إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

المهدي الموعود .. فكرة أو ذكرى؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • لبيك_أحمد
    مشرف
    • 14-08-2009
    • 731

    المهدي الموعود .. فكرة أو ذكرى؟

    المهدي الموعود(ع) ؛ فكرة أو ذكرى؟!

    2012-07-11 00:29:39

    بقلم: زكي السراجي



    إن هذا السؤال الذي ربما سيستغرب القارئ الكريم لطرحه هو اليوم يعد ميزاناً إلهياً يستبين من خلاله ، ويترشح من خلاله منطق الدين ومدى افتراقه عن منطق المتدينين ، ولعل من تابع ما كتبت سابقا يفهم معنى التفريق بين المنطقين فالدين لا أحد يمثله غير النص الإلهي (الرسالة) والمرسَل الناطق بها القائم على تنفيذها المنصب من الله سبحانه (الرسول) ، وهذا ما عبر عنه رسول الله(ص) في وصيته العامة للأمة ؛ أي للبشرية كلها جمعاء أنه (ص) ضامن لهدايتهم وعدم ضلالهم إلى يوم القيامة بشرط أن يتمسكوا بالدين الإلهي : القرآن (الرسالة) ، والعترة (الرسل الإلهيين المنصبين من الله سبحانه) ، ولا يوجد أحد غير هاتين الجهتين تمثلان الدين الإلهي أبدا ، وهذا ليس مصادرة لأحد بل هو الحقيقة التي تنطقها الناس بألسنتها وتنحرف عنها ـ للأسف ـ في واقعها العملي!!

    إن الانحراف العملي عن شريعة الله سبحانه هو الذي جعل المؤسسات الدينية تتناطح فيما بينها ، وتشيع بين الناس ثقافة التنازع والاختلاف بل لعل المصيبة الأنكى أنك ترى سدنة في المؤسسة الدينية الإسلامية يروي عن رسول الله(ص) حديثا لا أدري ما معنى سكوت المثقفين والمفكرين الجادين عنه ، ذاك هو قولهم أن رسول الله(ص) قال : [اختلاف أمتي رحمة .]

    وبهذا الفهم المنحرف لقول الرسول العربي المبين(ص) سوقوا لبضاعتهم المزجاة بل المسمومة التي شلت مفاصل الحياة في الأمة وعطلت إمكاناتها الخلاقة التي استودعها فيها خالقها سبحانه ، فأصحاب النفوس المنحرفة فهموا مفردة (الاختلاف) على أنه اختلاف في الرؤية والتوجيه والفهم ، وهذا الفهم المخرب لعل بعض العاملين فيه لم ينتبهوا إلى أمر خطير مفاده أنهم بذلك ينقضون ما يدعون إليه من التوحيد منهجا واعتقادا ، لأنه قطعا وجزما ويقينا أن الاختلاف في الفهم لا يوصل المتنازعين إلى الواحد الأحد مطلقا ، بل سيكون حالهم كما وصف الله سبحانه محذرا عباده قائلا مخاطبا رسوله في كل زمان {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}(الروم/30-32). ولعل سائل يسأل : ما هو الفهم النافع والسليم لمفردة (الاختلاف)؟

    جوابه : إن الاختلاف هنا يعني المجيء إلى خليفة الله في كل زمان والأخذ عنه ثم الانصراف ، أي يكون الاختلاف بمعنى التردد على خليفة الله في كل زمان للتفقه في الدين ومعرفة حلال الله وحرامه ثم العودة إلى أقوامهم ليبلغوهم أحكام الله التي تلقوها من حجة الزمان ، وكم هو الفارق واضحا بين الفهم السقيم المروج لثقافة التنازع والتباغض والتناحر ، وبين الفهم البين المرشد إلى الوحدة والألفة والتوحيد الحق؟! إذن هناك منطق للدين مختلف تماما بل يكاد يناقض منطق المتدينين خاصة الملأ والسادة الذين نصبوا أنفسهم ناطقين باسم الدين من دون سلطان أتاهم!!

    فصاروا يفتون الناس ويؤسسون لهم منظومات يدعون أنها معرفية وهي ليست كذلك ، ويحللون للناس الحرام ، ويحرمون عليهم الحلال فاستخفوا الناس ليطيعوهم في هذا الانحراف العملي عن شريعة الله سبحانه حتى صار حال الناس مع الدين ما يراه كل الناس ويتحسر عليه كل منصف ، ويرى بأم عينه كيف أن المؤسسات الدينية عملت على طعن الدين في خاصرته ، وكممت فمه ، وجعلت من نفسها وصيا عليه ناطقا باسمه ، وهو براء منها ، بل أين هذه المؤسسات المعتاشة على تفعيل مشروع الاختلاف والعنف والتنازع ، من حقيقة الدين الإلهي الحق الداعي إلى معرفة الله الرحمن الرحيم الشفيق بعباده المكرم لهم ابتداء من دون أن يقابلوه بشيء؟؟!! أين منطق الخطاب الإلهي القائل{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(المائدة/2) ، من منطق القتل والتكفير والتمترس خلف العصبيات الجاهلية ؛ قومية كانت أو عرقية أو طائفية؟؟!!

    فهذه المؤسسات المتدينة وليست الدينية هي من جعلت من انتظار المهدي الموعود والمخلص الإلهي والمنقذ للبشرية أسطورة هي للخيال والخرافة أقرب منها للواقع والحكمة الإلهية ، فالخالق جل شأنه حكيم ، والحكيم لا يترك شأنا من شؤونه يقرره أحد غيره كائنا من كان ، وقضية المهدي الموعود هي من شأن الحكيم وليس شأن من دونه ، ولذا فالحكيم جل شأنه أحكم هذه القضية إحكاما انكشف من خلاله زيف تلك المؤسسات الطفيلية المعتاشة على تجهيل الناس وتغييب وعيهم الحضاري الذي جعلهم به ربهم مكرمين عنده ، فتجدون كم هو الفارق واضحا بين المنطق الإلهي الذي يصرح جهارا نهارا أن المهدي الموعود هو ذكرى للذاكرين وعقيدة حق ، ومن أجلها كانت كل هذه الكوكبة الشريفة من الرسل والأنبياء والأوصياء(ع) ممهدين وداعين له ولدولته التي هي آخر الدول ، حتى لا يقول قائل لو أننا حكمنا لعدلنا وعملنا كما يعمل المهدي(ع)!! ومن هنا يمكننا أن نفهم لماذا تصر هذه المؤسسات المتدينة في كل خطاباتها المعلنة إلى تسويق قضية المهدي الموعود على أساس أنه (فكرة) لا غير؟؟!!

    لأنهم ببساطة بهذا التسويق يصلون إلى النقطة التي كشفها للناس آل محمد(ص) منذ قرون متمادية مفادها ؛ إن هذه المؤسسات الدينية التي يمثلها الفقهاء غير العاملين من كل صبغة وكل لون وطائفة هم من سيقولون للمهدي الموعود(ع) إذا ظهر للناس : إرجع يا ابن فاطمة لا حاجة لنا بك فالدين بخير!!! ومن خلال هذا التسويق المعطل ينسجون بخيالهم فهما خرافيا لقضية المهدي(ع) ليصلوا بالنتيجة إلى أن المهدي(ع) فكرة وليس ذكرى ، والفارق واضح بين المعنيين ـ مع الانتباه إلى أنني هنا لا أنظر للمفردتين كوجود لغوي حسب بل أنظر لهما على أنهما معنيان ـ فالمهدي فكرة لا يعدو كون الأمر حاجة بشرية حسب وليس امرا إلهيا يقوم عليه دين الله جل وعلا ، وهذه الحاجة ولدها شعور الناس بالظلم والجور وهذا الشعور هو من جعل هذه الفكرة حية نابضة في نفوس الناس وليس شيئا غير ذلك!!!

    بينما المنطق الإلهي يقول نقيض هذا القول تماما ، فمنطق الدين الإلهي يقول : إن المهدي(ع) هو آدم(ع) خليفة الله وعلى الناس معرفته كما عرفت الملائكة آدم(ع) خليفة لله بقانون الهي واضح أسس للتنصيب الإلهي وهذا القانون كما بينته آيات تنصيب آدم(ع) خليفة لله كما وردت في سورة البقرة وفي هذه الآيات نزل قانون التنصيب الإلهي ذو الأركان الثلاثة : أولا ؛ النص المباشر أو الوصية المشخصة للخليفة ، ثانيا ؛ العلم الإلهي المزود به هذا الخليفة من الله جل وعلا ، ثالثا ؛ دعوة هذا الخليفة إلى حاكمية الله ورفعه لراية البيعة لله لكي تكون طاعة الناس له هي صورة عملية لطاعتهم لله جل وعلا ، واتباعهم له هو تصديق بأمر الله وطاعة له سبحانه. والمنطق الإلهي يقول : إن المهدي(ع) هو نوح الداعي وهو إبراهيم الخليل ، وهو يوسف آل محمد وداوود آل محمد وسليمان آل محمد ، وموسى آل محمد ، وعيسى آل محمد ، وهو محمد وعلي وهو معزي الأنبياء والمرسلين وهو الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء(ع) ، فمن اراد أن يعرف المهدي(ع) ودعوته فليقرأ ما صوره الحق سبحانه للناس من سير الأمم الماضية مع أنبيائها ورسلها ، ولينظر بماذا احتج الأنبياء والرسل على أممهم لينكشف له الحق وليعلم أن القصص القرآني الشريف لم يكن سردا تاريخيا أو تسويقا لحكايات الغاية منها التسلية واستدرار مشاعر القارئ ، بل هذا القصص الشريف هو واقع يتحرك في كل زمان ومكان لكي لا تكون لمحتج حجة على الله.

    فالقارئ المنصف لنفسه والعارف بربه سبحانه يعلم تماما أن الله سبحانه لم يخلق الأشياء عبثا ، ولا ذكر للناس قصص الماضين تسلية وإخبارا حسب ، بل هذا القصص الشريف لمسيرة الطاهرين(ع) دليلا وبرهانا يحتج به المهدي(ع) على الناس ويذكرهم بموقف الاسلاف من الأنبياء والمرسلين ويحذرهم وينذرهم من أن يعيدوا الكرة مرة أخرى ليسخروا من نوح(ع) ، ويؤججوا نارا لإبراهيم(ع) ويرضوا صدر الحسين(ص) ، ويدعوهم إلى تدبر قوله تعالى{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}(آل عمران/140).

    إذن فالمهدي الموعود بالمنطق الإلهي (القرآن والعترة الطاهرة) هو ذكرى للذاكرين ، وليس فكرة ولدتها اوهام الجائعين المتسولين على موائد الظالمين ، ولذلك فالمهدي(ع) قائد الكرام البررة ، قائد المستضعفين لربهم سبحانه الذين نزعوا من صدورهم الكبر والاستعلاء على خلق الله سبحانه لتأتيهم البشرى من الله عز وجل {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}(القصص/5) فهؤلاء القوم لا ينتظرون المهدي(ص) ليشبعوا بطونهم الغرثى ، ولا لينالوا مناصب حرمهم منها الطواغيت ، بل لا يرجون ولا ينظرون إلى الدنيا أكثر من كونها ساحة امتحان يسألون الله فيها العبور إلى ساحة رضاه ، والابتعاد عن سخطه. فكم هو الفارق واسع بين المنطقين ؛ منطق يجعل من المهدي(ع) فكرة صنعتها الخيالات المتراكمة لمسيرة بشرية مليئة بالحاجة إلى الطعام والشراب ، ومنطق يقول : إن المهدي الموعود(ع) هو دين الله وهو المقيم لشرائع السماء على الأرض ، وهو الذي وصفه الله سبحانه في كل كتبه المنزلة وآخرها القرآن الكريم ، وصوره للناس بكل جهاته ، فليس ذكر أنبياء الله سبحانه في القرآن إلا لأن في ذكرهم بيان واضح وبرهان ساطع يعرف بمهدي آخر الزمان ، بل لعل هذا الفهم هو الكاشف عن سر ذكر هذا العدد المحدود من الأنبياء والمرسلين(ع) مع أن أعدادهم تفوق ذلك بأضعاف الأضعاف ، وكذلك ينكشف سر التركيز على قصة موسى(ع) ، كون موسى(ع) هو قائم بني اسرائيل في زمنه وهو صورة من صور قائم آل محمد(ص) في آخر الزمان. أرأيت أخي القارئ حجم الجرم وفداحة المصيبة التي ارتكبتها تلك المؤسسات وهذا الاسفاف والسذاجة والخيالية المقصودة في طرح قضية الإمام المهدي(ص) ، وهل استبان لك سبب سلوك هذه المؤسسات لهذا النهج المخرب لسبيل الله ، وماذا يريدون أن يجنوا من خلاله؟؟!! ولذا فهذه دعوة صادقة للقارئ الكريم أن يرجع إلى العاصم من التيه والضلال وهو (كتاب الله وعترة نبيه(ص) المتمثلة برواياتهم) التي جعلت قضية المهدي(ص) كالشمس في رابعة النهار فلا يحتاج المرء في رؤيتها ومعرفتها إلى فلتر أو واسطة غيرها تكشف له الحقيقة ، قال تعالى{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}(ق/37).
    قال الامام احمد الحسن (ع) المنقذ العالمي لكل الناس

    أدعو كل عاقل يطلب الحقيقة ليحمل فأساً كما حمله ابراهيم (ع) ويحطم كل الأصنام التي تعبد من دون الله بما فيها الصنم الموجود بين جنبيه وهو الأنا .

    [/CENTER]
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎