن تقرأ شيئاً من جرائدهم الصفراء ، أو تجرب صبرك وقوة إحتمالك بالإستماع الى إذاعاتهم أو القنوات الفضائية التي أنشأوها بمال السحت الحرام حتى تفاجأ بسيل لا ينقطع من اللطميات والبيانات والبرقيات الرنانة التي تهنئ أو تعزي المرجع الأعلى فلان والسيد علان .
والمفارقة إن خطاب التباكي والنفاق دائماً ما يُذكّر الناس بضرورة أخذ العبرة من المناسبة المقدسة ، وما العبرة ؟ لا تحتاج معرفتها طبعاً الى ذكاء متفرد ؛ إنها الإلتفاف حول مرجعيتكم في هذه المرحلة الخطيرة التي تستعد فيها عصابات البعث للإلتفاف على العملية السياسية وإعادة عجلة الزمان الى الوراء ، وسرقة المنجزات ( الكثييييييرة ) التي حققتها لكم حكومتكم بقيادة الأخيار !!
لاحظ المرجعية دائماً حاضرة في خطاب الأحزاب الشيعية ولكن حضورها ذرائعي بمعنى إنهم يلوحوا بها للجماهير الموبوءة بداء الصنمية ليستدرجوهم الى منطقة المقدس ( المرجعية قدس الأقداس بالنسبة لجماهيرها ) ثم ينعطفوا بهم الى قادتهم الحزبيين وبهذا يحققوا هدفهم المتمثل بالإشارة الى أنفسهم على أنهم مهتمون بدين الناس ، فالمرجعية ( قدس الأقداس ) التي تختصر كل الدين بالنسبة لوثني هذا الزمان تقف خلفهم ويقفون خلفها على الرغم من الدور الواضح في هذه المقولة .
والحق إني أفكر بأن الأحزاب الشيعية تنتظر بفارغ الصبر حصول حوادث مروعة تستهدف الزائرين ، من قبيل ما حدث قبل أيام ، ولا أستبعد أن تكون لها يد آثمة في حصول هذه الحوادث ، فمثل هذه الحوادث منجم ذهب لا ينضب بالنسبة لهذه الأحزاب ، فمن خلالها تُظهر براعة منقطعة النظير في ذرف دموع التماسيح ، واستعراض فنون الإستجداء الحضاري الذي لا يباريها فيه أحد ، والأهم تذكير الناس وإدامة الجرح – العقدة الذي لا يندمل بأنكم : أيها الناس ظُلمتم دهراً طويلاً ، وسالت دماؤكم أنهاراً ، وعدوكم الغادر الجبان لما يزل يتربص بكم الدوائر ويخطط لكم المؤامرة تلو المؤامرة بقصد استئصالكم أو استعبادكم ، فيا أيها الناس ( وهنا مربط الفرس ) انتخبوا من همه كل همه الدفاع عنكم ، وبطبيعة الحال تقتضي الحصافة عدم التصريح بمن هو هذا المدافع لأن الناس ببساطة أذكياء ولماحون ويفهمون الإشارة جيداً من لحن الحديث ، ثم إنهم أصحاب ذاكرة خفيفة ، بل مثقوبة فيما يتعلق بمشاكلهم اليومية المطلبية من قبيل الغاز والكهرباء ، وفضائح النفط المسروق ، بل إن ثقب ذاكرتهم يمكن أن يتسع لمرور قافلة بأكملها من الخيانات الدينية والوطنية بقليل من دهان الإيديولوجية المزيفة والضرب على وتر العقد النفسية والتأريخية .
الناس لا يحسنون التفكير ، وهم بليدو الإحساس لدرجة مضحكة ، هكذا تفكر المرجعية وأحزابها ، فأنت يمكنك أن تتركهم بلا ماء ولا كهرباء ولا حياة حتى ، نعم هم قد يتذمرون وقد يلعنوا اليوم الذي عرفوك به ، ولكنك دائماً – وهذا من محاسن الصدف ، بل محاسن سنين طويلة من الدهاء والإستخفاف – تستطيع حرف سورة سخطهم ، بل تجييرها لصالحك بضغطة رز واحدة بسيطة تنكأ بها العقدة الخرافية القديمة .. عقدة الذئب المفترس الذي يأكل الصغار حين لا يسمعوا كلام آبائهم .
والمؤسف أن ثعالب المرجعية قد نجحوا نجاحاً باهراً في لعبة الإثارات النفسية ، فالناس – أقولها بألم – أضحوا كما المنوم مغناطيسياً لا يشعرون بشئ غير ما يوجههم به دهاقنة التضليل ، فالمرارات الكثيرة التي يتجرعونها غصة بعد غصة ، والخيانات التي تزكم الأنوف ، بل كل الواقع الخارجي غير محسوس به من قبلهم ، فما يشعرون به وما يفكرون به وما يأكلون ويشربونه هو شئ واحد : أبو محمد رضا السيد السيستاني ، نعم السيستاني الذي أشربوا حبه على الرغم انه لم يزر أو يصلي في أمير المؤمنين منذ سنين لم يعد يذكر عددها أحد منهم ، أقول هذا وأرجو أن لا يظن أحد إنني افترض أن السيستاني قد زار أمير المؤمنين يوماً ما .